الدعاء في التراويح دعوة للمناقشة

إنضم
26/02/2005
المشاركات
1,331
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
مصر
أحبائي في الملتقى :

هذه خواطر إيمانية وتباريح أردت أن أضعها على بساط البحث بين أيديكم لعلنا نفيد من أقوالكم وموثق مكتوبكم.

أليس من الخير الدعاء بجوامع الكلم بصفة عامة، وفي القيام وخطبة الجمعة بصفة خاصة ؟

أقول هذا لأنني أجد بعض الداعين يطيل في الدعاء { في الجمعة والقيام }حتى يمل الناس، متناسياً أن هذه تراويح وليست {طلوع روح}ومتناسيا ـ أيضا ـ أنه يصلى بالضعيف وبالمريض وبذي الحاجة ، وأنه بطول قنوته سيفقد في كل ركعتين مجموعة من المصلين، حتى إذا وصل إلى منتصف الشهر لم يجد إلا من يستره من خلفه فحسب.
صحيح لنا أن نقول هذه نافلة لمن شاء برغبته وشوقه، و يُتوسع فيها بما لا يتوسع في غيرها، ولكن لماذا لا نحرص على إفادة المسلمين بثواب النافلة كحرصنا على أداء الفريضة؟؟!

هذه واحده، أما الثانية : فما الذي يدعونا إلى الدعاء على الكافرين والملحدين والشيوعيين والعلمانيين لصب جام غضب السماء والأرض عليهم، بإغراقهم بحرا وتدميرهم برا وإسقاطهم جواً، وتجميد الدماء في عروقهم ... ....؟!

من وجهة نظري الدعاء لهم بالهداية أفضل من الدعاء عليهم لتجذير الضلال فيهم ثم محوهم ، صحيح قد قنت نوح عليه السلام وغيره من الأنبياء على كفار أقوامهم ، لكن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ توسم هداية قومه وأبى إطباق الجبلين عليهم ، ودعا لهم بالهداية لعل الله يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله .
يقول القرطبي:" " دعا نوح عليهم حين يئس من اتباعهم إياه. وقال قتادة: دعا عليهم بعد أن أوحى الله إليه: "أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن" [هود: 36] فأجاب الله دعوته وأغرق أمته؛ وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم منزل الكتاب سريع الحساب وهازم الأحزاب أهزمهم وزلزلهم). وقيل: سبب دعائه أن رجلا من قومه حمل ولدا صغيرا على كتفه فمر بنوح فقال: (احذر هذا فإنه يضلك). فقال: يا أبت أنزلني؛ فأنزله فرماه فشجه؛ فحينئذ غضب ودعا عليهم.
قال ابن العربي: "دعا نوح على الكافرين أجمعين، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم على من تحزب على المؤمنين وألب عليهم. وكان هذا أصلا في الدعاء على الكافرين في الجملة، فأما كافر معين لم تعلم خاتمته فلا يدعى عليه؛ لأن مآله عندنا مجهول، وربما كان عند الله معلوم الخاتمة بالسعادة. وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم بالدعاء عتبة وشيبة وأصحابهما؛ لعلمه بمآلهم وما كشف له من الغطاء عن حالهم. والله أعلم".


قلت: إن كان الدعاء على الكافرين له أصل في الجملة فلماذا لا نقول اهزمهم وانصرنا دون { وجع الدماغ في الصلاة بطول الدعاء عليهم }فخير الكلام ما قل ودل فإن زاد كان مثل الخل، كما إننا في حاجة إلى موازنة بين الدعاء للكافرين بالهداية ، والدعاء عليهم بالهزيمة لنكون مقسطين معتدلين؟

والنقطة الثالثة : لماذا لا نقول اللهم عافنا من المصائب كلها بدلا من المعافاة من المصيبة في الدين فحسب. وإن كان ذلك قد ثبت في صحيح السنة " اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا "فعلى العين والرأس. وتكون العلة أن المصيبة في الدين هي المصيبة برمتها.

فما قولكم يا أصحاب الملتقى المفتوح؟
 
[align=center]قال الصادق المصدوق سيد الأولين والآخرين وإمام الهدى والتقوى ورسول رب العالمين

صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :

( الدعاء هو العبادة )
[/align]
 
[align=justify][align=center]تَعُوُد على أن الأمر في سعة[/align]
( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) وطرق هذا الموضوع بهذه الكيفية يجريء العامة على الأئمة ولقد تجريء كما سمعت أحدهم على أحد أئمة الحرمين الشريفين وخاصمه في هذه المسألة واتهمه بالبدعة وكما قدمت فالأمر في سعة لقوله تعالى ( أمَّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) والله عز وجل نلجأ إليه في النوازل فنقنت في الصلوات الخمس ونعظم المسألة وأما عن الدعاء ...

