المصدر : نقلا من كتابي ( رمضان .. واهاً لريح الجنة)
1- رمضان والتوبة:
- هل تشكو مثلي من كثرة الذنوب، وطُغيان الهوى في القلوب ؟
- هل تعاني مثلما أُعاني من ظلمات الشهوة وطول الغَفلة ؟
أيها الراغبون في التوبة، أيها المشتاقون إلى الأَوْبة، أبْشروا؛ أتاكم شهرُ الغُفران المُرتجى، والعطاء والرضا، والرأفة والزُّلفى، أتاكم شهر الصفح الجميل، والعفو الجليل، أتاكم شهر النَّفحات وإقالة العثرات، وتكفير السيِّئات، فليكُن شهركم بداية مولدكم وانطلاقة رجوعكم، وإشراق صُبحكم وتَباشير فجركم، وأساس توْبَتكم.
إخواني في الله، هَلُمُّوا إلى ربكم، فباب التوبة مفتوح، وعطاء ربِّكم ممنوح.
فالتوبة: "ملاذ مَكين، ومَلجأ حصين، دَنَسُ المعاصي يُغسَل بماء التوبة، ولوثة الخطايا تُزال بزُلال الاستغفار، والتوبة هروب من العِصيان إلى الأُنس بالرحمن، هروب من السيِّئة إلى الحسنة؛ إنها فِرار من الخالق إلى أعتابه، وهروب من الجبَّار إلى رحابه"
[1].
والتوبة: "افتقار إلى الله وانكسارٌ، واستغفار واعتذار من الذنب والناس هجوع (نيام)، وتذلُّل بين يديه وخضوع، وإقلاع عن الذنب ورجوع، وعَزْم وعهْدٌ على الابتعاد عن المعاصي وأسبابها، ومُقترفيها وأمكنتها فيما هو آتٍ، ورَدٌّ للمظالِم والحقوق المُغتصبة بغير حقٍّ إلى أصحابها"
[2].
والتوبة: "ندَمٌ على اقتراف الذنب والشعور بلَدغه وكيِّه، والندم هو بيت القصيد، وحجر الزاوية، وقُطب الرَّحى في التوبة، فمَن لَم يَشعر به حسرة تَغمره، ونارًا تتأجَّج في قلبه، فليس بتائب - وإن ادَّعى"
[3].
والتوبة: نداء الله - عزَّ وجلَّ - المتلطِّف لعباده بألاَّ يَقنطوا من رحمته، أو يَيْئَسوا من مَغفرته؛ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]
وما أجْمَل التصوير النبوي لفرحة الله - عزَّ وجلَّ - بتوبة عبده، وانطراحه بين يديه؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لله أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرضٍ فَلاة، فانفَلَتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأَيِس منها، فأتى شجرة، فاضطجَع في ظلِّها وقد أَيِس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخَذ بخُطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شدة الفرح) رواه مسلم
فيا له من فضْلٍ عظيم، وعطاءٍ جسيم من ربٍّ كريم، وخالق رحيم، أكرَمنا بعفوه، وغشَّانا بحِلمه ومغفرته، وجلَّلنا بسِتره، وفتَح لنا باب توبته؛ يعفو ويَصفح، ويتلطَّف وبتوبة عبده يفرح، يَبسط يده بالليل؛ ليتوب مُسيء النهار، ويَبسط يده بالنهار؛ ليتوب مُسيء الليل، حتى تَطلُع الشمس من مغربها، وهو القائل - جل في علاه - في الحديث القُدسي: "يا ابن آدم؛ إنَّك ما دعوتني ورَجَوتني، إلاَّ غَفَرت لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو بلغَتْ ذنوبك عَنان السماء، ثم استغفرتني، غَفَرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي، يا ابن آدم، لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا، ثم جِئتني لا تُشرك بي شيئًا، لأتيتُك بقُرابها مغفرة" أخرجه الترمذي
فمتى يتوب مَن أسرَف في الخطايا وأكثرَ من المعاصي، إنْ لَم يَتُب في شهر رمضان؟! ومتى يعود إن لَم يَعُد في شهر الرحمة والغفران؟!
