التفسير الموضوعي .. وجهة نظر أخرى

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فلقد كثر القول من بعض المعاصرين في التفسير الذي سارت عليه علماء الأمة منذ القديم ، ورأوا أن عصر التفسير التحليلي ـ كما يسمونه ـ قد انتهى ، وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير ، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حلُّ المشكلات ، والإجابة عن المعضلات ، وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر ، وهذا ضرب من القول لا برهان له . بل هذا اللون من عرض الآيات والاستنباط منها مما يستفاد منه في المحاضرات والكلمات ، والتفسير على الأسلوب المعهود باقٍ لا يمكن إزالته والبعد عنه .
ولا أدري لماذا يذهب من يصل إلى فكرة جديدة إلى نقد السابق أو نقضه لكي يُثبِت حُسْنَ ما عنده ؟ !
لماذا لا يكون المجدِّدُ في مثل هذه العلوم بانيًا لا هادمًا ، ويكون ذاكرًا لما فعله سلفه ، مستوعبًا لما قدَّموه مستفيدًا مما طرحوه ، ولا يكون ممن يرى إمكانية ترك السابق والإتيان بما لا يمتُّ لهم بصلةٍ ؟
لماذا يعرض بعض الباحثين فكرته التي وصل إليها بالتضخيم ، والتعميم ، وبدعوى أن سلوكها هو الذي ينفع الأمة الآن ، وهو المنقذ لها من مشكلاتها وهمومها .
إن هذه النظرة التي قد تصدر من بعض الباحثين من غير قصد = يجب التنبيه عليها ، وتصحيحها ، كما يجب أن يُعلم أن تصحيحها والاستدراك عليها لا يعني التشنيع على أصحابها وإخراجهم من دائرة البحث العلمي ، لكن الأمر يرجع إلى نقطتين :
الأول : انفعالات لا يمكن أن ينفكَّ عنها الناقد حينما يرى مثل هذه الأخطاء التي صارت تسري ، ولا يرى من يقاومها ، وهذه الانفعالات ردَّةُ فعلٍ على ما يقع من تلك الأخطاء ، وكل ذلك راجع إلى الطبيعة البشرية التي فطر الله عليها الإنسان .
الثاني : أنَّ هذه الدعاوى كبيرة ، وهي تُلزِم غيرها ـ فضلاً عن نفس طارحها ـ ما لا يلزم ، بل قد تقام من أجل ذلك الندوات والمحاضرات ، وتكتب الكتب والمقالات ، وهي لا تستحقُّ هذا الزخم الهائل ، ولو وُضِعت في مقامها لكان أولى .
ومن العجيب أنَّ بعض الأفكار المهمة ، لا تلقى مثل هذا الاهتمام ، وذلك من سرِّ من قدر الله الذي يقف المسلم بالتسليم .
إن التوازن والاعتدال في الطرح ، وفي وضع الموضوعات في مواضعها مما يحسن أن نتناصح فيه ، وأن لا يبخل بعضنا على بعض في ذلك ؛ لأن من طبيعة البشر أنها إذا اتجهت إلى موضوع لا ترى غيره ، وقد يراه غيرك ، ويكون أولى مما أنت فيه ، وهكذا .
التفسير الموضوعي نموذجًا
رأيت بعض الباحثين يرى أن دراسة القرآن على أسلوب التفسير الموضوعي ضرورة لازمة ، ويقول ـ بعد ذكره لطريقة المفسرين السابقين ـ : ( ولما كان ذلك كذلك كان السعي إلى منهج أشمل مطلوبًا ، وأبلغ حجة ، وأبين طريقًا ؛ منهج يقضي بالتوقف عن عملية التجزئة في تفسير آيات هذا الكتاب ، والاتجاه به اتجاهًا موضوعيًا = ضرورة لازمة ) .
وقال في موطن آخر : ( ... غاية الأمر أنني أدعو إلى التوقف عن التعامل التجزيئي مع القرآن الكريم ، والاتجاه إلى تفسير القرآن تفسيرًا موضوعيًا .
إنني أهدف إلى بيان أن التفسير الموضوعي للقرآن هو الأليق والأنسب والأولى بالاتباع في هذا العصر سواء في ذلك التفسير الذي يعالج وحدة الموضوع في القرآن ، أو ذلك الذي يعالج وحدة الموضوع في السورة ، وهو الأنسب للتدريس في المؤسسات والمعاهد العلمية ... )
ويقول : ( وحينما نقول : إن التفسير الموضوعي يجلي الحقائق القرآنية ، ونعلم أن هذه الحقائق هي التي تهيئ فكر المسلم وقلبه للصلاح ندرك حينئذ أهمية التفسير الموضوعي ودوره في إحداث الوثبة الحضارية ... ) .
