الجُمَلُ النَّوَافِع في الذَّبِّ عن عَشْرِ الإمامِ نافع، للشيخ المقرئ علي بن سعد الغامدي.

ضيف الله الشمراني

ملتقى القراءات والتجويد
إنضم
30/11/2007
المشاركات
1,508
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
بسم1​
الأحد 7 محرم 1435

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعدُ: فهذه رسالة مختصرة بعنوان: "الجُمَلُ النَّوَافِع في الذَّبِّ عَنْ عَشْرِ الإمامِ نافع" لفضيلة الشيخ: علي بن سعد الغامدي - المقرئ بالقراءات العشر الصُّغرى والكبرى بمكة المكرَّمة-، وفيها إضافة يسيرة وتنقيح لما تم نشره سابقاً بعنوان: "الكلمات الجوامع في الذب عن عشر الإمام نافع" في هذا الرابط: http://vb.tafsir.net/tafsir37198/
وقد أذِنَ المؤلِّفُ -جزاه الله خيراً- بنشرها على صفحات الملتقى بدلاً من وضعها بصيغة ملف (pdf)؛ استجابة لرغبة بعض أعضاء الملتقى، وتيسيراً للاستفادة منها.
وهذه الرسالة بنصِّها كاملة أضعها بين أيديكم:



بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

الحمدُ للَّهِ الذي أَنزل على عبدِه الفرقانَ، وحَفِظَه من التحريفِ والزيادةِ والنُّقْصانِ؛ فقَيَّضَ له أئمَّةً أَرْخَصُوا في حِفْظِه الأرواحَ، وهجروا في سبيلِه الدَّعَةَ والرَّاحَ؛ فميَّزوا الصحيحَ من المَنْحُولِ، والشاذَّ من المَقْبُولِ.
أمَّا بعدُ: فهذا ردٌّ مختصرٌ على بيانِ لَجْنَةِ المُصحفِ، بمَجْمَعِ المَلِكِ فَهْدِ بنِ عبدِ العزيزِ، بالمَدينةِ النَّبَوِيَّةِ([1])، كتبتُه -أوَّلَ مرَّةٍ- رسالةً لشيخِنا النِّحْرِيرِ، والعلّامةِ الكبيرِ: عبدِ الهَادي حَمِيتُو؛ ليُضَمِّنَ منه ما يشاءُ ردَّه على اللَّجْنَةِ، ولم يَخْطُرْ ببالي نَشْرُه؛ ولكنَّ ثناءَ شيخِنا حَمِيتُو عليه دفعني إلى نَشْرِه، فنَقَّحْتُه، وها هو بينَ يديك،

خُذْ مَا صَفَا واحْتَمِلْ بِالْعَفْوِ مَا كَدَرَا



سَمَّيْتُهُ:بِـ«الْجُمَـــلِ النَّوَافِـعِ********* فِي الذَّبِّ عَـنْ عَشْــرِ اْلإِمَامِ نَافِـعِ»




