الدِّرَاسَاتُ القُرْآنِيَّةُ المُعَاصِرَةُ بَيْنَ الحَاجَةِ وَ التَّرَفِ( 1- 2 )

إنضم
17/04/2003
المشاركات
71
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[grade="8B0000 FF0000 FF7F50"]الدِّرَاسَاتُ القُرْآنِيَّةُ المُعَاصِرَةُ بَيْنَ الحَاجَةِ وَ التَّرَفِ[/grade]
بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيْم
زُوّار شَبَكة التَّفسِيْر ...
روَّاد مُلْتَقَى أَهلِ التَّفْسِيْر ...
[align=center]السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ[/align]
تَحِيَّةً طَيِّبَةً ... وَ بَعْدُ

[align=justify][align=center]فمِّمَا يَسُرُّنِي كَثِيْراً أَنْ أَرَى فِيْ هَذَا المُلْتَقَى الرَّائِدِ مُتَّسَعاً مِنْ الأُفُقِ يَحْمِلُ لَنَا تَبَاشِيْرَ وِلاَدَةَ جِيْلٍ قُرْآنيٍ مُتَعَلِّمٍ وَ مُعَاصِرٍ ، وَ إِنَّمَا أَحْمِلُ هَذِهِ النَّظْرَةَ لِكَوْنِيْ مِنْ أَوَائِلِ المُنْتَسِبِيْنَ وَ المُشَارِكِيْنَ فِيْ هَذَا المُلتَقَى الرَّائِعِ ، وَ بَيْنَ فَيْنَةٍ وَ أُخْرَى أُطِلَّ مِنْ إِحْدَى النَّوَافِذِ فَأَرَى كَمّاً وَ كيْفاً مِن المَعْلُومَاتِ ، أَلْمَحُ مِنْ خِلاَلِهَا سُطُوْرَ الأَدَبِ وَ رُوْحَ المَحَبَّةِ ، كَمَا أَرَى مِن اللازِمِ بَياَنُهُ عَلَيَّ أَنْ أُشِيْدَ بِالاحْتِرَامِ المُتَبَادَلِ فِيْ الرُّدُوْدِ العِلْمِيَّةِ فِيْ سَائِرِ مَا يُطْرَحُ فِيْ سَابِقِهِ . [/align][/align]
[align=justify]إنني و إذ أشكر الجميع عَلَى صِدْقِهِم و إِخْلاصِهِم و بَذْلِهِم فليسمحوا لي بخَاطرٍ يَجْمُلُ بالقَلَمِ أن يَكْتُبَهُ ، و للرَّسْمِ أنْ يتَوَشَحَهُ ، مُسْتذْكراً مُقَارَبَة الحَوْلِيَّةِ فِي التَّأسِيس ، و لن أقُومَ بدور الوَصيَّ عَلَيهِ و لا المُقَوِّم لِسَاعِدَيْه ؛ بِقَدْرِ مَا هِيَ كَلِمَاتٌ تسْتَنِيْر بالوحيين لتلامسَ قُلُوبَ وَ وَاقِعَ النَّاس وَ مُهِمَّةَ المُصْلِحِيْن في هَذَا العَصْرِ ..[/align]
[align=justify]إنَّنِي أتسَائلُ – كَغَيْرِي – أَيْنَ الدِّرَاسَاتِ القُرآنِيَّة مْن بَيَان مُرَادِ اللهِ وَ كَلامِ اللهِ و شَرِيْعَةِ اللهِ و إيْصَالِهَا إلى واقِعِ النَّاسِ ، و إرواءِ غَلِيْلِهِمْ ، و شِفَاءِ عَلِيْلِهِم ؟[/align]
[align=justify] و في ذلِك فإنِّي أجِيْبُ – كأحَدِكُم ، إجابَةَ حَاضِرِ البَدِيْهَةِ - بكثيْرٍ من الدِّراسات التي تزْخَرُ بِهَا المكتَبَاتُ العامَّة و المَرَاكِزُ العِلْمِيَّةُ . و مَعَ ذَلِكَ فإنَّنِي أتَحفَّظ فيما يخصُّ الكتب التِّجَارِيَّة ؛ و أثَنِّي بالغِبْطَةِ إِزَاءَ الرسَائِلِ العِلْمِيَّةِ وَ البُحُوْثِ المُحَكَّمَةِ و التي تتناول واقِعَ النَّاسِ وَ حَيَاةَ النَّاسِ وَ حَاجَاتِ النَّاسِ .[/align]
