الدراية حاكمة على الرواية

إنضم
09/06/2009
المشاركات
94
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
بنغازي
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=justify]نقل القرآن الكريم له جناحان لا بد منهما : الرواية والدراية ، والمقصود بالرواية مشافهة القارئ لقارئ آخر يرتفع سنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يسمع منه القراءة ويعرض عليه ويقرَّه على قراءته ، أو في الأقل يعرض عليه فحسب مع الإقرار . والمقصود بالدراية معرفة قوانين العربية التي منها أحكام التجويد ونصوص الكتب في اختلاف الأئمة التي هي مصنفات القراءات ، وما يلتحق بها من رسم وضبط وفواصل .
والغرض الأصيل من الرواية في قراءة القرآن الكريم معرفة كيفيات النطق وإتقانها مما لا تحيط به العبارة ، بدءًا من لفظ الحروف والحركات إلى ضبط أحوالها من تفكيك وإدغام ، وإخفاء وتبيين ، وتحريك وتسكين ، وتسهيل وتحقيق ، وتفخيم وترقيق ، وتمييل وتقليل ، وروم وإتمام ، وإخلاص وإشمام .
والغرض الأصيل من الدراية التفقه في هذا المنطوق بمعرفة القواعد التي ينبني عليها ، والأصول التي يرجع إليها ، معرفةً نظرية محيطة به من كل جهاته ، صوتًا وصرفًا ونحوًا وكتابًا واختلافًا واتفاقًا .
وهكذا وصل إلينا القرآن الكريم محفوظًا في الصدور ، متلوًّا بالألسنة ، مسموعًا بالآذان ، ووصل إلينا مرسومًا في المصاحف ، مبينة أحكام نقله ، وحقائق نظمه ، في مصنفات العربية والقراءة والرسم .
وكلا الطريقين الرواية والدراية مرجعه النقل ، والفرق بينهما أن الرواية نقل عملي باللقاء والرؤية والسماع والعرض ، وأن الدراية نقل علمي بالنص والتأصيل والتقعيد والقياس .
ولهذا اشترطوا في القراءة الصحيحة أن يجتمع لها شهادتان : ثبوت الرواية ، وذلك صحة السند ، وإقرار الدراية ، وذلك موافقة الرسم والعربية .
وكما يكون العمل مضبوطًا بقواعد يرجع إليها ، ومقيدًا بطرق يسير فيها ، ومحكومًا بقوانين يُعرَض عند التنازع أو الخطأ عليها - تكون الرواية مضبوطة بقواعد الدراية ، مقيدةً بنظامها ، محكومة بقوانينها ، راجعة عند التنازع أو الخطأ إلى أحكامها .
لأن الرواية بمعناها الذي شرحته غير معصومة من الخطأ ، ويمكن أن يشيع الخطأ ويُنقل ويتطاول أزمنةً ، ولا يقوِّمها إلا الرجوع إلى كتاب مكتوب ، وعلم مكنوز ، وذكر محفوظ ، قد نقله الأئمة ، ودراه الوعاة ، وسطره في مصنفاتهم الرواة ، كما يرجع التالي عند نَسْيه إلى مصحفه ، وعند سهوه إلى كتابه ، فالضعف يُقوَّى بالذكر ، والخطأ يُقوَّم بالعلم ، والنسيان يُكمَّل بالكتاب .
فإذا تعارضت الرواية والدراية ، وتناقضتا تناقضًا بينًا صريحًا - كان هذا دليلاً على أن المعمول به خطأ ، وأن المقروء به لحن ، فيؤخذ حينئذ بالنص والفقه فيه ، فإن لم يكن ذلك بأن تمسك القارئ بما هو عليه مخالفًا للقواعد والأصول والنصوص - لم يكن لهذه القواعد والأصول والنصوص معنى ، وكان عدمها كوجودها ، وبطلت العلوم ، وسقطت الكتب ، وعُطلت النصوص .
وهذا الذي شرحته ليس بدعًا من القول ، ولا محدثًا من الرأي ، ولا جديدًا من المذهب ، بل هو ما تدل عليه أقاويل العلماء ، وتشير إليه شروح الأئمة ، وتنبئ به سطور الكتب . ولولا قلة الفراغ ، وزحمة الأعمال ، وانشغال البال - لاستقصيتها لك ، وأحضرتها إليك ، وعرضتها عليك ، فترى فيها علمًا راسخًا ، وفقهًا راشدًا ، ونظرًا ثاقبًا ، ونصحًا بليغًا . وسأنقل لك ما تيسر منه وأعلق خلاله بين قوسين ، أو بعده .[/align]
[align=center]قال ابن مجاهد ( -324 ) :[/align]
[align=justify]" وحملة القرآن متفاضلون في حمله ، ولنقل الحروف منازل في نقل حروفه ...
1- فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات ، العارف باللغات ومعاني الكلمات ، البصير بعيب القراءات ، المنتقد للآثار ، فذلك الإمام الذي يَفْزَع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين .
( هذا القسم الأول هو ما ينعتونه بالإمام الكامل ، الذي يروي ويدري ، وينقل ويفقه ، فيطير بجناحين ، وينظر بعينين ، ويمسك بيدين ، ويمشي على رجلين ، ينتقد ما يرويه ، ويُبصر عيب ما يصل إليه ، بعلمه بالعربية واللغة ، وخبرته بطرق القراءة ) .
2- ومنهم من يعرب ولا يلحن ، ولا علم له بغير ذلك ، فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ، ولا يقدر على تحويل لسانه ، فهو مطبوع على كلامه .
( هذا القسم الثاني لا وجود له في هذه الأيام ، وهو صاحب السليقة العربية الخالصة ، لم تكدرها العجمة ، ولم تشُبها الهجنة ، ولم يخالطها اللحن ، وقد كان يوجد على أيام ابن مجاهد ، أواخر القرن الثالث ، وأوائل القرن الرابع ) .
3- ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم ، لا يعرف الإعراب ولا غيره ، فذلك الحافظ ، فلا يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده ، فيضيِّع الإعراب لشدة تشابهه وكثرة فتحه وضمه وكسره في الآية الواحدة ؛ لأنه لا يعتمد على علم بالعربية ، ولا بصر بالمعاني يرجع إليه ، وإنما اعتماده على حفظه / وسماعه ، وقد ينسى الحافظ فيضيِّع السماع ، وتشتبه عليه الحروف ، فيقرأ بلحن لا يعرفه ، وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه ، وعسى أن يكون عند الناس مصدَّقا فيحمل ذلك عنه ، وقد نسيه ووهم فيه ، وجَسَر على لزومه والإصرار عليه . أو يكون قد قرأ على من نسي وضيع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهم ، فذلك لا يُقَلَّد القراءة ، ولا يحتج بنقله .
( هذا القسم الثالث هو من ينقل بلا فقه ، ويروي بلا دراية ، لا يؤمن عليه النسيان والخطأ ، ولا يؤمن عليه الإصرار عليه ، واللجاج فيه ، وأخذ الناس عنه بلا بصيرة ) .
4- ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ، ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار ، فربما دعاه بصره بالإعراب أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعًا " . انتهى . ( السبعة ص 45-46 ) .
هذا القسم الرابع هو من له بعض الدراية لا جميعها ، فله علم بالعربية ، ولا علم له بالاختلاف وطرقه ، وما ثبت منه وما لم يثبت ، وما صح منه وما لم يصح ، فربما ابتدع ، وقرأ بلا أثر أو سند أو ثبوت . وفي مثل هذا المقام يقال : القراءة سنة متبعة ، واقرؤوا كما علمتم .
موضع الشاهد في كلامه على القسم الأول ، إذ فضله على الأقسام الأخرى ، ووصفه بأنه المنتقد للآثار بعلمه وبصره .[/align]
[align=center]وقال الداني ( -444 ) :[/align]
[align=justify]" وقراء القرآن متفاضلون في العلم بالتجويد ، والمعرفة بالتحقيق ، فمنهم من يعلم ذلك قياسًا وتمييزًا ، وهو الحاذق النبيه ، ومنهم من يعلمه سماعًا وتقليدًا ، وهو الغبي الفهيه ، والعلم فطنة ودراية آكد منه سماعًا ورواية ، فللدراية ضبطها ونظمها ، وللرواية نقلها وتعلمها ، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم " . ( التحديد ص 67 ) .
الشاهد في جعله الدراية آكد من الرواية ؛ لأنها الضابطة لها ، المبصِّرة بها ، الحاكمة عليها .
وشبه هذا النص في كتاب الرعاية لـ[/align]
[align=center]مكي بن أبي طالب ( -438 )[/align]
[align=justify]وإنما قدمت نقله عن الداني لأنه صُدِّر في كتابه بالقول : قال أبو عمرو ، ونسبه مكي إلى غيره ممن تقدم ، مع أن مكيًّا أسن بست عشرة سنة ، والله أعلم .
قال مكي : " وقد وصف من تقدمنا من علماء المقرئين القراء فقال : القراء يتفاضلون في العلم بالتجويد ، فمنهم من يعلمه رواية وقياسًا وتمييزًا ، فذلك الحاذق الفطن ، ومنهم من يعرفه سماعًا وتقليدًا ، فذلك الوهِن الضعيف ، لا يلبث أن يشك ويدخله التحريف والتصحيف ، إذ لم يبن على أصل ، ولا نقل عن فهم . قال : فنقل القرآن فطنة ودراية أحسن منه سماعًا ورواية . قال : فالرواية لها نقلها ، والدراية لها ضبطها وعلمها . قال : فإذا اجتمع للمقرئ النقل والفطنة والدراية وجبت له الإمامة ، وصحت عليه القراءة ، إن كان له مع ذلك ديانة " ( الرعاية 89-90 ) .[/align]
[align=center]وقال ابن الباذش ( -540 ) :[/align]
[align=justify]" لكن ليس من أينعت له أيكة العلم فهو يهدِب ، كمن اقتصر على رواية إليها يَنتدب ، ذلك تمتع بالجنى ، وتصرف بين اللفظ والمعنى ، ودنا فتدلى ، وكشف له عن أسراره فاجتلى . وهذا خازن أمين أدى ، وظَرْف باطنه عَرْف نضح بما فيه وأندى ، فحسبك منه ما بدا ، وأن تجد على النار هدى " . ( الإقناع 1/47 ) . يهدب : يجني الثمر ، ينتدب : يتبع ويستجيب . عَرْف : رائحة .[/align]
[align=justify]الشاهد في المفاضلة بين النوعين ، وتفضيل الأول .[/align]
[align=center]وقال المرعشي ( -1150 ) :[/align]
[align=justify]" لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء كثير من شوخ الأداء ، والشيخ الماهر الجامع بين الرواية والدراية ، المتفطن لدقائق الخلل في المخارج والصفات - أعز من الكبريت الأحمر . فوجب علينا ألا نعتمد على أداء شيوخنا كل الاعتماد ، بل نتأمل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفن ، ونقيس ما سمعنا من الشيوخ على ما أودع في الكتب ، فما وافقه فهو الحق ، وما خالفه فالحق ما في الكتب " . ( هذا النص في جهد المقل ، وقد غاب عني موضعه فيه ، فلو دلني من يعرفه من الإخوة على صفحته شاكرًا له ) .
وقال المرعشي أيضًا : " ولكن الله سبحانه وتعالى قد حفظ كتابه الكريم عن التحريف في كلماته ، وفي كيفية أدائها ، كما وعد ، إذ وفق العلماء لحفظ كلماته ، وتبيين صفات حروفه في مؤلفاتهم ، بحيث إن من يطلب الحق يجده البتة . ثم إنه لا يجوز للشيخ المقرئ أن يكتفي بالتقليد من شيخه ، بل يطلب معرفة صفات الحروف من الكتب المبسوطة " ( كيفية أداء الضاد 25 ) .[/align]
[align=center]وقال الشيخ محمد تميم الزعبي :[/align]
[align=justify]" والعبرة في ذلك كله موافقة الرواية للدراية ، وكثيرًا ما سمعت شيخنا عبد العزيز عيون السود - رحمه الله تعالى - يقول : يجب أن يوافق التلقين الكتاب . لأنه وللأسف الشديد قد يصيب التلقي وموازين الأداء بعض الخلل في نقل الألفاظ " ( المقدمة الجزرية ص 39 ) ثم نقل عبارة المرعشي في جهد المقل مقرًّا لمعناها ، مستشهدًا بها .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبيه وآله وصحبه والتابعين .[/align]
 