وقبلَ الوُلُوجِ في الرَّدِّ، أُبَيِّنُ أمرينِ مُهِمَّيْنِ:
الأَوَّلُ: أنَّ الرَّدَّ على أعضاءِ اللَّجْنَةِ لا يدلُّ على هَضْمِ قَدْرِهم، أوِ الحَطِّ من منزلتِهم؛ بل أرجو أن يكونَ من النُّصْحِ لهم، بعدَ رجائي أن يكونَ من النُّصْحِ لكتابِ اللَّهِ، وقَدْرُ أولئك الأَكَابِرِ مَحْفُوظٌ؛ إلا أنه لا ينبغي أن تمنعَ مَهَابَةُ أهلِ العلمِ طالبَ العِلْمِ من قَوْلِ ما يعتقدُ صوابَه.
والأمرُ الآخَرُ: أَنِّي لن أُورِدَ -في رَدِّي هذا- ما تعرَّض له شيخُنا: عبدُ الهَادي حَمِيتُو في رَدِّه، في قِسْمِه الأَوَّلِ([2])، أو ما سيتعرَّضُ له في قِسْمِه الآخَرِ المُرْتَقَبِ -إلا ما اضطررتُ إليه-؛ تَجَنُّباً للتَّكْرَارِ، وطَلَباً للِاختصارِ([3]).
فأقولُ -وباللَّهِ التوفيقُ والسَّدادُ، وعليه التَّوَكُّلُ والِاعتمادُ-:
أَوَّلاً: صرَّحتِ اللَّجْنَةُ بوجودِ أَوْجُهٍ شاذَّةٍ في كتابِ التعريفِ([4]).
قلتُ: وهذه الأَوْجُهُ التي تَرَى اللَّجْنَةُ شُذُوذَها -وهي التي لا يعرفُها المَشَارِقَةُ الآنَ- قد تلقَّتها الأُمَّةُ بالقَبُولِ، واعتمدها كبارُ أَئِمَّةِ القراءةِ -من المَشرقِ والمَغربِ- في مصنَّفاتِهم([5])؛ بل نقل الدَّانيُّ إجماعَ أهلِ الأداءِ في جميعِ الأمصارِ على قَبُولِها([6]).
وإنَّ تَشْذِيذَ روايةٍ أو طريقٍ قد استقرَّ قَبُولُهما -وإنِ انقطع إسنادُهما- زَلَّةٌ عظيمةٌ!
فإنه لا يلزمُ منِ انقطاعِ سَنَدِها -قراءةً أو سماعاً- تشذيذُها، وذلك لأنَّ انقطاعَ سَنَدِها لا يَرْفَعُ عنها القُرْآنيَّةَ بعدَ أن كانت قُرْآناً([7]).
وإذا كان ذلك كذلك، فكيف بالقراءةِ التي لم ينقطعْ سَنَدُها؟! إذ قد تَّلَقَّى المَغَارِبَةُ عَشْرَ نافِعٍ جِيلاً بعدَ جِيلٍ، إلى زمانِنا هذا([8]).
فمن لم يَتَلَقَّها فلا يقرأُ بها، ولكن لا يحلُّ له أن ينكرَها، ولا يلزمُ من عدمِ القراءةِ بها إنكارُها، فإنَّ القراءةَ قد تتواتر عند قومٍ دون قومٍ، وليس من شرطِ التَّواتُرِ أن يَصِلَ إلى كلِّ الأُمَّةِ:
قال السَّخاويُّ: «وقد يتواترُ الخبرُ عند قومٍ، دون قومٍ»([9]).
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ -في نحوِ هذا-:«وأَمَّا مَن علم نوعاً، ولم يعلم غيرَه، فليس له أن يَعدِلَ عمَّا علمه، إلى ما لم يَعلم، وليس له أن يُنكِرَ على مَن علم ما لم يعلمْه من ذلك، ولا أن يُخالفَه»([10]).
وقال الذَّهَبيُّ -رادّاً على مَن أنكر قراءةَ يعقوبَ-: «حتى نشأَ طائفةٌ متأخِّرون، لم يألفوها، ولا عَرَفوها؛ فأنكروها، ومَن جهل شيئاً عاداه.
قالوا: لم تتَّصِلْ بنا مُتواترةً.
قلنا: اتَّصَلَت بخلقٍ كثيرٍ متواترةً.
وليس من شرطِ التَّواتُرِ أن يَصِلَ إلى كلِّ الأُمَّةِ ...
وليس مَن جهل علماً حُجَّةً على مَن علمه.
وإنما يُقالُ للجاهلِ: تعلَّم، وسَلْ أهلَ العلمِ؛ إن كنتَ لا تعلمُ.
ولا يُقالُ للعالِمِ: اجهَلْ ما تَعْلَمُ.
رزقنا اللَّهُ -وإيَّاكمُ- الإنصافَ»([11]).
وقال ابنُ الجَزَريِّ -في خاتِمَةِ كتابِه (مُنْجِدِ المُقْرِئِين)([12])-: «إنِّني آخرَ ليلةٍ فَرَغْتُ من هذا التأليفِ، رأيتُ وقتَ الصُّبحِ -وأنا بين النائمِ واليقظانِ- كأنِّي أتكلَّمُ مع شخصٍ في تَواتُرِ العَشْرِ، وأنَّ ما عداها غيرُ مُتَواتِرٍ.
فأُلْهِمْتُ في النَّوْمِ أنَّي لا أقطعُ بأنَّ ما عدا العَشْرِ غيرُ مُتَواتِرٍ، فإنَّ التَواتُرَ قد يكونُ عند قومٍ دون قومٍ، ولم أطَّلِع على بلادِ الهِنْدِ، والخَطَا، وأقصى المَشْرِقِ، وغيرِه، فيُحْتَمَلُ أنها تكونُ عندَهم مُتَواتِرَةً؛ إذ لم يَصِلْ إلينا خبرُهم.
