الجهاد بالقرآن "دراسة تطبيقية " دعوة للمشاركة

إنضم
26/02/2005
المشاركات
1,331
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
مصر
لفت نظري في زمن الموات العربي والإسلامي قوله تعالى :

{فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً }{الفرقان52}
قال ابن عباس وجاهدهم به : بالقرآن والخطاب للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

السؤال: ما صور الجهاد بالقرآن من خلال الحياة العملية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن خلال السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم أجمعين ؟

ـ ما آليات الجهاد بالقرآن الكريم ؟

ـ ما ميادين الجهاد بالقرآن الكريم ؟

أملي أن نثمر نقاشا يدور في ضور الجهاد بالقرآن الكريم به نقدم شيئا لأمتنا التي تداعت عليها الأكلة.

والله الموفق.
 
وفقك الله وسدد على الخير أناملك وقلمك وخطاك.

موضوع جيد واختيار موفق.
 
أشكر فضيلة الدكتور خضر حفظه الله على طرح هذا الموضوع القيم فبارك الله فيك ونفع بعلمك .. وجزاك الله خير الجزاء وأوفاه ..
========================

يقول الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله تعالى :

قال تعالى: (( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً )) الفرقان: 52.
أي جادلهم بالحجج القرآنية والبراهين الربانية أعظم الجهاد وأكبره (( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم )) الأنفال: 42
وليس ذلك من العدوان وإنما هو من الدعوة إلى الله لصالح المخالف ليرجع إلى الحق.
فهذا الدين قام على الدعوة والجهاد كما قال تعالى: (( ولتكن منكم أمةٌ يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ))
فلا يجوز للمسلمين ترك البشرية تعيش في ضلالها وعند المسلمين الهدى والنور
قال تعالى: (( كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) آل عمران: 110
فهذه الأمة مكلفة بدعوة غيرها من الأمم لإخراجها من الظلمات إلى النور
قال تعالى: (( كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور )) إبراهيم 1.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انتهى كلامه ..

يقول الأستاذ الدكتور محمد النابلسي :ـأنواع الجهاد ::ـ
1 – جهاد النفس والهوى و هو الجهاد الأساسي :
في قوله تعالى :
﴿ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) ﴾(سورة الفرقان)
سمى الله جهاد الدعوة إلى الله ، جهاد تعليم القرآن ، جهاد تبين السنة ، جهاد تبين الأحكام الفقهية ، وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ، نحن إذا ذكرنا كلمة جهاد لا يقفز إلى أذهاننا إلا الجهاد القتالي ، مع أن هناك أربعة مستويات للجهاد قبل القتالي ، أول جهاد ، جهاد النفس والهوى ، قال تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) ﴾( سورة العنكبوت)
لذلك أثر عن بعض الصحابة أنه قال حينما عاد من غزوة قال : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر جهاد النفس والهوى .
نحن عندنا بالتعليم تعليم الأساسي ، يعني أول مرحلة أساسية في التعليم وأنا أرى أن جهاد النفس والهوى هو الجهاد الأساسي ، فالمهزوم أمام نفسه لا يستطيع أن يواجه نملة : ﴿ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴾ .( سورة الفرقان ) .
2 ـ الجهاد الدعوي :
الجهاد الثاني الجهاد الدعوي ، في دماء للشهداء وفي مداد للعلماء .
3 ـ الجهاد البنائي :
الجهاد الثالث الجهاد البنائي أن تسهم في بناء الأمة ، أن تكون لك بصمة في الحياة فإن لم تكن لك هذه البصمة فأنت زائد على الحياة ، يعني طبيب متفوق ، مهندس متفوق ، أستاذ جامعي متفوق ، مؤلف متفوق ، صناعي متفوق ، نحن بحاجة إلى هؤلاء ، إلى نخبة يسهمون في بناء الأمة .
4 ـ الجهاد القتالي :
دققوا الآن إذا نجحنا في الجهاد النفسي ، والجهاد الدعوي ، والجهاد البنائي ، ينتظر أن ننجح في الجهاد القتالي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للجهاد معاني غير معنى القتل:
قال الله تعالى "فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً" الفرقان 52
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير كلمة "وجاهدهم به" أي القرآن، فالجهاد الكبير ليس القتال ولكنه الدعوة والبيان بالحجة والبرهان.
قال ابن القيم في الزاد:
وأمره الله تعالى بالجهاد من حيث بعثه، وقال: وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا* فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا. فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار، بالحجة، والبيان، وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين، إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. انتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالدعوة، والأمر والنهي، والتواصي: نوع من الجهاد، ولذلك ساغ لنا في فقه الدعوة أن نتعرف على كثير من جوانب وصفات الدعوة والداعية قياسا على أحكام جهاد القتال، بل لذلك أيضًا وجب على الداعية أن يفهم آيات الجهاد وأحاديثها على أنها خطاب له هو أيضًا وهو في أمره ونهيه إن حجبه عن خوض القتال تقدير خسران المعركة وظهور المجازفة ووجود المثبطين والخونة الذين يضربون من الخلف، ولذلك أيضا يحق للآمرالناهي أن يمني نفسه بثواب المقاتلين إن شاء الله.
ثم الداعية بعد ذلك له أجر المهاجرين، كما قرر الإمام ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ)، فقال:
(قالت طائفة من السلف: هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة، وهكذا قوله تعالى: (لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِن بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) يدخل في معناها كل من فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية، ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، وصبر على ما أصابه من قول أو فعل، والله سبحانه وتعالى أعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويقول الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله في محاضرة قيمة له :

