الرؤية النسبية

علي سبيع

New member
إنضم
01/04/2015
المشاركات
280
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
59
الإقامة
مصر
بسم1
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا
والصلاة والسلام علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. أما بعد
قال تعالي{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فإن معرفة الحق مرتبطة ارتباطا وثيقا برؤية آيات الله عز وجل في الآفاق وفي النفس وما سنتعرض له بعض الآيات الكونية التي يمكن النظر إليها من خلال مفهوم النسبية وهو يمثل حقيقة علمية لها العديد من التطبيقات في حياتنا و باختصار أنه قد يختلف حكمك علي الظاهرة باختلاف الرؤية النسبية لها واختلاف أدوات الرؤية والهدف من ذلك إزالة التناقض عند مقابلة الآيات القرآنية بعضها ببعض أوالقرآنية بالكونية وملاحظة مدي تحقيق الآيات لمفهوم الرؤية النسبية ومتي طوعت علي مراد الله عز وجل خرقا للعادة وبياناً لآية من آيات طلاقة قدرته عز وجل.
والآن سوف نتتبع مفهوم الرؤية النسبية من خلال آيات دلت مرة علي تسطيح الأرض ومرة علي كرويتها
من تفسير القرطبي رحمه الله قال تعالي{وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) هَذَا مِنْ نِعَمِهِ أَيْضًا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ قُدْرَتِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَسَطْنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، كَمَا قَالَ" وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها «1» " أي بَسَطَهَا. وَقَالَ:" وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ «1» ". وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا كَالْكُرَةِ.انتهي كلامه
وصدق ابن عباس في ما قال رحمه الله فلم تكون كلمات البسط والمد والفرش متقاعسة عن حمل معانيها المعروفة للعرب وهي تمثل حقيقة علمية بالنسبة للراصد للأرض من وضع الثبات أو السائر فيها علي قدمه أوعلي دابة فيجد الأرض دائما ممدودة أمامة.ومن زعم أنها كالكرة لقوله تعالي{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ}ومن تفسير القرطبي قَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ يُلْقِي هَذَا عَلَى هَذَا وَهَذَا عَلَى هَذَا. وَهَذَا عَلَى مَعْنَى التَّكْوِيرِ فِي اللُّغَةِ وَهُوَ طَرْحُ الشَّيْءِ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، يُقَالُ كَوَّرَ الْمَتَاعَ أَيْ أَلْقَى بَعْضَهُ على بعض،وَمِنْهُ كَوْرُ الْعِمَامَةِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا فِي مَعْنَى الْآيَةِ. قَالَ: مَا نَقَصَ مِنَ اللَّيْلِ دَخَلَ فِي النَّهَارِ وَمَا نَقَصَ مِنَ النَّهَارِ دَخَلَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى:" يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ" انتهى كلامه
والتعرض للآية هنا من الناحية اللغوية فلم تكن حقيقة كروية الأرض متبدية آنذاك ولكن الآن نستطيع القول بأن الراصد للأرض من خارج الغلاف الجوى يراها كروية وهي حقيقة علمية أكدها القمر الصناعي سبونتيك سنة 1957 عندما صور الأرض من خارج غلافها الجوى فلاتناقض بين من ذهب إلي أن الأرض مسطحة ممدودة وبمن قال أنها كروية فالأول يراها كذلك بالنسبة إلي وضعه في الأرض والثاني يراها كروية بالنسبة لوضعه خارج غلافها الجوي وقد دلت الآيات علي هذا وذاك بمنتهي الدقة .
يتبع ...


 
بسم1
وكان لحقيقة كروية الأرض أثر مهم في تتبع الآيات التي تدل علي ذلك في كتاب الله عز وجل وتفسير بعض الظواهر المرتبطة بها قال تعالي{ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}والجمهور علي أن للشمس منازل تختلف عنها في القمر ولا يجتمعان وكل يسير في فلكه أما في قوله تعالي{وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} قال الشعراوي رحمه الله:وهذا القول الحكيم قد أثبت للعرب حكما يعتقدونه ، ونفى حكما آخر يعتقدونه ، فالعرب كانت تعتقد أن الليل قبل النهار ، بدليل أن تحديد الليلة الأولى في رمضان هو الميعاد الذي يبدأ فيه شهر الصوم ، وما داموا قد حكموا بأن الليل هو الذي يسبق النهار ، فلا بد من حكم مقابل؛ وهو أن النهار لا يسبق الليل .
وجاء القرآن إلى القضية المتفق عليها وتركها ، وهي أن النهار لا يسبق الليل مثلما اعتقد العرب ، ونفي القرآن أن يسبق الليل النهار . وكان المخاطب - إذن - يعتقد أن الليل يسبق النهار ، ويصحح الله المفاهيم فلا الليل يسبق النهار ولا النهار يسبق الليل .
وهكذا عرض الحق سبحانه للكونيات عرضا رمزيا في القرآن؛ لأنه لو جاء بالتوضيح العلمي لذلك لكذب العرب القرآن ، فلو قال القرآن بصريح العبارة : إن الأرض كروية ، لعارض الناس ذلك وقت نزول القرآن ، وما زلنا نجد من يعارض تلك الحقيقة في أواخر القرن العشرين؛ لذلك لم يكشف الحق كل الحقائق الكونية ، بل أشار إليها بما يحتمل قبول العربي البسيط لها .
وما دام لا يسبق النهار ، والنهار لا يسبق الليل ، فكيف جاء هذا الأمر - إذن؟
ونقول : هل خلق الله الشمس مواجهة لسطح الأرض أولا ، ثم الشمس فجاء الليل؟ كان الأمر يصح لو أن الأرض كانت مسطوحة ، ولكن الحق سبحانه خلق الأرض كروية ، وذلك دليل على أن الحق سبحانه خلق الشمس والأرض على هيئة يوجد فيها الليل والنهار معا ، ولا يكون ذلك إلا إذا كانت الأرض كروية ، فالنصف المواجه للشمس يكون الوقت فيه نهارا ، وغير المواجه لها يكون الوقت فيه ليلا ، ثم تدور الأرض؛ فيأتي النهار إلى القسم الذي كان ليلا ، ويأتي الليل للقسم الذي كان نهارا .إذن: فالحق سبحانه حكى في القرآن الكريم عن الأمور الكونية - التي سوف تستكشفها العقول بعد نزول القرآن - وعالجها بحكمة ودقة، وعلى سبيل المثال نجد قوله الحق: {وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً ... } [الفرقان: 62] .
ثم يأتي التعليل: {لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} [الفرقان: 62] .
فالليل خلْفة النهار، ومعنى خلفه أي: يخلف غيره. والمثال من حياتنا نجده في دوريات الحراسة، نجد إنساناً يحرس موقعاً ما - مدّة ست ساعات مثلاً - وبعد انتهاء فترة الحراسة يسلم المهمة لحارس ثان، وبذلك يخلف واحدٌ الآخر، لكن من الذي بدأ المهمة الأولى في الحراسة قبل أن يأتي إنسان ليتسلم منه دورية الحراسة؟
وكذلك الأمر في الليل والنهار، فبيّن الحق سبحانه أن الليل والنهار خلْفة، ومعنى ذلك أن كلا منهما كان موجوداً من البدء ولأن الأرض تدور جَاء النهار في البلاد التي تشرق فيها الشمس، وجاء الليل في البلاد التي تغيب عنها الشمس، وتتابع الليل والنهار. هكذا فَصَّل الحق سبحانه آياته.انتهي كلامه
فالحقيقة القرآنية في أن الليل لا يسبق النهار والنهار لايسبق الليل وأنهما متواجدان في وقت واحد لايدركها الراصد لها بالنسبة لموضع في الأرض أما الحقيقة العلمية أكدت ذلك عندما تم الرصد للأرض نسبة لموضع في الفضاء فصور القمر الصناعي الليل والنهار في آن واحد وكان ذلك بيانا لمعني تكوير الليل علي النهار والعكس.فتعاقب الليل والنهار ككور العمامة بالأبيض والأسود لايحدث ذلك إلا بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس .

يتبع ...


 
بسم1
قال تعالي{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال تعالي{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} قال الشعراوى رحمه الله:هامدة : ساكنة ، ومنه قولنا للولد كثيرالحركة : اهمد { فإذآ أنزلنا عليها المآء اهتزت . . } [ الحج : 5 ] أي : تحركت ذراتها بالنبات بعد سكونها .
والاهتزاز : تحرك ما كنت تظنه ثابتا ، وليس ما كان ثابتا في الواقع؛ لأن لكل كائن حركة في ذاته ، حتى قطعة الحديد الجامدة لها حركة بين ذراتها ، لكن ليس لديك من وسائل الإدراك ما تدرك به هذه الحركة . ولو تأملت المغناطيس لأدركت هذه الحركة بين ذراته ، فحين تدلك القضيب الممغنط وتمرره على قضيب آخر غير ممغنط في اتجاه واحد ، فإنه يكتسب منه المغناطيسية ، وتمرير المغناطيس في اتجاه واحد معناه تعديل للذرات لتحمل شحنة واحدة سالبة أو موجبة ، فإن اختلف اتجاه الدلك فإن الذرات أيضا تختلف .
إذن : في الحديد - رمز الصلابة والجمود - حركة وحياة تناسبه ، وإن خيل إليك أنه أصم جامد في ظاهرة .
لذلك نقول { هامدة . . } [ الحج : 5 ] يعني : ساكنة في رأي العلم ، حيث لا نبات فيها ثم { اهتزت . . } [ الحج : 5 ] يعني : زادت وربت وتحركت لإخراج النبات ، إنما هي في الحقيقة لم تكن ساكنة مطلقا؛ لأن فيها حركة ذاتية بين ذراتها .انتهي كلامه
السكون أو الخشوع أو الهمود هي رؤية منسوبة إلي العين المجردة فلو كانت الرؤية من وراء مجهر متقدم فوجدت الأرض تعج بالحركة أو تمكنت من تصوير مايحدث من تفاعلات فيها وهذا ممكن الآن بآلة تصوير ليزرية فتحدثك نفسك بالتناقض وتقول الأرض مفعمة بالحياة كيف هي ميته .قال أهل العلم الموت يأتي بمعني مفارقة الروح للجسد قال تعالي{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} ويأتي أيضا بمعني الجهل قال تعالي{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } والموت يأتي بمعني نسبي لا يفيد الموت الكامل أي لا حراك علي الإطلاق وعلي ذلك المعني كانت {خاشعة } و{هامدة}.ولكن بمفهوم النسبية فالرؤية الأولي بالنسبة إلي العين المجردة وهي المقصودة لأن الخطاب لغير معين والرؤية المجردة هي المتاحة لعموم الناس والرؤية الأخرى منسوبة إلي وضع العين من وراء المجهر فالآية تحمل رصيدا لرؤية أخرى لأن المعني مايبدو لك بالرؤية المجردة سكون الأرض وخشوعها وهي ليست كذلك فتظهر حيوية الأرض بالماء .
يتبع...