[align=justify]إننا بحَاجَةٍ – أَهْلَ القُرْآنِ – إِلَى أَنْ نقرِّب كلامَ الله إلى الشَّارِديْنَ ، و أَنْ نحَبِّبَ كلامَ الله إلَى المُعْرِضِينَ ، وَ أنْ نبثَّ الطمأنِيْنَة فِي نُفُوْس المسْتَقِيْمِيْنَ ، و ليسَ في ذلكَ سوَى أن نَكْونَ للهِ ، وَ أن تخطَّ أقْلامُنَا لله ، وَ أن نَحْمِلَ – بأمَانَةٍ – كَلامَ الله .[/align]
[align=justify]ليسَ بِدْعاً من القَوْلِ أن سائر عُلومِ القُرآنِ وبحوْثِهَا وَ تَرَاجِمِهَا وَ مؤَلَّفَاتِهَا إِنَّمَا تخدِم – فِيْ النِّهَايَةِ - كلامَ الله و مُرَادَ اللهِ ، و لكن يَبْقَى كَلامُنَا و غَايَتُنَا فِي الأَثَرِ الذِيْ تحْمِلهُ نَبَضَاتُنَا ، و الغَايَةِ التِي تتَذَلَّلُ لَهَا آمَالُنَا .[/align]
[align=justify]إنَّ التَّخصُّصَ مَطْلَبٌ و الدِّرَاسَة التَّخَصُّصِيَّةَ أَكثَر فَائدةً وَ إلْحَاحاً ، و لكنَّ شَرفَ الانتمَاء وَ مَا ننتسبُ إلَيهِ يَجْعَلُنَا فِيْ حاجَةٍ إلَى تَوجِيْهٍ و توجُّهٍ أَشْمَلَ في استِيْعَابِ سَائِر العُلومِ من خِلالِ المَنْهَج وَ الحيَاة المتكَاملَة التي رَسَمَها الله لَنَا وَ صوَّرها القرآن الكريمُ في أبْهَى صوْرةٍ .[/align]
[align=justify]إنَّ سَائِرَ ما نكتُبُه – في الغالِبِ - هُو في الحقِيْقَةِ سِرُّ ما نَعْتَقِدُهُ ، وَ إذْ يَدُورُ بنا الحديث - في هذا الملتقى - فإن المرءَ لا يُسْألُ وَ لا يحَاسَبُ – أَدَباً – عَنْ سؤالٍ أو استفسَارٍ أو مدَاخَلَةٍ أو تعقيبٍ ؛ فهو هُنَا بين أيدي الصَّفوةِ من أهْلِ هَذَا الفَنِّ ، بَلْ وَ هَذِهِ فُرْصَةُ النَّاشِئِ وَ المُتَعلِّمِ وَ النَّاقِدِ ليُدْرِكَ شَأْوَ الضَّلِيْعِ فِيْهِ ، و يسْتَبِيْنَ طَرَائِقَ المُخْتَصِّيْنَ ، و مِنْ هَذا المُنْطَلَق فلا يَضِيْرُ تناول الشَّارِدِ و الوَارِدِ فِيْ هَذا الفن مَادَامَ أنَّ نَشْأَةَ المنْتَدَى لأجله ، وَ لَعَلَّ هَذا يُحَدِّدُ المَسْأَلَةَ أَكْثَر إِذْ يَبرُزُ لنَا الكَمُّ الهَائِل مِن المواضِيعِ و الدِّراسَاتِ التي طُرحَتْ في الغَالِبِ فِي أَروِقَة هَذا المُلْتَقَى ، وَ استفَادَ مِنْهَا الكَثِيْرُون و لعَلِّي مِنْ أَوَائِل المستفِيْدِين ، وَ يَبْقَى الأَهَمُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ : ما الذي اسْتَفَادَهُ العُمُومِ وَ الكَثِيْرِ مِن المطَّلِعيْن وَ الفِئَامُ مِن النَّاسِ مِنْ خِلالِ ما يُطرَحُ وُ يُتَنَاول وَ يُقَيَّدُ ؟ ! ! [/align]
