الرد على من ادعى ظلم النساء في ضوء سورة النساء

إنضم
07/03/2012
المشاركات
71
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
مكة المكرمة
الرد على من ادعى ظلم الإسلام للنساء
في ضوء سورة النساء
أ.د.إبتسام بدر الجابري
أستاذ التفسير وعلوم القرآن الكريم بجامعة أم القرى
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله رب الأرض والسماوات العلى، الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، والذي له الآخرة والأولى، من اتبع هداه فقد فاز ونجى ،وأما من ضل وغوى، واتخذ إلهه هواه فقد هوى، وصلى الله على النبي المصطفى، وعلى آله وصحبه الأخيار الأولى.
وبعد ،
قال الله تعالى (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) سورة آل عمران 195
وقال تعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) سورة النساء 32
وقد ورد في آي القرآن الكريم ذكر الرجال والنساء ،وتم التأكيد على حقوق للنساء، وفي هذا تقرير للبذل و العطاء، ودرء للباطل من الادعاء ،فليس ثمة ظلم في الإسلام على النساء.
فلقد وقعت جملة من الناس في تهمة الإسلام بظلمها للنساء ، وادعاء الرغبة في تحريرها ،والدفاع عنها .
وهذا الأمر باطل لا شك ولا ريب فيه ، بل إن الإسلام رعى المرأة وصانها ورفعها وحفظها ،
وخير دليل على ذلك آيات الكتاب الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وما سار عليه أصحابه رضي الله عنهم ،ومن تبعهم بإحسان .
وفي سورة النساء أنموذج للردود على هذه التهمة الباطلة للإسلام.
وهذه الردود وافية للرد على جملة من الادعاءات، الذي ما زالت الحاجة إليه قائمة مطردة ،وما زالت الشبه فيه لاذعة مستفيضة.
وهذا البحث سأذكر فيه بعض هذه الردود ما استطعت ، وقد سبق أن كتبت بحث في رعاية النساء في ضوء سورة النساء، إلا أني هنا لن أعتمد عليه بإذن الله ، بل سيكون منهجي فيه بشكل آخر وهو ذكر الشبه تحت كل مبحث مع ذكر الردود في ضوء الآيات (مع العلم حصول التغيير كذا في المباحث وما ذكر ضمن تلك المباحث إلا ما ندر للمناسبة ،ويمكن الرجوع للبحث السابق للتثبت وهو بحث منشور).
موضوعات البحث:
يشتمل البحث على مقدمة ، وأربعة مباحث ، وخاتمة.
المبحث الأول: الحقوق الإنسانية والدينية
المطلب الأول: حق الإنسانية الكاملة
المطلب الثاني: حق النساء في العبادات
المطلب الثالث: المسؤولية والجزاء.
المطلب الرابع: المساواة في القصاص والحدود
المبحث الثاني: حقوق النساء المالية
المطلب الأول: حقوق النساء النفقة.
المطلب الثاني: حقوق النساء في الإرث.
المطلب الثالث: حقوق النساء في الصداق.
المطلب الرابع: حقوق النساء في الكسب والعمل.
المبحث الثالث: حقوق النساء الاجتماعية.
المطلب الأول: حقها كأم ، وكبنت ، وكزوجة، وفردا من أفراد المجتمع.
المطلب الثاني: حقها في التعليم والتأديب
المطلب الثالث: شبهات حول قضايا النساء الاجتماعية.
المسألة الأولى: القوامة.
المسألة الثانية: ضرب النساء.
المسألة الثالثة: التعدد.
المسألة الرابعة: الطلاق.
المبحث الرابع: حقوق النساء السياسية.
المطلب الأول: الأمان.
المطلب الثاني: الإمامة العظمى والولايات العامة
الخاتمة
المبحث الأول: الحقوق الإنسانية والدينية
المطلب الأول: حق الإنسانية الكاملة
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }(1)
والله تعالى يقرر في هذه الآية أن المرأة كالرجل في الإنسانية سواء بسواء، فالخلق من ذكر وأنثى، بل إن المرأة جزء من الرجل، وحواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم، وهذه الجزئية ادعى لحدوث السكن والأنس فيما بينهما، لا الحرب الذي يتطلبه الشعور بالدونية ،والذي ينشره مدعوا ظلم الإسلام للنساء ،وقد كان يقدر الله على خلقها من غير ضلع آدم ،ولكن هذا كان ادعى للسكن والحب ،فهي منه جزء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإذا شهد أمراً فليتكلم بخير أو ليسكت واستوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيراً)[1].