 
بسم1
قال تعالي{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } من تفسير ابن عاشور رحمه الله
الذي قاله جمهور المفسرين : إن الآية حكت حادثا يحصل يوم ينفخ في الصور فجعلوا قوله وترى الجبال تحسبها جامدة عطفا على ينفخ في الصور أي ويوم ترى الجبال تحسبها جامدة إلخ . . وجعلوا الرؤية بصرية ، ومر السحاب تشبيها لتنقلها بمر السحاب في السرعة ، وجعلوا اختيار التشبيه بمرور السحاب مقصودا منه إدماج تشبيه حال الجبال حين ذلك المرور بحال السحاب في تخلخل الأجزاء وانتفاشها فيكون من معنى قوله وتكون الجبال كالعهن المنفوش ، وجعلوا الخطاب في قوله " ترى " لغير معين ليعم كل من يرى ، وجعلوا معنى هذه الآية في معنى قوله تعالى ويوم نسير الجبال . فلما أشكل أن هذه الأحوال تكون قبل يوم الحشر ؛ لأن الآيات التي ورد فيها ذكر دك الجبال ونسفها تشير إلى أن ذلك في انتهاء الدنيا عند القارعة وهي النفخة الأولى أو قبيلها ، فأجابوا بأنها تندك حينئذ ثم تسير يوم الحشر لقوله فقل ينسفها ربي نسفا إلى أن قال يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له ؛ لأن الداعي هو إسرافيل وفيه أن للاتباع أحوالا كثيرة ، وللداعي معاني أيضا .

وقال بعض المفسرين : هذا مما يكون عند النفخة الأولى وكذلك جميع الآيات التي ذكر فيها نسف الجبال ودكها وبسها . وكأنهم لم يجعلوا عطف وترى الجبال على ينفخ في الصور حتى يتسلط عليه عمل لفظ " يوم " بل يجعلوه من عطف الجملة على الجملة ، والواو لا تقتضي ترتيب المعطوف بها مع المعطوف عليه ، فهو عطف عبرة على عبرة وإن كانت المذكورة أولى حاصلة ثانيا .

وجعل كلا الفريقين قوله صنع الله إلخ مرادا به تهويل قدرة الله تعالى وأن النفخ في الصور وتسيير الجبال من عجيب قدرته ، فكأنهم تأولوا الصنع بمعنى مطلق الفعل من غير التزام ما في مادة الصنع من معنى التركيب والإيجاد ، فإن الإتقان إجادة ، والهدم لا يحتاج إلى إتقان .

[ ص: 48 ] وقال الماوردي : قيل هذا مثل ضربه الله ، أي وليس بخبر . وفيما ضرب فيه المثل ثلاثة أقوال : أحدها : أنه مثل للدنيا يظن الناظر إليها أنها ثابتة كالجبال وهي آخذة بحظها من الزوال كالسحاب ، قاله سهل بن عبد الله التستري .

الثاني : أنه مثل للإيمان تحسبه ثابتا في القلب ، وعمله صاعد إلى السماء .

الثالث : أنه مثل للنفس عند خروج الروح ، والروح تسير إلى العرش . وكأنهم أرادوا بالتمثيل التشبيه والاستعارة .

ولا يخفى على الناقد البصير بعد هذه التأويلات الثلاثة ؛ لأنه إن كان " الجبال " مشبها بها فهذه الحالة غير ثابتة لها حتى تكون هي وجه الشبه وإن كان لفظ " الجبال " مستعارا لشيء وكان مر السحاب كذلك كان المستعار له غير مصرح به ولا ضمنيا .

وليس في كلام المفسرين شفاء لبيان اختصاص هذه الآية بأن الرائي يحسب الجبال جامدة ، ولا بيان وجه تشبيه سيرها بسير السحاب ، ولا توجيه التذييل بقوله تعالى صنع الله الذي أتقن كل شيء فلذلك كان لهذه الآية وضع دقيق ، ومعنى بالتأمل خليق ، فوضعها أنها وقعت موقع الجملة المعترضة بين المجمل وبيانه من قوله ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلى قوله " من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون " بأن يكون من تخلل دليل على دقيق صنع الله تعالى في أثناء الإنذار والوعيد إدماجا وجمعا بين استدعاء للنظر ، وبين الزواجر والنذر ، كما صنع في جملة ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه الآية ; أو هي معطوفة على جملة ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه الآية ، وجملة ويوم ينفخ في الصور معترضة بينهما لمناسبة ما في الجملة المعطوف عليها من الإيماء إلى تمثيل الحياة بعد الموت ، ولكن هذا استدعاء لأهل العلم والحكمة لتتوجه أنظارهم إلى ما في الكون من دقائق الحكمة وبديع الصنعة .

وهذا من العلم الذي أودع في القرآن ليكون معجزة من الجانب العلمي يدركها [ ص: 49 ] أهل العلم ، كما كان معجزة للبلغاء من جانبه النظمي كما قدمناه في الجهة الثانية من المقدمة العاشرة .

فإن الناس كانوا يحسبون أن الشمس تدور حول الأرض فينشأ من دورانها نظام الليل والنهار ، ويحسبون الأرض ساكنة . واهتدى بعض علماء اليونان أن الأرض هي التي تدور حول الشمس في كل يوم وليلة دورة تتكون منها ظلمة نصف الكرة الأرضية تقريبا وضياء النصف الآخر وذلك ما يعبر عنه بالليل والنهار ، ولكنها كانت نظرية مرموقة بالنقد وإنما كان الدال عليها قاعدة أن الجرم الأصغر أولى بالتحرك حول الجرم الأكبر المرتبط بسيره وهي علة إقناعية ؛ لأن الحركة مختلفة المدارات فلا مانع من أن يكون المتحرك الأصغر حول الأكبر في رأي العين وضبط الحساب وما تحققت هذه النظرية إلا في القرن السابع عشر بواسطة الرياضي ( غاليلي ) الإيطالي . والقرآن يدمج في ضمن دلائله الجمة وعقب دليل تكوين النور والظلمة دليلا رمز إليه رمزا ، فلم يتناوله المفسرون أو تسمع لهم ركزا .

وإنما ناط دلالة تحرك الأرض بتحرك الجبال منها ؛ لأن الجبال هي الأجزاء الناتئة من الكرة الأرضية فظهور تحرك ظلالها متناقصة قبل الزوال إلى منتهى نقصها ، ثم آخذة في الزيادة بعد الزوال . ومشاهدة تحرك تلك الظلال تحركا يحاكي دبيب النمل أشد وضوحا للراصد ، وكذلك ظهور تحرك قممها أمام قرص الشمس في الصباح والمساء أظهر مع كون الشمس ثابتة في مقرها بحسب أرصاد البروج والأنوار .

ولهذا الاعتبار غير أسلوب الاستدلال الذي في قوله تعالى ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه فجعل هنا بطريق الخطاب وترى الجبال . والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تعليما له لمعنى يدرك هو كنهه ولذلك خص الخطاب به ولم يعمم كما عمم قوله ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه في هذا الخطاب ، وادخار لعلماء أمته الذين يأتون في وقت ظهور هذه الحقيقة الدقيقة . فالنبيء صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على هذا السر العجيب في نظام الأرض كما أطلع إبراهيم عليه السلام على كيفية إحياء الموتى ، اختص الله رسوله صلى الله عليه وسلم بعلم ذلك في وقته وائتمنه على علمه بهذا السر العجيب في قرآنه ولم يأمره بتبليغه إذ لا يتعلق بعلمه للناس مصلحة حينئذ [ ص: 50 ] حتى إذا كشف العلم عنه من نقابه وجد أهل القرآن ذلك حقا في كتابه ، فاستلوا سيف الحجة به وكان في قرابه .

وهذا التأويل للآية هو الذي يساعده قوله وترى الجبال المقتضي أن الرائي يراها في هيئة الساكنة ، وقوله تحسبها جامدة إذ هذا التأويل بمعنى الجامدة هو الذي يناسب حالة الجبال إذ لا تكون الجبال ذائبة .

وقوله وهي تمر الذي هو بمعنى السير مر السحاب أي مرا واضحا لكنه لا يبين من أول وهلة . وقوله بعد ذلك كله صنع الله الذي أتقن كل شيء المقتضي أنه اعتبار بحالة نظامها المألوف لا بحالة انخرام النظام ؛ لأن خرم النظام لا يناسب وصفه بالصنع المتقن ولكنه يوصف بالأمر العظيم أو نحو ذلك من أحوال الآخرة التي لا تدخل تحت التصور .

و مر السحاب مصدر مبين لنوع مرور الجبال ، أي مرورا تنتقل به من جهة إلى جهة مع أن الرائي يخالها ثابتة في مكانها كما يخال ناظر السحاب الذي يعم الأفق أنه مستقر وهو ينتقل من صوب ويمطر من مكان إلى آخر فلا يشعر به الناظر إلا وقد غاب عنه . وبهذا تعلم أن المر غير السير الذي في قوله تعالى ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة فإن ذلك في وقت اختلال نظام العالم الأرضي .

وانتصب قوله صنع الله على المصدرية مؤكدا لمضمون جملة تمر مر السحاب بتقدير : صنع الله ذلك صنعا . وهذا تمجيد لهذا النظام العجيب إذ تتحرك الأجسام العظيمة مسافات شاسعة والناس يحسبونها قارة ثابتة وهي تتحرك بهم ولا يشعرون .