[align=justify]و تحْدِيْدِيْ لتِلْكَ المَسْأَلَة يجْعَلُنِي مِنْ خِلاَلِهَا أَنْفُذُ إلى تَوسيْع الدَائرة في الدِّراسَاتِ القُرآنِيَّة المُعَاصِرَةِ وَ التي تملأُ الرفُوفَ وَ المَكْتَبَاتِ الخاصَّةِ أو العَامَّة – عَلَى حِدٍّ سَوَاءٍ – دُوْنَ أنْ يكُوْنَ لهَا أَثَرٌ فِيْ النَّاس هِدَايةً وَ دِلالَةً ، وَ مِن غيْرِ الإنْصَافِ أَنْ أتجَاهَل أَطْيَافاً مِنْ عنَاويْن التَّفْسِيْرِ المَوْضُوْعِي في الجَامِعَاتِ أو المَكْتَبَاتِ أَوْ المَرَاكِزِ و المَنْتَدَيَاتِ ، و لكنها قليلةٌ بالنَّسْبَةِ إِلَى الكَثْرَةِ الكاثِرَةِ فِي البحُوثِ التَّخَصُّصِيَّة ، والتي في غالِبِهَا تَخْدِمُ وَ تُفِيْدُ فئةً مُعَيَّنةً و ثُبَاتٍ مُتَفَرِّقَةً ؛ وَ لا تَثْرِيْبِ عَلَى أولئِكَ البَاحِثِيْنَ و المختَصِّيْنَ في دَقِيْقِ مسَائِلهِم وَ جَلِيْلِهَا فَكِلانَا لهَدَفٍ وَاحِدٍ وَ فِيْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ .[/align]
[align=justify]" أَفَلا يَنْبَغِي لَنَا أنْ نقَوِّم أَنْفُسَنَا قَبْلَ أنْ يَتَوَّلانَا الآخَرُونَ ، وَ أَنْ نُصَارِحَ أَنْفُسَنَا قَبْلَ أَنْ ينْتَقِدَنا الآخَرُونَ " كَتَبْتُ هذه الكلِمَةُ إذْ إنَّ مَعْنَاهَا يُقَالُ - في الجُمْلَةِ - لكُلِّ كَاتِبٍ وَ كُلِّ بَاحِثٍ ، وَ لَكِنْ فِي الدِّرَاسَاتِ القُرْآنِيَّة تَتَأخَرُ هَذِهِ الكَلِمةُ ، و يبقَى الهَمُّ الذِيْ يُشْغِلُ بَالَ الكَثِيْرِيْنَ : " مَوَازِيْنُ القَبُوْلِ أَكَادِيْمِيَّاً و تِجَارِيّاً " ، وَ عَذْرُهُم في الغَالب : " شُرُوطُ الجُمُودِ فِي الأقْسَامِ العِلْمِيَّة فِيْ المَرْجِعِيَّاتِ " و " قِلَّةُ الطَّلَبِ مِن النَّاشرِيْنَ و القُرَّاءِ " .[/align]
[align=justify]وَ عِنْدَ التَأمُّلِ فِيْمَا سَبَقَ يَنْبَغِيْ عَلَيْنَا أَلاَّ نَنْسَى مَا أَهَّلَنَا اللهُ تَعَالَى لَهُ فِيْ خِدْمَةِ كِتَابِهِ وَ التَّشَرُّفِ فِيْ الانْتِسَابِ إلَيْهِ ، وَ إِنَّ خِدْمَةَ كِتَابِ اللهِ – أَيّاً كَانَتْ – لَهُوَ شَرَفٌ لا يُمْكِنُ وَ لا يَجُوْزُ بِحَالٍ أَنْ نُنْقِصَ قَدْرَهَا أَوْ نَنَالَ فَضْلَهَا بِْشَيئٍ ؛ إِذَنْ فمَا الذِيْ نَطْلُبُهُ وَ نَرْجُوْه ؟ [/align]
[grade="DEB887 F4A460 A0522D D2691E"]وَلعَلِّي أَخْتَصِرُ المسَافَاتِ - إذْ إِنَّ الشَواغِلَ عِدَّة ، وَ سَيَكُوْنُ بمَشِيْئَةِ اللهِ حَلقَاتٌ تاليةٌ – فأقول : [/grade]-

