الجابري يجيب عن سؤال:

أحمد بوعود

New member
إنضم
03/08/2007
المشاركات
78
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
تطوان المغرب
كيف نفهم القرآن الحكـــيم ؟[
/B]
بعد كتابه التعريف بالقرآن الكريم (2006)، أو مسار الكون والتكوين للقرآن الكريم، صدر للدكتور محمد عابد الجابري كتاب فهم "القرآن الحكيم.. التفسير الواضح حسب ترتيب النزول". وهو تتمة لسابقه غير أنه يبحث في مسار التنزيل.
1- محتويات الكتاب
يشتمل القسم الأول من هذا الكتاب على ثلاث مراحل، هي بمثابة فصول للكتاب، قدم لكل منها باستهلال خاص وختم باستطراد:
* المرحلة الأولى: النبوة والربوبية والألوهية
وجمع فيها السور ذات هذا الموضوع والتي يغلب فيها ذكر: الرب، الله، الرحمن، جل جلاله، مع مراعاة ترتيب نزولها، وهي: العلق، المدثر، المسد، التكوير، الأعلى، الليل، الفجر،الضحى، الشرح، العاديات، الكوثر، التكاثر، الماعون، الكافرون، الفيل، الفلق، الناس، الإخلاص، الفاتحة، الرحمن، النجم، عبس، الشمس، البروج، التين، قريش.
* المرحلة الثانية: البعث ومشاهد القيامة، أو المعاد
وفيها تطرق إلى سور: القارعة، الزلزلة، القيامة، الهمزة، المرسلات، ق، البلد، العلق –بقية، المدثر –بقية، القلم، الطارق، القمر.
* المرحلة الثالثة: إبطال الشرك وعبادة الأصنام
وفيها جمع سور: ص، الأعراف، الجن، يس، الفرقان، فاطر، مريم، طه، الواقعة، الشعراء، النمل، القصص، يونس، هود، يوسف.
والذي تجدر الإشارة إليه أنه في بعض الأحيان لا يأتي إلا بمقطع من السورة مراعاة لموضوع المرحلة.
2- فـي المنـهج
يمكن أن نوجز منهج الجابري في كتابه هذا في النقاط التالية:
1- اعتمد د. الجابري في بيان هذه المراحل وتفسيرها على ترتيب النزول لا ترتيب المصحف، رغم الاختلاف الحاصل بشأنه، بل، أحيانا، يعيد ترتيبها ترتيبا يتناسب ومقتضيات بحثه.
2- عند حديثه عن بيان وتفسير موضوع سورة من سور المرحلة فإنه يعمد إلى:
- تقديم السورة.
- عرض نص السورة أو مقطع منها حسب موضوع المرحلة.
- تعليق حول المضمون.
وعند الاقتضاء يقسم مضمون السورة إلى وحدتين أو أكثر.
3- عند عرض السورة، أو المقطع، يعرض بجانب مفرداتها وعباراتها معانيها بين قوسين ويضع رقم الآية على رأس آخر الكلمة بآخر الآية.
4- في بعض الأحيان يجعل من نص الآية موضوعا بمقدمة وخاتمة كما هو الحال في سورة البلد مثلا.
3- ومضات نقدية
بعد هذه الجولة السريعة أورد هذه الومضات النقدية:
1- إن الدكتور الجابري في كتابه "التعريف بالقرآن"، إن كنت أحسنت فهمه، يرى أن قراءة القرآن الكريم وفهمه حسب ترتيب نزوله لا يأتي بكثير فائدة مستندا في ذلك إلى عدول ريجيس بلاشير عن ترتيب نزول القرآن في الطبعة الثانية، فما الدواعي إذن لسلوك هذا الطريق ؟ وما هي الإضافة التي يمكن أن تضيفها إعادة ترتيب السور حسب نزولها ؟ مع العلم أن أسباب وأوقات النزول متداخلة بين السور والآيات. فكم من سورة بها أوقات مختلفة لآياتها. وقد اجتهد المرحوم محمد عزة دروزة في تفسير القرآن الكريم بحسب تاريخ نزول سوره إلا أنه لم يأت بجديد يذكر؛ ذلك أن الوحدات التشريعية والنظمية هي في الأصل مجموعة من الآيات المترابطة الموفية بالمقصد. ومن جهة أخرى إن القرآن أنزله الله تعالى من أجل هداية البشر، ولا عبرة بأول وآخر ما نزل إلا من حيث الدلالة على سبل الاهتداء، كما في آيات تحريم الخمر التي تدرجت بالمؤمنين حتى الانتهاء التام.
2- جعل الجابري نص الإمام الشاطبي الآتي هاديا له في قراءة القرآن الكريم: "المدني من السور ينبغي أن يكون منزلا في الفهم على المكي، وكذلك المكي بعضه مع بعض على حسب ترتيبه في التنزيل، وإلا لم يصح" .
وأقول: إن حصر الجابري منهجَه في هذا النص يعتبر في نظري تضييقا ونظرا إلى الموضوع من زاوية ضيقة؛ ذلك أن الشاطبي رحمه الله وضع هذه القاعدة في سياق الكلام على مجموعة من القواعد الهادية إلى فهم قويم للقرآن الكريم، والتي بحاجة اليوم إلى دراسة، ونحن أحوج ما نكون إلى الاسترشاد بها في فهم القرآن الحكيم فهما متجددا، من هذه القواعد: معرفة معهود العرب، معرفة أسباب النزول، بيان السنة للقرآن، معرفة حكايات القرآن، معرفة الظاهر والباطن، صحة المعنى شرط التأويل، التوسط والاعتدال في التفسير...
3- أتفق مع الدكتور محمد عابد الجابري بخصوص ملاحظته حول عدم تقدم علم التفسير؛ ذلك أن هذا العلم حصل له ما حصل لباقي العلوم الإسلامية وربما بشكل أكثر. فإذا كان العقل المسلم قد توقف عن الإبداع أو تقلص عطاؤه وإبداعه بعد منتصف القرن الرابع الهجري وغلبت سطوة السيف فإن علم التفسير نال نصيبه الأوفر من ذلك، مع إضافة عدم جرأة الكثيرين على الإقدام على مناقشة آراء أسلافهم بخصوص فهم النص القرآني حتى إننا نجد التفاسير يشبه بعضها بعضا، وأكثر من هذا، كان تفسير كتاب الله تعالى في كثير من التفاصيل مرتبطا بظروف المفسر وأحوال عصره، ومثل هذا التفسير / الفهم لن يصلح بالطبع للعصور اللاحقة... من هنا، فغن إعادة النظر في المادة التفسيرية التي خلفها علماؤنا والبناء عليها وتطويرها مطلب ملح إن نحن أردنا تجديد هذا العلم وإثبات خلود القرآن الكريم وتحقيق حاكميته.
أما الخطة التي اقترحها الدكتور الجابري في كتابه هذا كمنهج لتجديد التفسير والفهم فتبقى، في نظري، قاصرة عن بلوغ هذا الهدف؛ إذ كيف يمكن لاستعمال "علامات الإفهام" أن يشكل جزءا أساسيا لتفسير واضح في غياب الإفهام نفسه ؟ فهو يرى "أن المكتبة العربية الإسلامية تفتقر إلى تفسير يستفيد في عملية "الفهم" من جميع التفاسير السابقة، ولكنه يعتمد ترتيب النزول، ويسلك طريقة في "الإفهام" ألصق بالطريقة التي تعتمد اليوم في الكتابة مع الاستفادة مما يقدمه الحاسوب من إمكانيات على مستوى التنظيم والتصنيف واستعمال العلامات إلخ" .
إن ما اقترحه الدكتور الجابري أمر محمد ومطلوب، ولكنه مكمل ليس إلا، وأقترح هنا أمورا أراها أساسية في الفهم لم أجد لها أثرا واضحا في الكتاب مثل:
- مراجعة نقدية لتراث علوم القرآن وتنقيته مما لا يتفق وقدسية النص القرآني.
- ومراجعة القواعد التفسيرية في تراث علم التفسير.
- وسبر أغوار النظريات المعاصرة في الفهم والتفسير.
- وبحث اللسانيات والعلوم الاجتماعية الحديثة.
4- وأخيرا، يبقى كتاب الدكتور محمد عابد الجابري "فهم القرآن الحكيم" بحاجة إلى دراسة متأنية لاستنكاه مقاصده، خاصة وأنه يثير كثيرا من التساؤلات والإشكالات باعثها القلق الفلسفي يستفاد منها ولا شك، ربما عدت إليها في وقت لاحق بإذن الله تعالى.
 
