أبو عبد الله محمد مصطفى
New member
التوبة لرضوان حمدان
{ التوبة سعادة الدارين }:.... الحاجة إلى التوبة تعادل الحاجة إلى مقومات الحياة لدى الإنسان على مستوى الفرد والجماعة إن لم تزد, فإذا كان الهواء والماء والطعام تشكل الحياة المادية للإنسان ليمارس حركته أياً كانت في
الوجود؛ فإن التوبة هي تجديد وتجدد لهذه الحياة وتنشيط لها في الجانب الإيجابي لحركة الحياة وتزيد عليها أنها تطّلع إلى ما بعد الحياة الدنيا, من هنا نلمح السر في التعقيب بالفلاح في قوله تعالى:{ وتوبوا إلى الله جميعا أيها لمؤمنون لعلكم تفلحون} فالفلاح مطلق عن قيود ومحددات الزمان والمكان في الدنيا والآخرة . فالرحمن الرحيم يأمر عباده أن يتوجهوا إليه بالتوبة في أمر مباشر سبع مرات من مجموع 87 مرة عدد ورود "التوبة" في القرآن بصيغ واشتقاقات مختلفة. وفي سورتي النور والتحريم يأتي الأمر المباشر للمؤمنين بالتوبة ونلحظ ما يلي : 1- أن الأمر بالتوبة في سورة النور جاء تعقيبا على أحكام شرعية وقضايا وأحداث وقعت في المجتمع المسلم كان لها تأثير على المجتمع هزتهم هزاً عنيفا , وتتمثل في ما يلي: حكم الزنا وعقوبته , والملاعنة بين الزوجين , وحديث الإفك الخطير وما تبعه من بيان وتنبيهات صارمة, ورمي المحصنات والتشديد فيه, والأمر بغض البصر للذكور والإناث وهو حكم شرعي تساهل فيه المسلمون اليوم كثيراً, وبيان حدود الزينة للمرأة ومن يجوز لها أن تظهرها أمامهم. بعد كل ذلك يأتي التعقيب في نهاية آية طويلة {... وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }. يقول القرطبي: والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال. 2- جاء الطلب بصيغة الأمر والأمر يفيد الوجوب فالتوبة فرض متعين وهذا يعني أن عدم الاستجابة لأمر الله في التوبة إثم يضاف إلى الإثم الأصلي المطلوب التوبة منه. 3- طلب التوبة جمعي وفردي { توبوا ... جميعاً ... المؤمنون } وفي هذا دلالة على أن التوبة من الخطأ والإثم:- أ- لا يعفى منه أحد فليس من هو فوق السؤال أو التكليف وليس من أحد من البشر "لا يُسأل عما يفعل" أي خال من كل تبعة أو مسؤولية!! فالذي لا يسأل عما يفعل هو الله رب العالمين. حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يخاف الله ويخشاه ويستغفره ويتوب اليه ويدعوه ويتضرع إليه: قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). رواه البخاري. وهو صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن دونه... ويقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل:{ يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل و النهار و أنا الذي أغفر الذنوب و لا أبالي فاستغفروني أغفر لكم) حديث صحيح على شرط الشيخين. ويقول عليه السلام:{كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون}. ب- المجتمع هو مجموع الأفراد فإن توبتهم في المحصلة توبة المجتمع. ج- إن التساهل في التوبة والإنابة والرجوع إلى الله يعني التساهل في الذنب والخطأ وهذا بدوره يزيد الأخطاء ويراكمها حتى تطفو على السطح وتنتشر ويسام بها المجتمع. د- إن كثرة الخبث من ذنوب ومعاص له استحقاق حتمي في قانون الله عز وجل وهو حلول العقاب ووقوع الهلاك, عن زينب ابنة جحش رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث). رواه البخاري. وفي حديث السفينة (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا). رواه البخاري. دلالة واضحة على أن الأمة مجتمعة مسؤولة عما يقع من ذنب ولا يتم التراجع عنه . عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم إلى قوله فاسقون ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنّه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا). أبو داوود.وفي حديث آخر (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم قال أبو عيسى هذا حديث حسن حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن أبي عمرو بهذا الإسناد نحوه). قال الترمذي: حديث حسن. § 4- والمؤمنون هم الموجه لهم الأمر بالتوبة ولهذا معان: أ- إن الإيمان هو مناط التكليف وهذا يعني أن التوبة عبادة على المؤمنين تعبد الله بها. ب- أن المؤمن معرض للخطأ فليس الإيمان بحاجز أو مانع عن الخطأ. ج- المؤمن هو الذي يتحرك قلبه للاستجابة, من هنا جاء الخطاب موجهاً بصفة الإيمان حتى يلامس هذا الوصف مكنون القلب. § 5- والسر في قوله تعالى { إلى الله } في أن التوبة من العبد إلى ربه مباشرة بدون