الجزء الثاني(2) من مقصود (محور) سورة الأعراف دراسة مقارنة شاملة

إنضم
09/01/2008
المشاركات
81
مستوى التفاعل
2
النقاط
8
[h=2]ج ـ المطلب الثالث: دلالة ومناسبة اسم السورة (الأعراف) [1] لمقصودها.[/h]
اسم "الأعراف"[2] :

  1. اختير اسم "الأعراف" لهذه السورة وهو سور بين الجنة والنار لقوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، وذُكِر في قصتهم أصحابُ الجنةِ وأصحابُ النارِ ، وقولُ أصحابِ الأعراف لأصحاب الجنة: {أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}،وقولهم لأصحاب النار:{ مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ }؛ لأنه أدل ما في السورة على حقيقة "وجوب اتباع كتبِ الله وآياتِه ورسلِه الداعيةِ للتوحيدِ والشكرِ لله سبحانه بعزيمة دون توانٍ ولا تردد ولا استكبار" حيث بينت قصتهُم وقوعَ بأس الله في المكذبين بآيات الله وكتبه المستكبرين المغترين بالجمع للدنيا، المتبعين لأولياء من دون الله كالشيطانِ والملأ المستكبرين عن آيات الله التي جاء بها الرسل ، ونجاةَ المؤمنين بكتب الله وآياته ورسله وأمانَهم من بأسه تعالى[3]، وعلى أنَّ من توانى وضعفت همته في التمسك بآيات الله بحيث تساوت حسناته وسيئاته يوقف على الأعراف، وكأنه يقول: اجتهد[4] أن تكون ممن ثقلت موازينه بالإيمان بكتب الله و آياته ورسله والتوحيد والشكر والسير على طريق الرسل، ولا تكن مع الذين استكبروا عن آيات الله وألهاهم الجمع للدنيا و خفت موازينهم بالكفر والعصيان، أو ممن يوقف على الأعراف[5].
جاء في التناسق الموضوعي في سورة الأعراف:" فبدأت السورة بالصراع بين آدم وإبليس مع بدء الخليقة، وأتبعته بالحوار بين أهل الجنة وأهل النار ، وكأن المعنى: هذه هي نتيجة الصراع: فريق في الجنة وفريق في السعير، وبعد ذلك يظهر الصراع في تاريخ البشرية بين كل نبي وقومه، ويظهر أن نهاية الصراع دائمًا هي هلاك الظالمين بسبب فسادهم".[6]

  1. والاسم دال على إقامة غاية العدل في الآخرة كما أقامه سبحانه في الدنيا، وأنه توزن الأعمال هناك ويجازى كل إنسان بعلمه ، فينقسم الناس ثلاثة أقسام ، وهذا هو التقسيم العادل الذي لا يكون إلا من الله ، وهو أنه بعد أن توزن السيئات والحسنات بميزان الله تعالى وهو الوزن يومئذ بالقسط ، منهم من ترجح حسناته فيكون للجنة ، ومنهم من ترجح سيئاته فيكون في النار وبئس المهاد ، ومنهم من لم يرجَح ميزانه، { وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) }.
[h=1]5)المبحث الخامس: دلالة الألفاظ والتراكيب التي انفردت بها السورة أو كثر دورها في السورة على مقصودها، وفيه مطلبان:[/h][h=2]أ-المطلب الأول: الكلمات والتراكيب التي انفردت بها السورة:[/h]تميزت السورة بعدد من الأمور تؤكد المحور المذكور، ومن ذلك الألفاظ والتراكيب التي انفردت بها :


  1. انفردت بوصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأمي مرتين:{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158}.
وقد وردت الأمية وصفًا للعرب في غير هذه السورة، لكنها لم تأت وصفًا للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا في هذه السورة، وفي هذا الوصف إعجاز للرسالة المحمدية ، فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن بمقدوره الاطلاع على كتب اليهود والنصارى ولا غيرها، بل إن الوحي نزل بتصحيح أساطيرهم وخرافاتهم وانحرافاتهم، فهذه الصفة وإن كانت لغيره ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذمٌّ فهي في حقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ مدحٌ ، وفي تكرارها تأكيد على الإعجاز ،فظهور العلوم السماوية له من أعظم المعجزات لا سيما ما أخبر به من التفصيلات في هذه السورة ، وهذا يتفق تمامًا مع ما جاء في مقصود السورة:" وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ".

  1. تفصيل قصة أصحاب السبت ،وانقسام الناس فيها إلى ثلاثة أقسام ، وهذا الخبر لم يكن يعلمه إلا علماء بني إسرائيل وليس مما كُتب في توراة اليهود ولا في كتب أنبيائهم ، ولكنها مما كان مروياً عن أحبارهم ؛ لذلك بدأت القصةُ بقوله تعالى:{ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ }وهذا علم من أعلام نبوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ توجب اتباعه واتباع ما جاء به ، و يتناسب تمامًا مع ما جاء في مقصود السورة:" وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ".
وفي ذكر عذابهم ومسخهم قردة ما يتناسب مع ما جاء في مقصود السورة" وإنذار من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين".
وفي ذكر نجاة الذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر مع السكوت عن جزاء الساكتين ما يتناسب مع ما جاء في مقصود السورة من:" حثّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج ".

  1. ومما انفردت به السورة في قصة آدم عليه السلام وإبليس:

  1. لفظ {فدلاهما} في معرض بيان إغواء إبليس لآدم وحواء: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22)}.
  2. وقول إبليس: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}.
  3. وانفردت بذكر قسم إبليس: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)}[7].
  4. وانفردت بإيراد كلمة {مَذْءُومًا}[8]: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18)} [الأعراف:18].
  5. ومعاتبة الله تعالى لآدم واعتذار آدم عليه السلام: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ (22) قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)}
  6. أربعة نداءات إلهية، وهي النداءات الوحيدة التي نودي بها الناس جميعًا في القرآن الكريم بوصف البنوة لآدم، وقد جاءت هذه النداءات عقب قصة آدم وإبليس ، وهي:

  1. قوله تعالى {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)}
  2. {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} (27)} [الأعراف:27،26]
  3. {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31].
  4. {يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأعراف:36] [9] .

  • ومما انفردت به السورة وقد جاء بعد قصة آدم {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}، من قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)} [10].

  1. و هذا الذي ذكر في قصة آدم عليه السلام وإبليس يدل على ما جاء في مقصود السورة "وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر و اتبع أولياء من دون الله " كما يدل عليه دلالة واضحة قوله تعالى تعليقًا على قصة آدم عليه السلام: { يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الأعراف:36]، وقوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.
  2. ويدل أيضًا على "إنذار من اتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى" وأسوأ هؤلاء الأولياء إبليس الذي استكبر عن أمر الله فطرد مذءومًا مدحورًا فينبغي ألا نستكبر كما استكبر، والذي أغوى أبانا آدم وأمنا حواء وأخرجهما من الجنة ودلاهما بغرور، وغرهما بقسمه، وسبب نزع الكرامة واللباس عنهما، فينبغي ألا يفتننا كما فتنهما.
  3. وفيها الترغيب بالتوبة لمن عصى وزل، ويؤيد الترغيب بالتوبة أنَّ مما انفردت به السورة صيغة أنت خير الغافرين :{ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)}التي جاءت في معرض توبة بني إسرائيل من عبادة العجل، ففيها الحث على الرجوع والتوبة إلى الله تعالى من عبادة غيره .
  4. و يدل قوله تعالى: { يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)}على وجوب شكر نعم الله تعالى والتحلي بالتقوى، وإذا تأملت هذه النداءات الأربعة وجدتها ملخصة لمقصود السورة.

  1. ومما انفردت به السورة ألفاظ تدل على نعم الله تعالى على عبيده:

  1. {ريشًا}[11]في قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف:26].
  2. {حثيثًا}[12] في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54].
  3. {سهولها}في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الأعراف:74].

  • {انبجست} في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)}[13] .

وهذا كله يشير لمقصود السورة:"وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ"، " ففيها تذكير بنعم الله تعالى، وذلك لنتوصل إلى شكره سبحانه، وشكره بأن يعبد فلا يشرك معه أحد".

  1. ومما انفردت به السورة التفصيل في قصة طلب سيدنا موسى رؤية الله تعالى وكلامه مع الله تعالى، وفي المقابل انفردت بكلمة {صامتون}[14] حيث جاءت في معرض عجز الآلهة: {وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}[الأعراف:193].
فقصة سيدنا موسى في طلبه رؤية الله كما قال البقاعي: " تبكيت على قومه في عبادتهم العجل، وردع لهم عن ذلك، وتنبيه لهم على أن الإلهية مقرونة بالعظمة والكبر بعيدة جداً عن ذوي الأجسام ؛لما يعلم سبحانه من أنهم سيكررون عبادة الأصنام ، فأثبت للإله الحق الكلام والتردي عن الرؤية بحجاب الكبر والعظمة، واندكاك الجبل عند تجليه ونصب الشرع الهادي إلى أقوم سبيل تعريضاً بالعجل ، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى : { ألم يروا أنه لا يكلمهم } الآية "[15]، فالقصة مقررة لأمر التوحيد وأنه سبحانه المستحق لأن يعبد؛ لأنه الذي يهدي عباده بما يكلم رسله وبما ينزل عليهم من الهدايات دون الآلهة الصامتة التي لا تكلمهم ولا تهديهم سبيلًا، وفي القصة تقرير وتأكيد لنبوة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنزال القرآن عليه بإثبات نظيرها لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

  1. مما انفردت به السورة في معرض الكلام على استكبار فرعون وأتباعه عن آيات الله وعدم إيمانهم واستجابتهم لها:

  1. كلمة {مهما}[16]: في قوله تعالى:{ وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }[الأعراف:132][17].
  2. تفصيل الآيات التسع التي هي دلائل على صدق سيدنا موسى وفي الوقت نفسه عذاب ووبال عليهم: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)}، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}.
  3. لفظتا {القمل[18] والضفادع} في قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ} [الأعراف:133].
فلفظة {مهما}والآيات والعقوبات التي حلت بهم قد جاءت في سياق تكذيب فرعون و قومه لسيدنا موسى ـ عليه السلام ـ وبالآيات الكثيرة التي جاء بها ، وأنهم استكبروا ورفضوا ما جاءهم عن الله تعالى من الآيات، وقالوا { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} ، وفي سياق اتباع قومِ فرعونَ فرعونَ وملأه المستكبرين ، وعنادهم أشد العناد، فحل بهم عذابه سبحانه وسخطه ، وهذا يشير لمقصود السورة "وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين ".

  1. ومما انفردت به السورة في معرض الكلام على عدمِ ثبات بني إسرائيل، وعبادتِهم للعجل، وعدمِ عملهم بالتوراة:

  • {يجره}: {وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}. [الأعراف:150].
  • {تُشْمِتْ}: {وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:150].
  • {سَكَتَ}: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)} [آية:154].
  • {نتقنا}[19]:{ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأعراف:171].
  • ذكر اختيار موسى ـ عليه السلام ـ من قومه سبعين رجلًا لميقات ربه.
  • تفردت السورة بذكر قصة الذي آتاه الله آياته، فانسلخ منها، وضرب المثل له بما تعافه النفوس السوية تحذير من أن يكون الإنسان مثله.
ففي قصة عبادة بني إسرائيل العجل وما فعل سيدنا موسى عليه السلام معهم من الإنكار الشديد عليهم وعقوبته لهم ـ بيان عقوبة من لم يثبت على المنهج بعد معرفة الحق.
وفي نتق الجبل فوقهم بعدما تباطؤوا في تنفيذ أحكام التوراة تحذير للمؤمنين من ذلك، وكذلك قصة الذي انسلخ من آيات الله، وفي هذا ما يتناسب ويشير لجزء من مقصود السورة وهو: "الذكرى العظيمةُ النافعةُ المؤثرةُ للمؤمنين المتبعين لكتب الله ورسله، والتثبيت لهم مع تحذيرهم من الضلالِ بعدَ الهدايةِ وكفرانِ النعمةِ وعدمِ الصبر، وحثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى".

  1. ومما انفردت به السورة {نكدًا}في قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }[الأعراف:58].
{نكدًا}: حال من فاعل{لا يخرج}أي: البلد الذي خبث لا يخرج نباته إلا في تعسر وكدٍّ وعناء وكلفة قليلًا خاسًّا لا خير فيه ، ولا نفع فيه ولا بركة ،ضعيف المنفعة ،قال ابن الجوزي: " قال المفسرون: هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر فالمؤمن إذا سمع القرآن وعقله انتفع به وبان أثره عليه، فشُبِّه بالبلد الطيب الذي يُمرع ويُخصب ويحسن أثر المطر عليه وعكسه الكافر".[20]ويدل عليه أن قصص الأنبياء مع أقوامهم ذكرت بعدها مباشرة، كأنما هذه الآية ملخصة لما سيحدث في دعوة الأنبياء من وجود المؤمن والكافر، وتمثيل للذين استجابوا لآيات الله ورسله والذين لم يستجيبوا وهذا فيه غاية الترغيب والترهيب المؤيد والمشير لمقصود السورة السابق.
[h=1]ب ـ المطلب الثاني: الكلمات التي كثرت في هذه السورة.[/h]
  1. هي أكثر سورة في القرآن وردت فيها لفظة {آياتنا} وعبارة {كذبوا بآياتنا}:

  • {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)}.
  • {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)}.
  • {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.
  • {الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)}.
  • {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64) }.
  • {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}.
  • {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)}.
  • { فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)}.
  • { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)}.
  • { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)}.
  • { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}.
  • { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)}.
  • { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)}[21].

  1. هي أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (رسالات) العائدة على الله تعالى:

  • {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}.
  • { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93}.
  • {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144)}.
  • { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)}.

  1. هي الوحيدة التي ذكر فيها (ألواح موسى) التي فصل الله تعالى فيها آياته وأحكامه، وكل ذلك يؤكد المحور المذكور[22]:

  • { كَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)}.
  • { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)}.
  • { وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)}.

  1. أكثر سورة ورد فيها مادة (ن، ص، ح) هي سورة الأعراف وردت فيها :

  • { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)}وهي الموضع الوحيد الذي ذكر فيه قسم إبليس لآدم على كونه ناصحًا}[الأعراف:22،21].
  • { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }[الأعراف:62]
  • { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ }[الأعراف:68].
  • { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ }[الأعراف:79].
وردت خمس مرات في حين وردت في التوبة مرة (91)، وفي يوسف مرة (11)، وفي القصص مرتين (12)، (20)[23].
جاء في التناسق الموضوعي في سورة الأعراف: "قد سيقت وصيغت معظم آيات السورة في إطار النصح، وكانت هذه خصيصة اختصت بها السورة، ولا توجد في سورة أخرى بقدر ما توجد فيها".[24]
وفي تكرار بآياتنا في هذه السورة أكثر من غيرها ، وفي معظمها بيان تكذيبهم وظلمهم واستكبارهم وجحودهم وغفلتهم وانسلاخهم عن الآيات ثم بيان جزائهم بالهلاك والخسران، { بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ}،{ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا}،{ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}،{ فَظَلَمُوا بِهَا}،{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ}،{ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا}،إلا في قوله تعالى:{ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}، وكذلك كون سورة الأعراف السورة الوحيدة التي ذكر فيها (ألواح موسى)في كل هذا بيان لمقصود السورة:" وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين"، وكذلك كون سورة الأعراف أكثر سورة ذكر فيها (رسالات) العائدة على الله تعالى ، وأكثر سورة ورد فيها مادة (ن، ص، ح)يؤكد هذا المقصود للسورة ويزيد أن فيه "، حثّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج " كما فعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.