شكراً لك أخي أحمد بوعود على هذا العرض المفيد ...
والحقيقة أنني حتى الآن لم أقرأ كتاب الجابري الأول" مسار الكون والتكوين ... " رغم سماعي عنه الكثير ما بين ممجد ومفند ...
ولكن لا بد من الاطلاع والعودة إن شاء الله عز وجل ...
 
دائماً يحاول الجابري أن يبحث في مسار التنزيل وأن ينظر إلى الآية في سياقها وسباقها ولا يقتطعها من بين الآيات الملتفة حولها حتى يكون المعنى أوضح، وخالياً من أي تشويش.
ولا شك أن السياق القرآني له دوره في تحديد دلالات الآيات وألفاظ تلك الآيات ، حتى أنه يمكن من خلال السياق إستكشاف خطأ من يتلو القرآن في حال خطئه، ومثاله أن أحد العرب سمع رجلاً يتلو آيةً هكذا «والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من اللَّه واللَّه غفور رحيم».
فقال الأعرابي أخطأت، قال: وكيف؟
قال: إن المغفرة والرحمة لا تناسبان مع قطع يد السارق.
فتذكّر الرجل الآية وقال: « واللَّه عزيز حكيم » فقال الأعرابي نعم، بعزّته أخذها، وبحكمته قطعها.
ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس يقتطعون الآية أو جزء الآية من سياقها ليستفيدوا ما يشاؤون من معاني ومضامين تنسجم مع ما يرغبون كما في قوله تعالى:
«ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» حيث اتخذها البعض مبرراً للتهرب من المسؤوليات الملقاة على عواتقهم وفراراً من أدنى تضحيات يقدمونها في سبيل هدف أسمى مع أن الآية جاءت في سياق آيات تحث المؤمنين على الإنفاق في سبيل اللَّه تعالى كجهاد مالي يضاف إلى الجهاد بالأبدان والأرواح والأنفس، من خلال تجهيز الغزاة، وأن عدم الإنفاق والبخل يؤدي إلى إضعاف جبهة المسلمين وبالتالي هلاكهم وإبادتهم قال تعال: «... وأنفقوا في سبيل اللَّه ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن اللَّه يحب المحسينين» فالتهلكة يقصد بها هنا ما يترتب على عدم الإنفاق.
 
عودة
أعلى