السلام عليكم
بارك الله فيكم أخي الكريم علي هذه النقولات الطيبة ، وقد نقل الشيخ محمد يحيي شريف ـ رحمه الله ـ هذه النصوص وغيرها زاعما تقديم وجه الدراية علي وجه الرواية .
وهذا الباب سبب في جعل بعض القراء يردُّون روايات صحيحة لأجل أنها لا توافق الدراية .
فقد دفع ابن مجاهد ـ رحمه الله ـ قراءة (أرجئه )بالهمز وكسر الهاء وقال عنها (هذا وَهْمٌ ..)
كما ردَّ أبو شامة ـ رحمه الله ـ قراءة "نعما " بإسكان العين وتشديد الميم . وغيرهما من القراء الذين طعنوا في بعض القراءات .
ولم يكن هذا إلا أنهم قدموا وجه الدراية علي وجه الرواية ، وهذا فيه ما فيه ولذا قال في النشر :
(قلت) وهذا الذي ذكره الحافظ أبو عمرو متجه وظاهره محتمل لو كانت
القراءة تؤخذ من الكتب دون المشافهة
وإلا إذا كانت القراءة لا بد فيها من المشافهة والسماع فمن البعيد تواطؤ من ذكرنا من
الأئمة شرقاً أو غرباً على الخطأ في ذلك وتلقي الأمة ذلك القبول خلفاً عن سلف من غير
واصل.

وذكر في النشر أيضا جواب الإمام الداني حيث قال ( ...وقال الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه "جامع البيان" بعد ذكر إسكان (بارئكم ويأمركم) لأبي عمرو وحكاية إنكار سيبويه له فقال أعني الداني والإسكان أصح في النقل وأكثر في الأداء وهو الذي اختاره وآخذ به، ثم لما ذكر نصوص رواته قال: وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها.))ا.هـ
وهذه نصوص تؤكد أن وجه الرواية أقوي من وجه الدراية ، وإليك بعض النصوص التي تحيل الألفاظ الصوتية إلي المشافهة :
قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال : فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها ، وقد شرحناها وبينا حقائقها،لتحفظ بكمالها ، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة ، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة ، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق))ا.هـ168
وقال الداني ـ بعد ذكره المدود والإمالات وغيرها من الأصول ـ : فجميع ما ذكرناه ووصفنا حقيقته من الأصول التي تتكرر والفروع التي تتردد فالقراء مضطرون إلي علمه ومعرفته ، ولا يتحقق لهم ذلك إلا بالمشافهة ورياضة الألسن ، لغموضه وخفي سره وبالله التوفيق ))صـ101 التحديد

وقال قال سيبويه : ...وتكون خمسةً وثلاثين حرفاً بحروف هن فروعٌ، وأصلها من التسعة والعشرين، وهي كثيرةٌ يؤخذ بها وتستحسن في قراءة القرآن والأشعار ......( ثم ذكر الأحرف)
وتكون اثنين وأربعين حرفاً بحروف غير مستحسنةٍ ولا كثيرةٍ في لغة من ترتضى عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر؛ وهي....( ثم ذكر الأحرف)
وهذه الحروف التي تتمتها اثنين وأربعين جيدها ورديئها أصلها التسعة والعشرون، لا تتبين إلا بالمشافهة،..))ا.هـ الكتاب 1/448
وقال في موضع آخر: فأما الذين يشبعون فيمططون، وعلامتها واوٌ وياءٌ، وهذا تحكمه لك المشافهة. وذلك قولك: يضربها، ومن مأمنك.))ا.هـ الكتاب1/384
وقال ابن جني في الخصائص : والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت؛ ألا ترى أنك في قطَّع ونحوه قد أخفيت الساكن الأول في الثاني حتى نبا اللسان عنهما نبوة واحدة، وزالت الوقفة التي كانت تكون في الأول لو لم تدغمه في الآخر؛ ألا ترى أنك لو تكلفت ترك إدغام الطاء الأولى لتجشمت لها وقفة عليها تمتاز من شدة ممازجتها للثانية بها؛ كقولك قططع وسككر، وهذا إنما تحكمه المشافهة.))ا.هـ1/153

وقال العلامة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة المعروف بأبي زرعة في كتبه حجة القراءات ((...وورش عن نافع والقواس عن ابن كثير يهمزان الأولى ويلينان الثانية ويشيران بالكسر إليها ...... وهذا باب تحكمه المشافهة لا الكتابة....)))ا.هـ 1/92
فالكتب في أحيان كثيرة لا توفي ما هو مطلوب مثل المشافهة وخاصة ما هو مجمع عليه . والله أعلم .
والسلام عليكم



.
قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال : فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها ، وقد شرحناها وبينا حقائقها،لتحفظ بكمالها ، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة ، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة ، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق))ا.هـ168
وقال الداني ـ بعد ذكره المدود والإمالات وغيرها من الأصول ـ : فجميع ما ذكرناه ووصفنا حقيقته من الأصول التي تتكرر والفروع التي تتردد فالقراء مضطرون إلي علمه ومعرفته ، ولا يتحقق لهم ذلك إلا بالمشافهة ورياضة الألسن ، لغموضه وخفي سره وبالله التوفيق ))صـ101 التحديد

