السر في قوله تعالى : ( ومن الذين قالوا : إنا نصارى ) !

عمر المقبل

New member
إنضم
06/07/2003
المشاركات
805
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
كما يعلم حفاظ القرآن أن الله تعالى ذكر النصارى بوصفهم في كل المواضع إلا موضعين ـ وكلاهما في سورة المائدة ـ :

الموضع الأول ـ ( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) .

الموضع الثاني : ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (المائدة:82) .

وفي كلا الموضعين سر عجيب ، حري بالبحث عنه ، وهو : لماذا جاءت حكاية قولهم بهذا اللفظ : ( ومن الذين قالوا ... ) ، ( الذين قالوا إنا نصارى ) ولم يكن وصفهم كالمعتاد بـ"النصارى" ؟

جوابه قريب بإذن الله ، لكن أود من الإخوة المشاركة بما لديهم ، تأملاً في الايتين ، من دون رجوع إلى كتب المفسرين ، فإن ذلك أدعى لرسوخ المعنى ، وبعد تتابع الإخوة في التأمل ، سأكتب ما تيسر بما يوضح المراد ، ويكشف شيئاً يسيرا من عظمة هذا الكتاب .
 
السلام عليكم
أين أنت يا أخي عمر ..؟
لقد أطلت علينا الانتظار ! فما زلت أنتظر جوابك واجتهادك !
الحق اني لم اصل الى شيء حول سؤالك ، وآمل ان تطلعنا على رأيك .. ولا تبتئس ببرود الردود ، فلن تسمع جوابا عن سؤال لم يقل بجوابه احد من السلف .
و جزاك الله خيرا
 
يسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فالسر والله تعالى اعلم كما ذكره علماء التفسير أنه إشارة إلى أن هذا الاسم أطلق عليهم بتسميتهم لأنفسهم لا بتسمية الله تعالى لهم . قال القاسمي رحمه الله : " وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم دون أن يقال ( ومن النصارى ) إيذاناً بأنهم في قولهم ( نحن أنصار الله ) بمعزل من الصدق . وإنما هو تقول محض منهم وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء " ( تفسير القاسمي ج6 ص 134 ) وينظر إلى ( تهذيب التفسير لعبد القادر شيبة الحمد ج4 ص 123 ) ففيه فائدة كبيرة .
والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد
 
الحمد لله ،وبعد :
فهذه عودة لجواب هذا السؤال الذي سبق أن طرحته ، معتذراً وبشدة عن تأخري في الرد ، فإني لم أتمكن من كتابة ما عندي إلا الآن بسبب ضيق الوقت وكثرة المشاغل ، وقد كان الجواب ـ بحمد الله ـ حاضراً ، لكن ينقصه التوثيق من كتب المفسرين الذين وقفت على أقوالهم .
والأمر ليس كما ظن الأخ خالد وفقه الله ـ كما سيتبين بعد قليل ـ من أنني لن أجد لي سلفاً في هذا ، فإنني لم أطرح ما ذكرته إلا بعد قراءتي لكلام بعض المفسرين ، بل وجدت نصوصاً عن متقدمي السلف في عين هذا السؤال الذي طرحته .
ثم أيضاً ، لنفترض أنه لم يتعرض منهم للتنصيص على ذلك ، فإن هذا لا يعني بذل الوسع في التأمل في أسرار هذا الكتاب العظيم ، والمعنى الذي يفهمه المتأمل إذا كان لا يناقض أصلاً ، والسياق يساعد عليه ،لا يرد ، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : قلت لعلي : هل عندكم كتاب ؟ قال : لا إلا كتاب الله ، أو فهم أعطيه رجل مسلم ، ... الحديث ، وقد بوب عليه البخاري : "باب كتابة العلم" .
ولو أردنا أن نطبق هذا الذي ذكره الأخ خالد ، للزم منه أن يسأل كل مفسر عن استنباطه إلى أن يصل السند إلى النبي ج ،أو إلى صحابي على الأقل ، وللزم منه بطلان أكثر ما في هذه التفاسير .

وأظن أنه لا داعي ـ في مثل هذه المنتديات العلمية ـ إلى مثل هذه الأساليب الساخرة ، التي يترفع عنها طالب العلم .