  1. سورة الأعراف أكثر سورة في القرآن وردت فيها لفظة (بأسنا) بالضمير العائد على الله تعالى:
{ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5)}.
{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98)}.
وجاء في السورة التحذير من بأس الله تعالى في قوله تعالى:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94)}.
{ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165)}.

  1. هي أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (استكبروا) انظر الآيات:
{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)}.
{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)}.
{ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)}.
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}.
{ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}.
ولاحظ الآيات: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)}
{ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146)}
{ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}.
وكون سورة الأعراف أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظة (بأسنا)، وهي أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (استكبروا) يدل ويؤكد ويتناسب مع مقصود السورة:" إنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى".
وبما سبق نقرر مطمئنين أن مقصود السورة ما ذكرناه:
"وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين، وحثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج ".
[h=1]1)المبحث السادس: العلاقة بين سورة الأعراف والأنعام يشير لمقصود السورة.[/h][h=1] اذكر بعض العلاقات بين السورتين لا سيما في بين خاتمة الأنعام والأعراف، لأن السورة الأولى عادة في القرآن تمهد للسورة الثانية في خاتمتها وتشير لموضوعها كما هو واضح في سور كثيرة، وانظر مثلًا خاتمة المائدة وتمهيدها لسورة الأنعام كما تقدم.[/h]
  1. في سورة الأنعام بعد الوصايا العشر :{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}ثم يقول سبحانه { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}فهذا تأكيد من الله عز وجل لهذه الأمة بعدم الحيدة عن منهج الكتاب الذي أنزله الله ، ثم جاءت سورة الأعراف لتؤكد في مطلعها على ضرورة اتباع منهج الله تعلى وتبليغه للناس ولو كان في تبلغيه حرجٌ وصدٌّ من أولئك المتجبرين الذين وقفوا حجر عثرة في وجوه الرسل ، لا بد من اتباعه ؛لأنه منهج الله عز وجل فإن لم يتبع وابتكر الناس لأنفسهم منهجًا جديدًا ابتعد بهم عن صراط الله سبحانه.
قال الآلوسي: "وأما وجه ارتباط أول هذه السورة بآخر الأولى فهو أنه قد تقدم: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 153] {وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام: 155] وافتتح هذه بالأمر باتباع الكتاب"[25].

  1. هناك علاقة وثيقة بين قولِه تعالى:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ (165)}،وبين :{ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10)}،وتصديرِ سورة الأعراف بخلق آدم عليه السلام وجعله خليفة في الأرض: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)}.
  2. هناك علاقة وثيقة بين {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}في ختام سورة الأنعام، وبين مضمون سورة الأعراف فهي كالشرح والاستدلال على ما ختم به الأنعام من سرعة العقاب وعموم المغفرة والرحمة و البر والثواب[26]، قال ابن عجيبة: " مضمنها الحث على اتباع ما أنزله على نبيه من التوحيد والأحكام، والتحذير من مخالفته ومتابعة الشيطان ، وذكر وبال من تبعه من القرون الماضية ، وما لحقهم من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة ، تتميما لقوله : { إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم } [ الأنعام : 165 ] ". [27]
  3. "لما تقدم {ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ} [الأنعام:159]، {ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [الأنعام: 108] قال جل شأنه في مفتتح هذه: {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ} [الأعراف: 6] إلخ وذلك من شرح التنبئة المذكورة"[28].
  4. "لما قال سبحانه: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ} [الأنعام:160] الآيةَ، وذلك لا يظهر إلا في الميزان افتتح هذه بذكر الوزن فقال عز من قائل:{ وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} [الأعراف: 8] ثم بذكر مَنْ ثقلت موازينه وهو من زادت حسناته على سيئاته، ثم مَنْ خفت وهو على العكس ثم ذكر سبحانه بعد أصحاب الأعراف وهم ...من استوت حسناتهم وسيئاته".[29]
وأنت إذا تأملت هذه المناسبات ونظرت لمقصود السورة وجدتها مشيرة بغاية الوضوح لمقصود السورة لا سيما قوله تعالى : { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)}، { وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}، فهذا مشير لجزء من مقصود السورة " وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ" وكذلك قوله تعالى في خاتمة سورة الأنعام:{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}فهو مشير بوضوح لجزء من مقصود السورة:" إنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين" .
[h=1]2)المبحث السابع: دلالة موضوعات السورة على مقصود السورة:[/h]قد أجاد الدكتور عمر عرفات في بيان دلالة موضوعات سورة الأعراف على مقصودها، وسأنقل ما قاله لأنه في غاية الإتقان مع زيادة تعليقات في الهامش، ونوع مخالفة في مقصود السورة:
قال: "من الممكن أن تقسم السورة إلى أربعة أقسام:

  1. أولًا مقدمة تدعو إلى الإيمان بما تحذر به آيات القرآن العظيم من الحساب في اليوم الآخر.
  2. ثانيًا: عرض قصصي لمسيرة العقيدة التي جاء بها الرسل منذ آدم عليه السلام إلى سيدنا موسى مع بني إسرائيل، مع بيان عاقبة المؤمنين وعاقبة المكذبين بهذه الآيات.
  3. ثالثًا: تعقيب بذكر أدلة عقلية على عقيدة التوحيد ومحذرة من الكفر بآيات الله ومن الشرك.
  4. رابعًا: خاتمة مؤكدة لما سبق[30] .
أولًا: جاءت مقدمة السورة داعية إلى الإيمان بالقرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم [31]، كونه آخر آخر الآيات التي أنزلها الله على الأنبياء والرسل{المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}ومحذرة من عقوبة من لم يؤمن بآيات الله يوم القيامة ، واللافت للنظر أنك تجد قوله تعالى {وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (5}المحذرة من بأس الله ، وتجد فيها أيضًا أن سبب الخسران في يوم القيامة هو {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)}وهذا يؤكد المحور المذكور، فإنه يحذر من بأس الله تعالى في المكذبين الذين سيبين مشهد الأعراف حقيقة وقوع بأس الله بهم.
ثانيًا: انتقل السياق إلى عرض مسيرة عقيدة التوحيد، فابتدأ السياق بقصة آدم عليه السلام ، وهي قصة منسجمة تمامًا مع التحذير من العقوبة الأخروية ؛ لأنه عليه السلام يمثل البداية للبشر، ويوم القيامة يمثل نهاية مطافهم، من أجل ذلك عرض مشهد الأعراف الذي يبين حقيقة وقوع بأس الله يوم القيامة بمن استكبر عن آياته، ونجاة المؤمنين بهذه الآيات قبل التفصيل في عرض مسيرة العقيدة بذكر نوح عليه السلام بداية وإلى موسى عليه السلام نهاية ، واللافت أنك تجد في القصة تركيزًا على تكبر إبليس عن الأمر الإلهي بتفصيل لا تجده في سورة أخرى من القرآن الكريم ، ولاحظ قوله تعالى { قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13)} وذلك ملائم لمحور السورة ، فإبليس أول المتكبرين ، وهو أكبر داع إلى التكبر عن آيات الله تعالى ، وسيبين مشهد الأعراف مصير هؤلاء المتكبرين.
ولاحظ في التعقيب على القصة قوله تعالى المحذر من الاستكبار عن آيات الله تعالى{34) يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ}، وفيه تصريح بالدعوة إلى الإيمان بآيات الله تعالى ورسله عدم التكبر عنها.
ثم انتقل السياق إلى مشهد أخروي يبرز حقيقة وقوع بأس الله في المكذبين والمستكبرين عن آياته { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}وحقيقة أمان المؤمنين من بأس الله تعالى ، وأن الذي نجاهم إيمانهم بآيات الله تعالى ورسله { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42) وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)}[32].
ويأتي مشهد الأعراف ليؤكد هذه الحقيقة بأجلى صورة، فلاحظ قوله تعالى عن المستكبرين والكافرين { وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ (45)}ولاحظ كيف حاق بهم بأس الله تعالى{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51)}بينما نجا أهل الأعراف من بأس الله تعالى بسبب إيمانهم:{ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)} فإذًا، اسم السورة " الأعراف" ودلالاته يطلعنا على حقيقة وقوع بأس الله في المكذبين المستكبرين عن آيات الله ورسله، ونجاة المؤمنين من ذلك البأس، فلننظر مدى الترابط بين ذلك وباقي موضوعات السورة [33].
ثم انتقل السياق إلى ذكر بعض الأدلة العقلية على التوحيد، وفي ذكر هذه الأدلة مزيد دعوة إلى تعظيم الآيات التي أنزلها الخالق العظيم على رسله عليهم السلام ، فالله تعالى الذي يغشي الليل النهار ، وسخر الشمس والقمر والنجوم، وأرسل الرياح بشرًا ، وأنزل من السماء ماء فأحيا به بلدة ميتًا، كذلك يخرج الموتى ، وتتناسب هذه الأدلة مع دلالات اسم السورة من جهتين : فالتوحيد هو الأصل الأعظم الذي تدعو إليه رسل الله وآياته، وقد بين مشهد الأعراف مصير من آمن وكذب بالآيات والرسل، ثم إن ذكر قدرة الله على إحياء الموتى يثبت حقيقة مشهد الأعراف الأخروي[34].
ثم انتقل سياق السورة إلى قصة نوح عليه السلام ، فتجد فيها الدعوة إلى الإيمان برسالات الله {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}، ثم لاحظ التركيز على موقف الملأ المتكبرين { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)}، ثم لاحظ التركيز على موقف الملأ المتكبرين { قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60)}وتجد فيها التحذير من بأس الله الذي حاق بالمكذبين، ونجاة المؤمنين {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (64)}وقد فصل مشهد الأعراف حقيقة وقوع بأس الله تعالى في المتكبرين يوم القيامة، ونجاة المؤمنين في ذلك اليوم.
ثم تأتي قصة هود عليه السلام ، فتجد فيها الدعوة إلى الإيمان{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65)}وتجد فيها التركيز على موقف الملأ المتكبرين أيضًا { قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66)}وتجد فيها أيضًا أن بأس الله تعالى قد حاق بالمكذبين ، ونجاة المؤمنين {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)}ثم تأتي قصة صالح عليه السلام ، فتجد فيها أيضًا بيان موقف المستكبرين عن آيات الله تعالى {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76) }وتجد بأس الله تعالى قد حاق بهم بسبب تكذيبهم {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (79)} ثم تأتي قصة لوط عليه السلام ، فتجد فيها أيضًا عرض موقفهم المتكبر{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82)} وتجد فيها نجاة المؤمنين ، وبأس الله قد نزل بالمجرمين{ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)}ثم تأتي قصة شعيب عليه السلام ، فتجد فيها الدعوة إلى الإيمان بآياته الله { وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ}وتجد فيها موقف المستكبرين{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ (88)}وتجد فيها بأس الله ومكره قد حاق بهم بسبب كفرهم برسالات الله : { فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (93)}فأنت تلاحظ أن كل هذه القصص حوت تركيزًا على موقف المستكبرين والمكذبين وبيان كيف حاق بهم بأس الله تعالى ، وتركيزًا على نجاة المؤمنين من ذلك البأس، وذلك متناسق أشد التناسق مع مشهد الأعراف الذي أكد كل ذلك في اليوم الآخر بالتفصيل.
ثم يأتي التعقيب الإلهي على هذه القصص محذرًا من بأس الله تعالى ومَكْره لمن كذب، ومثبتًا قانونًا ربانيًا يقي المؤمن من ذلك {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)}[35].
ثم تأتي قصة موسى عليه السلام مع فرعون، وقد امتازت قصته في هذه السورة بعدة أمور تؤكد المحور الذي ذكرته، وتتلاءم مع اسم السورة "الأعراف" بدلالاته المذكورة:
فقد عرضت الموقف المستكبر لفرعون وملئه{قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)} ، ومن ذلك أنها فصلت قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112)في عرض الآيات التسع التي أيد الله تعالى بها موسى عليه السلام ولا تجد ذلك في سورة أخرى من القرآن ، وعرضت الموقف المستكبر لفرعون وملئه منها{وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133)}، وانظر ماذا كان سبب غرقهم {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136)} فالتركيز على موقف المستكبرين والمتكبرين مهيمن على سياق القصة.
أما فيما يتعلق بقصة موسى عليه السلام مع قومه من بني إسرائيل فتجد فيها أمورًا قد انفردت هذه السورة بعرضها، وهي متناسقة مع المحور المذكور ودلالات اسم السورة، من ذلك:
ذكر طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام آلهة يعبدونها بعدما مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، فكان هذا المشهد عرضًا لموقفهم من آيات الله تعالى مع فرعون وقومه التي رأوها بأم أعينهم، ثم كانت النتيجة أنهم أرادوا عبادة إله غيره! ولم يكد موسى عليه السلام يفارقهم حتى اتخذوا العجل إلهًا من بعده، وانظر كيف نزل بهم بأس الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (152)}ومن ذلك طلب موسى عليه السلام رؤية الله تعالى عز وجل، واصطفاء موسى سبعين رجلًا لميقات الله تعالى، فأخذتهم الرجفة ، وبمقارنة بسيطة بين هذين الأمرين نجد أن موسى عليه السلام قد قال حينما أفاق{فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (143)}، وأما بنو إسرائيل فقد أصروا على الكفر حتى يروا الله جهرة ، فأخذتهم الرجفة ، فشتان بين مقولة موسى عليه السلام ، وبين موقف قومه.
ومن ذلك التركيز على أهمية الإيمان برسالات الله إلى موسى عليه السلام {قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)}ولاحظ قوله تعالى في المتكبرين والمكذبين بتلك الآيات قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145){ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (146) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147)}
وفي سياق ذلك تأتي دعوة إلى الإيمان برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كونه يمثل نهاية العرض التاريخي لمسيرة العقيدة التي جاءت بها آيات الله تعالى المنزلة على رسله ، فانظر قوله تعالى المؤكد لمحور السورة {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158)} كما وأن الدعوة إلى الإيمان بالله ورسوله مؤكد لما ذكرته المقدمة من الدعوة إلى الإيمان بالقرآن والتحذير من العقاب يوم القيامة لمن كفر.
ومن ذلك التفصيل في مخالفتهم يوم السبت وإنكارهم على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، هذا أيضًا موقف مشين لبني إسرائيل من آيات الله تعالى، ثم تجد أن الله تعالى قد أنزل بهم بأسه فمسخهم قردة وخنازير، فأنت تجد أن السياق يركز على المواقف المشينة لبني إسرائيل بعدما رأوا من آيات الله ما رأوا ، لكنهم أصروا على الاستكبار والكفر ، وفي كل مرة ينالون قسطًا من بأس الله ، ولا يخفى ترابط ذلك مع اسم السورة " الأعراف" ودلالاته المذكورة.
ثالثًا: انتقل السياق إلى التحذير العام لبني إسرائيل من الشرك والدعوة إلى نبذه والالتزام بالتوحيد أصل الرسالة الإلهية ، مع ذكر مصير أحد الذين اتبعوا هواهم وانسلخوا من آيات الله ، فقد حاق به بأس الله {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)} ثم عاد السياق إلى التأكيد على حقيقة الحساب الأخروي، مع ذكر أدلة عقلية تثبت هذه الحقيقة ، وتجد في سياق الحديث عن ذلك قوله تعالى المحذر من مكر الله تعالى وبأسه{ وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (181) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}[36].
رابعًا: جاء في الخاتمة[37]. تأكيد لما سبق ، فقد أعادت التحذير من الشرك بالله عز وجل ، باعتباره أكبر مظاهر التكذيب بآيات الله ، والتذكير بالتحذير من الشيطان وأعوانه، وتختم السورة بتعظيم آيات الله تعالى وبيان أنه ليس للنبي صلى الله عليه وسلم أي دور فيها سوى التلقي عن الله عز وجل ، والتحذير من التكذيب والاستكبار عن رسالته صلى الله عليه وسلم {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)}[38].
وبما ذكره الدكتور عمر عرفات يتضح أن مقصود السورة:" وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين، وحثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج ".
[h=1]3) المبحث الثامن: أقوال المفسرين في مقصود السورة: [/h]أقوال العلماء في مقصود السورة:
يمكن تقسيم أقوال العلماء في مقصود السورة إلى سبعة أقسام:
[h=1]أ-القسم الأول: قالوا: مقصود السورة "الإنذار والذكرى "وتفصيل ذلك أنَّ مقصود السورة: [/h][h=1]1.إنذارُ أهلِ القرى الذين أعرضوا عن آيات الله وتوحيده وشكره واستكبروا واتبعوا أولياء من دون الله ولم يتبعوا الرسل، وتوعدهم بعقوبةِ الدنيا والآخرة وغلبةِ الحق من خلال بسط أخبار الأمم المهلكَة المستأصلَةِ المكذبة للأنبياء الذين دعوهم وصبروا وتلطفوا في دعوتهم فلم يؤمن أكثرهم.[/h]
  1. وذكرى عظيمةٌ نافعة ٌمؤثرةٌ للمؤمنين بالاتباعِ والتمسكِ بالكتاب والقيامِ بما يجب وترك ما يجتنب، والبشرى لهم بغلبة الحق ونجاة المؤمنين ونصرهم و الفوز في الآخرة.
وقد لخصت السورة هذا في مقدمتها:{ وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}[الأعراف:4]، { قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ }[الأعراف:10]،{ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}[الأعراف:3].

