الجمع بين قوله تعالى :(في يوم كان مقداره ألف سنة) و(في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)

المسيطير

New member
إنضم
14/04/2006
المشاركات
145
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
المشايخ الفضلاء /
أشكل عليّ الجمع بين قوله تعالى : " فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره أَلْفَ سَنَة " في سورة السجدة , وقوله تعالى : " فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة " في سورة المعارج .

فوجدت أن الإمام الطبري رحمه الله تعالى أشار إلى الإشكال ، ثم جلاّه لي و لأمثالي ، فأردت نقل ماخطته يداه - رحمه الله - مما نقله عن العلماء ، حيث قال عند تفسيره لسورة المعارج :

( وقوله : {تَعْرُج الْمَلَائِكَة وَالرُّوح إِلَيْهِ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة } يقول تعالى ذكره : تصعد الملائكة والروح , وهو جبريل عليه السلام إليه , يعني إلى الله جل وعز ; والهاء في قوله : { إليه } عائدة على اسم الله .

{ فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة } يقول : كان مقدار صعودهم ذلك في يوم لغيرهم من الخلق خمسين ألف سنة , وذلك أنها تصعد من منتهى أمره من أسفل الأرض السابعة إلى منتهى أمره من فوق السموات السبع. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك : 27027 - حدثنا ابن حميد , قال : ثنا حكام بن سلم , عن عمرو بن معروف , عن ليث , عن مجاهد { فِي يَوْم كَانَ مِقْدَاره خَمْسِينَ أَلْف سَنَة } قال : منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات مقدار خمسين ألف سنة ; ويوم كان مقداره ألف سنة , يعني بذلك نزل الأمر من السماء إلى الأرض , ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد , فذلك مقداره ألف سنة ; لأن ما بين السماء إلى الأرض , مسيرة خمسمائة عام .


وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير آية المعارج ، والجمع بينها وبين آية السجدة :


( قال وهب والكلبي ومحمد بن إسحاق : أي عروج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة .

وقال وهب أيضا : ما بين أسفل الأرض إلى العرش مسيرة خمسين ألف سنة . وهو قول مجاهد .

وجمع بين هذه الآية وبين قوله : " في يوم كان مقداره ألف سنة " في سورة السجدة , فقال : " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة " من منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة .
وقوله تعالى في ( الم تنزيل ) : " في يوم كان مقداره ألف سنة " [ السجدة : 5 ] يعني بذلك نزول الأمر من سماء الدنيا إلى الأرض , ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقدار ألف سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام ) أ.هـ.

ثم قال رحمه الله :
( وعن ابن عباس أيضا أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله تعالى : " في يوم كان مقداره ألف سنة " [ السجدة : 5 ] فقال : أيام سماها الله عز وجل هو أعلم بها كيف تكون , وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم ) .



-
 
أجاب فأحسن ابن عباس رضي الله عنهما

أجاب فأحسن ابن عباس رضي الله عنهما

سمعت الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي - رحمه الله - يقول : أيام الله لا يعلم مقاديرها إلا مُقَدّرها فإذا أخبر عن يوم بأنه كألف ثم أخبر عن يوم بأنه خمسون ألفا فهذا لأنه سبحانه لا يخبرنا عن يوم بعينه ؛ فنجد في الإخبارين إشكالا ، ولكنه يخبر عن شيئين فلكل شيء خبره الذي يخصه ، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول عن ذلك : تلك أيام سماها الله عز وجل فهو أعلم بها وليس لنا إزاءها إلا التسليم .

( منقول من تسجيل لمحاضرة ألقاها الشيخ الشعراوي في إحدى المناسبات الدينية ، فمن أرادها فليطلبها من باعة الأشرطة تحت اسم : ذاك يوم ولدت فيه )
 
بارك الله فيكم

تكلم عن هذا الإشكال العلامة ابن القيم في النونية عند كلامه على أدلة علو الرب تعالى على خلقه ص106:

