لماذا هذا السؤال؟ ولماذا هذه الصيغة؟ كلما زرت بلداً متقدماً أو استطاع أن يقطع مشواراً في التقدم والرقي والبناء والتشييد والعمارة، تساءلت ما بالنا كأننا "مكانك سر" أو "مكانك راوح" والحقيقة إنه ليس كذلك بل إننا "إلى الخلف در" ولسنا "إلى اليمين انظر" ولا "إلى اليسير" ولا "إلى الأمام". لقد تعجبت من سؤالي قبل أن تتعجبوا، ولقد سألت سؤالاً أظنني كنت مخطئاً فيه: لماذا تقدمت كوريا، ولم نتقدم؟" فالسؤال الصحيح هو الذي سألته بعد زيارتي لماليزيا المرة الثانية (والثالثة كانت توقفاً بالمطار ومقابلة السفير الذي لا يقرأ بريده الإلكتروني ولا يقرأه حتى سكرتيره) السبب في مثل هذا السؤال أننا لا نملك الإرادة ولا نملك الوعي بمعنى التقدم، وربما الأصح أن الذين يملكون الفهم والوعي منشغلون بالتدريس والتفكير والتنظير والأمور بيد غيرهم، وهذه عبارة وجدتها على نافذة منزل في مدينة أكسفورد وتقول: الذين يستطيعون أن يحكموا العالم بجدارة منشغلون بالتدريس. فإن كانوا كذلك فلماذا لا ينفع تدريسهم فيستطيعوا تكوين أفراد أو قادة يستطيعون حكم العالم حكماً رشيداً أو صحيحاً أو عادلاً؟ وأعود إلى مسألة تقدم ماليزيا فأقول: هل يمكن لأمة أن تتقدم وهي قد جعلت قيادتها لأعدائها المحليين والخارجيين؟ كيف لأمة أن تتقدم وهي لا تفهم معنى التقدم سوى بضع عمارات شاهقة وشوارع فسيحة وأرصفة مرصوفة وقصور فارهة ومركبات باذجة. أمة تعرف كيف تستورد كل شيء وليس عندها إرادة أن تصنع شيئاً سوى المناديل الورقية وحفائظ الأطفال والنساء أو تزعم أنها تصنع وهي تأتي بالمصنوع في مصانع الشرق والغرب في براميل أو عبوات ضخمة فتوزعه على علب صغيرة أو عبوات استهلاكية وتكتب على الغلاف (نحن صنعناه) وما هو والله بصناعتنا ولا يحزنون. كيف نتقدم وأموالنا في بنوك أعدائنا يتحكمون فيها كما يشاؤون، يسمحون لنا بالتصرف فيها متى يشاؤون ويمنعوننا وقتما يشاؤون، وإن سمحوا لنا باستخدامها فما ذلك إلاّ لشراء منتوجاتهم وسلاحهم وطعامهم ولباسهم. فيبعيوننا سلاحاً وقد يشترطون علينا كيف ومتى نستخدمه، وقد يكون هذا السلاح قديماً أو مما يريدون أن يتخلصوا منه من مستودعاتهم كما حدث مع دولة عربية اشترت الأسلحة الخردة من الجيش الأمريكي في ألمانيا وأقيمت أكبر ورشة لإعادة تجديده وتلميعه، وما أن وصلت تلك الأسلحة إلى بلادنا حتى كانت الشاحنات تقف بمجرد أن تصعد تلة صغيرة. وقد تحمل ذلك البلد العربي الصغير ديوناً طائلة بالإضافة إلى الأموال التي ذهبت هنا وهناك وليس للسلاح أبداً. وقد يجعلون أموالنا لا تسوى الورق الذي طبعت فيها حين يخفضون عملتهم أو يفعلون أي شيئ مما لا أعرف تفاصيله فتذهب أموالنا أدراج الرياح. وحين أفكر بعمق لو ضاعت كل هذه الأموال، وكثير منها ضائع أو ربما معظمها، فهل سنصبح فقراء وجوعى؟ وأتذكر بسرعة (ولله خزائن السموات والأرض) فهو إن جعل مفاتحها اليوم بيد الغرب فقادر سبحانه وتعالى أن يورثها القوم المؤمنين. وقادر سبحانه وتعالى أن يعوضنا خيراً مما أخذ منا. ويصدرون لنا بضائع غالية الثمن وفينا من يدفع الأموال الطائلة لكيلو من الطماطم مستورد من هولندا أو غيرها وأحياناً نستورد الفجل وكأن فجلنا أو طماطمنا ليست لها طعم التي زرت بأيدي الشقر ذوي العيون الزرق وربما استعان هؤلاء بسمر مثلنا ولكن الطماطم عليها الختم الأجنبي فلا بد أن تكون ألذ، ونحن نقول سخرية (تطوّل العمر). كيف نتقدم وقد أهملنا ما عرفته المرأة الفنلندية تلك الوزيرة أو رئيسة الوزراء التي عندما سئلت عن سر تقدم فنلندا قالت: التعليم والتعليم والتعليم. وربما أضافت والشفافية. ورحم الله عمر بن الخطاب ورضي عنه عندما كان يعلمنا كيف يحاسب ولاته بل قبل ذلك أيضاً عندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً على الصدقة فعاد وقال هذا لكم وهذا أهدي إلي، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم غاضباً وقال : إنّا نولي الرجل مما ولّانا الله، فيأتي ويقول هذا لكم وهذا أهدي إلي، هلاّ قعد في بيت أبيه وأمه ولينظر ما يهدى إليه) فأين الشفافية في عالمنا العربي اليوم؟ كيف نتقدم ونحن لا نستوعب التقدم في تولية الرجل المناسب في المكان المناسب، ولا يصل الرجل الكفؤ إلى المنصب المناسب بل الوظائف إنما هي للمحاسيب والأقارب وغير ذلك. وفي حديث مع أحد الطلاب الذين يكملون دراساتهم العليا في ماليزيا قال لي ليس كل الطلاب الماليزيين الذين ينهون المرحلة الثانوية يدخلون الجامعة، ومن شاء دخول الجامعة فعليه دفع الرسوم، فقلت له أوافقك أن لا يترك الحبل على الغارب وليست الجامعات كما تقول لكل أحد، ولكن قل لي كيف أقبل أن يدخل الجامعة من حصل على ستين بالمائة أو حتى دونها ولا يقبل من حصل على تسعين بالمائة لا لسبب سوى أن صاحب الدرجة المنخفضة لديه واسطة أو فيتامين واو كما تعلمنا أن نقول. كيف نتقدم وأصحاب المناصب يبقون في مناصبهم حتى ينزعهم منها الغاسل. فكم من منصب عمّر فيه من عمّر مع أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لو أن أهل الكوفة طلبوني والياً كل يوم لوليت عليهم، وفي عالمنا العربي إذا فاحت رائحة أحد المسؤولين تم تثبيته في منصبه وعوقب من انتقده. وفي بلد عربي طرد مجموعة من العاملين في محطة التلفاز لأنهم قدموا برنامجاً حمل نقداً لأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية. وهذا يقودنا إلى الناحية السياسية فكيف بالله عليكم يمكننا أن نتقدم وتكاد كل الدول العربية تفقد الشرعية السياسية الحقيقية وارجعوا إلى كتاب أحمد بهاء الدين (الشرعية السياسية في العالم العربي) وقد تفوقنا على العالم كله في تزييف الانتخابات أو في كره الانتخابات حتى العمدة لم يعد ينتخب في بعض البلاد. وهو موضوع لا يمكن أن يقال فيه كلام كثير عملاً بنصيحة الضفدع في قول الشاعر قالت الضفدع قولاً رددته الحكماء في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء وقول الشاعر في فمي يا عراق ماء كثير كيف يشكو من في فيه ماء؟ وإلى مقالة أخرى من الخواطر الماليزية إن شاء الله
لم أجد صعوبة في العثور على صحف باللغة الإنجليزية في ماليزيا فهي فيما يبدو كثيرة على الرغم من اعتزاز القوم بلغتهم الأم ولدي أدلة على ذلك، ولكن الصحف باللغة الإنجليزية تتيح لمن لا يعرف لغة الملاوي أن يعرف شيئاً عن البلاد غير ما تراه عيناه من تقدم وازدهار حقيقي، أو تقصير وإهمال وتفاوت بين الناس والأحياء والأماكن. ومن أوائل الموضوعات التي اطلعت عليها محاضرة لسلطان ماليزيا الذي يملك ولا يحكم حيث إن ماليزيا قد تحولت