الرد على اخيارات المكي والمدني من السور في ( المختصر )

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
في كتاب ( المختصر في تفسير القرآن الكريم ) – تصنيف جماعة من علماء التفسير – إشراف مركز تفسير للدراسات القرآنية – طبعة أوقاف قطر – الطبعة الثالثة – 1437 هـ - 2016 م .
وجدت هذه الاختيارات في نسبة السور إلى المكي والمدني :
ص 249 : سورة الرعد : مدنية .
ص 332 : سورة الحج : مدنية .
ص 556 : سورة التغابن : مدنية .
ص 599 : سورة الزلزلة : مدنية .
ص 604 : سورة الفلق : مكية .
ص 604 : سورة الناس : مكية .
ولأنني أكتب في تحرير المكي والمدني كتابًا سميته ( التبيان في تحرير الخلاف الوارد في المكي والمدني من القرآن ) وأنا على وشك الانتهاء منه - بفضل الله تعالى ؛ وجدت أن هذه الاختيارات مرجوحة ، فلذا أردت أن أنوه إلى ذلك لتصحيحها في الطبعات القادمة ، والله من وراء القصد .
وأرجو ممن عنده علم في هذا الباب أن ينبهني إلى الصواب ، وليس لمرسل الكلام هاهنا مدخل .
وكتبه
محمد محمود إبراهيم عطية
دكتوراة في الدراسات الإسلامية
دكتوراة في التفسير وعلوم القرآن​
وإليكم البيان :
سُورَةُ الرَّعْدِ
روى النحاس في ( الناسخ والمنسوخ ) - بإسناد جيد - عن مجاهد عن ابن عباس أنها مكية [SUP]( [1] ) [/SUP].
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي ( سُنَنِهِ ) : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ] وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ [ ، أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ؟ فَقَالَ : كَيْفَ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ ![SUP] [2] [/SUP].
قال مقيده - عفا الله عنه : هذا إسناد صحيح إلى ابن جبير ؛ فأبو بشر ، هو جعفر بن إياس اليشكري الواسطي : ثقة ، كما في ( التقريب )[SUP] [3] [/SUP]؛ وأبو معاوية هو محمد بن خازم : ثقة كما في ( التقريب )[SUP] [4] [/SUP].
قال السيوطي : وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : { اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى } إِلَى قوله : { وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ } نَزَلَ فِي قِصَّةِ أَرْبَدَ بْنِ قَيْسٍ وَعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ ، حِينَ قَدِمَا الْمَدِينَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم . وَالَّذِي يَجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ : أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَاتٌ مِنْهَا [5] .
قلت : هذا الحديث رواه الطبراني في ( الأوسط ) و ( الكبير ) [6] ؛ وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) : وفيه عبد العزيز بن عمران ، وهو ضعيف[SUP] [7] [/SUP]؛ قال مقيده – عفا الله عنه : ذكره ابن معين فقال : ليس بثقة ، وقال البخاري : منكر الحديث ، لا يكتب حديثه ، وقال أبو حاتم : متروك الحديث ، ضعيف الحديث ، منكر الحديث جدًّا ، يكتب حديثه على الاعتبار ، وقال النسائي : متروك الحديث[SUP] [8] [/SUP]؛ وقال الحافظ في ( التقريب ) : متروك .ا.هـ. وفيه - أيضًا - عبد الرحمن وعبد الله ابنا زيد بن أسلم ، وفيهما ضعف ؛ فالحديث ضعيف جدًّا ؛ لا يصلح للاحتجاج ها هنا .
فالراجح أن سورة الرعد مكية كلها .
وقد أشار ابن الحصار – رحمه الله – في نظمه إلى ذلك بقوله :
فَالرَّعْدُ مُخْتَلِفٌ فِيهَا مَتَى نَزَلَتْ ... وَأَكْثَرُ النَّاسِ قَالُوا الرَّعْدُ كَالْقَمَرِ​
هذا والعلم عند الله تعالى .... وللحديث صلة .


[1] الناسخ والمنسوخ ، ص: 535 .

[2] انظر ( التفسير من سنن سعيد بن منصور ) : 5 / 442 ، 443 ( 1177 ) – تحقيق : د. سعد بن عبد الله بن عبد العزيز آل حميد - دار الصميعي للنشر والتوزيع – الطبعة الأولى : 1417 هـ - 1997 م .

[3] تقريب التهذيب : 1 / 139 .

[4] تقريب التهذيب : 1 / 475 .

[5] الإتقان في علوم القرآن : 1 / 48 .

[6] الأوسط ( 9127 ) ، والكبير : 10 / 312 ( 10760 ) .

[7] انظر ( مجمع الزوائد ) : 7 / 42 .

[8] انظر تهذيب التهذيب : 6 / 351 .
 