وأُلْهِمْتُ أَنِّي أُلْحِقُ ذلك في هذا الكتابِ، وهذا عجيبٌ».
قلتُ: إذا كان كبارُ الأَئِمَّةِ قد نصُّوا على أنَّ القراءةَ التي صَحَّ سَنَدُها لا يَحِلُّ الجَزْمُ بإنكارِها إذا خالفتِ الرَّسْمَ؛ بل يُتَوَقَّفُ فيها؛ وذلك لأنه لا يُقْطَعُ بنَسْخِها([13]).
وإذا كان ذلك كذلك، فكيف بالقراءةِ التي صحَّ سَنَدُها، ولم تُخالِفِ الرَّسْمَ([14])؟!
ومِمَّا ينبغي أن يُعلمَ: أنَّ تَرْكَ بعضِ القراءاتِ والرِّواياتِ لا يَلْزَمُ منه أنها دون ما أُخِذَ؛ بل قد يكونُ ما تُرِكَ أفضلَ مِمَّا أُخِذَ:
قال مَكِّيُّ بنُ أبي طَالِبٍ: «وقد ذَكَرَ الناسُ مِن الأَئِمَّةِ -في كتبهم- أكثرَ مِن سبعين، مِمَّن هو أعلى رُتْبَةً وأَجَلُّ قَدْراً مِن هؤلاءِ السَّبْعَةِ.
على أنه قد ترك جماعةٌ من العلماءِ -في كتبِهم في القراءاتِ- ذِكْرَ بعضِ هؤلاءِ السَّبْعَةِ، واطَّرَحَهم: قد تَرَكَ أبو حاتِمٍ (ت: 255) وغيرُه ذِكْرَ حَمْزَةَ والكِسائيِّ وابنِ عامِرٍ، وزادَ نَحْوَ عِشْرِينَ -مِن الأَئِمَّةِ- مِمَّن هو فوقَ هؤلاءِ السَّبْعَةِ»([15]).
وقال المَهْدَوِيُّ: «... مَعَ كَوْنِ ذلك الذي عنده شاذٌ أَشْهَرَ وأَجَلَّ من الذي اعتَمَدَ عليه.
فإنَّ أحَداً -من العلماءِ بالرِّجال- لا يَشُكُّ أنَّ إسماعيلَ بنَ جَعْفَرٍ أَجَلُّ قَدْراً من وَرْشٍ -عثمانَ بنِ سَعِيدٍ- ومن قالونَ -عيسى بنِ مِينَا-، وأنَّ أَبَانَ بنَ يَزِيدَ العَطَّارَ أوثقُ وأَشْهَرُ مِن حَفْصِ بنِ سُلَيْمَانَ البَزَّازِ.
وكذلك كثيرٌ منهم»([16]).
وقال ابنُ قُدَامَةَ: «ونُقِلَ عن أحمدَ أنه كان يختارُ قراءةَ نافِعٍ، من طريقِ إسماعيلَ بنِ جَعْفَرٍ»([17]).
ثانياً: أوردتِ اللَّجْنَةُ كلامَ ابنِ الجَزَريِّ، الذي قال فيه: «وجمعتُها في كتابٍ يُرْجَعُ إليه ...» إلى آخر ما نقلتْه اللَّجْنَةُ([18]).
واستدلَّت به على حَصْرِ طُرُقِ القراءاتِ بما في كتابِ (النَّشْرِ)، مستندةً على أنَّ الضميرَ في «جمعتُها» عائدٌ على طُرُقِ القراءاتِ([19]).
والجوابُ عن هذا: أنَّ ابنَ الجَزَريِّ إنَّما عَنَى الطُّرُقَ التي ساقها قبلَ ذلك، ولم يقصِدْ جميعَ طُرُقِ القراءاتِ؛ خلافاً لِمَا نَصَّ عليه بيانُ اللَّجْنَةِ.
وآيةُ ذلك: قولُ ابنِ الجَزَريِّ نفسِه: «ما الْتَزَمْنَا في النَّشْرِ أن نَّذْكُرَ كلَّ ما صَحَّ من الرِّواياتِ والقراءاتِ، بلِ اخترنا ذلك من الصحيحِ، ولكنْ في نفسي أن أَجْمَعَ كتاباً في القراءاتِ، وأَعْتَمِدَ فيه على كلِّ ما صَحَّ عندنا -إن شاءَ اللَّهُ تعالى-»([20]).
ثالثاً:نقلتِ اللَّجْنَةُ ما ساقه ابنُ الجَزَريِّ عنِ البَغَويِّ، مِن قولِه: «واعلم أنَّ الخارجَ عنِ السَّبْعِ المَشهورةِ على قسمينِ:
منه ما يخالفُ رَسْمَ المُصحفِ: فهذا لا شكَّ في أنه لا تجوزُ القراءةُ به، لا في الصلاةِ، ولا في غيرِها.
ومنه ما لا يخالفُ رَسْمَ المُصحفِ، ولم تشتهرِ القراءةُ به، وإنما ورد من طُرُقٍ غريبةٍ، لا يُعَوَّلُ عليها، وهذا يظهرُ المَنْعُ من القراءةِ به -أيضاً-، ومنه ما اشتهر عندَ أئمَّةِ هذا الشأنِ القراءةُ به -قديماً وحديثاً-، فهذا لا وجهَ للمَنْعِ منه، ومن ذلك قراءةُ يعقوبَ وغيرِه، قاله البَغَويُّ.
وهو أَوْلَى مَن يُعْتَمَدُ عليه في ذلك؛ فإنه مقرئٌ فقيهٌ جامعٌ للعلومِ.
قال: وهكذا التفصيلُ في شواذِّ السَّبْعِ، فإنَّ عنهم شيئاً كثيراً شاذّاً.
قلتُ: هذا الكلامُ هو الصحيحُ، الذي لا مَحِيدَ عنه، فدونَك من هذا الإمامِ، عَضَّ عليه بالنَّواجِذِ»([21]).