ويقول آخر : ( ... لذا لا يمكن أن نجابه مشاكل العصر ومعطيات الحضارة إلا بأسلوب الدراسات الموضوعية للقرآن الكريم ، أو بأسلوب التفسير الموضوعي ) .
وهذه المقولات من هؤلاء الفضلاء فيها تزيُّدٌ ظاهر ، ودعوى عريضة تحتاج إلى برهان قوي ، وحجة واضحة ، ولو قيل : إن التفسير الموضوعي يمثل لبنة من لبنات معالجة شيء من القضايا والمشكلات بطريقة القرآن = لكان أقرب ، لكن أن يكون هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل ، والأولى ، فذلك دونه خرط القتاد .
ملحوظات على التفسير الموضوعي
أولاً : إن التفسير الموضوعي يدخل في باب الفوائد والاستنباطات ، وليس من التفسير الذي هو بيان معني القرآن .
وبتأمُّلِ هذه الإضافة يظهر أن أمامك تفسير جديد ، أي بيان معانٍ جديدة للقرآن من طريق موضوعاته .
لكن حينما تكشف عن ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي ستجدُ أنها ترجِع إلى فوائد واستنباطات ، وليس فيها بيان معني جديدة لآيات القرآن ، وعلى هذا فنسبتها للتفسير غير دقيقة . بل الصحيح أنها ( موضوعات قرآنية ) ، وهذا العنوان أدق من تسمية هذا اللون بالتفسير الموضوعي .
وما ذكرته لك هنا أرجو أن لا تتعجَّل بردِّه قبل أن تحدِّدَ معنى التفسير ، وأن تطَّلِع على الإضافة التي أضافها من كتب في موضوع من الموضوعات باسم التفسير الموضوعي ، ولك أن تتأمل إضافته ، هل هي من باب التفسير ، أو من باب الفوائد والاستنباطات ؟
وحقيقة التفسير الموضوعي كما يأتي :
1 ـ جمع متفرق من الآيات التي تتحدث عن موضوعٍ أو لفظة أو جملة [ يخرج عن هذا دراسة موضوع من خلال سورة ]
2 ـ دراسة هذا المجموع بعد تبويبه
3 ـ استنتاج الفوائد ، واستخلاص الهدايات والعِبَر من هذا المجموع .
ثانيًا : إن التفسير الموضوعي ( بأنواعه الثلاثة ) يُدرس من خلال القرآن ، فهو بحث قرآني بحت ، ولكن الملاحظ في دراسة الموضوع من خلال القرآن أن كثيرًا من الموضوعات لا يمكن بحثها من خلال القرآن فقط ؛ لأنَّ صورة الموضوع لا تتمُّ بالنظر إلى القرآن فقط ، بل لابدَّ من إضافة السنة وآثار السلف لبيان هذا الموضوع .
وعند تأمُّلِ بعض الموضوعات تجد أنها على ثلاثة أقسام :
الأول : قسم يمكن بحثه من خلال القرآن ؛ لغزارة مادته ، كإهلاك الأمم الكافرة من خلال القرآن .
الثاني : قسم لا يمكن بحثه من خلال القرآن لقلة مادته في القرآن ؛ كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو الأسر وأحكامه ، إذ الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعن الأسير في القرآن قليل ، وهو في السنة أكثر .
الثالث : قسم تكثر مادته في القرآن وفي السنة ، ويكون في تخصيص دراسته في القرآن فقط قصور في تصوُّرِ الموضوع بشمولية ، كموضوع العلم ، وموضوع الجهاد ، وغيرها كثير .
وقد يقول قائل : إن الغرض من دراسة الموضوع من خلال القرآن طرح طريقة القرآن فقط ؟
فالجواب : ثُمَّ ماذا ، أليس الباحث سيبني أحكامًا وفوائد ؟
فإذا كان كذلك فلابدَّ أن يحتاج إلى مصادر أخرى في بحثه ، ومن أهمها السنة النبوية ، وإلا كان بحثًا ناقصًا بلا ريب .
ثالثًا : منْزلة السنة وأقوال السلف في التفسير الموضوعي :
لقد أثَّر عنوان هذا اللون ، وهو التفسير الموضوعي على التعامل مع أهم مصدرين من مصادر التفسير ، وإذا تأملت ما سطَّره منظرو التفسير الموضوعي ، وجدتهم لا يمكن أن ينفكوا عن السنة أو آثار السلف ، لكن ما مقامهما ، وكيف بتعاملون معهما ؟
أما السنة ، فقد جعلوها شارحة للقرآن ، ولا يصحُّ أن يُنشأ عنصر من عناصر الموضوع القرآني من السنة .
