الشرك و النكاح

إنضم
23/09/2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
20
النقاط
18
الإقامة
غير معروف
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

لي اشكال في فهم بعض الآيات، فجزاه الله خيرا من بين ووضح ذلك، و الإشكال هو :

لماذا حين يتزوج المسلم من نصرانية نقول إنها كتابية، و يحتج بالآية الكريمة التالية قوله تعالى : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ [المائدة:5]، و لكن حين يحكم على النصارى، يحكم عليهم أنهم مشركون لأنهم عبدوا المسيح مع الله، قال الله تعالى " : (وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [البقرة:222].

سؤال: كيف يجمع بين الآيتين أو أن الذين أوتوا الكتاب يختلفون عن المشركين، علما أن الآية الأولى جاءت كلمة الذين أوتوا الكتاب بينما في الآية التانية جاءت كلمة مشركون؟
هل كان زمن الرسول صلى الله عليه و سلم من لا يؤمن بمحمد رسول الله و لكن يؤمن أن عيسى عليه السلام هو عبد الله و رسوله و لا يجوز اتخاذه شريكا مع الله؟



وشكرا
 
السلام عليكم ورحمة الله
الكتابية : قد تكون نصرانية وقد تكون يهودية لأن أهل الكتاب هم اليهود والنصاري .
فأهل الكتاب مثل ما بينهم الله في كتابه هم اليهود والنصارى ، سموا أهل الكتاب لأن الله أنزل عليهم كتابين؛ على بني إسرائيل، الأول على موسى وهو التوراة، والثاني على عيسى وهو الإنجيل، فلهذا يقال لهم: أهل الكتاب .
وهم يجتمعون مع غيرهم من الكفار باسم الكفر والشرك، فهم كفار ومشركون كعباد الأوثان وعباد النجوم وعباد الكواكب وسائر الكفرة الملحدين إنما أبيح لنا نحن المسلمين نساءهم ( المحصنات منهن ) فهن غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن ، وطعامهم .

ولكنهم لهم خصائص بأسباب أنهم تلقوا هذين الكتابين عن أنبيائهم الماضين عن موسى وهارون وعن عيسى عليهم الصلاة والسلام، والله جعل لهم أحكامًا خاصة، منها: حل ذبائحهم التي لم تذبح لغير الله، لم يهلوها لغير الله، ولم يذكروا عليها غير اسم الله، ولم يوجد ما يحرمها، فهذه حل لنا كما قال الله سبحانه:(وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ).

وكذلك نساؤهم حل لنا، المحصنات العفيفات الحرائر كما في قوله سبحانه: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )

والخلاصة مما ذكر الحافظ ابن كثير وصاحب المغني رحمة الله عليهما: أنه لا تعارض بين قوله سبحانه في سورة البقرة: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ )، وبين قوله في سورة المائدة:(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) ؛ لوجهين:

أحدهما: أن أهل الكتاب غير داخلين في المشركين عند الإطلاق؛ لأن الله سبحانه فصل بينهم في آيات كثيرات، مثل قوله : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ )، وقوله سبحانه:(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا )، وقوله: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ )، إلى غير ذلك من الآيات المفرقة بين أهل الكتاب والمشركين، وعلى هذا الوجه لا تكون المحصنات من أهل الكتاب داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن في سورة البقرة، فلا يبقى بين الآيتين تعارض، وهذا القول فيه نظر، والأقرب أن أهل الكتاب داخلون في المشركين والمشركات عند الإطلاق رجالهم ونساؤهم؛ لأنهم كفار مشركون بلا شك، ولهذا يمنعون من دخول المسجد الحرام، لقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا )، ولو كان أهل الكتاب لا يدخلون في اسم المشركين عند الإطلاق لم تشملهم هذه الآية، ولما ذكر سبحانه عقيدة اليهود والنصارى في سورة براءة قال بعد ذلك: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) فوصفهم جميعًا بالشرك؛ لأن اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله؛ ولأنهم جميعًا اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله، وهذا كله من أقبح الشرك، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

والوجه الثاني: أن آية المائدة مخصصة لآية البقرة، والخاص يقضي على العام، ويقدم عليه، كما هو معروف في الأصول، وهو مجمع عليه في الجملة، وهذا هو الصواب؛ وبذلك يتضح أن المحصنات من أهل الكتاب حل للمسلمين غير داخلات في المشركات المنهي عن نكاحهن عند جمهور أهل العلم، بل هو كالإجماع منهم؛ لما تقدم في كلام صاحب المغني، ولكن ترك نكاحهن والاستغناء عنهن بالمحصنات من المؤمنات أولى وأفضل؛ لما جاء في ذلك عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وابنه عبدالله، وجماعة من السلف الصالح .
ولأن نكاح نساء أهل الكتاب فيه خطر، ولا سيما في هذا العصر الذي استحكمت فيه غربة الإسلام، وقل فيه الرجال الصالحون الفقهاء في الدين، وكثر فيه الميل إلى النساء، والسمع والطاعة لهن في كل شيء إلا ما شاء الله، فيخشى على الزوج أن تجره زوجته الكتابية إلى دينها وأخلاقها، كما يخشى على أولادهما من ذلك والله المستعان.
 
جزاك خيرا الاخ صالح لمشاركتك،
إن الله تعالى قال في سورة المائدة الاية 5 أوتوا الكتاب و لم يقل أهل الكتاب، فما الفرق بينهما؟
 
السلام عليكم ورحمة الله

أدرس الموضوع ثم أجيب إن شاء الله .
 
عودة
أعلى