والذي يظهرُ: أنَّ اللَّجْنَةَ نقلت هذا النَّصَّ لتَحْتَجَّ به على أنَّ ما لا يعرِفُه المَشَارِقَةُ من رواياتِ نافِعٍ وطُرُقِه وحُرُوفِه، فإِنَّه ورد من طُرُقٍ غريبةٍ لا يُعَوَّلُ عليها، فالظاهرُ -عندَئِذٍ- المَنْعُ من القراءةِ بها.
قلتُ: والجوابُ عن هذا الاستدلالِ من وجهينِ:
الأَوَّلُ: ما أَدْرَى اللَّجْنَةَ أنَّ البَغَويَّ يريدُ بالسَّبْعِ المَشهورةِ في زمانِه السبعَ التي يعرِفُها المَشَارِقَةُ الآنَ، من جهةِ الرِّواياتِ والطُّرُقِ والحروفِ؟! فالقراءاتُ السَّبْعُ لا تتطابقُ تماماً في كثيرٍ من المَصادرِ المُسْنَدَةِ، من جهةِ الرِّواياتِ، ومن جهةِ الطُّرُقِ -كذلك-، ومن جهةِ الحروفِ -أيضاً-.
والوجهُ الآخَرُ: أنه يُوجَدُ في ما يَرون تَوَاتُرَه من القراءاتِ أَحْرُفٌ وردت من طريقٍ غريبةٍ، ومع ذلك قَبِلُوها:
فهم يقرؤُون من طريقِ متنِ (الدُّرَّةِ) أربعَ كلماتٍ، انفرد بها الشَّطَويُّ، في روايةِ ابنِ وَرْدَانَ([22])، وهذا الذي حمل ابنَ الجَزَريِّ على اطِّرَاحِها في نَظْمِ (الطَّيِّبَةِ) عامَ: 799، ثمَّ لَمَّا نَظَمَ (الدُّرَّةَ) عامَ: 823 أَدْرَجَها فيها؛ اعتماداً على شهرتِها؛ لتلقِّي الأُمَّةِ لها بالقَبُولِ.
وهذه الغَرَابَةُ في أصلِ الطريقِ.
وأمَّا الغَرَابَةُ في ما بعدَ ذلك: فها أنتم تَرْوُون الطَّيِّبَةَ، بما فيها من زُهاءِ أَلْفِ طريقٍ: من طريقِ رجلٍ واحدٍ، وهو الإمامُ ابنُ الجَزَريِّ.
ولئنِ اطمأنَّت قلوبُكم في ما اطَّلعْتم عليه من مصادِرِه، فما هو القولُ في ما لم تطَّلِعُوا عليه؟!
ونحنُ -حتى ساعتِنا هذه، في ما أعلمُ- لم نَعْثُرْ على سبعةِ كتبٍ، من مصادِرِ الطَّيِّبَةِ، وهي:
1. المُجْتَبَى للطَّرَسُوسيِّ (ت: 420)، وفيه: 12 طريقاً.
2. الرَّوضةُ للطَّلَمَنْكيِّ (ت: 429)، وفيه طريقٌ واحدةٌ.
3. الهِدَايَةُ للمَهْدَويِّ (ت: نحوُ: 440)، وفيه: 9 طرقٍ.
4. القاصِدُ للخَزْرَجيِّ (ت: 446)، وفيه: 6 طرقٍ.
5. التِّذْكارُ لابنِ شِيطَا (ت: 450)، وفيه: 19 طريقاً.
6. المِفْتَاحُ لابنِ خَيْرُونٍ (ت: 539)، وفيه: 18 طريقاً.
7. المُوضَحُ لابنِ خَيْرُونٍ -أيضاً-، وفيه: 14 طريقاً.
على أَنَّنَا لم نحسُبْ كتابَ (الإرشادِ الكبيرِ) للقَلانِسيِّ؛ للخلافِ الذي في عَدِّه، وكذلك لم نحسُب نَقْصَ كتابِ (الكفايةِ) لسِبْطِ الخَيَّاطِ، ونَقْصَ كتابِ (الإِعْلانِ) للصَّفْرَاويِّ.
والكتبُ السبعةُ السالِفَةُ الذِّكرِ اشتملت على 79 طريقاً، من طُرُقِ الطَّيِّبَةِ!
فأَينَ هذا العددُ من سِتِّ طُرُقٍ -في قراءةِ نافِعٍ-، انفرد بها المَغَارِبَةُ -في العُصُورِ المُتأخِّرَةِ- عنِ المَشَارِقَةِ([23])؟!
رابعاً: أوردتِ اللَّجْنَةُ كلامَ ابنِ الجَزَريِّ، الذي قال فيه: «وقولُ مَن قال: إنَّ القراءاتِ المُتواترةَ لا حَدَّ لَهَا: إِنْ أراد في زمانِنا فغيرُ صحيحٍ؛ لأنه لا يُوجَدُ -اليومَ- قراءةٌ متواترةٌ وراءَ العَشْرِ، وإِنْ أراد في الصَّدْرِ الأَوَّلِ فيُحْتَمَلُ -إن شاءَ اللَّهُ-»([24]).
واستدلَّت به على تشذيذِ بعضِ رواياتِ نافِعٍ وطُرُقِه، وهي التي لا يعرِفُها المَشَارِقَةُ الآنَ.
قلتُ: ولعلَّ اللَّجْنَةَ ذَهَلَتْ عن أنَّ قراءةَ نافِعٍ من القراءاتِ العَشْرِ، فليس في النَّصِّ دليلٌ على ما أرادوا.
خامساً:وأَمَّا ما أَوْجَبَتْه اللَّجْنَةُ على أُولِي الأَمْرِ والعِلْمِ مِن منعِ مَن يُقْرِئُ بأَوْجُهٍ شذَّت عنِ القُرَّاءِ العَشَرَةِ([25]): فقد بالَغَتْ فيه اللَّجْنَةُ، وأَغْرَبَتْ.
ويُجابُ عمَّا قالَتْهُ من وجهينِ:
الأَوَّلُ: أَنَّنا لا نُسَلِّمُ أنَّ هذه الأَوْجُهَ شاذَّةٌ؛ بل هي صحيحةٌ، ذاعت في الأمصارِ، وشاعت في الأقطارِ، ودوَّنها كبارُ الأَئِمَّةِ في مصنَّفاتِهم، وتناقلها المَغَارِبَةُ جِيلاً بعدَ جِيلٍ -إلى زمانِنا هذا-؛ بل نقل الدَّانيُّ إجماعَ أهلِ الأداءِ في جميعِ الأمصارِ على قَبُولِهَا([26]).
الوجهُ الآخَرُ: لو قِيلَ بشُذُوذِ هذه الأَوْجُهِ، فإِنَّه لا مانعَ من الإِقْرَاءِ بها، وذلك لأَنَّه قد تَّوَاتَرَ عَمَلُ القُرَّاءِ على القراءةِ بالشَّاذِّ في غيرِ الصلاةِ:
قال ابنُ الجَزَريِّ: «وما زال المُقْرِئُون أحدَ رجلينِ:
إِمَّا مقرئٌ بما زاد على السَّبْعَةِ، بل والعَشَرَةِ.
وإِمَّا مقرئٌ بالسَّبْعَةِ فقط، غيرُ منكرٍ على مَن أقرأ بالعَشْرِ، أوِ الثلاثةِ الزائدةِ عليها: وهي قراءةُ الحسنِ البَصْريِّ، وابنِ مُحَيْصِنٍ المَكِّيِّ، وسليمانَ الأَعْمَشِ.
قرأنا بذلك على شُيُوخِنا، وقَرَؤُوا -كذلك- على شُيُوخِهم، ولم يُنكِرْ أحدٌ علينا، وشَهِدَ في إجازاتِنا بها علماءُ الإسلامِ الأَعْلامُ»([27]).
وقال: «ولا زال الناسُ يؤلِّفون في كثيرِ القراءاتِ وقليلِها.
ويَرْوُون شاذَّها وصحيحَها، بحسَبِ ما وَصَلَ إليهم، أو صَحَّ لديهم، ولا يُنكِرُ أحدٌ عليهم ...».
ثمَّ قال: «أَمَّا مَن قرأ بالكاملِ للهُذَليِّ، أو سُوقِ العَرُوسِ للطَّبَريِّ، أو إِقْنَاعِ الأَهْوَازيِّ، أو كفايةِ أبي العِزِّ، أو مُبْهِجِ سِبْطِ الخَيَّاطِ، أو رَوْضَةِ المَالكيِّ، ونحوِ ذلك -على مافيه من ضعيفٍ، وشاذٍّ عنِ السَّبْعَةِ والعَشَرَةِ، وغيرِهم-: فلا نعلمُ أحداً أنكر ذلك، ولا زعم أنه مخالِفٌ لشيءٍ من الأَحْرُفِ السَّبْعَةِ.
بل ما زالت علماءُ الأُمَّةِ وقُضَاةُ المُسلمين يكتبون خُطُوطَهم، ويُثْبِتُون شهاداتِهم في إجازاتِنا، بمِثْلِ هذه الكتبِ والقراءاتِ»([28]).
فها هو ابنُ الجَزَريِّ: يُثْبِتُ تَوَاتُرَ القُرَّاءِ على القراءةِ والإِقْرَاءِ بالشَّاذِّ([29])، ويَقْطَعُ بأَنَّه لا يَعْلَمُ أحداً أنكر عليهم([30])؛ بل يَذْكُرُ أَنَّ علماءَ الإسلامِ الأَعْلامَ وقُضَاةَ المُسلمين -في زمانِه- يَشْهَدُون على الإِجَازَاتِ في هذه القراءاتِ.
فما بالُ اللَّجْنَةِ خالفت عَمَلَ القُرَّاءِ([31])؟!
وإذا أَخَذْنَا في الحُسْبَانِ أنَّ الأَوْجُهَ التي شَذَّذَتْها اللَّجْنَةُ في عَشْرِ نافِعٍ لم تُخالِفِ الرَّسْمَ ولا العَرَبِيَّةَ ازداد النَّكِيرُ على إيجابِ اللَّجْنَةِ.
سادساً: قالتِ اللَّجْنَةُ: «ولا عبرةَ بما ذُكِرَ من أَوْجُهٍ، في بعضِ الكتبِ، مِثْلُ كتابِ (التعريفِ) للإمامِ الدَّانيِّ؛ لأَنَّ علماءَنا الأَثْبَاتَ قد محَّصُوا هذه الأَوْجُهَ ودقَّقُوها، وبيَّنُوا صحيحَها من سقيمِها، ولم يتركوا شارِدَةً ولا وارِدَةً إلا نظروا فيها بإِمْعَانٍ ورَوِيَّةٍ»([32]).
قلتُ: غَضَّ أَعْضَاءُ اللَّجْنَةِ -وهم لا يشعرون- من قَدْرِ الإمامِ الدَّانيِّ، ومَن معه مِن الأَئِمَّةِ، فقد نقل الدَّانيُّ إجماعَ أهلِ الأَدَاءِ، في جميعِ الأمصارِ، على قَبُولِ رواياتِ نافِعٍ الأربعِ، التي ضمَّنها وطُرُقَها كتابَه التعريفَ، فقال: «وهذه الرِّواياتُ هي المَشْهُوراتُ عن هؤلاءِ الأربعةِ، وبها يأخذُ كلُّ أهلِ الأداءِ، في جميعِ الأَمْصَارِ»([33]).
فمَن هم -يا تُرَى- هؤلاءِ العلماءُ المُتأخِّرون الذين ادُّخِرَ لهم عِلْمُ ما جَهِلَه كلُّ علماءِ الأمصارِ المُتقدِّمين؟! إنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ.
والحمدُ للَّهِ الذي إليه المُنْتَهَى.