اختاره هذا: البقاعي في أول كلامه، و أبو جعفر بن الزبير، والفراهي، وعادل أبو العلاء ، محمد عبد المنعم القيعي، والطباطبائي، و محمد باقر حجتي، و عبد الكريم الشيرازي، و عبد الله شحاتة،و جعفر شرف الدين ومحمد بن كمال الخطيب ، وعبد المتعال الصعيدي، و محمد المكي الناصري ،عمر حماد، وأحمد خير العمري.


  1. قال الطباطبائي في الميزان:" غرضها هو الإنذار والذكرى".[39]

  1. جاء في تفسير الكاشف/ محمد باقر حجتي، عبد الكريم شيرازي:" سورة الأعراف تدور حول التذكير والإنذار".[40]
  2. قال الفراهي: "سورة الأعراف: تنذر أهل القرى وتوعدهم بالهزم وغلبة الحق".[41]
  3. جاء في مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور:
وَقد ذكر الشَّيْخ الفراهي أَن عَمُود سُورَة الْأَعْرَاف هُوَ: "إنذار أهل الْقرى، وتوعُّدهم بالهزيمة، وغَلَبَة الْحق"، وَهَذَا حقٌّ، وَيدل عَلَيْهِ مَا سبق من كلامٍ فِي (ملامح السُّورَة) الَّتِي هِيَ ((قصُّ رحْلَة موكب الْإِيمَان حَامِلا العقيدة)، وَالَّتِي تستنبط من نتائج هَذِه الْقَصَص الْمَذْكُورَة فِيهَا، من نصر الله أنبياءه وَرُسُله، ودوران الدائرة على أعدائهم.. بداية من لعن الشَّيْطَان الرَّجِيم وتحقير شَأْنه، وَحَتَّى تَمْكِين الْمُسْتَضْعَفِينَ من بني إِسْرَائِيل فِي الأَرْض بعد دمار فِرْعَوْن وَجُنُوده.. فَهَذِهِ النهايات كلهَا تذكير لـ (أهل الْقرى) من مُشْركي مَكَّة، وَمن كل الطغاة من بعدهمْ بِأَن نور الله غَالب، وَأَن كَلمته هِيَ الْبَاقِيَة، وَأَن جنده هم المنصورون[42].

  1. قال أبو جعفر بن الزبير شيخ أبي حيان: مقصودها" بسط أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، والإعلام بصبر الرسل - عليهم السلام - عليهم وتلطفهم في دعائهم... وصرف الخطاب إلى تسليته عليه السلام وتثبيت فؤاده بذكر أحوال الأنبياء مع أممهم وأمر الخلق بالاعتبار بالأمم السالفة".[43]
  2. قال البقاعي في أول كلامه: "مقصودها إنذار من أعراض عما دعا إليه الكتاب في السورة الماضية: من التوحيد، والاجتماع على الخير، والوفاء لما قام على وجوبه من الدليل في الأنعام[44]، وتحذيره بقوارع الدارين، وأدل ما فيها على هذا المقصد أمر الأعراف فإن اعتقاده يتضمن الإشراف على الجنة والنار والوقوف على حقيقة ما فيها ،وما أعد لأهلها الداعي إلى امتثال كل خير واجتناب كل شر والاتعاظ بكل مرقق "[45].
  3. قال أ. د. محمد عبد المنعم القيعي:" مقصود سورة الأعراف: إنذار مَن أعرض عما دعا إليه الكتاب".[46]
  4. جاء في نظرة العجلان في أغراض القرآن: "سورة الأعراف تقوم على معنى الإنذار وتبليغ الدعوة وما في ذلك من حياة طيبة، وهذا هو موضوعها بدء وخاتمة وما بين ذلك".[47]


  1. قال عبد الله شحاتة ونقله عنه جعفر شرف الدين في "الموسوعة القرآنية، خصائص السور"[48]: موضوع السورة الرئيسي هو الإنذار، إنذار من يتولون غير الله ومن يكذبون بآيات الله ومن يستكبرون عن طاعة الله، ومن ينسون الله تعالى ومن لا يشكرون نعمته، إنذارهم هلاك الدنيا وعذاب الآخرة، ذلك فوق الخزي والهوان والنسيان[49].
  2. قال الدكتور عبد المتعال الصعيدي:" يقصد من سورة الأعراف ما يقصد بسورة الأنعام من دعوة المشركين إلى الإيمان إلا أن سورة الأنعام عني فيها غالبًا بأخذهم بالحجة والبرهان، وهذه عني فيها غالبًا بأخذهم بالترغيب والترهيب، فلهذا جاء معظمها في ذكر يوم القيامة وما أعد فيه للطائعين والعاصين، وفي حكاية أخبار الأولين مع أنبيائهم وما ابتلاهم الله تعالى من آيات العذاب جزاء عصيانهم...والسورة كلها سياق واحد في ذلك الغرض إلا أنه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

  1. أولها في تحذيرهم إجمالًا مما حصل للأمم السابقة التي عصت أنبيائها من عذاب الدنيا والآخرة وترغيبهم في الإيمان بما ذكره من وسائل الترغيب.
  2. ثانيها: في تفصيل ما حصل لتلك الأمم مع أنبيائهم أمة أمة.
  3. ثالثها: في أن ما حصل لتلك الأمم سيحصل مثله لهؤلاء المشركين وأنما يملي الله لهم ويستدرجهم من حيث لا يعلمون.[50]

  1. قال محمد المكي الناصري: "والطابع الغالب على هذه السور هو طابع الإنذار ، والوعيد بالهلاك والدمار ، لكل من يكذب بآيات الله ، ولا يشكر نعمة الله ، ويستكبر عن طاعة الله ، ويتولى غير الله ، كقوله تعالى : { وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون } ، وكقوله تعالى : { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ، أو آمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ، أفأمنوا مكر الله ، فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } وقوله تعالى : { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وكذلك نجزي المجرمين }.[51]
  2. قال الدكتور عمر حماد[52]: محور السورة: "تذَكَّرْ نِعَمَ الله عليك بأن تعبده وحده لا تشرك به شيئًا، قبل أن تنزل عليك نِقَمٌ من الله تعالى، وكن وليًا لله ولدينه، ولا تكن وليًا لمن حادَّ الله ورسوله، فكن مع الحق وأهله ولا تكن مع الباطل وأهله، وجاء التأكيد على هذا من خلال السرد التاريخي لمسيرة الصراع بين الحق والباطل".
  3. قال د.أحمد خير العمري :"إذا كانت سورة الأنعام عن علاقتك الشخصية بالله سبحانه فسورة الأعراف موضوعها عن علاقة المجتمعات به سبحانه".[53]
[h=1]ب-القسم الثاني: قالوا: سورة الأعراف تتناول حركة العقيدة في الأرض وقصتها في مواجهة الجاهلية على مدار التاريخ، وتفصيل ذلك أنَّ مقصود السورة: [/h][h=1]أنها تناول حركة عقيدة التوحيد وأصولها من خلال قصة وعاقبة سير الأنبياء وأقوامهم، ومواجهة الإيمان والكفر عبر رحلة البشرية منذ وجودها الأول ومسيرها الطويل إلى نهاية عودتها ورجوعها إلى الدار الآخرة، مع ذكر أسباب الضلال والانحراف عن الحق.[/h][h=1] والسورة تفصيل لقوله تعالى: { فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.[/h]اختاره: سيد قطب، ومحمد عبد العزيز الخضيري، و أحمد بن أحمد الطويل ، ومؤلفو التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم ،والمختصر في تفسير القرآن الكريم، و محمد حسين فضل الله،.

  1. جاء في المختصر في تفسير القرآن الكريم: "بيان سنة الصراع بين الإيمان والكفر وعاقبته من خلال عرض سِيَر الأنبياء وأقوامهم".[54]
  2. قال سيد قطب:" سورة الأعراف تتناول حركة هذه العقيدة في الأرض وقصتها في مواجهة الجاهلية على مدار التاريخ". [55]
  3. وقد اقتدى بسيد قطب مؤلفو التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم: حيث قالوا:
المحور الذي تدور حوله سورة الأعراف هو عقيدة التوحيد عبر رحلة البشرية منذ وجودها الأول ومسيرها الطويل، إلى نهاية عودتها ورجوعها إلى الدار الآخرة، فقد خلق الله تعالى آدم وزوجه وأسكنهما الجنة، وحذرهما من عدوهما الشيطان، ومن كيده ووسوسته، ثم بين كيف وسوس لهما الشيطان حتى أخرجهما من الجنة، فأهبطا إلى الأرض، وبدأت رحلة البشرية ثم ينتقل إلى قصص الأنبياء".[56]
ثم قالوا "موضوع سورة الأعراف: سورة الأعراف مكية موضوعها العقيدة كشأن السور المكية، لكن هذه السورة تتحدث عن العقيدة في تاريخها البعيد الضارب في عمق التاريخ إلى مبدأ الوجود البشري وتسير مع هذا التاريخ عبر رسالات الرسل والأنبياء، ودعوتهم أقوامهم، ورد أقوامهم عليهم، مرورًا بنوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب عليهم الصلاة والسلام، وانتهاء بموسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ وما لقي من قومه فالسورة وهي تعالج موضوع العقيدة كذلك - تأخذ طريقًا آخر، وتعرض موضوعها في مجال آخر.. إنها تعرضه في مجال التاريخ البشري.. في مجال رحلة البشرية كلها مبتدئة بالجنة والملأ الأعلى، وعائدة إلى النقطة التي انطلقت منها.. وفي هذا المدى المتطاول تعرض «موكب الإيمان» من لدن آدم - عليه السلام - إلى محمد - عليه الصلاة والسلام - تعرض هذا الموكب الكريم يحمل هذه العقيدة ويمضي بها على مدار التاريخ. يواجه بها البشرية جيلًا بعد جيل، وقبيلًا بعد قبيل .
ويرسم سياق السورة في تتابعه: كيف استقبلت البشرية هذا الموكب وما معه من الهدى؟ كيف خاطبها هذا الموكب وكيف جاوبته؟ كيف وقف الملأ منها لهذا الموكب بالمرصاد وكيف تخطى هذا الموكب أرصادها ومضى في طريقه إلى اللّه؟ وكيف كانت عاقبة المكذبين وعاقبة المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة..
إنها رحلة طويلة طويلة .. ولكن السورة تقطعها مرحلة مرحلة ، وتقف منها عند معظم المعالم البارزة ، في الطريق المرسوم. ملامحه واضحة، ومعالمه قائمة، ومبدؤه معلوم، ونهايته مرسومة.. والبشرية تخطو فيه بجموعها الحاشدة. ثم تقطعه راجعة.. إلى حيث بدأت رحلتها في الملأ الأعلى"[57] وحين نستعرض السور نجد آياتها من مبدئها إلى منتهاها تدور حول هذا الموضوع وتعالجه، وتشكل كل آية أو مقطع من مقاطع السورة لبنة في بنائه المحكم المتين".[58]

  1. جاء في كتاب محتويات سور القرآن: سورة الأعراف تعالج موضوع العقيدة والتوحيد في رحلة الرسل الكرام مع التاريخ البشري الطويل، رحلة الموكب الإيماني مع رسل الله الكرام، الذي يبدأ من لدن آدم إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.... ثم قال " اشتملت سورة الأعراف على مقاصد السور المكية، وهي إقامة الأدلة على وحدانية الله تعالى، وعلى صدق محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى أن يوم القيامة حق لا ريب فيه[59].
  2. قال محمد حسين فضل الله:" لعل الميزة الغالبة لهذه السورة ولأمثالها من السور المكية ، أنها تتناول شؤون العقيدة وأصولها ، من توحيد الله في الفكر والتشريع والعبادة ، وشؤون الرسالة والرسول ، في حركة الحياة معهما في ساحة الصراع الفكري والعملي . . . وفي منطلقات الجهاد ، وحديث القيامة في أجواء الوقوف بين يدي الله في عالم الثواب والعقاب ؛ لأن هذه القضايا هي التي تمثّل الأسس الفكرية العقيدية التي يرتكز عليها الإسلام في عقيدته من حيث ذاته ، وتنطلق منها الشخصية الإسلامية للإنسان المسلم في بنيانه الفكري والروحي . . . وكل ما عداها فهو فروع وهوامش".[60]
  3. قال د. محمد عبد العزيز الخضيري: جاءت لإقرار التوحيد ومنابذة الشرك وبيان أهمية الاعتقاد من خلال العرض التاريخي، فهي سورة تستعرض تاريخ البشرية كلها منذ أن خلق الله تعالى آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهذه السورة تركز على أسباب الضلال: كالكبر، والشيطان، ومتابعة الآباء، ومسايرة البيئة والمشي مع الناس كيف فعلوا أفعل، وحب الدنيا ..فهذه السورة متخصصة في ذكر أسباب الغواية والانحراف عن الحق.[61]
[h=1]ت-القسم الثالث: وجوب اتباع هذا الكتاب المعجز المنزل وتعظيمه، وما فيه من الإيمان، والتوحيد، والتزكية، والشكر لنعم الله تعالى، وإنذار من كذب وأعرض عنها واتبع أولياء من دونه كالشيطان والملأ المستكبرين ـ بالعقوبة الدنيوية والأخروية من خلال عرض ما أصاب القرون المكذبة الماضية في التاريخ البشري وهم الأكثرون، وبيان نجاة من آمن من متبعي الرسل وهم القليلون.[/h]اختاره: البقاعي ثانيًا، وسعيد حوى، و ابن عجيبة، و عمر عرفات، و عبد الرحمن حبنكة، والسامرائي في التعبير القرآني،و معتوقة بنت محمد الحساني،و عبد البديع أبو هاشم.