وقد كانت المرأة عند أهل الجاهلية تباع وتشترى، ولا يعتبر لها رأي: ولا ترث بل تورث، وليس لها حق التصرف، وكانت توأد وهي حية إلى غير ذلك من الصور غير الإنسانية، وهذا الأمر وهو إنسانية المرأة ما زال إلى عهدٍ قريبٍ مثاراً للجدل.
المطلب الثاني: حق النساء في العبادات
يدعي بعضهم أن النساء ناقصات دين وقدح في الإسلام مدعيا أنه احتقر المرأة وقلل من شأنها مستدلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم
في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على النساء فقال: " يا معشر النساء ‏تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن : وبم يا رسول الله؟‏
قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير . ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل ‏الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة ‏مثل نصف شهادة الرجل.‏
قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها.‏
أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟‏
قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها"[4].‏
قال النووي رحمه الله :‏(ونقص الدين قد يكون على وجه يأثم به، كمن ترك الصلاة أو الصوم أو غيرهما من ‏العبادات الواجبة عليه بلا عذر.‏
وقد يكون على وجه لا إثم فيه، كمن ترك الجمعة أو الغزو أو غير ذلك مما لا يجب عليه ‏بلا عذر. وقد يكون على وجه هو مكلف به كترك الحائض الصلاة والصوم)[5]
وقد ورد في هذه السورة جملة من العبادات التي قررها الإسلام للرجال والنساء على السواء مثل عمل الطاعات بكل صورها ، واجتناب المعاصي والمحرمات والكبائر ومشروعية أخرى كالتيمم وقصر الصلوات ...والعبادات التي ذكرتها السورة كثيرة ،والآيات جاءت على العموم ،فلا تختص بالرجال دون النساء ما لم يثبت التخصيص.
المطلب الثالث: المسؤولية والجزاء.
ادعى بعضهم أن النساء دون الرجال في الجزاء، وهذا المفهوم الخاطئ الذي ادعاه أولئك قد ورد رده في سورة النساء في عدة آيات منها (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا ۖ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ۚ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (32)
مَعْنَاهُ: أَنَّ الرجال وَالنساء فِي الأجر فِي الآخرة سواء، وذلك أن الحسنة تكون بعشرة أمثالها يستوي فيها الرجال والنساء، ثم الله يضاعف لمن يشاء من الرجال والنساء.
وهذا مالا يفقهه مدعي التظلم .فيما يرضي الله ، فبما كسبت هي ترقى في مراتب تعلو بها على رجال لم يعملوا بمثل عملهن .
فالمعيار في التنافس هو العمل وليس الجنس، وكل منهما إنما يبلغ الدرجات بعد رحمة الله بعمله لا بجنسه.
وكان الأحرى بالنساء المتظلمات اللواتي يسعين وراء المساواة أن يسعين إلى العمل
وقال تعالى(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا )(124)
قال أبو جعفر الطبري رحمه الله: يعني بذلك جل ثناؤه) الذين قال لهم: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ، يقول الله لهم: إنما يدخل الجنة وينعم فيها في الآخرة، من يعمل من الصالحات من ذكوركم وإناثكم، وذكور عبادي وإناثهم، وهو مؤمن بي وبرسولي محمدٍ، مصدق بوحدانيتي وبنبوّة محمدٍ صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عندي)[6]
وفي هذا دلالة أن النساء لا يُبخسن شيئا من الأجر بمقدار النقير وهو الذي يكون في وسط النواة فكيف بما هو أعظم منه !
وأنهن في ذلك الأجر كالرجال.
المطلب الرابع: المساواة في القصاص والحدود.
الإسلام ساوى بين النساء والرجال في القصاص والحدود سواء كان في الزنا أو السرقة أو القتل ،فهم في الإنسانية سواء قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
قال القرطبي رحمه الله :( وأجمع العلماء على قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل)[7]
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92) وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)
وأجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ؛ قال أبو عمر : إنما صارت ديتها - والله أعلم - على النصف من دية الرجل من أجل أن لها نصف ميراث الرجل ، وشهادة امرأتين بشهادة رجل . وهذا إنما هو في دية الخطأ ، وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء لقوله عز وجل : النفس بالنفس . و الحر بالحر كما تقدم في " البقرة [8].
وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْجِرَاحِ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَإِبْرَاهِيمُ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ وَجَرَحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إِنْسَانًا
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِصَاصُ [9].
وكذا الحال بالنسبة للحدود قال تعالى (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً 15] وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً [النساء : 16]
وهذا الحكم منسوخ، والنسخ متفق عليه، ويدل له قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عبادة بن الصامت: خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم[10].
وهذا الحكم في الرجال والنساء سواء.
وأما في أمر الدية التي هي على النصف من دية الرجل فالجواب عنها والله أعلم .
إن الحكم هنا لا يتعلق بالنفس ،وإلا فلك القصاص ،فإن حصل تنازل فالمستحق هنا تعويض مالي مادي، لا عن النفس الإنسانية التي أتلفت وهي المرأة ،ولكن عن الخسارة التي ستلحق أهل القتيل بسبب فقده، والمعلوم أن الرجل هو المسؤول عن النفقة وكفالة الأسرة ،وأما المرأة فقد كفيت المئونة والنفقة[11].
المبحث الثاني: حقوق النساء المالية
المطلب الأول: حقوق النساء النفقة.
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)
وهذه الآية تقرر سببين للقوامة: التفضيل والإنفاق
فالنساء لهن حق النفقة وهذا بلا شك فيه كرامة وإعزاز لهن .
ونفقة الزوجة غير مقدرة ،وعلى الزوج الإنفاق عليها بقدر كفايتها بالمعروف[12].
وكذا أياً كانت المرأة فهناك في شرعنا من هو مسؤول عن مؤونتها ورعايتها.
المطلب الثاني: حقوق النساء في الإرث.
هذه القضية شائكة وقد اقتطع بعضهم جزء من آية المواريث في هذه السورة ،وجعلوه خنجرا يطعنون به الإسلام(للذكر مثل حظ الأنثيين) متجاهلين باقي الآية (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۚ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ ۖ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ۚ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ )11،وكذا غيرها من آيات المواريث والأحاديث في السنة التي تدل على أن هناك حالات ترث فيها المرأة بالتساوي مع الرجل ،وحالات أخرى ترث فيها أكثر من الرجل.
وهي باختصار على النحو الآتي:
أولاً: هناك أربع حالات فقط، ترث المرأة نصف الرجل مثل:
1 – البنت مع إخوانها الذكور، وبنت الابن مع ابن الابن.
2 – الأب والأم، ولا يوجد أولاد، ولا زوج أو زوجة.
3 – الأخت الشقيقة مع إخوانها الذكور.
4 – الأخت لأب مع إخوانها الذكور.
ثانياً – الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل هي:
1 – الأب والأم في حالة وجود ابن الابن.
2 – الأخ والأخت لأم.
3 – أخوات مع الإخوة، والأخوات لأم.
4 – البنت مع عمها، أو أقرب عصبة للأب (مع عدم وجود الحاجب في الميراث).
5 – الأب مع أم الأم، وابن الابن.
6 – زوج وأم، وأختان لأم، وأخ شقيق – على قضاء سيدنا عمر رضي الله عنه – فإن الأختين لأم، والأخ الشقيق شركاء في الثلث.
7 – انفراد الرجل أو المرأة بالتركة، بأن يكون هو الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيبًا، والبنت ترث النصف فرضاً، والباقي ردًا، وذلك لو ترك أبًا وحده، فإنه سيرث التركة كلها تعصيبًا، ولو ترك أما فسترث الثلث فرضاً، والباقي ردًا.