وساطات أياً كانت فليس بين الله وبين عبده واسطة إلاّ الإيمان وصدق التوجه والعمل الصالح. وهذا يؤكد قضية التوحيد والقرب ( وهو أقرب إليكم من حبل الوريد)(ادعوني أستجب لكم). § 6- وكنا في البداية قد بينا أن الفلاح عام في الدنيا والآخرة فوز وغنيمة وجنة ونعيم مقيم. * باب التوبة مفتوح: من رحمة الله بعباده أن جعل باب التوبة مفتوحاً إلى أن تطلع الشمس من مغربها وإلى أن تبلغ الروح التراقي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها). رواه مسلم. عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). قال الترمذي : حسن غريب يا لرحمة الله التي وسعت كل شيء, وهكذا يفتح الله لعباده باب التوبة والرجاء والرجوع إليه. *لا ذنب لا يغفر: نعم, لا يرد الله توبةً من عبده إذا أقبل عليه بصدق مهما بلغ ذنبه كثرة وحجماً:- إن الله يغفر الشرك لمن تاب عنه وأناب وعمل صالحاً {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه82 . {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5. والقتل!: فلو قتل مئة نفس ثم تاب تاب الله عليه عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعه وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فأنطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره) رواه مسلم. ومن الزنى؟! نعم, عن عمران بن حصين: (أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى) رواه مسلم. ومن التخلف عن الجهاد؟! نعم, {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }التوبة118. وفيهم حديث طويل رواه البخاري يقص توبتهم. والقول الجامع في ذلك قول الله تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53. وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم) رواه مسلم. وربّ قائل يقول إن التوبة تطمع الإنسان بالخطأ فيُكثر ويتمادى, والصحيح أن التوبة توقف الذنب والإساءة, ويعود العبد صالحاً وإيجابياً, وقد يتحول إلى داعية إلى الله تعالى, والشواهد من الماضي والحاضر أكثر من أن تحصى, فهذه هندٌ زوج أبي سفيان التي شقت صدر حمزة في غزوة أحد ولاكت كبده تُسلم ويحسن إسلامها وتجاهد في سبيل الله, ولها مواقف مشهودة في اليرموك وتصاب وتصبر وتحتسب. وقصة الذي قتل تسعة وتسعين نفساً دليل على إيجابية قبول التوبة ذلك أن من علم أن لا توبة له هو الذي يتمادى ويزيد في إجرامه ولن يردعه شيء ألم يكمل على المائة بمجرد أن قال له الراهب أن لا توبة له فكان الراهب هو الضحية!. إن التوبة راحة وطمأنينة وإلا فالهم والغم والقنوط والشر والانتحار, فما أجل حكمة الله "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير". ولو تكرر الذنب فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فالإنسان غير معصوم وقد يستزله الشيطان ويضعف أمام هوى نفسه فمن له غير الله ملجأ وملاذاً. *المسارعة في التوبة: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء17. فليحرص العبد على أن يتوب سريعاً من المعصية فإنه لا يدري متى يدركه الموت, عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجل و هو يعظه : اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، و صحتك قبل سقمك ، و غناك قبل فقرك ، و فراغك قبل شغلك ، و حياتك قبل موتك.) صحيح على شرط الشيخين. فإياك أخي المسلم من المماطلة والتسويف فإن ملك الموت لن يستأذن عند قبض الروح {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف34. *من أسباب قبول التوبة: 1. الإيمان بالله تعالى, {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }محمد34 2. الاعتراف بالذنب؛ فلا يقدم على التوبة من لم يعترف بأنه ارتكب ذنباً, {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة102 3. الندم على الذنب,عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: : (الندم توبة)ابن حبان. 4. الإقلاع عن الذنب, {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ }الأنفال38. 5. أن يضع في نفسه عند توبته أنه لن يعود ثانية. {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران135. 6. رد الحقوق والمظالم إلى أصحابها فإذا كان الله يغفر حقه فإن العبد له حقٌ يجب أن يعود اليه وإلا ضاعت الحقوق بين البشر وظلم بعضهم بعضا, فالتوبة تسقط حق الله ولا تسقط حق البشر, حتى الشهيد على ما له من مكانة ومنزله تبقى حقوق الناس في عنقه. 7. الإخلاص في التوبة , وهي التوبة النصوح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً}التحريم 8 ,أي صادقة, كما في الجلالين. 