منذ زمن إلى ملكية دستورية وحاكم البلاد الفعلي هو رئيس الوزراء الذي يتم انتخابه. وقد تعالت الأصوات تنادي بإلغاء منصب السلطان أو الملك الذي يتوج كل خمس سنوات ويتم اختياره من إحدى الولايات الماليزية. وفي هذه المحاضرة اشتكى السلطان من الأصوات التي بدأت تتعالى من الشباب أو من بعض فئات المجتمع تطالب بإلغاء الملكية أو منصب السلطان وما يتمتع به من امتيازات وصلاحيات. وذكر الحاضرين بمكانة السلطنة في تاريخ ماليزيا وما كتبه المستشرقون عن دور السلطان في حركة التحرير الماليزية ودور السلطنة أيضاً في المحافظة على الهُوُيّة المالاوية وتماسك البلاد. ولكني تساءلت أيضاً أليس السلطان بلا دور حقيقي حين يكون الحكم الفعلي في يد رئيس الوزراء المنتخب وأن السلطان شخص يعيش في قصر باذخ وله مخصصات مالية ولديه خدم وحشم ويقوم بأعمال بروتوكولية فقط؟ ولكن لن أقطع برأي ما لم أقرأ حول هذه القضية. العمال أو الموظفون في الأسواق التجارية: يشيع في ماليزيا –والعهدة على الراوي- أن المالاويين من أصل صيني يسيطرون على التجارة كما أن لهم يد في كثير من المهن غير الأخلاقية كالدعارة وغيرها. وأمام هذا التحكم الصيني في المال اضطرت الحكومة الماليزية أن تتدخل لتوفر فرص العمل لدى أصحاب المال. وقد لاحظت في أكثر من سوق كثرة العاملين أو الموظفين الذين يمكن الاستغناء عنهم. فمثلاً في أحد الأسواق الكبرى يوظف عدد من الأشخاص في كل قسم لإرشاد الزبائن إلى ما يريدون من بضاعة وأحياناً لا يفهم البائع أية لغة سوى المالاوية فلا يكون عوناً للمشتري ولكنه عندما تختار البضاعة يقوم بكتابة كوبون صغير أو إيصال صغير تأخذه إلى المحاسب. ويكثر هؤلاء لدرجة أنهم ربما يعرقلون البيع ولكن قيل لي هذه تقابل السعودة في بلادنا، ولكنها أنجح من السعودة في ظني والله أعلم. والسعودة أحياناً تكون عكسية أي يأتي موظف كبير من جنسية معينة فيأتي بأبناء جلدته حتى يخرج السعوديون الواحد تلو الآخر، وقد تعاملت مع وكالة سيارات فكان الذي يستقبل السيارات عند البوابة للصيانة (وظيفة لا تحتاج إلى خبير أجنبي) كان يستقبلنا: طوني وجورج وبوب وغيرهم، بل إن بعض الطونيات (نسبة إلى طوني) كانوا يعملون في المبيعات وهي أيضاً وظيفة لا تحتاج إلى ذوي العيون الزرق والشعر الأشقر كما هو الحال في أحد أكبر الأسواق التجارية في بلادنا. الابن ماجد الماجد والإعجاب بماليزيا ماجد الماجد من تلاميذي في كلية الدعوة بالمدينة المنورة (أيام كانت تابعة لجامعة الإمام) والمحاضر حالياً بجامعة طيبة، طالب متميز بعلمه وحافظته وخلقه ولطفه ورقته وقد عاش في المدينة المنورة فازداد رقة ولطفاً بجوار الحبيب صلى الله عليه وسلم ورفقته لأهل طيبة الكرام. استقبلني في مطار كولالمبور وصحبني إلى الفندق وتحدثنا طويلاً عن دراسته وجامعته وماليزيا التي أحبها ومن عرف ماليزيا أحبها، وكأني به أحب ماليزيا لأن ما يراه فيها من إنجازات رائعة تعوضه عن بعض مناحي تأخرنا، حدثني عن النفق الذكي الذي صممه مهندس ماليزي وأنجزته شركات مقاولات ماليزية، وقد نظر الماليزيون فرأوا أن كولالمبور تقع في منخفض فلو أصابها فيضان فإن نظام الصرف الحالي لن يكفي فتفتقت عبقرية المهندس ليحفر نفقاً عمقه ثلاثون متراً وفكروا أن يستغلوا الأرض