عبدالعزيز الداخل
New member
- إنضم
- 26/11/2007
- المشاركات
- 429
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس: الصدق والإخلاص
الدرس الخامس: الصدق والإخلاص
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد:
فإن الصدق والإخلاص عملان جليلان من أعمال القلوب، بل لا تصح أعمال القلوب إلا بهما، إذ هما الفرقان بين النفاق والإيمان، وحد الامتياز بين الفائزين والخاسرين، وعليهما مدار الدين، وبهما يَنال العبد رضوان الله جل وعلا وحسن ثوابه في الدنيا والآخرة.
وبين الصدق والإخلاص تناسب بديع ، وتلازم عجيب، فهما أخوان لا يفترقان، وخليلان لصاحبهما ونعم الخليلان، ينقلانه من الضلال والشقاء والظلمات إلى النور الهدى والبركات، ويطهرانه من أوضار المعاصي ورجز الشيطان، ويسموان به عن دنوّ الهمة ولؤم الطباع ، وينزلانه منزلة أولي الزلفى والولاية؛ فيكون محبوباً مقرباً عند الله، وكان قبلهما على غير شيء؛ فأصبح بصحبتهما عظيماً في ملكوت السماء، ذا قلب سليم، وشأن عظيم، ودعاء مستجاب، ونور وفرقان، وعهود ووعود، وأعمال تجري، ودرجات ترتفع، وبركات تترى.
فطوبى لمن قرَّت عينه بصحبتهما، والخيبة والخسران لمن طردهما وأعرض عنهما.
فالإخلاص أن لا تشرك بالله شيئاً، وأن لا تريد بعملك إلا وجه الله.
والصدق أن تجمع همتك على إحسان العمل؛ فتكون صادق القول والعمل.
فصحة الإخلاص تستلزم وجود الصدق، والصدق يقتضي الإخلاص.
وقد عبَّر ابن القيم رحم الله عن التناسب بينهما بعبارة حسنة في مدراج السالكين فقال: (الإخلاص: توحيد المطلوب، وحقيقة الصدق: توحيد الطلب والإرادة، ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة؛ فهذه الأركان الثلاثة : هي أركان السير وأصول الطريق التي من لم يبن عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع وإن ظن أنه سائر؛ فسيره إما إلى عكس جهة مقصوده، وإما سير المقعَد والمقيَّد، وإما سير صاحب الدابة الجموح كلما مشت خطوة إلى قُدَّام رجعت عشرة إلى خلف. فإنْ عدم الإخلاص والمتابعة انعكس سيره إلى خلف، وإن لم يبذل جهده ويوحّد طلبه سار سير المقيد.وإن اجتمعت له الثلاثةُ فذلك الذي لا يجاري في مضمارِ سيرِه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).ا.هـ.
وقال أيضا: (ان للعبد مطلوباً وطلباً؛ فالإخلاص توحيد مطلوبه، والصدق توحيد طلبه؛ فالإخلاص أن لا يكون المطلوب منقسماً، والصدق أن لا يكون الطلب منقسما؛ فالصدق بذل الجهد، والإخلاص إفراد المطلوب).
فإن الصدق والإخلاص عملان جليلان من أعمال القلوب، بل لا تصح أعمال القلوب إلا بهما، إذ هما الفرقان بين النفاق والإيمان، وحد الامتياز بين الفائزين والخاسرين، وعليهما مدار الدين، وبهما يَنال العبد رضوان الله جل وعلا وحسن ثوابه في الدنيا والآخرة.
وبين الصدق والإخلاص تناسب بديع ، وتلازم عجيب، فهما أخوان لا يفترقان، وخليلان لصاحبهما ونعم الخليلان، ينقلانه من الضلال والشقاء والظلمات إلى النور الهدى والبركات، ويطهرانه من أوضار المعاصي ورجز الشيطان، ويسموان به عن دنوّ الهمة ولؤم الطباع ، وينزلانه منزلة أولي الزلفى والولاية؛ فيكون محبوباً مقرباً عند الله، وكان قبلهما على غير شيء؛ فأصبح بصحبتهما عظيماً في ملكوت السماء، ذا قلب سليم، وشأن عظيم، ودعاء مستجاب، ونور وفرقان، وعهود ووعود، وأعمال تجري، ودرجات ترتفع، وبركات تترى.
فطوبى لمن قرَّت عينه بصحبتهما، والخيبة والخسران لمن طردهما وأعرض عنهما.
فالإخلاص أن لا تشرك بالله شيئاً، وأن لا تريد بعملك إلا وجه الله.
والصدق أن تجمع همتك على إحسان العمل؛ فتكون صادق القول والعمل.
فصحة الإخلاص تستلزم وجود الصدق، والصدق يقتضي الإخلاص.