المنهج القرآني لإقامة الحجة على الكافرين ::

القرآن فيه مناظرات مع أهل الشرك والكفر، والقرآن فيه الطريقة المثلى في الدعوة إلى الله عز وجل، القرآن يعلمك كيف تقيم الحجة على المعاند، فقال الله عز وجل:فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان:52]. (لا تطع الكافرين) فهي لفتة عظيمة أن الكافرين لا يتركون لك القرآن، والمنافقين أيضاً لا يتركون لك القرآن، بل يثيرون على آياته الشبهات، واستخدمت كلمة "الجهاد" هنا من الجهد، وتعني: جهاد الدعوة. لماذا صار جهاداً وجهداً؟ لأن هناك كفرة ومنافقين لا يتركون لك أدلة القرآن، يثيرون عليها الشبهات، فأنت مطالب أن تتحرك في أكثر من محور، تذود عن القرآن شبه الكافرين والمنافقين، والمحور الآخر: تقدم هدايات القرآن لمن يريد من المؤمنين؛ فأنت تعمل مرتين. المشركون حاجوا المسلمين فلم يستطع المسلمون أن يردوا عليهم حتى أنزل الله عز وجل الرد، قال الله عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ [المائدة:3]، كل هذا حرام. المنخنقة: التي تموت خنقاً. والموقوذة: التي تضرب بآلة حادة على رأسها. والمتردية: التي تسقط من قمة جبل أو من مكان عالٍ. والنطيحة: التي نطحتها أختها فماتت. حسناً.. ما هو الحلال بالنسبة لنا؟ الحلال: أن نذبح، فقال المشركون للمسلمين: أتأكلون ما قتلتم ولا تأكلون ما قتل الله؟! فهم يقولون للمسلمين: ماذبحتموه أنتم فقتلتموه تجعلونه حلالاً وتأكلونه، أما التي ماتت -وهي التي قتلها الله فإنكم تحرمونها ولا تأكلونها؟! فإن المتردية والنطيحة والموقوذة كل ذلك الله عز وجل هو الذي قتله؟! فعجز المسلمون عن الرد، فأنزل الله عز وجل الرد على هؤلاء المشركين: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121] هذه شبهة شيطانية يثيرها بين الحين والحين واحد من الكفرة أو المنافقين.

إقامة الحجة على من يحرف القرآن من أصحاب التفسير الإشاري :

بعض الناس يحرف آيات القرآن الكريم بدعوى التفسير، وكل هذا يحتاج إلى جهد الدعاة؛ ليدفعوا عن القرآن، وبعد أن يدفعوا عن القرآن عليهم أن يعلموا المؤمنين؛ ولذلك قال الله عز وجل: وَجَاهِدْهُمْ [الفرقان:52] جهاد قتال، تعمل على محورين. واحد من الذين يقولون: هناك تفسير إشاري للقرآن الكريم. التفسير الإشاري هو تفسير ليس على ظاهر الكلام، وهم يسمونه (روح النص) فيفسر أحدهم آيات القرآن الكريم تفسيراً لا علاقة له بالكلام: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] أي واحد يسمع الآية هذه وهذه أعظم آيات القرآن آية الكرسي: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255] ما معنى الآية هذه؟ أي: من الذي يشفع عند الله إلا بعد إذن الله له بالشفاعة؟! والجواب: لا أحد: لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ [مريم:87] أبداً، إذا أذن الله له شفع، هذا معنى الآية. يأتي هذا الرجل ويفسرها كالآتي: يقول: (من ذل ذي يشفَ عِ) كلام جديد! (من ذل) من الذل، و(ذي) اسم إشارة إلى النفس، ذي وهذا وهذه وهذي... أسماء إشارة، فـ(ذي) اختصار اسم الإشارة هذي، وحذف الهاء، فكلمة (ذي) إشارة إلى النفس. يعني: (من ذل نفسه يشف) من الشفاء. (عِ): فعل أمر من وعى، أي: احفظ هذا الكلام، وهذا المعنى. أي كلمة في الآية تدل عليه؟! أين لفظة (الذل) في الآية؟! لقد أدخل بعض الكلام على بعضه وعجنه، وخرج بعبارة جديدة..! فهذا أشر من اليهود الذين كانوا يحرفون المعاني، أما هذا فيحرف لفظ القرآن ويسمي هذا التحريف تفسيراً. فعلى المجاهد الداعية إلى الله عز وجل أن يرد على هؤلاء، وهم بالألوف المؤلفة..! ولو كان سهماً واحداً لاتقيته ولكنه سهم وثانٍ وثالثُ فلا جرم أن الله عز وجل ذكر الجهاد بالدعوة في القرآن: فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ [الفرقان:52] ولا يستميلوا قلبك، ولا يخطفوا قلبك بالشبه وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان:52].... انتهى ..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا ما تيسر لي جمعه .. ولكم جزيل شكري وأصدق دعواتي ..
 
أشكر فضيلة الدكتور خضر حفظه الله على طرح هذا الموضوع القيم فبارك الله فيك ونفع بعلمك .. وجزاك الله خير الجزاء وأوفاه
 
بمزيد من التقدير أثمن دور من تفضل بالمبادرة إلى المشاركة أو الدعاء وأخص الإخوة محب القرآن وعبد الرحمن الوشمي ود. يسري .