1- أنَّ مَا نَكْتُبُهُ إنمَا هو مسجَّلٌ في صحيْفَةِ أعمالنَا ، فلا يَغِبْ عَنَّا هذا الأَمْرُ .

2- أنَّ واقعَ النَّاسِ و حَاجَاتِ النَّاسِ و هُمُومَ الخَلقِ واحِدةٌ من لدن آدم إلى قيام الناس ، فعواطفُ الناس و مشَاعِرُهُم ، و أخْلاقُهم وطباعُهُم وَاحِدةٌ ، تَتَأثر بالبيئة حولها ، ومن ثمَّ كانت المداولة بين الرسل و الأنبياء و أقوامهم و من تبلغه دعوتهم ، وأن تعدُّدَ الزمن و تباعد الفترات لا يغير من المبادئ و الأسس التي يسلكها الأنبياء و المصلحون ، فمهما اختلف الناس و المتَلَّقُوْنَ فإن الغاية واحدة و القبول بطرفيه واحد .

3- أننا في هذا الزمن بحاجة ماسَّةٍ إلى معرِفَة الأصول العامة التي يتّفِق عليها البشر للوصول مِنْ ثَمَّ إلى دعوة الخَلْقِ و إيصَال الرسالة السماوية - التي نحملها و نتشرَّفُ بالانتساب إليها – إلى الناس كافَّةً ، و استغلال هذا الجانب – المتفق عليه – للدخول فيما نريد دينٍ و عقيدة .

4- أن الحاجَّة تُلِّحُ بكثيرٍ من الدِّراساتِ المعاصرةِ و ربطها بالواقعِ ؛ حتى يستفيدَ منها جميعُ الأفرادِ و تتبناها المجتمعاتُ الصغيرةُ و الكبيرةُ .
وَ بَعْدُ ...
... أخي الكَرِيْم .. فإن ما كتبتُهُ يَدُوْرُ و يَشْغَلُ بالَ الكَثِيْرِينَ من المهْتَّمِيْنَ بهَذَا الفنِّ ، بل وَ سَائِر المُحبِّينَ ممن يتَأمَّلُون و يتعشَّمُون في منتدَانا الخَيْرَ و البَرَكة ..
و ما رقَمَه القَلمُ منْ صحَّةٍ و صوَابٍ فمنْ اللهِ و منَّته ، و ما قصَّر فيه الاسم و الرسْم من لغطٍ أو غلطٍ فمِنْ الشيْطانِ ، وَ مِن نفسْي المقصِّرةِ ، و أنسبُ الكمال لله تعالى وَحْدَهُ و العصمةَ لرسولِ الله عليه أفضَلُ الصَّلاةِ و أتمُّ التَّسْلِيْمِ .
أسألُ الله تعَالى أن يمنَّ علينَا برضْوَانِه ، و أن يشْمَلنَا بإحسَانِهِ ، و أنْ يَعمَّنا جميعاً ببرَكة القَصْدِ و التَّرْكِ ، و يفيْضَ علينَا صِحَّة القَولِ و العَمَلِ ، إنه سميْعٌ قريْبٌ مجيبُ الدعاء .
وصلَّى اللهُ وَ سَلَّمَ علَى نَبِيِّنَا محمَّدٍ وعَلَى آلِه وصَحْبِهِ وَ سلَّمَ تَسْلِيْماً كثيراً
و كتَبَهُ محبُّكُمْ : عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِح الخُضَيْرِي
 
شكر الله لكم يا فضيلة الشيخ ما تفضلتم به ، وأحسن إليكم لقاء هذه النصيحة الثمينة.
ولا شك أن ما تفضلتم به يمثل هماً مشتركاً عند من يحملون هم الإسلام عامة ، ونرجو بإذن الله أن يتمكن أعضاء هذا الملتقى مع مضي الوقت من كتابة دراسات وبحوث تفي بشيء من الغرض ، وفيما كتب من البحوث سداد من عوز لو كانت طبعت أو بعضها.
كم كنت أتمنى أن أتمكن أو أحد الأعضاء الكرام من قياس تجربة ملتقى أهل التفسير في عامه الأول قياساً منصفاً ، لنتمكن من سد الخلل ، وتدارك الفوات ، وقد هممتُ أن أفعل ولكن حال الجريضُ دون القريض !

أسأل الله لكم أيها الأخ الكريم التوفيق والسداد.
 
مقال ثمين رفع الله قدر كاتبه ، رفعته للفائدة والتذكير والتفكيرفي سبيل تفعيل مضمونه بطرق عملية
 
بارك الله فيك يا فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله الخضيري
الموضوع يحتاج لدراسة فردية خاصة لكل باحث وكاتب وقارئ ومتحدث ومستمع ...
 
عودة
أعلى