الخلط بين السور في القراءة

إنضم
11/02/2005
المشاركات
16
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..وبعد:
فمسألة الخلط في القراءة،وصورتها:أن يقر آية آية من كل سورة،أوردها الزركشي في البرهان(2/99) حيث قال فيها :فالأولى بالقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول المجتمع عليه،وقد قال ابن سيرين:تأليف الله خير من تأليفكم.ونقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة،وقد روى أبو داود في سننه(ص198)[ح1330]عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر...وفيه:وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة،ومن هذه السورة،فقال:كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض،فقال: (كلكلم قد أصاب) قلت:حسنه الألباني. وفي رواية لأبي عبيد في الفضائل:قال بلال:أخلط الطيب بالطيب،فقال:اقرأ السورة على وجهها)أو قال: (على نحوها)قلت:ورواها عبد الرزاق في مصنفه(2/495)وابن أبي شيبة في مصنفه(6/78)وقال محققه-محمد عوامة-حديث مرسل بإسناد حسن،ومراسيل سعيد بن المسيب من أصح المراسيل.. ثم قال الزركشي:وهي زيادة مليحة...ثم نقل كلام أبي عبيد وفيه:الأمر عندنا على الكراهة في قراءة القراء هذه الآيات المختلفة،كما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال،وكما اعتذر خالد بن الوليد عن فعله،ولكراهة ابن سير ين له.ثم قال:إن بعضهم روى حديث بلال،وفيه:قال صلى الله عليه وسلم:كل ذلك حسن)وهو أثبت وأشبه بفعل العلماء.ا.هـ
فالمسألة فيها حديثان الأول:حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في سنن أبي داود وهو حسن-كما سبق-وفيه قال صلى الله عليه وسلم:كلكم قد أصاب.ففيه إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لفعل بلال رضي الله عنه،في الخلط بين السور.
الثاني:مرسل سعيد بن المسيب وفيه:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:اقرأ السورة على نحوها)وفي رواية(اقرأ السورة على وجهها)رواه البيهقي في الشعب(2/430)[ح2304].حيث أنكر صلى الله عليه وسلم على بلال صنعيه..
فكيف يمكن توجيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه؟؟
 
حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه أبو داود وفيه: ( وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة،ومن هذه السورة) ليس معناه أن يقر آية آية من كل سورة، بل المعنى: أنت تقرأ آيات من هذه السورة وآيات من هذه السورة ولا تقرأ سورة كاملة، ولا مانع من ذلك إذ كل القرآن كلام طيب وبلال يقرأ ما أحب قراءته واشتهاه ، وربما يؤيد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه برقم ( 1197 ) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ) [ البقرة: 136] والتي في آل عمران ( تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ) [ آل عمران: 64 ].
 
هذه المسألة يتعلق بها مسائل منها:

لو كان رجل يحفظ من كل سورة بعضها ويريد أن يقرأ من حفظه فهل نقول يجوز له ذلك أو لا يجوز؟

ومنها ما يفعله الناس في الصلاة يقرأ في الركعة الأولى من سورة وفي الثانية من أخرى ، وهذه قد صح الخبر عن رسول الله صلى الله أنه فعله فقد روى مسلم رحمه الله من حديث بن عباس قال : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ
{ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا }
وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ
{ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }"

ومنها ما يفعله الرقاة حيث يقرءون من هنا وهناك......؟

ومنها ما يفعله المختبرون للحفظ حيث يتنقلون بالمختبر من سورة إلى أخرى ............. ؟

بقي الحافظ للقرآن كاملا والقارئ من المصحف هل له أن ينتقل من سورة إلى أخرى قبل أن يتم الأولى؟
 
أشكر الدكتور محمد محمود..ولكن ما الصارف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن المعنى الذي اشتمل عليه حديث سعيد بن المسيب المرسل،وكيف فرقنا بين الحديثين وقد تكون القصة واحدة،كما يظهر من سياقهما؟
 
قال فضيلة الشيخ محمود الحصرى - رحمه الله :
( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته والتابعون وأتباعهم وعلماء الإسلام فى سائر الأعصار والأمصار يقرءون القرآن الكريم على هذا الترتيب البديع ، والتنسيق المعجز ، الذى كان - ولا يزال - له أكبر الأثر فى قلوب المسلمين . ولكن مما يؤسف له أن قراء القرآن الكريم فى هذا العصر -إلا النذر اليسير- قد ابتدعوا فى قراءاتهم بدعة سيئة وطريقة مقيتة ، ينكرها الدين ويأباها الشرع وينفر منها قلب المؤمن المفعم بحب القرآن وتقديسه ، الغيور على صيانته من عبث العابثين وهذيان اللاعبين ، تلك الطريقة القبيحة المستهجنة والبدعة الضالة المحدثة هى : أن القارئ يخالف الترتيب الذى أنزل الله القرآن عليه ، لذلك يبدأ قراءته بسورة معينة أو جزء مخصوص من القرآن الكريم ولكنه لا يصل الآيات بعضها ببعض ، بل ينتقي آيات معينة على مزاجه الخاص ، ويترك فى البين آيات أخرى لا توافق مزاجه ، ولا تلائم هواه ، وقد يعمد في قراءته إلى الاقتصار على آيات الوعد والبشارة ، دون آيات الوعيد والنذارة . وقد صرَّح البعض -غفر الله له- بأنه إنما ترك آيات الزجر والإنذار رعاية لشعور السامعين وإحساسهم ، وهو في ذلك جدُّ خاطئ فإن المولى جلَّت قدرته الحكيم في صنعه العليم بخفايا النفوس وهواجس القلوب قد خلق عباده متفاوتين في الاستعداد ، متباينين في الفطر والغرائز ، فمنهم من يكون علاجه في سماع آيات الوعد والتبشير ، ومنهم من يكون دواؤه في سماع آيات التهديد والوعيد ، فالله تعالى يؤدب عباده على اختلاف استعداداتهم وتباين طبائعهم .. فالقارئ الذي يقتصر في قراءته على آيات الوعد والتبشير ، كأنه يستدرك على الخالق ، ويعقب عليه ، وكأنه يدعى أنه أكثر أدباً وأسد رعاية لشعور السامعين من القرآن الكريم ، وكأني به وهو يزعم أن عنده من الرحمة بالخلق والإشفاق عليهم ما ليس عند أرحم الراحمين وما ليس عند المبعوث رحمة للعالمين )
انظر كتاب: مع القرآن الكريم ، تأليف الشيخ / محمود الحصرى صفحة 64 ، 66 بتصرف ، ط / الثانية .
 
عودة
أعلى