الجماهير والوسيلة المتاحة في الإعتراض والدفاع عن النبي والقرآن المجيد

طارق منينة

New member
إنضم
19/07/2010
المشاركات
6,330
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
هل يمكن للجماهير المسلمة أن تهدئ من روعها وتلجم غضبها عندما تذاع إهانة القرآن من اعداء الإسلام وينشر ذلك في الصحافة العالمية ، او عندما يقوم الحاقدون بصور من التهكم والتهجم على النبي من اهل العلمنة والأنسنة، ويكتب هذا في الكتب والمجلات ، فلا تخرج للتظاهر والإعتراض الرمزي والسلمي ، مع ماوقر في نفوسها وترسخ في ضميرها من أن القرآن كتاب عقيدة كونية فريدة ،وصانع مدنية راقية ،وحضارة ايمانية أخلاقية وقيمية ، كتاب رحمة وشريعة وهداية، كتاب يُذيع ليل نهار، مبادئ سامية وأخلاق كريمة، نزل رحمة للعالمين.
كيف يمكن ان تنظم هذه الفعاليات-مع ان المطلوب منها علمانيا أن لاتُرى على وجه الأرض!- بدون ان تخرج عن نطاق الإدانة السلمية والنقد الرمزي ؟ وهل يمكن، على صورتها هذه، ان يقبلها الذين تشمئز قلوبهم من أي صورة للحق تبرز عيانا في وسائل الإعلام وفي الشوارع والميادين.
ثم السؤال الأهم هو: هل تلك الجماهير الهدارة رأت "كفاية الإعتراض" النقدي والإعلامي (البديل!) وإتاحته اعلاميا (في رسائل اعلامية تمولها الجماهير نفسها!) بالقدر الذي يمكن أن يوصل رسالتها ويجعل ذلك بديلا عن هذا الإعتراض المرسوم والمرسوم في لوحة خارجية تمتاز بألوان هدير بشري في غاية الحيوية والنشاط ،لايرى له مثيل في زمن انتهت فيه العلمانية الوقحة من كل انواع الغيرة الإيجابية وصنوف الشرف والإعتراض لأجل مبادئ سامية ، وتم فيه ترويض أغلب أهل الأرض على الهدوء وعدم الإنفعال وعدم اللامبالاة، تحت وسائل التدجين والتهجين والتعليب والسيطرة!؟
لطالما تلقف العلمانيون في كتاباتهم تلك الأحداث (مثل المظاهرات ضد رواية سلمان رشدي او الرسوم المسيئة او الفيلم الهولندي الهجائي المزور للحقائق) بإتهام الوعي الإسلامي او الحركة الإسلامية او المنهجية السلفية او علماء الإسلام بالإنغلاق وعدم التعامل مع احداث من هذا النوع بالعقلانية والرد الموزون.
والرد على ذلك يأخذ مناحي مختلفة او يجعلنا ندخل من ابواب شتى، وأول تحليل لهذه الظواهر الرمزية، الجماعية والمجتمعية، اي ظاهرة خروج الجماهير لإعلان رفضها لما يحدث ضد النبي والقرآن، هو أن من عمل على إبعاد الجماهير عن اتخاذها وسيلة اعتراض اكثر عقلانية ، كما يحلو للعلمانيين أن يصفوا ، هي الأنظمة الشبه علمانية في عالمنا الإسلامي كله ومنه العالم العربي على وجه الخصوص، فهي-وانظر للمغرب ومصر مثلا- من جهلت الشعوب واوصلتهم الى ماوصلوا اليه من الابتعاد عن المعلومة الإسلامية وطرق واساليب المعرفة النقدية لكل من يعارض الإسلام او يهجوه(أقول هذا مع ان التظاهر في عرف العالم اليوم هو من وسائل الإعتراض الحديثة على اي امر تراه الجماهير-اي جماهير-مهين لها ولما تعتقده).
ليس معنى كلامي أنني أدين تلك الجماهير الثائرة لأنها لم تسلك مسلك الرد بالقلم والحجة والبرهان المكتوب، فمعلوم ان جماهير العوام لاتسلك غالبا طرق النقد التي يسلكها النقاد والإعلاميون، او الدعاة والفقهاء،او الكتاب والصحفيون، بيد انها تتحرك بما وصل الى وعيها من الإسلام أن هناك خطرا على هذا الدين، وهذا الإستشعار ليس استشعارا همجيا ، وإنما هو عقلاني وفطري معا ، والإهتمام الأولي بالإسلام هو أساس فيه، ومن لايهتم بأمر المسلمين فليس منهم، صحيح أن هذا الإهتمام يحتاج لمزيد من توجيهه بصورة علمية، ولكن هذا هو حالنا في بومنا هذا ، وحال الجماهير، فيكفي (أو بالأحرى لايكفي!) حاليا انها تفهم ان هذا الدين يعلو ولايعلى عليه، من يهجوه لاينتظر من أمة الإسلام الا التشهير