8. العمل الصالح, فالذي يتوب عليه أن يبادر إلى الطاعات والأعمال الصالحة حتى يبدأ حياة جديدة تدلل على صدق توجهه وتوبته {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5 9. التسبيح وذكر الله وملازمة الاستغفار, {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }النصر3 *العوامل المساعدة على التوبة والمسرّعة فيها والمثبّتة عليها: 1. الاستشعار بعظمة الله وقدرته وقوته وأنه تعالى يعلم السر وأخفى وأن علمه محيط بكل شيء. 2. الإيمان بأن الله رحمن رحيم حليم غفّار يفرح لتوبة العبد, عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها) رواه مسلم 3. العلم بان التوبة تكفر السيئات وتجُبّ ما قبلها, {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114 .عمرو بن العاص قال : : ( لما ألقى الله عز و جل في قلبي الإسلام قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم ليبايعني ، فبسط يده إلي فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ؟ قال : فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب ؟ يا عمرو أما علمت أن الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب.)مسند أحمد. 4. العلم بأن التوبة والإقلاع عن الذنب يبدل السيئات حسنات {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70. وأختم بالحديث الشريف, يقول صلى الله عليه وسلم: عن عباس بن سهل بن سعد قال سمعت بن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (لو أن بن آدم أعطي وادياً ملئ من ذهب أحب إليه ثانياً ولو أعطي ثانياً أحب إليه ثالثاً ولا يسد جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب). رواه البخاري. ثم قول الشاعر: يا من أسا فيما مضى ثم اعترف كن محسناً فيما بقي تُجزى الغُرف اعمل بقول اللـه في تنزيله إن ينتهـوا يُغفر لهـم ما قـد سلف.
المصدر
{ التوبة سعادة الدارين }:.... الحاجة إلى التوبة تعادل الحاجة إلى مقومات الحياة لدى الإنسان على مستوى الفرد والجماعة إن لم تزد, فإذا كان الهواء والماء والطعام تشكل الحياة المادية للإنسان ليمارس حركته أياً كانت في
الوجود؛ فإن التوبة هي تجديد وتجدد لهذه الحياة وتنشيط لها في الجانب الإيجابي لحركة الحياة وتزيد عليها أنها تطّلع إلى ما بعد الحياة الدنيا, من هنا نلمح السر في التعقيب بالفلاح في قوله تعالى:{ وتوبوا إلى الله جميعا أيها لمؤمنون لعلكم تفلحون} فالفلاح مطلق عن قيود ومحددات الزمان والمكان في الدنيا والآخرة . فالرحمن الرحيم يأمر عباده أن يتوجهوا إليه بالتوبة في أمر مباشر سبع مرات من مجموع 87 مرة عدد ورود "التوبة" في القرآن بصيغ واشتقاقات مختلفة. وفي سورتي النور والتحريم يأتي الأمر المباشر للمؤمنين بالتوبة ونلحظ ما يلي : 1- أن الأمر بالتوبة في سورة النور جاء تعقيبا على أحكام شرعية وقضايا وأحداث وقعت في المجتمع المسلم كان لها تأثير على المجتمع هزتهم هزاً عنيفا , وتتمثل في ما يلي: حكم الزنا وعقوبته , والملاعنة بين الزوجين , وحديث الإفك الخطير وما تبعه من بيان وتنبيهات صارمة, ورمي المحصنات والتشديد فيه, والأمر بغض البصر للذكور والإناث وهو حكم شرعي تساهل فيه المسلمون اليوم كثيراً, وبيان حدود الزينة للمرأة ومن يجوز لها أن تظهرها أمامهم. بعد كل ذلك يأتي التعقيب في نهاية آية طويلة {... وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }. يقول القرطبي: والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال. 2- جاء الطلب بصيغة الأمر والأمر يفيد الوجوب فالتوبة فرض متعين وهذا يعني أن عدم الاستجابة لأمر الله في التوبة إثم يضاف إلى الإثم الأصلي المطلوب التوبة منه. 3- طلب التوبة جمعي وفردي { توبوا ... جميعاً ... المؤمنون } وفي هذا دلالة على أن التوبة من الخطأ والإثم:- أ- لا يعفى منه أحد فليس من هو فوق السؤال أو التكليف وليس من أحد من البشر "لا يُسأل عما يفعل" أي خال من كل تبعة أو مسؤولية!! فالذي لا يسأل عما يفعل هو الله رب العالمين. حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يخاف الله ويخشاه ويستغفره ويتوب اليه ويدعوه ويتضرع إليه: قال أبو هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). رواه البخاري. وهو صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف بمن دونه... ويقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عز