التوسل بالألوهية والربوبية

إنضم
05/07/2014
المشاركات
305
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
57
الإقامة
مصر
من تدبر سورة الفاتحة، وقوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}

السؤال: أنا وأنت وكل الناس يرفعون أكف الضراعة لله يسألون حاجاتهم، فيقولون يا ربي، أو يا إلهي، فأي التوسل يعجبك، هل التوسل بالألوهية وحدها، أم بالربوبية وحدها، أم بهما جميعا، وهل تحس بفرق في ذلك؟

((( التوسل بالألوهية والربوبية )))

سورة الفاتحة دعاء من أول قوله تعالى: {الحمد لله} حتى النهاية[1].
والدعاء يفتتح بالتعظيم والتوسل، وهذا التوسل يكون بصفات الله وبأسمائه الحسنى،
فمثلا تقول يا رب ارزقني، أو يا إلهي اغفر لي، ونحو ذلك، وهذا دأب الأنبياء والصالحين.

وفي قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}، أول صفة يتوسل بها هي صفة الألوهية في قوله تعالى: {لله}،
ولفظ الجلالة (الله) معناه الإله الحق، ويتضمن كلمة التوحيد لا إله إلا الله[2]،
وقد تأتي صفة الألوهية بألفاظ أخرى مثل: {إلهكم}، و{اللهم}، و{لا إله إلا هو}، ونحو ذلك.

وثاني هذه الصفات صفة الربوبية، في قوله تعالى: {رب العالمين}،
أي الخالق الرازق المدبر المصلح لشئون خلقه[3]،
وقد تأتي صفة الربوبية بألفاظ كثيرة جدا مثل: {ربكم}، و{ربنا}، ونحو ذلك.

والألوهية تسبق الربوبية، فالألوهية أول الأمر فهو سبحانه الأول والآخر.

أما الربوبية فهي مقترنة بالخلق إلى الأبد.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان اللهُ ولم يكن شيٌء غيرُهُ))[4].
فوصفه بصفة الألوهية قبل الخلق.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أولَ ما خلق اللهُ القلمُ، فقال لهُ: اكتبْ، قال: ربِّ، وماذا أكتبُ؟))[5].
فنادى القلمُ ربَّ العزة سبحانه وتعالى بصفة الربوبية فقال: ((ربِّ)).

وهما أكثر صفتين تكرارا في الكتاب الحكيم، وكل لفظ في كتاب الله لا يقوم مقامه لفظ آخر، فسبحانه أحكم كتابه وفصله تفصيلا.
قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}[6].
وهذه الآية الكريمة تحدونا أن نتدبر ونتدارس ألفاظ الكتاب الحكيم في الدعاء لنزداد يقينا وإيمانا.

والدعاء والتوسل في الكتاب والسنة قد يكون بالألوهية وحدها، وقد يكون بالربوبية وحدها،
وقد يكون بهما معا، كما هو الحال معنا هنا
في قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين}، فلفظ {الله} توسل بالألوهية ولفظ {رب العالمين} توسل بالربوبية.​

والسؤال: أنا وأنت وكل الناس يرفعون أكف الضراعة لله يسألونه حاجاتهم، فيقولون يا ربي، أو يا إلهي، فأي التوسل يعجبك، هل التوسل بالألوهية وحدها، أم بالربوبية وحدها، أم بهما جميعا، وهل تحس بفرق في ذلك؟



الروابط والهوامش:

[1] رابط موضوع بعنوان: (موضوع سورة الفاتحة)، http://vb.tafsir.net/tafsir41536/ .

[2] رابط موضوع بعنوان: (اسم الله الأعظم)، http://vb.tafsir.net/tafsir41350/#.VKuf3NKUd0g .

[3] يراجع تفسير القرطبي، وابن كثير، وابن عاشور، والعثيمين.

[4] صحيح البخاري.

[5] صححه الألباني في صحيح أبي داود.

[6] سورة النساء 82.
 
موضوعنا هذا موضوع هام جدا لأنه في أعظم عبادة وهي الدعاء،
قال عنها رسول الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة))،
وسبق وقد شرحنا ذلك في موضوع بعنوان: (موضوع سورة الفاتحة)(1).

فالأمر جلل وعظيم ويحتاج منا أن ننقب في القرآن والسنة على مواضع التوسل بالألوهية وحدها، وبالربوبية وحدها، وبهما معا، فنلتزم بها، لأن فيها البركة، وأرجى للإجابة.

فالذي يتوب من ذنب عليه أن يدعو كما دعى آدم عليه السلام، وأمنا حواء إذ أوحى الله له بكلمات قال تعالى:
{قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (الأعراف:23).

والذي يريد الولد، فعليه بدعاء بدعاء زكريا عليه السلام:
{وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ} (الأنبياء:89).

والذي يريد العلم، فعليه بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم:
{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} (طه:114).
وهكذا.


وهكذا لو تتبعنا الأنبياء في أدعية القرآن، سنجدها جلها توسل بالربوبية،
عدا قوله تعالى: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (المائدة:114)،
فتوسل بالألوهية أولا ثم الربوبية.

ومنها كذلك قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء:87)،
فدعى الألوهية وحدها.

وهذا قليل فجل أدعية الأنبياء توسل بالربوبية وحدها.

ومن أدعية القرآن كذلك أهم موضعين، لأن الأول أعظم سورة في القرآن، والثاني ثلث القرآن:

الأول في مفتتح القرآن، قال تعالى: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الفاتحة:2)، فتوسل بهما جميعا.

والموضع الثاني في خاتمة الكتاب في المعوذات،
فبدأ بسورة الإخلاص وهي توسل بالألوهية،
ثم سورة الفلق توسل بالربوبية،
ثم سورة الناس توسل بهما معا.

وقبل أن نتدبر هذه الفروق ونلتمس حكمة من حكم الله في ذلك،
يحسن بنا أن ندرس السنة ونتعرف على أدعيتها.

فهل من مشارك معنا؟


------رابط
(1)
http://vb.tafsir.net/tafsir41536/
 
عودة
أعلى