8 – زوج مع الأخت الشقيقة، فإنها ستأخذ ما لو كانت ذكرًا، بمنى لو تركت المرأة زوجًا وأخاً شقيقًا، فسيأخذ الزوج النصف، والباقي، والأخت النصف أيضاً.
9 – الأخت لأم مع الأخ الشقيق، وهذا إذا تركت المرأة زوجاً، وأماً، وأختًا لأم، وأخاً شقيقًا، فسيأخذ الزوج النصف، والأم السدس، والأخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيبًا، وهو السدس.
10 – ذوو الأرحام – وهي حالة أهل الرحم – المعمول بها في القانون المصري في المادة 31 من القانون رقم 77 لسنة 1943م، وذلك في حالة مالم يكن هناك أصحاب فروض، ولا عصبة، فإن ذوي الأرحام هم في هذه الحالة الورثة، ولذلك تقسم التركة بينهم بالتساوي، كأن يترك المتوفى (بنت بنت، وابن بنت، وخال وخالة) فكلهم يرثون نفس الأنصبة.
11 – هناك ستة أشخاص لا يحجبون حجب حرمان أبدًا، وهم ثلاثة من الرجال، وثلاثة من النساء، فمن الرجال (الزوج والابن والأب) ومن النساء (الزوجة والبنت والأم).
ثالثاً: حالات ترث أكثر من الرجل نذكر منها:
1 – الزوج مع ابنته الوحيدة.
2 – الزوج مع ابنتيه.
3 – البنت مع أعمامها.
4 – إذا ماتت امرأة، والورثة هم (زوج وأب وأم وبنتان).
5 – لو ماتت امرأة، وتركت زوجاً وأباً وأماً وبنتاً.
6 – إذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأماً وأختاً شقيقة.
7 – لو ترك رجل (زوجة وأباً وأماً وبنتًا وبنت ابن).
رابعاً – حالات ترث فيها المرأة، ولا يرث نظيرها من الرجال هي:
1 – لو ماتت امرأة وتركت: زوجاً وأباً وأماً وبنتًا وبنت أم.
2 – لو تركت امرأةً: زوجاً وأختًا شقيقة وأختًا لأب.
3 – ميراث الجدة، فكثيرًا ما ترث الجدة، ولا يرث نظيرها من الأجداد.
4 – لو مات شخص وترك: (أب، أم، وأم أم).
5 – لو مات شخص وترك (أب أم أم، وأم أم أم) فتأخذ أم أم الأم التركة كلها.
ولذلك نجد أن هناك أكثر من ثلاثين حالة، تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي، ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات فقط محددة، ترث فيها المرأة نصف الرجل[13].
المطلب الثالث: حقوق النساء في الصداق.
(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) (4)
فالله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساء ، ونهاهم عن ظلمهن والجور عليهن ، وعرفهم سبيل النجاة من ظلمهن . و معناه : وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة فريضة[14].
المطلب الرابع: حقوق النساء في الكسب والعمل.
وفي إقرار حق المرأة في التصرف المالي قال تعالى( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا (4)
قال أبو جعفر: (يعني بذلك جل ثناؤه: فإن وهب لكم، أيها الرجال، نساؤكم شيئًا من صدقاتهن، طيبة بذلك أنفسهن، فكلوه هنيئًا مريئًا)جامع البيان 3/166
المبحث الثالث: حقوق النساء الاجتماعية.
المطلب الأول: حقها كأم ، وكبنت ، وكزوجة، وفردا من أفراد المجتمع.
(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
فالإسلام رعى المرأة أما وزوجة وبنتا وأختا وجدة وعمة وخالة...
قال ابن كثير رحمه الله:( ثم عطف على الإحسان إلى الوالدين الإحسان إلى القرابات من الرجال والنساء)[15]
المطلب الثاني: حقها في التعليم والتأديب
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ)11
وفي الآية وصاية عظيمة بالأولاد ذكورا كانوا أو إناثا.
المطلب الثالث: شبهات حول قضايا النساء الاجتماعية.
المسألة الأولى: القوامة.
(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)34
فالقوامة على الزوجة: هي ولاية يفوض بموجبها الزوج تدبير شؤون زوجته والقيام بما يصلحها[16].
وذكر غير هذا المعنى وكلها مدارها على الرعاية والصيانة والتأديب.
المسألة الثانية: ضرب النساء.
( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) 19
هذا ما ينبغي أن تكون عليه العشرة بين الزوجين، فإذا طرأ ما يلزم فيه الضرب فلا ينبغي التجاوز في ذلك، واستخدام بعض الرجال لهذا استخدام باطل غير مشروع، فجوازه مضبوط بضوابط محددة.
