محمد القلذي
New member
إن المتأمل لكتاب الله وسنة رسوله - - في وصف الجنة التي أعدها الله لعباده ،يجد وصفاً بحيث يعجز العقل عن معرفة مقدار سعة هذه الجنة وما هي أقسامها ؟ وما هي درجاتها ؟ وهل جنة الفردوس يدخلها فئة غير الذي يدخلون جنة النعيم ؟ غير الذين يدخلون جنة عدن ؟ من هنا جاء السؤال : هل جنة الفردوس وجنة النعيم وجنة عدن هي أسماء لشيء واحد ؟
يأتي الجواب بالنفي حيث يتضح ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ولبيان ذلك أبدأ بهذا السؤال .
هل كل ما في الجنة ينطبق عليه حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الجنة أن فيها مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ؟
الجواب كلا !: فالجنة لا ينطبق عليها كلها هذا الحديث وذلك للأسباب التالية :
1- أن الله عندما يصف الجنة فهو أقدر من يستطيع وصفها وهي كما قال لا زيادة ولا نقصان ، وهو أقدر من يوصل المعلومات عنها لخلقه ولو خالفت ما وصف في القرآن لقلنا : أن الوصف الذي وصفت به غير دقيق وهذا غير صحيح { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } إذاً فالوصف قد سمعنا به ، والحديث يقول : ( ولا أذن سمعت ) .
2- الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( ما لا عين رأت ) وهو قد رآها ويقول : ( ولا خطر على قلب ) بشّرَ وهو - - من البشر وقد خطرت على قلبه .
إذاً نستنتج أن الذي ينطبق عليه الحديث هو ما أخفاه الله عنا ، ولم يصفه لنا ، وهذا الشيء المخفي هو الذي فيه : ( ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) ، ويقول الله في كتابه { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ، إذن فما أخفى هو الذي لا نعلمه ولم يخطر على قلوبنا ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : (فيها ) وكلمه ( فيها ) لا يفيد العموم لقوله عز وجل : { فيها عين جارية ، فيها سرر مرفوعة …) فكلمة فيها تفيد البعض فليس كل ما فيها هو عين جاريه ولا سرر مرفوعة ، بل هناك الأنهار وهناك المساكن وهناك وهناك … إلخ .
وهذا يقودنا إلى سؤال : هل يدخل المؤمن جنة واحدة ؟ أم يملك جنات عدة ؟ وهل يملك المؤمن جنة فردوس وجنة عدن وجنة نعيم ؟ أم جنة من نوع واحد ؟
الجواب : أن المؤمن يدخل جنات وليس جنة واحدة ، قال الله تعالى: ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } .
س/ هل يمكن توضيح ما هي هذه الجنات التي سوف يدخلها المؤمن ؟
ج/ أولاً : المؤمن بالله سوف يدخل في مكانٍ يسمى الغرفة ، وهذه الغرفة تحتوى على عدة جنات ولا يملكها أو يشاركه فيها أحد غير خدمه وزوجاته وهذه الغرفة هي أرض من أراضي الجنة غير متصلة بباقي الغرف أي أنها كما يبدو مثل ( كوكب منفصل ) عن باقي الغرف كما سنرى ، والله أعلم ، وكل غرفة منفصلة عن الأخرى ، وبين الغرف مسافات شاسعة ، وتختلف كل غرفة عن الأخرى من حيث الحجم والجمال والعلو والمنزلة فأقل هذه الغرف يملكها آخر من يدخل الجنة وهي مثل الدنيا عشر مرات أي مثل حجم الأرض عشر مرات فما بالك بأرفعهم منزلة وقدراً ( فسبحان الله ) قال تعالى : { لنبوئنهم من الجنة غرفاً } وقال جل شأنه : { لكن الذين أتقو ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار } وقال تعالى : { وهم في الغرفات آمنون} وقال تعالى : { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما} .