أما عن ضرب أمثلة من جهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن ومعه السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين فأقول:

الجهاد بالقرآن نوعان :

جهاد نظري علمي ، وجهاد تطبيقي عملي .

والثاني ثمرة للأول .

ومن امثلة الجهاد بالقرآن عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ :

ـ صعوده ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ جبل الصفا ومناداته بطون قريش بطنا بطنا وحدوث ما حدث .....

ـ إرساله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرسائل إلى ملوك الأرض ونصحه إياهم [ أسلم تسلم....]

ـ ما حدث في صلح الحديبة ..............

ـ أمره صلى الله عليه وسلم الرعيل الأول بالهجرة إلى الحبشة ....
ـ هجرته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف .
ـ رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى مكة .
ـ صبره على مقاطعة قريش له ولبني عبدالمطلب...
ـ ملاقاته وفود الحجيج لنشر للدعوة إلى الإسلام...
ـ هجرته إلى المدينة المنورة ...............
ـ عوده الحميد إلى مكة المكرمة .
ـ جعله دخول مكة يوما من أيام المرحمة لا الملحمة .
ــ موادعة اليهود في المدينة .....ثم قتالهم وإجلاؤهم عنها.

ـ تطبيقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأوامر القرآن ونواهيه ومنها دخوله صلوات الله وسلامه عليه في حرب لا هوادة فيها مع المعتدين ابتداء من:

غزوة ودان
وسرية حمزة
وبواط
والعشيرة
وسرية سعد
وبدر الأولى
وسرية عبد الله بن جحش
وبدر الكبري
وبني قينقاع
والسويق
وسرية القردة
وأحد
وسرية أبي سلمة
وبنو النضير
وبنو المصطلق
والخندق
وبنو قريظة
والحديبية
وخيبر
ومؤتة
وانتهاء بحنين .

هذا قليل من كثير مما يخص جهاده صلى الله عليه وسلم باالقرآن الكريم

ويتبع ، إن شاء الله بصور من جهاد الصحابة بالقرآن الكريم .

والموضوع يفتح ذراعيه للجميع
 
إن ميادين المقارعة بالحجة في كثير من الأوقات أشد على النفس من ميادين المقارعة بالقوة.
وتطويع العقول أصعب من تطويع الأبدان.


وفي استعراض آيات الذكر الحكيم نرى كم بذل النبي صلى الله عليه وسلم من الجهد وكم لقي من الأذى في ميدان الجهاد بالقرآن.

انظر مثلا جهاده صلى الله عليه وسلم في إبطال عقيدة الشرك وتقرير عقيدة التوحيد في النفوس:
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)) سورة الأحقاف

كيف قوبل هذا الطلب الذي يريد للعقل والحجة أن تسود ، لندع القرآن يحدثنا:

(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)) سورة ص

(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)) سورة الأنبياء

(وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ) سورة الأنبياء(36)

(وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (41) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آَلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا (42)) سورة الفرقان

إن القرآن يصور لنا هذا الميدان من الجهاد تصويراً دقيقياً ، بحيث يشعر القارئ للقرآن قسوة المعركة الفكرية التي كانت تدور وشدتها على نفس الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتزداد الصورة وضوحا حين نجد القرآن يبين لنا أثر هذا الجهاد على نفس الحبيب صلى الله عليه وسلم:

(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) سورة الكهف(6)
(لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (3) إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (4)) سورة الشعراء

(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) سورة فاطر(8)

(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (34) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآَيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) ) سورة الأنعام.

وموحيات الآيات وما في طياتها من صور الألم والمعاناة التي لحقت بنفس النبي صلى الله وسلم خلال جهاده بالقرآن يعجز القلم وعلى الأقل قلمي عن بيانها.

فهو بأبي وأمي ، صلوات ربي وسلامه وبركاته عليه ، وجزاه الله عن أمته خير ما جزي نبي عن أمته.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
 
من صور جهاد الصحابة بالقرآن :

قصة جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ مع النجاشي ملك الحبشة .
قتال أبي بكر الصديق مانعي الزكاة لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو بكر ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أمرت أن أقاتل الناس ، حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحقها » فقال أبو بكر : فإن الزكاة من حقها . والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها .
ومن الجهاد بالقرآن جمع القرآن في عهد الصديق رضي الله عنه.
ومن ذلك تصدقه ـ رضي الله عنه ـ بكل ما عنده وما أبقي لأهله شيئا .

ـ ومن صور القتال بالقرآن ـ أيضا ـ نشر العدالة بكل أطيافها في خلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ .
ـ ومن الجهاد بالقرآن جمعه ـ رضي الله عنه ـ الجمع الأخير للقرآن.
ومن ذلك تجهيزه ـ رضي الله عنه ـ جيش العسرة .و.....

ـ وما فروسية على ـ رضي الله عنه ـ وحزه لرقاب الأعداء إلا إعمالا لأوامر القرآن الكريم وهذا من الجهاد بالقرآن.