  1. قال البقاعي بعد شرحه لمقدمة السورة:" فتحرر أن مقصود السورة الحث على اتباع الكتاب، وهو يتضمن الحث على اتباع الرسول والدلالة على التوحيد والقدرة على البعث ببيان الأفعال الهائلة في ابتداء الخلق وإهلاك الماضين إشارة إلى أن من لم يتبعه ويوحد - من أنزله على هذا الأسلوب الذي لا يستطاع، والمنهاج الذي وقفت دونه العقول والطباع، لما قام من الأدلة على توحيده بعجز من سواه عن أقواله وأفعاله - أوشك أن يعاجله قبل يوم البعث بعقاب مثل عقاب الأمم السالفة والقرون الخالية مع ما ادخر له في ذلك اليوم من سوء المنقلب وإظهار اثر الغضب".[62]
  2. قال سعيد حوى: "ولقد استقرت قصة آدم في سورة البقرة على قوله تعالى: { قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ }.. والناظر إلى سورة الأعراف يرى أنها تتألف من مقدمة، ثم قصة آدم، وبناء عليها، ثم قصص قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وقوم شعيب، ثم بناء عليها، ثم قصة موسى مع فرعون، ثم قصة بني إسرائيل بعد الخروج من مصر، ثم مواجهة مع بني إسرائيل، ومن تأمل هذه المعاني يجد باختصار أنها نماذج من الهدى الذي أنزله الله خلال العصور على أمم؛ وموقف هذه الأمم من هذا الهدى وما عوقبت به، وكل ذلك بمثابة درس لهذه الأمة، فالسورة تفصيل إذن لمحور خاص هو قوله تعالى:{ فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}[63].
وقال في موضع آخر:محورها: "فرْضية اتباع الهدى المنزل وعاقبة ذلك سلبًا أو إيجابيا.ً[64]

  1. قال د عمر عرفات: "سورة الدعوة إلى الإيمان بآيات الله التي عرضتها مسيرة العقيدة في التاريخ البشري، والتحذير من العقوبة الدنيوية والأخروية لمن كذب بها" [65].
وكان قد قال ملخصًا ما قال علماء التفسير والكاتبون في مقاصد السور:
"مقصودها إنذار من أعرض عما دعا إليه الكتاب في السورة الماضية ـ الأنعام ـ من التوحيد والاجتماع على الخير، وتحذيره بقوارع الدارين، وأدل ما فيها على هذا المقصد أمر الأعراف، فإن اعتقاده يتضمن الإشراف على الجنة والنار والوقوف على حقيقة ما فيهما، وهذا المحور متمثل في موضوعات السورة ،إذ تعرض مسيرة العقيدة في التاريخ البشري وموقف المؤمنين والمكذبين من الأقوام تجاهها .
ويمكن أن ينبني على الأقوال السابقة بالقول بأن محور السورة هو: الدعوة إلى الإيمان بآيات الله تعالى وتعظيمها من خلال عرض مسيرة العقيدة التي جاءت بها هذه الآيات عن طريق الرسل في التاريخ البشري، والتحذير من بأس الله في الدنيا والآخرة لمن كذب بها واستكبر عنها...هكذا نجد بعد التطواف في مواضيع السورة كلها أنها جاءت متضمنة هكذا نجد بعد التطواف في مواضيع السورة كلها أنها جاءت متضمنة لموضوعين يمثلان محور السورة: 1) تعظيم آيات الله التي عرضتها مسيرة العقيدة في التاريخ البشري، والدعوة إلى الإيمان بها 2) وبيان نجاة من آمن ، والتحذير من بأس الله لمن كذب بها واستكبر عنها.[66]

  1. قال ابن عجيبة: " مضمَّنها الحثُّ على اتباع ما أنزله على نبيه من التوحيد والأحكام، والتحذير من مخالفته ومتابعة الشيطان ، وذكر وبال من تبعه من القرون الماضية ، وما لحقهم من الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة ، تتميما لقوله : { إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم } [ الأنعام : 165 ] "[67].
  2. قال الشيخ عبد الرحمن حبنكة: يمكن وضع العنوان التالي لموضوع سورة "الأعراف": مطلوب الله تعالى من عباده في رحلة امتحانهم أن يتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم، وتفصيلات تتعلق بهذا المطلوب، وقصة التاريخ الإنساني تجاه هذا المطلوب الرباني منذ خلق الله تعالى آدم وزوجته.
فيدور موضوع سورة" الأعراف" حول تاريخ الناس، آدم وزوجه وذراريهم ، تجاه ما يجب عليهم من اتباع ما أنزل إليهم من ربهم ، وما يحرم عليهم من اتباع أولياء من دونه ، وبيان ما أثبته الواقع من أن الناس قليلًا ما يتذكرون عبر التاريخ البشري".[68]

  1. قال الدكتور عبد البديع أبو هاشم: قال هدف السورة التركيز على أن القرآن دستور الحلال والحرام، فلا تحرم إلا ما جاء في القرآن والسنة أنه حرام ولا تحل إلا ما جاء في القرآن والسنة من حلال ، وأنه ينبغي أن تكون أعرافكم من خلال شريعة الله تعالى[69] .
  2. جاء في التناسق الموضوعي في سورة الأعراف:" السورة الكريمة مقصدها أن يحقق البشر بعزم وإرادة منهج الله القويم، وأن يسعى البشر إلى خلافة هذه الأرض على مُثُلٍ عليا من التوحيد والتزكية والعُمران.[70]
[h=2]ث-القسم الرابع قالوا: تشجيع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاة للدعوة ونهيهم عن ضيق الصدر والتحرج عما كان يلقى من المشركين من أنواع الأذى؛ لئلا يتوانَوا في التبليغ والإنذار، وبيان طرق الدعوة ومسؤوليتها بقص قصص الأنبياء الماضية، والقرون السالفة، وما كان مغبة تكذيبهم، وعاقبة صبر الأنبياء، تشجيعاً لهم، وتثبيتاً لقلبهم: {وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}.[/h]اختاره: الطيبي، ومحمد فاروق فارس الزين.

  1. قال الطيبي :" تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم والدعاة للدعوة ونهيهم عن ضيق الصدر والتحرج عما كان يلقى من المشركين من أنواع الأذى، لئلا يتوانوا في التبليغ والإنذار بقص قصص الأنبياء الماضية، والقرون السالفة، وما كان مغبة تكذيبهم، وعاقبة صبر الأنبياء، تشجيعاً لهم، وتثبيتاً لقلبهم: (وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)".[71]
  2. جاء في تفهيم القرآن العظيم (محاور السور وتكاملها وخلاصة معانيها):"تركيز السورة على موضوع الدعوة إلى الإسلام وطرقها وأسلوبها ومسؤوليتها، وخاصة لمن هم على معرفة ـ أصحاب الأعراف ـ وأن حرية الفكر والقدوة الحسنة تمهد الطريق لها، وأن الإيمان مغروس في بني آدم بالفطرة، سوى أن الاستكبار والإعجاب بالنفس يفسد الفطرة ويؤدي إلى التكذيب.[72]
[h=1]ج-القسم الخامس قالوا:تقصد سورة الأعراف إلى ما تقصد إليه كل السور المكية، وهو تقرير أصول الدعوة الإسلامية: توحيد الله تعالى في العبادة والتشريع، وتقرير البعث والجزاء، وتقرير الوحي والرسالة بوجه عام ، وتقرير رسالة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوجه خاص.[/h][h=1] وتلك هي أصول الدعوة الدينية التي كانت لأجلها جميع الرسالات الإلهية، وقد أجملت السورة دعوتها إلى هذه الأصول، إلى كل ما تضمنه القرآن الكريم في آية واحدة جاءت في أولها، وهي قوله تعالى :[/h][h=1]{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[الأعراف:3] طلبت اتباعهم ما أنزل إليهم ممن تولى تربيتهم خلقًا وتنمية ، وإرشادًا وهداية ، وقد شمل ذلك العقائد والأخلاق والأعمال ، ونهت عن اتخاذ أولياء من دونه سبحانه يرجعون إليهم في التحليل والتحريم أو يقصدونهم بالعبادة والتقديس، أو يعتمدون عليهم في الشفاعة والمغفرة .[/h]اختاره: محمود شلتوت وتبعه إبراهيم القطان، و الصابوني، و وهبة الزحيلي، و موقع إسلاميات، و مصحف الشيخ مكتوم الإلكتروني.

  1. قال محمود شلتوت وتبعه إبراهيم القطان[73]: "تقصد سورة الأعراف إلى ما تقصد إليه كل السور المكية، وهو تقرير أصول الدعوة الدينية: توحيد الله تعالى في العبادة والتشريع، وتقرير البعث والجزاء، وتقرير الوحي والرسالة بوجه عام ، وتقرير رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بوجه خاص، وتلك هي أصول الدعوة الدينية التي كانت لأجلها جميع الرسالات الإلهية...هذا مقصد سورة الأعراف، وهو كما قلنا مقصد كل السور المكية ، وقد أجملت السورة دعوتها إلى هذه الأصول ، إلى كل ما تضمنه القرآن الكريم في آية واحدة جاءت في أولها ، ووجه فيها الخطاب إلى كل من يصلح للخطاب ، مشتملة على الأمر بالجانب الإيجابي وعلى النهي عن الجانب السلبي وهي قوله تعالى :{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}[الأعراف:3] طلبت اتباعهم ما أنزل إليهم ممن تولى تربيتهم خلقًا وتنمية ، وإرشادًا وهداية ، وقد شمل ذلك العقائد والأخلاق والأعمال ، ونهت عن اتخاذ أولياء من دونه سبحانه يرجعون إليهم في التحليل والتحريم أو يقصدونهم بالعبادة والتقديس، أو يعتمدون عليهم في الشفاعة والمغفرة .[74]
  2. قال الصابوني: مهمة السورة كمهمة السور المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله جل وعلا، وتقرير البعث والجزاء، وتقرير الوحي والرسالة [75].
  3. قال الدكتور وهبة الزحيلي:" موضوعها:
نزلت هذه السورة لتفصيل قصص الأنبياء وبيان أصول العقيدة، وهي كسورة الأنعام بل كالبيان لها، لإثبات توحيد الله عزّ وجلّ، وتقرير البعث والجزاء، وإثبات الوحي والرسالة، ولا سيما عموم بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم".[76]

  1. جاء في موقع إسلاميات : "تفصيل قصص الأنبياء وبيان أصول العقيدة وهي كسورة الأنعام بل كالبيان لها لإثبات توحيد الله عز وجل وتقرير البعث والجزء وإثبات الوحي والرسالة[77].
[h=1]ح-القسم السادس: هدف السورة: احْسِم موقِفَك وسط الصراع وحدد موقفك ولا تكن سلبيًا.[/h][h=1] فلذلك ذكرت السورة قصة الذين حسموا موقفهم بالإيمان كأتباع سيدنا نوح وهود وصالح وشعيب ـ عليهم الصلاة والسلام ـ و السحرةِ وبينت نجاتهم ومدحتهم ، وقصة الذين يقابلونهم ممن كفر بالرسل المذكورين والذي انسلخ من الآيات، وقصة الذين عصوا في السبت وقصة بني إسرائيل الذين لم يشكروا النعم فهلكوا ، فجاءت السورة لتحذرنا من السلبية وتأمرنا بأن نحسم موقفنا ونكون من المؤمنين الناجين، فلذلك وحذرت من عدم حسم الموقف كأصحاب الأعراف والذين سكتوا من أصحاب السبت.[/h]اختار هذا: فاضل السامرائي، وعمرو خالد، وصفية عبد الرحمن السحيباني، وعادل محمد خليلي.

  1. قال الدكتور فاضل السامرائي:" هدف السورة: احسم موقفك ولا تكن سلبياً".[78]
  2. قال عمرو خالد في خواطر قرآنية ـ تابعًا للدكتور فاضل السامرائي: "والهدف الذي تدور حوله أحداث السورة ومعانيها هو ضرورة تحديد الموقف وسط الصراع ، حدد موقفك يا مسلم في أي الفريقين أنت؟ لا تكن من المتفرجين".[79]
  3. جاء في الخرائط الذهنية لصفية عبد الرحمن السحيباني ـ تابعة للدكتور فاضل السامرائي:" مقصود سورة الأعراف حسم الموقف من الصراع".[80]
  4. جاء في كتاب أول مرة أتدبر القرآن: "محور السورة تحديد الموقف من الصراع بين الحق والباطل".[81]
[h=1]خ-القسم السابع: بيان الأسباب الرئيسية الكبرى لهلاك الأمم وسقوط الحضارات[/h]قال الشيخ عبد الحميد طهماز: "محور سورة الأعراف وموضوعها الأساس: هو بيان الأسباب الرئيسية الكبرى لهلاك الأمم وسقوط الحضارات".[82]، وذكر هذا الخضيري في ضمن مقصود السور كما تقدم، وموقع إسلاميات[83].
[h=1]1)9)المبحث التاسع: مناقشة الأقوال والترجيح بينها:[/h]إذا تأملنا الأقوال السبعة السابقة نجدها قد وفقت لتحديد محورِ السورةِ أو جزءٍ من محور السورة، والاختلاف بينها في استيفاءِ ذكرِ المحور، أو الاقتصارِ على بعض هذا المحور، وإليك بيانَ ذلك:

  • أما القسم الأول الذين قالوا مقصود السورة:
[h=1]1.إنذارُ أهلِ القرى الذين أعرضوا عن آيات الله وتوحيده وشكره واستكبروا واتبعوا أولياء من دون الله ولم يتبعوا الرسل، وتوعدهم بعقوبةِ الدنيا والآخرة وغلبةِ الحق من خلال بسط أخبار الأمم المهلكَة المستأصلَةِ المكذبة للأنبياء الذين دعوهم وصبروا وتلطفوا في دعوتهم فلم يؤمن أكثرهم.[/h]
  1. وذكرى عظيمةٌ نافعة ٌمؤثرةٌ للمؤمنين بالاتباع والتمسك بالكتاب والقيام بما يجب وترك ما يجتنب، والبشرى لهم بغلبة الحق ونجاة المؤمنين ونصرهم و الفوز في الآخرة".

  1. فقولهم هذا صحيح لا شك فيه فمِن مقصودِ السورةِ ما ذكر من الإنذار والذكرى ، لكن كان عليهم أن يقدموا أن المقصود الأول هو "وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ ...بِجِدٍّ دون توانٍ" كما يدل عليه أنَّ ابتداء السورة كان عن وجوب اتباع القرآن{المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}، ،وختم السورة كان عن ذكر القرآن ،وكثرة تكرار الحث على اتباعه واتباع آيات الله ورسالاته كما في قوله تعالى :{ يَابَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [آية:35]كما تقدم في شرحه .
  2. كما يدل عليه هي أنها أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظة {آياتنا} وعبارة {كذبوا بآياتنا}،وهي أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (رسالات) العائدة على الله تعالى،وهي الوحيدة التي ذكر فيها (ألواح موسى) التي فصل الله تعالى فيها آياته وأحكامه ، وقد فصل هذا في المطلب الخامس المبحث الثاني.
  3. {إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.
  4. {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52)}.
  5. {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}.
  6. {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)}.
وانظر بقية الآيات في تفسير الآية الثانية في المبحث الرابع المطلب الأول، والمبحث الخامس المطلب الثاني.
وأيضًا كان عليهم أنْ يزيدوا من مقاصد السورة " حثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج".

  1. كما يدل عليه مقدمة السورة { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}.
  2. وكما يدل عليه القصص الكثيرة لدعوة الأنبياء وتبليغهم دون أن يكون في صدورهم حرج.
  3. وكما يدل عليه وصف الرسول النبي الأمي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر.
  4. وكما يدل عليه قصة أصحاب السبت التي انفردت هذه السورة الكريمة بتفصيلها: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الآيتان:165،164].
  5. وكما يدل عليه ختم السورة ببيان طريق الدعوة:

  1. {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)}.
  2. {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)}،وقد استوفيت الآيات في المبحث الرابع في شرح الآية الثانية فانظرها.
[h=1]ب ـ أما القسم الثاني الذين قالوا: "مقصودها تناول حركة عقيدة التوحيد وأصولها من خلال قصة وعاقبة سير الأنبياء وأقوامهم ، ومواجهة الإيمان والكفر عبر رحلة البشرية منذ وجودها الأول ومسيرها الطويل إلى نهاية عودتها ورجوعها إلى الدار الآخرة ، مع ذكر أسباب الضلال والانحراف عن الحق، والسورة تفصيل لقوله تعالى:{ فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}.[/h]يستدرك على قولهم هذا ما استدرك على القول الأول من الأمرين ، ويزاد على ذلك أنهم كان عليهم أنْ يزيدوا " وجوب الشكرِ لله الخالِق" كما تدل عليه الآيات التي ذكرت نعم الله تعالى وقلة شكر العباد

  1. {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10)}.
  2. {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56) وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58)}.
  3. { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)}.
  4. قصص بني إسرائيل التي ذكرت في هذه السورة ومن ذلك أنهم بعد إنجائهم من آل فرعون، وإيتاء الكتاب، وإنزال المن والسلوى، وتظليل الغمام، وتفجير العيون وغير ذلك عبدوا العجل من دون الله واتبعوا السامري، وتركوا اتباع موسى وهارون عليهما السلام .
وقد تقدم تفصيل ذلك في المبحث الرابع في تفسير الآية العاشرة.