المحفورة فجعلوا منها مسارين للسيارات أحدهما فوق الآخر والثالث يكون للمياه ولكن إن زادت المياه أصبحت كلها لتصريف المياه فلا تغرق كولالمبور بإذن الله. وحدثني عن ترتيب جامعته الذي إن حفظت فهو السابعة والثمانون وفي سنة من السنوات قصّرت الجامعة فتراجع ترتيبها أو فقدت شهادة الإيزو العالمية فما كان من وزير التعليم العالي إلاّ أن أقال مدير الجامعة وأصر على أن الجامعة يجب أن تتقدم لا أن تتراجع. كما حدثني عن مشروع وقف الحج وهو أن يدفع الماليزي المسلم خمسة عشر رنجت (يساوي ريال أو أفضل بقليل) شهرياً على مدى سنوات وفجأة تصله تذكرة السفر ومصروفات الحج كاملة إلى بيته. وقد أصبحت هذه المؤسسة تملك الملايين بفضل الاستثمارات التي قامت بها. كما أكد لي عناية الماليزيين بالتدرب على أعمال الحج قبل أن يسافروا إلى الحج ويتعلمون الأحكام الشرعية كافة ومحضورات الإحرام وغيرها. وأشار ماجد إلى أن دستور البلاد ينص على أن الدين الإسلامي هو دين البلاد بعكس ما حدث في جارتها إندونيسيا حيث لا ينص الدستور على دين البلاد، وبالتالي حافظت ماليزيا على كثير من أحكام الإسلام وشعائره. وقد شاهدت في الشوارع لوحة (تكافل) كما وجدت عبارة (زكاة) وقد علمت من السابق أن لديهم ما يسمى مؤسسة القرض الحسن، وليس القرض الذي يوقع المقترض في بعض بنوكنا على كمية من الأوراق أنه وكّل البنك لشراء حديد أو اسمنت أو نحاس أو أي شيء وفي النهاية يسدد القرض بفائدة محددة ويقال له لقد أجازت القرض الهيئة الشرعية التي هرب منها أحد علمائنا (الشيخ الجنيدل) لأنه لم يثق بما تعمله البنوك ولأنها تغدق على الهيئات الشرعية. – والأمر يحتاج إلى فحص وتدقيق، فلس هذا رأي نهائي، وإنما أعرف من خبرتي الشخصية أن في بعض البنوك تدفع نسبة معينة ومهما وقعت من أوراق فأنت تعرف أن أحداً يضحك عليك.
شكرا د. مازن ... و لكن خذ هذه الخاطرة الدمشقية التي خرجت من رحم مكة على لسان الميداني رحمه الله : " إن القنبلة النووية الإسلامية هي الدعوة ! فبالدعوة تمتلك الذي يمتلك القنبلة النووية !؟! " و هذا في أيدينا .. فلنجتهد فيما هو في أيدينا مما هذا شأنه الجليل ! و لنترك ما ليس في أيدينا .. و يقولون في الخواطر الهندية : " إذا أطعنا الله فيما يريد و نستطيع , هيّأ الله لنا ما نريد و لا نستطيع " !؟! و للحديث صلة ذات محل إعراب جليل !
كنت قد قرأت مقالة للكاتب محمود عمارة يحكي فيها قصة ماليزيا ونهضتها الفريدة التي نالت إعجاب كل من يرنو لكرامة الاستقلال، واستقلال الكرامة، التي باتت في دولنا مجرد حكاية ثلاثية الأبعاد، وبات الاقتصاد مجرد لعبة للدمى المتحركة تثار بها مشاعر الشعوب في كل حين، وما هي في الحقيقة إلا فاشوش على فاشوش.
قصة ماليزيا دولة كانت محدودة المساحة والموارد والإمكانيات. ولكن الإرادة لا يقف أمامها شيء. تبلغ مساحتها 320 ألف كم2 في عام 1981. وعدد سكانها لا يتعدى 30 مليونا.
بقيت ماليزيا على ما هي عليه حسب المقالة حتى جاءها المصلح الاقتصادي العملاق مهاتير محمد. الطبيب الجراح ذو العقلية الناضجة، وصاحب الطموح الذي يناطح السحاب. حيث تم اختياره رئيساً للوزراء عام ٨١، لتبدأ النهضة الشاملة التي قال عنها في كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي.