سُورَةُ الحج
هذه السورة الكريمة ، من السور التي اختلف فيها العلماء : هل هي مكية أم مدنية ، أم تجمع بين المكي والمدني ؟ قال هبة الله بن سلامة - رحمه الله : نزلت فِي مَوَاطِن مُخْتَلفَة ، وَهِي من أَعَاجِيب سور الْقُرْآن ؛ لِأَنَّهَا نزلت لَيْلًا وَنَهَارًا ، وفيهَا مكي ومدني ، وسفري وحضري ، وحربي وسلمي ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه ... قال : فَأَما الْمَكِّيّ مِنْهَا فَمن رَأس الثَّلَاثِينَ مِنْهَا إلى آخرهَا ؛ وَأما الْمدنِي مِنْهَا فَمن رَأس خَمْسَة عشر إلى رَأس ثَلَاثِينَ[SUP] [1] [/SUP].
كذا قال - رحمه الله ؛ وقد نُقل في ذلك أقوال ؛ نجمعها فيما يلي :
1 - مكية كلها إلا آيتين ؛ من قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } [ الحج : 11 ] ، وما بعدها ، نقله الماوردي ، وابن الجوزي ، عن أبي صالح عن ابن عباس [SUP]( [2] ) [/SUP].

2 - مكية إلا ثلاث آيات : روى النحاس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : وَسُورَةُ الْحَجِّ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ ، سِوَى ثَلَاثِ آيَاتٍ مِنْهَا ، فَإِنَّهُنَّ نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ مُؤْمِنُونَ ، وَثَلَاثَةٌ كَافِرُونَ ؛ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَهُمْ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم ، دَعَاهُمْ لِلْبَرَازِ : عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ثَلَاثَ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٍ ، وَهُنَّ : { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ } [ الحج : 19 ] .. إِلَى تَمَامِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ[SUP] [3] [/SUP].
وبهذا قال السمرقندي ، ومكي بن أبي طالب ، والرازي[SUP] [4] [/SUP].

3 - مكية إلا ست آيات ؛ وهي : { هذانِ خَصْمانِ } إِلَى قَوْلِهِ : { وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ } .
قال بذلك الزمخشري ، والثعلبي ، والبغوي ، والبيضاوي ، وابن عادل ، والنيسابوري[SUP] [5] [/SUP].
4 – مكية إلا عشر آيات ؛ قال مقاتل بن سليمان : سورة الحج مكية ، إلا عشر آيات ، فإنها نزلت بالمدينة ؛ من قوله : { يا أَيُّهَا } إلى قوله تعالى: { شَدِيدٌ } [ الآية 1 ، 2 ] ؛ نزلت في غزوة بني المصطلق بالمدينة ؛ وإلا قوله تعالى : { سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ } الآية [ 25 ] ، نزلت في عبد الله بن أنس بن خطل ؛ وقوله تعالى : { وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } الآية [ 54 ] ؛ نزلت في أهل التوراة ؛ وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا } الآيتين [ 58 ، 59 ] ؛ وقوله تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ } إلى قوله : { لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ 39 ، 40 ] ؛ وقوله :{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ } الآية [ 11 ][SUP] [6] [/SUP]. فهذه تسع ، ولعل العاشرة هي الآية ( 12 ) لارتباطها في المعنى مع سابقتها ؛ والعلم عند الله تعالى .
5 – مكية إلا سبع وثلاثين آية ؛ قال ابن الجوزي : وقال أبو سليمان الدمشقي : أولها مدني إِلى قوله تعالى : { وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ } [ 37 ] ، وسائرها مكي[SUP] [7] [/SUP].
هذا ما نُقل في أنها مكية ، والمدني المستثنى منها .

وما جاء في أنها مدنية ، قولان :
1 - مدنية كلها ، قال السيوطي - رحمه الله : أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ : نزلت سُورَة الْحَج بِالْمَدِينَةِ ؛ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ : نزلت بِالْمَدِينَةِ سُورَة الْحَج[SUP] [8] [/SUP]، ونقله في ( الإتقان ) عن الضَّحَّاكُ وغيره[SUP] [9] [/SUP].
وقال بذلك عبد الرزاق ، والواحدي ، والماوردي ، والسيوطي في ( الدر المنثور )[SUP] [10] [/SUP].

2 - مدنية إلا أربع آيات ؛ وهي : من قوله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ } إلى قوله تعالى : { عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } [ الحج : 52 – 55 ] ؛ قال السيوطي : وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة قَالَ : نزل بِالْمَدِينَةِ من الْقُرْآن : الْحَج ، غير أَربع آيَات مكيات ؛ من الْآيَة 52 - 55[SUP] [11] [/SUP]؛ ونقله الماوردي عن ابن عباس[SUP] [12] [/SUP].
وقال بذلك : ابن أبي زمنين ، وابن جزي ، وأبو السعود وقال : إنها نزلت بين مكة والمدينة[SUP] [13] [/SUP].