ويمتد الجهاد بالقرآن [ أوامره ونواهيه ] ليشمل خلافة سليل بيت الشرف عمربن عبد العزيز وينتشر العدل وسعة الرزق على يديه ليعم كل أرض الإسلام.
هذه رؤوس أقلام ويتبع ببيان ميادين الجهاد بالقرآن .
إن شاء الله
 
جزاكم الله خيرا

جزاكم الله خيرا

لقد جاهد عليه الصلاة والسلام ـ بالقرآن ـ قومه وأصحابه، فبنى في أصحابه عقيدة تُرجمت إلى عمل حتى صاروا هم أنفسهم لبنة ركيزة في بناء العقيدة لمن جاء بعدهم .

وهذا الزرع وثماره الطيبة لخصها أحد السلف بهذه الكلمات النفيسة الموجزة :



حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الصفّار قال: حدثني محمد بم عبد الملك المصيصي أبو عبد الله
قال: كنا عند سفيان بن عيينة في سنة سبعين ومائة,
فسأله رجل عن الإيمان؟

فقال: قول وعمل,

قال: يزيد وينقص؟

قال يزيد ما شاء الله, وينقص حتى لا يبقى منه مثل هذه, وأشار سفيان بيده,

قال الرجل: كيف نصنع يقوم عندنا يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل؟

قال سفيان:
كان القول قولهم قبل أن تقرر أحكام الإيمان وحدوده,
إن الله عز وجل بعث نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كلهم كافة
أن يقولوا لا إله إلا الله وأنه رسول الله,

فلما قالوها, عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها, وحسابهم على الله عز وجل,

فلما علم الله عز وجل صدق ذلك في قلوبهم,
أمره أن يأمرهم بالصلاة, فأمرهم ففعلوا,
فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم,


فلما علم الله عز وجل صدق ذلك من قلوبهم,
أمره أن يأمرهم بالهجرة إلى المدينة,فأمرهم ففعلوا,
فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم,


فلما علم الله تبارك وتعالى صدق ذلك من قلوبهم,
أمرهم بالرجوع إلى مكة ليقاتلوا آباءهم وأبناءهم,
حتى يقولوا كقولهم, ويصلوا صلاتهم, ويهاجروا هجرتهم
,
فأمرهم ففعلوا, حتى أتى أحدهم برأس أبيه,
فقال: يا رسول الله هذا رأس شيخ الكافرين,
فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول, ولا صلاتهم, ولا هجرتهم, ولا قتالهم,


فلما علم الله عز وجل صدق ذلك من قلوبهم,
أمره أن يأمرهم بالطواف بالبيت تعبداً, وأن يحلقوا رؤوسهم تذللاً ففعلوا,
فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول, ولا صلاتهم, ولا هجرتهم, ولا قتلهم آباءهم,


فلما علم الله عز وجل صدق ذلك من قلوبهم,
أمره أن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم بها, فأمرهم ففعلوا, حتى أتوا بها, قليلها وكثيرها, فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول, ولا صلاتهم, ولا هجرتهم, ولا قتلهم آباءهم, ولا طوافهم,

فلما علم الله تبارك وتعالى الصدق من قلوبهم فيما تتابع عليهم من شرائع الإيمان وحدوده,
قال الله عز وجل: قل لهم:
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)
 
و لخص ابن القيم سياق جهاده (صلى الله عليه وسلم) في "زاد المعاد" , في الفصل الذي عقده باسم:"فصل في ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله عز وجل:
أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى:أن يقرأ باسم ربه الذي خلق . وذلك أول نبوته .
فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغ .
ثم أنزل عليه: (يا أيها المدثر . قم فأنذر)فنبأه بقوله: (اقرأ)وأرسله ب(يا أيها المدثر).
ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين . ثم أنذر قومه . ثم أنذر من حولهم من العرب . ثم أنذر العرب قاطبة . ثم أنذر العالمين .
فأقام بضع عشرة سنة بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتال ولا جزية ; ويؤمر بالكف والصبر والصفح .
ثم أذن له في الهجرة , وأذن له في القتال .
ثم أمره أن يقاتل من قاتله , ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله .
ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله . .

ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام:
أهل صلح وهدنة . وأهل حرب . وأهل ذمة .
فأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم , وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد ; فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد . وأمر أن يقاتل من نقض عهده . .

ولما نزلت سورة براءة نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها:
فأمر أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام .
وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم .
فجاهد الكفار بالسيف والسنان , والمنافقين بالحجة واللسان .
وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم . .

وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسام:
قسماً أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده , ولم يستقيموا له , فحاربهم وظهر عليهم .
وقسماً لهم عهد موقت لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه , فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم .
وقسماً لم يكن لهم عهد ولم يحاربوه ; أو كان لهم عهد مطلق , فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر ; فإذا انسلخت قاتلهم . . فقتل الناقض لعهده ; وأجل من لا عهد له , أو له عهد مطلق , أربعة أشهر .
وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدته ; فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم . وضرب على أهل الذمة الجزية . .

فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءة على ثلاثة أقسام:
محاربين له , وأهل عهد , وأهل ذمة . .

ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين:محاربين وأهل ذمة . والمحاربون له خائفون منه .

فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام:
مسلم مؤمن به . ومسالم له آمن . وخائف محارب . .

وأما سيرته في المنافقين فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم ; ويكل سرائرهم إلى الله ; وأن يجاهدهم بالعلم والحجة ; وأمر أن يعرض عنهم , ويغلظ عليهم , وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم , ونهي أن يصلي عليهم , وأن يقوم على قبورهم , وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم . . فهذه سيرته في أعدائه من الكفار والمنافقين" . .
 
