الدنيا مواقف : قصة في الإخلاص لله عز وجل

إنضم
18/07/2007
المشاركات
627
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center][frame="2 80"]

الدنيا مواقف : قصة في الإخلاص لله عز وجل

في تلاوة القرآن الكريم




روى لنا شيخنا المُعَمر ، المقرئ ، الشيخ : أبو منير ؛ محمد السيد إسماعيل ـ

حفظه الله وأمد في عمره ـ :

(أن السلطان : عبد الحميد العثماني (رحمه الله)



جمع كبار القراء من أقطار العالم الإسلامي ، وذلك في قصر يلدز ، (وهو قصر الخلافة العثمانية في

استنبول) وطلب السماع منهم ، وكان آخرهم قراءة :

المقرئ الشيخ : حسين موسى شرف الدين المصري الأزهري

(وهو أحد مشايخ شيوخ الشيخ محمد راوي القصة ؛ وقد ورد ذكرهما في شجرة القراء وكان مجاورا في المدرسة البادرائية بدمشق) وبعد أن أتم القراءة . صفقت زوجة السلطان من وراء الستارة : أن يقرأ آخر مقرئ مرة أخرى . ولما طلب السلطان من الشيخ إعادة القراءة ؛ غضب الشيخ وأبى قائلاً : (قرأنا لله ؛ ولا نقرأ لفلان ، وفلان) . أقول : كان هذا من الشيخ رحمه الله : بمثابة بيان عملي ؛ أن القرآن إنما أنزل للتدبر والتفكر ، وأن القارئ عليه أن يبتغي بتلاوته وجه الله ، فيتقرب به إليه سبحانه وتعالى ، لا إلى أحد سواه ، ولا يطلب الأجر والمكافئة إلا منه سبحانه وتعالى . خاف الشيخ رحمه الله من العجب ، وخاف من الرياء ، وخاف من الشهرة والسمعة ، كما أنه خاف أن تكون القراءة لغير الله ؛ ومن أجل فلان أو فلانة من الناس ؛ وهو المقرئ المجيد الذي اختاره الشيخ المقرئ : حافظ باشا من بين قراء الشام ليكون أول من يتلقى عنه القراءآت العشر الكبرى في البلاد الشامية ، في عصرنا ؛ وهو المصري المجاور في دمشق الشام (في غرفة صغيرة في المدرسة البادرائية) ، طاب له المقام ؛ فأقام ، وكان شيخ القراء في الشام .فوطن المسلم ديار الإسلام . رغم العوائق والحواجز.لا فضل لعربي على أعجمي ، ولا لأبيض على أسود ؛ إلا بالتقوى أو عمل صالح فالمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم ، هكذا :
[poem=font="Simplified Arabic,6,firebrick,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/16.gif" border="double,6,red" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

(وكلما ذكر اسم الله في بلد=عددت أرجائه من لب أوطاني)[/poem]

ونعود بعد هذا الاستطراد البسيط ، لنعيش مرة أخرى مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الطُّهُور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن ـ أو تملأ ـ مابين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) [مسلم : 1 / 203/ كتاب الطهارة ـ باب الوضوء ، والحديث برقم( 223 ) ].
 وقد أورد الإمام القرطبي ـ رحمه الله ـ في كتابه القيم التذكار في أفضل الأذكار أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : لا ينبغي لحامل القرآن أن يخوض مع من يخوض ، ولا يجهل مع من يجهل ولكن يعفو ويصفح لحق القرآن لأن في جوفه كلام الله . كما ذكر آداباً ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه بها نلخصها فيما يلي : ـ أن يخلص في طلبه لله جل جلاله ويأخذ نفسه بقراءة القرآن في ليله ونهاره ؛ في الصلاة وغيرها . وينبغي له أن يكون خائفا من ذنبه راجيا عفو ربه
 وينبغي له أن يكون حامدا لله ولنعمه شاكرا .
 وينبغي له أن يكون عالما بأهل زمانه . وينبغي أن يكون أهم أموره عنده الورع في دينه ، واستعمال تقوى الله عز وجل ، ومراقبته فيما أمره به ونهاه ثم أورد قول أعلم الصحابة رضي الله عنهم بكتاب الله عز وجل سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون ، وبنهاره إذ الناس مفطرون ، وببكائه إذ الناس يضحكون ، وبصمته إذ الناس يخوضون ، وبخشوعه إذ الناس يختالون ‘ وبحزنه إذ الناس يفرحون . ثم ذكر القرطبي ـ رحمه الله ـ البعد عن طرق الشبهات ، وذكر قلة الضحك ، والحلم والوقار ، والرفق والأدب ، والتجافي عن الدنيا ـ إن خاف على نفسه الفتنة ـ والتواضع للفقراء ، وترك المراء والجدال ؛ لتكون هذه من أخلاق صاحب القرآن. ثم قال (رحمه الله) :
 وينبغي أن يكون ممن يؤمن شره ، ويرجى خيره ويسلم ضره ، وأن لا يسمع من نم عنده ، يصاحب
من يعاونه على الخير ويدله على الصدق ومكارم الأخلاق ويزينه ولا يشينه ( انظر التذكار في أفضل الأذكار : 84 ـ 85 ) قال صلاح : وعليه أن يكون صمته فكر ، ونطقه ذكر ، ومزاحه حق ، وحديثه صدق وتوجيه وإرشاد ومعرفة .

 وبعد فيا أيها الأخ الحبيب : إذا أردت أن تكون في منجاة من أمرك فعليك أن تأخذ بهذا العلاج الذي يصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبينه لنا ؛ فيأمرنا صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن الكريم عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كيف لا وهو الذي أصغى لتلاوته سيد ولد آدم وحبيب رب العالمين رسولنا صلى الله عليه وسلم وفي هذا إشارة جلية إلى وجوب التلقي بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى جبريل ، إلى رب العزة جل جلاله . فليكن نصب أعيننا العمل الدءوب لحفظ كتاب الله عز وجل وتحصيل الإجازة التي هي مفخرتنا وعزنا في الدنيا والآخرة . والعمل بهذه التوجيات الكريمة من رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم حتى لايفوتنا القطار، ولكي نسبق الأمم ، دنيا وأخرى فلا عزة لنا ولا كرامة ؛ إذا ما كنا في منئًً عن كتاب الله عز وجل أوبعدنا عن نهجه ، أو خالفنا أمر ربنا جل جلاله فيه أو أننا ـ والعياذ بالله ـ سخرنا من حامل القرآن فوصفناه بما لا يليق من أوصاف ، أو استهزأنا به ، ففي كل هذا هلاك للفرد ودمار للأمة إذا رضيت طريق الذل والهوان ؛ وياللفوز بسعادة الدنيا ورضوان الله جل جلاله في الآخرة إذا ما تأدبنا بأدب هذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد . وأول حري بهذا الأدب ، القراء والمقرءون: أشراف الأمة ، الذين يحملون في صدورهم وبين جوانحهم هذه الأمانة

العظيمة
. [/frame]
[/align]
 
عودة
أعلى