وقد عبَّر ابن القيم رحم الله عن التناسب بينهما بعبارة حسنة في مدراج السالكين فقال: (الإخلاص: توحيد المطلوب، وحقيقة الصدق: توحيد الطلب والإرادة، ولا يثمران إلا بالاستسلام المحض للمتابعة؛ فهذه الأركان الثلاثة : هي أركان السير وأصول الطريق التي من لم يبن عليها سلوكه وسيره فهو مقطوع وإن ظن أنه سائر؛ فسيره إما إلى عكس جهة مقصوده، وإما سير المقعَد والمقيَّد، وإما سير صاحب الدابة الجموح كلما مشت خطوة إلى قُدَّام رجعت عشرة إلى خلف. فإنْ عدم الإخلاص والمتابعة انعكس سيره إلى خلف، وإن لم يبذل جهده ويوحّد طلبه سار سير المقيد.وإن اجتمعت له الثلاثةُ فذلك الذي لا يجاري في مضمارِ سيرِه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).ا.هـ.
وقال أيضا: (ان للعبد مطلوباً وطلباً؛ فالإخلاص توحيد مطلوبه، والصدق توحيد طلبه؛ فالإخلاص أن لا يكون المطلوب منقسماً، والصدق أن لا يكون الطلب منقسما؛ فالصدق بذل الجهد، والإخلاص إفراد المطلوب).
ومن جمع الصدق والإخلاص فقد نصح لله ورسوله، وبذلك يكون من المحسنين، وهذه غاية مطالب السالكين.
تفكروا في قول الله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم}
وانظروا كيف بلغت النصيحة لله ورسوله بهؤلاء الصادقين المخلصين مرتبةَ المحسنين على ضعفهم ومرضهم وفقرهم، بل الله كتب لهم بهذه النصيحة أجر المجاهدين كما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما رجع من غزوة تبوك، ودنا من المدينة قال: (( إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً، إلا كانوا معكم )). قالوا: يا رسول الله! وهم بالمدينة؟!! قال: (( وهم بالمدينة، حبسهم العذر )) .
تفكروا في قول الله تعالى: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم}
وانظروا كيف بلغت النصيحة لله ورسوله بهؤلاء الصادقين المخلصين مرتبةَ المحسنين على ضعفهم ومرضهم وفقرهم، بل الله كتب لهم بهذه النصيحة أجر المجاهدين كما ثبت في صحيح البخاري وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما رجع من غزوة تبوك، ودنا من المدينة قال: (( إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً، إلا كانوا معكم )). قالوا: يا رسول الله! وهم بالمدينة؟!! قال: (( وهم بالمدينة، حبسهم العذر )) .
فالمراد بالمحسنين في هذه الآية الضعفاء والمرضى والذين لا يجدون ما ينفقون بشرط أن يكونوا ناصحين لله ولرسوله.
ويخطئ من يظنُّ أن المراد بالمحسنين في هذا الموضع الأغنياء، بل الأغنياء الذين يتخلفون عن مواضع وجوب الإنفاق مسيئون غير محسنين كما قال الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء}
وقد شاع في كتب فقهاء المذاهب الاستدلال بهذه الآية على عدم الإلزام بالعقود التي يرتفق بها كعقد الكفالة والضمان والقرض فيقال لمن أبى: لا إلزام عليه لقول الله تعالى:{ما على المحسنين من سبيل}، وفي هذا الاستدلال نظر كبير.
وأقبح منه أن يستدل به المرء لنفسه على ترك قربة قد تكون فرض كفاية فيمتنع عنها ويستدل بهذه الآية وهو قادر لا يحول بينه وبينها إلا آفات النفس وعللها من الشح وغيره؛ فهذا مع ما فيه من تزكيته لنفسه بالإحسان وهو ممتنع عنه ففيه تحريف لمعنى الآية عما أنزلت عليه.
وأحسن أحواله أن لا يكون مؤاخذاً بامتناعه لقيام الفرض بغيره ممن وفقهم الله له لما قعد عنه، أما أن يستدل بالآيات على قعوده عن الإحسان فاستدلال خاطئ.
ولو كان المرء ناصحاً لله لما تأخر عن قربة يسر الله له السبيل إليها؛ إلا أن يمنعه عنها الانصراف إلى خير منها فحينئذ يشمله معنى الإحسان ويصح له الاستدلال بهذه الآية باعتبار ما في قلبه من النصيحة لله ورسوله.
فالنصيحة شأنها عظيم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).
قال محمد بن نصر المروزي في آية التوبة: (فسماهم محسنين بنصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم، وقد تُرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات، ولا يرفع عنه النصح لله ولو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا غيره غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه).ا.هـ.