ويجب أن يكون الضّرب غير مبرّح ، وغير مدمٍ ، وأن يتوقّى فيه الوجه والأماكن المخوفة ، لأنّ المقصود منه التّأديب لا الإتلاف[17].
وينبغي على الرجل أن يستحضر قدرة الله عليه في حال استهانته بالزوجة واستضعافه إياها ،وقد ختمت الآية بقوله تعالى (إن الله كان عليا كبيرا )
( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)
فالصالحات المستقيمات على شرع الله منهن, مطيعات لله تعالى ولأزواجهن, حافظات لكل ما غاب عن علم أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه, واللاتي تخشون منهن ترفُّعهن عن طاعتكم, فانصحوهن بالكلمة الطيبة, فإن لم تثمر معهن الكلمة الطيبة, فاهجروهن في الفراش, ولا تقربوهن, فإن لم يؤثر فعل الهِجْران فيهن, فاضربوهن ضربًا لا ضرر فيه, فإن أطعنكم فاحذروا ظلمهن, فإن الله العليَّ الكبير وليُّهن, وهو منتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهن.[18]
المسألة الثالثة: التعدد.
من العجيب والله المستعان أن بعض من ينكر مثل هذا ويعده ظلما يستبيح صورا محرمة كاتخاذ الأخدان ونحوها.
وكما أن مشروعيته ليس لأجل الرجل خاصة ،بل لكليهما متى حصلت الحاجة وتحققت المصلحة، واندفعت المضرة.
والله حين شرع التعدد ضبطه بضوابط، وألزم الرجل فيه بالعدل، وتوعد على الظلم ،وحذر منه أيما تحذير فقال تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا (3)
فذكر التعدد هنا بين خوفين كلاهما من الظلم .
واشترط فيمن أقدم إمكانية تحقق العدل منه والقدرة على التعدد.
وقال تعالى أيضا (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129).
قال الطبري :( فلا تميلوا كلَّ الميل "، يقول: فلا تميلوا بأهوائكم إلى من لم تملكوا محبته منهن كلَّ الميل، حتى يحملكم ذلك على أن تجوروا على صواحبها في ترك أداء الواجب لهن عليكم من حق: في القسم لهن، والنفقة عليهن، والعشرة بالمعروف = " فتذروها كالمعلقة " يقول: فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم إليها=" كالمعلقة "، يعني: كالتي لا هي ذات زوج، ولا هي أيِّمٌ)[19].
فميل القلب لا يبيح ميل الفعال ، ومن ثم التعليق وعدم القسم وعدم النفقة ونحو ذلك.
وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل "[20]
وقال العيني - شارحا حديث " من كانت له امرأتان .." -: قيل : المراد سقوط شقه حقيقة. أو المراد سقوط حجته بالنسبة إلى إحدى امرأتيه التي مال عليها مع الأخرى ، والظاهر : الحقيقة، تدل عليها رواية أبي داود "شقه مائل " والجزاء من جنس العمل ، ولما لم يعدل ، أو حاد عن الحق ، والجور والميل: كان عذابه أن يجيء يوم القيامة على رؤوس الأشهاد وأحد شقيه مائل [21].
المسألة الرابعة: الطلاق.
يطعن بعض المشككين في أحكام الطلاق في الفقه الإسلامي بحجة:
1. أن إباحته تهدد استقرار الأسرة.
2. أنه استخفاف بالحياة الزوجية؛ لأنه يقع بكلمة واحدة.
3. أنه يخضع في بعض الحالات للأهواء الشخصية، كما في طلاق الغضبان.
4. أن له أثرا سلبيا على المجتمع؛ لأنه يؤدي إلى الانفجار السكاني، فالزوجة تكثر من الإنجاب لكي تمنع زوجها من طلاقها.[22]
ولقد عالجت السورة صور النشوز والشقاق بين الزوجين، سواء كان من قبل الزوجة، أو قبل الزوج فقط، أو من قبليهما معا.
ثم طرحت حل القضية متى لم يمكن حصول تلك الخيارات لتحقق الاستقرار ،فكان الحل والمخرج هو الطلاق فقال تعالى (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) 130.
وليس في الطلاق ظلما للمرأة ، بل فرج وتيسير ومخرج من ضيق في حالات عديدة.
وقد تخسر بعض النساء دينها ودنياها تحت وطأة رجل ظالم بأي صورة كانت ،وما شرع الله الطلاق إلا حلا مثاليا لبعض الصور الذي تستلزم وقوعه.
وحين شرعه ضبطه بضوابط كثيرة تكفل حق الزوجين والأولاد .
المبحث الرابع: حقوق النساء السياسية.
المطلب الأول: الأمان.
الأمان من أعظم ما يحقق للمرء الراحة والطمأنينة والسعادة، ومتى فُقِد الأمن لم تعد للحياة تلك اللذة، وأصبحت تلك الحياة غصة.