به،والخروج السلمي عليه، وحتى كبار العلمانيين العقلانيين يفعلون مثل هذا دفاعا عن علمانياتهم او كبراءهم وذلك من خلال كتابات هائجة نزقة ، لها هدير السم مثل الشتائم والهجائيات او إن شئت قلت(تهكماته الخبيثة)التي كالها نصر حامد ابو زيد- وهي كثيرة-في كتابه التكفير في زمن التفكير وغيره من الكتب.... ويكفي الهجوم الإرهابي العنيف الذي يقوم به جابر عصفور وفيه من الردح العلمي مايكفي لتصنيفه داخل باب الهمجية والهياج الذي ليس فيه موضوعية ولاعقلانية، وحتى الذين عاشوا في الغرب ويصدعون ادمغتنا كل يوم بالعقلانية والإنسانية تراهم يتشنجون في كتاباتهم وهم في حالة هوس انفعالي فكري يعرضون به الوقائع والأحداث، والنصوص والتاريخ، بتحريف واضح وعداوة شديدة ومن امثال ذلك كتب الدكتور هاشم صالح ومنها كتابه اللاعلمي الممتلئ بالشتائم والتحدي الوقح وهو كتاب(الإنسداد التاريخي)
فهذه نهاية اقدامهم في العقلانية ومع ذلك يعقبون على المظاهرات التي تخرج بشكل عفوي ضد اهانة النبي او القرآن بأنها مظاهرات بدائية ،وغوعائية متخلفة، (مع انهم قالوا ان المظاهرات من انتاج العالم الحديث، ويدعوننا للإقتداء بالعالم الحر!!) ولاينبئك هذا فقط على انهم يرون أمة ابت ان تموت ويريدون نفيها من الذاكرة التاريخية بل على انها ايضا أمة تثبت ان وجودها يتنامى ، يزيد ولاينقص ،وهو الأمر الذي لايتمنون ان يروه لأنه يثبت فشل مشاريعهم ويضيع جهدهم ويخيب آمالهم في إخراج الأمة الى غير ماهي عليه وإخراجها من الذاكرة التاريخية وتزوير هويتها الإسلامية.
لايلتفت العلمانيون إلى النقد العلمي لعمليات الهجو الموسمية ضد القرآن أو النبي، مع انهم يطلبون من عقلاء الأمة ردا عقلانيا وعلميا بدل التظاهرات الجماهيرية الهائجة!
بل يذهب أكثرهم إلى أن الردود الإسلامية العلمية على عمليات التهكم المستمرة إنما هي ردود منغلقة على نفسها.
فماذا يطلبون اذن؟
انهم يطلبون ان تشارك في النقد المضاد، أي النقد العلماني للقرآن، أي والله!
وبغير ذلك فإنك تبقى مشاركا للجماهير في الإنغلاق والأصولية!
اذن فهم يطلبون منا إفساح المجال للعلمانية وطرقها المختلفة في هدم المسلمات الإسلامية!
ومن هذه الطرق : الهجو وحرية التعبير بالرسومات المسيئة او الكتابات الهجائية التي يقوم بها علمانيون من أمثال سلمان رشدي في هجائيته البارزة (آيات شيطانية)،او شرحها في كتابات ومقالات(مثل غراميات صادق جلال العظم بها وإضافته ماهو اشد منها وأنكى) او هجائية حيدر حيدر للقرآن(وليمة لأعشاب البحر) او هجائية خليل عبد الكريم(فترة التكوين) ضد الرسول،أو(شدو الرباب) له، ضد الصحابة!، او هجائية صادق جلال العظم (ذهنية التحريم) و(مابعد ذهنية التحريم) والتي وضع في آخرها، مقالات كل العلمانيين الذين ايدوه في نقده البشع والهائح للنبي والقرآن!
واذا تعرضت بالنقد العلمي لهذا الحقد المسطور رموك بمقالات عنيفة من على منابر صفحات الجرائد المشهورة مثلما يفعل جابر عصفور في جريدة الحياة او الاهرام او ماكان يفعله المستشار محمد سعيد العشماوي في روزال يوسف ومن قبله القمني وخليل عبد الكريم الذين جمعوا مقالاتهم في هذا في كتب نشرت وانتشرت!
فأنت محاصر في كل حال ومطلوب منك جماهيريا ان تترك الأمر للنخبة المثقفة ثم هؤلاء العقلاء يصبحون بمجرد الرد (الرد فقط!) غير عقلاء وتنهال عليهم الألسنة الحداد من كل جانب، بإرهاب علماني مبين، ومن ثم يخلو الجو للهجاء والنقد العلماني السافر ، وايضا من خلال الجرائد العامة والمجلات والإعلام، (وتطلب من الجماهير، مع ذلك، ضبط النفس!!) ومن هنا تتقدم العلمانية كما تقدمت في الغرب بخرس الألسنة وتكميم الأفواه وإرهاب العلماء والجماهير.
وأنت مدان في كل الأحوال.
يتبع ان شاء الله
 
