الحاجة إلى اللسانيات في الدراسات القرآنية الجديدة

إنضم
20/05/2009
المشاركات
42
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=center]ما الحاجة إلى اللسانيات في قراءات القرآن الجديدة اليوم؟ [/align]


عبد الرحمن الحاج

الحياة (الطبعة الدولية)
29-7-2006


يشير المستشرق الفرنسي المعروف روجيه أرنالديز (Roger Arnaldez) إلى أن العلماء المسلمين كانوا استطاعوا بمفاهيمهم "تحريك النصوص القرآنية وإنعاشها بتفاسيرهم" إلى درجة "يصعب علينا اليوم حتى باسم العلوم الإنسانية أن نجد فيها شيئاً آخر جديداً غير الذي وجدوه"! وبالتالي فإن "المسلمين المحدثين الذي يستعيرون المناهج الغربية كان أحرى بهم أن يكتفوا بمناهج أسلافهم من القدماء، فهي توصلهم بالدقة نفسها. لأن يستخلصوا من الآيات القرآنية ما توصلهم إليه هذه المناهج التابعة للعلوم الإنسانية". كلام أرنالديز جاء في معرض رده على محمد أركون. من هذا المنطلق فإن السؤال عن الحاجة إلى اللسانيات اليوم هو سؤال مشروع، وهو الأكثر جذريّة فيما يتعلق باستثمار المعارف اللغوية الجديدة في دراسة القرآن الكريم.
يثبت الواقع التاريخي أن المناهج التي اعتمدت في تفسير القرآن حتى الآن في الإطار الإسلامي إلى ما قبل المدرسة الإصلاحية وعصر النهضة نهاية القرن التاسع عشر لم تعد تنتج من التفسير إلاّ تكراراً لما قيل في القرون الستة الهجرية الأولى، وتتوقف الفروقات على نكاتٍ بلاغية ولغوية تقريباً، ولم تعد هذه التفسيرات تلبي التطلعات والتساؤلات التي يطرحها الإنسان المعاصر؛ لهذا السبب برزت الحاجة لابتكار مناهج في التفسير، الأمر الذي ولَّد في منتصف القرن الماضي منهج التفسير الموضوعي، وحيث إيمان المسلمين بأن الزمن أهم مفسّر للقرآن (كما أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه)، فهو نصٌّ يتجاوز دوماً المنهج بقدر ما يفتح للمنهج آفاقاً لقراءته، فالقول بإحاطة الإنسان بمعاني القرآن قولٌ لا يمكن الجزم به، فكل ما يحيط به الإنسان من المعرفة القرآنية سيكون إحاطة مرتبطة بحدود معارفه وتصوراته التاريخية، ففي الحين الذي نجد فيه النص لم يعد يتفسّر أكثر مما فسر به، ولم يعد يُقرأ إلاّ بما فُسّر به وقُرِئ، فإن ذلك مؤشر على نفاد طاقة المنهج؛ إذاً فالبحث عن منهج جديدٍ وتطوير المنهج في دراسة النص القرآني يمثل حاجة تاريخية ودينية معاً؛ إذ يمثل القرآن الرسالة الخاتمة للعالمين.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة – أيضاً- القطيعة مع المناهج القديمة، ذلك أن المناهج التي بنيت في التراث الإسلامي قامت على ضوء معايشتها للنص القرآني، وعلى وعي حقيقي بموقعه بوصفه نصَّاً إلهياً، والفهوم التي ولدتها تلك المناهج إذا كانت تختلف في الجزئيات فإنها في المجموع لا تتناقض، بل تتكامل، بحيث يُعد تجاوز أو تجاهل ذلك الإرث العلمي الضخم في تفسير القرآن ومناهجه خسارة جسيمة في حق مناهج البحث والتأويل المعاصر للقرآن، وبتراً لتراكم المعرفة من ناحية ثانية.