أنعم بكم وأكرم يا أستاذ شاكر فقد أفدت ورتبت الأفكار بما اقتبست من الزاد زادكم الله من فضله.
 
من أهل العلم والفضل أمثالكم نستزيد فجزاكم الله عنا خير الجزاء
 
بسم الله الرحمن الرحيم أشكر الإخوة الأساتذة الكرام على اثارتهم لهذا الموضوع واثراءهم له بالمناقشة والتحليل
ومشاركة في هذا النقاش أقول : يجب أن تطرحا سوالا وهو : كيف نجاهد بالقرآن في هذا الوقت ؟ أو بعبارة أخرى كيف نفعل نخفهوم الجهاد بالقرآن في العصر الحاضر ؟
للجواب على هذا السوال أرى ةالله أعلم أن ذلك يتحقق من عدة أوجه منها :
ـ حصر القصابا العقدية المعاصرة التي يخوص فيها أصحاب الفكر المعاصر ثم الرد عليها وتفنيدها من خلال حجج القرآن وبراهينه . زلا عرو أن كتاب الله حافل في هذا الباب
ـ صياغة معالم تربوبة هادفة مستمدة من القرآن وعرضها على الجماهير حتى لا تتسول على الموائد الغربية التي تقدم لهم نتاهج نربوية فاشلة .
ـ صياغة قواعد ونظام اقتصادي قرآني متميز وعرضه في أسلوب قشيب يتوافق ومستدات العصر .
وهكذا بعمل المتحصصون غلى هذا المنوال حتى يصيح للقرأن وجود فعلي في النجنمع
 
ويتبع ببيان ميادين الجهاد بالقرآن .
إن شاء الله
شكر الله للمشاركين جميعا فقد أفدت من كل ما كتبوه وأقول :
إن ميادين الجهاد بالقرآن متعددة منها:
ـ ميدان العقيدة.
ـ وميدان العبادات.
ـ وميدان المعاملات.
ـ وميدان الأخلاق.
ـ وميدان التعليم.
ـ وميدان التربية.
ـ وميدان رد الشبهات.
هذه مجملات تحتاج إلى تفصيل وإثراء.
ويتبع ـ إن شاء الله ـ ببيان آليات الجهاد بالقرآن.
والله الموفق
 
ويتبع ببيان ميادين الجهاد بالقرآن .
إن شاء الله

إن ميادين الجهاد بالقرآن تكمن في كل عمل خيري يقرب الناس إلى الله ينشر الحق والخير والخلق الفاضل ومن أهم هذه الميادين:

ـ طباعة المصحف وتوزيعه.
ـ ترجمة معاني القرآن لكل لغات العالم.
ـ تحفيظ القرآن.
ـ توريث القرآن .
ـ تعليم القرآن.
ـ الحكم بالقرآن.
ـ العمل بما في القرآن.
ـ الدعوة الصحيحة .
ـ نشر الأخلاق الفاضلة بين الناس.
وغير ذلك مما ينضوى تحت آيات وآيات في الكتاب العزيز .

والله الموفق
 
شكر الله للمشاركين جميعا فقد أفدت من كل ما كتبوه وأقول :
إن ميادين الجهاد بالقرآن متعددة منها:
ـ ميدان العقيدة. ـ وميدان العبادات.
ـ وميدان المعاملات.
ـ وميدان الأخلاق.
ـ وميدان التعليم.
ـ وميدان التربية.
ـ وميدان رد الشبهات.
هذه مجملات تحتاج إلى تفصيل وإثراء.
ويتبع ـ إن شاء الله ـ ببيان آليات الجهاد بالقرآن.
والله الموفق

ـ الدعوة الصحيحة


جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل.

فالعقيدة هي دائما نقطة البداية
وكذلك الدعوة الصحيحة وهي أيضا دعوة إلى تصحيح العقيدة.

وهما منهج الأنبياء عليهم السلام على مر القرون ويتلخص ذلك في :

أولا : ( أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره)

ثم يليها ثانيا : دعوات الاصلاح الأخرى اجتماعية أو فردية أو غيرها.


وهذا المنهج الرباني الحكيم نراه يتكرر في دعوات الأنبياء كقوله تعالى في سورة الأعراف ـ وقد تكرر في سورة هود وغيرهاـ ففي الأعراف :

لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ (64) وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (71) فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ (72) وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79) وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84) وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (85) وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (87) قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88) قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)

يتبع يإذن الله تعالى
 
وهو نفس المنهج الذي سار عليه خاتم الأبياء والمرسلين نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو الدعوة إلى التوحيد أولا ثم يليها الدعوة إلى الإصلاح يدل عليه ما جاء في الحديث المتفق عليه حين أرسل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معاذا إلى أهل اليمن فقال له :
(إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلي أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات ... ) إلى نهاية الحديث.


