الخلاف بين السلف في التفسير بالمأثور

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
10
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
الخلاف بين السلف في التفسير قليل ، وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد ، وذلك صنفان ؛ أحدهما : أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه ، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر ، مع اتحاد المسمى ؛ كتفسيرهم ] الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [ [ الفاتحة : 6 ] ؛ قال بعضهم : هو القرآن : أي اتباعه ؛ وقال بعضهم : هو الإسلام ، وهذان القولان متفقان ؛ لأن دين الإسلام هو اتباع القرآن ، ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر .
الثاني : أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه ، على سبيل التمثيل ، وتنبيه المستمع على النوع ، وهذا الذي يطلق عليه البعض ( التفسير بالمثال )[SUP] ( [1] )[/SUP] ؛ مثال ذلك ما نُقل في قوله : ] ثُمَّ أَوْرَثْنَا ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَـٰلِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِٱلْخَيْرَٰتِ بِإِذُنِ ٱللَّهِ [ [ فاطر : 32 ] ؛ فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للحرمات ؛ والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات ؛ والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات ؛ ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات كقول القائل : السابق الذي يصلي أول الوقت ، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه ، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار ؛ أو يقول : السابق المحسن بالصدقة مع الزكاة ، والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط ، والظالم مانع الزكاة .
وقد يكون الاختلاف لاحتمال اللفظ للأمرين ؛ كلفظ ] عَسْعَسَ [ [ التكوير : 17 ] ، الذي يراد به إقبال الليل وإدباره ؛ أو لأن الألفاظ التي عـبروا عنها متقاربة ، كما إذا فسر بعضهم ] تُبْسَلَ [ [ الأنعام : 70 ] بـ تحبس ، وبعضهم بـ تُرتهن ، لأن كلا منهما قريب من الآخر [SUP]( [2] ) [/SUP].

[1] - استعمل ابن عطية رحمه الله رحمه الله في تفسيره ( المحرر الوجيز ) هذا المصطلح كثيرًا .
[2] - انظر ( مجموع الفتاوى ) : 13 / 314 ، وما بعدها ؛ ونقلها السيوطي في ( الإتقان ) باختصار وتصرف : 2 / 500 - 502 .
 
عودة
أعلى