وبالرغم من أن التفكير اللساني العربي أفرز درساً شمولياً كونياً عن اللغة يتجاوز الخصوصية العربية، بل و"قادهم النظر أيضاً إلى الكشف عن كثير من أسرار الظاهرة اللسانية مما لم تهتد إليه البشرية إلاّ مؤخراً" وذلك - على حد تعبير اللساني التونسي عبد السلام المسدي- فليس هذا مثار استغراب؛ إذ أن يهتدي العرب المسلمون "إلى أخص خصائص الكلام بعدما تجمعت لديهم مصادر المنهج العقلاني، وطرق البحث الأصولي فذلك أمر طبيعي، بل لعله يكون عجيباً أن تكفَّ حضارة من الحضارات تدرَّعت بسلطان العلم على ظاهرة اللسان في ذاتها، فلا تهتدي إلى نفس المحصول من الحضارة والأسرار"، حيث كان النص القرآني مركز علومها، ويندرج في صلب التفكير اللغوي، لكن بالرغم من ذلك كله فإن اللسانيات قدمت نظريات وابتكرت مناهج وكشفت قوانين وعلوماً ما كان الفكر العربي يفكر بها، وهو أمرٌ طبيعي؛ ذلك أنها وليدة المنظومة الثقافية الغربية في ظل حضارة مختلفة المقومات، إن هذا الإنجاز الذي قدمته اللسانيات الحديثة - بالرغم من أنه يطرح إشكالية إبستمولوجية حقيقية - هو ما يفرض علينا استثماره وتطويعه بالقدر الممكن لخدمة المعرفة القرآنية، فنحن أمام الأسئلة التي يمكن أن يفرضها هذا الاستثمار والتطويع يجب أن ننطلق من استخدام ما تم إنجازه في المعرفة اللسانية في الغرب مع وعيٍ بهذه الأسئلة والمشكلات؛ لنتجنب نهاياتها الفلسفية باستمرار، ذلك أن النص القرآني بوصفه رسالة عالميةً تستمر في العطاء لكل العصور يتطلب الإيمان بقدرته على التفاعل مع مختلف الأنساق الحضارية والمناهج المعرفية.
وبقدر ما تبدو هذه التجربة فرصة لتطوير البحث العلمي في دراسة القرآن وتفسيره، فإنها أيضاً فرصة مهمة لاختبار جديّ لهذه العلوم عندما تنتقل إلى مجال النص الديني، واللغة العربية على وجه الخصوص (كما يشير أركون)، وبالتالي فإن هذه التجربة في أقل درجاتها تكشف عن الحدود الممكنة لاستخدام هذه العلوم ونتائج استخدامها، فبالإضافة إلى ما يجب أن يقوم به الباحث من استخدام اللسانيات لبناء قواعد وأسس لتحليل النص القرآني وتفسيره، فإن الباحث يجري أيضاً نقداً لمجموع التجارب التي درست القرآن الكريم باستخدام اللسانيات - على قلتها - في الفصل الأخير، للكشف عن العيوب التي حكمت تلك التطبيقات، أو استكشاف مدى دقتها العلمية وملاحظاتها المنهجية.
وفضلاً عن ذلك كله فإنه من حيث المبدأ يجب - ولا أقول "يجوز" فقط - على المسلمين استغلال كل ما توفره المعرفة الإنسانية (واللغوية منها على وجه الخصوص) لفهم كتابهم الكريم؛ ذلك أن تحقيق المعاصرة والشهادة على العصر يقتضي الاستفادة مما وصل إليه العصر نفسه، وإن كانت هذه الاستفادة محكومة - كما أسلفنا - بخصائص القرآن الكريم (باعتباره "إلهيَّ المصدر"، و"عربي اللغة"، و"رسالة هدي للعالمين")، ولا ينبغي أن نستغرب ما سيؤول إليه هذا الاستخدام للمعارف الحديثة، فثمة نتيجتان حتميتان لذلك تنتظراننا:
أولاهما: الاهتداء إلى معان لم يكن قد فُكِّر بها من قبل.
وثانيهما: الكشف عن عيوب في الفهوم السالفة والجهود التفسيرية التراثية على وجه العموم، وهي بطبيعة الحال جهود بشرية مهما قلنا عن ضرورة احترامها فإن هذا الاحترام الكبير لن يرقى إلى التقديس بالتأكيد.
بهذا المعنى فإن حاجتنا إلى اللسانيات اليوم في دراسة القرآن الكريم هي حاجة لتعاملنا مع العصر الحديث وإنجازاته المعرفية وهي في الوقت ذاته رهاننا لدخول هذا العصر بقوة معرفتنا لا بعنادنا على مواجهته وحسب.