ومنه استنبط أهل العلم ترتيب الأولويات في العلم والدعوة.
قال ابن الجوزي رحمه الله : " في الاعلام بما ينبغي تقديمه من المحفوظات: أول ما ينبغي تقديمه مقدمة في الاعتقاد تشتمل على الدليل على معرفة الله سبحانه، ويذكر فيها ما لابد منه، ثم يعرف الواجبات، ثم حفظ القرآن، ثم سماع الحديث " (الحث على طلب العلم) دار الكتب العلمية


وفي حديث ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )
قال الخطيب البغدادي رحمه الله : " قال بعض أهل العلم إنما عنى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا القول علم التوحيد وما يكون العامل به مؤمنا ، وأن العلم بذلك فريضة على كل مسلم ولا يسع أحدا جهله إذ كان وجوبه على العموم دون الخصوص"

وهكذا رتب الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ للموضوعات في صحيحه،
فقد بدأ بكتاب الوحي إشارة منه إلى أن الدين يُعرف من جهة الوحي لا من العقل،
ثم أتبعه بكتاب الإيمان لأنه أول واجب على العبد،
ثم أتبعه بكتاب العلم لأنه وسيلة إلى معرفة شرائع الإيمان،
ثم أخذ في سرد شرائع الإيمان وبدأها بالطهارة .. فالصلاة ..



ومن المعاصرين كلام نفيس لسيد قطب ويتضمنه نقل عن المودودي رحمهما الله تعالى:

"ولم يبدأ المنهج الإسلامي في معالجة هذه التقاليد في أول الأمر , لأنها إنما تقوم على جذور اعتقادية فاسدة ; فعلاجها من فوق السطح قبل علاج جذورها الغاثرة جهد ضائع . حاشا للمنهج الرباني أن يفعله !

إنما بدأ الإسلام من عقدة النفس البشرية الأولى . عقدة العقيدة .
بدأ باجتثاث التصور الجاهلي الاعتقادي جملة من جذورة ; وإقامة التصور الأسلامي الصحيح . إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة . . بين للناس فساد تصوراتهم عن الألوهية وهداهم إلى الإله الحق .

وحين عرفوا إلهم الحق بدأت نفوسهم تستمع إلى ما يحبة منهم هذا الإله الحق وما يكرهه . وما كانوا قبل ذلك ليسمعوا ! أو يطيعوا أمرا ولا نهيا ; وما كانوا ليقلعوا عن مألوفاتهم الجاهلية مهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة . .

إن عقدة الفطرة البشرية هي عقدة العقيدة ; وما لم تنعقد هذه العقيدة أولا فلن يثبت فيها شيء من خلق أو تهذيب أو إصلاح اجتماعي . .

إن مفتاح الفطرة البشرية ها هنا . وما لم تفتح بمفتاحها فستظل سراديبها مغلقة ودروبها ملتوية , وكما كشف منها زقاق انبهمت أزقة ; وكلما ضاء منها جانب أظلمت جوانب , وكلما حلت منها عقدة تعقدت عقد , وكلما فتح منها درب سدت دروب ومسالك . . إلى ما لا نهاية . .

لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج رذائل الجاهلية وانحرافاتها , من هذه الرذائل والانحرافات . . إنما بدأ من العقيدة . .

بدأ من شهادة أن لاإله إلا الله . . وطالت فترة إنشاء لا إله إلا الله هذه في الزمن حتى بلغت نحو ثلاثة عشر عاما , لم يكن فيها غاية إلا هذه الغاية ! تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهم لسلطانه . .
حتى إذا خلصت نفوسهم لله ; وأصبحوا لا يجدون لأنفسهم خيرة إلا ما يختاره الله . . عندئذ بدأت التكاليف - بما فيها الشعائر التعبدية - وعندئذ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهلية الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والأخلاقية والسلوكية . .
بدأت في الوقت الذي يأمر الله فيطيع العباد بلا جدال . لأنهم لا يعلمون لهم خيرة فيما يأمر الله به أو ينهى عنه أيا كان !

أو بتعبير آخر:
لقد بدأت الأوامر والنواهي بعد "الإسلام" . . بعد الاستسلام . .
بعد أن لم يعد للمسلم في نفسه شيء . .
بعد أن لم يعد يفكر في أن يكون له إلى جانب الى أمر الله رأي أو اختيار . .
[mark=FFFF00]أو كما يقول الأستاذ أبو الحسن الندوي في كتابه:
"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين" تحت عنوان:"انحلت العقدة الكبرى ":
" . . انحلت العقدة الكبرى . . عقدة الشرك والكفر . . فانحلت العقد كلها ; وجاهدهم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] جهاده الأول , فلم يحتج إلى جهاد مستأنف لكل أمر أو نهي ; وانتصر الإسلام على الجاهلية في المعركة الأولى , فكان النصر حليفه في كل معركة . وقد دخلوا في السلم كافة بقلوبهم وجوارحهم وأرواحهم كافة , لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ; ولا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى ; ولا يكون لهم الخيرة من بعد ما أمر أو نهى . حدثوا الرسول عما اختانوا أنفسهم ; وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد إذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد . . نزل تحريم الخمر والكؤوس المتدفقة على راحاتهم ; فحال أمر الله بينها وبين الشفاه المتلمظة والأكباد المتقدة ; وكسرت دنان الخمر فسالت في سكك المدينة " . [/mark]
ومع هذا فلم يكن تحريم الخمر وما يتصل بها من الميسر أمرا مفاجئا . . فلقد سبقت هذا التحريم القاطع مراحل وخطوات في علاج هذه التقاليد الاجتماعية المتغلغلة , المتلبسة بعادات النفوس ومألوفاتها , والمتلبسة كذلك ببعض الجوانب الاقتصادية وملابساتها ." (في ظلال القرآن) عند تفسير سورة المائدة.