وكَتَبَ: عَلِيُّ بْنُ سَعْدٍ الْغَامِدِيُّ المَكِّيُّ


ضُحَى الأَحَدِ: 12/ 9/ 1434


بمكَّةَ أُمِّ القُرَى


([1]) المنشورُ في الشَّبَكَةِ العالَمِيَّةِ، في مُلْتَقَى أهلِ التَّفْسِيرِ.

([2]) المنشورُ في الشَّبَكَةِ العالَمِيَّةِ، في مُلْتَقَى أهلِ التَّفْسِيرِ.

([3]) على حَدِّ قولِ الإمامِ مُسْلِمٍ -رحمه اللَّهُ-: «... أَنَّ ضَبْطَ القليلِ من هذا الشَّأْنِ وإِتقانَه أَيسرُ على المَرْءِ من مُّعَالَجَةِ الكثيرِ منه». مُقدِّمةُ صحيحِه: 1/ 2.

([4]) يُنظَرُ: بيانُ اللَّجْنَةِ: 1.

([5]) وقد تكفَّلَ شيخُنا عبدُ الهَادي حَمِيتُو بذِكْرِ عَدَدٍ من المُصنَّفاتِ التي روت طُّرُقَ نافِعٍ العَشْرَ، ولعلَّه يستكملُ ما بقيَ منها، وممَّا ذَكَر من هاتِيكَ المُصنَّفاتِ: كتابُ (المِصْباحِ الزَّاهِرِ في القراءاتِ العَشْرِ البَوَاهِرِ) للشَّهْرَزُوريِّ (ت: 550).
قلتُ: لو لم يذكر إلا هذا الكتابَ لكفى، فهو من أجلِّ مصادِرِ النَّشْرِ:
فقد ذكر أبو حَيَّانَ -في مُقَدِّمة تفسيرِه: البحرِ المُحِيطِ (1/ 108)- أنه أحسنُ المُصنَّفاتِ في القراءاتِ العَشْرِ.
وقال عنه ابنُ الجُنْدِيِّ، في مقدِّمةِ كتابِه: بُسْتَانِ الهُدَاةِ (1/ 127): «ولجَلالَةِ هذا الكتابِ أردتُّ أَلا أُخْلِيَ كتابيَ هذا منه.
وكان شيخُنا أَثِيرُ الدِّينِ: أبو حَيَّانَ يقولُ لنا -غيرَ مرَّةٍ-: «لم أَظْفَرْ فيه بوَهَمٍ في أسانيدِه»، وكان يُعَظِّمُه كثيراً».

([6]) يُنظَرُ: التعريفُ: 26.

([7]) وأَضْرِبُ مثالاً ليَتَّضِحَ به ما الْتَبَسَ من هذا التقريرِ، فأقولُ: روايةُ قُتَيْبَةَ بنِ مِهْرَانَ، عنِ الكِسَائيِّ، استقرَّ قبولُها عندَ أئمَّةِ الإقراءِ، ودوَّنُوها في مصنَّفاتِهم؛ بل قال ابنُ الجَزَريِّ (غايةُ النِّهايةِ: 2/ 26): «وكانت روايةُ قُتَيْبَةَ أشهرَ الرِّواياتِ عنِ الكسائيِّ بأَصْبَهَانَ، وما وَرَاءَ النَّهْرِ، حتى كانوا يُلَقِّنُون أولادَهم بها، ويُصَلُّون بها في المَحَارِيبِ, وعِلْمي بذلك إلى أَوَاخِرِ القَرْنِ السابعِ, وأمَّا الحالُ اليومَ فما أَدري ما هو».
ثمَّ انقطع إسنادُ هذه الرِّوايةِ، فلم يُضَمِّنْها ابنُ الجَزَريِّ نَشْرَه، فهل لم تَعُدْ قرآناً بعدَ أن ظَلَّتْ قرآناً بِضْعَةَ قُرُونٍ؟!
ومن الخطَأِ العظيمِ أَن يُقالَ: إنَّ مِثْلَ هذه الرِّوايةِ شاذٌّ، وذلك لأنَّ الشُّذُوذَ -في اصطلاحِ المُتأخِّرين- يلزمُ منه عدمُ القرآنيَّةِ.

([8]) وقد تكَفَّل شيخُنا عبدُ الهَادي حَمِيتُو بذِكْرِ بعضِ من حَمَلَ عَشْرَ الإمامِ نافِعٍ في القَرْنِ المُنْصَرِم وقَرْنِنا هذا، وهو بصَدَدِ رَفْعِ أسانيدِهم إلى مُنْتَهاها، في القِسْمِ الآخَرِ من رَدِّه، فانتظروا إنَّا منتظرون.
قلتُ: وأُدَوِّنُ هنا شهادةَ شيخِنا الكبيرِ، المُعَمَّرِ: الطاهرِ آيَتْ عَلْجَتْ الجَزَائريِّ، عنِ الجَزَائِرِ، وهي شهادةٌ كبيرةُ القَدْرِ، فقد سألتُه -في المَسجدِ الحرامِ، ليلةَ الثُّلاثاءِ: 6/ 6/ 1434-: عن عددِ مَن قرأ معه عَشْرَ نافِعٍ في زاوِيَتِه التي كان يدرُسُ فيها، فأخبرني بأنهم نحوُ سِتَّةٍ، فسألتُه عن عمومِ زَوَايا الجَزَائِرِ، فأخبرني بأنهم بالعَشَرَاتِ! وأخبرني بأَنَّه قرأ في حُدُودِ سنةِ: 1933 م!
وأَخبرني بأنَّه قَرَأَ طُرُقَ نافعٍ العَشْرَ على الشيخِ: السَّعِيدِ اليَجْرِيِّ (ت: 1371)، وهو قرأها على الشَّرِيفِ الإِفْلِيسيِّ (ت: 1334)، وهو قرأها على محمَّدِ بنِ أَبي القاسمِ البُوجْلِيليِّ (ت: 1314)، وهو بإِسنادِه، الذي سطَّرَه في كتابِه (التَّبْصِرَةِ في قراءةِ العَشَرَةِ)، وقد رفع البُوجْلِيليُّ (التَّبْصِرَةُ: 100- 102) إِسنادَه في عَشْرِ نافِعٍ إِلى ابنِ عاشِرٍ (ت: 1040)، وإِسنادُ ابنِ عاشِرٍ معروفٌ مشهورٌ.

([9]) جَمَالُ القُرَّاءِ: 2/ 569.

([10]) جوابٌ عن سؤالٍ عنِ الْمُرادِ بالأحرفِ السبعةِ: 75.

([11]) سيرُ أَعْلامِ النُّبَلاءِ: 10/ 171.

([12]) ص: 226.

([13]) يُنظَرُ: تفسيرُ الطَّبَريِّ: 1/ 59، والإِبانةُ: 73، 86، 87، والتَّمْهِيدُ لابنِ عبدِ البَرِّ: 8/ 292.