ورعى الإسلام النساء فيما يخص تحقيق الأمان، فحفظ لها نفسها فلا تزهق، وعرضها فلا ينتهك ، ومالها فلا يسرق، ولا يؤخذ منه إلا برضاها ولو كان مهرا آتاها إياه، ولا تعضل وغير ذلك من الأمور التي جاء تقريرها في هذه السورة وغيرها .
ورعى جانب النساء و المستضعفين عامة فقال تعالى ( إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)
قال ابن كثير رحمه الله(هذا عذر من اللّه لهؤلاء في ترك الهجرة وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق)[23]
وفي هذه الرخصة تحقيق الأمان لها .
المطلب الثاني: الإمامة العظمى والولايات العامة
تولي الإمامة والولايات العامة اتفق الفقهاء على عدم جواز تولي المرأة لمنصب الإمامة الكبرى أو الولاية العامة .[24]
واستدلوا بأدلة منها (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) 34
قال الشوكاني رحمه الله: (قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض هذه الجملة مستأنفة مشتملة على بيان العلة التي استحق بها الرجال الزيادة ، كأنه قيل : كيف استحق الرجال ما استحقوا مما لم تشاركهم فيه النساء ، فقال : الرجال قوامون إلخ ، والمراد أنهم يقومون بالذب عنهن كما تقوم الحكام والأمراء بالذب عن الرعاية ، وهم أيضا يقومون بكل ما يحتجن إليه من النفقة والكسوة والمسكن ، وجاء بصيغة المبالغة في قوله : قوامون ليدل على أصالتهم في هذا الأمر ، والباء في قوله : بما فضل الله للسببية ، والضمير في قوله : بعضهم على بعض للرجال والنساء ; أي : إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على النساء بما فضلهم به من كون فيهم الخلفاء والسلاطين والحكام والأمراء والغزاة وغير ذلك من الأمور . قوله : وبما أنفقوا أي : وبسبب ما أنفقوا من أموالهم ، وما مصدرية أو موصولة ، وكذلك هي في قوله : بما فضل الله ومن تبعيضية ، والمراد ما أنفقوه في الإنفاق على النساء ، وبما دفعوه في مهورهن من أموالهم..) [25]
وقال الصنعاني رحمه الله : ( عدم جواز تولية المرأة شيئا من الأحكام العامة بين المسلمين) [26]
وليس في هذا ازدراء للنساء ،وإنما عناية وصيانة.
كما لا يخفى ما تتميز به النساء من العاطفة الشديدة والتي قد تؤثر سلبا في اتخاذ القرارات ،وهي لا تلي الإمامة الخاصة بالرجال فكيف بالعامة، وكما قد يترتب على ذلك من أمور أخرى لا تتناسب مع طبيعة المرأة وغير ذلك من الاعتبارات .
و الله أعلم.
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أما بعد،
فلطبيعة البحث المطلوبة حاولت سلوك مسلك الاختصار ما أمكن ذلك.
وأما النتائج فعدة:
1- الشبه التي يوردها من لم يرد حقا، او افتتن بشبهة أو شهوة، و ادعى إصلاحا وهو يضمر الإفساد فيما يخص حرية النساء وحقوقهن ودفع الظلم عنهن، هذه الشبه تدفعها سورة واحدة بل بعض سورة .
2- حقوق النساء وحريتهن لا تكون بخروجهن عن شريعة الله أو بخروج الرجال عن شريعة الله، إنما بقدر التزام تقوى الله تقوم الحقوق والواجبات.
3- تهمة الإسلام بظلم النساء سواء في تشريعاته خطأ كبير، وفي البحث جملة من التشريعات التي ادعي بأن فيها ظلما للنساء ،والرد على ذلك باختصار.
4- ما يقع من ظلم على النساء من قبل بعض الرجال ليس سببه الدين، بل عدم امتثال تقوى الله ، فلا يحمل الدين أخطاء أفراد لم يطبقوا الإسلام ،ولم يتقوا الله في النساء.
5- كثير من التشريعات الإسلامية التي رفضها أولئك ، استبدلوها ببدلات سيئة وبذيئة وداعية للرذيلة.
6- اختيار الخالق لخلقه هو خير، وينبغي الرضا به وامتثاله، وأمر صلاح الدنيا والآخرة للعباد بيده.
7- متى عمي قلبك عن بصيرة الحق المبين، ولم تتبين أمامك الصراط المستقيم ،فاسأل الله الهداية بيقين، وأن يريك الحق حقا ويرزقك اتباعه ، وأن يريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه.
هذا والحمد والمنة لله على فضله، والصلاة والسلام على خير خلقه.




