أبو فهر السلفي
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 770
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
http://vb.tafsir.net/tafsir31464/
قد يغني أن نجتزيء بالمقالة السابقة عن هذه المقالة؛فأكثر مسوغات الاعتناء ودلائل الأهمية كامن فيها؛غير أن بسط القول في هذا المقام أحسن؛لأننا نرشدُ إلى باب غُفل وسبيل ذلك سبيل التوكيد والتكرار وبسط الاحتجاج.
ويمكننا تلخيص أسباب الأهمية ودواعي الاعتناء بأعمدة العلم في أربعة عناصر:
قد يغني أن نجتزيء بالمقالة السابقة عن هذه المقالة؛فأكثر مسوغات الاعتناء ودلائل الأهمية كامن فيها؛غير أن بسط القول في هذا المقام أحسن؛لأننا نرشدُ إلى باب غُفل وسبيل ذلك سبيل التوكيد والتكرار وبسط الاحتجاج.
ويمكننا تلخيص أسباب الأهمية ودواعي الاعتناء بأعمدة العلم في أربعة عناصر:
أولاً: أهمية هذه الكتب نفسها.
فتكون أهمية الاعتناء فرع عن أهمية هذه الكتب؛فبقدر استيعابك لأهمية الكتب المُؤَسِسِة للعلوم يكون استيعابها لأهمية دراستها والعناية بها والاحتشاد لها .وقد بينا في المقالة السابقة خصائص هذا الضرب من الكتب،وهذه الخصائص هي نفسها عناصر أهمية تلك الكتب.
ولعلي أضيف هاهنا وجهاً آخر من الأهمية لم تسبق الإشارة له:
الحق أن الكتب المؤسسة تأسيساً أولياً للمعرفة خاصة ما كان منها قبل القرن الرابع الهجري فيها من ضروب البيان عن المقصود ما لا ينتهي العجبُ منه؛فهذه الكتب أكثرها يروم الإبانة عن معانٍ بكر لم يُعبر عنها في سياق متصل من قبل،فيُبدع كاتبها في صياغة هذه المعرفة في سبك لا نظير له-غالباً-في باقي كتب العلم،فترى أمامك كلاماً جديداً وبياناً مبتكراً استدعته المعاني المبتكرة التي يؤسس لها صاحب الكتاب، فلا تألف نظيره في باقي كتب العلم التي تلوك-غالباً-كلاماً واحداً قد اسود من طول ما لُبس.
وفي هذا يقول عبد القاهر الجرجاني متحدثاً عن البيان الإنساني وأنه يكون فيه ما لا يدرك شأوه : ((أن من أخص شيء يطلب ذلك فيه،الكتب المبتدأة الموضوعة في العلوم المستخرجة ؛فإنا نجد أربابها قد سبقوا في فصول منها إلى ضرب من اللفظ والنظم أعيا من بعدهم أن يطلبوا مثله،أو يجيئوا بشبيه له فجعلوا لا يزيدون عن أن يحفظوا تلك الفصول على وجوهها ويؤدوا ألفاظهم فيها على نظامها كما هي)).
ولعلي أضيف هاهنا وجهاً آخر من الأهمية لم تسبق الإشارة له:
الحق أن الكتب المؤسسة تأسيساً أولياً للمعرفة خاصة ما كان منها قبل القرن الرابع الهجري فيها من ضروب البيان عن المقصود ما لا ينتهي العجبُ منه؛فهذه الكتب أكثرها يروم الإبانة عن معانٍ بكر لم يُعبر عنها في سياق متصل من قبل،فيُبدع كاتبها في صياغة هذه المعرفة في سبك لا نظير له-غالباً-في باقي كتب العلم،فترى أمامك كلاماً جديداً وبياناً مبتكراً استدعته المعاني المبتكرة التي يؤسس لها صاحب الكتاب، فلا تألف نظيره في باقي كتب العلم التي تلوك-غالباً-كلاماً واحداً قد اسود من طول ما لُبس.