تحرير المسألة
تحصل ممن قال بمكيتها استثناء هذه الآيات : ( 1 ، 2 ) ، ( 11 ، 12 ) ، ( 19 - 24 ) ، ( 25 ) ، ( 39 ، 40 ) ، ( 58 ، 59 ) ، وأما قول أبو سليمان الدمشقي ، فبعيد ، ولم أر أحدًا سبقه إليه ، ولا من وافقه عليه .
وتحصل ممن قال بمدنيتها ، استثناء أربع آيات في قول قتادة ؛ وهي : ( 52 - 55 ) .
أما القول بمدنيتها ، فلم يأت به نقل صحيح عن أحد من الصحابة ؛ والروايات فيه ضعيفة أو مقطوعة ؛ ولا يقبل هذا ها هنا ؛ قال السيوطي في ( الإتقان ) وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ[SUP] ( [14] )[/SUP].
قال مقيده - عفا الله عنه : أما الروايات عن ابن عباس فلا تصح ؛ فطريق العوفي مسلسلة بالضعفاء ؛ والطريق الأخرى عن عطاء ؛ ضعيفة - أيضًا - لأن عطاء هو الخراساني ، ولم يسمع من ابن عباس ؛ وثبت عن ابن عباس عكس ذلك ، من رواية النحاس أنها مكية إلا ثلاث آيات ؛ والرواية عن ابن الزبير لا يوقف على إسنادها ، فتفسير ابن مردويه في حكم المفقود ، ولذلك لا تقبل في مقامنا هذا ، فلا يدرى عن إسنادها شيء ؛ والعلم عند الله تعالى .
ثم قال السيوطي : قَالَ ابْنُ الْفَرَسِ فِي ( أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ) : وَقِيلَ إِنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا : { هَذَانِ خَصْمَانِ } الْآيَاتُ ( يعني الثلاث أو الأربع ) ؛ وَقِيلَ : إِلَّا عَشْرَ آيَاتٍ ؛ وَقِيلَ : مَدَنِيَّةٌ إِلَّا أَرْبَعَ آيَاتٍ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ } إِلَى : { عَقِيمٍ } ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ ؛ وَقِيلَ : كُلُّهَا مَدَنِيَّةٌ ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُ ؛ وَقِيلَ : هِيَ مُخْتَلِطَةٌ فِيهَا مَدَنِيٌّ وَمَكِّيٌّ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ . انْتَهَى ؛ وَيُؤَيِّدُ مَا نَسَبَهُ إِلَى الْجُمْهُورِ أَنَّهُ وَرَدَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ ، كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ[SUP] [15] [/SUP].
قلت : وهذا الذي صححه ابن عطية ، والقرطبي[SUP] [16] [/SUP]؛ وقال سيد قطب – رحمه الله : والذي يغلب على السورة هو موضوعات السور المكية ، وجو السور المكية ؛ فموضوعات التوحيد ، والتخويف من الساعة ، وإثبات البعث ، وإنكار الشرك ، ومشاهد القيامة ؛ وآيات الله المبثوثة في صفحات الكون .. بارزة في السورة ؛ وإلى جوارها الموضوعات المدنية ، من الإذن بالقتال ، وحماية الشعائر ، والوعد بنصر الله لمن يقع عليه البغي وهو يرد العدوان ، والأمر بالجهاد في سبيل الله[SUP] [17] [/SUP].
فتحرر مما قدمنا أن الجمهور على أنها مكية ، بها آيات مدنية ؛ واختلفوا في تحديد هذا المدني على ما ذكرناه من أقوالهم .. والعلم عند الله تعالى .

[1] الناسخ والمنسوخ ، ص 126 .

[2] انظر ( النكت والعيون ) : 4 / 5 ، و( زاد المسير في علم التفسير ) لابن الجوزي : 3 / 220 .

[3] ( الناسخ والمنسوخ ) للنحاس ، ص: 561 .

[4] انظر ( بحر العلوم ) للسمرقندي : 2 / 447 ، و( الهداية إلى بلوغ النهاية ) لمكي بن أبي طالب : 7 / 4833 ، و( مفاتيح الغيب ) للرازي : 23 / 199 .

[5] انظر ( الكشاف ) للزمخشري : 3/ 141 ، و ( الكشف والبيان ) للثعلبي : 7 / 5 ، وتفسير البغوي : 3 / 322 ، و ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 4 / 64 ، و ( اللباب في علوم الكتاب ) لابن عادل : 14 / 3 ، و ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) للنيسابوري : 5 / 61 .

[6] تفسير مقاتل بن سليمان : 3 / 111 ، 112 .

[7] زاد المسير في علم التفسير : 3 / 220 ؛ وأبو سليمان الدمشقي ، هو : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سليمان ، أبو سليمان السعدي : له تصانيف في التفسير ، منها : مجتبى التفسير ، وكتاب الجامع الصغير في مختصر التفسير ، وكتاب المهذب في التفسير ؛ انظر : ( المنتظم ) حوادث سنة 371 هـ ، و( تاريخ دمشق ) لابن عساكر : 53 : 349 ، وما بعدها ، و ( طبقات المفسرين ) للسيوطي ص 103 .