أخي الحبيب، اعلم أنَّ الإنسان يولَد مرتين: يوم يخرج من ظلمة رحم أُمِّه إلى نور الدنيا، ويوم يخرج من ظُلمات المعصية إلى نور الطاعة، فيا لها من فرصة يفرح القلب بها ويَسعَد حينما يرجع إلى ربِّه نادمًا، ويَلحق برَكْب الصالحين، فأين أنين المذنبين؟ أين بكاء النادمين؟ أين خشوع الخائفين؟
فيا أيها العاصي، لا تَقْنَط من رحمة الله بسوء أعمالك، فكم يَعتق من النار في هذه الأيام من أمثالي وأمثالك، فأحْسِن الظنَّ بمولاك وتُب إليه؛ فإنه لا يَهْلِك على الله هالك، وردِّد معي:
يارب إن عظمت ذنوبي كثـرة فلقد علمت بأن عفوك أعظـم
إن كان لا يرجـوك إلا محسن فبمن يلوذ ويستجير المجـرم
أدعوك رب كما أمرت تضرعا فإذا رددت يدي فمن ذا يرحـم
مالي إليك وسيلة إلا الرجـا وجميل عفوك .. ثم إني مسلم
2- رمضان والتقوى:
قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].
والأستاذ سيد قطب - رحمه الله – يَشْرح :
"وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم، إنها التقوى؛ فالتقوى هي التي تَستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة؛ طاعةً لله وإيثارًا لرضاه، والتقوى هي التي تَحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تَهجِس في البال، والمخاطَبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلَّع إليها أرواحهم، هذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصِّل إليها، ومِن ثَمَّ يرفعها السياق أمام عيونهم هدفًا وضيئًا، يتَّجهون إليه عن طريق الصيام؛ ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.
التقوى: خير الزاد، وخير اللباس، ووصيَّة الله للأوَّلين والآخرين، وهي العُدَّة في الشدائد والعون في المُلمات، ومَهبط الرَّوح والطمأنينة، ومُتَنَزَّل الصبر والسكينة.
التقوى: أن تَجعل بينك وبين غضب الله - وعقابه وعذابه - وقايةً؛ وذلك بفعْل طاعته واجتناب معصيته، فالإنسان مفطور على التوقِّي من كلِّ ما يؤلِمه أو يضرُّه، حتى إنه يتوقى من حرِّ الشمس ومِن ألَم البرد باللجوء إلى ظلِّ سقفٍ أو حائط أو شجرة، فما أحوَجه إلى ما يَقيه وقاية حسيَّة ومعنويَّة مما يضرُّه في الدنيا والآخرة نتيجة عِصيانه لله.
التقوى: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله، ترجو ثواب الله، وأن تتركَ معصية الله على نورٍ من الله، تخاف عقاب الله.
التقوى: "حساسية في الضمير، وشفافية في الشعور، وخشية مستمرَّة، وحَذَرٌ دائم، وتَوَقّ لأشواك الطريق، طريق الحياة الذي تتجاذَبه أشواكُ الرغائب والشهوات، وأشواك المطامع والمطامح، وأشواك المخاوف والهواجِس، وأشواك الرَّجاء الكاذب فيمَن لا يَملِك إجابة رجاءٍ، والخوف الكاذب ممن لا يَملِك نفعًا ولا ضُرًّا، وعشرات غيرها من الأشواك"
[4].
التقوى: ما أسهلَ لفظها! وما أصعَب تطبيقها! لا يُطيق تطبيقها إلاَّ الأفذاذ من المؤمنين الذين اشتروا الآخرة، وباعوا الدنيا.
أخي في الله، قل لي بربِّك إذا خرَجت من رمضان وقد فُزت بالتقوى، ماذا بَقِي من الخير ما حُزْته؟! ومن البركات ما حصَّلتها؟! فلن يَهْلِك من كانت التقوى زادَه ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 72].
فما قيمة الإنسان بلا تقوى؟! وما قيمةُ الصوم إن لَم يُثمر خشية ومُراقبة، وتوبة وإنابة؟! ما قيمة الصوم إن لَم يُثمر إرهافًا في الشعور، وشفافية في الحِسِّ، ومُجانبة للخطيئة؟!