[poem=font="Simplified Arabic,4,darkblue,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
هَذَا وَرَابِعُهَا عرُوجُ الرُّوحِ وَال = أملاَكِ صَاعِدَةً إِلَى الرَّحمَنِ
وَلَقَد أتَى فِي سُورَتَينِ لِكِلاَهُمَا اش = تَمَلاَ عَلَى التَّقدِيرِ بالأزمَانِ
فِي سُورَة فِيهِ المَعارِجُ قُدِّرَت = خَمسِينَ ألفاً كَامِلَ الحُسبَانِ
وَبِسَجدَة التَّنزِيل ألفاً قُدِّرَت = فَلأجلِ ذَا قَالُوا هُمَا يَومَانِ
يَومُ المَعَادِ بِذِي المَعَارِجِ ذِكرُهُ = وَاليَومُ فِي تَنزِيل فِي ذَا الآنِ
وَكِلاَهُمَا عِندِي فَيَومٌ وَاحِدٌ = وَعُرُوجُهُم فِيهِ إِلَى الدَّيَّانِ
فَالألفُ فِيهِ مَسَافَةٌ لِنُزُولِهِم = وَصُعُودِهِم نَحوَ الرَّفِيعِ الدَّانِي
هَذِي السَّمِاء فَإنَّهَا قَد قُدِّرَت = خَمسِينَ فِي عَشر وَذَا ضِعفَانِ
لَكِنمَا الخَمسُون ألفَ مَسَافَةُ السَّ = بعِ الطِّبَاقِ وَبَعدُ ذِي الأكوَانِ
مِن عَرشِ رَبِّ العَالَمِينَ إِلَى الثَّرَى = عِندَ الحَضِيضِ الأسفَل التَّحتَحانِي
وَاختَارَ هَذَا القَولَ فِي تَفسِيرِهِ ال = بَغَوِي ذَاكَ العَالِمُ الرَّبَّانِي
وَمُجَاهِدٌ قَد قَالَ هَذَا القَولَ لَ = كِنَّ ابنَ إسحَاقَ الجَلِيلَ الشَّانِ
قَالَ المَسَافَة بَينَنَا وَالعَرشِ ذَا ال = مِقدَارُ فِي سَيرٍ مِنَ الإِنسَانِ
وَالقَولُ الأوَّلُ قَول عِكرِمَةٍ وَقَو = لُ قَتَادَةٍ وَهُمَا لَنَا عَلَمَانِ
وَاختَارَه الحَسَنُ الرَّضِى وَرَوَاهُ عَن = بَحرِ العُلُومِ مُفَسِّرِ القُرآنِ
وَيُرَجِّحُ القَولَ الذِي قَد قَالَهُ = سَادَاتُنَا فِي فَرقِهِم أمرَانِ
إحدَاهُمَا مَا فِي الصَّحِيحُ لِمَانِعٍ = لِزَكَاتِهِ مِن هَذِه الأعيَانِ
يُكوَى بِهَا يَومَ القِيَامَةِ ظَهرُهُ = وَجَبِينهُ وَكذَلِكَ الجَنبَانِ
خَمسُونَ ألفاً قَدرُ ذَاكَ اليَومِ فِي = هَذَا الحَدِيثُ وَذَاكَ تِبيَانِ
فَالظَّاهِرُ اليَومَانِ فِي الوَجهَينِ يَو = مٌ وَاحِدٌ مَا إن هُمَا يَومَانِ
قَالُوا وَإيرَادُ السِّيَاقِ يُبَيِّن ال = مَضمُونَ مِنهُ بِأوضَحِ التِّبيَانِ
فَانظُر إِلَى الإِضمارِ ضِمن يَرَونَهُ = ونَرَاهُ مَا تَفسِيرُهُ بِبَيَانِ
فَاليَومُ بِالتَّفسِيرِ أولَى مِن عَذَا = بٍ وَاقِعٍ لِلقُربِ وَالجِيرَانِ
وَيَكُونُ ذِكرُ عُرُوجِهِم فِي هَذِهِ الدُّ = نيَا وَيَومَ قِيَامَةِ الأبدَانِ
فَنُزُولهُم أيضاً هُنَالِكَ ثَابِتٌ = كَنُزُولِهِم أيضاً هُنَا لِلشَّانِ
وَعُرُوجُهُم بَعدَ القَضَا كَعُرُوجِهِم = أيضاً هُنَا فَلَهُم إذاً شَأنَانِ
وَيُزُولُ هَذَا السَّقفُ يَومَ مَعَادِنَا = فَعُرُوجُهُم لِلعَرشِ وَالرَّحمَنِ
هَذَا وَمَا نَضِجَت لَدي وَعِلمُهَا ال = مَوكُولُ بَعد لِمُنزِلِ القُرآنِ
وَأعُوذُُ بِالرَّحمَنِ مِن جَزمٍ بِلاَ = عِلمٍ وَهَذَا غَايَةُ الإمكَانِ
وَاللهُ أعلَمُ بِالمُرَادِ بِقَولِهِ = وَرَسُولُهُ المَبعُوثُ بِالفُرقَانِ[/poem]
 

أثابكم الله ...

لكن المشكل في اختيار ابن القيم ـ والذي سبقه إليه أئمة ـ أن مثل هذه المسافات التي بين قلب الأرض وبين أعلى موضع في السماء ـ أو كما يقول ابن كثير : هذا ارتفاع العرش عن المركز الذي في وسط الأرض السابعة.ـ تحتاج إلى نقلٍ معصوم لإثباتها ، فمثلها في هذا المقام والتوجيه لا يحتمل ـ والله أعلم ـ هذا الجزم .

والظاهر أن أقرب الأقوال ،وأسلمها من الإشكال هو القول الذي يقول : إن المراد بالخمسين ألفاً هو يوم القيامة ـ كما صح بذلك السند عن ابن عباس ،وأن الألف ـ التي في سورة السجدة ـ هي مسافة بين العروج والنزول للملائكة الكرام الذين يدبرون من أمر الكون ما أذن الله لهم فيه.
وتأمل سياق الآيات في سورة السجدة مع آيات سورة المعارج يرشح هذا القول ،والله أعلم بمراده .
 