كثيراً ما كنت أتساءل: هل يهاجم العلمانيون العرب النصرانية، البهائية، الدرزية، النصيرية.. بالقسوة والحدة ذاتها التي يهاجمون بها دين الإسلام؟
ومن المفيد تأمل تصريح المذيع فيصل القاسم على تويتر
حيث قال اليوم:
عرفت بعض العلمانيين السوريين. وكنت أعتقد مخطئاً أن أولئك لا يؤمنون بالدين فكيف بالطوائف، فإذا هم نازيون وفاشيون في تعصبهم لطائفتهم
عرفت علمانياً سوريا كان دائماً يتهجم على بن لادن، فتبين بعد اندلاع الثورة أن بن لادن معتدل جداً مقارنة بتعصب ذلك العلماني المزعوم لطائفته
 
يااستاذنا انت تفتح مجالا مليء بالحسرات والزفرات واثارة الذاكرة النقدية والتاريخية!
والشيء المثير للتأمل مع شعور بالقرف لو صح التعبير عنه هنا في هذا الملتقى الفواح بالخير والتعبيرات الجميلة هو ان هؤلاء النقاد الحداثيون الكبار كلهم لايخرج واحد منهم عن انهم كلهم ينتصرون للفرق المنحرفة والجماعات التاريخية السرية كالقرامطة والزنج وطائفة الحشاشين واخوان الصفا والاسماعيلية بل كثير منهم ينتصر للخوارج باعتبارهم معارضة عارضت دولة الاسلام في صورة دينية
مع ان القرامطة مثلا قتلوا الناس وارهبوهم والحشاشين قتلوا الناس وارعبوهم والزنج فعلوا مافعلوا من صنوف الارهاب مافعلوا (فضلا عن الخرافات التي يرموننا نحن فقط بها) لكن العلمانيين يكتبون مئات الصفحات في جعلهم معارضة عقلانية نورانية شريفة ويكفي ان الدكتور محمود اسماعيل كتب كتابا يعتبر عنوانه معبرا عنه وهو اخوان الصفا هم رواد التنوير الكبار ولنرجع اليه ل نراه يقول في كتابه اخوان الصفا رواد التنوير:" لانبالغ إذا اعتبرنا جماعة إخوان الصفا رائدة التنوير في الفكر العربي الإسلامي، وأن معارفهم فضلا عن موسوعيتهم ؛ تمثل أرقى ماوصل إليه هذا الفكر عبر تاريخه الطويل"(اخوان الصفا رواد التنوير في الفكر الإسلامي، للدكتور محمود اسماعيل،الطبعة الأولى، عامر للطباعة والنشر، المنصورة، مقدمة المؤلف،ص4)
ويكتب ادونيس للزنج والقرامطة في رسالة الدكتوراة(الثابت والمتحول) التي اشرف عليها شيخ مسيحي في نصرة هذه الفرق السرية ويحتفي بهم ويكتب اكثرهم عن عقلانيتهم
ياسيدي لقد عقلنوا قريش الكافرة فماذا تنتظر
اما جماهير المسلمين فهم همج رعاع! لانهم يمثلون ثورة رجعية ومظاهرة همجية في عصر التقنية والانسانية في وجه الانتقاص من النبي والقرآن!
والمدهش وهذا اذكره للتأمل انهم يهاجمون جماعات المعارضة الاسلامية في عصرنا (والسلفية عامة والنهضة الاسلامية عامة)ولايعتبرونهم حتى كالقرامطة او حتى كالحشاشين ،اليس ذلك شيء ملفت ومقرف بصرف النظر عن حكمنا نحن عن بعض الخلل عند اشباه الخوارج الذين يخالفون الاسلام في دعوته
اليس هذا من تناقضاتهم الشنيعة البشعة التي تدلك على هوى في النفوس وضعف شديد في المنهج وسقوط في العبثية مع ادعاء العلمية والتقدم​
 
عودة
أعلى