د.عبدالرحمن الصالح
New member
كانت مسألة اختلاف المذاهب شغلاً شاغلاً للمسلم عموماً ولطلبة العلم على الخصوص على تطاول الأعصار والأزمان.
وألف الناس في أسباب اختلاف الفقهاء ، فقصّروا وطوّلوا ، وقالوا وقوّلوا... ثم شاء الله أن يكون للمحدثين سطوة ليس هذا محل الخوض في سببها.
لكن يمكن إرجاع الأسباب إلى (تاريخي): يدرس ثبوت نقل النص أو يشكك في ثبوته أو يرده. وهو ميدان المحدثين.
و(دلالي) : وهو مجال اللغويين والبلاغيين وآليات فهم النص ، وكلاهما ميدان الفقهاء.
وحين جاء الحاسوب مكّن الناس من معرفة ما أجمع عليه الفقهاء من أحكام .
فوجد باحث قام بجمع أهم كتب الفقه المقارن وهي المغني والمحلى وفتح الباري والمجموع وشرح مسلم واختلاف الفقهاء للطبري ومراتب الإجماع ونقده وبداية المجتهد ونيل الأوطار والاستذكار لابن عبدالبر، كما قال ذلك في المقدمة. فاستخرج منها كل ما قالوا أجمعوا/وهو إجماع المسلمين/لا أعلم فيه خلافاً/وقول فلان من الصحابة ولا مخالف له يعرف/ فوجد أنها
14400 مسألة. جمعها بكتاب أسماه (موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي)
ومعروف أنه لا يعني بالإجماع هنا ما يعني به الأصوليون ، بل ما حصل عليه اتفاق بين فقهاء الإسلام على دلالة النص القرآني والحديثي وغير ذلك.
وهكذا انحلت مشكلة المذهبية أخيرًا بعد أن شغلت الناس أكثر من ألف سنة.
فإن كان مذهبك مالكيا أو شافعيا أو حنفيا أو غير ذلك فإن أقاويل مذهبك الرئيسة متضمنة ولا بد ضمن ما أجمعوا عليه.
ولم يبق إلا ما اختلفوا فيه فتحدد واجب طالب العلم أن يرجح بين ما اختلفوا فيه وأن لا يخرج عن أقاويلهم قدر المستطاع.
وهكذا لم يعدْ من داع لاختلاف الدعاة وطلبة العلم من أهل السنة بعد اليوم، بعد أن يسر الله تعالى إمكان حصر ما أجمع عليه جميع من يعتد به من علماء الإسلام.
والحمد لله على نعمه التي لا تعدّ ولا تحصى.