 
نسمع جعجعة ولا نرى طحينا

أين النظريات والمناهج المبتكرة والقوانين والعلوم المكتشفة التي ما كان الفكر العربي يفكر فيها وماذا قدمت للبشرية ؟

إن المشكلة ليست في الإيمان بقدرة القرآن على التفاعل مع مختلف الأنساق الحضارية والمناهج المعرفية ، وإنما المشكلة في عدم الإيمان بأن القرآن سابق لهذه الأنساق والمناهج ، وأن هذه الأنساق والمناهج هي في حاجة لأن تلحق بالقرآن وتتفاعل معه.

المشكلة في أن في الأمة أناس يشعرون بالعجز أمام الحضارة الغربية نتيجة للقراءة الخاطئة لهذه الحضارة ونتيجة القراءة الخاطئة للواقع الإسلامي.

وأن أسأل الأستاذ عبد الرحمن:
هل المعاني التي فهمتها الأمة على مدى أربعة عشرا قرنا غير صالحة لأن يكون القرآن شاهدا على العصر؟
وهل العيوب في الفهوم السالفة والجهود التفسيرية التراثية تمنع من تعاملنا مع العصر الحديث وإنجازاته المعرفية؟
 
نسمع جعجعة ولا نرى طحينا

يا محب القرآن الكريم،

أرجو أن ترينا طحينك، لأن الجعجعة الحقيقية هي ما ينطبق على تعقيباتك ومشاركاتك في المنتدى.

فأنت منذ اشتراكك في المنتدى لم تفعل سوى تتبع مشاركات الآخرين والتعليق عليها بسوء أدب، وتعريض بالكتاب، بما ينافي الحب الحقيقي للقرآن الكريم الذي يستوجب أسلوبا أفضل في الكتابة.

هلا كتبت موضوعا من الموضوعات التي تحسنها حتى نقرأها ونستفيد؟

لقد شاركتَ لحد الآن 463 مرة في المنتدى، ولم تكتب منها سوى 23 موضوعا كان أغلبها نقلا لأقوال آخرين، وأما الباقي فأغلبه تتبع سلبي لمشاركات الآخرين.
 
المشكلة في أن في الأمة أناس يشعرون بالعجز أمام الحضارة الغربية نتيجة للقراءة الخاطئة لهذه الحضارة ونتيجة القراءة الخاطئة للواقع الإسلامي.

بل المشكلة الأخطر تتمثل في وجود كثرة كثيرة في الأمة (وأنت منهم) تعيش حالة من الوثوقية الغافلة في صوابية الفهم والممارسة للدين، دون أن تحاول أن تفهم أسباب التخلف والاستخذاء الذين يصبغان حياة الأمة، وتعتبر أي محاولة للاستفادة من الإنتاج المعرفي لغير المسلمين سببه الانبهار بالحضارة الغربية.

ألا تشعر بالتناقض بين هذا الوهم (أو النيرفانا) التي تعيش فيها، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ""الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"؟
 
بل المشكلة الأخطر تتمثل في وجود كثرة كثيرة في الأمة (وأنت منهم) تعيش حالة من الوثوقية الغافلة في صوابية الفهم والممارسة للدين، دون أن تحاول أن تفهم أسباب التخلف والاستخذاء الذين يصبغان حياة الأمة، وتعتبر أي محاولة للاستفادة من الإنتاج المعرفي لغير المسلمين سببه الانبهار بالحضارة الغربية.