  1. وكما يدل عليه الانفرادات التي شرحت في المبحث الخامس منها:
انبجست، ريشًا، حثيثًا، سهولها وكلها دالة على نعم الله تعالى.
كما يستدرك عليه أنه لم يذكر "بجد دون توان" أي: وجوب اتباعِ القرآن والرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ"، كما يشير لذلك قصة الأعراف واسم السورة وتقسيم الناس إلى ثلاثة أقسام منهم من تساوت حسناتهم وسيئاتهم، وكذلك قصة أصحاب السبت وانقسام الناس فيها إلى ثلاثة أقسام وعدم ذكر نجاة الساكتين.

  1. وكذلك يستدرك عليه عدم ذكر الاستكبار والتحذير من اتباع أولياء من دون الله، وقد ركزت السورة على هذا تركيزًا كثيرًا كما تقدم في المباحث السابقة، ومن جملة ذلك أنها أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (استكبروا) من ذلك:
{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)}.
{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.

كذلك يستدرك عليهم عدم ذكر أنَّ من مقصود السورة " الذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبع آيات الله من المؤمنين" وقد تقدم أن السورة ركزت على هذا الأمر كثيرًا كما تقدم، ويدل عليه أنها أكثر سورة ورد فيها مادة (ن، ص، ح):

  1. { وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21)}وهي الموضع الوحيد الذي ذكر فيه قسم إبليس لآدم على كونه ناصحًا}[الأعراف:22،21].
  2. { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }[الأعراف:62]
  3. { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ }[الأعراف:68].
  4. { فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ }[الأعراف:79].
ويدل عليه قصص الأنبياء التي ذكرت في السورة ، وما ورد في قصة سيدنا موسى في تصبيره لقومه على ما لاقوا من فرعون ومومه، وقصص بني إسرائيل بما فيها من الذكر والبشرى والتثبيت ، ومن جملة ذلك قصص الثابتين وعاقبتهم وقصص المنقلبين على أعقابهم وعاقبتهم وبداية السورة { لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)}وقد استوفيت ما له تعلق بهذه الآية وما يشرحها ويؤيدها في المبحث الرابع المطلب الأول عند شرح هذه الآية الكريمة .
[h=1]ت ـ أما القسم الثالث الذين قالوا: "مقصود السورة وجوب اتباع هذا الكتاب المعجز المنزل وتعظيمه ، وما فيه من الإيمان، والتوحيد، والتزكية، والشكر لنعم الله تعالى، وإنذار من كذب وأعرض عنها واتبع أولياء من دونه كالشيطان والملأ المستكبرين ـ بالعقوبة الدنيوية والأخروية من خلال عرض ما أصاب القرون المكذبة الماضية في التاريخ البشري وهم الأكثرون، وبيان نجاة من آمن من متبعي الرسل وهم القليلون".[/h]فهذا أفضل قول وأرجحه في مقصود السورة وقد حوى معظم مقصود ومحورها ، لكن بقي عليهم بعض الأمور لا بد أن يذكروها وهي:

  1. "أن دين التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية" ، كما ركزت السورة على عرضه من خلال رحلة البشرية وقد نبه عليه أصحاب القول الثاني.
  2. " تهديد المستكبرين والتحذير من اتباعهم"، كما يدل عليه إطالة السورة في قصة آدم عليه السلام وإبليس ، ثم قصص المستكبرين وبيان كونهم سببًا لهلاك أقوامهم ، وابتداء السورة بالتحذير منهم: { وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}، ويدل عليه أنها أكثر سورة في القرآن ورد فيها لفظ (استكبروا) من ذلك:
{ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36)}.
{ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40)}.
{ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)}.

  1. "الذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبع آيات الله ورسوله من المؤمنين، وحثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج". كما تقدم بيانه.

  • أما القسم الرابع الذين قالوا: "مقصودها تشجيع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاة للدعوة ونهيهم عن ضيق الصدر والتحرج عما كان يلقى من المشركين من أنواع الأذى، لئلا يتوانوا في التبليغ والإنذار وبيان طرق الدعوة ومسؤوليتها بقص قصص الأنبياء الماضية، والقرون السالفة، وما كان مغبة تكذيبهم، وعاقبة صبر الأنبياء، تشجيعاً لهم، وتثبيتاً لقلبهم: {وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ}.
فلا شك أنَّ هذا أمر مهم هو مقصود السورة ، ولكنهم أنقصوا كثيرَا من الأمور التي من مقاصد السورة مما ذكر في نقاش الأقوال السابقة .
[h=1]ذ-أما القسم الخامس الذين قالوا:" تقصد سورة الأعراف إلى ما تقصد إليه كل السور المكية، وهو تقرير أصول الدعوة الإسلامية: توحيد الله تعالى في العبادة والتشريع، وتقرير البعث والجزاء، وتقرير الوحي والرسالة بوجه عام ، وتقرير رسالة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوجه خاص".[/h]فهذا كلام عام في مقاصد السور المكية لا يفي بغرض السورة ولا يحدد المقصود الخاص لكل سورة كما هنا .
[h=1]ر-أما القسم السادس قالوا:" هدف السورة: احسم موقفك وسط الصراع وحدد موقفك ولا تكن سلبيًا".[/h]فلا شك أن مقصود السورة " وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ"، وكما يدل عليه اسم السورة وقصة الأعراف وقصة أصحاب السبت، وما ذكره أصحاب هذا القول من الأدلة ، لكن هذا القول لا يفي بكل مقصود السورة بل ينقص معظم هدفها ومحورها، ولا يدل عليه مقدمة السورة كما تقدم بيانه في المبحث الرابع المطلب الأول، ولا خاتمتها كما تقدم بيانه في المبحث الرابع المطلب الثاني، وإذا أردت أن تطبقه على آيات السورة وقصصها وموضوعاتها لا تجده ينقاد لك في كل موضع.

  • أما القسم السابع الذين قالوا:" مقصود السورة بيان الأسباب الرئيسية الكبرى لهلاك الأمم وسقوط الحضارات" فلا شك أنَّ السورة بينت هذا الأمر لكن ليس هذا الأمر هو الذي تدور عليه السورة بحيث يكون محورًا لها ، فقد أنقص هذا القول كثيرًا من مقصودها لذلك لم يختره إلا قلة من العلماء .
وبما سبق وبعد هذه الرحلة في ظلال هذه السورة الكريمة تبين لنا بفضل الله تعالى وفتحه أنَّ مقصود السورة :"وجوبُ اتباعِ هذا الكتابِ المعجزِ في التوحيدِ الذي هو دين الله لجميع البشرية والشكرِ لله الخالِق واتباعِ الرسول الذي جاء به بِجِدٍّ دون توانٍ، وإنذارُ من لم يتبعه واستكبر واتبع أولياء من دون الله بمثل جزاء الأمم المكذبة المستأصلة دنيا وأخرى، والذكرى والبشرى والتثبيت لمن اتبعه من المؤمنين، وحثُّ النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ والدعاةِ على القيام بالإنذار والذكرى والبشرى دون حرج ".
ودليلنا عليه ما قدمناه من الجو الذي نزلت فيه السورة، ومقدمة السورة، وخاتمتها ، واسمها، والألفاظ والتراكيب التي انفردت بها السورة أو كثرت فيها ، والعلاقة بينها وبين سورة الأنعام ، وموضوعات السورة .
الحمد لله الذي بنعمته وفضله وتوفيقه ومدده تتم الصالحات.
علي هاني العقرباوي
يوم الجمعة22ـ ذو الحجة ـ 1440 هـ
22 ـ 8 ـ 2019 م.
عمان ـ الأردن



[1] ورد اسم الأعراف في السورة في قوله تعالى:{ وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)}،وفي قوله تعالى: { وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48)}، معنى قوله تعالى : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ}: حالَ بين أهل الجنة وأهل النار حجابٌ عظيمٌ كما يدل عليه التنكير، يمنع وصول أثر أحدهما الآخر ، وإن لم يمنع النداء ، وأمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا ، وقدم {بينهما}: على المبتدأ {حجاب}، أي بالمكان المتوسط بين الجنة والنار .
ومعنى {وَعَلَى الْأَعْرَافِ}: على أعراف الحجاب وأعاليه على ذراه، وهي الأعالي المشرفات من ذلك الحجاب كما تقدم بيانه.
، واختلف في الذين على الأعراف على قولين:

  1. القول الأول : الذي عليه الجمهور ـ وهو الحق الذي يدل عليه السياق ومقصود السورة ومقدمتها ـ أنهم قوم استوت حسانتهم وسيئاتهم ، يحبسون بين الجنة والنار ويوقفون هناك حتى يقضي الله تعالى فيهم ثم يدخلهم الجنة بفضله و رحمته، وهذا ضرب من العقاب ،وممن اختار هذا :ابن عباس، وابن مسعود، و حذيفة بن اليمان، وعطاء، وابن جبير ،والضحاك، و أبو هريرة، وغير واحد من السلف ، والفراء، والبيضاوي، والزمخشري، و أبو السعود ، والجلال ، والبقاعي، وابن كثير ، و الآلوسي ، و ابن جزي ،و أبو حيان ،و ابن عطية، و الواحدي ، والشنقيطي ، ومحمد سيد طنطاوي، وأبو زهرة ، و سيد قطب، والصابوني، والدكتور فريد السلمان في (تفسير آيات الأحكام من سورتي الأنعام والأعراف(ص149) وغيرهم . قال ابن عاشور :" والذي ينبغي تفسير الآية به : أنّ هذه الأعراف جعلها الله مكاناً يوقف به من جعله الله من أهل الجنّة قبل دخوله إياها ، وذلك ضرب من العقاب خفيف". (التحرير والتنوير/ا بن عاشور (8/ 142))، و قال سيد طنطاوي :"والذى نراه : أن هناك حجاباً بين الجنة والنار ، الله أعلم بحقيقته ، وأن هذا الحجاب لا يمنع وصول الأصوات عن طريق المناداة ، وأن هذا الحجاب من فوقه رجال يرون أهل الجنة وأهل النار فينادون كل فريق بما يناسبه ، يحَيُّون أهل الجنة ويقرعون أهل النار ، وأن هؤلاء الرجال - يغلب على ظننا - أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ؛لأن هذا القول هو قول جمهور العلماء من السلف والخلف ، ولأن الآثار تؤيده ، ولذا قال ابن كثير : " واختلفت عبارات المفسرين في أصحاب الأعراف من هم ؟ وكلها قريبة ترجع إلى معنى واحد ، وهو أنهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، نص عليه حذيفة ،وابن عباس، وابن مسعود، وغير واحد من السلف والخلف رحمهم الله " (التفسير الوسيط للقرآن الكريم/ محمد سيد طنطاوي(5/ 278) ). قال أبو زهرة: "وإن ذلك هو التقسيم العادل الذي لا يكون إلا من الله ، وهو أنه بعد أن توزن السيئات والحسنات بميزان الله وهو الوزن يومئذ بالقسط ، منهم من ترجَح حسناته فيكون للجنة ، ومنهم من ترجَح سيئاته فيكون في النار وبئس المهاد ، ومنهم من لم يرجح ميزانه .....وقد يرد على هذا أنهم في مكان من الأعراف ، فظاهر أنهم فوق الفريقين ، ونقول : إن علوهم ليروا الفريقين ، لا لمنزلة لهم فوق أهل الجنة ،وبعض العلماء يرى أن أهل الجنة لم يكونوا قد دخلوا الجنة بعد ، فالضمير في {لَمْ يَدْخُلُوهَا} يعود إليهم ، والحق أن ذلك ليس متسقًا مع السياق ؛ لأنهم صاروا أصحابها ، ويقتضي ذلك أن يكونوا دخلوا فيها". زهرة التفاسير /أبو زهرة (6 / 2849). وقال ابن عاشور :" وليس تخصيص الرّجال بالذّكر بمقتض أن ليس في أهل الأعراف نساء ....ولكن هؤلاء رجال يقع لهم هذا الخبر ، فذكروا هنا للاعتبار على وجه المصادفة ، لا لقصد تقسيم أهل الآخرة وأمكنتهم ، ولعلّ توهّم أنّ تخصيص الرّجال بالذّكر لقصد التّقسيم قد أوقع بعض المفسّرين في حيرة لتطلّب المعنى؛ لأنّ ذلك يقتضي أن يكون أهل الأعراف قد استحقّوا ذلك المكان لأجل حالة لا حظَّ للنّساء فيها ، فبعضهم حمل الرّجال على الحقيقة فتطلب عملاً يعمله الرّجال لا حظَّ للنّساء فيه في الإسلام ، وليس إلاّ الجهاد ، فقال بعض المفسرين : هؤلاء قوم جاهدوا وكانوا عاصين لآبائهم ، وبعض المفسّرين حمل الرّجال على المجاز بمعنى الأشخاص من الملائكة ، أطلق عليهم الرّجال لأنّهم ليسوا إناثاً كما أطلق على أشخاص الجنّ في قوله تعالى : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } [ الجن : 6 ] فيظهر وجه لتخصيص الرّجال بالذّكر تبعاً لما في بعض تلك الأحاديث التي أشرنا إليها" .(لتحرير والتنوير/ ابن عاشور(8/ 142)).
  2. القول الثاني : اختاره بعض من العلماء وهو أن الأعراف من الأماكن العالية التي يكون عليها أشراف الناس وفضلاؤهم من الأنبياء والشهداء والعلماء ، فهم أهل كرامة الله تعالى ، أكرمهم الله تعالى بذلك لينظروا إلى حكم الله تعالى في الخلق وإلى عدله، وممن اختار هذا : الحسن، ومجاهد ،والمهايمي(1/245) ، ومحمود شلتوت (تفسير القرآن الكريم (382)، وعبد الحميد طهماز (التفسير الموضوعي لسور القرآن العظيم (3/63)، ومحمد الغزالي (نحو تفسير موضوعي(1/106)،و دروزة (التفسير الحديث(2/403)، والمصطفوي(التحقيق في كلمات القرآن الكريم (8/119)، و الطباطبائي في الميزان (8 / 66 )، أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم (211) ، وصاحبا كتاب " من دلالات أسماء السورة في القرآن الكريم /عيسى وادي، محمود مهنا (81).
قال محمد الغزالي:" وأرى أن أصحاب الأعراف هم الدعاة والشهداء الذين بلغوا رسالات الأنبياء وقادوا الأمم إلى الخير؛ فإن الأعراف هي القمم الرفيعة، ومنها سُمِّى عرف الديك عرفًا... وهم في الآخرة يرقبون الجماهير والرؤساء في ساحة الحساب، ويلقون بالتحية أهل الجنة، وبالشماتة أهل النار، وحديث القرآن الكريم عنهم يرجح هذا الفهم فهم يتكلمون بثقة ويوبخون المذنبين على ما اقترفوا ويستعيذون بالله من مصيرهم، ومن المستبعد أن يكون ذلك موقف قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم لا يدرون أين يذهب بهم؟ .(نحو تفسير موضوعي/ محمد الغزالي (1/106)، قال الطباطبائي: "و على الأعراف رجال" جمع من عباد الله المخلصين من غير الملائكة هم أرفع مقامًا و أعلى منزلة من سائر أهل الجمع يعرفون عامة الفريقين، لهم أن يتكلموا بالحق يوم القيامة و لهم أن يشهدوا، و لهم أن يشفعوا، و لهم أن يأمروا و يقضوا".، وجاء في المنتخب:" بين أهل الجنة وأهل النار حاجز يسبق إلى احتلال أعرافه - وهى أماكنه الرفيعة العالية - رجال من خيار المؤمنين وأفاضلهم، يشرفون منها على جميع الخلائق، ويعرفون كلا من السعداء والأشقياء بعلامات تدل عليهم من أثر الطاعة والعصيان، فينادون السعداء قبل دخولهم الجنة وهم يرجون دخولها، فيبشرونهم بالأمان والاطمئنان ودخول الجنة".
واختار الإمام الرازي و الماتريدي أنهم الأنبياء، قال الماتريدي:" والأشبه أن يكونوا الأنبياء؛ يكونون على الأعراف، يشهدون على الأمم كقوله تعالى: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدًا} [النساء: 41 ]". تفسير الماتريدي (تأويلات أهل السنة) / محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي/ دار الكتب العلمية (4/ 431).
وعلى هذا تكون المناسبة بين اسم السورة وموضوعها ما ذكره المهايمي بقوله: في (تبصير الرحمن وتيسير المنان (1/245): سميت بها لأنها من المنازل الرفيعة لأهل الكمال المفيضين على سائر الطوائف فشأنها أولى بالاعتبار من سائر الشؤون المذكورة في هذه السورة"، وما ذكره صاحبا كتاب " من دلالات أسماء السور في القرآن الكريم/وادي. مهنا/ص85: "مقصود السورة الأنبياء والمصلحون هم أشراف الخلق وشهداء الله تعالى على الناس في الدنيا والآخرة ـ ـ واسم السورة يحمل مكانة أهل الأعراف وتبكيتهم للكفار".

