الزواج الحقيقي مؤسسة إصلاح اجتماعية

إنضم
08/05/2011
المشاركات
50
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعضاء الملتقى الكرام طبتم وطاب ممشاكم وتبوَّأتم ومن الجنة منزلا ، وجعلكم الله من أهل كتابه الذين هم أهل الله وخاصته ... أما بعد:
الزواج : قال ابن فارس : زوج : الزاء والواو والجيم : أصلٌ يدل على مقارنة شيء لشيءٍ ، من ذلك الزوج زوج المراة والمراة زوج بعلها" .
وتزوَّج امرأةً ، وتزوَّج بامرأةٍ، وتزوَّج من امرأةٍ ، زوجٌ نكحها : اتخذها زوجة حسب عقد شرعي ، زوَّج الشيء
بالشيء ، وزوَّج الشيء إلى الشيء : قرنه به { وإذا النفوس زُوِّجت } قُرنت بأجسادها أو بأشكلها أو بأعمالها(معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عمر صـ2/1006 ، 1007)
الزوج ما لا يكمل المقصود إلا معه على نحو من الاشتراك والتعاون ذكره الحرالي قال وكانت المرأة زوج الرجل لما كان لا يستقل أمره في النسل والسكن إلا بها (التوقيف على مهمات التعاريف لمحمد عبد الرؤوف المناوي (صـ390)
والزواج شرعاً: عقد يتضمن إباحة الاستمتاع بالمرأة، بالوطء والمباشرة والتقبيل والضم وغير ذلك ،
وعرفه الحنفية بقولهم: عقد يفيد ملك المتعة قصداً، أي حل استمتاع الرجل من امرأة، لم يمنع من نكاحها مانع شرعي، بالقصد المباشر(الفقه الإسلامي وأدلته 9/23).
والعلاقة بين الرجل والمرأة - تحت المسمى الشرعي لها الزواج - هي أقوى علاقة على وجه الأرض بعد العلاقة بين الخالق والمخلوقين :
1- حيث جعلها الله U - ضاربًا بها المثل – على قمة هرم كيد الساحرين ، حيث قال الله تعالى ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾(البقرة 102).
2- الحديث المعروف : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ " قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ»([1]).
3- استشهد صاحب التحرير والتنوير على أن العلاقة بين الزوجين أقوى علاقة فعلا بآية سورة الروم ، قال تعالى ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ (سورة الروم من الآية 21) إذ قال ما معناه : أن الله جمع بين الزوجين في آصرتين : آصرة المودة : وهي كل علاقة تنشأ بين اثنين ليس بينهما أيق قرابة : كالأصدقاء والجيران والأصحاب والزملاء ، وآصرة الرحمة : هي كل علاقة موجودة بين اثنين بينهما صلة رحم ودرجة قرابة كالعلاقة بين الأب والابن والأم وابنتها والأعمام والأخوال .
وعليه فإن العلاقة بين الزوجين أقوى من علاقة الأب وابنه وابنته والأم وابنها وابنتها والأخوة وما على هيئة ذلك ؛ لأن العلاقة بين الأقارب – أيًا كانت درجة القرابة – هي فقط آصرة رحمة ، أما العلافة بين الزوجين ذات شقين مودة ورحمة ، فتتفوَّق على علاقة القرابة بآصرة المودة.
وعليه – أيضًا – العلاقة بين الزوجين أقوى من العلاقة بين الأصدقاء وبين الجيران وبين الأصحاب والزملاء وما على هيئة ذلك ؛ لأن العلاقة بين هؤلاء هي فقط آصرة مودة ، أما العلاقة بين الزوجين فذات شقين مودة ورحمة ، فتتفوَّق على علاقة الصداقة أو الزمالة أو الجيرة بآصرة الرحمة.
وعندما يخرج أحد الزوجين من بين أهله - حين الزواج – بنقيصة أخلاقية موروثة من عائلته ، فالأدوات التي يمتلكها الطرف الآخر تمكنه تماما – إذا أحسن استخدامها – من إصلاح زوجه وجعله يقلع عما هو عليه من مساوئ الأخلاق الموروثة.
ذلك لأن الزوجين بما يربطهما من مودة ورحمة يجعلهما يتفوقان على رابطة أي منهما بعائلته التي فقط تمتلك آصرة الرحمة.
أو عندما ، وعن طريق أن يكتسب أحد الزوجين نقيصة أخلاقية من أصدقائه أو أصحابه أو جيرانه ، فالطرف الآخر لديه من الأدوات التي تمكنه – إن أحسن استخدامها - من أن يجعل زوجه يقلع عن هذه النقيصة ويترك أصدقاء السوء.
ذلك لأن العلاقة بين الزملاء أو الأصدقاء هي آصرة مودة ، والعلاقة بين الزوجين هي مودة ورحمة ، فالرصيد يكفي تماما الزوج المصلح لاستخدامه لكي يجعل الزوج ذا النقيصة المكتسَبة يقلع عنها وعن أصدقاء السوء.
وعليه قد تقول له هي – وهو ما تشعر به حقيقةً – أنك أبي وأخي وابنها وزميلها وصديقها وصاحبها بالإضافة إلى كونه زوجها ، وهو قد يقول لها – وهو ما يشعر به حقيقةً – أنك أمي وأختي وابنتي وصديقتي وزميلتي وصاحبتي بالإضافة إلى كونها زوجته.
كل ذلك جيد في حالة إن أحسن الزوج الاختيار ، وعلى أي أساس يختار الرجل زوجته؟
الإجابة قد حددها رسول الله r في قوله « ...... فاظفر بذات الدين ترتب يداك» ، وحذر فقال r « تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء و انكحوا إليهم»([2]).
وكل ذلك جيد – أيضًا – إن أحسنت الزوجة وأهلها الاختيار ، وعلى أي أساس تختار المرأة زوجها ويخنار لها أهلها؟
الإجابة – أيضًا – قد حددها رسول الله r في قوله « إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير قالوا يا رسول الله وإن كان فيه قال إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ثلاث مرات رواه الترمذي وقال حسن غريب »
والحديث : قوله r « الأرواح جنودٌ مجنده فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»([3]) ائتلف : أهي من الألفة أي من الإيناس والمحبة([4]) أم من الائتلاف أي الاتحاد والانضمام([5]) : نرى أنها تقول له : أنت روحي ، ويا روحي ، وهو يقول لها مثل ذلك ، إنهما لم يجانبهما الصواب بل نطقا بالذي خلقه الله داخلهما وعبرا عنه بلسانهما.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=26363#_ftnref1([1]) صحيح مسلم كتاب صفة القيامة والجنة والنار / باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس ، وأن مع كل إنسان قرينًا برقم (2813)

http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=26363#_ftnref2([2]) قال الألباني صحيح : السلسلة الصحيحة (3 \ 56)

http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=26363#_ftnref3([3]) الجمع بين الصحيحين : البخاري ومسلم (3\223)

http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=26363#_ftnref4([4]) انظر معجم اللغة العربية المعاصرة (1\109)

http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=26363#_ftnref5([5]) قال صاحب مقاييس اللغة (1 \ 131) الْهَمْزَةُ وَاللَّامُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى انْضِمَامِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ ، وَالْأُلْفَةُ مَصْدَرُ الِائْتِلَافِ. وَإِلْفُكَ وَأَلِيفُكَ: الَّذِي تَأْلَفُهُ.
 
عودة
أعلى