والجامدة : الساكنة ، قاله ابن عباس . وفي الكشاف : الجامدة من جمد في مكانه إذا لم يبرح ، يعني أنه جمود مجازي ، كثر استعمال هذا المجاز حتى ساوى الحقيقة .

والصنع ، قال الراغب : إجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا قال تعالى ويصنع الفلك وعلمناه صنعة لبوس لكم يقال للحاذق المجيد : صنع ، وللحاذقة المجيدة : صناع اهـ . وقصر في تفسير الصنع الجوهري وصاحب اللسان [ ص: 51 ] وصاحب القاموس واستدراكه في تاج العروس . قلت : وأما قوله : بئس ما صنعت ، فهو على معنى التخطئة لمن ظن أنه فعل فعلا حسنا ولم يتفطن لقبحه . فالصنع إذا أطلق انصرف للعمل الجيد النافع وإذا أريد غير ذلك وجب تقييده على أنه قليل أو تهكم أو مشاكلة .

واعلم أن الصنع يطلق على العمل المتقن في الخير أو الشر قال تعالى تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ، ووصف الله بـ الذي أتقن كل شيء تعميم قصد به التذليل ، أي ما هذا الصنع العجيب إلا مماثلا لأمثاله من الصنائع الإلهية الدقيقة الصنع . وهذا يقتضي أن تسيير الجبال نظام متقن ، وأنه من نوع التكوين والخلق واستدامة النظام وليس من الخرم والتفكيك .

وجملة إنه خبير بما تفعلون تذييل أو اعتراض في آخر الكلام للتذكير والوعظ والتحذير ، عقب قوله الذي أتقن كل شيء ؛ لأن إتقان الصنع أثر من آثار سعة العلم فالذي بعلمه أتقن كل شيء هو خبير بما يفعل الخلق فليحذروا أن يخالفوا عن أمره . انتهى كلامه
يتبع...

 
اخي الكريم
جزاكم الله خيرا
بالنسبة لمرور الجبال مر السحاب.... لم تتعرض لان الارض تتكون من الواح كبرى تثبتها الجبال مثل الاوتاد.... وان حركة تلك الالواح بما تحمله من جبال عبر الزمن الجيولوجي الذي يقدر بملايين السنوات يمكن ان يعني مرور تلك الجبال مر السحاب ((طبعا اذا نظرنا لتلك الحركة بالتصوير البطيء)) وهذا ما قال به استاذنا الدكتور زغلول النجار.... فما رايكم؟
 
بسم1
الأخ الكريم| د سعد
سعدت جدا بتعقيبك على الموضوع حيث أننا في حاجه ماسة لأهل التخصص وبخصوص تفسير الآية اختلف فيها أهل العلم ولذلك عرضت تفسير ابن عاشور رحمه الله كاملا حيث أنني أميل إلي تفسيره.وبالنسبة لأستاذنا الدكتور زغلول النجار لديه حلقة ناقش فيها تفسير الآية علي الرابط الآتي
فما رأيكم؟
https://www.youtube.com/watch?v=-Vj3TOG9dkM


 
بسم1
من تفسير الشعراوى رحمه الله قال:قوله تعالى { تحسبها جامدة } [ النمل : 88 ] اي : تظنها ثابتة ، وتحكم عليها بعدم الحركة؛ لذلك نسميها الرواسي والأوتاد { وهي تمر مر السحاب } [ النمل : 88 ] أي : ليس الأمر كما تظن؛ لأنها تتحرك وتمر كما يمر السحاب ، لكنك لا تشعر بهذه الحركة ولا تلاحظها لأنك تتحرك معها بنفس حركتها .
وهب أننا في هذا المجلس ، أنتم أمامي وأنا أمامكم ، وكان هذا المسجد على رحاية أو عجلة تدور بنا ، أيتغير وضعنا وموقعنا بالنسبة لبعضنا؟
إذن : لا تستطيع أن تلاحظ هذه الحركة إلا إذا كنت أنت خارج الشيء المتحرك ، ألا ترى أنك تركب القطار مثلا ترى أن أعمدة التليفون هي التي تجري وأنت ثابت .
ولأن هذه الظاهرة عجيبة سيقف عندها الخلق يزيل الله عنهم هذا العجب ، فيقول { صنع الله الذي أتقن كل شيء } [ النمل : 88 ] يعني : لا تتعجب ، فالمسألة من صنع الله وهندسته وبديع خلقه ، واختار هنا من صفاته تعالى : { الذي أتقن كل شيء } [ النمل : 88 ] يعني : كل خلق عنده بحساب دقيق متقن .
البعض فهم الآية على أن مر السحاب سيكون في الآخرة ، واستدل بقوله تعالى : { وتكون الجبال كالعهن المنفوش } [ القارعة : 5 ] .
وقد جانبه الصواب لأن معنى { كالعهن المنفوش } [ القارعة : 5 ] أنها ستتفتت وتتناثر ، لا أنها تمر ، وتسير هذه واحدة ، والأخرى أن الكلام هنا مبني على الظن { تحسبها جامدة } [ النمل : 88 ] وليس في القيامة ظن؛ لأنها إذا قامت أحداثها متيقنة .
ثم إن السحاب لا يتحرك بذاته ، وليس له موتور يحركه ، إنما يحركه الهواء ، كذلك الجبال حركتها ليست ذاتية فيها ، فلم نر جبلا تحرك من مكانه ، فحركة الجبال تابعة لحركة الأرض؛ لأنها أوتاد عليها ، فحركة الوتد تابعة للموتود فيه .
لذلك لما تكلم الحق سبحانه وتعالى عن الجبال قال : { وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم } [ النحل : 15 ] .
ولو خلقت الأرض على هيئة السكون ما احتاجت لما يثبتها ، فلا بد أنها مخلوقة على هيئة الحركة .
في الماضي وقبل تطور العلم كانوا يعتقدون في المنجمين وعلماء الفلك الكفرة أنهم يعلمون الغيب ، أما الآن وقد توصل العلماء إلى قوانين حركة الأرض وحركة الكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية واستطاعوا حساب ذلك كله بدقة مكنتهم من معرفة ظاهرة الخسوف والكسوف مثلا ونوع كل منهما ووقته وفعلا تحدث الظاهرة في نفس الوقت الذي حددوه لا تتخلف .
واستطاعوا بحساب هذه الحركة أن يصعدوا إلى سطح القمر ، وأن يطلقوا مركبات الفضاء ويسيروها بدقة حتى إن إحداها تلتحم بالأخرى في الفضاء الخارجي .
كل هذه الظواهر لو لم تكن مبنية على حقائق متيقنة لأدت إلى نتائج خاطئة وتخلفت .
ومن الأدلة التي تثبت صحة ما نميل إليه في معنى حركة الجبال ، أن قوله تعالى { صنع الله الذي أتقن كل شيء } [ النمل : 88 ] امتنان من الله تعالى بصنعته ، والله لا يمتن بصنعته يوم القيامة ، إنما الامتنان علينا الآن ونحن في الدنيا .انتهى كلامه
وهنا أشار الشيخ إلي نسبية الرؤية بطريقة سهلة وطريفة وتلخيص المسألة يكمن في أن راصد الجبال من موضع ثابت علي الأرض يراها ثابتة والراصد من خارج الغلاف الجوى يرى الأرض متحركة بما عليها لا تنفصل عن غلافها الجوى بفعل الجاذبية الأرضية وهذا ماعبرت عنه الآية بدقة.
يتبع ...




 
انا كل يوم بشوف لو في جديد في الموضوع.. جميل جدا ما شاء الله.. استمر ربنا يوفقك
 
اخي الكريم.. هذا الكلام من كتاب التحرير و التنوير لمحمد الطاهر ابن عاشور و كان من الافضل لو انك ذكرت مصدر معلوماتك و لكن الحمدلله لولا هذا الموضوع لم اكن لاعلم بالكتاب
 
السلام عليكم اخي محمد سبيع
معذرة نقلت راي قديم سمعته من الدكتور النجار ونعرفه في الجيولوجيا باسم حركة الالواح الارضية... لكن ما يقول به الدكتور حاليا ان الاية (وترى الجبال....) تشير الى دوران الارض حول محورها امام الشمس وفيها دليل على كروية الارض... اما المعنى الخاص بالحركة الظاهرية للجبال مع تحرك الالواح الارضية فيتفق بشكل جزءي مع تفسير الشيخ الشعراوي رحمه الله الذي يقول فيه:
"ثم إن السحاب لا يتحرك بذاته ، وليس له موتور يحركه ، إنما يحركه الهواء ، كذلك الجبال حركتها ليست ذاتية فيها ، فلم نر جبلا تحرك من مكانه ، فحركة الجبال تابعة لحركة الأرض؛ لأنها أوتاد عليها ، فحركة الوتد تابعة للموتود فيه" الذي نقلتموه اعلاه... وتوجد خرايط توضح تحرك القارات عبر الزمن الجيولوجي فمثلا المحيط الاطلنطي لم يكن موجودا منذ حوالي 200 مليون سنة وظهر واتسع بحركة الالواح الارضية وكذلك البحر الاحمر ظهر منذ حوالي 50 مليون سنة... والهند كانت ملتصقة بشرق افريقيا ثم انفصلت وتحركت شمالا وشرقا لتتكون جبال الهيمالايا بعد انغلاق بحرا عظيما كان يفصل بين الصين وشرق افريقيا.... فهذه الحركات يمكن اعتبارها مرورا للجبال مثل مرور السحاب مع اختلاف سرعة كل منهما والعامل المؤثر على تلك الحركة والله اعلم.
 