([14]) وقد تبيَّنَ -ممَّا سَلَفَ-: أنَّ القراءاتِ -في قَبُولِها ورَدِّها- تنقسمُ ثلاثةَ أقسامٍ:
الأَوَّلُ: قراءاتٌ مقبولةٌ، وهي التي أُثْبِتَتْ قرآنيَّتُها.
الثاني: قراءاتٌ مردودةٌ، وهي التي يُقالُ: إنها شاذَّةٌ، وهي التي نُفِيَتْ قرآنيَّتُها، ولم يصحَّ سَنَدُها، سواءً خالفتِ الرَّسْمَ أم وافقته.
الثالثُ: قراءاتٌ مُّتَوَقَّفٌ فيها، وهي التي صحَّ سَنَدُها، وخالفتِ الرَّسْمَ.

([15]) الإِبانةُ: 26.

([16]) بَيَانُ السببِ الْمُوجِبِ لاختلافِ القراءاتِ: 53- 54، وبنحوِ قولِه قال أبو حَيَّانَ. يُنظَرُ: مُنْجِدُ المُقْرئين: 106- 107.

([17])المُغْنِي: 1/ 354.
وإسماعيلُ هذا هو أحدُ رواةِ نافِعٍ، الذين انفرد الْمَغارِبَةُ -في العصورِ المُتأخِّرَةِ- بالرِّوايةِ عنهم دونَ الْمَشَارِقَةِ.
ولم يُخالِفْ ما تضمَّنتْه الطَّيِّبَةُ إلا في موضعينِ فقط: الأَوَّلُ: تقليلُ الأفعالِ التِّسْعَةِ التي يُمِيلُها حَمْزَةُ، وهي ﴿شَآءَ﴾ وبابُها، والآخَرُ: تقليلُ ﴿بَل رَّانَ﴾ [المُطَفِّفين: 14]، على أنه لم يُخالِفْ هذينِ المَوضعينِ إلا من طريقِ أبي الزَّعْرَاءِ، وأمَّا من طريقِ ابنِ فَرَحٍ، فإنه لم يخالِفْ ما تضمَّنته الطَّيِّبَةُ في شيءٍ. يُنظَرُ: التعريفُ: 70، والطَّيِّبَةُ: الأبياتُ: 310- 311، 315.
فإذا علمتَ أنَّ إسماعيلَ هذا لم يُخالِفْ ما تضمَّنته الطَّيِّبَةُ إلا في موضعين فقط.
ثمَّ علمتَ أنَّ مخالفتَه من بعضِ طُرُقِه فقط، وليس من جميعِها.
ثمَّ علمتَ -كما تقدَّم في كلامِ المَهْدَويِّ- أنه أجلُّ قَدْراً من قالُونَ ووَرْشٍ، ولعلَّ هذا هو السببُ في تقديمِ الإمامِ أحمدَ روايتَه على روايةِ غيرِه، من رُّوَاةِ نافِعٍ.
ثمَّ علمتَ أنَّ كبارَ أئمَّةِ الإِقْرَاءِ -من المَشْرِقِ والمَغْرِبِ- رووا روايتَه، ودوَّنُوها في مُصنَّفاتِهم.
ثمَّ علمتَ أنَّ المَغارِبَةَ حافظوا على روايتِه، فرووها جِيلاً عن جِيلٍ، إلى زمانِنا هذا.
إذا علمتَ كلَّ ما سَلَفَ تبيَّنَ لك عِظَمُ خَطَأِ مَن شَذَّذَ هذه الرِّوايةَ.

([18]) يُنظَرُ: النَّشْرُ: 56- 57، وبيانُ اللَّجْنَةِ: 1- 2.

([19]) يُنظَرُ: بيانُ اللَّجْنَةِ: 1- 2.

([20]) المسائلُ التِّبْرِيزِيَّةُ: ل: 5/ ب.

([21])مُنْجِدُ المُقرئين: 66، ويُنظَرُ: بيانُ اللَّجْنَةِ: 2.

([22])يُنظَرُ: الدُّرَّةُ: الأَبياتُ: 114، 122، 146، والنَّشْرُ: 2/ 270، 278، 308.

([23]) فقد شَرَكُوا الْمَشَارِقَةَ في طريقَيْ قالُونَ -أبي نَشِيطٍ والحُلْوَانيِّ-، وطريقَيْ وَرْشٍ -الأَزْرَقِ والأَصْبَهَانيِّ-، وانفردوا عنهم بطريقٍ لقالُونَ -وهو القاضِي-، وطريقٍ لوَرْشٍ -وهو العُتَقِيُّ-، وطريقَيْ روايةِ إسماعيلَ بنِ جَعْفَرٍ -أبي الزَّعْرَاءِ وابنِ فَرَحٍ-، وطريقَيْ روايةِ الْمُسَيَّبيِّ -ابنِه مُحمَّدٍ وابنِ سَعْدَانَ-.
وبهذا يتبيَّنُ أنَّ الْمَغَارِبَةَ انفردوا بروايتينِ، وعن كلٍّ منهما طريقانِ، وزادوا طريقاً في كلٍّ من الرِّوايتينِ اللَّتَيْنِ شَرَكُوا الْمَشَارِقَةَ فيهما. يُنظَرُ: التعريفُ: 24- 25، والنَّشْرُ: 1/ 54- 55.

([24])مُنْجِدُ الْمُقرئين: 18، ويُنظَرُ: بيانُ اللَّجْنَةِ: 2.

([25])يُنظَرُ: بيانُ اللَّجْنَةِ: 2.