ما قيمة الصوم إن لَم يكن محاكمةً للضمير، ومُحاسبة للنفس، ومراجعة للماضي، واستحضارًا واعترافًا دائمًا، معناه: ربِّ إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، وإلاَّ تَغفر لي وترحمني، أكنْ من الخاسرين؟!
وهكذا أخي القارئ، تذكَّر إذا هَمَمت بما لا يَحْسُن فِعْله في رمضان - فأمْسَكت عنه؛ لأنك صائم - أن الإسلام يريد منك كلما هَمَمت بما لا يَحْسُن فِعْله أن تُمسِك عنه؛ فالإمساك عن ذلك هو (التقوى).
وعن سِرِّ ختام آية الصيام بالتقوى يُحدِّثك الدكتور ناصر الزهراني :
"فالصيام تهذيب وتدريب للإنسان على الكمال الرُّوحاني الذي يؤهِّله لأن يكون من أهل الآخرة؛ لأنَّ التقوى درجة كبيرة من الشفافية، ومنزلة بديعة من المراقبة، إنها استحضار عَظَمة الباري، واليقين بمراقبته والحياء من اطِّلاعه، إنها المنزلة التي إذا ارْتَقَى إليها العبد، قرَّت عينه، وزكا قلبه، وصفا ذِهْنه، وهُذِّبت أحاسيسه، وتألَّقت مشاعره، وامْتَلأَت رُوحه بجلال الله، ومَضَت مسيرته على نور من الله، فالسير في رضاه، والنُّطق في طاعته، والسماع لِمَا يُرضيه، والأكْل مما أباحَه، والشرب مما أحَلَّه، والكسب مما شرَعه، فهو لله، وفي الله، وبالله".
3- رمضان والحرية:
إنَّ صوم رمضان منهاج يتدرَّب به المرءُ على تحرير نفسه، والانسحاب بها من أَسْر المادة وظُلمة الشهوة؛ ليحيا ما شاء الله في ملكوت الحياة الحقِّ، ويكون له ما شاء الله من خصائص الخير والفضيلة، فالحريَّة الصحيحة لا يَذوقها ولا يُقَدِّرها إلاَّ من حَيَّ هذه الحياة. وعن معنى الحرية الحقيقيَّة التي يحقِّقها الصيام، يحدِّثك د. مصطفي السباعي - رحمه الله:
"وليست الحرية كما يظنُّها كثير من الشباب أن يَنطلق الإنسان وراء أهوائه وشهواته، يأكل كما يشاء، ويفعل ما يشاء، ويحقِّق كلَّ ما يهوى ويريد، فتلك هي الفوضى أولاً والعبودية الذليلة أخيرًا، حين تستولي على الإنسان عادة الانطلاق وراء كلِّ لذَّة، والانفلات من كلِّ قيْدٍ يكون قد استعبدتْه اللَّذة على أوْسع مدًى، وأصبَح أسيرَها يجري في الحياة تحت إرادتها ووَحْيها، لا يعمل إلاَّ ما تريد، ولا يستطيع فَكاكًا مما تهوى.
فما هذه الحرية التي تنقلب إلى عبوديَّة لأهون ما في الحياة من قيمة ومعنى؟!
وحين ينطلق الإنسان وراء فتاة يهواها أو وراء الغانيات يُشبع بهنَّ لذائذه، أيستطيع أن يزعم أنه حُرٌّ من سلطانهنَّ؟ ألا تراه أسيرَ اللحظات، رَهْنَ الإشارات، شارِدَ اللُّب، أقصى أمانيه في الحياة بسمة من حبيب هاجِر، أو وصال من جسم مُمتنع؟! أيَّة عبوديَّة أذَلُّ من هذه العبوديَّة، وهو لا يَملِك حريَّته في الحبِّ والكُره، والوَصل والمنَع، والرضا والغضب، والهدوء والاضطراب؟!