بسم1
أخي | د سعد
ماتفضلت به حقيقة جولوجية هي أن الجبال لها حركة لاتدرك إلا بعد ملايين السنين ونظرا لبطئ الحركة الراصد للجبال يحسبها ساكنة .وهذا لا يتناقض مع قول د زغلول النجار و يفيد بأن الثبات نسبي أيضا جزيت خيرا علي المعلومة
 
بسم1
أخي |محمد عبد المنعم
الإقتباس
قال تعالي{ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } من تفسير ابن عاشور
تم توضيح المرجع في المشاركة الرابعة في البداية وكذلك في المشاركة السادسة في ردي علي د|سعد
تحياتي وعظيم امتناني لمتابعتكم


 
بسم1
قال تعالي{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}
قال صاحب المنار : الْمِثْقَالُ ـ مِفْعَالٌ مِنَ الثِّقَلِ ـ الْمِقْدَارُ الَّذِي لَهُ ثَقُلَ مَهْمَا قَلَّ ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْمِعْيَارِ الْمَخْصُوصِ لِلذَّهَبِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ ، وَالذَّرَّةُ أَصْغَرُ مَا يُدْرَكُ مِنَ الْأَجْسَامِ وَ أُطْلِقَ عَلَى النَّمْلَةِ وَعَلَى رَأْسِهَا وَعَلَى الْخَرْدَلَةِ ، وَعَلَى الدَّقِيقَةِ مِنْ دَقَائِقِ الْهَبَاءِ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ فِي نُورِ الشَّمْسِ الدَّاخِلِ مِنَ الْكُوَى ـ إِلَّا لِبَيَانِ مَكَانِ صِغَرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ; وَلِذَلِكَ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الذَّرَّةِ رِوَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا رَأْسُ النَّمْلَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التُّرَابِ ، ثُمَّ نَفَخَ فِيهِ فَقَالَ : كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ ذَرَّةٌ ، وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ : " إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ نَمْلَةٍ " ، وَقَدْ بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْقُرْآنُ ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا التَّفْسِيرُ .ثم قال:(يَعْزُبُ) دَّالُّ عَلَى الْخَفَاءِ وَالْبَعْدِ مَعًا ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إِنَّ مَا شَأْنُهُ أَنْ يَبْعُدَ وَيَخْفَى عَلَيْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ لَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِ رَبِّكُمْ ، فَإِنَّهُ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ ، أَيْ أَقَلُّ شَيْءٍ يَبْلُغُ وَزْنُهُ ثِقَلَ ذَرَّةٍ وَهِي النَّمْلَةُ الصَّغِيرَةُ(وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ) هَذَا كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ قَائِمٌ بِرَأْسِهِ ، مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ بِتَعْبِيرٍ أَدَقَّ وَأَشْمَلَ وَ (لَا) فِيهِ نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ ، أَيْ وَلَا شَيْءَ أَصْغَرَ مِنَ الذَّرَّةِ وَهُوَ مَا لَا تُبْصِرُونَهُ مِنْ دَقَائِقِ الْكَوْنِ كَمَا قَالَ : (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ) وَلَا أَكْبَرَ مِنْهَا وَإِنْ عَظُمَ مِقْدَارُهُ كَعَرْشِهِ عَزَّ وَجَلَّ . انتهي كلامه
المثقال جاء في كتاب الله عز وجل علي معنين الأول مادى قال تعالى{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }وقال تعالى{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}وقال تعالى{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}وقوله تعالى{يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }.أما المعنى الثانى للمثقال جاء معنوى قال تعالى{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }.
فمثقال النملة أو رأسها كناية عن أقل وزن يمكن تصوره وقتها بالنسبة للعرب فما دونه لايمكن تصوره أو قياسه وقتها هو في علم الله عز وجل معلوم في كتابه .أما مفهوم الذرة بالنسبة لنا اليوم هي إحدى الوحدات الأساسية التى تتكون منها المادة وكان الاعتقاد السائد لفترة قريبة أن الذرة هى أقل وحدة يمكن حساب وزنها رغم صغرها المفرط وثبت علميا أنها تتكون من بروتونات موجبة و إلكترونات سالبة ونيترونات متعادلة وكواركات وثبت أن مثقال الذرة بمفهومنا اليوم يوجد ماهو أصغر منه وزنا وهذا لايختلف مع مضمون الآية فهو واقع معلوم عند الله عز وجل في كتابه.فالرؤية نسبية للمثقال والمراد واحد هو بيان إحاطة الله عز وجل بما دق وعظم وقد وقع في الرؤيتين.ولحل الإشكال بطريقة أخرى العرب ترى أن مثقال الذرة هو وزن نملة أو رأسها فما ثبت علميا من أن وزن الذرة (atom) للمادة بالنسبة لنا يفوق وزن البرتون ثم يقع دونه وزن الكوارك ولاشك في أن هذه الأوزان المتناهية الصغر دون المثقال المتعارف عليه عند العرب متضمن في قوله تعالى{وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ } محققة له ففي الآية رصيد لما يستحدث من أوزان وعلى هذا فأصغر وزن يمكن الحصول عليه يحيط الله عز وجل بأصغر منه فالآية تنبئ بذلك .
يتبع...

 
بسم1
قال تعالي{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}
من تفسير المنار: إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ بَدَلٌ مِنْ " يَوْمِ حُنَيْنٍ " أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لَهُ ، وَحَاصِلُ مَعْنَاهُ مَعَ مَا سَبَقَهُ أَنَّهُ نَصَرَكُمْ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ مَا كُنْتُمْ تَطْمَعُونَ فِيهَا بِالنَّصْرِ بِمَحْضِ اسْتِعْدَادِكُمْ وَقُوَّتِكُمْ; لِقِلَّةِ عَدَدِكُمْ وَعَتَادِكُمْ ، وَنَصَرَكُمْ أَيْضًا فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي أَعْجَبَتْكُمْ فِيهِ كَثْرَتُكُمْ إِذْ كُنْتُمُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا ، وَكَانَ الْكَافِرُونَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ فَقَطْ ، فَقَالَ قَاتِلُكُمْ مُعَبِّرًا عَنْ رَأْيِ الْكَثِيرِينَ الَّذِينَ غَرَّتْهُمُ الْكَثْرَةُ : لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ رُوَاةِ السِّيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هُوَ الَّذِي قَالَ هَذَا الْقَوْلَ ، وَرَدَّهُ الرَّازِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ ، وَنَرُدُّهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْقُولَ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِ الْمَغَازِي عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَوْمَ حُنَيْنٍ : لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ . فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ . اهـ . أَيْ وَقَعَتْ بِأَسْبَابِهَا فَكَانَتْ عُقُوبَةً عَلَى هَذَا الْغُرُورِ وَالْعُجْبِ الَّذِي تُشِيرُ إِلَيْهِ الْكَلِمَةُ ، وَتَرْبِيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ حَتَّى لَا يَعُودُوا إِلَى الْغُرُورِ بِالْكَثْرَةِ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ إِلَّا أَحَدَ الْأَسْبَابِ الْمَادِّيَّةِ الْكَثِيرَةِ لِلنُّصْرَةِ ، وَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمَعْنَوِيَّةِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ أَعْظَمُ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْكَامِلِينَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ قِيمَةَ أَسْبَابِ النَّصْرِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَالصَّبْرِ وَالثِّقَةِ بِاللهِ وَالِاتِّكَالِ عَلَيْهِ : قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (2 : 249) وَكَذَلِكَ وَقَعَتِ الْهَزِيمَةُ بِأَسْبَابِهَا فِي يَوْمِ أُحُدٍ عُقُوبَةً وَتَرْبِيَةً كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَحَلِّهِ .
فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا أَيْ: فَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْكَثْرَةُ الَّتِي أَعْجَبَتْكُمْ وَغَرَّتْكُمْ كَافِيَةً لِانْتِصَارِكُمْ بَلْ لَمْ تَدْفَعْ عَنْكُمْ شَيْئًا مِنْ عَارِ الْغَلَبِ وَالْهَزِيمَةِ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ أَيْ: ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِرَحْبِهَا وَسِعَتِهَا فَلَمْ تَجِدُوا لَكُمْ فِيهَا مَذْهَبًا وَلَا مُلْتَحَدًا ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ أَيْ وَلَّيْتُمْ ظُهُورَكُمْ لِعَدُوِّكُمْ مُدْبِرِينَ لَا تَلْوُونَ عَلَى شَيْءٍ .انتهى كلامه
ولاشك أن من ضمن أسباب النصر الكثرة في مقابل القلة والواقع أن الفئة الكثيرة ترى نفسها كذلك بالنسبة للقلة وهذا ما بينته الآية إلا أنه لم يكن ذلك كافيا دون العون من الله عز وجل وعندما أراد الله عز وجل النصر للقلة طوع الرؤية النسبية علي مراده عز وجل ويتضح ذلك في قوله تعالى{وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}
من تفسير القرطبى:قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا) هَذَا فِي الْيَقِظَةِ.قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: قُلْتُ لِإِنْسَانٍ كَانَ بِجَانِبِي
يَوْمَ بَدْرٍ: أَتَرَاهُمْ سَبْعِينَ؟ فَقَالَ: هُمْ نَحْوَ الْمِائَةِ. فَأَسَرْنَا رَجُلًا فَقُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ فَقَالَ: كُنَّا أَلْفًا. (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ حَتَّى قَالَ أَبُو جَهْلٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: إِنَّمَا هُمْ أَكَلَةُ جَزُورٍ «1»، خُذُوهُمْ أَخْذًا وَارْبِطُوهُمْ بِالْحِبَالِ. فَلَمَّا أَخَذُوا فِي الْقِتَالِ عَظُمَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَعْيُنِهِمْ فَكَثُرُوا، كَمَا قال:{ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران: 13] .انتهي كلامه
وما حدث من رؤية نسبية معكوسة للفريقين كان خرقا للعادة فالراصد للمعركة قبل أن تدور رحاها يرى القلة على قلتها والكثرة على كثرتها وترى الفئة القليلة الكثير قليل وترى الفئة الكثيرة القليل قليل وعندما دارت المعركة قال تعالى{يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} ويرى الراصد القلة تعصف بالكثرة ونرى نحن طلاقة القدرة.