فقد ورد في نظم الدرر عن تفسير قوله تعالى :

[ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57)

ولما ذكر تعالى تفرده بالخلق والأمر المقتضي لتفرده بالعبادة للتوجيه إلى تحصيل المعارف النفسانية والعلوم الحقيقية ، أمر بهذا المقتضى اللائق بتلك المعارف ، وهو الدعاء الذي هو مخ العبادة فقال : { ادعوا ربكم } أي الدائم الإحسان إليكم دعاء عبادة وخضوع { تضرعاً } أي تذللاً ظاهراً { وخفية } أي وتذللاً باطناً ، وقد أثنى على عبده زكريا عليه السلام فقال : { إذ نادى ربه نداء خفياً } [ مريم : 3 ] أي اجمعوا إلى خضوع الظاهر خضوع الباطن ، أي أخلصوا له العبادة ، إنه يحب المخلصين لأن تفرده بأن يدعى هو اللائق بمقام عز الربوبية ، والتذلل على هذه الصفة هو اللائق بمقام ذل العبودية ، وهذا هو المقصود من الدعاء لا تحويل العلم الأزلي ، وهو المقصود من جميع العبادات ، فإن العبد لا يدعو إلا وقد استحضر من نفسه الذل والصعب والحاجة ، ومن ربه العلم والقدرة والكفاية ، وهذا هو المقصود من جميع العبادات ، فلهذا كان الدعاء مخ العبادة ، وقد جمع هذا الكلام على وجازته كل ما يراد تحقيقه وتحصيله من شرائط الدعاء بحيث إنه لا مزيد عليه ، ومن فعل خلاف ذلك فقد تجاوز الحد ، وإلى ذلك أوماً بتعليله بقوله : { إنه لا يحب المعتدين* } أي المجاوزين لما أمروا به في الدعاء وغيره ، قالوا فالمعنى أن من ترك هذا لا يحبه الله ، أي لا يثيبه البتة ولا يحسن إليه ، فالآية من الاحتباك آخرها يدل على حذف ضده من صدرها ، وصدرها يدل على أنه حذف قبل الآخر : ولا تتركوا الإخلاص تكونوا معتدين .
ولما كان ذلك من الوفاء بحق الربوبية والقيام بحق العبودية مقتضياًَ للصلاح أمر بإدامته بالنهي عن ضده في قوله : { ولا تفسدوا } أي لا تدفعوا فساداً { في الأرض } أي بالشرك والظلم ، فهو منع من إيقاع ماهية الإفساد في الوجود ، وذلك يقتضي المنع من جميع أنواعه فيتناول الكليات الخمس التي اتفقت عليها الملل ، وهي الأديان والأبدان والعقول والأنساب والأموال { بعد إصلاحها } والظاهر أن الإضافة بمعنى اللام وهي إضافة في المفعول ، أي لا تدنسوها بفساد بعد أن أصلحها لكم خلقاً بما سوى فيها من المنافع المشار إليها بقوله { يغشي الليل النهار } [ الأعراف : 54 ] ، الدال على الوحدانية الداعي إلى الحق إقامة للأبدان ، وأمر بما أنزل من كتبه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام إقامة للأديان فجمع إلى الإيجاد الأول الإبقاء الأول .
ولما كان ذلك ربما اقتضى الاقتصار بكمال التذلل على مقام الخوف ، نفى ذلك بقوله { وادعوه خوفاً } أي من عدله؛ ولما كان لا سبب للعباد من أنفسهم في الوصول إليه سبحانه ، عبر بالطمع فقال : { وطمعاً } أي في فضله ، فإن من جمع بين الخوف والرجاء كان في مقام الإحسان وكأنه مشاهد للرحمن ، ما زجره زاجر الجلال بسياط سطوته إلا دعاه داعي الجمال إلى بساط رأفته ، ومن حاز مقام الإحسان كان أهلاً للرحمة { إن رحمت الله } أي إكرام ذي الجلال والإكرام لمن يدعوه على هذه الصفة ، وفخمها بالتذكير لإضافتها إلى غير مؤنث فيما قال سيبوية ، فقال : { قريب } وكان الأصل منكم ، ولكنه أظهر تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال : { من المحسنين* } .]