[2] هذا الاسم سميت به السورة وعرفت به من عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو الذي اشتهرت به السورة، ودُوِّن في المصاحف وورد عن الصحابة فعن عائشة رضي الله عنها، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين» حديث صحيح أخرجه (النسائي في باب القراءة في المغرب بالمص رقم: 989) و(أخرجه الإمام أحمد 23590) انظر (التحرير والتنوير / ابن عاشور (8/ 5). بتصرف.

[3] قال البقاعي: "مقصودها إنذار من أعراض عما إليه الكتاب في السورة الماضية من التوحيد والاجتماع على الخير والوفاء لما قام على وجوبه من الدليل في الأنعام، وتحذيره بقوارع الدارين، وهذا أحسن مما كان ظهر لي وذكرته عند (والوزن يومئذ الحق)، وأدل ما فيها على هذا المقصد أمر الأعراف؛ فإن اعتقاده يتضمن الإشراف على الجنة والنار والوقوف على حقيقة ما فيها، وما أعد لأهلها الداعي إلى امتثال كل خير واجتناب كل شر والاتعاظ بكل مرقق. نظم الدرر /البقاعي/ دار الكتب العلمية (3/3)، وانظر قريبًا من هذا ما جاء في التناسق الموضوعي في سورة الأعراف (رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة في التفسير) / معتوقة بنت محمد الحساني (ص100).

[4] جاء في كتاب أول مرة أتدبر القرآن: مناسبة التسمية بالأعراف؛ لأن الله تعالى ذكر أهل الجنة وأهل النار ، ثم ذكر بينهما الأعراف، وهو سور مرتفع عليه طائفة من الناس لم يحسنوا تحديد موقفهم في الدنيا، فأوقفهم الله تعالى عليه سنين لا يعرفون مصيرهم ، فجاءت تسمية السورة موافقة لموضوعها ومحورها. (أول مرة أتدبر القرآن /عادل محمد خليلي (ص60).

[5] جاء في كتاب "دلالة أسماء السور القرآنية على محاورها وموضوعاتها: هكذا نجد بعد التطواف في مواضيع السورة كلها أنها جاءت متضمنة لموضوعين يمثلان محور السورة: 1) تعظيم آيات الله التي عرضتها مسيرة العقيدة في التاريخ البشري، والدعوة إلى الإيمان بها، 2) وبيان نجاة من آمن بها ، والتحذير من بأس الله لمن كذب بها واستكبر عنها وهما موضوعان قد جلاهما مشهد الأعراف الذي سميت السورة باسمه أيما تجلية ، ولذلك سميت السورة به للدلالة على المحور المذكور". المصدر السابق ص 103.

[6] التناسق الموضوعي في سورة الأعراف (رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة في التفسير) / معتوقة بنت محمد الحساني (ص75).

[7] قال الدكتور فاضل السامرائي: سياق سورة الأعراف سياق عتاب على بني آدم ومؤاخذتهم على قلة شكرهم وليست في مقام تكريمهم {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [الأعراف:10]، وأما من حيث السياق فإن القصة وقعت في الأعراف في سياق العقوبات وإهلاك الأمم الظالمة من بني آدم ، وفي سياق غضب الرب سبحانه فقد قال قبلها: { وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ}[الأعراف:4].(التعبير القرآني/ د. فاضل السامرائي / دار عمار (289،288).

[8] المذءوم: المعيب أشد العيب مع التحقير والإخزاء وهو أشد من المذموم.

[9] تفسير القرآن الكريم/محمود شلتوت (343، 364).

[10] الانفرادات اللفظية ، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد / (43ـ 52)، التناسق الموضوعي في سورة الأعراف (رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة في التفسير )/ معتوقة بنت محمد الحساني(ص78ـ 80).

[11] معنى {ريشًا}: زينة، أُخِذ من ريش الطائر ؛لأنه زينة له ، فالله سبحانه أنزل لباسين: لباسَ مواراةٍ ،ولباسَ زينةٍ. روح المعاني / الآلوسي (4/323) بتصرف يسير.

[12] {حثيثًا}: أي مسرعًا إسراعا متداركًا حريصًا متحاضًا طالبًا مسرعًا كأنما يدفع دفعًا ويحض حضًا ويبعث بعثا على السير، والمعنى هنا أن الله تعالى قد جعل الليل الذي هو الظلمة يغشى النهار وهو ضوء الشمس على الأرض، أي: يتبعه ويغلب على المكان الذي كان فيه ويستره حالة كونه يطلبه حثيثًا من قولهم: فرس حثيث السير، ومضى حثيثًا، أي: مسرعًا، والمعنى: أنه يعقبه سريعًا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء. (تفسير المنار / محمد رشيد رضا (8/ 403).

[13] الانفرادات اللفظية، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد / 50،49، التناسق الموضوعي في سورة الأعراف (رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة في التفسير)/ معتوقة بنت محمد الحساني (ص78ـ 80).

[14] جاء في المعجم الاشتقاقي:" المعنى المحوري احتشاء أثناء الشيء فلا ينفذ منه شيء. صمت (قعد): سكت " (كأنه مصمت متماسك الأثناء لا ينفذ ما فيه) وهذه المفردة تدل على طول السكوت". المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم/ محمد حسن حسن جبل (3/1255).

[15] نظم الدرر في تناسب الآي والسور (3/ 173).


  • [16] اختلفوا في كلمة "مهما" ما أصلها: فقيل اسم بسيط غير مركب، وقال كثير من المحققين كالخليل وأبي السعود :أصلُها "ما " الشرطية ضُمت إليها "ما" المزيدةُ للتأكيدِ و الإبهامِ وزيادةِ التعميم فتصير (مهما) كما ضُمّت إلى "أين" و"إنْ" في { أَيْنَمَا تَكُونُواْ } [ النساء ، الآية 78 ] { إمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } [ الزخرف ، 41 ] فصارت "ما ما" لكن ألِفَ الأولى قُلبت هاءً حذَراً من تكرير المتجانسين؛ لأنهم استثقلوا توالي لفظين هذا هو الرأيُ السديدُ ، وبهذا نفهم شدة عنادهم حيث قالوا:{ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (132)}فـ"مهما" تدل على قوة التعميم فأي آية أتى لهم بها فلن يؤمنوا بها .

[17] الانفرادات اللفظية، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد (60).

[18] القُمَّل: هي القِردان جمع قُراد مثل غراب وهو ما يتعلق بالبعير ونحوه من الهوام، تكون في غالب الأحوال في ظهر الإبل ، وهو غير القَمْل الذي يكون في شعور الناس.


[19] نتقنا: الأصل في المادة أنه جذب مع اهتزاز، أي: قلعناه من أصله،وزعزعناه، واستخرجناه من مقره ورفعنا.

[20] ( زاد المسير في علم التفسير/ابن الجوزي (2/ 132))

[21] دلالة أسماء السورة القرآنية على محاورها وموضوعاتها/ د. عمر عرفات (97).

[22] دلالة أسماء السورة القرآنية على محاورها وموضوعاتها/ د. عمر عرفات (97).

[23] دلالة أسماء السورة القرآنية على محاورها وموضوعاتها/ د. عمر عرفات (97).

[24] التناسق الموضوعي في سورة الأعراف (رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراة في التفسير )/ معتوقة بنت محمد الحساني (ص 79).

[25] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني/الآلوسي (4/ 315).

[26] انظر نظم الدرر في تناسب الآي والسور / البقاعي (3/3).

[27] (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ بن عجيبة) (2/ 195).

[28] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني/الآلوسي (4/ 315).

[29] المرجع السابق (4/ 315).

[30] المقدمة شملتها الآيات (1ـ 10)، والعرض القصصي لمسيرة التوحيد:11 ـ 171، والتعقيب بذكر أدلة التوحيد:172ـ 198، والخاتمة :199 ـ 206،


  1. [31] قال الدكتور عمر حماد:" المقدمة (1 ـ 10) وفيها تذكير بأعظم نعم الله تعالى علينا، وهي إنزال القرآن على سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن جعله الله تعالى ذِكرًا للمؤمنين ثم أمر باتباع ما جاء في القرآن الكريم، ونهى عن اتخاذ ما دون الله أولياء، وتلويح بالعذاب لمن خالف وصد عن ذلك فكان من الظالمين، وتذكير بأن الله تعالى يعلم كل شيء بل سيسأل الجميع عن أعمالهم، فمن وجد خيرًا فهو المفلح ومن وجد غير ذلك خاب وخسر ونفسَه ظلم . (الانفرادات اللفظية، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد) (43 ـ 49) بتصرف يسير.





  1. [32] قال الدكتور عمر حماد (الآيات (11 ـ 30) قصة آدم عليه السلام التي تبدأ في السرد التاريخي للصراع بين الحق والباطل، وقد ابتدأت به من أول مراحله من خلق آدم عليه السلام وإباء إبليس امتثال أمر الله تعالى بالسجود لآدم، وإغوائه لإخراجه من الجنة حتى نجح في ذلك ، وختامًا بتوبة آدم عليه السلام ، ثم التعقيب على هذا الصراع وتحذير لبني آدم من أن يفتنهم الشيطان كما فتن أبويهم من قبل ، وتذكير أن بني آدم سينقسمون إلى فريقين : فريقًا هدى الله ، وفريقًا حقت عليهم الضلالة لاتخاذهم الشياطين أولياء من دون الله " (الانفرادات اللفظية ، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد )(43 ـ 49) بتصرف يسير.

[33]


  1. [34] قال الدكتور عمر حماد:" الآيات (31 ـ 58) فيها تذكير بشيء من نعم الله تعالى علينا، ومنها الطعام والشراب واللباس وإرسال الرسل ، وخلق السماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، وإرسال الرياح بشرًا بين يدي رحمته تعالى ، وغيرها من النعم وتذكير بوجوب النظر إليها للوصول منها إلى توحيد الله تعالى وألا نشرك معه شيئًا ، وإلا كان المشرك من هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى أنهم أصحاب النار ، وأنه لا أظلم منهم لأنهم افتروا على الله الكذب، فيدخلون النار أفواجًا، وفي الآيات ذكر لجزاء من انتفع بنعم الله تعالى فشكر الله سبحانه ولم يشرك فأورثهم الله الجنة بما كانوا يعملون.
  2. ومنها الحوار الذي سيدور بين أهل الجنة الموحدين وأهل النار المشركين وتصديق الكافرين بما جاءت به الرسل وندمهم حيث لا ينفع الندم . (الانفرادات اللفظية ، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد )(43 ـ 49) بتصرف يسير.



  1. [35]قال الدكتور عمر حماد: الآيات (59 ـ 102): سرد تاريخي لحوار كوكبة من الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم وتعقيب على قصصهم ، ونلحظ تذكير كل نبي لقومه بنعم من نعم الله تعالى عليهم ، وأنها تستدعي أن يشكر سبحانه عليها ولا يكفر، ويلحظ الباحث أن كل نبي ذكر قومه بأنهم خلائف لمن قبلهم إما تصريحًا كما فعل سيدنا هود وصالح عليهما السلام ، وإما تلميحًا كما فعل سيدنا لوط وشعيب عليهما السلام ، وهذا يتفق مع السرد التاريخي للصراع بين الحق والباطل وكأن كل نبي منهم عليهم السلام يقول لقومه: لستم بدعًا من الأمم بل انظروا إلى ما سبقكم من هلاك المشركين ونجاة الموحدين .


[36]قال الدكتور عمر حماد:"الآيات 0138 ـ 171) الآيات تتحدث عما بعد فرعون وتسير الآيات مع التاريخ في ذكر تقلبات بني إسرائيل، وأنهم لم يصونوا النعم بمزيد من الشكر لله تعالى، وبالتوحيد والخضوع لله تعالى والبراءة من الشرك وأهله، وأنهم لم يأخذوا العبرة من فرعون وملئه. (الانفرادات اللفظية، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد) (43 ـ 49) بتصرف يسير.


  1. [37] قال الدكتور عمر حماد:" الآيات (172 ـ 206) وهي الخاتمة: تذكر الآيات موقفًا أشهدنا الله به على أنفسنا أنه ربنا فشهدنا وأقررنا بذلك وحذرنا أن نشرك بعد ذلك، وتذكر الآيات مثلًا لمن أنعم الله تعالى عليه بأجل نعمه وهي العلم بآيات الله إلا أنه أصر على عدم الانتفاع والارتفاع بها، فأخلد إلى الأرض واتبع هواه وشيطانه فكان من الغاويين، وتذكر الآيات شيئًا من آيات الله تعالى في الكون التي ينبغي أن توظف في القلب لتثمر توحيدًا كاملًا ومحبة ينتج عنها استسلام لأوامر الله تعالى. ويأتي ختام آيات السورة بمناقشة للمشركين في آلهتهم وأنها لا تستحق العبادة، فلا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًا، فلم يعبدونها ويتخذونها أولياء من دون الله، ثم توجيه النبي صلى الله عليه وسلم ألا يعبأ بهم وبآلهتهم ، وأن يقرأ القرآن ويذكر ربه ويكون مثل الملائكة الذين يسبحون الله وله يسجدون "الانفرادات اللفظية ، دلالاتها وعلاقتها بالوحدة الموضوعية للسور القرآنية / د. عمر حماد )(43 ـ 49) بتصرف يسير.

[38] دلالة أسماء السورة القرآنية على محاورها وموضوعاتها/ د. عمر عرفات (96ـ 103).

