الحكمة من ترتيب الآيات في القرآن الكريم

إنضم
01/02/2016
المشاركات
27
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
المغرب
بسم1
و الصلاة و السلام على إمام المرسلين و على آله و صحبه المتقين.

لطالما طرحت السؤال على نفسي : لماذا آيات القرآن الكريم بالترتيب الذي هي عليه الآن ؟ لماذا لا يكون القرآن الكريم مرتبا حسب مواضيع محددة ؟

فأي كتاب يكتبه إنسان ستجده مقسما إلى فصول و أبواب تسهل على القارئ تتبع المعاني و تسلسل الأفكار حتى يجتمع الموضوع في كليته عند نهاية القراءة, ولكن في القرآن الكريم نجد أن السورة الواحدة تحتوي على مواضيع متنوعة و قد تبدو للوهلة الأولى غير مترابطة و غير منسجمة.

عندما يبحث الإنسان في مسألة ترتيب آيات القرآن و سوره يجد أن القرآن الكريم لم ينزل دفعة واحدة و لكنه نزل بالتدرج على مدى العشرين سنة تقريبا التي قضاها رسول الله صلى الله عليه و سلم في تلقي الوحي و حتى مماته صلى الله عليه و سلم, فالسورة الواحدة قد تستغرق وقتا طويلا لكي تكتمل, فآياتها تنزل حسب الأحداث التي يمر بها المسلمون في كل مرحلة من مراحلهم, كما أن الترتيب الذي نزلت به الآيات ليس هو دائما ترتيبها في السورة, و بالنسبة للسور نفسها نجد أن هناك مذهبين في الأمر فالمذهب الأول يقول أن الترتيب هو اجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم, و المذهب ثاني يقول أن الترتيب هو توقيفي من رسول الله صلى الله عليه و سلم.

ولكن الأمر المتفق عليه أن الإنسان العادي الذي ليس لديه العلم الكافي بدلالات القرآن الكريم لا يستطيع أن يبصر كل الروابط التي تربط الآيات ببعضها و السور ببعضها, فعلى سبيل المثال عندما يقرأ الإنسان العادي قصة أحد الأنبياء عليهم السلام في سورة معينة فإنه لا يستطيع أن يكون صورة متكاملة عن القصة من خلال استحضار كل أجزائها المتفرقة في باقي السور, و عندما يقرأ عن حدث من أحداث يوم القيامة فإنه لا يستطيع أن يكون صورة واضحة لهذا اليوم بالتسلسل الزمني لأحداثه و علاقة هذه الأحداث بعضها ببعض إذ أن أجزاء الصورة موزعة على مجموعة من الآيات في مجموعة من السور.

ولكن كلام الخالق ليس ككلام المخلوق, و الله سبحانه وتعالى ذو الحكمة المطلقة , ولهذا أطلب من كل من عنده إلمام معين بهذا الموضوع أو بجزء منه أن يجلي لنا بعض حكم الله سبحانه في اختيار الترتيب الذي نراه الآن في المصحف الشريف و الذي يقرأه عوام الناس و الراسخون في العلم و كل يخرج منه بالنفع على قدر ما رزقه الله سبحاه.

و السلام.
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

هذا أمر تحار له العقول، لكن يمكننا ملاحظة الآتي:

1- أن بعد الفاتحة السور مرتبة حسب الحجم في غالب القرآن.

2- أن الأحكام غالبة في الجزء الأول، والقصص غالب في وسط القرآن، والإيمانيات والغيبيات غلبة في القسم الأخير.

الذي أتصورة من محور سور القرآن؛ أن كل سورة تبني لبنة وتضع خطا في رسم الصراط المستقيم الهادي إلى طريق النجاة والفلاح.

فسورة الفاتحة بدأت لتعلمك أن الهداية تطلب بالدعاء في كل وقت وحين.

وهكذا كل السورة تتكلم عن الصرط المستقيم لكن من زاوية مختلفة، ولكن بترتيب دقيق وتناسب رائع، فالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة تبنيات المسلم المؤمن المحسن، ثم الإنعام حتى منتصف القرآن تبنيان الداعية، ثم من الكهف حتى الأحزاب يأتي الابتلاء وأنواعه، ثم من سورة سبأ حتى المفصل يكون الحديث عن خصائص هذه الآمة، ثم يأتي المفصل.