 
بسم1
بخصوص الرؤية النسبية لنا هى طلاقة القدرة لله عز وجل وهى رؤية علم أو رؤية قلبية وهي رؤية تستخدم فيها الحواس لكن ليس شرطا فيها جارحة العين راجع الرؤية القلبية عند ابن القيم رحمه الله
https://vb.tafsir.net/tafsir46785/#.WbmrcjUlG1s
 
بسم1
إلى أى رؤية ننسب الرؤية فى قوله تعالى {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } ؟
 
بسم1
قال تعالى{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}
من البحر المحيط:هذا استفهام توبيخ لمن ادعى مع الله آلهة ، ودلالة على تنزيهه عن الشريك ، وتوكيد لما تقدم من أدلة التوحيد ، ورد على عبدة الأوثان من حيث إن الإله القادر على هذه المخلوقات المتصرف فيها التصرف العجيب ، كيف يجوز في العقل أن يعدل عن عبادته إلى عبادة حجر لا يضر ولا ينفع والرؤية هنا من رؤية القلب . وقيل : من رؤية البصر وذلك على الاختلاف في الرتق والفتق .قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة : كانتا شيئا واحدا ففصل الله بينهما بالهواء . وقال كعب : خلق الله السماوات والأرض بعضها على بعض ثم خلق ريحا بوسطها ففتحها بها وجعل السماوات سبعا والأرضين سبعا . وقال مجاهد والسدي وأبو صالح : كانت السماوات والأرض مؤتلفة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سماوات ، وكذلك الأرضون كانت مرتتقة طبقة واحدة ففتقها وجعلها سبعا . وقالت فرقة : السماوات والأرض رتق بالظلمة وفتقها الله بالضوء . وقالت فرقة : السماء قبل المطر رتق ، والأرض قبل النبات رتق ( ففتقناهما ) بالمطر والنبات كما قال : ( والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع ) قال ابن عطية : وهذا قول حسن يجمع العبرة وتعديد النعمة والحجة للمحسوس بين ، ويناسب قوله : ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) أي من الماء الذي أوجده الفتق . انتهى .

وعلى هذين القولين تكون الرؤية من البصر وعلى ما قبلهما من رؤية القلب .انتهى
على مفهوم ابن عطية رؤية القلب لاتتعارض مع رؤية البصر فالحواس لها دور فى رؤية القلب فإذا كانت الرؤية منسوبة إلى البصر فى الفتق للسماء بالماء وللأرض بالزروع فالرؤية قلبية بالنسبة لمن نسب الفعل لله عز وجل ومعدومة بالنسبة لمن ظل على كفره رغم المشاهدات العينية.
وهذا هو المعنى الظاهر بالنسبة للمخاطبين وقتها من الكفار.أما بالنسبة للكفار فى عصرنا فالآية تحمل لهم رصيد فهم تحققوا من فتق السموات عن الأرض من نظرية الانفجار الكبير فالتوبيخ لهم الآن والحث على الإيمان فمن نسب الفعل لله عز وجل فقد رأى قلبه ومن أعرض فالرؤية معدومة بالنسبة له رغم شهوده للفتق بالدليل.قال ابن عاشور: والظاهر أن الآية تشمل جميع ما تحقق فيه معاني الرتق والفتق ؛ إذ لا مانع من اعتبار معنى عام يجمعها جميعاً فتكون الآية قد اشتملت على عبرة تعم كل الناس ، وعلى عبرة خاصة بأهل النظر والعلم ؛ فتكون من معجزات القرآن العلمية .
 
بسم1
قال تعالى{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
من تفسير الطبرى:مثل الذين اتخذوا الآلهة والأوثان من دون الله أولياء يرجون نَصْرها ونفعها عند حاجتهم إليها في ضعف احتيالهم، وقبح رواياتهم، وسوء اختيارهم لأنفسهم،( كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ ) في ضعفها، وقلة احتيالها لنفسها،( اتَّخَذَتْ بَيْتًا ) لنفسها ، كيما يُكِنهَا، فلم يغن عنها شيئا عند حاجتها إليه، فكذلك هؤلاء المشركون لم يغن عنهم حين نزل بهم أمر الله، وحلّ بهم سخطه أولياؤُهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئا، ولم يدفعوا عنهم ما أحلّ الله بهم من سخطه بعبادتهم إياهم.انتهى
وهذا هو المعنى الظاهر كما قال أهل العلم فالراصد لبيت العنكبوت يرى بعينه المجردة الهوان فيه وسهولة هدمه.أما الراصد لأحد أعمدة البيت نظرة فيزيائية مجهرية اليوم يجد أن الحقيقة العلمية تقول بأن خيط العنكبوت يتمتع بمرونة عالية وقوة كبيىرة جدا حتى أنه يسمى بيوصلب فقال البعض بالتناقض مع الحقيقة القرآنية وهذا لم يحدث لأن التشبيه التمثيلى فى الآية بوهن البيت وليس بخيوطه والمعنى أنه برغم قوة الخيوط التى علمناها الآن فإن العنكبوت تنسج منه أهون البيوت وهذا مايحدث عندما تكون الولاية لغير الله عز وجل فتصبح القوة وهنا.ويقول أهل العلم التطبيقى تعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج العنكبوت أقوى من الفولاذ، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، وتبلغ قوة احتماله 300 ألف رطل للبوصة المربعة، فإذا قدر جدلا وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام مكون من خيوط العنكبوت فسيُمْكِنه حَمل طائرة جامبو بكل سهولة .والسؤال هنا هل تنسج العنكبوت مثل هذا السمك حتى نقول بالتناقض مع وهن البيت ؟ الإجابة لا بل تنسج بيت واهن رغم قوة الخيوط.قال تعالى{وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا } فالغزل القوى مكون من شعيرات دقيقة واهنة من الصوف أو الوبر أو القطن حتى يصير خيطا قويا.فلا وهن التيلة أدى إلى وهن الخيط كما أن قوة الخيط لم تؤدى إلى قوة البيت.
قال تعالى{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فالولاية لله عز وجل يصاحبها قوة البنيان وثباته والولاية لغير الله يصاحبها الإنهيار والهلاك.
 
بارك الله فيكم اخي الكريم
سمعت ان وهن بيت العنكبوت مرتبط بما يعرف بالنظام الاجتماعي في بيت العنكبوت حيث ان الارملة السوداء (انثى العنكبوت) في احدى مجموعات العناكب تقوم بقتل الذكر بعد الاخصاب، وان العناكب الصغيرة تقتل الانثى اذا تمكنت منها... وهكذا فالبيت اضعف البيوت من هذه الجهة بالرغم من انه الاصلب بنيانا فهو الصلب الحيوي كنا تفضلتم.

فهذا السبب يوضح انه لا تعارض بين حقيقة ان بيت العنكبوت هو اوهن البيوت وبين قوة خيوط العنكبوت

لكن عندي استفسار ظللت ابحث عن علاقة هذا الموضوع بالنسبية فلم اجد.... فلا اعرف هل لانني هذه الايام ابحث حول اصل ومضار النسبية في الفلسفة العلمانية لذلك فانا متحفز بهذا الخصوص؟ ام انكم ذكرتم ما يربط الموضوع بالنسبية ولم ادركه؟... فارجو التوضيح.
 
بسم1
أخى الكريم د| سعد كامل
بخصوص استفسارك عن علاقة موضوع الآية بالنسبية بالقطع لم اقصد نسبية اينشتين فلا علاقة لها بموضوع الآية ولكن مفهوم النسبية التى بنى علية اينشتين النسبية الخاصة والعامة فى الفيزياء يمكن الاستفادة منه فى اسلوب التفكير ليس فى الفيزياء فقط فبالنسبة لموضوع الآية وهو وهن بيت العنكبوت فكل منا يفسر المعنى بمعطيات عصره فالمرئى واحد والرؤى النسبية متعددة حسب المعطيات ولا بد ألا تتعارض الحقيقة القرآنية مع العلمية فرؤية سلفنا الصالح وهن بيت العنكبوت على ظاهره فهدم بيتها سهل فلا بيت من أقل هزة أو ضربة وهذا حال من كانت ولايته لغير الله عز وجل.فهناك فرق بين البيت وحطامه فلو بحثنا فى حطام بيت الآن لوجدنا خيوط الحديد متعرجة ملتوية لا تفقد شيئ من خواصها الفيزيائية فهل صلابتها تشهد للبيت بالصلابة ؟بالقطع لا وهذا ما حدث فى موضوع الآية فالناظر لخيوط العنكبوت بمعطيات عصرنا وجد فيه الصلابة ولكن كيف هذا وهوان البيت؟ ولحل المسألة فى ضوء الرؤية النسبية يجب تحديد المنظور إليه وهو بيت العنكبوت فتكون الرؤية من جهة السلف بمعطياتهم وأخرى بما لدينا من حقائق علمية فعندما نجد نقطة التقاطع يكون الحل ولا تناقض. وبخصوص ما تفضلتم به من أن العناكب تأكل بعضها فى احدى الفصائل وفى هذا اشارة إلى هوان البيت من الناحية الاجتماعية فهذا المعنى مجازى ولا يتقاطع مع رؤية السلف فى شيئ والحقيقى هو الهوان الظاهر للعيان والحقيقى مقدم فى علم أصول الفقة.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

من الرؤية النسبية فان الارض سطحت و لكن ليست مسطحة ( مسطحة كلمة باطلة ) فلا يوجد شيء مسطح مكون من 3 ابعاد.

قوله تعالى "وإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ" سورة الغاشية رقم 20

اما الرؤية الإجمالية فشكل الارض هو شكل ارضي لان لا يعرف شكل الارض الا خالقها .....

فالارض سطحت و هي أرضية


و الله اعلم
 
بسم1
الأخت | بهجة
رضي الله عنك وارضاك ماذا تقصدين بالشكل الأرضى؟
وكيف لا يعرف شكل الأرض إلا خالقها؟
 
الاخت بهجة
تسطيح الارض لا يعني انها ذات بعدين

فالارض كرة مجسمة لكنها بالنسبة للبشر كبيرة جدا حيث ان محيط الارض يصل الى 43 الف كيلومتر... وقد درسنا في الهندسة الفراغية ان القوس الصغير من الدايرة الضخمة يمكن اعتباره خطا مستقيما... بالتالي نقف نحن البشر بحجمنا الصغير وادراكنا الضعيف على الارض الضخمة فنشعر انها مسطحة لاننا نرى حتى الافق جزء يصل الى 20كم من جميع الجهات ((بمقارنة 20كم بمحيط الارض 43 الف كم يكون ما نراه نصف من 100000 من محيط الارض))... فالارض كروية وقد تم تصويرها من الفضاء ويوجد على ذلك ادلة كثيرة.