ليست العبوديَّة قيْدًا ولا سجنًا فحسب، فهذه أهون أنواع العبوديَّة وأسرعها زوالاً، ولكن العبودية الحَقَّة: عادةٌ تتحكَّم، وشهوةٌ تستعلي، ولذةٌ تُطاع، وليست الحرية هي القدرةَ على الانتقال من بلدٍ إلى بلد، فتلك أيسرُ أنواع الحرية وأقلُّها ثمنًا، ولكن الحرية الحَقَّة أن تستطيع السيطرة على أهوائك ونوازع الخير والشر في نفسك، إنَّ الحرية الحَقَّة ألاَّ تستعبدَك عادةٌ، ولا تستذلَّك شهوةٌ.
إنَّ أوسَعَ الناس حرية أشدُّهم لله عبوديَّة، هؤلاء لا تستعبدهم غانية، ولا تتحكَّم فيهم شهوة، ولا يستذلهم مالٌ، ولا تُضيِّع شهامتَهم لذَّةٌ، ولا يَذِلُّ كرامتَهم طمعٌ ولا جَذَعٌ، ولا يَتَملَّكهم خوفٌ ولا هَلَعٌ، لقد حرَّرتْهم عبادةُ الله من خوف ما عداه؛ ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 62 - 64].
وما أجمل قول ابن عطاء الله - رحمه الله: "أنت حُرٌّ مما أنت عنه آيِس، وعبد لِمَا أنت فيه طامع".
والدكتور البوطي يشرح: "إنَّ يأْسَك من الشيء يعني تحرُّرك من سلطانه، وخروجك من أسْر التذلُّل له، وحاجة تودُّدك إليه، واستعطافك له، في حين أنَّ آمالَك في إمكان الاستفادة منه يُطمِعك فيه، وطَمَعُك فيه يُوقِعك في براثن العبوديَّة له".
أخي في الله: "لئن كانت قيمة الإنسان بمقدار ما ينال من لذائذه، فإنَّ الحيوان أكثرُ منه قيمة وأعلى قدْرًا، إن الحيوان هو الذي يسعى وراء لذَّته بلا قيْد ولا هدف، ومَهْمَا جَهَد الإنسان أن ينال من لذائذه ما يهوى، فإنه مُلاقٍ في سبيل ذلك - رغم أنفه - عوائقَ تَمنعه من بعض ما يريد، فهل يزعم أحدٌ أنَّ الحيوان الذي لا يعوقه دون استكمال لذَّته عائقٌ أكثرُ من الإنسان حرية، فهو أكثر منه سعادة؟!"
[5].
4- رمضان وتهذيب الرُّوح:
فرَض الله تعالى الصيام؛ ليتحرَّر الإنسان من سلطان غرائزه، ويَنطلق من سِجن جسده، ويَتغلَّب على نزعات شهوته، ويتحكَّم في مظاهر حيوانيَّته؛ لأنه "إذا تَغلَّبت هذه الطبيعة الحيوانيَّة ومَلَكت زمام الحياة، واسْتَحْوذت على مشاعر الإنسان وحياته، وأصبَحَت (المعدة) القطب الذي تدور حوله الحياة، شَقَّ على الإنسان كلُّ ما يحول بينه وبين رغبته، وما يشغله عن إرضاء نَهْمَته، وكلُّ ما يُذَكِّره بمبدئه ومصيره، فلا يجد في أعوام طوال وقتًا صافيًا، وقلبًا فارغًا، وعقلاً يَقظًا، وضميرًا حيًّا، فتَثقل عليه العبادة والذِّكر وما يتصل بهما، ولا يجد لذَّتهما"[6].