قلت ( شاكر ) الشاهد في هذا النقل أن مادة العقيدة كانت ولا زالت هي نقطة البدء للجهاد بالقرآن والدعوة الصحيحة سواء للمسلمين ولغيرهم. وهي أي مرحلة(لا إله إلا الله محمد رسول الله)[mark=FFFF00] مرحلة يُنتقل [/mark][mark=FFFF00]بها[/mark] إلى غيرها [mark=FFFF00]ولا يُنتقل منها [/mark][mark=FFFF00]إلى[/mark] غيرها كما لخصها الشيخ محمد قطب حفظه الله.
 
نقف أمام الدعوة الواحدة الخالدة على لسان كل رسول وفي كل رسالة . .
دعوة توحيد العبادة والعبودية لله , المتمثلة فيما يحكيه القرآن الكريم عن كل رسول: (قال:يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره). .

ولقد كنا دائما نفسر "العبادة " لله وحده بأنها "الدينونة الشاملة " لله وحده . في كل شأن من شؤون الدنيا والآخرة .

ذلك أن هذا هو المدلول الذي تعطيه اللفظة في أصلها اللغوي . . فإن "عبد" معناها:دان وخضع وذلل . وطريق معبد طريق مذلل ممهد . وعبده جعله عبدا أي خاضعا مذللا . .

ولم يكن العربي الذي خوطب بهذا القرآن أول مرة يحصر مدلول هذا اللفظ وهو يؤمر به في مجرد أداء الشعائر التعبدية . بل إنه يوم خوطب به أول مرة في مكة لم تكن قد فرضت بعد شعائر تعبدية !

إنما كان يفهم منه عندما يخاطب به أن المطلوب منه هو الدينونة لله وحده في أمره كله ; وخلع الدينونة لغير الله من عنقه في كل أمره . .

ولقد فسر رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] "العبادة " نصا بأنها هي "الاتباع" وليست هي الشعائر التعبدية . وهو يقول لعدي ابن حاتم عن اليهود والنصارى واتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا:" بلى . إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال . فاتبعوهم . فذلك عبادتهم إياهم " . .
إنما أطلقت لفظة "العبادة " على "الشعائر التعبدية " باعتبارها صورة من صور الدينونة لله في شأن من الشؤون . . صورة لا تستغرق مدلول "العبادة " بل إنها تجيء بالتبعية لا بالأصالة !

فلما بهت مدلول "الدين" ومدلول "العبادة " في نفوس الناس صاروا يفهمون أن عبادة غير الله التي يخرج بها الناس من الإسلام إلى الجاهلية هي فقط تقديم الشعائر التعبدية لغير الله , كتقديمها للأصنام والأوثان مثلا !
وأنه متى تجنب الإنسان هذه الصورة فقد بعد عن الشرك والجاهلية وأصبح "مسلما" لا يجوز تكفيره ! وتمتع بكل ما يتمتع به المسلم في المجتمع المسلم من صيانة دمه وعرضه وماله . . . إلى آخر حقوق المسلم على المسلم !

وهذا وهم باطل , وانحسار وانكماش , بل تبديل وتغيير في مدلول لفظ "العبادة " التي يدخل بها المسلم في الإسلام أو يخرج منه - وهذا المدلول هو الدينونة الكاملة لله في كل شأن ورفض الدينونة لغير الله في كل شأن . وهو المدلول الذي تفيده اللفظة في أصل اللغة , والذي نص عليه رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نصا وهو يفسر قول الله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله). . وليس بعد تفسير رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لمصطلح من المصطلحات قول لقائل .


هذه الحقيقة هي التي قررناها كثيرا في هذه الظلال وفي غيرها في كل ما وفقنا الله لكتابته حول هذا الدين وطبيعته ومنهجه الحركي . . فالآن نجد في قصة هود كما تعرضها هذه السورة لمحة تحدد موضوع القضية ومحور المعركة التي كانت بين هود وقومه ; وبين الإسلام الذي جاء به والجاهلية التي كانوا عليها ; وتحدد ما الذي كان يعنيه وهو يقول لهم: (يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره). .

إنه لم يكن يعني: يا قوم لا تتقدموا بالشعائر التعبدية لغير الله !
كما يتصور الذين انحسر مدلول "العبادة "(1)يراجع البحث القيم الذي كتبه المسلم العظيم الاستاذ السيد أبوالاعلي المودودي أمير الجماعة الاسلامية بباكستان بعنوان:" المصطلحات الاربعة في القران " . . "الاله . الرب . الدين . العبادة" في مفهوماتهم , وانزوى داخل إطار الشعائر التعبدية ! إنما كان يعني الدينونة لله وحده في منهج الحياة كلها ; ونبذ الدينونة والطاعة لأحد من الطواغيت في شؤون الحياة كلها . .

والفعلة التي من أجلها استحق قوم هود الهلاك واللعنة في الدنيا والآخرة لم تكن هي مجرد تقديم الشعائر التعبدية لغير الله . . فهذه صورة واحدة من صور الشرك الكثيرة التي جاء هود ليخرجهم منها إلى عبادة الله وحده - أي الدينونة له وحده -

إنما كانت الفعلة النكراء التي استحقوا من أجلها ذلك الجزاء هي:
جحودهم بآيات ربهم ,
وعصيان رسله .
واتباع أمر الجبارين من عبيده:

(وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم , وعصوا رسله , واتبعوا أمر كل جبار عنيد). كما يقول عنهم أصدق القائلين الله رب العالمين . .