وجل:{ يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل و النهار و أنا الذي أغفر الذنوب و لا أبالي فاستغفروني أغفر لكم) حديث صحيح على شرط الشيخين. ويقول عليه السلام:{كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون}. ب- المجتمع هو مجموع الأفراد فإن توبتهم في المحصلة توبة المجتمع. ج- إن التساهل في التوبة والإنابة والرجوع إلى الله يعني التساهل في الذنب والخطأ وهذا بدوره يزيد الأخطاء ويراكمها حتى تطفو على السطح وتنتشر ويسام بها المجتمع. د- إن كثرة الخبث من ذنوب ومعاص له استحقاق حتمي في قانون الله عز وجل وهو حلول العقاب ووقوع الهلاك, عن زينب ابنة جحش رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث). رواه البخاري. وفي حديث السفينة (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا). رواه البخاري. دلالة واضحة على أن الأمة مجتمعة مسؤولة عما يقع من ذنب ولا يتم التراجع عنه . عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم إلى قوله فاسقون ثم قال كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يدي الظالم ولتأطرنّه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا). أبو داوود.وفي حديث آخر (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم قال أبو عيسى هذا حديث حسن حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن عمر بن أبي عمرو بهذا الإسناد نحوه). قال الترمذي: حديث حسن. § 4- والمؤمنون هم الموجه لهم الأمر بالتوبة ولهذا معان: أ- إن الإيمان هو مناط التكليف وهذا يعني أن التوبة عبادة على المؤمنين تعبد الله بها. ب- أن المؤمن معرض للخطأ فليس الإيمان بحاجز أو مانع عن الخطأ. ج- المؤمن هو الذي يتحرك قلبه للاستجابة, من هنا جاء الخطاب موجهاً بصفة الإيمان حتى يلامس هذا الوصف مكنون القلب. § 5- والسر في قوله تعالى { إلى الله } في أن التوبة من العبد إلى ربه مباشرة بدون وساطات أياً كانت فليس بين الله وبين عبده واسطة إلاّ الإيمان وصدق التوجه والعمل الصالح. وهذا يؤكد قضية التوحيد والقرب ( وهو أقرب إليكم من حبل الوريد)(ادعوني أستجب لكم). § 6- وكنا في البداية قد بينا أن الفلاح عام في الدنيا والآخرة فوز وغنيمة وجنة ونعيم مقيم. * باب التوبة مفتوح: من رحمة الله بعباده أن جعل باب التوبة مفتوحاً إلى أن تطلع الشمس من مغربها وإلى أن تبلغ الروح التراقي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها). رواه مسلم. عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر). قال الترمذي : حسن غريب يا لرحمة الله التي وسعت كل شيء, وهكذا يفتح الله لعباده باب التوبة والرجاء والرجوع إليه. *لا ذنب لا يغفر: نعم, لا يرد الله توبةً من عبده إذا أقبل عليه بصدق مهما بلغ ذنبه كثرة وحجماً:- إن الله يغفر الشرك لمن تاب عنه وأناب وعمل صالحاً {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى }طه82 . {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5. والقتل!: فلو قتل مئة نفس ثم تاب تاب الله عليه عن أبي سعيد الخدري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعه وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فأنطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة قال قتادة فقال الحسن ذكر لنا أنه لما أتاه الموت نأى بصدره) رواه مسلم. ومن الزنى؟! نعم, عن عمران بن حصين: (أن امرأة من جهينة أتت نبي الله صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنى فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا نبي الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فائتني بها ففعل فأمر بها نبي الله صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى) رواه مسلم. ومن التخلف عن الجهاد؟! نعم, {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }التوبة118. وفيهم حديث طويل رواه البخاري يقص توبتهم. والقول الجامع في ذلك قول الله تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53. وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفرونى أغفر لكم) رواه مسلم. وربّ قائل يقول إن التوبة تطمع الإنسان بالخطأ فيُكثر ويتمادى, والصحيح أن التوبة توقف الذنب والإساءة, ويعود العبد صالحاً وإيجابياً, وقد يتحول إلى داعية إلى الله تعالى, والشواهد من الماضي والحاضر أكثر من أن تحصى, فهذه هندٌ زوج أبي سفيان التي