وقال قال سيبويه : ...وتكون خمسةً وثلاثين حرفاً بحروف هن فروعٌ، وأصلها من التسعة والعشرين، وهي كثيرةٌ يؤخذ بها وتستحسن في قراءة القرآن والأشعار ......( ثم ذكر الأحرف)
وتكون اثنين وأربعين حرفاً بحروف غير مستحسنةٍ ولا كثيرةٍ في لغة من ترتضى عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر؛ وهي....( ثم ذكر الأحرف)
وهذه الحروف التي تتمتها اثنين وأربعين جيدها ورديئها أصلها التسعة والعشرون، لا تتبين إلا بالمشافهة،..))ا.هـ الكتاب 1/448
وقال في موضع آخر: فأما الذين يشبعون فيمططون، وعلامتها واوٌ وياءٌ، وهذا تحكمه لك المشافهة. وذلك قولك: يضربها، ومن مأمنك.))ا.هـ الكتاب1/384
وقال ابن جني في الخصائص : والمعنى الجامع لهذا كله تقريب الصوت من الصوت؛ ألا ترى أنك في قطَّع ونحوه قد أخفيت الساكن الأول في الثاني حتى نبا اللسان عنهما نبوة واحدة، وزالت الوقفة التي كانت تكون في الأول لو لم تدغمه في الآخر؛ ألا ترى أنك لو تكلفت ترك إدغام الطاء الأولى لتجشمت لها وقفة عليها تمتاز من شدة ممازجتها للثانية بها؛ كقولك قططع وسككر، وهذا إنما تحكمه المشافهة.))ا.هـ1/153

وقال العلامة عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة المعروف بأبي زرعة في كتبه حجة القراءات ((...وورش عن نافع والقواس عن ابن كثير يهمزان الأولى ويلينان الثانية ويشيران بالكسر إليها ...... وهذا باب تحكمه المشافهة لا الكتابة....)))ا.هـ 1/92
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأستاذنكما حفظكما الله في سؤال خاص وهو رجل راوية للقراءات يرويها مشافهة لكنه لايعرفها دراية،
وآخر يدريها معنى ولغة واصطلاحا وتأليفا وتوجيها لكنه لم يتلقاها مشافهة أيهما يحكم على الآخر؟
هذا السؤال فيما يظهر لي هو الذي يدور في الساحة اليوم فكثير من المشتغلين بالقراءات يدريها ولايرويها ثم يستدل على المقرئين بالنصوص من الكتب اللغوية ،حاكما عليهم بالدراية.
هذا الأمر في نظري يختلف بيننا وبين السلف فبالنسبة للمعاصرين هناك مسائل محدودة كالضاد، والإخفاء الشفوي، ونحو ذلك مما لا رأي راجح فيه اليوم.
وكان ينبغي العمل فيه على دراسة مسائله الخلافية فقط، بعد حصرها ثم القول بما يظهر فيها بعد النظر والتأمل من أهل الرواية والدراية.والله أعلم.
 
[align=right]فضيلة الشيخ أمين الشنقيطي ، حفظك الله ورعاك
الكلام ليس على حكم الأشخاص ، بل على الحكم العلمي
والكلام ليس على ضرورة جمع الخصلتين ، فهذا لا يلتبس على أحد .
ولكن قضية كلمتي أنه إذا ناقض المعمول به النصوص فأيهما يقدم على الآخر ؟
وأما المسائل التي أشرت إليها - سلمك الله - فإن من نظر نظرا علميًّا مجردا من الهوى ، وكان فاقهًا لما يقرأ ويدرس ، لم يصل إلى الراجح فحسب ، بل وصل إلى الصواب الذي يطمئن به القلب ، ويدين به الله .
والأمر ليس بالسهولة التي يظنها بعض الناس ، فتغيير حرف في كتاب الله عن وجهه ، ونطقه على غير حقيقته وصيغته - أمر كبير . والحمد لله أنه لم يأت عصر من العصور إلا وفي العلماء من يقوم بالحجة ، ويرد إلى الصواب .[/align]
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فأستاذنكما حفظكما الله في سؤال خاص وهو رجل راوية للقراءات يرويها مشافهة لكنه لايعرفها دراية،
وآخر يدريها معنى ولغة واصطلاحا وتأليفا وتوجيها لكنه لم يتلقاها مشافهة أيهما يحكم على الآخر؟
هذا السؤال فيما يظهر لي هو الذي يدور في الساحة اليوم فكثير من المشتغلين بالقراءات يدريها ولايرويها ثم يستدل على المقرئين بالنصوص من الكتب اللغوية ،حاكما عليهم بالدراية. والله أعلم.


السلام عليكم
بارك الله فيكم فضيلة د/ أمين ..وهذا السؤال جيد في بابه ، ولم أجد جوابا أفضل من جواب الإمام ابن مجاهد وهو يصف من يقول بشئ لم يقرأ به بالمبتدع :
• ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار فربما دعاه بصره بالإعراب إلي أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون مبتدعا وقد رويت في كراهة ذلك أحاديث...( وقد روي ابن مجاهد آثارا تأمر القراء باتباع الأثر ونكتفي باثنين ) عن ابن مسعود :" اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " وروي أن عليا ـ رضي الله عنه ـ قال:إن رسول الله ـصلي الله عليه وسلم ـ يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علمتم..... " .ا.هـ السبعة صـ 45ـ46

هذا جواب علي من قدم الدراية علي الرواية ، بل الصحيح أن الرواية مقيدة لحدود الدراية . فإن حفظ الطالب كتابا مثلا لا ينبغي أن يُقرئ به إلا بعد مشافهته قال الشيخ أحمد البنا في الإتحاف : قال البنا : والمقرئ من علم بها أداء ورواها مشافهة فلو حفظ كتابا امتنع عليه إقراؤه بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءة شيئا لا يحكم إلا بالسماع والمشافهة بل لم يكتفوا بالسماع من لفظ الشيخ فقط في التحمل وإن اكتفوا به في الحديث قالوا لأن المقصود هنا كيفية الأداء وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء أي فلا بد من قراءة الطالب على الشيخ بخلاف الحديث فإن المقصود المعنى أو واللفظ لا بالهيآت المعتبرة في أداء القرآن وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه منه لأنه نزل بلغتهم ....))ا.هـ 1/4

وكان ذلك أصلا ، ولا يمكن لأحد أن يأخذ من الكتب دون نقل ولذا قال ابن الجزري : ((نعوذ بالله من قراءة القرآن بالرأي والتشهي، وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل)).اهـ النشر:2/263.

وقد فتح مثل هذه الأقوال الباب للكثيرين حتي بلغ ببعضهم أن رمي القراء بأشياء عجيبة وهاهو أبو الفتح بن جني ـ رحمه الله ـ يقول في كتابه الخصائص : " ... الذي رواه صاحب الكتاب اختلاس هذه الحركة لا حذفها البتة وهو أضبط لهذا الأمر من غيره من القراء الذي رووه ساكنا ، قال ولم يؤت القوم في ذلك من ضعف أمانة لكن أتوا من ضعف دراية قال الشيخ في شرحه وقد ثبت الإسكان عن أبي عمرو...)ا.هـ

ويجاب عليه بما قاله الإمام ابن الحاجب :"" ... والأولى الرد على النحويين في منع الجواز , فليس قولهم بحجة إلا عند الإجماع ومن القراء جماعة من أكابر النحويين , فلا يكون إجماع النحويين حجة مع مخالفة القراء لهم ثم ولو قدر أن القراء ليس فيهم نحوي فإنهم ناقلون لهذه اللغة وهم مشاركون للنحويين في نقل اللغة , فلا يكون إجماع النحويين حجة دونهم وإذا ثبت ذلك كان المصير إلى قول القراء أولى لأنهم ناقلوها عمن ثبتت عصمته عن الغلط في مثله ولأن القراءة ثبتت متواترة وما نقله النحويين لآحاد ثم لو سلم أنه ليس بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر فكان الرجوع إليهم أولى )) ا.هـ صـ434


وقال أبو حيان في البحر المحيط وهو يجيب علي اعتراض بعض النحاة علي قراءة "نعما " : "... وإنكار هؤلاء فيه نظر ، لأن أئمة القراءة لم يقرأوا إلاَّ بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا ، تطرق إليهم فيما سواه ، والذي نختاره ونقوله : إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه .))ا.هـ

والذين يستدلون بقول الداني ـ رحمه الله ـ أنقل له صريح قول الداني حيث قال: وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها..))ا.هـ
ليت إخواني تأملوا مثل هذه العبارات ، ودققوا وحرروا وجمعوا الأقوال ثم حكموا بعد ذلك .
نعم هناك من القراء من تأثروا بقول النحاة في بعض المسائل ، ومع جلالة قدرهم وعلو منزلتهم ترك القراء أقوالهم ، وآثروا النقل علي الرأي والأمثلة علي ذلك كثيرة والشواهد لا تعد ولا تحصي ، فكم من أقوال رددت لأئمة أ‘لام مثل ابن مجاهد وأبي شامة والداني وغيرهم من أئمة هذا الفن ، وذلك إذ اصطدموا بما هو منقول ومشهور وقد تحدثنا في هذه النقطة كثيرة .