وجحودهم بآيات ربهم إنما يتجلى في عصيان الرسل , واتباع الجبارين . . فهو أمر واحد لا أمور متعددة . .

ومتى عصى قوم أوامر الله المتمثلة في شرائعه المبلغة لهم من رسله بألا يدينوا لغير الله . ودانوا للطواغيت بدلا من الدينونة لله ; فقد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله ; وخرجوا بذلك من الإسلام إلى الشرك - وقد تبين لنا من قبل أن الإسلام هو الأصل الذي بدأت به حياة البشر على الأرض ; فهو الذي نزل به آدم من الجنة واستخلف في هذه الأرض ; وهو الذي نزل به نوح من السفينة واستخلف في هذه الأرض . إنما كان الناس يخرجون من الإسلام إلى الجاهلية , حتى تأتي إليهم الدعوة لتردهم من الجاهلية إلى الإسلام . . وهكذا إلى يومنا هذا . .

والواقع إنه لو كانت حقيقة العبادة هي مجرد الشعائر التعبدية ما استحقت كل هذا الموكب الكريم من الرسل والرسالات , وما استحقت كل هذه الجهود المضنية التي بذلها الرسل - صلوات الله وسلامه عليهم - وما استحقت كل هذه العذابات والآلام التي تعرض لها الدعاة والمؤمنون على مدار الزمان !

إنما الذي استحق كل هذا الثمن الباهظ هو إخراج البشر جملة من الدينونة للعباد . وردهم إلى الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن ; وفي منهج حياتهم كله للدنيا والآخرة سواء .

إن توحيد الألوهية , وتوحيد الربوبية , وتوحيد القوامة , وتوحيد الحاكمية , وتوحيد مصدر الشريعة , وتوحيد منهج الحياة , وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس الدينونة الشاملة . . . إن هذا التوحيد هو الذي يستحق أن يرسل من أجله كل هؤلاء الرسل , وأن تبذل في سبيله كل هذه الجهود ; وأن تحتمل لتحقيقه كل هذه العذابات والآلام على مدار الزمان . . لا لأن الله سبحانه في حاجة إليه , فالله سبحانه غني عن العالمين . ولكن لأن حياة البشر لا تصلح ولا تستقيم ولا ترتفع ولا تصبح حياة لائقة "بالإنسان" إلا بهذا التوحيد الذي لا حد لتأثيره في الحياة البشرية في كل جانب من جوانبها .

(في ظلال القرآن )
 
ـ ما آليات الجهاد بالقرآن الكريم ؟

أملي أن نثمر نقاشا يدور في ضور الجهاد بالقرآن الكريم به نقدم شيئا لأمتنا التي تداعت عليها الأكلة.

والله الموفق.
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل على هذا الطرح الموفق لهذا الموضوع المهم، خاصة في ظل هذا الواقع الأليم لأمتنا الإسلامية عموما، والعربية -منبع رسالتها- خصوصا، في زمن الموات العربي والإسلامي كما تفضلت، وأحسب أن من أهم آليات الجهاد بالقرآن فيما يتعدى جهاد النفس الذي هو بمثابة اللبنة الأولى للجهاد الحقيقي، ومن منطلق أن صميم الجهاد بالقرآن هو العمق الاستراتيجي للدعوة عموما، فإن من أهم آليات الجهاد بالقرآن مايختزله قوله سبحانه ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125. والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :

لقد فكرت في الموضوع الطيب ، وخرجت بالتالي ، فإن كان صوابا فمن الله ، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان .

1- قال تعالى :

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ...}(البقرة:185)

ورد في تفسير الجلالين:
" (هدى) حال هاديا من الضلالة (للناس وبينات) آيات واضحات (من الهدى) مما يهدي إلى الحق من الأحكام (و) من (الفرقان) بما يفرق بين الحق والباطل. " أهـــ

كيف للمؤمن أن يجاهد بالقرآن إذا لم يهتدي بهديه ويأتمر بأوامره وينتهي بنواهيه ويتدبر معانيه ،
كيف لمن لم يهتدي بالقرآن أن يكون سلاحه القرآن .

2- { الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ }(الحجر:91).

والذي يريد أن يجاهد بالقرآن لابد أن يحرص على رد المتشابه إلى المحكم ، وفهم مراد القرآن من القرآن ، ومن السنة ، فالمبين هو القرآن والمبينة هي السنة، ولا غنى للقرآن عن السنة، على أساس فهم سلف هذه الأمة .

3- والقرآن سلاح للمجاهد به ، فلابد أن يتسلح به المجاهد قبل أن يجاهد به :
1- فيجعل له ورد يومي ، وياحبذ جزء.
{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً }(الإسراء:45)
2- ويحرص على الاستشفاء بالقرآن .
{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }(الإسراء:82)
3- ويتحصن بالقرآن من كيد الإنس والجان ، ومن شر المخلوقات .
{ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }(الحشر:21).
4- ويقوم الليل ويقرأ ما تيسر من القرآن ، ففي ذلك قوة للمؤمن وللمجاهد بالقرآن.
{ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(المزمل:20)
5- ويحرص على تنشئة أولاده ، وأولاد المسلمين منذ الصغر على القرآن، لما في ذلك من قوة ومنعة للمؤمن، ولديار الإسلام .
{ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً }(مريم:12)

والله أعلم وأحكم.
 
عودة
أعلى