وفي هذا يقول عبد القاهر الجرجاني متحدثاً عن البيان الإنساني وأنه يكون فيه ما لا يدرك شأوه : ((أن من أخص شيء يطلب ذلك فيه،الكتب المبتدأة الموضوعة في العلوم المستخرجة ؛فإنا نجد أربابها قد سبقوا في فصول منها إلى ضرب من اللفظ والنظم أعيا من بعدهم أن يطلبوا مثله،أو يجيئوا بشبيه له فجعلوا لا يزيدون عن أن يحفظوا تلك الفصول على وجوهها ويؤدوا ألفاظهم فيها على نظامها كما هي)).
ثانياً: درس عملي في الإبداع.
فالإبداع طريق شاق طويل،وبيان معالمه وصواه وآلياته عسير جداً،فكان الاعتناء بهذه الكتب بمثابة مشاهدة نشاط إبداعي حي يفتح باب النسج على منواله.
وأصل هذا الباب :
((أننا نقرأ الكتاب –أي كتاب- ونحكم فهم مادته ، وطريقته ونقترب من عقل كاتبه وهو يفكر ويحلل ويستنبط فيمتعنا ذلك ويفيدنا لكن هاهنا شأناً آخر إذا كان هذا الكتاب من كتب المجتهدين في الاستنباط ، واستخراج الأصول العلمية أعنى كتاباً في صناعة المعرفة، وهذا النوع من الكتب نادر لأنك تجد منه في كل فن مما لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة ، وحين تقف على هذا الصنف من الكتب يكون من الممتع أن تقترب من عقل مؤلفه وهو يصنع المعرفة لأنك في هذه الحالة لا تُحصل علماً فحسب وإنما تتعلم طريقة صناعة العلم ، ولم يعلم الإنسان علماً أشرف من العلم إلا أن يكون علم صناعة العلم .
هذا الضرب من الكتب يختلف عن الكتب التي تناولت العلوم وقد مهد السابقون طرائقها وحرروا قواعدها ونظموا أبوابها ومسائلها ، وإنما تعرض هذه الكتب الآراء والمذاهب ومواضع الاتفاق ، ومواضع الاختلاف ، وتناقش وترجح وتأخذ وتدع ، وهذا هو ما عليه أكثر الكتب التي اعتدنا عليها وربينا عليها ولما رجعنا إلى الكتب التي ابتدأت المعرفة قرأناها كما تعودنا ، وكل همنا هو تحصيل المعرفة من غير نظر إلى اجتهاد أهل الاجتهاد ، وكيف كانوا يحاورون الأفكار ويضعون القياس ويستنبطون ويستخرجون ، وكيف شقوا طرقاً جديدة وأثاروا قضايا جديدة ، وحرثوا وبذروا في أرض جديدة . ولكم أخطأنا حينئذ وما كنا من المهتدين؛فذلك الجنس من الكتب لابد أن يكون له جنس آخر من القراءة...
ونعني هنا تلك القراءة التي تقترب من عقل الكاتب وهو يكتب حين ترى العقل المتيقظ وهو يدير حقائق المعرفة ويدور معها وبها ، ولا شك أن لحظات وهج عقول النابهين من العلماء هي تلك اللحظات التي يحاورون فيها ويجادلون ويجالدون وتحمى حُمياً جدالهم وجلادهم عن الحقائق فتتفجر في نفوسهم اللذة التي وصفها الجاحظ وصف الخبير المجرب والتي عارضها وكأنها توحشت وصارت كما قال أقوى من لذة السبع بلطع الدم ومن لذة البهيمة بالعلوفة قال ذلك وحين يفتح لهؤلاء العلماء باب العلم بالمسألة بعد إدمان قرعة أراد رحمة الله لحظة كشف الحقيقة واستجلاء نورها وهي لحظة تستخف رزانة أهل الوقار .
وكذلك كل من عاش للكلمة الحية والفكرة الموقظة تجده يحتفل احتفالاً ليس له نظير بتلك الكتب التي أسست العلوم وأنشأتها .
فهو يجاهد ليستكشف كيف كان يعمل هؤلاء وكيف كانت تعمل عقولهم ولا أجل من العلم إلا أن نتعلم كيف كان علماؤنا رحمهم الله يبنون هذا العلم إذ من تعلم البناء بنى ومن بنى كدَّ ومن كدَّ اشتد ومن اشتد حفظ ووعى.