[39] وعبارة الطباطبائي:" السورة تشتمل من الغرض على مجموع ما تشتمل عليه السور المصدرة بالحروف المقطعة "الم" والسورة المصدرة بحرف "ص" فليكن على ذكر منك حتى نستوفي ما استيفاؤه من البحث في أول سورة حم عسق ـ إن شاء الله تعالى ـ عن الحروف المقطعة القرآنية. والسورة كأنها تجعل العهد الإلهي المأخوذ من الإنسان على أن يعبد الله ولا يشرك به شيئًا ـ أصلًا يبحث عما آل إليه أمره بحسب مسير الإنسانية في الأمم والأجيال فأكثرهم نقضوه ونسوه ثم إذا جاءتهم آيات مذكرة لهم أو أنبياء يدعونهم إليه كذبوا وظلموا بها ولم يتذكر بها إلا الأقلون.
وذلك أن العهد الإلهي الذي هو إجمال ما تتضمنه الدعوة الدينية الإلهية إذا نزل بالإنسان - وطبائع الناس مختلفة في استعداد القبول والرد - تحول لا محالة بحسب أماكن نزوله والأوضاع والأحوال والشرائط الحافة بنفوس الناس فأنتج في بعض النفوس - وهي النفوس الطاهرة الباقية على أصل الفطرة - الاهتداء إلى الإيمان بالله وآياته، وفي آخرين وهم الأكثرون ذوو النفوس المخلدة إلى الأرض المستغرقة في شهوات الدنيا خلاف ذلك من الكفر والعتو.
واستتبع ذلك ألطافًا إلهية خاصة بالمؤمنين من توفيق ونصر وفتح في الدنيا، ونجاة من النار وفوز بالجنة وأنواع نعيمها الخالد في الآخرة، وغضبًا ولعنًا نازلًا على الكافرين وعذابًا واقعًا يهلك جمعهم، ويقطع نسلهم، ويخمد نارهم، ويجعلهم أحاديث ويمزقهم كل ممزق، ولعذاب الآخرة أخزى و هم لا ينصرون.
فهذه هي سنة الله التي قد خلت في عباده وعلى ذلك ستجري، والله يحكم لا معقب لحكمه وهو على صراط مستقيم.
فتفاصيل هذه السنة إذا وصفت لقوم ليدعوهم ذلك إلى الإيمان بالله وآياته كان ذلك إنذارا لهم، وإذا وصفت لقوم مؤمنين ولهم علم بربهم في الجملة ومعرفة بمقامه الربوبي كان ذلك تذكيرًا لهم بآيات الله وتعليمًا بما يلزمه من المعارف وهي معرفة الله ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العليا و سنته الجارية في الآخرة و الأولى، و هذا هو الذي يلوح من قوله تعالى في الآية الثانية من السورة: "لتنذر به و ذكرى للمؤمنين" أن غرضها هو الإنذار و الذكرى.
والسورة على أنها مكية - إلا آيات اختلف فيها - وُجِّه الكلام فيها بحسب الطبع إلى المشركين وطائفة قليلة آمنوا بالنبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ على ما يظهر من آيات أولها وآخرها إنذار لعامة الناس بما فيها من الحجة والموعظة والعبرة، وقصة آدم ـ عليه السلام ـ وإبليس، وقصص نوح، وهود، وصالح، ولوط، وشعيب، وموسى ـ عليه السلام ـ و هي ذكرى للمؤمنين تذكرهم ما يشتمل عليه إجمال إيمانهم من المعارف المتعلقة بالمبدأ و المعاد و الحقائق التي هي آيات إلهية.
والسورة تتضمن طرفًا عاليًا من المعارف الإلهية منها: وصف إبليس وقبيله، ووصف الساعة، والميزان، والأعراف، وعالم الذر، والميثاق، ووصف الذاكرين لله، وذكر العرش، وذكر التجلي، وذكر الأسماء الحسنى، وذكر أن للقرآن تأويلًا إلى غير ذلك. تفسير الميزان/ محمد حسين الطباطبائي (8/6،5)

[40] المنهج الترابطي ونظرية التأويل (دراسة في التفسير الكاشف/جواد علي كسار (92، 93)، وتفسير الكاشف هو محمد باقر حجتي، عبد الكريم شيرازي باللغة الفارسية ولم يترجم للعربية بعد.

[41] نظام القرآن/الفراهي ص94.

[42] مصابيح الدرر في تناسب آيات القرآن الكريم والسور/ عادل بن محمد أبو العلاء(ص125).

[43] وعبارة أبي جعفر بن الزبير:" لما قال تعالى ابتداء بالاعتبار: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدراراً وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرناً آخرين} [الأنعام: 6] ثم قال تعالى: {ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون} [الأنعام: 10] ثم قال تعالى: {قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين} [الأنعام: 11] ثم قال تعالى: {ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا} [الأنعام: 34] وقال تعالى: {ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء} [الأنعام: 42] ، وقال تعالى: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي} [الانعام: 13] فوقعت الإحالة في هذه الآي على الاعتبار بالأمم السالفة وما كان منهم حين كذبوا أنبياءهم وهلاك تلك القرون بتكذيبهم وعتوهم، وتسلية رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بجريان ما جرى له بمن تقدمه من الرسل {قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} [الأنعام: 33] فاستدعت الإحالة والتسلية بسط أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية، والإعلام بصبر الرسل - عليهم السلام - عليهم وتلطفهم في دعائهم... وصرف الخطاب إلى تسليته عليه السلام وتثبيت فؤاده بذكر أحوال الأنبياء مع أممهم وأمر الخلق بالاعتبار بالأمم السالفة، وقد كان قدّم لرسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عند ذكر الأنبياء{أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} [الأنعام: 90] بسط تعالى حال من وقعت الإحالة عليه، واستوفى الكثير من قصصهم إلى آخر سورة هود إلى قوله سبحانه: {وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك} [هود: 120] فتأمل بما افتتحت به السورة المقصودة بها قصص الأمم، وبما اختتمت يَلُح لك ما أشرت إليه.( البرهان في تناسب سور القرآن/ أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي(210 ).

[44] نلاحظ أن البقاعي يربط مقصود هذه السورة بمقصود جميع السور السابقة، ويوضح هذا أن نضع اسم السورة التي يشير لها البقاعي بين معقوفتين: "مقصودها إنذار من أعراض عما دعا إليه الكتاب[البقرة] في السورة الماضية من التوحيد[آل عمران] والاجتماع على الخير[النساء] والوفاء [المائدة] لما قام على وجوبه من الدليل في [الأنعام] ".
ويزيد الأمر وضوحًا ما جاء في كتاب" العزفُ على أنوار الذِّكر": وأنت إذ تنظر في مقال البقاعي في صدر سورة " الأعراف " تراه يبين مقصودها بما يقرر بناءه على ما قررته مقاصد السور السابقة عليها بدأً من سورة " البقرة " وما قامت عليه من دعوة الكتاب المستفتح بيانها بالإشارة إلى عظيم قَدْرِهِ (ذلك الكتَابُ لارَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) ،وما قامت عليه سورة " آل عمران " من تقرير معنى التوحيد، وما قامت عليه سورة " النساء " من تقرير الدعاء إلى الاجتماع على الخير، وما قامت عليه سورة" المائدة " من الدعوة إلى الوفاء بالعقود، وما قامت عليه سورة " الأنعام " من التدليل على ما سبق قيام السور السابقة عليها وهكذا تتناسل مقاصد السور تناسلا يقوم بأمرين جليلين:
الأول: تأسيس معنى لم يكن مؤسسًا في التي قبلها 0
والآخر: تأكيد ما سبق تأسيسه.
وفي كل تأكيد تأسيسٌ من وجه آخر، ولا يكون التأكيد بالتكرير بل بالتصريف البياني في تصوير المعاني، ذلك أن القرآن الكريم لا يقوم على منهاج التكرير العقيم المنتجه إعادة البيان مكوِّنًا ومكنُونًا، ذلك أنَّه لا يتأتى البتة تكرّر عنصرٍ مهِمّ من عناصر البيان هو ذو أثر جليل في تصوير المعنى. (العزفُ على أنوار الذِّكر/ محمود توفيق محمد سعد(50).

[45] (مَصَاعِدُ النَّظَرِ للإشْرَافِ عَلَى مَقَاصِدِ السِّوَرِ/برهان الدين البقاعي (2/130)، ومثله في نظم الدرر (نظم الدرر / (3/3) ، وزاد في النظم " لما ذكر سبحانه في آخر التي قبلها أنه أنزل إليهم كتاباً مباركاً، وأمر باتباعه وعلل إنزاله وذكر ما استتبعه ذلك مما لا بد منه في منهاج البلاغة وميدان البراعة، وكان من جملته أن أمر المدعوين به ليس إلا إليه، إن شاء هداهم وإن شاء أضلهم واستمر فيها لا بد منه في تتميم ذلك إلى أن ختم السورة بما انعطف على ما افتتحت به، فاشتد اعتناقه له حتى صارا كشيء واحد؛ أخذ يستدل على ما ختم به تلك من سرعة العقاب وعموم البر والثواب وما تقدمه " وقال بعد ذلك:" وتأمل افتتاح سورة الأعراف بقوله {فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين} [الأعراف: 7] وختم القصص فيها بقوله: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} [الأعراف: 176] بعد تعقيب قصص بني إسرائيل بقصة بلعام {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا} [الأعراف: 175] ، ثم قال: {ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا} [الأعراف: 176] فتأمل هذا الإيماء بعد ذكر القصص، وكيف ألحق مَنْ كذب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من العرب وغيرهم بمن قص ذكره من المكذبين، وتأمل افتتاح ذكر الأشقياء بقصة إبليس وختمها بقصة بلعام وكلاهما ممن كفر على علم، وفي ذلك أعظم موعظة، قال الله تعالى إثر ذلك {من يهد الله فهو المهتدي} [الأعراف: 178] ، فبدأ الاستجابة بنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذكر ما أنعم عليه وعلى من استجاب له فقال تعالى: {المص كتاب أنزل إليك} [الأعراف: 1-2] فأشار إلى نعمته بإنزال الكتاب الذي جعله هدى للمتقين، وأشار هنا ما يحمله عليه من التسلية وشرح الصدور بما جرى من العجائب والقصص مع كونه هدى ونوراً، فقال {فلا يكن في صدرك حرج منه} [الأعراف: 2] أي أنه قد تضمن مما أحلناك عليه ما يرفع الحرج ويسلي النفوس لتنذر به كما أنذر من قبلك ممن نقص خبره من الرسل، ولتستن في إنذارك ودعائك وصبرك سننهم، وليتذكر المؤمنون؛ ثم أمر عباده بالاتباع لما أنزله فقال: {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم} [الأعراف: 3] فإنه هلاك من نقص عليكم خبره من الأمم إنما كان لعدم الاتباع والركون إلى أوليائهم من شياطين الجن والإنس، ثم أتبع ذلك بقصة آدم عليه السلام ليبين لعباده ما جرت سنته فيهم من تسلط الشياطين وكيده وأنه عدو لهم {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} [الأعراف: 27] (نظم الدرر /البقاعي/ دار الكتب العلمية (3/4،3).

[46] الأصلان في علوم القرآن/أ. د. محمد عبد المنعم القيعي (238) وهو في الحقيقة تلخيص لكلام البقاعي.

[47] نظرة العجلان في أغراض القرآن / محمد بن كمال أحمد الخطيب (36).

[48] (الموسوعة القرآنية، خصائص السور/جعفر شرف الدين (3/86).

[49] ثم قال: تبدأ السورة بالإنذار، ثم تسلك بهذا المعنى سبلًا شتى وتتصرف فيه تصرفات كثيرة وترسم له صورًا متعددة وتلمس به المشاعر لمسات مختلفة، فتارة يأخذ السياق شكل القصة: قصة آدم مع إبليس، ثم قصص نوح، وهود، وصالح، وشعيب، وموسى مع أقوامهم لتنتهي كل قصة بالعذاب والنكال لمن يخالفون عن أمر الله تعالى ، وتارة يأخذ شكل مشهد من مشاهد القيامة أو مشاهد الاحتضار تنكشف فيه مصائر المكذبين ، المتكبرين ، ومصائر الطائعين لله رب العالمين.
ويتخلل القصص والمشاهد ما يتسق مع الجو العام من توجيه الإنظار والقلوب ومن الدعوة إلى التوبة والإنابة قبل أن يحل العقاب ويتحقق الإنذار من الإشارة إلى عواقب المكذبين من الأمم الخالية التي حق عليها النذير، ثم بعد هذا نقل المصنف كلام الأستاذ محمود شلتوت فقال:" مهّدت سورة الأعراف لمقاصدها ببيان عظمة الكتاب، وجلال هدايته، وقوة حجته في توضيح الدعوة، وإنذار المخالفين بها.
ثم تناولت أهداف الدعوة في مكة، وهي تقرير رسالة الإسلام وبيان أصول هذه الدعوة: توحيد الله في العبادة والتشريع، وتقرير البعث والجزاء، وتقرير الوحي والرسالة بوجه عام، وتقرير رسالة سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بوجه خاص. وتلك هي أصول الدعوة الدينية التي كانت لأجلها جميع الرسالات الإلهية. (أهداف كل سورة ومقاصدها / عبد الله شحاتة (92).

[50] الأقوال الحسان في حسن نظم القرآن/ عبد المتعال الصعيدي (1/104،103).

[51] التيسير في أحاديث التفسير/ محمد المكي الناصري (2/ 197).

[52] مزج الدكتور عمر بين هذا القول والقول السادس، ولكن أدخلته هنا تقليلًا للأقسام.

[53] د. أحمد خير العمر/ تأملات رائعة في سورة الأعراف منشور في موقع بالعربيك /على الانترنت.

[54] جاء في المختصر في تفسير القرآن الكريم/جماعة من علماء التفسير ص151.

[55] في ظلال القرآن/ سيد قطب إبراهيم (3/ 1745) هذا ما لخصه سيد قطب لمقصود سورة الأعراف بعبارة موجزة عند كلامه على سورة يونس، وكان قد قال في مقدمة سورة الأعراف:" هذه سورة مكية - كسورة الأنعام - موضوعها الأساسي هو موضوع القرآن المكي .. العقيدة.. ولكن ما أشد اختلاف المجالين اللذين تتحرك فيهما السورتان في معالجة هذا الموضوع الواحد.. نجد سورة الأعراف - وهي تعالج موضوع العقيدة كذلك - تأخذ طريقًا آخر، وتعرض موضوعها في مجال آخر.. إنها تعرضه في مجال التاريخ البشري.. في مجال رحلة البشرية كلها مبتدئة بالجنة والملأ الأعلى، وعائدة إلى النقطة التي انطلقت منها.. وفي هذا المدى المتطاول تعرض «موكب الإيمان» من لدن آدم - عليه السلام - إلى محمد - عليه الصلاة والسلام - تعرض هذا الموكب الكريم يحمل هذه العقيدة ويمضي بها على مدار التاريخ. يواجه بها البشرية جيلا بعد جيل، وقبيلا بعد قبيل..
ويرسم سياق السورة في تتابعه: كيف استقبلت البشرية هذا الموكب وما معه من الهدى؟ كيف خاطبها هذا الموكب وكيف جاوبته؟ كيف وقف الملأ منها لهذا الموكب بالمرصاد وكيف تخطى هذا الموكب أرصادها ومضى في طريقه إلى اللّه؟ وكيف كانت عاقبة المكذبين وعاقبة المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة.. إنها قصة البشرية بجملتها في رحلتها ذهابا وإيابا. تتمثل فيها حركة هذه العقيدة في تاريخ البشرية، ونتائج هذه الحركة في مداها المتطاول.. حتى تنتهي إلى غايتها الأخيرة في نقطة المنطلق الأولى.. وكأنما هو الوصف المصاحب للقافلة في سيرها المديد، خطوة خطوة، ومرحلة مرحلة، حتى تؤوب! (في ظلال القرآن/ سيد قطب (3/ 1244، 1245).

[56] التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم/ مجموعة من علماء التفسير (3/4).