وهذه الغرفة يبدوا أنها تحتوي على عدة جنات والجنات الرئيسية فيها هي :
أ- جنة الفردوس : فلكل مؤمن جنة فردوس قال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزُلاً } ، إذن فالفردوس هي لمن آمن بالله وعمل صالحاو ليست جنة الفردوس جنة واحدة بل جنات فهناك فردوس أعلى وفردوس أدنى فقد قال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وأله وسلم لأم حارثة ( إنها جنان كثيرة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) أي أنه أصاب الجنة أو الغرفة التي فئة الفردوس فيها الأعلى وهي أعلى مرتبه .
والفردوس تتوسط الغرفة وهي أرفع منطقة في الغرفة لأنها أعلى الجنة وأوسطها ومنها تنبع أنهار الجنة - أي الغرفة - فلو شبهنا الغرفة بالأرض فجبال إيفرست هي أعلى الأرض فلو توسطت هذه الجبال الأرض أي كانت في الوسط - مكان الكعبة - لأنها وسط الأرض فينطبق عندئذ الوصف لجبال الهملايا (الإيفرست) أنها أعلى الأرض وأوسطها ، ولأنها مرتفعة فإن الأنهار تنساب منها إلى أسفل وكذلك الفردوس فلكل مؤمن في غرفته جنة فردوس وهي أعلى الغرفة وأوسطها ومنها تنبع أنهار الغرفة ( الجنة ) وتختلف جنة الفردوس من غرفة لأخرى حسب منزلة المؤمن عند ربه .
ب- جنة النعيم : هي جنة خاصة بالفواكه واللحوم والقطوف الدانية والظلال لقول الله عز وجل { إلا عباد الله المخلصين * أولئك لهم رزق معلوم * فواكه وهم مكرمون * في جنات النعيم } إذن فقد حدد الرزق بالفواكه مع التكريم وحدد الجنة بأنها جنات النعيم وليس غيرها وهي ليست جنة واحدة بل جنات أي كل شخص له في غرفته جنة نعيم فيها الفواكه المتنوعة والظلال الوافر … الخ . وذكر القرآن في معرض السخرية من الكافرين قوله تعالى : { أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم } ووردت في الآية على سبيل التمكين مما يدل على أن لكل شخص جنته .
وتختلف هذه الجنة تبعاً لمنزلة الشخص عند ربه أي فهناك جنة نعيم أوسع وأجمل من جنة نعيم في منزله أقل وهكذا ونلاحظ أن كل شخص سوف يملك جنة نعيم قال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم} فكما وعد الله - عز وجل - من يؤمن ويعمل صالحاً بأن له جنة فردوس وعده أيضاً بجنة النعيم لذلك كلما ارتفعت درجة الغرفة زادت جنة النعيم جمالاً وبهاءً ونوراً وأفضلها جنة النعيم التي في أعلى الدرجات قال تعالى : { والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم } وهذا يدل على أن السابقين المقربين وهم أرفع المؤمنين منزلة لهم في غرفهم جنات نعيم إضافة إلى جنات الفردوس وجنات عدن …
3- جنة عدن : وهي أيضاً لمن آمن بالله وعمل صالحاوهي ليست جنة واحدة بل جنات وهي الجنة الثالثة التي يملكها المؤمن في غرفته – جنته - قال تعالى { إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن } إذن هي كسابقتيها - جنة الفردوس وجنة النعيم - سيملكها من آمن وعمل الصالحات ، فلزم أن تضاف له جنة عدن ؛ لأن الله وعد من يؤمن ويعمل صالحاً بأنه له جنة فردوس ونعيم وكذلك جنة عدن إذن فهذه الجنات الثلاث تجتمع لكل مؤمن في الغرفة الواحدة غير ما أخفي له من قرة أعين وجنة عدن هذه مخصوصة بالمساكن وهي كذلك المكان الذي يحلى فيه المؤمن بالأساور من الذهب واللؤلؤ ولباس الحرير . وحددت بالسكن فقط مع الحلي قال الله - عز وجل - : { يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن } إذن فسوف يدخل المؤمن جنات الفردوس والنعيم ، إلى جانب ذلك سيكون له مسكن وحده في جنة عدن وليست عدن جنة واحدة بل عدة جنات فلكل مؤمن في غرفته جنة عدن خاصة فيها مساكنه وأهله لا يشاركه فيها مؤمن آخر ، وكلما ارتفعت درجة المؤمن زادت درجة جنة عدن جمالاً ونوراً وأفضلها جنات عدن التي في الدرجة العليا قال تعالى : { ومن يأته مؤمن قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى } إذاً فالغرفة التي في الدرجة العالية فيها جنة عدن وجنة نعيم وجنة فردوس وهذه الجنات من الفئة العالية ، وهي الأجمل والأكمل .