ولعلي أورد لكم قصة حدثت معي في نقاشي للضاد جيدة في ببابها إذا وجد متسع من الوقت إن شاء الله .
والسلام عليكم
 
فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق
حياك الله وبياك
اقدر نيتك الحسنة ، وغيرتك المطلوبة على كتاب الله ، واطلاعك الجيد على الكتب ،
واعذرني لقلة تعليقي على ما تكتب ، وما ذلك إلا لأحد سببين : الأول كراهتي للمراء ، والثاني حيائي من أن أقول لك : إن كلامك ونقولك تقع خارج البحث ، وهذا هو الفرق بين الجدل العلمي والمراء .
هنا في هذا البحث نقلتَ أولانقولا تتعلق بضرورة المشافهة ، ولا خلاف في ذلك .
ثم نقلت نقولا في مسألة خلافية بين النحويين ، وفي مسائل ثابتة في القراءة رواية ودراية ، كالذي نقلته عن الداني .
البحث فيما لم يثبت لا عربية ولا قراءة ، نحو نطق الضاد من مخرج الطاء شديدة . والله يا أخي لا غرض لي إلا الحق ، وإلا الصواب .
والله يهديني وإياك إلى ما اختلف فيه من الحق بإذنه ، هو ولي ذلك والقادر عليه
اللهم حسن نياتنا في أعمالنا ، وظنوننا بإخواننا ، وسدد ألسنتنا إلى قول الصواب ، وفقهنا في دينك ، وعلمنا كتابك ، حتى نقرأه كما أنزلته على نبيك ، عليه الصلاة والسلام .
 
السلام عليكم
سيدي الفاضل لا تستحي من شئ اكتب ما تشاء وقل مثلا : يا عبد الحكيم أنت تؤلف وتخترع في علم التجويد أو نحن في واد وأنت في واد آخر ، قل يا سيدي ما تشاء فالأمر بالنسبة لي سواء . لست يا أخي ممن يشاركون ليكثروا مداخلاتهم ، أو يبغون من ورائها شهرة أو صيتا .
• سيدي الفاضل هذا المنتدي منتدي أكثره من العلماء فهم يقوّمون من خرج عن الجادة ، ولا أظن أن مثل هذه العبارات تؤثر فيهم إلا ببينة واضحة .
• سيدي الفاضل لست ممن يمارون بالباطل ، بل ارجع لمداخلاتي ستجد المعلومة والإحالة إلي المصدر وووو وفي القرآن " وجادلهم بالتي هي أحسن " فهذا مقصدي .
• ولم أطلب من صاحب موضوع الدخول والرد علي ما أكتب لأن هذا لا يعنيني في شئ ، بل أكتب ما يظهر لي بصرف النظر عن صحته من عدمه (( من الذي لم يسئ قط **ومن له الحسني فقط )) ولست ممن يضيعون أوقاتهم في هذا الهراء .

وأعود حتي أوضح لك هدفي مما أشكل علي فضيلتكم بعدم تعلق هذه النقولات بالبحث .
سيدي الفاضل عد إلي عنوان بحثك ( الدراية حاكمة علي الرواية ) الرواية مسموعة والسماع مشافهة خاصة فيما يتعلق بالصوت ، ولذا نقلت لكم نقولات تدل علي تقديم المشافهة علي الدراية ، لأنهم جميعا بعد تحليلهم للنص من جهة الدراية أحالوا الأمر إلي المشافهة لأنها عمدة في المسألة .. هل بلغك مقصدي ؟؟

أما المسائل النحوية التي نقلتها فهي أيضا في هذا الباب من جهة :
أنكم تحكِّمون المكتوب علي المقروء
وكذا فعل النحاة بالضبط
فما كان جواب القراء عليهم ؟ بالطبع تركوا أقوال النحاة وتمسكوا بالمشافهة (الرواية) وكذا في مسألة الضاد فقد ترك فضيلتكم هذا الجمع الكبير من القراء الذين ينبذون هذه الضاد الظائية ، وهرعت خلف النصوص التي تقول بالتشابه بين الضاد والظاء ، وبين النصوص التي تثبت للضاد رخاوة وهكذا وتركت ما عليه هذا الجمع الغفير من القراء ، وكما قال الشيخ عبد الرزاق علي موسي " لا تكاد تجد إذاعة بلد من البلدان الإسلامية إلا ويقولون بالضاد الحالية نابذين وتاركين لهذه الضاد )انتهي بمعناه .

وإذا كان فضيلتكم تقولون بضرورة المشافهة وأنه لا خلاف في ذلك فلم عدلتم عن المشافهة إلي الكتب ؟ظ

ثم ترك الإجماع في مسألة تفخيم الغنة وأخذتم بما في الكتب ..ألا يدل ذلك علي تقديمكم لما في الكتب وإن خالفتَ المجمع عليه ؟

سيدي الفاضل ارجع للمداخلات السابقة ستجد الأفاضل فهموا ما فهمته أنا ولذا طرحوا عليك معادلة يسيرة ( قارئ برواية دون دراية ـ وقارئ بدراية دون رواية ) فمن نقدم ؟؟

وأحكي لك قصتي الأولي في الضاد الظائية :

كانت قصتي مع ا.د محمد حسن جبل ناقشته في الضاد سألته في البداية : أين نجد القبيلة التي تنطق الضاد الظائية ؟
قال: أنا أنطق الضاد كما وصفها سيبويه .
قلت له بعدم وجود الضاد الظائية قاله غانم قدوري.
قال: غانم نقل قول مستشرق .. قلت له : وأين ما يخالف قوله أو قول المستشرق ؟
قال : (يا ولد أنا زعلان منك )..
ولم يستطع أن يذكر لي ولو قرية صغيرة تنطقها كما وصفها سيبويه .. وكان أ.د محمد حسن جبل بعد شرحه لوصف كلام سيبويه قال :" وأنا أنطقها وأعلمها طلابي حسب الوصف القديم تماما ." صـ 130
وللرد ببطلان هذا الاجتهاد ـ أي النطق بالوصف ـ نقرأ ما قاله ابن الجزري في التمهيد:" واعلم أن هذا الحرف خاصة إذا لم يقدر الشخص علي إخراجه من مخرجه بطبعه لا يقدر عليه بكلفة ولا بتعليم " صـ 82
ولأنهم لا إمام لهم في النطق ينطقها كل واحد منهم بطريقة يخالف بها أخاه ، فالشيخ الجوهري ينطقها بطريقة غير التي ينطقها د/ جبل لأن الشيخ الجوهري ينكر صلة طرف اللسان بالضاد ولا يقر بقول من قال بأنها فوق اللثة ، ود / جبل يجعل طرف اللسان فوق الثنايا .
وسمعت الشيخ محمد يحيي شريف ـ رحمه الله ـ في تسجيل له ينطقها بخلاف الاثنين فلم يجتمعوا علي نطق واحد لأن النطق في النهاية مأخوذ من الكتب .

وقصتي الثانية كانت مع الشيخ محمد يحيي شريف
أخذ يسرد لي نصوص الضاد وتشابهها مع الظاء ، وبعد فراغه ، نقلت له هذا النص ( ولولا الإطباق لصارت الطاء دالا ) فحاول أن ينكرها فلم يستطع وقالها لي صراحة لا أجد لهذا النص حلاّ ، ثم قال : سيبويه ليس حجة علي القراء ـ ظنا منه أن سيبويه فقط قائل لهذه العبارة ـ فأتيت له بجمع من القراء القدامي يقولون بقول سيبويه وسكت الشيخ وللأسف لم يرجع رغم إقامة الحجة عليه .
لأن الذين يتمسكون بنصوص التشابة والرخاوة عليهم أن يطبقوا هذا علي جميع الحروف ، فالطاء القديمة الموصوفة عند القدامي مفخم الدال ، والطاء اليوم مفخم التاء ..فما الحل ؟ لم أخذتم بالضاد وتركتكم الطاء ؟ وهذا كاف سيدي ومعذرة إن أثقلت عليكم .
أنا أبحث عن الحق أيضا ، ومن أجاب لي عن هذا السؤال من القراء لأرجعن علي التو للضاد الظائية .
والسلام عليكم
 
قال الإمام ابن الطفيل الإشبيلي (ت543) في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية : "ولا ينبغي أن يقنع الطالب بالمشافهة من العلم ، فيسمع لفظه إذا تكلّم ، فربما كان ممن يجري الصواب على لسانه ، وهو لا يعلم مقدار إحسانه ، ولا بدّ من مفارقته ما سمع ، فيرجع إلى ما به طبع ، فإن كان ممن علم ، عمل ، وإن اكتفى بما سمع لم يلبث أن جهل" ص212.
 