[8] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 6 / 3 .

[9] الإتقان في علوم القرآن : 1 / 49 .

[10] انظر (تفسير عبد الرزاق ) : 2 / 396 ، و( التفسير الوسيط ) للواحدي : 3 / 257 ، و( النكت والعيون ) للماوردي : 4 / 5 ، و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ) للسيوطي : 6 / 3 .

[11] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 6 / 3 .

[12] النكت والعيون : 4 / 5 .

[13] انظر ( تفسير القرآن العزيز ) لابن أبي زمنين : 3 / 166 ، و ( التسهيل لعلوم التنزيل ) لابن جزي : 2 / 32 ، و( إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم ) لأبي السعود : 6 / 91 .

[14] الإتقان في علوم القرآن : 1 / 48 ، 49 .

[15] المصدر السابق : 1 / 49 .

[16] انظر ( المحرر الوجيز ) لابن عطية : 4 / 105 ؛ و( تفسير القرطبي ) : 12 / 1 .

[17] في ظلال القرآن : 4 / 2406 .
 
سُورَةُ التَّغَابُنِ
سورة التغابن اختلف فيها هل هي مكية أم مدنية ؟ على أقوال أذكرها ، ثم أحرر الخلاف فيها :
1 - مكية ؛ نُسب للضحاك ، نسبه إليه ابن الجوزي والقرطبي[SUP] [1] [/SUP]؛ وقال به الرازي[SUP] [2] [/SUP].

2 – مكية إلا آخرها : فقد روى النحاس - بإسناد جيد - عن ابن عباس : وَأَنَ سُورَةَ التَّغَابُنِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ ، إِلَّا آيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا نَزَلْنَ بِالْمَدِينَةِ فِي عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ ، شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَفَاءَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } [ التغابن : 14 ] إِلَى آخِرِ السُّورَةِ .ا.هـ[SUP] [3] [/SUP]؛ ونسبه البغوي وابن الجوزي إلى عطاء[SUP] [4] [/SUP]؛ وقال السيوطي : وَأخرج ابْن إِسْحَق وَابْن جرير عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: نزلت سُورَة التغابن كلهَا بِمَكَّة إِلَّا هَؤُلَاءِ الْآيَات : { يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن من أزواجكم وَأَوْلَادكُمْ } نزلت فِي عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ ، كَانَ ذَا أهل وَولد ، فَكَانَ إِذا أَرَادَ الْغَزْو بكوا عَلَيْهِ ورققوه ؛ فَقَالُوا : إِلَى من تدعنا ، فيرق وَيُقِيم ، فنزلت هَذِه الْآيَات فِيهِ بِالْمَدِينَةِ[SUP] [5] [/SUP].
وإلى هذا ذهب الثعلبي ، والنيسابوري[SUP] [6] [/SUP].

3 – مختلف فيها ؛ قاله الزمخشري ، والبيضاوي[SUP] [7] [/SUP].
تنبيه : اعتمد البيضاوي في تفسيره على كشاف الزمخشري ، لكنه حذف كثيرًا من الاعتزاليات ، وأضاف بعض الفوائد .
4 – مدنية كلها ؛ قال السيوطي – رحمه الله : أخرج ابْن الضريس ، وَابْن مرْدَوَيْه ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( الدَّلَائِل ) عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ : نزلت سُورَة التغابن بِالْمَدِينَةِ ؛ وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن الزبير قَالَ : نزلت سُورَة التغابن بِالْمَدِينَةِ[SUP] [8] [/SUP]؛ ونسب إلى قتادة[SUP] [9] [/SUP]، وقاله عبد الرزاق ، والسمرقندي ، والواحدي ، وابن جزي[SUP] [10] [/SUP].
5 – مدنية وفيها مكي ؛ قاله مقاتل بن سليمان[SUP] [11] [/SUP].
تحرير الخلاف
ذكر كثير من المفسرين الخلاف فيها ولم يرجحوا ، كابن عطية ، والقرطبي ، وابن الجوزي ، وأبو حيان ، وابن كثير .. وغيرهم ، وتحصل من هذا الخلاف ما ذكرته ؛ وإليك تحريره :
أما ما جاء من أنها مدنية ؛ فرواية البيهقي في ( الدلائل )[SUP] [12][/SUP] ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، فيها خصيف بن عبد الرحمن الجزري ، أبو عون : صدوق سيء الحفظ ، خلط بأخرة ، ورمي بالإرجاء ؛ كما في ( التقريب )[SUP] [13] [/SUP]. فالرواية عنه ضعيفة ، وعارضت ما رواه عنه النحاس بسند جيد ؛ من أنها مكية إلا آخرها ؛ وما روي عن ابن الزبير لا يوثق به لأن تفسير ابن مردويه في حكم المفقود ، وفيه ضعيف كثير في هذا الباب ؛ وما روي بعد ذاك من أقوال التابعين فهو معارض بأمثالهم .
وأما ما ذكر أنها مدنية فيها مكي ، فلا دليل عليه ؛ ولو قال : مكية فيها مدني لكان أولى ، إذ المكي سابق ، ولا دليل على أن أكثرها مدني .
فيترجح قول ابن عباس الذي رواه النحاس أنها مكية إلا آخرها ؛ والمتدبر لآياتها يجد بها ميزات القرآن المكي واضحة .
وأما كون آخرها مدني فقد جاء في رواية النحاس عن ابن عباس ؛ وروى الترمذي ، والطبراني ، والحاكم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ } قَالَ : هَؤُلَاءِ رِجَالٌ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ( يعني بالمدينة ) ، فَأَبَى أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ ؛ فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، رَأَوُا النَّاسَ قَدْ فَقُهُوا فِي الدِّينِ ، فَهَمُّوا أَنْ يُعَاقِبُوهُمْ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ : { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }[SUP] [14] [/SUP].
وفيه دلالة على أن هذه الآيات نزلت بالمدينة .
وصفوة القول أن السورة مكية إلا آخرها ، والعلم عند الله تعالى .