والله أعلى وأعلم وأحكم،،،
 
جزاك الله خيرا أخي المعتز بالله .
أشكرك على هذا الطرح الطيب و أسأل الله تعالى أن يزيدك علما و فهما لكتابه.
في الحقيقة لدي بعض الملاحظات, إذا تأملنا تسلسل نزول سور القرآن فإننا سنجد أن قصار الصور هي التي نزلت أولا ثم شيئا فشيئا بدأ يزيد طول السور مع مرور الوقت, و الملاحظ أن سور الغيب و الاعتقاد هي التي نزلت أولا و هذا أمر منطقي لأنها تأسس لقواعد الإيمان بالدين , ثم نجد أن سور القصص نزلت بعدها و هذا منطقي أيضا لأن الرسول صلى الله و عليه و سلم وصحابته رضي الله عنهم تعرضوا للأذى من المشركين فجاءت هذه السور لتثبت قلوب المؤمنين و تحثهم على الصبر و الاعتبار بما مر به الذين من قبلهم, ثم نجد أن سور الأحكام نزلت بعد ذلك في المرحلة المدنية و ذلك من أجل وضع القواعد الاجتماعية للمجتمع المسلم الذي تشكل في المدينة, وذكر فيها أهل الكتاب الذين هم جزء من هذا المجتمع المدني, ثم نزلت بعد ذلك سور الجهاد و التعامل مع المنافقين بعد أن ظهر أعداء هذا المجتمع الإسلامي.
فإذا أردنا و الله تعالى أعلم أن نضع ترتيبا لسور القرآن الكريم وفق هذا التسلسل فإننا يجب أن نعكس الترتيب تماما في المصحف الشريف.

فأطلب من كل من لديه وجهة نظر في هذا الموضوع أن يفيدنا بما عنده لعل الله سبحانه و تعالى أن يوفقنا لفهم أوضح و أعمق لكتابه العزيز.
 
الأخ العزيز/ أمين

تدبر كتاب الله ومدارسة بدون جدال من أجل النعم التي يمن الله بها على المسلم، جعلني الله وإياك من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته.

وفي سياق حديثك الممتع أحب أن ألفت نظرك إلى بعض الأمور:

1- أن الحديث في مناسبات القرآن ومعجزاته لا تنقطع إلى يوم الدين ومهما أوتي الناس من علم فإنهم لن يحيطوا من أسرار القرآن إلا بالقليل، وهذا مصداقا لقول الله تعالى: { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلْإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأْتُوا۟ بِمِثْلِ هَٰذَا ٱلْقُرْءَانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِۦ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍۢ ظَهِيرًۭا }، ثم يوم القيامة يأتي تأويله الذي خفي عن الناس إدراكه.

2- أن القرآن في نزوله كان يهيأ لإعداد جيل متفرد، ونزل على رسول مهيأ لذلك، فروعي فيه ذلك، أما الترتيب الذي ارتضاه الله لنا فهو أنسب للجاهل والعالم، ولأولي العزم ولضعاف الهمة.

3- أن التكلف في طلب أسرار القرآن مذموم.

4- أن أغلب العلوم المرتبطة بالتفسير كأسباب النزول، والروايات المروية عن الصحابة في تفسير الآيات، وكذلك الأحاديث النبوية التي تفسر الآيات، وكذلك ترتيب النزول، وغير ذلك، أغلب هذه الرويات بنسبة 90% تقريبا، لا تسلم من ضعف.

3- أن الحكمة من ذلك، والله أعلم، أن يظل القرآن يتصف بالابهام -غالبا- الذي يناسب كل زمان وكل مكان وكل إنسان وكل موقف، فإنت تقرأ السورة في الصغر فتأخذ منها تذكره وانطباعا يختلف عند الكبر، ويختلف كذلك من حال إلى حال، ومن مكان إلى مكان، ومن زمان إلى زمان، بخلاف لو ربطت فهمك بسبب النزول أو قول فلان فإن تدبرك للآية يكون محصورا في نطاق واحد هو جزء من الصورة وليس كل الصورة وكل المراد، فلا ينبغي أن نحيط اللفظ والعبارة القرآنية إلا بسياج اللغة والسياق، وهذه ليست دعوة لنبذ التراث العريق المجيد، لكن اللغة والسياق هما الأساس الأول الذي نبني بهما التدبر والتفكر، والتراث العريق جزء من المراد وليس كل المراد، نهتدي به في فهم أجزاء أخرى، وسيظل القرآن يمدنا بالهدى والنور لتثبيت المؤمنين، وإرشادهم لما يحبه الله ويرضاه.

لذلك أدعوك وكل متدبر في كتاب الله، إلى عدم تكلف ترتيب للقرآن غير هذا الترتيب الرباني.

فنتدبر سورة الفاتحة والحكمة من تصدرها، والحكمة من تصدر البسملة، ثم تصدر مقطع الثناء على الله في الفاتحة، ونتخذ هذا الترتيب منهاجا نسير به في باقي سور القرآن، وفي اعداد الطفل المسلم، وفي إعداد الداعية، وفي إعداد المجتمع كله.

وجزاك الله خيرا،،،
 
عودة
أعلى