قال الإمام ابن الطفيل الإشبيلي (ت543) في كتابه منح الفريدة الحمصية في شرح القصيدة الحصرية : "ولا ينبغي أن يقنع الطالب بالمشافهة من العلم ، فيسمع لفظه إذا تكلّم ، فربما كان ممن يجري الصواب على لسانه ، وهو لا يعلم مقدار إحسانه ، ولا بدّ من مفارقته ما سمع ، فيرجع إلى ما به طبع ، فإن كان ممن علم ، عمل ، وإن اكتفى بما سمع لم يلبث أن جهل" ص212.

قال ابن الجزري : ((نعوذ بالله من قراءة القرآن بالرأي والتشهي، وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل)).اهـ النشر:2/263.
 
وقال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى : " ومنهم من علم العربية ، ولا يتّبع الأثر والمشايخ في القراءة ، فلا تُنقل عنه الرواية لأنّه ربّما حسنت له العربيّة حرفاً ولم يقرأ به ، والرواية متّبعة والقراءة سنّة يأخذها الآخر عن الأوّل" منجد المقرئين ص53.

و قال الداني عليه رحمة الله تعالى : " مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر"(جامع البيان ص172).

أقول : ما المراد بالأثر ؟ أهي المشافهة أم هي النصوص ؟
 
وقال ابن الجزريّ رحمه الله تعالى : " ومنهم من علم العربية ، ولا يتّبع الأثر والمشايخ في القراءة ، فلا تُنقل عنه الرواية لأنّه ربّما حسنت له العربيّة حرفاً ولم يقرأ به ، والرواية متّبعة والقراءة سنّة يأخذها الآخر عن الأوّل" منجد المقرئين ص53.

و قال الداني عليه رحمة الله تعالى : " مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر"(جامع البيان ص172).

أقول : ما المراد بالأثر ؟ أهي المشافهة أم هي النصوص ؟

وقال أبو حيان في البحر المحيط وهو يجيب علي اعتراض بعض النحاة علي قراءة "نعما " : "... وإنكار هؤلاء فيه نظر ، لأن أئمة القراءة لم يقرأوا إلاَّ بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا ، تطرق إليهم فيما سواه ، والذي نختاره ونقوله : إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه .))ا.هـ


قول الداني : وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها..))ا.هـ


قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال : فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها ، وقد شرحناها وبينا حقائقها،لتحفظ بكمالها ، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة ، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة ، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق))ا.هـ168
والسلام عليكم
 
قال الإمام مكي القيسي في كتابه : تمكين المدّ في (آتى) و (آمن) و(آدم) وشبهه. وهو كلام يُكتب بماء الذهب ، قال عليه رحمة الله تعالى في ردّه على من منع تمكين المدّ في البدل لورش من طريق الأزرق : " لكنا نقول : إنّ المدّ قد نُقل قراءةً ونصاً في الكتب ، وتركُ المدّ نُقل قراءةً لا غير وليس عليه نصّ في كتاب أحد. والرواية إذا أتت بالنصّ في الكتب والقراءة ، كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صاحبها نصّ. وما نُقل بتلاوة ولم يُؤيّده نصّ كتاب ، فالوهم والغلط ممكن ممّن نقله ، إذ هو بشر. وإنّما تعلّق القرّاء بنصوص الكتب ، لأنّه عندهم أثبت في الحفظ ، لأنّ الحفظ يدخله الوهم والشكّ ، فليس رواية يصحبها النقل والنصّ في الكتب من تأليف المتقدّمين والمتأخرين ، مثل رواية لا يصحبها غير أن يقول ناقلها : كذلك قرأت ولا يدخل قوله بنصّ كتاب " انتهى كلامه ص36،37.

وقال أبو عمرو الداني في همز { ننسأها } و { أرجئه } و { رئيا } و { مؤصدة } : " وبتخصيص ذلك كلّه بالهمز للمعاني الخمسة المذكورة قرأت على أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما من طريقه – أي طريق ابن مجاهد - ، وهو اختيار طاهر بن أبي هاشم وجميع أصحابه وأصحاب ابن مجاهد وهو اختياري أنا وبه آخذ ، لأنّه رحمه الله – أي أبا طاهر بن أبي هاشم - بناه على نصّ ما اجتمع عليه الرواة عن اليزيدي عن أبي عمرو من أنّه همز { أو ننسأها } إذ هو من التأخير و{ أرجئه } من أرجأت و { رئيا } إذ هو من الرواء و { مؤصدة } إذ هي من آصدتّ ، وإنّه همز { وهيئْ لنا } و { يهيئ لكم } " جامع البيان ص242.
أقول : الخلاف في إبدال الهمزة للبصري ناتج من الاعتداد بمذهبه في إبدال الهمزة المفردة الساكنة من جهة ومن جهة أخرى ثبوت وجه الهمزة في هذه الكلمات نصاً وأداءً ، ونلاحظ في هذه المسألة أنّ الداني ما اختار وجه التحقيق في هذه الكلمات على أساس ما تلقاه على أبي الفتح وأبي الحسن وغيرهما بل احتجّ بالنصّ الذي بنا عليه أبو طاهر بن أبي هاشم اختياره ولم يُشر إلى التلقّي والمشافهة للفصل في المسألة.

قال ابن الجزريّ في مسألة أبدال الهمزة ياءً في الوقف على نحو { خائفين } لحمزة : " فأما إبدال الهمزة ياء في نحو (خايفين، وجاير، وأوليك) واواً في نحو (ابناوكم واحباوه) فإني تتبعته من كتب القراءات ونصوص الأئمة ومن يعتبر قولهم فلم أرَ أحداً ذكره ولا نص عليه ولا صرح به ولا أفهمه كلامه ولا دلت عليه إشارته سوى أبي بكر ابن مهران فإنه ذكر في كتابه في وقف حمزة وجهاً في نحو (تائبات) بإبدال الياء وفي نحو (رؤف) بإبدال الواو. ورأيت أبا علي الأهوازي في كتابه الاتضاح حكى هذا عن شيخه أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري وقال ولم أرَ أحداً ذكره ولا حكاه من جميع من لقيت غيره (قلت) ثم إني راجعت كتاب الطبري وهو الاستبصار فلم أره حكى في جميع ذلك سوى بين بين لا غير والقصد إن إبدال الياء والواو محضتين في ذلك هو مما لم تجزه العربية بل نص أئمتها على أنه من اللحن الذي لم يأت في لغة العرب وإن تكلمت به النبط وإنما الجائز من ذلك هو بين بين لا غير. وهو الموافق لاتباع الرسم أيضاً. وأما غير ذلك فمنه ما ورد على ضعف ومنه ما لم يرد بوجه. وكلّه غير جائز من القراءة من أجل عدم اجتماع الأركان الثلاثة فيه. فهو من الشاذ المتروك الذي لا يعمل به ولا يعتمد عليه والله أعلم. وسيأتي النص في كل فرد فرد ليعلم الجائز من الممتنع والله الموفق. " النشر 1/463.
أقول : اعتمد ابن الجزري في إثبات الجائز من الممتنع في هذه المسألة على النصّ فقال : " فلم أرَ أحداً ذكره ولا نص عليه ولا صرح به ولا أفهمه كلامه ولا دلت عليه إشارته " ثمّ قال في الأخير " وسيأتي النص في كل فرد فرد ليعلم الجائز من الممتنع والله الموفق. " فجعل جواز الوجه منوط بوجود النصّ ولم يُشر إلى المشافهة والتلقّي لا من قريب ولا من بعيد. فاعتبروا يا أولي الأبصار
 
قال الإمام مكي القيسي في كتابه : تمكين المدّ في (آتى) و (آمن) و(آدم) وشبهه. وهو كلام يُكتب بماء الذهب ، قال عليه رحمة الله تعالى في ردّه على من منع تمكين المدّ في البدل لورش من طريق الأزرق : " لكنا نقول : إنّ المدّ قد نُقل قراءةً ونصاً في الكتب ، وتركُ المدّ نُقل قراءةً لا غير وليس عليه نصّ في كتاب أحد. والرواية إذا أتت بالنصّ في الكتب والقراءة ، كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صاحبها نصّ. وما نُقل بتلاوة ولم يُؤيّده نصّ كتاب ، فالوهم والغلط ممكن ممّن نقله ، إذ هو بشر. وإنّما تعلّق القرّاء بنصوص الكتب ، لأنّه عندهم أثبت في الحفظ ، لأنّ الحفظ يدخله الوهم والشكّ ، فليس رواية يصحبها النقل والنصّ في الكتب من تأليف المتقدّمين والمتأخرين ، مثل رواية لا يصحبها غير أن يقول ناقلها : كذلك قرأت ولا يدخل قوله بنصّ كتاب " انتهى كلامه ص36،37.