شقت صدر حمزة في غزوة أحد ولاكت كبده تُسلم ويحسن إسلامها وتجاهد في سبيل الله, ولها مواقف مشهودة في اليرموك وتصاب وتصبر وتحتسب. وقصة الذي قتل تسعة وتسعين نفساً دليل على إيجابية قبول التوبة ذلك أن من علم أن لا توبة له هو الذي يتمادى ويزيد في إجرامه ولن يردعه شيء ألم يكمل على المائة بمجرد أن قال له الراهب أن لا توبة له فكان الراهب هو الضحية!. إن التوبة راحة وطمأنينة وإلا فالهم والغم والقنوط والشر والانتحار, فما أجل حكمة الله "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير". ولو تكرر الذنب فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات فالإنسان غير معصوم وقد يستزله الشيطان ويضعف أمام هوى نفسه فمن له غير الله ملجأ وملاذاً. *المسارعة في التوبة: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء17. فليحرص العبد على أن يتوب سريعاً من المعصية فإنه لا يدري متى يدركه الموت, عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجل و هو يعظه : اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، و صحتك قبل سقمك ، و غناك قبل فقرك ، و فراغك قبل شغلك ، و حياتك قبل موتك.) صحيح على شرط الشيخين. فإياك أخي المسلم من المماطلة والتسويف فإن ملك الموت لن يستأذن عند قبض الروح {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }الأعراف34. *من أسباب قبول التوبة: 1. الإيمان بالله تعالى, {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ }محمد34 2. الاعتراف بالذنب؛ فلا يقدم على التوبة من لم يعترف بأنه ارتكب ذنباً, {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة102 3. الندم على الذنب,عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: : (الندم توبة)ابن حبان. 4. الإقلاع عن الذنب, {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ }الأنفال38. 5. أن يضع في نفسه عند توبته أنه لن يعود ثانية. {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }آل عمران135. 6. رد الحقوق والمظالم إلى أصحابها فإذا كان الله يغفر حقه فإن العبد له حقٌ يجب أن يعود اليه وإلا ضاعت الحقوق بين البشر وظلم بعضهم بعضا, فالتوبة تسقط حق الله ولا تسقط حق البشر, حتى الشهيد على ما له من مكانة ومنزله تبقى حقوق الناس في عنقه. 7. الإخلاص في التوبة , وهي التوبة النصوح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً}التحريم 8 ,أي صادقة, كما في الجلالين. 8. العمل الصالح, فالذي يتوب عليه أن يبادر إلى الطاعات والأعمال الصالحة حتى يبدأ حياة جديدة تدلل على صدق توجهه وتوبته {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5 9. التسبيح وذكر الله وملازمة الاستغفار, {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }النصر3 *العوامل المساعدة على التوبة والمسرّعة فيها والمثبّتة عليها: 1. الاستشعار بعظمة الله وقدرته وقوته وأنه تعالى يعلم السر وأخفى وأن علمه محيط بكل شيء. 2. الإيمان بأن الله رحمن رحيم حليم غفّار يفرح لتوبة العبد, عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها) رواه مسلم 3. العلم بان التوبة تكفر السيئات وتجُبّ ما قبلها, {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }هود114 .عمرو بن العاص قال : : ( لما ألقى الله عز و جل في قلبي الإسلام قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم ليبايعني ، فبسط يده إلي فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي ؟ قال : فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب ؟ يا عمرو أما علمت أن الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب.)مسند أحمد. 4. العلم بأن التوبة والإقلاع عن الذنب يبدل السيئات حسنات {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70. وأختم بالحديث الشريف, يقول صلى الله عليه وسلم: عن عباس بن سهل بن سعد قال سمعت بن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول يا أيها الناس إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (لو أن بن آدم أعطي وادياً ملئ من ذهب أحب إليه ثانياً ولو أعطي ثانياً أحب إليه ثالثاً ولا يسد جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب). رواه البخاري. ثم قول الشاعر: يا من أسا فيما مضى ثم اعترف كن محسناً فيما بقي تُجزى الغُرف اعمل بقول اللـه في تنزيله إن ينتهـوا يُغفر لهـم ما قـد سلف.
المصدر