وفي أيسر التفاسير للجزائري :

[ (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) )

شرح الكلمات :
{ ادعوا ربكم } : سلوه حوائجكم والأخروية فإنّه ربّكم فلا تستحيوا من سؤاله .
{ تضرعاً وخفية } : أي حال كونكم ضارعين متذللين مخفي الدعاء غير رافعين أصواتكم به .
{ المعتدين } : أي في الدعاء وغيره والاعتداء في الدعاء أن يسأل الله ما لم تجر سنته بإعطائه أو إيجاده أو تغييره كأن يسأل أن يكون نبياً أو أن يرد طفلاً أو صغيراً ، أو يرفع صوته بالدعاء .
{ ولا تفسدوا في الأرض } : أي بالشرك والمعاصي بعد إصلاحها بالتوحيد والطاعات .
{ المحسنين } : الذين يحسنون أعمالهم ونياتهم ، بمراقبتهم الله تعالى في كل أحوالهم .
معنى الآيات :
لما عرّف تعالى عباده بنفسه وأنه ربهم الحق وإلههم ، وأنه الخالق الآمر المتصرف بيده كل شىء أمرهم إرشاداً لهم أن يدعوه ، وبين لهم الحال التي يدعونه عليها ، ليستجيب لهم فقال : { ادعوا ربكم تضرعاً } أي تذللاً وخشوعاً { وخفية } أي سراً جهراً ، ونهاهم عن الاعتداء في الدعاء حيث أعلمهم أنه لا يحب المعتدين ، والاعتداء في الدعاء أن يُدْعَى غير الله تعالى أو يدعى معه غيره ، ومنه طلب ذوات الأسباب بدون إعداد أسبابها ، أو سؤال ما لم تجر سنة الله به كسؤال المرء أن يكون نبياً أو يرد من كهولته إلى شبابه أو من شبابه إلى طفولته .
ثم بعد هذا الإِرشاد والتوجيه إلى ما يكملهم ويسعدهم نهاهم عن الفساد في الأرض بعد أن أصلحها تعالى والفساد في الأرض يكون بالشرك والمعاصي ، والمعاصي تشمل سائر المحرمات كقبل الناس وغصب أموالهم وإفساد زروعهم وإفساد عقولهم بالسحر والمخدرات وأعراضهم بالزنى والموبقات . ومرة أخرى يحضهم على دعائه لأن الدعاء هو العبادة وفي الحديث الصحيح « الدعاء هو العبادة » فقال : ادعوا ربكم أي سلوه حاجتكم حال كونكم في دعائكم خائفين من عقابه طامعين راجين رحمتة وبين لهم أن رحمته قريب من المحسنين الذين يحسنون نيّاتهم وأعمالهم ومن ذلك الدعاء فمن أحسن الدعاء ظفر بالإِجابة ، فثواب المحسنين قريب الحصول بخلاف المسيئين فإنه لا يستجاب لهم .
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
1- وجوب دعاء الله تعالى فإن الدعاء هو العبادة .
2- تبيان آداب الدعاء وهو : أن يكون الداعي ضارعاً متذللاً ، وأن يخفي دعاءه فلا يجهر به ، وأن يكون حال الدعاء خائفاً طامعاً ، وأن لا يعتدي في الدعاء بدعاء غير الله تعالى أو سؤال ما لم تجر سنة الله بإعطائه .
3- حرمة الإِفساد في الأرض بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها الله تعالى بالإِسلام .
4- الترغيب في الإِحسان مطلقاً خاصاً وعاماً حيث أن الله تعالى يحب أهله . ) ]
أما حديث ( الدعاء هو العبادة ) ففي كشف الخفاء :
- (الدعاء هو العبادة) رواه مسلم والطبراني عن ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير بلفظ الدعاء هو العبادة ، وقال الترمذي حسن صحيح.
أما حديث ( الدعاء مخ العبادة ) ففي كشف الخفاء : رواه الترمذي عن أنس .. وفي ضعيف الترمذي : عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء مخ العبادة ". (ضعيف بهذا اللفظ - الروض النضير 2 / 289 ، المشكاة 2231 (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 3003)). هذا حديث غريب من هذا الوجه. لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة.
بارك الله فيك أخي الفاضل د : خضر ونفع بنا وبكم وجزاك الله خيرا
[/align]
 
وبارك فيكم أخي الحبيب الأستاذ كرنبه ، ولاتزال النقاط التي أثرتُها محل بيان حيث أفدنا حقا من مداخلتك القيمة التي تبين فضل الدعاء وشروط الدعاء ... ولكن حتى الآن ما حررنا موطن النزاع مما جاء في المداخلة الأم ، وأنت مجزي على كل حال ، ولا أتصور أن إثارتي للموضوع تجريء العوام على أهل العلم خاصة أن مداخلتى أثيرها في مقام أهل العلم وأرباب التخصص فحسب فتدبر.
 
عودة
أعلى