الذين أنعم عليهم

أحمد طاهري

Well-known member
إنضم
05/04/2021
المشاركات
328
مستوى التفاعل
49
النقاط
28
العمر
38
الإقامة
الجزائر
في سورة الفاتحة قوله تعالى : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴿ ٧ ﴾ )
من هم الذين أنعم الله عليهم ؟ وهل عبارة غير المغضوب عليهم تشير إلى أن الله راض عنهم أم أنها فقط إستثناء لليهود الذين هم مغضوب عليهم ؟
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ
​​​​ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
﴾ [الفاتحة: 6 - 7].
أرشد عباده إلى أن يسألوه الهداية إلى صراطه المستقيم، ثم بيَّن ذلك فقال: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفاتحة: 7]، فأوضح سبحانه أن الصراط المستقيم هو صراط المنعم عليهم، وهم الذين وفَّقهم الله للعلم والعمل، هم أهل العلم النافع والعمل الصالح، وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون المذكورون في سورة النساء في قوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]، هؤلاء هم المنعم عليهم، وهم أهل العلم والعمل الذين وفَّقهم الله، فعرَفوا الحق وعمِلوا به، وساروا عليه فصاروا بذلك موصوفين بهذا الوصف العظيم المنعم عليهم، ويدخل فيهم النبي صلى الله عليه وسلم والنبيون جميعًا، والرسل يدخل فيهم المؤمنون في كل أمة، ويدخل فيهم من يسمى بالمسلمين، فالمسلم أعم من المؤمن، وصراط المنعم عليهم هم الذين عرفوا الحق واستقاموا عليه، فاسأل ربك أن يهديك صراطهم؛ حتى تكون سائرًا في سبيلهم، وموافقًا لهم في طريقهم.



ثم استثنى المغضوب عليهم والضالين؛ لأنهم ليسوا كذلك، فالمغضوب عليهم عرفوا ولم يعملوا، فحادوا عن الطريق، والضالون جهلوا ولم يعلموا وتعبدوا على جهالة، فهؤلاء ليسوا من أهل الصراط المستقيم، ليس من المنعم عليهم، أما اليهود وأشباههم من علماء السوء؛ فلأنهم عرفوا ولم يعملوا، فلم يوفَّقوا للنعمة الكاملة، وأُعطوا نعمة ناقصة نعمة العلم دون العمل، نعوذ بالله، فصار حجة عليهم وصار وبالًا.

المصدر: تفسير ابن باز
 
شكراً لك أخي بهجة الرفاعي
متابعة للسؤال ، من المعروف في التفاسير أن المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى ، لكن غير المغضوب عليهم مختلفة عن غير صراط المغضوب عليهم فالأولى تعني حصولهم على الرضوان من الله والثانية تعني تجنب الطريق الذي يؤدي إلى الغضب من الله تعالى ، بإستعمال نفي النفي لتقريب المعنى تصبح صراط الذين أنعمت عليهم ممن هديتهم ورضيت عنهم ، فغير المغضوب عليهم لاتحتمل فقط إستثناء المغضوب عليهم لكنها أيضاً تشير إلى الرضى عنهم ، مثلما يقول الرجل لصاحبه لا أغضب عليك أبداً فهو يعني أنه راض عليه كفاية لكي لا يغضب منه ، فحصر التفسير في إستثناء اليهود والنصارى فيه تضييق للمعنى .
 
شكرا لك أيضا أخي الكريم
فهمت ما تقصده، و سؤالك جيد و مهم جزاك الله خيرا و لكن للأسف لست من أهل النحو لكي أفيدك كثيرا، و أرجوا من اخوان اللغة و النحو أن يشاركن في الموضوع لكي يستفاد منهم.....
عموما، فقد يتعدى الأمر أن يكون للإثنين للحال و للإستثناء في آن واحد و الله أعلم (اللون البنفسجي) فلهذا سأعطيك بعض المعلومات أثمنى أن تكون كافية لسؤالك:
معاني الزجاج
وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾، فَيُخْفَضُ ”غَيْرِ“، عَلى وجْهَيْنِ: عَلى البَدَلِ مِن ”اَلَّذِينَ“، كَأنَّهُ قالَ: ”صِراطَ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ“، ويَسْتَقِيمُ أنْ يَكُونَ ﴿غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾، مِن صِفَةِ ”اَلَّذِينَ“، وإنْ كانَ ”غَيْرِ“، أصْلُهُ أنْ يَكُونَ في الكَلامِ صِفَةً لِلنَّكِرَةِ، تَقُولُ: ”مَرَرْتُ بِرَجُلٍ غَيْرِكَ“، فَغَيْرُكَ صِفَةٌ لِـ”رَجُلٍ“، كَأنَّكَ قُلْتَ: ”مَرَرْتُ بِرَجُلٍ آخَرَ“، ويَصْلُحُ أنْ يَكُونَ مَعْناهُ: ”مَرَرْتُ بِرَجُلٍ لَيْسَ بِكَ“، وإنَّما وقَعَ هَهُنا صِفَةً لِـ”اَلَّذِينَ“، لِأنَّ ”اَلَّذِينَ“، هَهُنا لَيْسَ بِمَقْصُودِ قَصْدِهِمْ، فَهو بِمَنزِلَةِ قَوْلِكَ: ”إنِّي لَأمُرُّ بِالرَّجُلِ مِثْلِكَ فَأُكْرِمُهُ“، ويَجُوزُ نَصْبُ ”غَيْرِ“، عَلى ضَرْبَيْنِ: عَلى الحالِ، وعَلى الِاسْتِثْناءِ، فَكَأنَّكَ قُلْتَ: ”إلّاالمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ“، وحَقُّ ”غَيْرُ“، مِنَ الإعْرابِ في الِاسْتِثْناءِ النَّصْبُ، إذا كانَ ما بَعْدَ ”إلّا“ مَنصُوبًا، فَأمّا الحالُ فَكَأنَّكَ قُلْتَ فِيها: ”صِراطَ الَّذِينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ لا مَغْضُوبًا عَلَيْهِمْ“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا الضّالِّينَ﴾، فَإنَّما عَطَفَ بِـ”اَلضّالِّينَ“، عَلى ”اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ“، وِإنَّما جازَ أنْ يَقَعَ ”لا“، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَلا الضّالِّينَ﴾، لِأنَّ مَعْنى ”غَيْرِ“، مُتَضَمِّنٌ مَعْنى النَّفْيِ، يُجِيزُ النَّحْوِيُّونَ: ”أنْتَ زَيْدًا غَيْرُ ضارِبٍ“، لِأنَّهُ بِمَنزِلَةِ قَوْلِكَ: ”أنْتَ زَيْدًا لا تَضْرِبُ“، ولا يُجِيزُونَ: ”أنْتَ زَيْدًا مِثْلُ ضارِبٍ“، لِأنَّ زَيْدًا مِن صِلَةِ ”ضارِبٍ“، فَلا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ.

 
عودة
أعلى