[1] انظر ( زاد المسير ) لابن الجوزي : 4 / 291 ، وتفسير القرطبي : 18 / 131 .

[2] ( مفاتيح الغيب ) للرازي : 30 / 551 .

[3] الناسخ والمنسوخ ، ص 745 ، 746 .

[4] تفسير البغوي - إحياء التراث : 5 / 102 ، و ( زاد المسير ) لابن الجوزي : 4 / 291 .

[5] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 8 / 181 .

[6] انظر ( الكشف والبيان عن تفسير القرآن ) للثعلبي : 9 / 325 ، و( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) للنيسابوري : 6/ 307 ،

[7] انظر ( الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ) للزمخشري : 4 / 545 ، و ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 5 / 217 .

[8] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 8 / 181 .

[9] نسبه إليه مكي بن أبي طالب في ( الهداية الى بلوغ النهاية ) : 12 / 7497 .

[10] انظر ( تفسير عبد الرزاق ) : 3 / 314 ، و( بحر العلوم ) للسمرقندي : 3 / 454 ، و ( التفسير الوسيط ) للواحدي : 4 / 306 ، ( التسهيل لعلوم التنزيل ) لابن جزي : 2 / 380 .

[11] تفسير مقاتل بن سليمان : 4 / 349 .

[12] ( دلائل النبوة ) للبيهقي : 7 / 143 ، 144 .

[13] تقريب التهذيب ، ص 193 .

[14] الترمذي ( 3317 ) وصححه ، وابن جرير : 28 / 80 ، والطبراني في الكبير : 11 / 275 ( 11720 ) ؛ ورواه الحاكم : 2 / 490 ، وصححه ووافقه الذهبي ؛ وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 2642 ) .
 
سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ
قيل : مكية ، وقيل : مدنية ؛ وتحصل من الأقوال ما يلي :
1 – مكية ؛ روى النحاس عن ابن عباس - رضي الله عنهما : وَأَنَّ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا إِلَى آخِرِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ مَكِّيَّةٌ[SUP] [1] [/SUP]؛ ونسبه ابن الجوزي لابن مسعود ، وعطاء ، وجابر ( ابن زيد )[SUP] [2] [/SUP].
وبهذا قال مقاتل بن سليمان ، والثعلبي ، ومكي بن أبي طالب ، والسمعاني ، والبغوي ، وابن كثير ، والنيسابوري ، والرازي[SUP] [3] [/SUP].

2 – مدنية ؛ قال السيوطي – رحمه الله : أخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ : نزلت سُورَة { إِذا زلزلت } بِالْمَدِينَةِ ، وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن قَتَادَة قَالَ : نزلت بِالْمَدِينَةِ { إِذا زلزلت }[SUP] [4] [/SUP]؛ ونسبه الماوردي لابن عباس ، وقتادة ، وجابر ( ابن زيد )[SUP] [5] [/SUP].
وبهذا قال عبد الرزاق ، وابن أبي زمنين ، والماوردي ، والواحدي ، وابن جزي ، والسيوطي في ( الدر المنثور )[SUP] [6] [/SUP].