ولأن جنة عدن ليس فيها مزارع الفواكه المختلفة بل مساكن وقصور فعندما يريد فواكه فإنه يدعو خدمه بإحضار الفواكه والشراب قال تعالى : {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب * متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب* وعندهم قاصرات الطرف أتراب } إذاً يدعون بالفاكهة فتلبى طلباتهم في طرفة عين وقول الله عز وجل : { جنات عدن يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير }فقد قال الله : {جنات } وليست جنة أي لكل مؤمن جنة خاصة اسمها ( عدن ) جمعها جنات ، وحدد الحلي واللباس فيها ولم يقل في النعيم لكن ذلك لا يمنع أن يطلب الحلي في أي مكان في جنته فإن كان في النعيم يدعو بالحلي وما أراد وكذلك في أي جنة فله الخيار أن يتمشى في أي جنة ( فردوس ونعيم وعدن ) من غرفته أي أن له غرفة ( كوكباً ) خاصاٌ فيها جميع هذه الجنات لا يشاركه أحد ولا يسمع أي قول إلا السلام من الله { سلام قولاً من رب رحيم }، وكذلك قوله عز وج: {لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيما إلا قيلاً سلاماً سلاماً } أي لا يسمع إلا قولاً واحداً وهو السلام من الله ومن الملائكة قال تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } ما عدا ذلك فهو يسمع كلام أهله وحاشيته في مملكته لذلك فهو ينتقل في هذه المملكة إينما شاء قال تعالى : { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء … } أي ينتقل في غرفته - جناته - وليس في أي غرفة أخرى من الجنة ؛ لأنه لا يحق له ذلك .
يتبع الجزء الثاني
اخوكم اليماني
م.محمد محمد حميد القلذي
يأتي الجواب بالنفي حيث يتضح ذلك من كتاب الله وسنة رسوله ولبيان ذلك أبدأ بهذا السؤال .
هل كل ما في الجنة ينطبق عليه حديث الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الجنة أن فيها مالا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ؟
الجواب كلا !: فالجنة لا ينطبق عليها كلها هذا الحديث وذلك للأسباب التالية :
1- أن الله عندما يصف الجنة فهو أقدر من يستطيع وصفها وهي كما قال لا زيادة ولا نقصان ، وهو أقدر من يوصل المعلومات عنها لخلقه ولو خالفت ما وصف في القرآن لقلنا : أن الوصف الذي وصفت به غير دقيق وهذا غير صحيح { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } إذاً فالوصف قد سمعنا به ، والحديث يقول : ( ولا أذن سمعت ) .
2- الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول : ( ما لا عين رأت ) وهو قد رآها ويقول : ( ولا خطر على قلب ) بشّرَ وهو - - من البشر وقد خطرت على قلبه .
إذاً نستنتج أن الذي ينطبق عليه الحديث هو ما أخفاه الله عنا ، ولم يصفه لنا ، وهذا الشيء المخفي هو الذي فيه : ( ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) ، ويقول الله في كتابه { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } ، إذن فما أخفى هو الذي لا نعلمه ولم يخطر على قلوبنا ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : (فيها ) وكلمه ( فيها ) لا يفيد العموم لقوله عز وجل : { فيها عين جارية ، فيها سرر مرفوعة …) فكلمة فيها تفيد البعض فليس كل ما فيها هو عين جاريه ولا سرر مرفوعة ، بل هناك الأنهار وهناك المساكن وهناك وهناك … إلخ .