[1] أخرجه مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، رقم الحديث: 60

[2] حضارة الإسلام، السنة الثانية (1078) نقلاً عن كتاب الثقافة الإسلامية لشوكت عليان: 336.

[3] المرأة المسلمة المعاصرة، أحمد بابطين: 56.

[4] أخرجه البخاري كتاب الحيض باب ترك الحائض حديث 298

[5] شرح صحيح مسلم 1/176

[6] جامع البيان للطبري 9/248

[7] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2/248

[8] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/325

[9] فتح الباري شرح صحيح البخاري 225 حديث 6492

[10] رواه مسلم كتاب الحدود باب حد الزنا 752

[11] حقوق المرأة محمد عرفة 163-165

[12] مجموع الفتاوى لابن تيمية 34/83-84.

[13]ميراث المرأة بين الحقائق والافتراءات د.عبد الرحمن البديوي
http://www.darululoom-deoband.com/arabic/magazine/tmp/1326797019fix4sub4file.htm

[14] جامع البيان للطبري 3/166

[15] تفسير القرآن العظيم لابن كثير1/540

[16] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/169، وبدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، علاء الدين الكاساني4/16

[17] الموسوعة الفقهية 10 / 24

[18] التفسير الميسر لللآية

[19] جامع البيان 9/285

[20] رواه أبو داود (2/242) والترمذي (3/447) والنسائي (7/64) وابن ماجه (1/633) وصححه الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (3/310) والألباني "إرواء الغليل " (7/80) )

[21] "عمدة القارئ" (20/199) وانظر "المبسوط" (5/217) وبه استدل الشوكاني على الوجوب ، انظر "السيل الجرار" (2/301) ، و"نيل الأوطار" (6/216).

[22] الطعن في أحكام الطلاق في الإسلام

[23] تفسير القرآن العظيم 1/596

[24] رد المحتار على الدر المختار محمد أمين بن عمر (ابن عابدين)5/354، بداية المجتهد ونهاية المقتصد. أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي1/768، الأحكام السلطانية. علي بن محمد بن حبيب الماوردي ص83، نهاية المحتاج8 /238، المغنى 10/92 ، كشاف القناع6/92

[25] فتح القدير للشوكاني 1/414

[26] سبل السلام 4/123.
 
عودة
أعلى