أما فيما يتعلق بما طرحته ، فجوابه من كلام أهل التفسير ، فحاصله هو فيما كتبه أخي الفاضل (ابن العربي ) ولكن رغبة في تمام الفائدة ، فإنني أود أن أضيف خلاصة ما وقفت عليه في النقاط التالية :
1 ـ أن قولهم عن أنفسهم : "إنا نصارى " أي : أنهم ادعوا لأنفسهم أنهم نصارى متابعون المسيح بن مريم عليه السلام ، والحقيقة : أنهم ليسوا كذلك ، فقد أخذت عليهم العهود والمواثيق على متابعة الرسول ج ، ومناصرته ، وموازرته ، واقتفاء آثاره ، وعلى الإيمان بكل نبي يرسله الله إلى أهل الأرض ، ولكنهم لم يوفوا بذلك ، بل فعلوا كما فعل اليهود ، فالفوا المواثيق ، ونقضوا العهود .
2 ـ قال الحسن البصري ـ فيما نقله عنه الجصاص 4/42 ـ : "إنما قال (إنا نصارى) ولم يقل : من النصارى ؛ ليدل على أنهم ابتدعوا النصرانية ، وتسموا بها ، وأنهم ليسوا على منهاج الذين اتبعوا المسيح في زمانه من الحواريين ، وهم الذين كانوا نصارى في الحقيقة " انتهى المقصود منه .
ونقل البيضاوي هذا المعنى في تفسيره (2/306) من كلامه ولم ينسبه لأحد .
وللثعالبي نحوه (1/481) حيث قال : "إشارة إلى معاصري نبينا محمد ج من النصارى بأنهم ليسوا على حقيقة النصرنية ،وإنما هو قول منهم وزعم" .
وقال الألوسي رحمه الله ( 7/2 ) : "وقال ابن المنير : لم يقل سبحانه : (النصارى) كما قال جل شأنه : (اليهود) تعريضاً بصلابة الأولين في الكفر والامتناع عن الانقياد لأن اليهود لما قيل لهم : (ادخلوا الأرض المقدسة) قالوا : ()ا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا) والنصارى لما قيل لهم : ( مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ) قالوا : (نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) وكذلك أيضاً ورد في أول السورة في قوله عز وجل ()وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) لكن ذكر ههنا تنبيهاً على انقيادهم ، وأنهم لم يكافحوا الأمر بالرد مكافحة اليهود ، وذكر هناك تنبيهاً على أنهم لم يثبتوا على الميثاق ،والله تعالى أعلم بأسرار كلامه" انتهى .
وينظر ـ غير المصادر الماضية ـ : الكشاف 1/328 ، زاد المسير 2/315 ، النسفي 1/275 ،تفسير القاسمي 6/134 ، التحرير والتنوير 5/64 .


والله تعالى أعلم وأحكم ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
 
جزاك الله خيرا أخي عمر على هذه الفائدة المميزة ، ولدي سؤال آخر في آية المائدة - يمكن أن يكون مجال بحث - وهو : هل المقصود بالنصارى - الذين هم أقرب الناس مودة للذين آمنوا - النصارى الذين كانوا سبب نزول الآية أم عموم النصارى ؟
 
جزاك الله خيرا يا اخ عمر على هذه الفائدة

واما سوال الاخ عن النصارى فاعلم يا اخي ان القران نزل ليعمل به إلى يوم القيامة وهو صالح لكل زمان ومكان والذي تكلم به لا يخفى عليه شيء

ولذلك الآيات التي نزلت في النصارى وغيرهم باقية ويعمل بها إلى يوم القيامة فأحكام النصارى في القديم والحديث واحدة كما ذكرالله لنا والنصارى في القديم والحديث سواء

والله اعلم
 
جاء في كتاب الروض الأنف للسهيلي : ( وفد نصارى الحبشة

فصل وذكر قدوم وفد النصارى من الحبشة وإيمانهم وما أنزل الله فيهم من قوله تعالى : { الذين قالوا إنا نصارى } ولم يقل من النصارى ، ولا سماهم هو سبحانه بهذا الاسم ، وإنما حكى قولهم الذي قالوه حين عرفوا بأنفسهم ثم شهد لهم بالإيمان ، وذكر أنه أثابهم الجنة .

وإذا كانوا هكذا فليسوا بنصارى ، هم من أمة محمد - عليه السلام - ، وإنما عرف النصارى بهذا الاسم لأن مبدأ دينهم كان من ناصرة قرية بالشام فاشتق اسمهم منهم كما اشتق اسم اليهود من يهود بن يعقوب ثم لا يقال لمن أسلم منهم يهودي اسم الإسلام أولى بهم جميعا من ذلك النسب . )
 
ينظر النصارى الحاليون أن النصرانية بدعة ( فرقة ) من الفرق الضالة للمسيحية الحقيقية

ولهذا تجدهم يغضبون في منتديات الحوار إن وصفتهم بذاك

بل ألف عدد من المنصرين كتباً تؤيد أن الإسلام بدعة نصرانية ( فرقة من فرق المسيحية غير المعترف بها من قبل الفاتيكان ) هرب أفرادها من بلاد الشام إلى شبه الحزيرة العربية خوفاً من بطش المسيحيين الحقيقيين وبخاصة بعد مجمع نيقية.

ومن أشهر تلك الكتب كتاب " قس ونبي " لأبي موسى الحريري ( وهذا ليس اسمه كما تبين لي بعد سؤال اخوة في لبنان وسوريا )
وكتاب " الإسلام دعوة نصرانية للأب الحداد " وهذا أيضا ليس اسمه . وللأب الحداد قصة طريفة تبين خزي الله تعالى لمن يتعدى حدوده. لعلي أذكرها في مناسبة قادمة...

واطلعت حديثاً على كتاب ثالث بعنوان : " الإسلام بدعة نصرانية " لإلياس المر ..

كلها تحمل نفس الفكرة.