ويخطئ من يظنُّ أن المراد بالمحسنين في هذا الموضع الأغنياء، بل الأغنياء الذين يتخلفون عن مواضع وجوب الإنفاق مسيئون غير محسنين كما قال الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء}
وقد شاع في كتب فقهاء المذاهب الاستدلال بهذه الآية على عدم الإلزام بالعقود التي يرتفق بها كعقد الكفالة والضمان والقرض فيقال لمن أبى: لا إلزام عليه لقول الله تعالى:{ما على المحسنين من سبيل}، وفي هذا الاستدلال نظر كبير.
وأقبح منه أن يستدل به المرء لنفسه على ترك قربة قد تكون فرض كفاية فيمتنع عنها ويستدل بهذه الآية وهو قادر لا يحول بينه وبينها إلا آفات النفس وعللها من الشح وغيره؛ فهذا مع ما فيه من تزكيته لنفسه بالإحسان وهو ممتنع عنه ففيه تحريف لمعنى الآية عما أنزلت عليه.
وأحسن أحواله أن لا يكون مؤاخذاً بامتناعه لقيام الفرض بغيره ممن وفقهم الله له لما قعد عنه، أما أن يستدل بالآيات على قعوده عن الإحسان فاستدلال خاطئ.
ولو كان المرء ناصحاً لله لما تأخر عن قربة يسر الله له السبيل إليها؛ إلا أن يمنعه عنها الانصراف إلى خير منها فحينئذ يشمله معنى الإحسان ويصح له الاستدلال بهذه الآية باعتبار ما في قلبه من النصيحة لله ورسوله.
فالنصيحة شأنها عظيم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة).
قال محمد بن نصر المروزي في آية التوبة: (فسماهم محسنين بنصيحتهم لله بقلوبهم لما منعوا من الجهاد بأنفسهم، وقد تُرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات، ولا يرفع عنه النصح لله ولو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ولا غيره غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه).ا.هـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (يكثر في كلام مشايخ الدين وأئمته ذكر الصدق والإخلاص حتى يقولون: قل لمن لا يصدق لا يتبعني، ويقولون: الصدق سيف الله في الأرض ما وضع على شيء إلا قطعه، ويقول يوسف بن أسباط وغيره: ما صدق اللهَ عبدٌ إلا صنع له، وأمثال هذا كثير).
وقال أيضاً: (والله سبحانه يقرن في كتابه بين الشرك والكذب كما يقرن بين الصدق والإخلاص).
وقال في موضع آخر: (المشايخ العارفين اتفقوا على ان أساس الطريق إلى الله هو الصدق والاخلاص كما جمع الله بينهما فى قوله { واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به } ونصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة دال على ذلك فى مواضع).
وقال ابن القيم رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفاً} : (فحنيفا هو حال مقررة لمضمون قوله: {فأقم وجهك للدين} ولهذا فسرت مخلصاً، فتكون الآية قد تضمنت الصدق والإخلاص؛ فإن إقامة الوجه للدين هو إفراد طلبه بحيث لا يبقى في القلب إرادة لغيره، والحنيف المفرِد لا يريد غيرَه؛ فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإفراد أن لا ينقسم مطلوبك، الأول: توحيد الطلب، والثاني: توحيد المطلوب)ا.هـ.
وقد ذُكِرَ للإمام أحمد الصدق والإخلاص فقال: (بهذا ارتفع القوم). أورده أبو يعلى في طبقات الحنابلة وابن مفلح في الآداب الشرعية.
وقال أيضاً: (والله سبحانه يقرن في كتابه بين الشرك والكذب كما يقرن بين الصدق والإخلاص).
وقال في موضع آخر: (المشايخ العارفين اتفقوا على ان أساس الطريق إلى الله هو الصدق والاخلاص كما جمع الله بينهما فى قوله { واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به } ونصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة دال على ذلك فى مواضع).
وقال ابن القيم رحمه الله في تفسير قول الله تعالى: {فأقم وجهك للدين حنيفاً} : (فحنيفا هو حال مقررة لمضمون قوله: {فأقم وجهك للدين} ولهذا فسرت مخلصاً، فتكون الآية قد تضمنت الصدق والإخلاص؛ فإن إقامة الوجه للدين هو إفراد طلبه بحيث لا يبقى في القلب إرادة لغيره، والحنيف المفرِد لا يريد غيرَه؛ فالصدق أن لا ينقسم طلبك، والإفراد أن لا ينقسم مطلوبك، الأول: توحيد الطلب، والثاني: توحيد المطلوب)ا.هـ.
وقد ذُكِرَ للإمام أحمد الصدق والإخلاص فقال: (بهذا ارتفع القوم). أورده أبو يعلى في طبقات الحنابلة وابن مفلح في الآداب الشرعية.
وفي هذه الإشارة كفاية في التنويه.