اما قولك انه لا يعلم شكل الارض الا خالقها فهذا قول مطلق لكنه يشبه انه سبحانه وتعالى يعلم ما في الارحام..... لكنه عز وجل اعطى البشر من الادوات ما يمكنهم من معرفة نوع الجنين وتركيب الكروموسومات والجينات بل ونواة الذرة.... وقد اعطانا سبحانه وتعالى القدرة على قياس قطر الارض ومحيطها وحساب حجمها متذ 2500 سنة واكثر.... فهل ناتي في القرن الحادي والعشرين لنقول ان الارض مسطحة وليست كروية كما يدعي اهل جمعية الارض المسطحة المنتشرين في بلاد مختلفة.... لكنهم لم يقدموا على ذلك دليلا منطقيا حتى الان ويرفضون ادلة كروية الارض من باب الرفض للرفض.... فالى اين نحن متجهون؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
انا قلت ان الارض سطحت و هذا كلام ربي و لا يعلو كلام ربي احد.
اما قولي انها ليست مسطحة لان لا يوجد شيء مسطح الا الاشياء التي نراها فنقول إن شكل واجهة الشيء مسطح و لا نقول إن الشيء مسطح .
اما عن كون الارض كروية فهذا ما يرونه هم و لكن ليس ما هي عليها فشتان بين الشيء التي تراه و الشيء كما هو.....
فلا اقول ان الارض غير كروية و لا اقول ان الارض كروية فلا يعلمها الا من خلقها بالحق
ان اليوم يقولون ان الارض كروية و انت تحتج على انها كروية و غدا يقولون ان شكلها بيضاوية و هل حجتك من القرآن تكون صالحة لشكلين مختلفين و هل يا ترى ستغير حججك او تغير شكل الارض لتكون من اصحاب علوم الفلك

شكل الارض ما يعلمه الا من خلقها بالحق
 
الاخت الكريمة ا.بهجة
كون الارض ذات شكل كروي يعتبر حقيقة ثابتة بالكثير من الادلة تذكرها كتب مباديء الجيولوجيا والجغرافيا... وكون ان ابعاد الارض معروفة: نصف قطرها 6750كم ومحيطها الاستواءي اكثر من 43 الف كيلومتر وهو اكبر بقليل من محيطها المار بالقطبين فهي منبعجة عند خط الاستواء مما قد يجعل البعض يصفها بانها بيضاوية.. فهذه الحقايق لا ينكرها عاقل الا بدليل.

وهناك في الهندسة الفراغية فرق بين الكرة كشكل مجسم ثلاثي الابعاد وبين الدايرة كشكل مسطح ثناءي الابعاد... وكذلك فرق بين الجسم البيضاوي مثل البيضة ثلاثية الابعاد وبين الشكل الاهليلجي الذي يوصف خطاءا انه بيضاوي بل هو شكل ثناءي الابعاد... فالسؤال:
هل الارض ذات شكل مجسم (كروي ام بيضاوي)؟
ام انها ذات شكل مسطح (دايرة ام اهليلجي)؟
فما اجابتك؟ وهل انت من اعضاء جمعية الارض المسطحة؟

وقد ذكرت في مداخلتي السابقة امثلة واضحة ان الله سبحانه وتعالى قد سمح للبشر ان يعرفوا اشياء كثيرة مثل نوع الجنين وغيره.... واظن ان ابعاد الارض مما سمح الله لنا كبشر بمعرفته.... فلماذا نعود الى نقطة الصفر توهما ان فهم الاية ظاهريا يفيد ان الارض منبسطة بينما ما نراه منبسطا هو جزء صغير من محيطها المستدير ككرة او شكل مجسم... عموما لا ارى ان مستوى الحوار على موقع اهل التفسير يجب ان ينزل لهذا المستوى في انكار معطيات الحضارة البشرية التي قدمت لنا السيارة والصاروخ لارتياد الفضاء ونحن متقوقعين على فهم عقيم لظاهر اللفظ بالرغم من الشرح والدليل... هداكم الله الى الحق باذنه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي سعد كامل
لست ضد العلم البشري و لكن ضد أن يفسر العلم البشري العلم الالهي في اشياء صعب الوصول اليها.
فصناعة السيارات و الصواريخ من العلوم البشرية فلنا الحق في الخوض فيها لان البشر هو صانعها اما الارض فشيء اخر

و لا تخلط الاشياء ببعضها كما لك الحق أن تؤمن ان الارض كروية كما لي الحق أن أؤمن ان الله أعلم بشكلها.












و السلام
 
بسم1
قال تعالى{ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) }
وقال تعالى{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }
 
الاخت بهجة
اعتذر عن اي تعبير شديد اللهجة... فكل انسان حر في ان يتبنى اي فكرة طالما لا تخالف العقيدة الصحيحة.... واشكر الاستاذ علي سبيع على الاشارة للاية الكريمة (يكور الليل على النهار) فما معنى يكور هنا ان لم تكن الارض كروية؟

وكيف نفهم (الليل نسلخ منه النهار) ان لم تكن الارض كروية؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم



اتمنى من اخ علي السبيع أن يتوقف عن سلوكه الغير اللائق في عدة مشاركات لي من قبل و هذا اخر اشتراكي في مواضيعه و اتمنى ان يفعل ذلك أيضا في مواضيعي و اشتراكاتي ان شاء الله اما الاخ سعد كامل فعذرك مقبول ( اما تكوير الليل على النهار فليس له اي علاقة بشكل الارض ... فلعلى صديقك سبيع يرشدك بخوارقه!!!!)

و اخر كلامي في هذا الموضوع : الله اعلم بشكل الارض ....
و السلام
 
بسم1
الأخت|بهجة
من أجل الإخوة فى الله عز وجل والمعية فى مدارسة كتابة اعتذر عما اعتبرتيه إساءة وأوجه عنايتكم أننا لسنا أهل اختصاص وإن صح التعبير طلاب علم والمسائل التى يطرحها الإخوة ليست بالهينة وتحتاج لتحضير جيد قبل المشاركة ومع ذلك لسنا بمأمن من سهام النقد فنحن نتعرض لكتاب الله عز وجل بالتفسير وعندما يختل المعنى لن تستطيعى منع أحد من الرد عليك كما لك الحق فى الرد والتوجيه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخ علي السبيع
انا قصدت الإساءة( نقدك كان خارج عن محتوى الموضوع) في مواضيع اخرى ليس هنا و لكن ليس عليك شيء،فانا عفوت فلعله يكون فيه خير ....
ما هو تعريفك للارض ؟ و هل نحن في الارض او فوق الارض او على الارض

و شكرا
 
أستأذنكم في مداخلة ....... وردت آيات في القرآن الكريم عن الأرض ربما تسبب إشكالا ......وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ..... وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ........أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ ............. فهل الأرض مكورة مدحوة أم مسطحة ممهدة مستوية أم منقوصة الأطراف ؟؟؟؟؟؟ هذه الحالات للأرض لا تعارض بينها فهي أمور نسبية .... مدحوة مكورة خلقة الأرض بالنسبة للكواكب والشكل الخارجي ... مسطحة ممهدة بالنسبة لمن يمشي عليها ... منقوصة الأطراف اليابس بالنسبة للمياه ..... والله أعلم
 
أستأذنكم في مداخلة ....... وردت آيات في القرآن الكريم عن الأرض ربما تسبب إشكالا ......وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا ..... وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ........أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ ............. فهل الأرض مكورة مدحوة أم مسطحة ممهدة مستوية أم منقوصة الأطراف ؟؟؟؟؟؟ هذه الحالات للأرض لا تعارض بينها فهي أمور نسبية .... مدحوة مكورة خلقة الأرض بالنسبة للكواكب والشكل الخارجي ... مسطحة ممهدة بالنسبة لمن يمشي عليها ... منقوصة الأطراف اليابس بالنسبة للمياه ..... والله أعلم

بسم الله الرحمن الرحيم
يشرفني الاخ عبد المنصف لمرورك الكريم ... فنحن هنا فقط للمناقشة لعلنا نصل لشئ كما هو عليه و ليس كما نراه..... بدون الاعجاب بالاراء الشخصية بدون حق...
اريد القول أن كلمة مسطحة للارض كلمة باطلة هل تؤيد الفكرة او لا ؟
السبب: لا يوجد شيء مسطح الشكل الا الاشياء التي نراها فنقول واجهة الشيء مسطح و لكن ليس الشيء .....
كيف يكون الشيء مسطح و هو يتكون من ثلاث ابعاد ؟ ....هل اقتنعت اخي عبد المنصف اذا اقتنعت نكمل المناقشة و اذا لم تقتنع فاني انتظر منك برهان لجهلي ؟ لعلي أخطأت


جزاكم خيرا
 
وجزاكم الله خيرا أخت بهجة ...... وحاشا لله أن أصف أحدا بجهل فكلنا للعلم طلاب .. لكن أريد توضيحا أكثر لجملة .....كيف يكون الشيء مسطحا و هو يتكون من ثلاث أبعاد ؟ .... حتى أتبين وجهة نظرك
 
جزاكم خيرا اخ عبد منصف
احسنت كلنا للعلم طلاب فلا يوجد علم بشري دون جهل سابقه...