3 – مختلف فيها ؛ قاله السمرقندي والبيضاوي[SUP] [7] [/SUP]؛ وحكى الخلاف جماعة ولم يرجحوا ؛ قال ابن الجوزي : وفيها قولان : أحدهما أنها مدنيّة ؛ قاله ابن عباس ، وقتادة ، ومقاتل ، والجمهور ؛ والثاني :
مكّيّة، قاله ابن مسعود ، وعطاء ، وجابر[SUP] [8] [/SUP]. وقال الزمخشري : مدنية ، وقيل مكية[SUP] [9] [/SUP]؛ وعكسه قاله السمعاني : وَهِي مَكِّيَّة، وَقيل: مَدَنِيَّة[SUP] ( [10] ) [/SUP].
وقال ابن عطية : وهي مكية ، قاله ابن عباس وغيره ؛ وقال قتادة ومقاتل : هي مدنية ، لأن آخرها نزل بسبب رجلين كانا بالمدينة[SUP] ( [11] ) [/SUP].
وقال القرطبي : سُورَةُ ( الزَّلْزَلَةِ ) : مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَتَادَةَ ؛ وَمَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَجَابِرٍ .ا.هـ. وهكذا قال ابن عادل في ( اللباب )[SUP] [12] [/SUP].
وقال القاسمي : قال ابن كثير : مكية ؛ ورجّح السيوطيّ أنها مدنية[SUP] [13] [/SUP].


تحرير الخلاف
هذا ما تحصل في الخلاف في هذه السورة الكريمة ؛ وفي نقل البعض أنها مدنية في قول مقاتل وَهْم ؛ فقد قال في تفسيره : إنها مكية – كما تقدم ؛ واختلف القول فيها عن ابن عباس ؛ والصحيح ما رواه النحاس عنه أنها مكية . ونسبه ابن الجوزي والقرطبي وابن عادل لابن مسعود ، وعطاء ، وجابر ( ابن زيد ) .
والعجب أن الماوردي نسب مدنيتها لجابر ابن زيد أيضًا ؛ ولم أقف على روايات لهم في ذلك ؛ ولا دليل صحيح يدل على مدنيتها .
وقال السيوطي في ( الإتقان ) سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ : فِيهَا قَوْلَانِ ؛ وَيُسْتَدَلُّ لِكَوْنِهَا مَدَنِيَّةً بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } الْآيَةَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَرَاءٍ عَمَلِي .. الْحَدِيثَ ؛ وَأَبُو سَعِيدٍ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ ، وَلَمْ يَبْلُغْ إِلَّا بَعْدَ أُحُدٍ[SUP] [14] [/SUP].
قال مقيده - عفا الله عنه : الحديث المشار إليه رواه ابن أبي حاتم في ( تفسيره ) قال : حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، الْمَعْرُوفُ بعلان المصري ، قَالا : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ : أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي لَرَاءٍ عَمَلِي ؟ قال : " نعم " ، تِلْكَ الْكِبَارُ الْكِبَارُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قُلْتُ : الصِّغَارُ الصِّغَارُ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قُلْتُ : وَاثَكْلُ أُمِّي ؟ قَالَ : " أَبْشِرْ أبَا سَعِيدُ ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا - يَعْنِي إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ وَيَضَاعِفُ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ ، وَالسَّيِّئَةَ بِمِثْلِهَا أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ ، وَلَنْ يَنْجُوَ أَحْدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ " ، قُلْتُ : وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ " ؛ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : لَمْ يَرْوِ هَذَا غَيْرُ ابْنِ لَهِيعَةَ[SUP] [15] [/SUP].
قلت : وابن لهيعة : ضعيف ، إلا ممن سمع منه قديمًا ؛ وأبو الحسن الحراني ، نزيل مصر : ثقة من العاشرة ، مات سنة تسع وعشرين ( يعني ومائين )[SUP] [16] [/SUP].ا.هـ . فسماعه من ابن لهيعة متأخر ، فالحديث ضعيف .
فالراجح أن سورة الزلزلة : مكية ؛ وخصائص القرآن المكي واضحة فيها .. والعلم عند الله تعالى .

[1] الناسخ والمنسوخ ، ص: 775 ؛ ونقلها السيوطي في ( الإتقان في علوم القرآن ) : 1/ 39 ، 40 .

[2] زاد المسير في علم التفسير : 4 / 477 .

[3] انظر ( تفسير مقاتل بن سليمان ) : 4 / 787 ، و( الكشف والبيان ) للثعلبي : 10 / 263 ، و ( الهداية إلى بلوغ النهاية ) لمكي : 12 / 8389 ، وتفسير السمعاني : 6 / 266 ، وتفسير البغوي : 5 / 292 ، وتفسير ابن كثير : 8 / 459 ، و ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) للنيسابوري : 6 / 546 ، و ( مفاتيح الغيب ) للرازي : 32 / 253 .

[4] الدر المنثور في التفسير بالمأثور : 8 / 590 .

[5] النكت والعيون : 6 / 318 .

[6] انظر ( تفسير عبد الرزاق ) : 3 / 448 ، و ( تفسير القرآن العزيز ) لابن أبي زمنين : 5 / 153 ، و ( التفسير الوسيط ) للواحدي : 4 / 541 ، و( التسهيل لعلوم التنزيل ) لابن جزي : 2 / 503 ، والدر المنثور في التفسير بالمأثور : 8 / 590 .