ألا تشعر بالتناقض بين هذا الوهم (أو النيرفانا) التي تعيش فيها، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ""الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"؟

أولاً: أعصابك يا أستاذ محمد

ثانياً: أنت ترى أن تخلف واستخذاء الأمة يعود لعدم صوابية الفهم والممارسة للدين ، وتريد منها أن تبحث عن الصوابية والفهم عند غير المسلمين.

وأنا أقول : إن شر البلية ما يضحك.

وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم وحال الأمة، فيجب أن تفهمه على النحو التالي:
أن الأمة تركت الحكمة وذهبت تبحث عن الضلالة والوهم ، ويصدق عليها قول الشاعر:
كالعيس في البيداءِ يقتلها الظما ***** والماءُ فوق ظهورها محمولُ

أما قولك:
"لم تفعل سوى تتبع مشاركات الآخرين والتعليق عليها بسوء أدب"
فلن أنتصر لنفسي.
ولكن ما رأيك بسوء الأدب مع الأمة كلها في كلام الأستاذ عبدالرحمن:

"تحياتي لكم جميعا
جواباً لما تفضلتم به د. الشهري، المشكلة من وجهة نظري قائمة في أن الخطاب السائد في الأوساط العلمية هو خطاب هوية، وأعني بخطاب الهوية أن الخطاب الإسلامي الفكري معني بالدرجة الأولى بالدفاع ومتحفز للهجوم على "أعدائه" وحتى "ناقديه" فهو عموماً متوتر للغاية، لديه حساسية أكثر من اللازم من المختلف معه، ويفكر بمنطق المقاتل، لا بمنطق المحاور.. لا أدعو بتوصفي هذا للخطاب التوقف عن الدفاع عن الهوية، إنما أدعو أن يتحرر العقل العلمي في العالم الإسلامي من خطاب الهوية، وليس من الدفاع عن الهوية؛ لأنه خطاب أيديولوجي يصيب بالعماء.
أول خطوات الإفادة من العلوم الحديثة ـ وفقاً لما يبدو لي ـ أن نخرج العلوم من المعارك الأيديولوجية، ذلك أن فهمه فهماً دقيقاً وعميقاً من أجل الإفادة منه يتوقف على تحررنا من هاجس "مخالفة أصحاب الجحيم" وحسب"

وأما قولك:
"هلا كتبت موضوعا من الموضوعات التي تحسنها حتى نقرأها ونستفيد؟"
فأقول مواضيعي التي أحسنها لأن تفهمها وتستفيد منها وأنت تحمل هذه الروح المنهزمة التي تبحث عن السراب في زبالة الفكر الغربي.

والسلام.
 
الأخوين الكريمين محمد بن جماعة ومحب القرآن الكريم وفقكما الله .
خففا حدة النقاش ، ودعونا في محور المقال الذي طرحه الأستاذ عبدالرحمن . ولعلي أتأمل المقال وأعود إليه مرة أخرى .
تقبلوا تحياتي واعتذاري .
 
أولاً: أعصابك يا أستاذ محمد

ثانياً: أنت ترى أن تخلف واستخذاء الأمة يعود لعدم صوابية الفهم والممارسة للدين ، وتريد منها أن تبحث عن الصوابية والفهم عند غير المسلمين.

وأنا أقول : إن شر البلية ما يضحك.

أولا: أبشر، فأعصابي في أهدأ ما تكون حين أكتب، لأنني أخشى أن أظلم أو أزل أو أضل. ولا أرسل ما أكتبه إلا بعد أن أديره في عقلي عدة مرات.

ثانيا: لم يعد شر البلية ما يضحك. بل شر البلية في وهم المعرفة. ودليله القريب ما تظن أنني أراه وأريده في نقطتك الثانية، في حين أنه ليس قصدي ولا ما يؤدي إليه كلامي.
 
عودة
أعلى