عمر المقبل قال:

والظاهر أن أقرب الأقوال ،وأسلمها من الإشكال هو القول الذي يقول : إن المراد بالخمسين ألفاً هو يوم القيامة ـ كما صح بذلك السند عن ابن عباس ،وأن الألف ـ التي في سورة السجدة ـ هي مسافة بين العروج والنزول للملائكة الكرام الذين يدبرون من أمر الكون ما أذن الله لهم فيه.
وتأمل سياق الآيات في سورة السجدة مع آيات سورة المعارج يرشح هذا القول ،والله أعلم بمراده .

يؤيد هذا كلام ابن جماعة في كتابه (كشف المعاني في المتشابه المثاني).

قال رحمه الله في آية السجدة ((جوابه أن االمراد هنا ما ينزل به الملك من السماء ثم يصعد إليها...)).

وقال عن آية المعارج ((والمراد بآية (سأل سائل) يوم القيامة لما فيه من الأهوال والشدائد وقوله تعالى (في يوم) راجع إلى قوله تعالى (بعذاب واقع) أي واقع ليس له دافع...في يوم كان مقداره) الآية.)) أ.هـ.​
 
قال الإمام الخطيب الإسكافي في درة التنزيل وغرة التأويل، ص259:

قال تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } السجدة 5 ، وقال في سورة سأل سائل: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } المعارج 4.
للسائل أن يسأل، فيقول: هذا اليوم جعل مقداره في السورة الأولى ألف سنة، وجعله في السورة الثانية خمسين ألف سنة، وقد قدّره بألف سنة في موضع آخر من سورة الحج، فقال: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } الحج 47، فكيف يجمع بين هذه الأخبار!

الجواب عن ذلك من وجوه:

أحدها: أن يكون المعنى: أن الله يدبر أمر أهل الأرض في السماء من دعائهم إلى الطاعات، وتكليفهم أنواع العبادات، فينزل به من يأمره من ملائكته ليبعث بذلك رسله، ويضم إليه آياته وكتبه، ثم يصعد الملك الذي جاء به إلى المكان الذي نزل منه في يوم من أيام الدنيا، وهذه المسافة التي قطعها الملك في النزول والصعود مقدارها مسيرة ألف سنة من غيره، لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، فيقع النزول والصعود في يوم تستغرق أوقاته سير ألف سنة من السنين التي يعدها أهل الأرض في الدنيا، وهذا التدبير الذي يدبر في السماء لأهل الأرض هو ما يكلفون من العبادات، وما يقدر من مدد أعمارهم، وما يحدث في اللوح المحفوظ مما يدل الملائكة على أنهم مأمورون بأن ينزلوا به إلى المصطفين من عباده بالرسالة، ثم يعودون إلى أماكنهم في يوم بقدر ألف سنة من أيام الدنيا.

وأما قوله في سورة الحج: {وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} الحج 47، أي: يقع في يوم تنعيم المطيعين وتعذيب العاصين قدر ما يناله المنعم في ألف سنة من أيام الدنيا، ويعذب العصاة في يوم مقدار ما يعذب به الإنسان ألف سنة لو بقي فيها، فعذابه في يوم واحد عذاب ألف سنة، وذلك لما يتضاعف عليهما من الآلام والملاذّ، ويصل إليهما من الغموم والسرور، والدليل على أن المراد في هذه الآية ذلك قوله قبله: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } الحج 47، فجهلهم باستعجالهم العذاب الذي هذا وصفه.

وأما قوله في سورة سأل سائل: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} المعارج 4، أي: تصعد الملائكة وجبريل ـ عليهم السلام ـ إلى حيث يعطي الله فيه الثواب أهل طاعته، ويحل فيه العقاب بأهل معصيته، وإن ذلك في يوم هو يوم القيامة، ويفعل الله تعالى فيه من محاسبة عباده، وتبيلغ كل منهم حقه ما لا يكون مثله في الدنيا إلا في خمسين ألف سنة.

وجواب ثانٍ: وهو أنه يجوز أن يكون يوم القيامة يوماً بلا آخر، وفيه أوقات مختلفة طولاً وقصراً، كما كان في أيام الدنيا، كان الوقت بين صلاة الفجر وصلاة الظهر أطول مما بين الظهر وبين العصر، وكما كان ذلك بين صلاة العشاء الأولى وعشاء الآخرة، فبعضها ألف سنة، وبعضها خمسون ألف سنة.

وجواب ثالث: وهو أن يكون اليوم الذي أخبر الله تعالى عنه في السجدة والذي في الحج هما من الأيام التي عند الله، وهي التي خلق فيها السموات والأرض، وكل يوم منها ألف سنة من سني الدنيا.
وأما في سورة سأل سائل فإن المراد به أن لثقله على الكافرين، واستطالتهم له وصعوبته، وهوله عليهم يصير بخمسين ألف سنة، وفي كل واحد من الأجوبة التي ذكرنا ما يكفي في جواب السائل.
 
عودة
أعلى