السلام عليكم
قال مكّي ابن أبي طالب رحمه الله في آخر كتابه التبصرة حيث قال : في جميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
*قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود.

*وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب

*وقسمٌ لم أقرأ به ولا وجدتّه في الكتب لكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلاّ ذلك عند عدم الرواية في النقل والنصّ وهو الأقل.......".انتهى كلامه رحمه الله النشر 1/18.
أجمع لي بين هذا النص والذي نقلته أنت . والله الموفق
وبعد ذلك أخبرك بقول الداني وابن الجزري رحمهما الله .
والسلام عليكم
 
أمّا القسم الذي ذكره مكي القيسي وهو الذي ثبت أداءً دون نصّ فلا إشكال فيه لعدم وجود تعارض بين النصّ والأداء ، وإنّما المشكلة إذا كان الأداء معارضاً للنصّ فأيّهما يقدّم ؟ هذا هو بيت القصيد يا أخي .

وما نقلته أنت من كلام مكي دليل عليك وقد كنت بصدد الاستدلال به لأنّه رحمه الله تعالى قدّم الوجه الثابت بالنصّ والأداء على الوجه الذي ثبت بالأداء دون النصّ. إذن فالأداء الثابت بالنصّ أقوى من الذي لم يرد معه نصّ ، ولو كانت المشافهة هي العمدة لجعلهما في مرتبة واحدة أو لقدّم المشافهة على النصّ ، ولا اكتفى بالاستدلال بالأداء دون النصّ ، ولاانتفى السبب الذي من أجله جعله يعتمد على النصوص ، وهذا ما يؤيّده النصّ الذي ذكرته لك.


لي سؤال :
إن كانت المشافهة هي العمدة فما الذي حمل ابن الجزريّ على ذكر المصادر التي نقل منها القراءات ؟ وما الذي حمله على عزو كلّ وجه إلى مصدره من الكتب ؟ وما الذي حمله على تقديم النصّ على الأداء في الكثير من المسائل ؟ وما الذي حمله على الأخذ بالنصوص للترجيح في المسائل ؟

ما الذي حمل الشاطبيّ رحمه الله تعالى أن يقول : وفي يُسرها التيسير رُمت اختصاره. أي إن كانت المشافهة هي العمدة فما الذي حمله أن يعتمد على كتاب التيسير وأن يذكره في المقدّمة ؟

أطلب منك أن تجد مثالاً واحدً قدّم فيه ابن الجزري الأداء على النصّ ، ومرادي بالنصّ هو الذي مضمونه متواتر ، وليس قولاً شاذاً غير مُعتبر به.
 
قولكم :
وقال أبو حيان في البحر المحيط وهو يجيب علي اعتراض بعض النحاة علي قراءة "نعما " : "... وإنكار هؤلاء فيه نظر ، لأن أئمة القراءة لم يقرأوا إلاَّ بنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا ، تطرق إليهم فيما سواه ، والذي نختاره ونقوله : إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه .))ا.هـ

أقول : هذا الاستدلال عجيب. ومتى كان النقل مقتصرٌا على المشافهة ? وكلمة نقل تشمل المشافهة والنصوص وهو ما نُقل عن النبيّ عليه الصلاة والسلام بالنصّ والأداء ، كما أنّ كتب السنة نقلت الآثار عن النبيّ عليه الصلاة والسلام وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم وكلّ ذلك يُعدّ من المنقول ، والسنّة مدوّنة كما هو معلوم. أمّا قوله : " إن نقل القراءات السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه " يريد بذلك أنّ بالتواتر لا يمكن وقوع الغلط.

قولكم :
قول الداني : وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها..))ا.هـ

أقول : هذا الاستدلال عجيب أيضاً. وهل المتابعة مقتصرة على المشافهة دون النصّ ؟ ما هو دليلك في التفريق بين الأمرين ? ألم تقرأ قول الداني في نفس النصّ المنقول عنه : "بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية ". أقول : لا شكّ أنّ الأثبت في الأثر والأصحّ في النقل والرواية هو ما ثبت بالنصّ والأداء جميعاً.

قولكم :
قال الداني في التحديد ـ بعد ذكره لمخارج الحروف ـ قال : فهذه حروف التجويد بأصولها وفروعها علي مراتبها ومخارجها ، وقد شرحناها وبينا حقائقها،لتحفظ بكمالها ، ويقاس عليها أشكالها، وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة ، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة ، لينكشف خاص سره، ويتضح طريق نقله وبالله التوفيق))ا.هـ168
أقول : إنّ الداني لم يتعرّض إلى جانب ثبوت الوجه وصحّته رواية ونصاً وإنّما تعرّض إلى الناحية التطبيقية والتي لا تستغني عن المشافهة والأخذ من أفواه المشايخ ، والدليل على ذلك قوله : "وجميع ذلك يضطر في تصحيحه إلى الرياضة ، ويحتاج إلى في أدائه المشافهة " فذكر رحمه الله تصحيح الأداء بالرياضة والمشافهة.
لذا فإنّ أئمّتنا اعتنوا بجانب صحة الرواية بالنصوص والأداء المدوّن ، واعتنوا بالمشافهة في تصحيح اللفظ المقروء ، وللأسف فالكثير لا يفرّق بين الأمرين و يخلط بينهما. فالنصوص التي نقلها أخي عبد الحكيم تُعني بالناحية التطبيقية ، والنصوص التي نقلتها تُعني بصحّة الوجه المنقول. فلا تعارض إذن بين هذه النصوص.

والعلم عند الله تعالى.
 
السلام عليكم
أخي الكريم ..هل تعلم في أي شئ نحن نتحدث ؟
يا أخي الكريم ليس في التقديم ولا في التأخير ـ بارك الله فيك ـ ، كلامنا عن أمر واحد :قراءة موجودة (رواية) بدون نص .. هل يُقبل أم لا ؟؟

فإن قلت : نعم
قلتُ : الرواية حاكمة علي الدارية ، وإلا كيف تقبل رواية بلا نص ؟

وإن قلت : لا

قلتُ : قد خالفت ما سطره الإمام مكي حيث قال :
"*وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجودٍ في الكتب "
هذا بيت القصيد وانتهي الحوار عند هذا الحد دون التفريعات التي تريد أن تتفرع فيها .
والسلام عليكم
 
أخي عبد الحكيم

إن لم نتّفق حتّى في الموضوع الذي نتناقش فيه فالأمر خطير

أخي الشيخ ما قلتُ أبداً أنّ الرواية لا بدّ لها من نصّ إذ المتلقى عن المشايخ ثلاثة أقسام كما ذكر مكي القيسي :
- قسم ثابت بالنصّ والأداء
- وقسم ثابت بالأداء دون نصّ وهو ما نجده مدوّناً في كتب القرن الخامس وما بعدها كقولهم وبه قرأت أو وبه ثبت أداءً عن الشيوخ وما أشبهه
- وقسم ثابت بالقياس عند عدم النصّ وغموض الوجه في الأداء

وهذا الأمر لم يختلف فيه أحد على حدّ علمي وإنّما الخلاف نشأ في حالة تعارض النصّ والتلقّي فأيّهما يقدّم وهو مراد الشيخ الزروق عند ترجمته للبحث بقوله : الدراية حاكمة على الرواية ، وقوله في البحث : "فإذا تعارضت الرواية والدراية ، وتناقضتا تناقضًا بينًا صريحًا - كان هذا دليلاً على أن المعمول به خطأ ، وأن المقروء به لحن ، فيؤخذ حينئذ بالنص والفقه فيه ، فإن لم يكن ذلك بأن تمسك القارئ بما هو عليه مخالفًا للقواعد والأصول والنصوص - لم يكن لهذه القواعد والأصول والنصوص معنى ، وكان عدمها كوجودها ، وبطلت العلوم ، وسقطت الكتب ، وعُطلت النصوص ."
أقول : وهذا كلام وجيه للغاية يدلّ على فقه قائله حفظه الله تعالى.

إذن فالبحث عالج حالة التعارض بين المصدرين وإلاّ فلا أدري ما سبب اعتراضك.

والسلام عليكم.
 
أرى أنّك غيّرت الموضوع بعد اعتراضك على البحث أعلاه ، فإمّا أنّك لم تفهم مقصود كلام الباحث ، وإمّا أنك تريد أن تحيد عن الموضوع إلى قضية أخرى.

