الحداثيون العرب والتراث التفسيري

محمد بنعمر

New member
إنضم
07/06/2011
المشاركات
440
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الحداثيون العرب والتراث التفسيري:
شهدت كلية الآداب بجامعة فا س سايس .ندوة دولية في موضوع: الخطاب القرءاني : البنية –الفهم – الاستنباط..يومي :19-20-نفمبر 2013.
وقد قدمنا ورقة في موضوع : الحداثيون العرب والتراث التفسيري.وفي ما يلي ملخص اولي لهذه المداخلة.
محمد بنعمر
1-المرجعيات الكبرى في مشاريع القراءات الحداثية : القراءات الحداثية ومصادرة التراث التفسيري:
- و من آثار هذا التوجه في هذه المشاريع المسماة بالجديدة هو إقصاء وتهميش الجهود السابقة المنجزة في ميدان التفسير،و السعي نحو التقاطع الكلي مع جميع الجهود السابقة المبذولة و المنجزة في التفسير بين علماء التفسير . فرغم ما بذل من جهود علمية وبحثية في تفسير القرءان الكريم على امتداد التاريخ الطويل ، وهو ما تشهد له كتب الفهارس وتكشف عنه المعاجم .[1].فان الداعين إلى إعادة القراءة للنص القرءاني ، والحاملين للمشاريع الجديدة والحداثية في القراءة ، راهنوا على إعادة قراءة النص القرءاني بمناهج ورؤى جديدة ، تتقاطع كليا أو جزئيا مع القديم ، وتتنكر لجهود السابقين في اجتهاداتهم ومساهماتهم في تفسير القرءان الكريم ، بل تعدها مرحلة متجاوزة ، وهو ما كان دافعا لهذه المشاريع أن تتخطى المعهود والمألوف والمتعارف عليه في ميدان علم التفسير ، وتعتبر الجهود السابقة المنجزة في التفسير من لدن القدماء، جهودا قابلة للتجاوز والتخطي . فهي مرحلة قابلة للاختفاء في مستقبل علم التفسير ،لان الإبقاء والحرص على التقيد بجهود السابقين في ميدان التفسير، عن طريق إعطاء الأولوية للمأثور، وجعله الأصل " أدى إلى عرقلة وجمود عملية التفسير ، وقلل من أفق سيرورة الفعل في إعطاء مزيد من الحرية للمتلقي في ممارسة سلطته على النص، المراد تفسيره ، أو في تفاعله الدائم مع النص..."[2]. وكان شعارهم في هذه الدعوة:"أن الحاجة ماسة وانية إلى قراءة جديدة للتراث عامة ،والنص القرءاني خاصة تتحرر من سلطة النموذج المتوارث عن علماء التفسير القدماء..." .[3]
- وقد عملت هذه المشاريع إلى الانتصار إلى الجديد ، والدخيل والوافد من الغرب ،وتعد ه النموذج الأمثل والقويم الذي يجب أن يحتذي ويأخذ به ، في تفسير النص القرءاني ، بدعوى أن المنهجية المستمدة من التأويلات المعاصرة، ومناهج تحليل الخطاب، من شانها أن تجعل النص القرءاني أكثر قابلية ،وانفتاحا في تقبله لكل الفهوم الممكنة التي يقترحها او يريدها متلقي النص ، سواء كانت تلك الفهوم أنية آو مستقبلية ،.
- و هذا التنكر للجهود العلمية التي بذلت في تفسير القرءان الكريم من لدن المفسرين القدماء على امتدادات التاريخ الطويل . رافقه الدعوة الجريئة والصريحة إلى مناصرة المناهج الجديدة التي تستمد مقوماتها ومكوناتها ومرجعياتها من معطيات العلوم الإنسانية الجديدة، و مناهج تحليل الخطاب التي نشأت في أحضان اللسانيات الحديثة، والفلسفات المعاصرة ......بل الأكثر من هذا ،دعا بعض الحادثين إلى اعتبار النص القرءاني،جزءا من التراث الفكري في الإسلام ، محكوم بسياقات تاريخية، مقيدة بعاملي الزمان والمكان .وهو ما يدعو إلى إزالة القداسة طابع القداسة عن النص القرءاني، والتعامل معه وفق سياقاته التاريخية واللغوية ،والثقافية..[4].

لقد كان الاختيار هو الرفض والمصادرة الصريحة للجهود القديمة في عملية التفسير .فقد عمل المناصرون لهذا الاتجاه الجديد ، بالدفع بقوة بمشاريعهم ، والتشهير لكتاباتهم ،من أجل جعل هذه المشاريع الحداثية والجديدة في قراءة للنصوص القرآنية وتأويلها ،البديل المنهجي المرتقب، الذي سيعوض كل الإنجازات العلمية و التراكمات المعرفية، التي راكمتها جهود العلماء والمفسرين السابقين ، على امتدادات التاريخ. وتعويض في ما قدموه من اجتهادات وانتاجات ومساهمات ومؤلفات ، تخص موضوع تفسير القرآن الكريم.....[5]
إن جعل هذه المناهج المنعوتة بالجديدة والحداثية ، لتكون بدائل منهجية في التفسير عامة ،وتفسير القرءان خاصة، كانت مبتغى دعاة التأويليات المعاصرين...الذين عملوا بكل ما يملكون من وسائل واليات ،وما يحملون من أدلة وحجج لتحقيق هذا الغرض ، و هوا لوصول إلى هذا المبتغى، الذي يتحدد في تلخيص النص القرءاني مما علق به من مفاهيم من لدن علماء السلف ...[6].
ومن ابرز المفاهيم التي قصدها الخطاب الحداثي في تعامله مع النص القرءاني ، هو نزع البعد المصدري ورفع القداسة والتعالي عن النص القرءاني وتسويته بالنص البشري، وذلك عن طريق إبعاد وتجريد النص القرءاني عن مقاصده العليا التي من اجلها نزل ، وربطه كليا بالقارئ ـ فالمقاصد الحقيقية المحمولة في النص ، هي التي يكتسبها القارئ من النص انطلاقا من مرجعبية هذا القارئ، هي التي يكتسبها القارئ من النص انطلاقا من مرجعية هذا القارئ وقيمه الفكرية .. .فالبعد المقصدي في النص هو ما يحمله القارئ من رؤى واختيارات ، وليس ما يحمله النص من معان ودلالات ....[7]