[57] في ظلال القرآن ،سيد قطب (3/1244)

[58] التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم/ مجموعة من علماء التفسير (3/8).

[59] نلاحظ أنه جمع بين ما قاله سيد قطب وما قاله محمد شلتوت.(محتويات سورة القرآن /أحمد بن أحمد الطويل (ص80،79).

[60] من وحي القرآن/محمد حسين فضل الله (10/7).

[61] محاضرات مفرغة في موقع إسلاميات بعنوان مقاصد السور ـ سورة الأعراف ـ للدكتور محمد عبد العزيز الخضيري، يقول علي هاني الخضيري دمج بين ما قاله سيد قطب وما قاله طهماز وسيأتي كلامه.

[62]نظم الدرر في تناسب الآي والسور /البقاعي (3/9).

[63] قال سعيد حوى/ الأساس في التفسير (4/1835).

[64] (الأساس في التفسير/ سعيد حوّى (4 /1997)، وقال في موضع ثالث:" لاحظنا أن محور سورة الأعراف هو قوله تعالى: { فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ }،ولاحظنا أنَّ المقدمة ذكرت أن هذا القرآن هدى الله، وأن الله أنزله وأمر باتباعه، ثم بين ما فعل بالقرى التي رفضت هديه، وماذا سيكون حال الجميع يوم القيامة. والصلة واضحة بين مقدمة السورة وبين محورها. (المرجع السابق (4/ 1851).

[65] "دلالة أسماء السور القرآنية على محاورها وموضوعاتها/ د عمر عرفات(ص96).

[66] المصدر السابق ص 103.

[67] (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد/ بن عجيبة)(2/ 195).

[68] معارج التفكر ودقائق التدبر/ عبد الرحمن حسن حبنكة/ دار القلم (4/39).

[69] موقع شبكة الألوكة ـ نور البيان في مقاصد سور القرآن ـ مقاصد سورة الأعراف ـ الدكتور عبد البديع أبو هاشم.

[70] التناسق الموضوعي في سورة الأعراف / معتوقة بنت محمد الحساني (92).

[71] عبارة الطيبي:" وإن هذه السورة الكريمة: من مفتتحها إلى مختتمها، مفرغة في قالبٍ واحد، على نمطٍ عجيب، وأسلوبٍ غريب، لأنه تعالى افتتحها بقوله: (الّمص * كِتَابٌ أُنزِلَ إلَيْكَ فَلا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) [الأعراف: 1 - 2] نهاه صلوات الله وسلامه عليه عن ضيق الصدر، والتحرج عما كان يلقى من المشركين من أنواع الأذى، لئلا يتوانى في التبليغ والإنذار، ثم قص عليه قصص الأنبياء الماضية، والقرون السالفة، وما كان مغبة تكذيبهم، وعاقبة صبر الأنبياء، تشجيعاً له، وتثبيتاً لقلبه: (وكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ).
ثم ختم قصص الأنبياء بذكر موسى عليه السلام وأطنب في أحوال أمته، إلى أن انتهت إلى قصة بلعام وأحواله، وكانت قصته شبيهة بقصة اليهود الذين أدركوا زمن الرسول صلي الله عليه وسلم وآذوه، وأورد قوله: {سَاءَ مَثَلاً القَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ} [الأعراف: 177] على ما سبق، فكر راجعاً إلى ما بدئت به السورة، من: تكذيب القوم، وإعراضهم عن آيات الله، وما كان يتحرج منه صدره صلوات الله عليه من قوله تعالى: {والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}، وقوله: {يسألونك عن الساعة} أي: يسألونك أيان مرساها؟ مقترحين، فلا تبال بهم، وأجب عن سؤالهم وأنت منشرح الصدر: (إنما علمها عند ربي) إلى آخر نيفٍ وعشر آيات، على طريقة الأسلوب الحكيم.
وتحريره: أني ما بعثت لأن أكشف لكم عن أيان الساعة، لأنه من الأمور الإلهية، لا إطلاع لي عليه، (لا يجليها لوقتها إلا هو)، (إن أنا إلا نذير وبشير)، وإنما بعثت لأكشف لكم عن الاستعداد لها، والعمل بما ينفعكم، ومما هو أهم الأشياء، وأدعى إليه أن أكشف لكم عن قبح ما أنتم فيه من الشرك بالله، وأوقفكم (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13]. فكيف بما تفعلون أنتم؟ وهلم جرًا إلى آخر الآيات. (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف/ شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي (6/ 704).

[72] ثم قال:" وإن هنالك من الناس من هم على مستوى عالٍ من المعرفة ـ على الأعراف ـ يستطيعون التمييز جيدًا بين الحق والباطل، والخطأ والصواب، والإيمان والكفر ولكنهم غير ملتزمين ولا مكترثين للعمل الصالح فلم يتحملوا مسؤولياتهم، غير أنهم في نفس الوقت لم يصدوا عن سبيل الله .( تفهيم القرآن العظيم(محاور السور وتكاملها وخلاصة معانيها/ محمد فاروق فارس الزين(ص58).

[73] تيسير التفسير/ إبراهيم القطان(2/33)، ومثله ما جاء في مقدمة مصحف الشيخ مكتوم الإلكتروني المنشور في الانترنت حيث جاء فيه :" مهمتها تقرير لأصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله تعالى ، وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة ، وتتناول السورة تاريخ البشرية منذ البداية مع آدم عليه السلام إلى النهاية في يوم القيامة وذلك من خلال الصراع بين الخير والشر.

[74] ثم قال وقد سلكت السورة بعد تحديد الدعوة على هذا الوجه، في تركيزها وحمل الناس عليها، وتنبيههم إليها، سبيل التذكير بالنعم، والتخويف بالعذاب، وهما أسلوبان بكثير استخدام القرآن لهما في الدعوة، وقلما ينفرد فيه أحدهما عن الآخر، وكان ذلك تمشيًا مع طبيعة الإنسان التي قضت أن تكتنفه عاطفة الرغبة فيما يحب، وعاطفة الخوف مما يكره، ثم هما بعد ذلك أسلوبان عامان لجميع الطبقات البشرية، سواء منهم من كان من أهل النظر والاستدلال أم لم يكن من هؤلاء .. ومن جملة التذكير بالنعم { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11) } فلفتت فيه الأنظار إلى ما يلمسونه ويحسونه من نعمة تمكينهم في الأرض واتخاذهم إياها وطنًا مزودًا بضروب شتى مما يحتاجون إليه في معايشهم وما به قوام حياتهم وكمالها ، يستقلون فيه بالحكم والتصرف ، والانتفاع بموارده الحيوانية والنباتية والمعدنية في ظاهر الأرض وباطنها ، لا يشاركهم فيه أحد، ولا يعكر عليهم فيه أحد صفو الحياة ، وهذه نعمة كبرى يجب أن تقدر ، وأن تقابل بالشكر والإيمان ، ولكن الناس لنشأتهم فيها وتعودهم عليها وشدة الفهم بها ينعمون غير مقدرين لها ، ولا عارفين فضلها ، ولا شاكرين لربها { قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ }.{(تفسير القرآن الكريم / الأستاذ محمود شلتوت (349،348))، ونقله (إبراهيم القطان في تيسير التفسير (2/33).

[75] صفوة التفاسير/ محمد علي الصابوني (1/402) (إيجاز البيان في سورة القرآن / محمد علي الصابوني (28).

[76] التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج/وهبة بن مصطفى الزحيلي (8/ 133).

[77] سور القرآن دروس ومحاور، من إصدارات دار المعرفة، تفريغ موقع إسلاميات.

[78] ثم قال:" كما تعرضت السورة الكريمة إلى أصناف البشر فهم على مرّ العصور ثلاثة أصناف: المؤمنون الطائعون، العصاة، والسلبيون الذين هم مقتنعون لكنهم لا ينفذون إما بدافع الخجل أو اللامبالاة وعدم الاكتراث. والسلبية هي من أهم المشاكل التي تواجه الفرد والمجتمع والأمة، جاءت الآية لتحذرنا أنه علينا ان نحسم مواقفنا في هذه الحياة، ونكون من المؤمنين الناجين يوم القيامة ولا نكون كأصحاب الأعراف الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم وينتظرون أن يحكم الله فيهم. .. وسميت السورة (الأعراف) لورود ذكر اسم الأعراف فيها وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين أهلهما،روى جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال: هم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله تعالى فيهم... والأعراف قنطرة عالية على شكل عرف بين الجنة والنار والمكث عليها مؤقت لأن في الآخرة الناس إما في النار أو في الجنة، وأصحاب الأعراف كانوا يعرفون الحق والباطل لكنهم لم يحسموا أمرهم فحبسوا بين الجنة والنار حتى يقضي الله تعالى فيهم {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[ آية: 46] فعلينا أن لا نضع أنفسنا في هذا الموقف، ونعمل جاهدين على أن نكون من أهل الجنة حتى لا نقف هذا الموقف على الأعراف... مقارنة بين الحسم والتردد في قصة موسى وفرعون والسحرة: الآيات توضح كيف حسم السحرة موقفهم من نبي الله موسى بعدما رأوا الحق وأخذوا موقفاً واضحاً من فرعون وأتباعه وآمنوا بالله تعالى وبما جاء به موسى{ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ (126)} [ الآيات: 120 ـ126]، وتردد بنو اسرائيل باتباع موسى {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ* قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}[ الآيات: 128 – 129]، وهذه عبرة لنا بأن التردد لا يؤدي الى الحق والجنة... قصة أهل السبت: وكيف تحايلوا على الله تعالى لأنهم لم يحسموا مواقفهم بالتسليم الكلي لله وتطبيق ما يعتقدونه عملياً حتى يكونوا من الفائزين، لكنهم كانوا يعتقدون شيئاً ويمارسون شيئاً آخر،{واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[ آية: 163] فئات بني اسرائيل: عرضت السورة فئات بني إسرائيل الثلاثة، فهم إما: عصاة، أو مؤمنون ينهون عن المعاصي، وإما متفرجون سلبيون وهذه الفئات موجودة في كل المجتمعات، السلبيون قالوا {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا}[ آية: 164]، والمؤمنون ردوا {قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[ آية: 164]، وقد ذكر الله تعالى لنا كيف نجّى الفئة المؤمنة وعاقب الفئة العاصية كما في قصة أصحاب الأعراف {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}[ آية :165]ولم يذكر هنا مصير الفئة السلبية، بعض العلماء يقولون أنهم مع الفئة الضالة الظالمة لأنهم لم ينهوا عن السوء والبعض الآخر يرى أنهم سكتوا عن الحق والله تعالى سيحسم وضعهم يوم القيامة؛ لذا لم يرد ذكرهم في السورة والله أعلم... إذن بعد هذا العرض للسورة نستنتج أنه علينا الابتعاد عن السلبية، وعلينا أن نحسم مواقفنا من الآن لأننا تريد أن ندخل الجنة بإذن الله، ولا نريد أن نكون مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وعلينا أن لا يثنينا عن نصرة الحق لا خجل ولا عدم مبالاة او قلة اكتراث ولا ضعف.( لمسات بيانية لسور القرآن الكريم (محاضرات مفرغة )/الدكتور فاضل السامرائي (5ـ11). يقول علي هاني: ويقابل صورة السحرة صورة الذي انسلخ عن الآيات: { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)}[الأعراف:175، 176].

[79] ثم قال :" وهذا المعنى يبدو واضحًا في قصص الأنبياء الواردة في هذه السورة ، والتي ركزت على الفصل بين المؤمنين الذين أنجاهم الله تعالى وبين الكفار مع عدم ذكر أي فئة سلبية أو متفرجة ؛ لأن الأصل أن يكون للإنسان موقف محدد في حياته ، ففي قصة نوح مثلًا نرى أن ختام القصة: { فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ }[الأعراف: 64]، وفي قصة هود عليه الصلاة والسلام:{ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ}[الأعراف:72] وفي قصة لوط عليه الصلاة والسلام :{ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) }[الأعراف:83،82]..وكأن المعنى في هذا كله إما أن تكون مع الذين آمنوا معه وإما أن تكون مع الذين كذبوا بآيات الله ، فلا وجود للفئة المتفرجة في هذه القصص ، وبداية السورة تعلن هذا المعنى بوضوح: { كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف:2]، وفي الآية الثالثة تلح على المعنى نفسه: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}[الأعراف: 3] فهنا طلب جازم باتباع الحق فورًا بلا تردد أو سلبية أو تطلع للطرق الأخرى ،وسميت سورة الأعراف باسم من تساوت حسناتهم وسيئاتهم ، فهم لم يحسموا مواقفهم وأعمالهم في الحياة ؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فإياك أن تكون أحدهم بادر إلى اتباع طريق الحق ولا تكن أعرافيًا، بل احسم موقفك ؛ لأنك قد تحرم حتى من أن تكون مع أصحاب الأعراف في حال سوء الخاتمة والعياذ بالله..فإما إيمان وحسم للموقف واتباع للأنبياء ، وإما بأس شديد وعذاب أليم من الله تعالى، خواطر قرآنية (نظرات ف أهداف سور القرآن / عمرو خالد (ص،115،112، 117).

[80] الخرائط الذهنية /صفية عبد الرحمن السحيباني (6).

[81] وجاء فيه : مناسبة التسمية بالأعراف لأن الله تعالى ذكر أهل الجنة وأهل النار ، ثم ذكر بينهما الأعراف، وهو سور مرتفع عليه طائفة من الناس لم يحسنوا تحديد موقفهم في الدنيا، فأوقفهم الله تعالى عليه سنين لا يعرفون مصيرهم ، فجاءت تسمية السورة موافقة لموضوعها ومحورها. (أول مرة أتدبر القرآن /عادل محمد خليلي (ص60).

[82] ثم قال ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  1. الانحراف عن أصل الفطرة في الاعتقاد، والإعراض عن دين الله تعالى وأحكام شريعته.
  2. الانحراف عن سنن الفطرة والشذوذ في العلاقات الجنسية.
  3. الاغترار بالقوة والتكبر والطغيان والعدوان.
  4. الطمع والجشع وسلب حقوق الناس.
  5. الاستبداد، وتحكم الفئة الفاسدة في السلطة والحكم، وممالأة العامة والركون إليهم.
  6. تحجر المشاعر، وتبلد المدارك ، بسبب السرف والترف والانهماك بشهوات الحياة الأرضية المادية .
  7. الانسلاخ عن الشعور بالمسؤولية وإنكار يوم الحساب والجزاء. (التفسير الموضوعي لسور القرآن العظيم / عبد الحميد محمود طهماز (3/8،6).

[83] وقد جاء ما يشبه هذا في موقع إسلاميات حيث جاء فيه "ويستطيع دارس هذه السورة أن يضع يده على أسباب إهلاك الله تعالى لهذه الأمم: إنه الانحراف عن أصل الفطرة في الاعتقاد ،والإعراض عن دين الله تعالى وأحكام شريعته، والانحراف عن سنن الفطرة والشذوذ في العلاقات الجنسية، والاغترار بالقوة ،والتكبر والطغيان والعدوان، ويأتي مع ذلك الطمع والشجع وسلب الحقوق، ومن هذه الأسباب جحود نعم الله تعالى، وتحجر المشاعر وبلد الإحساس بسبب السرف والترف والانهماك في الشهوات وهذا يسبب انسلاخًا عن الشعور بالمسؤولية وإنكار يوم الحساب والجزاء ، وأما استتباب نهضة الأمم هو الالتصاق بالحق الذي خلق الله به السماوات والأرض والحق هو دين الله عز وجل ورسالاته للناس فبقدر ما يتوجهون لعبادة الله تعالى وحده والخضوع له يكتب لهذه الأمة البقاء والقوة". (سور القرآن دروس ومحاور/ موقع إسلاميات).
 
عودة
أعلى