ومع هذا فإنّي سأجيبك فأقول :

الرواية اصطلاح عام فالأولى أن يُستعمل لفظ الأداء

الجواب : إن كان الأداء لا يُعارض نصاً من النصوص المعتبرة وكانت الهيئة الأدائية محلّ اتفاق عند القراء فيكون أداء الوجه مقبولاً. وأمّا إن كان الوجه محلّ اختلاف بين المسندين فيُنظر إلى الوجه الأقرب إلى ما تضمنته نصوص الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فنأخذ به ، ولا يليق إعمال الوجهين معاً إن لم يُنقل الخلاف في ذلك.

والعلم عند الله تعالى.
 
أرى أنّك غيّرت الموضوع بعد اعتراضك على البحث أعلاه ، فإمّا أنّك لم تفهم مقصود كلام الباحث ، وإمّا أنك تريد أن تحيد عن الموضوع إلى قضية أخرى.

ومع هذا فإنّي سأجيبك فأقول :

الرواية اصطلاح عام فالأولى أن يُستعمل لفظ الأداء

الجواب : إن كان الأداء لا يُعارض نصاً من النصوص المعتبرة وكانت الهيئة الأدائية محلّ اتفاق عند القراء فيكون أداء الوجه مقبولاً. وأمّا إن كان الوجه محلّ اختلاف بين المسندين فيُنظر إلى الوجه الأقرب إلى ما تضمنته نصوص الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى فنأخذ به ، ولا يليق إعمال الوجهين معاً إن لم يُنقل الخلاف في ذلك.

والعلم عند الله تعالى.

السلام عليكم
إذا اتفقنا علي جواز القراءة بالأداء دون النص ، علي الأقل في المتفق

أما عند الاختلاف :
خذ مثالا واحدا :
" يهدي" النص عن قالون بالإسكان ، والأخذ عند الداني الشاطبي وغيرهما بالاختلاس .
فكيف قدم الداني ـ رحمه الله ـ الاختلاس مع تصريحه بأن النص ورد عن قالون بالاختلاس .؟؟
والسلام عليكم
 
السلام عليكم

كنا في موضوع والآن أصبحنا في موضوع آخر.

بعد أن انغلق عليك الطريق غيّرت مجرى النقاش متناسياً الموضوع الأصلي الذي كنا نتناقش فيه.

أنا لم أتكلّم عن المسائل التي ورد فيها الخيار أنا أتكلّم عن التعارض بين النصّ والأداء فيُرجّح أحدهما على الآخر بإسقاط أحدهما مع إعمال الآخر. أمّا هذه المسألة فهي مغايرة لأنّ كلا الوحهين متواتر وهي ليست خاضعة للترجيح بإلغاء المرجوح وإعمال الراجح ، وإنّما هي على السبيل التخيير والخلاف يكون في أيّهما يقدّم على الآخر كما هو الحال في {تأمننا} فهل يقدّم الإشمام على الإخفاء أم العكس.

إذن فإن تواتر الوجهان فالخلاف في المسألة سيدور بين تقديم أحد الوجهين على الآخر فيقدّم أحدهما لكثرة النصوص أو لقوّته قياساً أو لتقدّمه في الشهرة بأن يكون أكثر شهرة من الآخر.

أمّا عند الترجيح فيُلغي المرجوع لعدم تواتره ، ومن أسباب عدم تواتره عدم وجود نصوص معتبرة تقوّي الوجه.

أخي الشيخ اتركنا في الموضوع الأصلي ولو استمرت على الحيدة سأترك النقاش وهي غايتك.
فكن فارساً شجاعاً.
 
السلام عليكم
والله ما أقصد ما تقول ، والحمد لله أنا أعي ما أقول ، ولا أدخل فيما لا أحسنه .
أردت أن أثبت لك أن النص يستغني عنه بالأداء .
أما إن كنت تريد دليلا عند التعارض ، للأسف ذكرته لك تكرارا ومرارا والقاعدة عند التعارض يقدم النص والأداء في حالة تساوي الوجهين في الدرجة .
أما عند شهرة وجه الأداء لا عبرة بالنص
ومثال ذلك : الضاد الظائية
والطاء القديمة .
هل تستطيع أن تقول لي : لماذا قدموا في الحالتين السابقتين الأداء علي النص ؟
أنت لذيذ جدا يا شيخ محمد وخاصة عند قرأت قولك: " فارساً شجاعاً " (شايفني " عنتر شايل سيفه " )
أظن المثال في الموضوع ولم أفرّ .
ولك تحياتي .
والسلام عليكم
 
هل تستطيع أن تقول لي : لماذا قدموا في الحالتين السابقتين الأداء علي النص ؟

السؤال : من هم الذين قدّموا في الحالتين السابقتين الأداء على نصّ ؟

آلقدامى أم المتأخرون ؟

ما هو المنهج القويم في نظرك ؟ أفعل القدامى أم فعل المتأخرين ؟

إن كنت تعتبر أنّ فعل المتأخرين حجّة لا سيما إن كان مخالفاً لصنيع المتقدّمين ، فهذا شأنك.

أمّأ قضية الطاء المهموسة فقد أعاد النظرفيها شيخنا العلامة لقوّة اعتباره بالنصوص الدالة على التشابه بين الطاء والتاء. إذن فالطاء المنطوق بها اليوم لها أصل وثيق يُعتمد عليه فلا يقال أنّها تخالف النصوص المتقدّمة جملة.

إن كنت تريد معرفة المنهجية الصحيحة في التعامل بين النصّ والأداء عند التعارض فارجع إلى صنيع إئمّتنا كالداني ومكي القيسي وابن الجزري وغيرهم لتدرك كيف تعاملوا مع النصوص والمتلقى أداءً عند التعارض.
إذكرك بمسألة إمالة { البارئ} مع {بارئكم } وكذا مسألة إدغام {قال ربّ} مع {قال رجل} حيث ثبت النصَ في إدغام {قال ربّ} دون {وقال رجل} وثبت في إمالة {بارئكم} دون {البارئ} إن لم تخنّي ذاكرتي ، مع ثبوت الحكم أداءً في هذه الكلمات جميعاً ، ومع ذلك لم يكتف أئمّتنا بالأداءً فحسب بل راحوا يُعملون القياس تقوية للأداء الذي يفتقر إلى النصّ.
يُفهم من هذا الصنيع أنّهم اعتمدوا على الأداء في إثبات الحكم ولكنّهم ما اعتبروا ذلك كافياً إلاّ بتقويته بالقياس ليقوم القياس مقام النصّ في القوّة.


هذا مثال بسيط تذكرته الآن لأبيّن لك مدى أهمّية النصّ عند القدامى وكيف تعاملوا مع الأداء المعارض للنصّ.
 
السؤال : من هم الذين قدّموا في الحالتين السابقتين الأداء على نصّ ؟

آلقدامى أم المتأخرون ؟

ما هو المنهج القويم في نظرك ؟ أفعل القدامى أم فعل المتأخرين ؟

إن كنت تعتبر أنّ فعل المتأخرين حجّة لا سيما إن كان مخالفاً لصنيع المتقدّمين ، فهذا شأنك.

.
السلام عليكم
الجواب يسير وهو أن ما استقر عليه العمل هو المعمول به ..وأوردت لك شواهد عدة علي ذلك ، وانظر إلي الأوجه التي أقرها الشاطبي ومن قبله الداني ثم مُنعت فيما بعد .

ثم انظر إلي الأوجه التي أقرها ابن الجزري ووافقه عليه تلامذته أمثال النويري وغيره ـ رحم الله الجميع ـ وهي متروكة الآن .

هذه النقطة لو فهمتها وتابعت الشواهد التي أوردتها لك من قبل لحُلت لك هذه المشكلة . بل هناك أوجه أنت أيضا لا تقرأ بها موجودة في النشر .

أمّأ قضية الطاء المهموسة فقد أعاد النظرفيها شيخنا العلامة لقوّة اعتباره بالنصوص الدالة على التشابه بين الطاء والتاء. إذن فالطاء المنطوق بها اليوم لها أصل وثيق يُعتمد عليه فلا يقال أنّها تخالف النصوص المتقدّمة جملة.

.

أخي الكريم فضيلة د/ غانم لم يجزم فيها بشئ ، وهات النص وانظره .
ثم إن نصوص الطاء أقوي بكثير من الضاد الظائية ، لأن النصوص تؤكد تشابه الطاء بالدال ، وتنفي تشابه الطاء بالتاء وأنها لغة الأعاجم . فكيف تترك كل هذه النصوص الصريحة الواضحة وتتطلب مني أن أقدم النص علي الأداء ؟

ولعلمك لا يوجد نص من القدامي بأن الطاء مثل التاء ، بل سماها سيبويه الطاء الضعيفة . وهات النص وأنا أسلم لك ؟

.....يُفهم من هذا الصنيع أنّهم اعتمدوا على الأداء في إثبات الحكم ولكنّهم ما اعتبروا ذلك كافياً إلاّ بتقويته بالقياس ليقوم القياس مقام النصّ في القوّة.