وما أجمل قول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله:
"شرَع الصيام للناس؛ فطامًا لأنفسهم عن شهواتها المألوفة، وقهرًا لعاداتها المستحكمة، وتدريبًا للإرادة في صراعها مع الغرائز السُّفلى، وإطلاقًا للرُّوحانيَّة الحبيسة في سجن الضرورات المتكرِّرة أبدًا، ضرورات الغذاء والكساء، وكأنَّ الإسلام يريد إشعار الإنسان بأصْله العريق المُنبثق من رُوح الله، ويُريد تحريره من آصار الأرض، ويُريد أن يجعلَ من أيام هذا الشهر المبارك فُرَصًا للتزوُّد من عناصر السمو ومعاني الطُّهر، وادِّخار مقدار من ذلك يَبقى مع المرء طول السَّنة، كما تُدَّخَر قوى الكهرباء في مستودعاتها عندما (تُملأ بكميَّة) ضخمة، فتظل تُضيء وتحرِّك، حتى إذا فرغت، مُلِئت (البطارية) ثانية، وهكذا يجيء رمضان فيَمْلأ النفوس خيرًا وتُقى، كلما ضَعُفت فيها دوافع البر والتقوى".
وصدَق الشيخ الغزالي، فأثناء الصيام وخُلو المعدة، أو تخفُّفها من الطعام، تسمو الرُّوح ويصفو القلب، وتَزول الحُجُب وجواذب الأرض، فيكون الصفاء والإشراق، ويشعُّ نورُ الحق في القلوب، فيُضيئُها، وتتهيَّأ النفس للتزكية بالذِّكر وتلاوة القرآن، والاستغفار والتوبة والدعاء، وتكون السعادة الحقَّة والمُتعة الرُّوحيَّة، والشعور بالقُرب من الله.
أخي في الله، اعلم "أنك تصوم وليس لله حاجة إلى طعامك وشرابك؛ كي يشهدَ حالك أن نداء السماء أعزُّ عليك من شهوة جسدك، فتَنقدح بذلك شرارات تُزكي رُوحك، وتُبدِّد ظُلمة نفسك"
[7].
5- رمضان والصبر:
"الصبر قوَّة خلقيَّة من قوى الإرادة، تمكِّن الإنسان من ضبْط نفسه؛ لتحمُّل المتاعب والمَشقَّات والآلام، وضبْطها من الاندفاع بعوامل الضَّجر والجَزَع، والسأم والمَلل، والغضب والطيْش، والخوف والطمع، والأهواء والشهوات والغرائز"[8].
ورمضان شهر الصبر؛ لِمَا فيه من حبْس النفس عن المُفطرات المادية والمعنويَّة، فحَبْس النفس عن شهواتها في أيام شهر كامل، فيه تدريب لها على اكتساب الصبر؛ لأنه مَن استطاع بإرادته أن يكفَّ نفسه عن الشهوات المباحة في غير الصوم، والتي يُمارسها في العادة، ويَصبر على كفِّ نفسه عنها خلال أيام شهر كامل، استطاعَ أن يكفَّ نفسه بعد ذلك، فيَصبر عن الشهوات المحرَّمة، ويَصبر على الطاعات التي فيها تكليف للنفس، ويَصبر على المصائب؛ لأنه قد تدرَّب بالصيام المشروع في رمضان على خُلُق الصبر.
"أليس ما يتطلَّبه الصوم من الصائم أن يكون على سَمتٍ خاص في العبادة، وأن يكفَّ نفسه عن شهوات بطنه وفرْجه، ولسانه عن الفُحش في القول، وجوارحه عن فعْل ما يؤثم؟
وهل الصبر إلا حَبْس النفس على ما تَكره، وصرْفها عمَّا تحبُّ وتشتهي؟
فالصبر ثمرة من ثمرات الصوم وغاية من غاياته"[9].
والصبر ثلاثة أنواع - كما قال أهل العلم، وهي: صبْر على طاعة الله، وصبْرٌ عن معصية الله، وصبْرٌ على أقدار الله، ومرجع هذا أنَّ العبد في هذه الدنيا بين ثلاثة أحوال: بين أمرٍ يجب عليه امتثاله، وبين نهي يجب عليه اجتنابه وترْكه، وبين قضاء وقدرٍ يجب عليه الصبر فيهما، وهو لا ينفكُّ عن هذه الثلاث ما دام مُكلفًا، وهو محتاج إلى الصبر في كل واحدٍ منها.
- فما أحوجنا إلى الصبر في زمان تلوَّنت فيه الشُّبهات، وتزيَّنت فيه المنكرات، وتَزَخْرفت الدنيا، وظنَّ أهلها أنهم قادرون عليها.
