الجار قبل الدار

إنضم
11/01/2012
المشاركات
3,868
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
67
الإقامة
الدوحة - قطر
الجار قبل الدار
كانت العرب تقول : لا يَنْفعُك من جَارِ سَوءٍ تَوَقٍّ [1] ؛ وهو مثل يُضرب في سوء المجاورة ؛ قال أبو عبيد : يعني : إنك لا تقدر على الاحتراس منه ولو حرصت ، لقربه منك .ا.هـ . والتوقي : الاتقاء والاحتراس .
ومن كلام الحكماء : الجار قبل الدار ، والرفيق قبل الطريق ؛ أخذه الشاعر فقال :
يقولون قبل الدَّار جارٌ مجاورٌ ... وقبل الطَّريق النَّهجِ أُنسُ رفيقِ
ولم يزل العقلاء يتخيَّرون حسن الجوار ؛ كما قال أبو تمام :
مَنْ مُبْلِغُ أفْنَاءَ يعرُب كلَّها ... أني بَنيت الجارَ قبل المنزلِ​
وقال آخر :
اطلب لنفسك جيرانًا تجاورهم ... لا تصلح الدَّار حتّى يصلح الجار​
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من سوء الجوار ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أنَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ ، فَإِنَّ جَارَ البَادِي يَتَحَوَّلُ "[SUP] [2] [/SUP].
وروى الطبراني عَنْ عُقْبَةَ بن عَامِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ فِي دَارِ الْمُقَامَةِ "[SUP] [3] [/SUP].


[1] انظر الأمثال لأبي عبيد ؛ ومجمع الأمثال للميداني ، والأمثال للعسكري .

[2] رواه البخاري في ( الأدب المفرد ) رقم 117 ، وأبو يعلى ( 6536 ) ، وابن حبان ( 1033 ) ، والحاكم ( 1951 ) وصححه على شرط مسلم ؛ ووافقه الذهبي .

[3] الطبراني في الكبير : 17 / 294 ( 810 ) ؛ وقال الهيثمي في ( مجمع الزوائد : 7 / 220 ) : رواه الطبراني ورجاله ثقات ؛ ثم قال ( 10 / 144 ) : رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح غير بشر بن ثابت البزار و هو ثقة .ا.هـ . فالحديث صحيح .
 
أمر النبي أمته أن يستعيذوا من جار السوء ؛ فروى أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ جَارِ الْمَقَامِ ، فَإِنَّ جَارَ الْمُسَافِرِ إِذَا شَاءَ أَنْ يُزَالَ زَالَ " ؛ ورواه النسائي بلفظ : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ ، فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ "[SUP] [1] [/SUP]. ومن دعاء دَاوُد عليه السلام أنه كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ جَارِ سَوْءٍ عَيْنُهُ تَرَانِي وَقَلْبُهُ لَا يَنْسَانِي ؛ إنْ رَأَى حَسَنَةً كَتَمَهَا ، وإنْ رَأَى سَيِّئةً نَشَرَهَا .
وفي أمثال العرب إذا كان للإنسان دار وله جار سيئ : هذا أحقُ منزلٍ بتَرْكٍ .
وقال الشاعر :
يلومونني أن بعت بالرُّخصِ منزلي ... ولم يعرفوا جارًا هناك ينغِّصُ
فقلت لـهم كفُّوا الملام فإنَّها ... بجيرانها تغلو الدِّيـار وترخصُ
وقال آخر :
ألا من يشتري دارًا برخصٍ ... كراهة بعض جيرتها تُباع
ومنه قولهم : بعتُ جاري ولم أبع داري ؛ يقول : كنتُ راغبا في الدار إلا أني بعتُها بسبب الجار السوء .
ومما يؤمر الكريم باجتنابه ... جار سوء ملاصق لجنابه
وروى ابن أبي شيبة عن الحسن قال : قال لقمان لابنه : يا بني حملت الجندل والحديد فلم أر شيئا أثقل من جار سوء[SUP] [2] [/SUP]؛ وقد ذكر الفقهاء أن من اشترى دارًا لها جار سوء فعيب ترد به ؛ فنعوذ بالله تعالى من جار السوء .


[1] أحمد : 2 / 346 ؛ والنسائي ( 5502 ) ؛ والحاكم ( 1952 ) وصححه على شرط مسلم ؛ ووافقه الذهبي .

[2] ابن أبي شيبة ( 34296 ) .
 
عودة
أعلى