وأنا كلف بهذا الباب من البحث جداً ، وواثق أنه أمثال الشافعي والخليل وسيبويه وابن الصلاح والشاطبي وشيخ الإسلام والشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن في طبقاتهم من أهل العلم ، ينطوي علمهم على باب جليل أغفلناه وهو بيان كيف كانوا يستخرجون علومهم وما هي تجاربهم وكيف صنع العلوم العلوم من صنعها ؟ وأقام الحضارات من أقاموها ؟ وحقق الانتصارات من حققوها ، وكيف تخلف من تخلف ، وضيع من ضيع ، وهدم من هدم ، لا مفر من أن نتعلم ذلك ، وأن نبدأ من جديد[محمد محمد أبو موسى..بزيادة في أسماء العلماء من عندي].
وأصل هذا الباب :
((أننا نقرأ الكتاب –أي كتاب- ونحكم فهم مادته ، وطريقته ونقترب من عقل كاتبه وهو يفكر ويحلل ويستنبط فيمتعنا ذلك ويفيدنا لكن هاهنا شأناً آخر إذا كان هذا الكتاب من كتب المجتهدين في الاستنباط ، واستخراج الأصول العلمية أعنى كتاباً في صناعة المعرفة، وهذا النوع من الكتب نادر لأنك تجد منه في كل فن مما لا يزيد على عدد أصابع اليد الواحدة ، وحين تقف على هذا الصنف من الكتب يكون من الممتع أن تقترب من عقل مؤلفه وهو يصنع المعرفة لأنك في هذه الحالة لا تُحصل علماً فحسب وإنما تتعلم طريقة صناعة العلم ، ولم يعلم الإنسان علماً أشرف من العلم إلا أن يكون علم صناعة العلم .
هذا الضرب من الكتب يختلف عن الكتب التي تناولت العلوم وقد مهد السابقون طرائقها وحرروا قواعدها ونظموا أبوابها ومسائلها ، وإنما تعرض هذه الكتب الآراء والمذاهب ومواضع الاتفاق ، ومواضع الاختلاف ، وتناقش وترجح وتأخذ وتدع ، وهذا هو ما عليه أكثر الكتب التي اعتدنا عليها وربينا عليها ولما رجعنا إلى الكتب التي ابتدأت المعرفة قرأناها كما تعودنا ، وكل همنا هو تحصيل المعرفة من غير نظر إلى اجتهاد أهل الاجتهاد ، وكيف كانوا يحاورون الأفكار ويضعون القياس ويستنبطون ويستخرجون ، وكيف شقوا طرقاً جديدة وأثاروا قضايا جديدة ، وحرثوا وبذروا في أرض جديدة . ولكم أخطأنا حينئذ وما كنا من المهتدين؛فذلك الجنس من الكتب لابد أن يكون له جنس آخر من القراءة...
ونعني هنا تلك القراءة التي تقترب من عقل الكاتب وهو يكتب حين ترى العقل المتيقظ وهو يدير حقائق المعرفة ويدور معها وبها ، ولا شك أن لحظات وهج عقول النابهين من العلماء هي تلك اللحظات التي يحاورون فيها ويجادلون ويجالدون وتحمى حُمياً جدالهم وجلادهم عن الحقائق فتتفجر في نفوسهم اللذة التي وصفها الجاحظ وصف الخبير المجرب والتي عارضها وكأنها توحشت وصارت كما قال أقوى من لذة السبع بلطع الدم ومن لذة البهيمة بالعلوفة قال ذلك وحين يفتح لهؤلاء العلماء باب العلم بالمسألة بعد إدمان قرعة أراد رحمة الله لحظة كشف الحقيقة واستجلاء نورها وهي لحظة تستخف رزانة أهل الوقار .
وكذلك كل من عاش للكلمة الحية والفكرة الموقظة تجده يحتفل احتفالاً ليس له نظير بتلك الكتب التي أسست العلوم وأنشأتها .
فهو يجاهد ليستكشف كيف كان يعمل هؤلاء وكيف كانت تعمل عقولهم ولا أجل من العلم إلا أن نتعلم كيف كان علماؤنا رحمهم الله يبنون هذا العلم إذ من تعلم البناء بنى ومن بنى كدَّ ومن كدَّ اشتد ومن اشتد حفظ ووعى.