ان الله قال:
{ وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } سورة الغاشية

في القرآن جاءت كلمة سطحت فمن اين جاءت كلمة مسطحة ؟ و باي حق نطلق كلمة مسطحة للارض ؟


انتظر اشتراكك
 
السلام عليكم ... بداية أنا لا أري مشكلة في معنى الآية .. مسطحة جاءت من كلمة سطحت في الآية والتسطيح لغويا هو البسط والتمهيد وهذا ملاحظ فعلا فعند مشينا على الأرض نجدها ممهدة .... لذلك الأرض مسطحة بالنسبة لمن يمشي عليها كما ذكرت في أول تعليق .... فإذا سألت هل الأرض الآن نهار أم ليل ؟ فتكون الإجابة نهار بالنسبة لمن أشرقت عليهم الشمس وليل بالنسبة لمن غربت عنهم الشمس .... فهذه الآية لا تعارض بينها وبين فكرة كروية الأرض ... ثانيا معاني الكلمات في الرياضيات لا نهتم له كثيرا في التفسير لأن المعنى اللغوي هو المعول عليه فلا ينبغي أن ننظر إلى معاني كلمات القرآن رياضيا لأن اللغة العربية حمالة أوجه وتطبيق تعريف الكلمة في الرياضيات على الواقع أحيانا نتيجته خطأ فمثلا في الرياضيات أقصر مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم فإذا أردنا تطبيق النظرية على الواقع نجدها خطأ وأقصر مسافة بين نقطتين هو الخط المنحني ............. لكن لا يعني ذلك أن نفهم من كلمة مسطحة أن شكل خلق الأرض يشبه الكتاب وخصوصا أنه ثبت يقينا كروية الأرض
 
بسم1
أختى|بهجة
الأرض فى القرآن قد يراد بها اليابسة أو مكان أو بلدة قال تعالى{وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها} قَالَ قَتَادَةُ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّهَا مَكَّةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ فَارِسُ وَالرُّومُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: كُلُّ أَرْضٍ تُفْتَحُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.وتطلق ويراد بها ما فوق الأرض من ماء ويابس وما تحت الثرى وتطلق ويراد بها كوكب الأرض كاملا بغلافه الجوى لأنه جزءا منها ومرتبط بها بفعل الجاذبية وجاء وصف الأرض على إنها ممدودة مبسوطة مسطوحة وتم الإشارة إلى كرويتها كما تقدم فى صدر الدراسة وكانت هذه المسألة محل خلاف إلى أن رأى الناس كروية الأرض من خلال بث من القمر الصناعى اسبونتك السوفيتى سنة 1957 وذلك من خارج الغلاف الجوى.وبخصوص سؤالك هل نحن فى الأرض أم على الأرض
قال تعالى{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا }
قال تعالى{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ }
قال تعالى{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا }
قال تعالى{ وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا }
وجاءت فيى مواضع كثيرة (فى الأرض) منها قوله تعالى{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ}
وقوله تعالى{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
وقوله تعالى{ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} وقوله تعالى{ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }
يقول د|فاضل السمرائى:(ما من دابة في الأرض) كان يمكن في غير القرآن أن يقول ما من دابة على الأرض لماذا في الأرض الظرفية؟
في) جعلت كل ما في الأرض عليها أو تحتها في التراب أو في الماء صارت الأرض ظرفاً سواء على ظهرها أو في بطنها، في الغابات أو في البحار أو في رمال الصحراء أو في الجبال وغيرها فصارت الأرض ظرفاً. (على) توحي بما على السطح ولا يدخل فيها الباطن لكن لما يجعل الله تعالى الأرض ظرفاً والظرف هو الوعاء كله يدخل فيه. ولفظ دابة يستعملها العربي لما يدبّ على الأرض ولما يدب داخل الأرض يسميه دابة (النمل يدب: دبيب النملة السوداء) لكن إستعمال العربي توسع فيها بحيث صار يتكلم عن الحشرة في رمل الصحراء يسميها دابة، وعلى مايسبح في الماء يسميه دابة يقول في سرية من السرايا يقول: ألقى إلينا البحر بدابة بقينا نأكل منها أياماً (يبدو أنه حوت) سماها دابة وهذا من توسع المعنى. هذا في الأرض حتى تشمل كل ما تضمه الأرض.انتهى
أى أ ن{فى الأرض} أعم من {على الأرض}
وفى ضوء الرؤية النسبية الراصد من نقطة على الأرض يجد الناس يمشون على الأرض أو فوق سطحها أما الراصد من خارج الغلاف الجوى لايرى منا شيئا حتى لو كنا فى الطائرات فالغلاف الجوى يغطينا فيقول نحن نعيش فى الأرض .



 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم خيرا الاخ السبيعي و الاخ عبد المنصف

اني ارى أن الأرض التي تريد معرفتها الناسا و علوم الفلك و تريد تحديد شكلها هي فقط جزء من الأرض و لكن تسمى ايضا الارض و لكن ليست الارض ككل
*
شكل الارض مرتبط بمعنى الارض و لماذا سميت الارض ارضا
لان مفهوم الأرض التي تعتمد عليه هو مفهوم جاء من باب المادة اي الشيء الصلب ...!!!!
فالله هو الذي خلق الارض و اذا اردت ان تعرف ما معنى الارض فهو من القرآن و ليس من البشر

ان الارض مرتبطة بالصفة و ليس بالمادة



هل هذا صحيح ما افكر او أخطأت ؟؟؟؟
و السلام
 
الاخت بهجة
السلام عليكم
لقد احترت فعلا عند متابعة هذه القضية هنا فيما يخص ما تريدين الوصول اليه عن الارض.

في البداية فهمنا انك تريدين القول انها مسطحة ثم اكتشفنا انك تؤمنين انها ثلاثية الابعاد فانتهينا من هذه النقطة.

ثم هنا تقولين كلاما غير محدد بطريقة علمية عن ان الارض مرتبطة بالصفة وليس بالمادة، وجاء في اكثر من موضع في كلامك انه لا يعرف شكل الارض الا الله. (وهذا لا جدال فيه) لكن اظن انك تريدين توصيل معنى غريب عن الارض لا تستطيعين التعبير عنه بطريقة واضحة..... (ولقد حادت النقاشات عن اصل الحوار فيما يخص الرؤية النسبية.... وذلك يعتبر نقطة فرعية)... لكن جاءت نقطة النسبية في تعليق الاستاذ علي سبيع الاخير للتفريق بين الناظر على الارض يرانا نمشي عليها اما الناظر من خارج الغلاف الجوي يرانا في الارض.... وان قولنا "في الارض" اعم من "على الارض".

والان الى اين نتجه؟... وبعد النقاشات الكثيرة من متخصصين في علوم الارض (اهل الذكر العلمي) ومن متخصصين في التفسير (اهل الذكر الديني) ارجو تحديد عقدة الكلام حتى يتم خدمة القضية بطريقة علمية صحيحة ونصل فيها الى الحق المبين.

فقد جاء في المشاركة رقم ٣٠ قولك: "واخر كلامي في هذا الموضوع: الله اعلم بشكل الارض"

ثم في المشاركة رقم 39 تقولين: "شكل الارض مرتبط بمعنى الارض" و تقولين "اي الشيء الصلب" وتقولين "الارض مرتبطة بالصفة وليس بالمادة" ... ولولا انك ختمت تعليقك بقولك: "هل هذا صحيح ما افكر او اخطات؟؟؟".... لولا هذه الجملة الاخيرة التي تفيد انك تبحثين عن الحق لكان الكلام جدالا لا نهاية له.

فاقول كاستاذ في الجيولوجيا: اننا كعلماء نحتاج تعريف كل شيء حتى نستطيع وصفه بطريقة صحيحة.... فالارض (الكوكب) كرة من الصخر وزنها 6000 مليون مليون طن ولها اغلفة صخرية وماء وهواء وباطنها يتكون من طبقات كبيرة ومركزها يبعد عنا 6750كم اي ان قطرها حوالي 13 الف كيلومتر.

والارض (المادة) تتكون من مواد عناصر ومركبات صلبة او ساءلة او غازية والمواد الصلبة معادن (٢٤٠٠نوع) او صخور نارية او رسوبية او متحولة بانواع كثيرة ايضا.

اما الارض (الجسم) فهي مجسمة كروية او بيضاوية محيطها اكثر من 43 الف كيلومتر.... مما يجعل الواقف عليها يشعر انها مسطحة نظرا لانه يرى جزء صغير من سطحها الكبير.

هنا ارجو فضلا التدقيق فيما تستخدمينه من كلمات حتى يمكن تحديد نقطة نلتقي عندها على اساس علمي صحيح.... حيث ان معظم الكلمات الواردة في المشاركة 39 تعتبر كلمات غير دقيقة.... قد يكون المعنى الذي تريدين الوصول اليه صحيحا لكنه غير واضح فنرجو تحديده بدقة حتى يمكن الحكم ان كان ما تفكرين فيه صحيح ام لا.. مع العلم اننا في هذه القضية ليس بيننا وبين ناسا او علماء الفلك مشكلة فهم يصفون الاشياء على اساس علمي فالعلم الوصفي لا اختلاف فيه الا بدليل يفيد خطا ما تم وصفه.. والله اعلم.
 
الاخ سعد
بعد قراءتي على ردك الأخير اتضح أن ما اريد قوله لم يصلك رغم مجهودي ان اصله.......

اذا كان علماء الفلك يصفون الاشياء على أساس علمي فلماذا تقارنوه بما جاء في القرآن.
ارى علم الارض و السماوات مقترن بعلم الله فهل هم يؤمنون بالله ؟ لا اريدك ان ترد
فقط انسى الموضوع و شكرا على مجهوداتكم
 
المعاينة العندية - نسبية زاوية الرصد - في سياق الكلام عن شكل الأرض هي مما تكلم عنه العلماء قديما:
1) من مفاتيح الغيب لفخرد الرازي.
2) من مجموع الفتاوى لابن تيمية.


1. قال فخرالدين رحمه الله في تفسير الآية الثالثة من سورة الرعد:

اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَرَّرَ الدَّلَائِلَ السَّمَاوِيَّةَ أَرْدَفَهَا بِتَقْرِيرِ الدَّلَائِلِ الْأَرْضِيَّةِ، فَقَالَ {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ}.

وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِخَلْقِهِ الْأَرْضَ وَأَحْوَالَهَا مِنْ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الشَّيْءَ إِذَا تَزَايَدَ حَجْمُهُ وَمِقْدَارُهُ صَارَ كَأَنَّ ذَلِكَ الْحَجْمَ وَذَلِكَ الْمِقْدَارَ يَمْتَدُّ، فَقَوْلُهُ {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ } إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الْأَرْضَ مُخْتَصَّةً بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ الْحَاصِلِ لَهُ لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ كَوْنَ الْأَرْضِ أَزْيَدَ مِقْدَارًا مِمَّا هُوَ الْآنَ وَأَنْقَصَ مِنْهُ أَمْرٌ جَائِزٌ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ، فَاخْتِصَاصُهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِتَخْصِيصِ وَتَقْدِيرِ مُقَدِّرٍ.

الثَّانِي: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ: الْمَدُّ هُوَ الْبَسْطُ إِلَى مَا لَا يُدْرَكُ مُنْتَهَاهُ، فَقَوْلُهُ {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ} يُشْعِرُ بِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ حَجْمَ الْأَرْضِ حَجْمًا عَظِيمًا لَا يَقَعُ الْبَصَرُ عَلَى مُنْتَهَاهُ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ أَصْغَرَ حَجْمًا مِمَّا هِيَ الْآنَ عَلَيْهِ لَمَا كَمُلَ الِانْتِفَاعُ بِهِ.