[7] انظر ( بحر العلوم ) للسمرقندي : 3 / 606 ، و ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 5 / 330 .

[8] زاد المسير في علم التفسير : 4 / 477 .

[9] ( الكشاف ) للزمخشري : 4 / 783 .

[10] تفسير السمعاني : 6 / 266 .

[11] المحرر الوجيز : 5 / 510 .

[12] تفسير القرطبي : 20 / 146 ؛ و ( اللباب في علوم الكتاب ) لابن عادل : 20 / 444 .

[13] ( محاسن التأويل ) للقاسمي : 9 / 525 .

[14] الإتقان في علوم القرآن : 1 / 54 .

[15] تفسير ابن أبي حاتم : 10 / 3456 ، وانظر تفسير ابن كثير : 8 / 444 ؛ فقد نقله عنه محقق تفسير ابن أبي حاتم .

[16] انظر ( تقريب التهذيب ) ، ص 420 .
 
المعوذتان
المعوذتان نزلتا معًا ؛ ولذلك قال القرطبي بعد أن تكلم عن سورة الفلق : سُورَةُ ( النَّاسِ ) مِثْلُ ( الْفَلَقِ ) ؛ لِأَنَّهَا إِحْدَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ ، وسيأتي حديث عقبة رضي الله عنه في ذلك .
وقد اختلف فيهما على أقوال ، أذكرها ثم أتكلم عن تحرير الخلاف فيها بإذن الله تعالى :
1 – مكيتان ؛ قاله مقاتل بن سليمان ، والواحدي ، وابن جزي ، والنيسابوري ، والسيوطي في ( الدر المنثور )[SUP] [1] [/SUP].

2 – مدنيتان ؛ قاله الثعلبي ، ومكي بن أبي طالب ، والبغوي ، والرازي [SUP][2] [/SUP].

3 – مختلف فيها ؛ قاله البيضاوي ، والسمرقندي[SUP] [3] [/SUP]. وقال هبة الله بن سلامة : سُورَة الفلق ، نزلت بِالْمَدِينَةِ ، وَقيل : بِمَكَّة ، وَالله أعلم ؛ وقال ذلك عن ( الناس )[SUP] [4] [/SUP]؛ وقال الزمخشري : سورة الفلق مكية ، وقيل مدنية ؛ وكذلك قال في ( الناس )[SUP] [5] [/SUP]؛ وقال ابن عطية في ( الفلق ) : هذه السورة ، قال ابن عباس هي مدنية ، وقال قتادة : هي مكية ؛ وقال نحوه في الناس[SUP] [6] [/SUP]؛ وقال الماوردي : سورة الفلق : مكية في قول الحسن ، وعكرمة ، وعطاء ، وجابر ؛ ومدينة في أحد قولي ابن عباس ، وقتادة[SUP] [7] [/SUP]؛ وقال ابن الجوزي في ( الفلق ) : وفيها قولان : أحدهما : أنها مدنية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال قتادة في آخرين . والثاني : أنها مكية ، رواه كريب عن ابن عباس ؛ وبه قال الحسن ، وعطاء ، وعكرمة ، وجابر . والأول أصح ؛ ويدل عليه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر وهو مع عائشة ، فنزلت عليه المعوذتان [8] ؛ وقال في ( النّاس ) : وفيها قولان : أحدهما : أنها مدنية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنها مكّيّة ، رواه أبو كريب عن ابن عباس[SUP] [9] [/SUP]؛ وقال القرطبي : سورة ( الفلق ) وَهِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْحَسَنِ ، وَعِكْرِمَةَ ، وَعَطَاءٍ ، وَجَابِرٍ ؛ وَمَدَنِيَّةٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَتَادَةَ ؛ ثم قال : سُورَةُ ( النَّاسِ ) مِثْلُ ( الْفَلَقِ ) ؛ لِأَنَّهَا إِحْدَى الْمُعَوِّذَتَيْنِ[SUP] [10] [/SUP]؛ ونحوه في ( البحر المحيط ) لأبي حيان ، و ( اللباب ) لابن عادل[SUP] [11] [/SUP].

4 - سورة الفلق مكية ، والناس مدنية ؛ وهو قول غريب ، قاله السمعاني[SUP] [12] [/SUP].