وهذا يقودنا إلى سؤال : هل يدخل المؤمن جنة واحدة ؟ أم يملك جنات عدة ؟ وهل يملك المؤمن جنة فردوس وجنة عدن وجنة نعيم ؟ أم جنة من نوع واحد ؟
الجواب : أن المؤمن يدخل جنات وليس جنة واحدة ، قال الله تعالى: ( ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } .
س/ هل يمكن توضيح ما هي هذه الجنات التي سوف يدخلها المؤمن ؟
ج/ أولاً : المؤمن بالله سوف يدخل في مكانٍ يسمى الغرفة ، وهذه الغرفة تحتوى على عدة جنات ولا يملكها أو يشاركه فيها أحد غير خدمه وزوجاته وهذه الغرفة هي أرض من أراضي الجنة غير متصلة بباقي الغرف أي أنها كما يبدو مثل ( كوكب منفصل ) عن باقي الغرف كما سنرى ، والله أعلم ، وكل غرفة منفصلة عن الأخرى ، وبين الغرف مسافات شاسعة ، وتختلف كل غرفة عن الأخرى من حيث الحجم والجمال والعلو والمنزلة فأقل هذه الغرف يملكها آخر من يدخل الجنة وهي مثل الدنيا عشر مرات أي مثل حجم الأرض عشر مرات فما بالك بأرفعهم منزلة وقدراً ( فسبحان الله ) قال تعالى : { لنبوئنهم من الجنة غرفاً } وقال جل شأنه : { لكن الذين أتقو ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار } وقال تعالى : { وهم في الغرفات آمنون} وقال تعالى : { أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما} .
وهذه الغرفة يبدوا أنها تحتوي على عدة جنات والجنات الرئيسية فيها هي :
أ- جنة الفردوس : فلكل مؤمن جنة فردوس قال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزُلاً } ، إذن فالفردوس هي لمن آمن بالله وعمل صالحاو ليست جنة الفردوس جنة واحدة بل جنات فهناك فردوس أعلى وفردوس أدنى فقد قال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وأله وسلم لأم حارثة ( إنها جنان كثيرة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) أي أنه أصاب الجنة أو الغرفة التي فئة الفردوس فيها الأعلى وهي أعلى مرتبه .
والفردوس تتوسط الغرفة وهي أرفع منطقة في الغرفة لأنها أعلى الجنة وأوسطها ومنها تنبع أنهار الجنة - أي الغرفة - فلو شبهنا الغرفة بالأرض فجبال إيفرست هي أعلى الأرض فلو توسطت هذه الجبال الأرض أي كانت في الوسط - مكان الكعبة - لأنها وسط الأرض فينطبق عندئذ الوصف لجبال الهملايا (الإيفرست) أنها أعلى الأرض وأوسطها ، ولأنها مرتفعة فإن الأنهار تنساب منها إلى أسفل وكذلك الفردوس فلكل مؤمن في غرفته جنة فردوس وهي أعلى الغرفة وأوسطها ومنها تنبع أنهار الغرفة ( الجنة ) وتختلف جنة الفردوس من غرفة لأخرى حسب منزلة المؤمن عند ربه .
ب- جنة النعيم : هي جنة خاصة بالفواكه واللحوم والقطوف الدانية والظلال لقول الله عز وجل { إلا عباد الله المخلصين * أولئك لهم رزق معلوم * فواكه وهم مكرمون * في جنات النعيم } إذن فقد حدد الرزق بالفواكه مع التكريم وحدد الجنة بأنها جنات النعيم وليس غيرها وهي ليست جنة واحدة بل جنات أي كل شخص له في غرفته جنة نعيم فيها الفواكه المتنوعة والظلال الوافر … الخ . وذكر القرآن في معرض السخرية من الكافرين قوله تعالى : { أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم } ووردت في الآية على سبيل التمكين مما يدل على أن لكل شخص جنته .