وجود فرق ضالة منبثقة عن المسيحية تسمى فرقة النصارى... الإسلام صورة تجديدية لها.

وحشدوا على ذلك أدلة كثيرة ناقشتها في مشروع أطروحتي...

إخوتي: الخطب جلل... والواجبات أكثر من الأوقات !!

أسأل الله تعالى الهداية و التوفيق واستعمالنا لخدمة كتابه
إنه ولي ذلك والقادر عليه.

مع محبتي
 
جزاك الله خيراً أخي عبدالرحيم على هذه الإضافة ويا حبذا لو بسطت لنا القول فيها في مناسبة قادمة بحسب توفر الوقت لكم وفقكم الله.
 
السلام عليكم .
هل بالامكان مساعدتي بنسخة الكترونية لكتاب "القران ليس دعوة نصرانية" للدكتور" سامي عصاصة "للاسف هدا الكتاب القيم لا توجود منه طبعة في بلدي.
الرجاء كل الرجاء مساعدتي ولكم جزيل الشكر
 
لعل الآية تشير إلى بني إسرائيل خاصة،لأنهم هم الذين أخذت عليهم العهود والمواثيق.
وأقصد هنا ببني إسرائيل الذين اتبعوا المسيح عليه السلام أو تلاميذ الحواريين من بني إسرائيل خاصة.
 
بارك الله فيك اخي عبد الله .. وهذه اضافه لما تفضلت به

اولا : قوله تعالى { وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ } (سورة المائدة 14)

1- من بنى اسرائيل .
2- امنوا بنبوة عيسى عليه السلام .
3-أول من تسمى وقال كلمة (نصارى ) .
4- كان معاصرين وشاهدين لعيسى عليه السلام بدليل اخذ المواثيق .

ثانيا : قوله تعالى { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } (سورة المائدة 82) ، مؤمنون كاالطائفة المذكورة في الاية 14 يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن عيسى عبد الله ورسوله (عليه السلام ) ، عرفوا أنفسهم بنفس القول التوكيدي الذي أطلقه المؤمنين الاوائل زمن عيسى عليه السلام ، والسياق يدل على إيمانهم خلاف باقي النصارى .

والله اعلم
 
أخانا الفاضل الأستاذ: عمر المقبل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لفت نظري قولكم:

" أود من الإخوة المشاركة بما لديهم ، تأملاً في الايتين ، من دون رجوع إلى كتب المفسرين ، فإن ذلك أدعى لرسوخ المعنى ، وبعد تتابع الإخوة في التأمل ، سأكتب ما تيسر بما يوضح المراد ، ويكشف شيئاً يسيرا من عظمة هذا الكتاب."

لقد تعجبتُ عجبا من قولك ذلك ، وهو مرفوض قطعا ،
إن تأمُّل آيات القرآن وتدبرها دون الرجوع لكلام العلماء الأعلام المفسرين السابقين قدماء ومحدثين عمل منقوص قاصر لا شك.

قد يجوز ذلك لِمَنْ أَوْعَى العلوم الشرعية جميعا بما فيها أقوال المفسرين واللغة والبلاغة وأسرارهما والواقع الذي تعيشه الأمة وقضاياها وضم كل هذا بين جنبيه
فَمَنْ مِنَّا هذا الرجل؟!

إن مِنْ أهم ما يجب أن يلجأ إليه الناظر في آيات الله أن يقف وقوفا على ما تقدم فيها من أقوال علماء التفسير ، فإن تَكَوَّنَ لديه جديدٌ فيها ، فإن عليه أن يجمع الآراء ويوازن فيما بينها ويرجح ، ثم يقدم التأويل الجديد مصحوبا بالحجة الدامغة التي تجعلنا نقبل تأويله ، كما عليه أن يقدم الدليل الذي يؤيد ما ذهب إليه.

إننا أثناء التلاوة والتأمل قد يقع في قلوبنا وعقولنا خاطر ما أو فكرة حول آية ما ، ولا بأس لكن علينا أن نرجع إلى المفسرين فنرى رأيهم في هذه الآية قبل أن نرسخ المعنى والخاطر الذي وقع في قلوبنا وعقولنا حول هذه الآية.

وأشد عجبا من قولك المتقدم قولك في التعليق - وإن أحسنتَ - :

"وقد كان الجواب ـ بحمد الله ـ حاضراً ، لكن ينقصه التوثيق من كتب المفسرين الذين وقفت على أقوالهم ."

ثم قولك ونقلك بعده:

" أما فيما يتعلق بما طرحته ، فجوابه من كلام أهل التفسير ، فحاصله هو فيما كتبه أخي الفاضل (ابن العربي ) ولكن رغبة في تمام الفائدة ، فإنني أود أن أضيف خلاصة ما وقفت عليه في النقاط التالية :"

وقد أحسنتَ بالرجوع للعلماء لكني تعجبتُ لقولك الأول ودعاني للرد عليه
وإن شفا ما قدمتم في التعليق ما وقع في صدري مما قدمتم في منشوركم.

وتقبل تحيات أخيكم
د. محمد الجبالي
وجزاكم الله خيرا.
 
عودة
أعلى