رسم خريطة لمستقبل ماليزيا، وحدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج التي يجب الوصول إليها خلال عشر سنوات. ثم تجدد بخطة أخرى لعشر سنين أخريات. وهكذا كان قد قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة، حيث خصص أكبر قسم في ميزانيّة الدولة للتدريب والتأهيل والتربية والتعليم. وقلّص ميزانيّة الجيش؛ لأنه ليس في حالة حرب. وقضى على جميع صور الترف والبذخ والإنفاق على القصور والمجاملات والهدايا، وأطلع الشعب على خطته بكل شفافية ومصداقية، فصدقه الناس، ومشوا خلفه بعد أن بدؤوا بقطاع الزراعة، حيث غرسوا مليون شتلة من نخيل الزيت في أول عامين، لتصبح ماليزيا من أوائل دول العالم الآن في تصدير زيت النخيل. وفي السياحة قرر مهاتير محمد أن يكون ريع السياحة خلال العقد الأول 20 مليار دولار، بدلاً من 900 مليون، ليصل الآن إلى أكثر من 33 مليارا للسياحة وحدها.
وفي قطاع الصناعة حققت ماليزيا فى عام ٩٦ طفرة تجاوزت ٤٦٪ عن العام السابق، بفضل المنظومة الشاملة، والقفزة الهائلة فى الأجهزة الكهربائية، والحاسبات الإلكترونية.
وقد فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم فى العالم، ٦٥ مركزاً تجارياً فى العاصمة «كوالالمبور» وحدها.. وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومى إلى ألفي مليون دولار يومياً. وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة فى العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير.
باختصار حسب الكاتب استطاع مهاتير محمد من عام ٨١ إلى عام ٢٠٠٣ أن يصعد ببلده من الأسفل إلى أن تربع على قمة الدول الناهضة، التي يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من ١٠٠ دولار سنوياً عندما تسلم الحكم إلى ١٦ ألف دولار سنوياً.. وأن يصل الاحتياطي النقدي من ٣ مليارات إلى ٩٨ ملياراً، وأن يصل حجم الصادرات إلى ٢٠٠ مليار دولار، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم في بلد به ١٨ ديانة، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي عام ٨١ كان عددهم ١٤ مليوناً، والآن أصبحوا 30 مليوناً، ولم يتمسك بالكرسي حتى آخر نفس أو يطمع في توريثه.
ففي عام ٢٠٠٣ وبعد ٢١ سنة، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الحكم، رغم كل المناشدات، ليستريح تاركاً لمن يخلفه «خريطة» و«خطة عمل» اسمها «عشرين.. عشرين».. أي شكل ماليزيا عام ٢٠٢٠، والتي ستصبح رابع قوة اقتصادية في آسيا بعد الصين، واليابان، والهند.
انتهت مقالة الكاتب عمارة ولكن بقيت أسئلة تحاكي قلوبنا على استحياء، وتصفع وجوهنا بلا حياء. وتتساءل بإصرار عن علّة قما يحلّ بنا وما هي أسباب هزائمنا على كل صعيد؟ ما هي علّة ثرواتنا النفطية التي أودت بنا إلى القاع؟ وما هي لعنة مناطقنا السياحيّة التي لا تجلب لنا إلا الإيدز والفقر، ولدينا عجائب الدنيا، وآثار الدهور، وعمائر الزمان؟ ما بال أراضينا لا تجلب إلا الجدب، ولا تنتج إلا الزبد الرابي؟ وما هي قصتنا مع العلم والبحث العلمي، رغم كل ما نحمله على ظهورنا من وثائق وأسفار؟ أين هي خططنا الإنتاجيّة التي بنيناها بسواعدنا لنلحق بها من سبقنا؟. ماذا أعد لنا قادتنا للمستقبل غير ملف التوريث والبطش والتنكيل لكل من يرفع رأسه حتى ولو كان ناصحاً أميناً؟ والى متى سنظل في غربة عن قادتنا نكتب مالا يقرؤون، وننعق بما لا يسمعون؟.
بارك الله بك دكتور مازن على ما أتحفتنا به وجزاك الله ألف خير.