تحرير الخلاف
الثابت عن ابن عباس كما رواه النحاس في ( الناسخ والمنسوخ ) - بسند جيد - أنهما مدنيتان[SUP] ( [13] ) [/SUP]؛ وهي أصح الروايات عنه .
وقال السيوطي في ( الإتقان ) : المختار أنهما مدنيتان ؛ لأنهما نزلتا في قصة سحر لبيد بن الأعصم ، كما أخرجه البيهقي في الدلائل[SUP] [14] [/SUP].ا.هـ .
قال مقيده – عفا الله عنه : حديث البيهقي في ( دلائل النبوة ) قال : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ : أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ : مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَضًا شَدِيدًا ، فَأَتَاهُ مَلَكَانِ ، فَقَعَدَا أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ ، وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : طُبَّ ، قَالَ : وَمَا طَبَّهُ ؟ قَالَ : سُحِرَ ، قَالَ : وَمَا سَحَرَهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ ، قَالَ : أَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ آلِ فُلَانٍ ، تَحْتَ صَخْرَةٍ فِي رَكِيَّةٍ ؛ فَأْتُوا الرَّكِيَّ فَانْزِحُوا مَاءَهَا ، وَارْفَعُوا الصَّخْرَةَ ، ثُمَّ خُذُوا الْكِرْبَةَ فَاحْرِقُوهَا ؛ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فِي نَفَرٍ ، فَأَتَوْا الرَّكِيَّ ، فَإِذَا مَاؤُهَا مِثْلُ مَاءِ الْحِنَّاءِ ، فَنَزَحُوا الْمَاءَ ، ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ ، وَأَخْرَجُوا الْكِرْبَةَ ، فَأَحْرَقُوهَا ، فَإِذَا فِيهَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً ؛ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَاتَانِ السُّورَتَانِ ، فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } ، وَ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ }[SUP] [15] [/SUP].
ومُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ ، هو الكلبي : متروك ؛ فالحديث ضعيف ؛ وضعفه ابن حجر في ( التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ) ؛ لكنه قال في قول الرافعي : ( وَفِي ذَلِكَ نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ ) : وَهَذَا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ تَعْلِيقًا ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ - أَيْضًا - تَعْلِيقًا ، وَطَرِيقُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ ، أَخْرَجَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ رِوَايَةُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْهُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ [ أي حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم ] ، وَفِيهِ : وَنَزَلَتْ : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } [SUP][16] [/SUP].
ومما يستدل به على مدنيتهما ما رواه مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتِ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُّ ؟ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } ، وَ { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } "[SUP] [17] [/SUP]؛ وعقبةرضي الله عنه ممن أسلم بعد الهجرة ، وكان من أهل الصفة .
وروى الترمذي والنسائي وابن ماجة عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنَ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ ، حَتَّى نَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا ، وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ[SUP] [18] [/SUP].
وأبو سعيد الخدري أنصاري ، أسلم بعد الهجرة .
فالمعوذتان مدنيتان ؛ والعلم عند ربنا الرحمن .
هذا والعلم عند الله تعالى ، لا رب غيره ، ولا أرجو إلا خيره ، عليه توكلت ، وإليه أنيب ؛ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليما كثيرًا .

[1] تفسير مقاتل بن سليمان : 4 / 931 ، 941 ، و ( التفسير الوسيط للواحدي ) 4 / 572 ، 575 ، و ( التسهيل لعلوم التنزيل ) لابن جزي : 2 / 526 ، 529 ، و ( غرائب القرآن ورغائب الفرقان ) للنيسابوري : 6 / 598 ، و ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ) للسيوطي : 8 / 683 .

[2] انظر ( الكشف والبيان ) للثعلبي : 10 / 337 ، 341 ، ( الهداية إلى بلوغ النهاية ) لمكي بن أبي طالب : 12 / 8505 ، 8513 ، وتفسير البغوي : 5 / 332 ، 336 ، و ( مفاتيح الغيب ) للرازي : 32/ 369 ، 376 .

[3] انظر ( أنوار التنزيل وأسرار التأويل ) للبيضاوي : 5 / 348 ، 350 ، و ( بحر العلوم ) للسمرقندي : 3 / 636 ، 638 .

[4] الناسخ والمنسوخ : ص 208 ، 209 .

[5] ( الكشاف ) للزمخشري : 4 / 820 ، 823 .

[6] المحرر الوجيز : 5 / 538 ، 540 .

[7] ( النكت والعيون ) للماوردي : 6 / 373 .

[8] زاد المسير في علم التفسير : 4 / 507 .

[9] المصدر السابق : 4 / 510 .

[10] تفسير القرطبي : 20 / 251 ، 260 .

[11] البحر المحيط في التفسير (10/ 574) ، و ( اللباب في علوم الكتاب ) لابن عادل : 20 / 568 ، و ( روح المعاني ) للألوسي : 15 / 517 .

[12] تفسير السمعاني : 6 / 305 ، 308 .

[13] الناسخ والمنسوخ ، ص 775 .

[14] انظر الإتقان : 1 / 41 .

[15] دلائل النبوة للبيهقي : 6 / 248 – الكتب العلمية .

[16] انظر تلخيص الحبير : 4 / 40 .

[17] مسلم ( 814 ) .

[18] الترمذي ( 2058 ) وحسنه ، والنسائي ( 5494 ) ، وابن ماجة ( 3511 ) ، وإسناده حسن .
 
عودة
أعلى