- ما أحوجنا إلى الصبر وقد حشَد الشيطان جنوده وأتْباعه، من أجْل إغواء الناس وإضلالهم، وصدِّهم عن طاعة الله وعبادته.
- ما أحوجنا إلى الصبر إذا ادْلَهَمَّت الأمور، وعَظُمت المصائب، ونزل المكروه، وانسدَّت المطالب، وهيْمَن القلق، واشتدَّ الخوف.
وللدكتور محمد كمال الشريف كلام رائعٌ حول دور الصيام في نُضج الشخصيَّة عن طريق الصبر:
"الصيام امتناع عن إشباع بعض رغبات النفس، وبعض حاجات البدن، وذلك من الفجر إلى غروب الشمس، ففي الصيام امتناعٌ عن الأكل إذا جُعنا، وعن الشرب إذا عَطِشنا، وعن الاستجابة الفورية لبعض شهواتنا، وفي هذا الامتناع تدريبٌ للنفس على ما سَمَّاه علماء النفس "تأجيل الإشباع"، والقدرة على تأجيل إشباع الرغبات تميِّز ما بين الطفل الصغير والبالغ الراشد، وتميِّز ما بين ناضج الشخصيَّة وقليل النُّضج فيها.
فالطفل إذا رغِبَ في شيء ألَحَّ عليك؛ لتُعطيه إيَّاه، وتراه قد استحوذَ عليه التفكير في هذا الشيء الذي رغِبَ فيه، ولَم يَبق لديه صبرٌ على الحِرمان منه، وكثيرًا ما يبكي الطفل إن لَم يحصل على ما رغِبَ فيه على الفور، ومع التقدُّم في العُمر يَنضج هذا الطفل من الناحية النفسية، ويُصبح أكثر صبْرًا على عدم حصوله على ما يُلبِّي رغباته حصولاً فوريًّا، لكن ذلك يتفاوت من طفل إلى آخر، وكذلك الكبار يتفاوتون في صبْرهم على عدم إشباع رغباتهم إشباعًا فوريًّا، لا تأجيل فيه، فحتى بعد بلوغ الإنسان رُشده يبقى هنالك مكان لِمزيد من النُّضج في الشخصيَّة، ولاكْتِساب المزيد من القدرة على (تأجيل الإشباع).
إنَّ الصبر على عدم حصول النفس على مُشتهاها على الفور، جانِبٌ مهمٌّ من جوانب نُضج الشخصية الإنسانيَّة، ويأتي الصيام في رمضان بمثابة دورة تدريبيَّة سنوية على هذا الصبر، وبمثابة دَفعة جديدة نحو المزيد من نُضج الشخصية لدى المؤمن، والاستعجال في الحصول على شهوات النفس صفة إنسانيَّة تكون على أَشُدِّها عند من لَم يُهذِّبه الإيمان؛ كما قال تعالى: ﴿ وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11]
6- رمضان والمراقبة:
بين الصيام والمراقبة صِلة وثيقة، فالصوم في الحقيقة سرٌّ بين العبد وربِّه، لا يَطَّلِع على حقيقته إلاَّ الله، وما يزال الصوم يقوِّي من صفة المراقبة؛ حتى تصير مَلَكة من الملكات النفسيَّة، وإذا صارَت مَلَكة راسخة، تحكَّمت في سلوك الإنسان ووجَّهته إلى المسارعة في الخيرات والإحجام عن المنكرات، فكلما أمَرته نفسه الأمَّارة بالسوء بمنكرٍ، تذكَّر رقابة الله تعالى واطِّلاعه عليه، وصدَق الله حيث يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201].
والمراقبة هي دوام عِلْم العبد وتيَقُّنه باطِّلاع الحق - سبحانه وتعالى - على ظاهره وباطنه، وهي ثمرة عِلْم العبد بأنَّ الله رقيب عليه، ناظرٌ إليه، سامعٌ لقوله، وهو - سبحانه - مُطَّلع على عمله كلَّ وقتٍ وكلَّ لحظة، وكلَّ طرفة عين؛ ﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [الحديد: 4]، قال الحارث المُحاسبي: "والمراقبة في ثلاثة أشياء: مراقبة الله في طاعته بالعمل، ومراقبة الله في معصيته بالتَّرْك، ومُراقبة الله في الهمِّ والخواطر".