([26]) يُنظَرُ: التعريفُ: 26.

([27])مُنْجِدُ الْمُقرئين: 101.

([28])النَّشْرُ: 1/ 35- 36.

([29])واسْتِبَاحَةُ القُرَّاءِ هذا مَحْمُولَةٌ على أَنَّهم كانوا لا يَعتقِدون قرآنيَّةَ هذا الشَّاذِّ، ولا يُوهِمُونها، وقد قَرَؤُوه وأَقْرَؤُوه لِمَا فيه من الفوائدِ. يُنظَرُ: فَتْوَى للحافظِ ابنِ حَجَرٍ عنِ القراءاتِ: 244، ولَطائِفُ الإِشاراتِ: 1/ 133.

([30]) فإن قيل: إنَّ نَقْلَ ابنِ الجَزَريِّ بالمَحَلِّ الأَعْلَى؛ ولكن كيف يُجابُ عنِ اسْتِتَابَةِ ابنِ مُجَاهِدٍ ابنَ شَنَبُوذَ لَمَّا قرأ بما خالف رَسْمَ الْمُصْحَفِ.
قيل: إِنَّ ابنَ شَنَبُوذَ كان يَرى جوازَ الصلاةِ بها؛ بل كان يُصلِّي بها، كما صرَّح بذلك الخَطِيبُ البَغْدَاديُّ (تاريخُ بَغْدَادَ: 2/ 103) والذَّهَبيُّ (طَبَقَاتُ القُرَّاءِ: 157)، وإلا لو كان يَقْرَأُ بها في غيرِ الصلاةِ لَمَا أنكر عليه ابنُ مُجَاهِدٍ، إذ كيف يُنْكِرُ عليه ما يأتيه؟! فقد ذكر ابنُ جِنِّي (المُحْتَسَبُ: 1/35) والمَهْدَويُّ (بيانُ السببِ المُوجِبِ لِاختلافِ القراءاتِ: 56) أنَّ ابنَ مُجاهِدٍ له كتابُ روايةٍ، روى فيه الشواذَّ، وَقَفا عليه، نَعَتَه المَهْدَويُّ بـ(جامعِ ابنِ مُجاهِدٍ الكبيرِ)، ونَعَتَه ابنُ جِنِّي بأَنَّه مُخْلَصٌ لشَوَاذِّ القراءةِ، وقدِ اعتمدا عليه في تصنيفِهما.
والظاهرُ أنَّ له كتابينِ، أحدُهما جَمَع فيه ما اشتهر وشَذَّ، والآخَرُ أَخْلَصَه للشاذِّ.
فإن قيل: فما الجوابُ عنِ اسْتِتَابَةِ ابنِ مِقْسَمٍ بحَضْرَةِ قُرَّاءِ وفُقَهاءِ بَغْدَادَ؟!
قيل: إِنَّ ابنَ مِقْسَمٍ قد ذهب إلى أَنَّ كلَّ قراءةٍ تُوافِقُ خَطَّ المُصْحَفِ جائزةٌ في الصلاةِ وغيرِها، وإِن لم يكن لها سَنَدٌ. يُنظَرُ: تاريخُ بَغْدَادَ: 2/ 608، وطَبَقَاتُ القُرَّاءِ: 174، وغايةُ النِّهايةِ: 2/ 124.
قلتُ: وهذا لا يُسَمَّى شاذّاً أَصْلاً؛ بل مَكْذُوباً، يُكَفَّرُ متعمِّدُه -بعدَ تعريفِه-، ويُمْنَعُ مِن فِعْلِ ذلك، ويُعَزَّرُ التَّعْزِيرَ الرَّادِعَ له ولأَمْثَالِه. يُنظَرُ: المُرْشِدُ الوَجِيزُ: 184 -نَقْلاً عنِ ابنِ الصَّلاحِ-، ومُنْجِدُ المُقرئين: 84، والنَّشْرُ: 1/ 17.

([31]) فإن قيل: لعلَّها أخذت برأيِ بعضِ الفُقَهَاءِ.
قيل: لها ذلك؛ ولكن ليس لها أن تُثَرِّبَ على مَن أَخَذَ بالرأيِ الآخَرِ، وتُؤَلِّبَ عليه أُولِي الأَمْرِ والعِلْمِ؛ خاصَّةً إذا عُلِمَ أَنَّه وافق عَمَلَ القُرَّاءِ.
وهذا كلُّه إذا سَلَّمْنَا بأَنَّ ما طَعَنَتْ فيه اللَّجْنَةُ شاذٌّ -كما زَعَمَتْ-، وإلا فهو ليس كذلك؛ كما تقدَّمَ تَقْرِيرُ ذلك.

([32])بيانُ اللَّجْنَةِ: 2- 3.

([33]) التعريفُ: 26.


 
جزاكم الله خيرا على نشركم هذه الفوائد وجزى الله خيرا شيخنا علي الغامدي خير الجزاء على جهوده المباركة في خدمة القران واهله
 
ليس انتصارا لأحد بل رغبة في معرفة الحق، أرى أن كل ما قاله الشيخ الغامدي حفظ الله، هو كلام علمي نظري، سؤالي هل سند العشر النافعية لا يزال متصلا؟ وهل هو متواتر في جميع طبقاته؟ وما السبيل إلى الوصول إلى تراجم القراء خصوصا من ابن عاشر إلى يومنا هذا؟ أو بصيغة أخرى: كيف سنتمكن من معرفة أن هؤلاء الناس قرؤوا على مشايخهم بالشروط المعتبرة عند أهل الأثر؟
 
عودة
أعلى