وَالثَّالِثُ: قَالَ قَوْمٌ: كَانَتِ الْأَرْضُ مُدَوَّرَةً فَمَدَّهَا وَدَحَا مِنْ مَكَّةَ تَحْتَ الْبَيْتِ فَذَهَبَتْ كَذَا وَكَذَا. وَقَالَ آخَرُونَ: كَانَتْ مُجْتَمِعَةً عِنْدَ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، فَقَالَ لَهَا: اذْهَبِي كَذَا وَكَذَا.

اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا قُلْنَا: الْأَرْضُ مُسَطَّحَةٌ لَا كُرَةٌ، وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ احْتَجُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} وَهَذَا الْقَوْلُ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ أَنَّ الْأَرْضَ كُرَةٌ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ الْمُكَابَرَةُ فِيهِ؟

فَإِنْ قَالُوا: وَقَوْلُهُ {مَدَّ الْأَرْضَ} يُنَافِي كَوْنَهَا كُرَةً، فَكَيْفَ يُمْكِنُ مَدُّهَا؟

قُلْنَا: لَا؛ نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَرْضَ جِسْمٌ عَظِيمٌ، وَالْكُرَةُ إِذَا كَانَتْ فِي غَايَةِ الْكِبَرِ كَانَ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا تُشَاهَدُ كَالسَّطْحِ، وَالتَّفَاوُتُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّطْحِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا فِي عِلْمِ اللَّهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} فَجَعَلَهَا أَوْتَادًا مَعَ أَنَّ الْعَالَمَ مِنَ النَّاسِ يَسْتَقِرُّونَ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ هَاهُنَا.

الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا ذُكِرَتْ لِيُسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ، وَالشَّرْطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَمْرًا مُشَاهَدًا مَعْلُومًا حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ، وَكَوْنُهَا مُجْتَمِعَةً تَحْتَ الْبَيْتِ أَمْرٌ غَيْرُ مُشَاهَدٍ وَلَا مَحْسُوسٍ، فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ، فَثَبَتَ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْحَقَّ هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ.

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=132&surano=13&ayano=3


تعليق: قوله رحمه الله: "اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إِنَّمَا يَتِمُّ إِذَا قُلْنَا: الْأَرْضُ مُسَطَّحَةٌ لَا كُرَةٌ"، كلام غير صحيح من جهة أنه لا تعارض بين كونها كرة وكونها مسطحة، إذن قولهم يمكن أن يتم بالقولين معا، وذلك لعدة أسباب منها:

الأول: احتجاج الرازي ذاته بالمعاينة العندية عند قوله: "كَانَ كُلُّ قِطْعَةٍ مِنْهَا تُشَاهَدُ كَالسَّطْحِ".

الثاني: أن الشكل الكروي هو الشكل الهندسي الوحيد المسطح من جميع الجهات.

الثالث: أن "الأرض" مشترك لفظي، أي مما وضع لمعنيين فأكثر، فتعني الوطن - البلد، اليابسة، الكوكب، الجنة، الجزيرة - القارة، المرعى، التربة ...


2. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ (عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ مَخْلُوقَاتِهِ) فقال:

اعْلَمْ أَنَّ "الْأَرْضَ" قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا كُرَوِيَّةُ الشَّكْلِ وَهِيَ فِي الْمَاءِ الْمُحِيطِ بِأَكْثَرِهَا؛ إذْ الْيَابِسُ السُّدُسُ وَزِيَادَةٌ بِقَلِيلِ وَالْمَاءُ أَيْضًا مُقَبَّبٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلْأَرْضِ وَالْمَاءُ الَّذِي فَوْقَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا مِمَّا يَلِي رُءُوسَنَا وَلَيْسَ تَحْتَ وَجْهِ الْأَرْضِ إلَّا وَسَطُهَا وَنِهَايَةُ التَّحْتِ الْمَرْكَزُ؛ فَلَا يَكُونُ لَنَا جِهَةٌ بَيِّنَةٌ إلَّا جِهَتَانِ: الْعُلُوُّ وَالسُّفْلُ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الْجِهَاتُ بِاخْتِلَافِ الْإِنْسَانِ.

فَعُلُوُّ الْأَرْضِ وَجْهُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَأَسْفَلُهَا مَا تَحْتَ وَجْهِهَا - وَنِهَايَةُ الْمَرْكَزِ - هُوَ الَّذِي يُسَمَّى مَحَطَّ الْأَثْقَالِ فَمِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَالْمَاءُ مِنْ كُلِّ وُجْهَةٍ إلَى الْمَرْكَزِ يَكُونُ هُبُوطًا وَمِنْهُ إلَى وَجْهِهَا صُعُودًا وَإِذَا كَانَتْ سَمَاءُ الدُّنْيَا فَوْقَ الْأَرْضِ مُحِيطَةٌ بِهَا فَالثَّانِيَةُ كُرَوِيَّةٌ وَكَذَا الْبَاقِي. وَالْكُرْسِيُّ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ كُلِّهَا وَالْعَرْشُ فَوْقَ الْكُرْسِيِّ وَنِسْبَةُ الْأَفْلَاكِ وَمَا فِيهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُرْسِيِّ كَحَلْقَةِ فِي فَلَاةٍ وَالْجُمْلَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَرْشِ كَحَلْقَةِ فِي فَلَاةٍ.

وَالْأَفْلَاكُ مُسْتَدِيرَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ؛ فَإِنَّ لَفْظَ "الْفُلْكِ" يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِدَارَةِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي فَلْكَةٍ كَفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ. وَأَهْلُ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ.

http://library.islamweb.net/newlibr...tart=&idfrom=517&idto=525&bookid=22&Hashiya=4

و سُئِلَ شيخ الإسلام أيضا عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي "كَيْفِيَّةِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" هَلْ هُمَا "جِسْمَانِ كُرِّيَّانِ" ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُرِّيَّانِ؛ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ وَرَدَّهَا فَمَا الصَّوَابُ ؟؟

فَأَجَابَ: السَّمَوَاتُ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ: مِثْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي أَحَدِ الْأَعْيَانِ الْكِبَارِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ.

وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا دَلَائِلُ حِسَابِيَّةٌ.

وَلَا أَعْلَمُ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ إلَّا فِرْقَةٌ يَسِيرَةٌ مَنْ أَهْلِ الْجَدَلِ لَمَّا نَاظَرُوا الْمُنَجِّمِينَ فَأَفْسَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسِدَ مَذْهَبِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ وَالتَّأْثِيرِ خَلَطُوا الْكَلَامَ مَعَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي الْحِسَابِ وَقَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّجْوِيزِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْفُوا أَنْ تَكُونَ مُسْتَدِيرَةً لَكِنْ جَوَّزُوا ضِدَّ ذَلِكَ.

وَمَا عَلِمْت مَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَدِيرَةٍ - وَجَزَمَ بِذَلِكَ - إلَّا مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ مِنْ الْجُهَّالِ.

وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ: فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ. وَهَذَا صَرِيحٌ بِالِاسْتِدَارَةِ وَالدَّوَرَانِ وَأَصْلُ ذَلِكَ: أَنَّ " الْفَلَكَ فِي اللُّغَةِ " هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَدِيرُ؛ يُقَالُ تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ، وَيُقَالُ لِفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ الْمُسْتَدِيرَةِ فَلْكَةٌ لِاسْتِدَارَتِهَا.

فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ " الْفَلَكَ " هُوَ الْمُسْتَدِيرُ وَالْمَعْرِفَةُ لِمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ: مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ مِنْ السَّلَفِ وَمِنْ اللُّغَةِ: الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ.

وَقَالَ تَعَالَى {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} قَالُوا: وَ " التَّكْوِيرُ " التَّدْوِيرُ يُقَالُ: كَوَّرْت الْعِمَامَةَ وَكَوَّرْتهَا: إذَا دَوَّرْتهَا وَيُقَالُ: لِلْمُسْتَدِيرِ كَارَةٌ وَأَصْلُهُ " كورة " تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا. وَيُقَالُ أَيْضًا: " كُرَةٌ " وَأَصْلُهُ كُورَةٌ وَإِنَّمَا حُذِفَتْ عَيْنُ الْكَلِمَةِ كَمَا قِيلَ فِي ثُبَةٍ وَقُلَةٍ. وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. وَسَائِرُ أَحْوَالِ الزَّمَانِ تَابِعَةٌ لِلْحَرَكَةِ؛ فَإِنَّ الزَّمَانَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ؛ وَالْحَرَكَةُ قَائِمَةٌ بِالْجِسْمِ الْمُتَحَرِّكِ فَإِذَا كَانَ الزَّمَانُ التَّابِعُ لِلْحَرَكَةِ التَّابِعَةِ لِلْجِسْمِ مَوْصُوفًا بِالِاسْتِدَارَةِ كَانَ الْجِسْمُ أَوْلَى بِالِاسْتِدَارَةِ.

وَقَالَ تَعَالَى {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} وَلَيْسَ فِي السَّمَاءِ إلَّا أَجْسَامُ مَا هُوَ مُتَشَابِهٌ - فَأَمَّا التَّثْلِيثُ وَالتَّرْبِيعُ وَالتَّخْمِيسُ وَالتَّسْدِيسُ وَغَيْرُ ذَلِكَ: فَفِيهَا تَفَاوُتٌ وَاخْتِلَافٌ بِالزَّوَايَا وَالْأَضْلَاعِ - لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا تَفَاوُتَ؛ إذْ الِاسْتِدَارَةُ الَّتِي هِيَ الْجَوَانِبُ.


http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=676&idto=677&bk_no=22&ID=419
 
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لك اخ شايب ،،، استفدت بما كتبت ..
اني ارى هناك فئتين الاولى تقول ان الارض كروية و هناك فئة تقول ان الارض مسطحة و الغريب في الأمر أن الكروية هي المسطحة و المسطحة هي الكروية ......
هذا أن تكلمنا عن الأرض كمادة

جزاكم خيرا
 
عودة
أعلى