ولله دَرُّ القائل :
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تَحسبـن الله يغفـل ساعـة ولا أن مـا يخفى عليه يغيب
"فيا مُطلقًا نفسَه فيما يشتهي ويُريد، اذْكر عند خُطواتك المُبدئ المُعيد، وخَفْ قُبْحَ ما جرى؛ فالمَلك يرى، والملك شهيد؛ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].
هلاَّ استحييتَ ممن يَراك إذا رَكِبت من هواك ما نهاك، ستبكي - والله - عيناك مما جَنَت يداك، أمَا تعلم أنه بالمرصاد، فقل لي: أين تَحيد؟ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾[ق: 16].
لو صدَق عِلمُك به لراقبتَه، ولو خِفْت وعيده في الحرام ما قارَبته، ولو عَلِمت سمومَ الجزاء في كأس الهوى ما شَرِبتَه؛ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].
ما ظنُّك بِمَن يُحصي جميع كلماتك، ويَضبط كلَّ حركاتك، ويشهد عليك بحسناتك؟ أتظنُّ أنك متروك، مُهمَل؟ أم تَحسِب أنه يَنسى ما تعمل؟ أم تَعتقد أنَّ الكاتب يغفل؟ كلاَّ ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]
[10].
7- رمضان وصحوة القلب:
القلب هو مَخزن الدوافع ومحلُّ الإرادة، بصلاحه يفوز الإنسان، وبفساده يَهلِك؛ مصداقًا لقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: (ألا وإن في الجسد مُضغة، إذا صَلَحت صَلَح الجسد كلُّه، وإذا فَسَدت فَسَد الجسد كله، ألاَ وهي القلب) متفق عليه
فالقلب هو الملك على الأعضاء والجوارح تَبَعٌ له، فعمَلُ القلب هو رُوح العبوديَّة ولُبُّها، فإذا خلا عملُ الجوارح منه، كان كالجسد الموات بلا رُوح.
وعلى ساحة القلب تَدور معارك طاحنة بين داعي الإيمان وداعي الشيطان، وأيُّهما انتصَر سَخَّر الجوارح لخدمته.
وصاحب الإحياء - رحمه الله - يكمل الصورة:
"القلب هو العالِم بالله، وهو المتقرِّب إلى الله، وهو العامل لله، وهو الساعي إلى الله، وإنما الجوارح أتباع وخَدَمٌ وآلات يستخدمها القلب، ويستعملها استعمالَ المالك للعبد، واستخدام الراعي للرعيَّة، والصانع للآلة، وهو الذي يَسعد بالقُرب من الله، فيُفلح إذا زكَّاه، ويَخيب ويشقى إذا دنَّسَه ودسَّاه، وهو المُطيع بالحقيقة لله تعالى، وإنما الذي ينتشر على الجوارح من العبادات أنواره، وهو العاصي المتمرِّد على الله تعالى، وإنما الساري إلى الأعضاء من الفواحش آثارُه، وبإظلامه واستنارته تَظهر محاسنُ الظاهر ومساويه؛ إذ كلُّ إناءٍ يَنضَح بما فيه".
إن القلب عندما يخوض في حَمْأة الشهوات ووَحَلِ المَلذات، ويُصبح سجينًا للأهواء والمُغريات، تتلقَّفه أيدي الشياطين، فتُسِدل عليه رُكامًا من الغِشاوات، فيعيش في ظلمات بعضها فوق بعض، لا يكاد يرى للنور سبيلاً.
وهنا يأتي دور الصيام الذي يحمي النفس من بواعث الشهوات، ويُحرِّرها من أسْر الغرائز، ويرفع عنها ثِقَل المُلهيات؛ مما يعطي القلب فرصةً للتأمُّل والتفكر والتبصُّر، فيستعيد عافيته، وتَستيقظ فِطرته، ويُصبح جاهزًا لتلقِّي الأنوار الإلهيَّة.
