محمد محمود إبراهيم عطية
Member
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله : كُلَّمَا قَوِيَتْ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ صَغُرَتْ عِنْدَهُ الْمَحْبُوبَاتُ وَقَلَّتْ ، وَكُلَّمَا ضَعُفَتْ كَثُرَتْ مَحْبُوبَاتُهُ وَانْتَشَرَتْ ؛ وَكَذَا الْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَمُلَ خَوْفُ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ ، لَمْ يَخَفْ شَيْئًا سِوَاهُ ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إلَّا اللَّهَ } ، وَإِذَا نَقَصَ خَوْفُهُ خَافَ مِنْ الْمَخْلُوقِ ، وَعَلَى قَدْرِ نَقْصِ الْخَوْفِ وَزِيَادَتِهِ يَكُونُ الْخَوْفُ ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَحَبَّةِ ، وَكَذَا الرَّجَاءُ وَغَيْرُهُ . فَهَذَا هُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَا يَكَادُ أَحَدٌ أَنْ يَسْلَمَ مِنْهُ ، إلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ؛ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الشِّرْكَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ ، وَطَرِيقُ التَّخَلُّصِ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ كُلِّهَا : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } ، وَلَا يَحْصُلُ الْإِخْلَاصُ إلَّا بَعْدَ الزُّهْدِ ، وَلَا زُهْدَ إلَّا بِتَقْوَى ، وَالتَّقْوَى مُتَابَعَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ .... ( مجموع الفتاوى : 1 / 94 ) .