وتختلف هذه الجنة تبعاً لمنزلة الشخص عند ربه أي فهناك جنة نعيم أوسع وأجمل من جنة نعيم في منزله أقل وهكذا ونلاحظ أن كل شخص سوف يملك جنة نعيم قال تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم} فكما وعد الله - عز وجل - من يؤمن ويعمل صالحاً بأن له جنة فردوس وعده أيضاً بجنة النعيم لذلك كلما ارتفعت درجة الغرفة زادت جنة النعيم جمالاً وبهاءً ونوراً وأفضلها جنة النعيم التي في أعلى الدرجات قال تعالى : { والسابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم } وهذا يدل على أن السابقين المقربين وهم أرفع المؤمنين منزلة لهم في غرفهم جنات نعيم إضافة إلى جنات الفردوس وجنات عدن …
3- جنة عدن : وهي أيضاً لمن آمن بالله وعمل صالحاوهي ليست جنة واحدة بل جنات وهي الجنة الثالثة التي يملكها المؤمن في غرفته – جنته - قال تعالى { إن الذين آمنوا وعلموا الصالحات أولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن } إذن هي كسابقتيها - جنة الفردوس وجنة النعيم - سيملكها من آمن وعمل الصالحات ، فلزم أن تضاف له جنة عدن ؛ لأن الله وعد من يؤمن ويعمل صالحاً بأنه له جنة فردوس ونعيم وكذلك جنة عدن إذن فهذه الجنات الثلاث تجتمع لكل مؤمن في الغرفة الواحدة غير ما أخفي له من قرة أعين وجنة عدن هذه مخصوصة بالمساكن وهي كذلك المكان الذي يحلى فيه المؤمن بالأساور من الذهب واللؤلؤ ولباس الحرير . وحددت بالسكن فقط مع الحلي قال الله - عز وجل - : { يغفر لكم من ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن } إذن فسوف يدخل المؤمن جنات الفردوس والنعيم ، إلى جانب ذلك سيكون له مسكن وحده في جنة عدن وليست عدن جنة واحدة بل عدة جنات فلكل مؤمن في غرفته جنة عدن خاصة فيها مساكنه وأهله لا يشاركه فيها مؤمن آخر ، وكلما ارتفعت درجة المؤمن زادت درجة جنة عدن جمالاً ونوراً وأفضلها جنات عدن التي في الدرجة العليا قال تعالى : { ومن يأته مؤمن قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى } إذاً فالغرفة التي في الدرجة العالية فيها جنة عدن وجنة نعيم وجنة فردوس وهذه الجنات من الفئة العالية ، وهي الأجمل والأكمل .
ولأن جنة عدن ليس فيها مزارع الفواكه المختلفة بل مساكن وقصور فعندما يريد فواكه فإنه يدعو خدمه بإحضار الفواكه والشراب قال تعالى : {جنات عدن مفتحة لهم الأبواب * متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب* وعندهم قاصرات الطرف أتراب } إذاً يدعون بالفاكهة فتلبى طلباتهم في طرفة عين وقول الله عز وجل : { جنات عدن يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير }فقد قال الله : {جنات } وليست جنة أي لكل مؤمن جنة خاصة اسمها ( عدن ) جمعها جنات ، وحدد الحلي واللباس فيها ولم يقل في النعيم لكن ذلك لا يمنع أن يطلب الحلي في أي مكان في جنته فإن كان في النعيم يدعو بالحلي وما أراد وكذلك في أي جنة فله الخيار أن يتمشى في أي جنة ( فردوس ونعيم وعدن ) من غرفته أي أن له غرفة ( كوكباً ) خاصاٌ فيها جميع هذه الجنات لا يشاركه أحد ولا يسمع أي قول إلا السلام من الله { سلام قولاً من رب رحيم }، وكذلك قوله عز وج: {لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيما إلا قيلاً سلاماً سلاماً } أي لا يسمع إلا قولاً واحداً وهو السلام من الله ومن الملائكة قال تعالى : { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم } ما عدا ذلك فهو يسمع كلام أهله وحاشيته في مملكته لذلك فهو ينتقل في هذه المملكة إينما شاء قال تعالى : { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء … } أي ينتقل في غرفته - جناته - وليس في أي غرفة أخرى من الجنة ؛ لأنه لا يحق له ذلك .
يتبع الجزء الثاني
اخوكم اليماني
م.محمد محمد حميد القلذي