وأنا كلف بهذا الباب من البحث جداً ، وواثق أنه أمثال الشافعي والخليل وسيبويه وابن الصلاح والشاطبي وشيخ الإسلام والشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن في طبقاتهم من أهل العلم ، ينطوي علمهم على باب جليل أغفلناه وهو بيان كيف كانوا يستخرجون علومهم وما هي تجاربهم وكيف صنع العلوم العلوم من صنعها ؟ وأقام الحضارات من أقاموها ؟ وحقق الانتصارات من حققوها ، وكيف تخلف من تخلف ، وضيع من ضيع ، وهدم من هدم ، لا مفر من أن نتعلم ذلك ، وأن نبدأ من جديد[محمد محمد أبو موسى..بزيادة في أسماء العلماء من عندي].
ثالثاً: توفير الجهد.
فإن التراث العلمي الذي خلفته لنا القرون السابقة أكبر من أن تحيط بدراسته أمة من الناس،بل المصنفات في فرع واحد من فروع علم واحد لا يكاد يبلغ الواحد منا درسها في مدة عمره.
وإذن فلا بد من الانتقاء من هذا التراث توفيراً لجهد التحصيل المعرفي ،فإذا كان ذلك=وجب أن يكون هذا الانتقاء نوعياً وليس خبط عشواء أو بطريقة مزاجية،وساعتها فلا أولى من هذا الضرب من الكتب أن يُعتنى به وتصرف له الجهود،فتحصل بأقل جهد وفي أقصر زمن أهم قدر من المعرفة قياساً بغيرها من الكتب وخلاصة ذلك أنه : (( ينبغي أن نحقق،وننشر من ذلك الكم الضخم من الكتب التراثية مايمثل إضافة حقيقية للمعرفة السائدة في زماننا في التخصصات كافة.
كما أنه ينبغي نعنى بنشر ما يشير إلى الملامح التطورية لكل تخصص،كأن ننشر أول كتاب أُلف في ذلك التخصص،وآخر كتاب أضاف إضافة حقيقية إليه.وكأن ننشر الكتاب الذي يشكل قفزة نوعية في فنه،أو يشكل منعطفاً،أو يعرض وجهة نظر مغايرة لما هو سائد وهكذا....))[عبد الكريم بكار].
وإذن فلا بد من الانتقاء من هذا التراث توفيراً لجهد التحصيل المعرفي ،فإذا كان ذلك=وجب أن يكون هذا الانتقاء نوعياً وليس خبط عشواء أو بطريقة مزاجية،وساعتها فلا أولى من هذا الضرب من الكتب أن يُعتنى به وتصرف له الجهود،فتحصل بأقل جهد وفي أقصر زمن أهم قدر من المعرفة قياساً بغيرها من الكتب وخلاصة ذلك أنه : (( ينبغي أن نحقق،وننشر من ذلك الكم الضخم من الكتب التراثية مايمثل إضافة حقيقية للمعرفة السائدة في زماننا في التخصصات كافة.
كما أنه ينبغي نعنى بنشر ما يشير إلى الملامح التطورية لكل تخصص،كأن ننشر أول كتاب أُلف في ذلك التخصص،وآخر كتاب أضاف إضافة حقيقية إليه.وكأن ننشر الكتاب الذي يشكل قفزة نوعية في فنه،أو يشكل منعطفاً،أو يعرض وجهة نظر مغايرة لما هو سائد وهكذا....))[عبد الكريم بكار].
رابعاً: معرفة أصول الكلام.
فإن كل دعوى تُدعى في علم،وفرضية تُفرض،أو مذهب يُسطر مردود ولا شك إلى حقبة معينة ومؤلف معين وكتاب معين،ومعرفة أصول الأقوال والدعاوى وروافدها التي تأثر منتجها بها وآثارها على غير من كتاب العلم قبولاً وبسطاً أو رفضاً ونقضاً = هي لب دراسة العلم ومسائله،وكل دارس لمسألة علمية لا يُدرك أصولها وتاريخها وكيف تطورت حلقاتها الرئيسية = فدراسته لهذه المسألة خداج قلما تُنتج وصفاً سليماً أو تحليلاً صائباً.
ومكامن أصول المسائل غالباً يكون في هذا الضرب من الكتب المشار إليه.
ومكامن أصول المسائل غالباً يكون في هذا الضرب من الكتب المشار إليه.
والحمد لله رب العالمين..