إخواني في الله، ما أحوج قلوبنا لأنوار رمضان؛ لتَنقلنا من ظلمة المعصية إلى نور الإيمان، ومن ارتكاب الزَّلات إلى النهوض بالطاعات، ومن دَنَس الفجور إلى رياض التقوى.
ما أحوجنا إلى ولادة القلب من جديد، قلب لَم يتلطَّخ بمعصية، ولَم تَستعبده نَزوة، قلب رفَع شعار: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].
ما أحوجنا إلى القلب الصحيح السليم، قلب مَحشو بالإيمان، ومَليء بالنور الإيماني، انقشَعَت عنه حُجب الهوى والشهوات، وأقْلَعَت عنه تلك الظُّلمات، مليء بالإشراق؛ فقد سَلِم من كلِّ شهوة تُخالف أمر الله ونَهْيه، ومن كلِّ شُبهة تُعارِض خَبَرَه.
- علامات صحوة القلب:
1- وجَلُ القلب من الله وشعوره بالهيبة والإجلال؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنفال: 2].
2- القشعريرة في البدن عند سَماع القرآن، ولين الجلود والقلوب إليه؛ ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].
فإذا ذُكِرت آيات العذاب، اقْشَعَرَّت جلود الخائفين لله، وتَضطرب النفس وتَرتعد بالخوف مما فيه من الوعيد، ثم تَسكن وتَطمئنُّ الجلود والقلوب عند سَماع آيات الرحمة.
3- خشوع القلب لذِكر الله؛ ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الحديد: 16].
فهو دائمُ الخضوع والانكسار لله، يَنكسر بين يديه في ذُلٍّ وخشوع، يعترف دومًا بضَعْفه وعجزه وفَقره، يشكو دائمًا هَمَّه وغَمَّه إلى مولاه، سريع التأثُّر بالموعظة، يَعشق السجود؛ لأن فيه انكسارًا لمولاه.
4- كثرة ودوام التوبة والإنابة إلى الله، فإذا ما تعرَّض للهفوات والزَّلات، ووقَع في المعاصي والسيِّئات، فإنه سَرعان ما يعود إلى ربِّه بالتوبة والاستغفار، فيُعلن ندَمَه، ويُظهر حُزنه وأسَفَه، ويَبكي على تقصيره في حقِّ ربِّه، ويُسارع لنيْل عفوه ومَغفرته؛ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].
5- الأُنس بذِكر الله، والطمأنينة إلى مَعيَّته ورعايته؛ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
وخلاصة القول:
إنَّ حقيقة السعادة التي يَطلبها الناس في دنياهم وأُخراهم، لا تُنال بما تُمارسه الجوارح من أشكال العبادة، وإنما تُنال بما يقوم في القلب من أعمال، كالإخبات والتذلُّل، والخضوع والحب لله، والأُنس به، والخوف منه، والانكسار له، فشرود القلب في مواطن العبادة من أعظم المصائب التي تُصيب الإنسان في حياته؛ وذلك أن العبادة التي تؤدِّيها جوارحه ولا تَقوم في قلبه، لا تترك الأثرَ المطلوب على نفسه، ولا يتحقَّق بها أُنس ولا طمأنينة ولا راحة.
(1)الله أهل الثناء والمجد؛ د. ناصر الزهراني.
[2] مقال رمضان شهر التوبة؛ الشيخ أحمد المتوكل.
[3] مقال مدارج التوبة النصوح؛ الشيخ عبدالعزيز كحيل.
[4] في ظلال القرآن؛ سيد قطب.
[5] رمضان شهر الحرية؛ د. مصطفي السباعي.
[6] الأركان الأربعة؛ أبو الحسن الندوي.
[7] رسالة الصيام؛ الأستاذ سعيد رمضان.
[8] الأخلاق الإسلامية؛ الشيخ عبدالرحمن الميداني.
[9] مقال الصوم والتربية النفسية؛ د. محمد أبو شَهْبة.
[10] من مواعظ الإمام ابن الجوزي - رحمه الله.