- التقابل بين الموضوع والمنهج :
- ولإبراز هذا التقابل المنهجي بين ما كان شائعا من مناهج التفسير بين المتقدمين ، وما حملته هذه الدعوات الحداثية من توجهات واختيارات في منهجيات التفسير ، كان اختيارنا في هذا البحث إبراز هذا التقابل في هذا البحث ، و العمل على طرح سؤال منهجي محوري له صلة مباشرة بمشاريع القراءات الجديدة أو الحداثية للنص القرءاني[8]. ويتحدد هذا الإشكال والسؤال في إبراز وتشخيص المنهج الذي كانت تصدر وتنطلق منه هذه القراءات من حيث المكونات والأدوات والوسائل والمفاهيم الإجرائية المركبة لها والمرجعيات والسياقات التي نشأت فيها ، مع السعي إلى إبراز هذه السياقات التاريخية والثقافية والفكرية والحضارية التي رافقت هذه المناهج في نشأتها و تطورها ، وأطرت مرجعيتها في هذه النشأة والمسار، و الوقوف على مسارها ، ومسالكها التي كانت تسلكها في التفسير ،. وكذا العمل على رصد وعرض أهم المرجعيات الفلسفية، و الأبعاد النظرية التي كانت من وراء نشأة هذه المناهج ،والتي أطرت ووجهت هذه المشاريع بشكل ملموس ومدروس ، من حيث الوجهة النظرية و البعد الفلسفي والتداولي في مرجعياتها ومكوناتها....
وهذا الطرح المنهجي الذي اخترناه في هذا البحث ، من شانه على المستوى المعرفي ، أن يؤدي إلى الكشف عن المرجعيات والمفارقات والسياقات والخلفيات المذهبية والفلسفية التي كانت تحكم هذه المناهج الحداثية وتؤطرها ، في قراءتها للنص القرءاني من حيث المضمون، أو في اختياراتها من حيث المنهج ،وإبراز اشتغال الدلالة وحضور المعنى ، في هذه القراءات من حيث السعة والضيق ، لان هذا العمل التقابلي من شانه أن يعيننا، ويساعدنا ، على إبراز الفوارق والاختلافات والتقاطعات بين ما كان سائدا ومعمولا به في المناهج التفسير في القديم، وما حملته هذه المناهج المنعوتة بالجديدة من توجهات جديدة ، واختيارات غير معهودة آو مسبوقة في التفسير و التأويل ... ….[9].
















[1] -دليل الكتب المطبوعة في الدراسات القرءانية.إعداد مركز الدراسات والمعلومات القرءانية بمعهد الإمام الشاطبي .:1.2011.

[2] -الفعاليات الحاضرة والمغيبة في فهم النص الديني لوجيه قانصو. مجلة قضايا إسلامية معاصرة العدد :45-46.السنة :2011.

[3] - النص والقراءة في الثقافة العربية الإسلامية للدكتور شبيل الحبيب :.133 ندوة بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان بتونس.السنة :4-5-6- ابريل 1999.

[4] -القرءان : من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب تالديني:36.لمحمد أركون ترجمة وتعليق هاشم صالح. دار الطليعة : 2005.

[5] -يراجع أعمال مؤتمر :التأويل سؤال المرجعية ومقتضيات السياق :الرابطة المحمدية للعلماء:27-06-2013.

[6] -لاهوت الحرية :قراءة في الفكر الديني عند محمد الطالبي لمحمد الصغير جنجار .مجلة مقدمات العدد:10السنة :1997.

[7] - الآيات القرءانية والقراءات الحداثية: للدكتور طه عبد الرحمان. محاضرة القاها في منتدى الحكمة:2004.

[8]-اختارت الدكتورة رقية العلوانني نعت هذا الاتجاه بالقراءة العصرانية ل لقرءان لكريم في سياق مناقشتها لمختلف التسميات والنعوت التي نعتت بها مشاريع القراءات الحداثية ..يراجع دراستها: قراءة في ضوابط التأويل التي شاركت بها في ندوة بيروت حول مناهج التفسير سنة : 2006..وهذا البحث يوجد في موقع الدكتورة رفية العلواني . اما الباحث المغربي الدكتور عبد الرحمان بودراع فقد سماها بالتأويليات المعاصرة ، يراجع دراسته : الخطاب القرءاني والتّأويلِ: نحو دراسة نقدية للتأويلات المعاصرة . ضمن منشورات مركز الدراسات القرآنية، بالرابطة المحمدية للعلماء، سلسلة دراسات قرآنية . ط1، 434هـ/2013م، في مجلد متوسط يتكون من (269 صفحة)...

[9] - يراجع الملف الذي أنجزته مجلة البصائر اللبنانية :"فهم النص بين الماضي والحاضر " العدد:49.السنة :20.التاريخ :2004.
 
عودة
أعلى