.

أخي الكريم أنت تفهم موضوع القياس علي غير وجه وأكتفي بأن أنقل لك قول الجعبري من شرح الشاطبية ، وكلامه في غاية النفاسة في هذه النقطة خاصة عند قول الشاطبي " وما لقياس في القراءة مدخل .. : ((
...وقول مكي أكثر هذا الباب قياس وبعضه أخذ سماعا من قبيل المأمورية لا المنهي عنه ومعناه : عدم النص علي عينه فحمل نظيره الممثل بعد ثبوت الرواية في اطراد الأصل ، لا أنهما عملا بمجرد القياس وفتحا باب الرأي للناس ، ولقد كانا علي غاية من الدين والتمسك بالأثر وحقق ذلك الداني ف أورجوزته ، ويلك أن تحمل كلامهما علي هذا ...ثم ذكر قول الله تعالي " ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله )ا.هـ

وتدبر أخي الكريم هذه الجملة الطيبة من العلامة الجعبري رحمه الله .
والسلام عليكم
 
أخي الشيخ إجاباتك صطحية وكأنّك تجيب لأجل الجواب فقط

أمّا جوابك الأوّل فهات الأمثلة وسندرسها معاً ولا يكفي الجواب الصطحي في مثل هذه المسائل.

أمّا جوابك الثاني فإنّ شيخنا العلامة الذي كان يدافع عن الذي تدافع عنه الآن. وقد أعاد النظر حفظه الله في المسالة لقوّة الاعتبار بالنصوص التي تدلّ على تقارب الطاء بالتاء ، فلا أستطيع أن أدخل القضية في دماغك بالقوّة فاعتقد ما تشاء ، المهمّ أنّ المسألة محلّ نظر فلا تُدخلها في الحسبان.

أمّا جوابك الثالث يدلّ على أنّك لم تفرّق بين القياس الذي ينشأ عنه حكم مستقلّ وبين الذي هو مجرّد تقديم أحد الأوجه الثابتة بالأداء المجرّد عن النصّ من باب التقوية فقط وليس من باب إنشاء حكم جديد مستقلّ قال ابن الجزري : (أما) إذا كان القياس على إجماع انعقد أو عن أصل يعتمد فيصير إليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فإنه مما يسوغ قبوله ولا ينبغي رده لا سيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمس الحاجة مما يقوي وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح بل قد لا يسمى ما كان كذلك قياساً على الوجه الاصطلاحي.

انظر إلى قوله : مما يقوي وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح.
أي أنّ الحكم كان ثابتاً أداءً قبل إعمال القياس ثمّ يُقوّى بالقياس لعدم وجود النصّ كما في مسألة {البارئ وبارئكم} ومسألة { قال ربّ وقال رجل}. وهذا ما يفسّر كثرة استعمال أئمّتنا لمصطلح القياس فظنّ الكثير أنّ كتب القراءات مملوءة بالقياس وما فهموا أنّ أكثر ما ورد فيه القياس هو من باب تقوية الأوجه الثابتة في الأداء والمفتقرة إلى النصوص.
 
أخي الشيخ إجاباتك سطحية وكأنّك تجيب لأجل الجواب فقط

أمّا جوابك الأوّل فهات الأمثلة وسندرسها معاً ولا يكفي الجواب السطحي في مثل هذه المسائل.

.
السلام عليكم
يا شيخ محمد لا تلعب علي نفسيات القارئ وتوهم الناس بأشياء فمثل هذه العبارات أعدها بعيدة عن الإخلاص .
ولست أنا الذي يجيب من أجل الجواب .


والله لقد كتبت لك أمثلة كثيرة من ذي قبل ولكنك تنسي ومع خذ مثالا :
ءالآن :هل تقرأ لورش أو لقالون أو لأي قارئ له النقل حتي ولوكان حمزة وقفا بوجه التوسط في الاستفهام أقصد ( ءال ) ؟؟؟؟
ابن الجزري ذكرها في النشر وجوزها ..والمتولي قال به فترة ثم رجع عن الوجه ..فهل قرأت بالتوسط ؟


أمّا جوابك الثاني فإنّ شيخنا العلامة الذي كان يدافع عن الذي تدافع عنه الآن. وقد أعاد النظر حفظه الله في المسالة لقوّة الاعتبار بالنصوص التي تدلّ على تقارب الطاء بالتاء ، فلا أستطيع أن أدخل القضية في دماغك بالقوّة فاعتقد ما تشاء ، المهمّ أنّ المسألة محلّ نظر فلا تُدخلها في الحسبان.

.

د/ غانم ـ حفظه الله ـ لو أعاد النظر في الطاء القديمة فهي لانتشارها كما أعاد النظر في الضاد الظائية لنفس السبب . أم الضاد شئ والطاء شئ آخر ؟؟؟؟؟

أما إن كان سبب الرجوع نص جديد في المسألة ..هات من الكلام ما يدل علي ذلك ؟؟



أما مسألة القياس عندي مثالين وقد يكون أكثر أُعمل فيها القياس المحض ، وهما ليسا محل وقف فقاسوا ، وتعقبهم أحد العلماء بأن هذا من قبل القياس الذي لا نص فيه ولا أداء ، ولكن خوفا عليك من الشبهات سأتركها ، وقد قلتُه لك من قبل ولكنك نسيت . والله أعلم
والسلام عليكم
 
أمّا قضية {آلان} فهي تحتاج إلى نظر وبحث ، فإن كانت القضية قضية أوجه خيارية فيمكن الاستغناء عنها والاكتفاء بالتلقّي الذي لا يصادم النصوص الصريحة.

أمّا مسألة الطاء فانظر إلى كلام شيخنا الذي نقله الشيخ عمار الخطيب ولا أريد أن أطيل في الكلام إذ شيخنا العلامة بين أظهرنا في الموقع. أظنّك فهمت المقصود.


يبدو أننا خرجنا عن الموضوع كثيراً.
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم وبعد

من خلال ما جرى من الحوار والنقاش في قضيّة التعارض بين الأداء والنصّ واستدلال كلّ طرف بأقوال ونصوص ظاهرها التعارض ، وهما في الحقيقة شيئان مختلفان لا يمكن أن يحصل بينهما تعارض.

فمضمون هذه النصوص على نوعين :

النوع الأوّل : وهي التي تتضمّن ضرورة التلقّي والمشافهة من أفواه المشايخ المتقنين المهرة لضمان سلامة النطق من اللحن لأنّ في التلاوة أموراً لا تُدرك إلاّ بالمشافهة والتلقّي كالإمالة والإشمام والإخفاء والاختلاس وغير ذلك.

النوع الثاني : وهي التي تتضمّن ثبوت صحّة الوجه رواية أي بالنصّ وبالأداء المتواتر. وفي هذا القسم تأتي عملية التنقيح والتصحيح إمّا بإلغاء بعض الأوجه التي لم تتوفّر فيها شروط القبول ، وإمّا بإجراء الوجهين جميعاً لتواترهما نصاً وأداءً ، وإمّا بتقديم أحد الوجهين لقوّته شهرة وقياسا. وكلّ ما يحتويه هذا النوع من صحيح ، ومرجوح وشاذ مأخوذ عن المشايخ بالمشافهة لأنّ المرجوح والشاذ قُرئ به وأُخذ عن الشيوخ.

إذن فالنوع الأوّل يضمن تطابق الهيئة المتلقاه بين الشيخ والتلميذ سواء كان الوجه راجحاً أم مرجوحاً أم شاذاً فلا تنفكّ التلاوة من الأداء والأخذ عن الشيوخ فيما نُقل في المصادر ، والنوع الثاني يضمن ثبوت الرواية وصحّتها.

ولنضرب مثالاً لتتضح الأمور :
لو وقفتُ على تلاوة لحفص أميلت فيها ألف {مجريها} إمالة كبرى. فيكون النقد من جهتين :
الجهة الأولي : كيفية الإمالة

الجهة الثانية : صحّة الرواية.

فالكيفيّة الصحيحة لا بدّ لها من التلقّي ، وصحّة الوجه منوط بثبوت وجه الإمالة لحفص رواية بالنصّ والأداء عن حفص. يمكنني أن أميل الألف في { أعمى} إمالة صحيحة لحفص. فتكون الكيفية صحيحة مع ضعف الرواية ، لأنّ حفصاً ما أمال هذه الألف.

فالأقاويل التي مضمونها تقديم النصّ على الأداء تُعنى بصحّة الوجه في الرواية ، والأقاويل التي نقلها أخي عبد الحكيم تُعنى بالكيفية الصحيحة لأداء الوجه الذي لا يتأتّى إلاّ بالتلقي من المشايخ.

والخلط بين النوعين أي بين الكيفية وبين صحّة الرواية ترتّب عنه هذا الخلاف.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
 
عودة
أعلى