وهذا التقييد من جهة الافتراض صحيح ، لكنه سيُفقِد البحث في الموضوعات كثيرًا من الأمور المهمة بسبب الاقتصار على القرآن وحده ، ولو رحتُ أضرب لك الأمثلة في ذلك لغدت كثيرةً لا حصر لها ، ولأمثِّل لك بمثال واحدٍ يكون نبراسًا لغيره .
لو بحثت موضوع الصلاة ، وقلت ( الصلاة في القرآن ) فإنك لا تستطيع أن تتحدَّث عن موضوع مهمٍّ في الصلاة ، وهو زمن فرضية الصلوات الخمس ومكان ذلك الفرض ؛ لأنك لا تجدُ في القرآن ما يشير إلى ذلك البتة . ومن ثَمَّ فأنك لو جعلت من عناصر بحثك : ( مكان فرض الصلاة ) لكان خطأً عند أصحاب التفسير الموضوعي ؛ لأنه لا يوجد في القرآن ما يشير إلى هذا الموضوع ، والعناوين لابدَّ أن تكون مستوحاة من الآيات لا من غيرها .
ولقد ساق الاقتصار على دراسة الموضوع من خلال القرآن إلى خلل في التعبير يظهر من لوازمه أن الاعتماد على القرآن وحده يكفي في تصور موضوع من الموضوعات الإسلامية ، يقول أحدهم : ( إننا إذا أردنا أن نبني المجتمع المسلم ، فيجب أن نقيمه على الأسس والأصول القرآنية . وأكثر الشعوب قد انحرفت ـ من حيث لا تدري ـ عن هذه الأسس والأصول في أكثر مجالات الحياة . ولن تتحقق لها السعادة إلا برجوعها إلى تلك الأسس والأصول التي بات الناس في غفلة عنها بقصد أو بغير قصد .
فلغياب كثير من أسس القرآن وأصوله عن فهم الناس وسلوكهم آثرنا أن يكون البحث في التفسير الموضوعي مقتصرًا على القرآن الكريم فحسب ، فإنه الوسيلة الوحيدة التي تصحح المواقف والمفاهيم المتعلقة بالوجود ودور الإنسان فيه ، وما يتصل بذلك من حقائق ومبادئ ) انتهى .
إذا كان يستطيع أخذ هذه الأمور من القرآن مباشرة فأين دور السنة ؟
وهل يعني قوله هذا الناس قد فهموا أسس وأصول السنة ، فلم يحتاجوا إلى بين ذلك لهم ، وبقي عليهم بيان أسس وأصول القرآن فقط ؟!
ألا يمكن أن يرد على هذا الكلام : ما الفرق بين القرآنيين الذي لا يرون الأخذ بالسنة لاعتقادهم باكتفاء القرآن ببيان كل شيء ؟
إنني أقول بكل ثقة : إن من سلك في دراسة بعض الموضوعات الإسلامية الكبيرة أسلوب التفسير الموضوعي قد ألزم نفسه بما لا يلزم ، وادخلها في مضايق هو في غنى عنها ، فلماذا هذا التجزئة لمتلازمين لا ينفكان : الكتاب والسنة ؟!
أما أقوال السلف ( الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ) عندهم فهي كالسنة من جهة عدم إضافة عنوان بسبب قول من أقوالهم .
لكن الموضوع الذي لم يبينه أحد ممن اطلعت على كلامه في التفسير الموضوعي هو : كيف سيفهم معنى الآيات ؟ هل سيعتمد على مصادر التفسير المعروفة ، أو سيجتهد اجتهادًا خاصًّا خارج إطار هذه المصادر ؟
لقد جاء الحديث عن الإفادة من تفسير السلف عند أصحاب التفسير الموضوعي كلامًا مبهمًا مجملاً لا يدلُّ على الأسلوب الذي سيتعامل به هؤلاء مع أقوالهم التي لا يمكن لمفسِّر جاء بعدهم أن ينفك عنها البتة .
وقد جعلوا تفاسير السلف مادة للتوضيح لا يُستقى منها عناوين موضوعات في البحث ، وهذا فيه انفكاك من أمر لا ينفك البتة ، خصوصًا إذا كان البحث في دراسة ( لفظة أو جملة من خلال القرآن ).
فمثلاً ، لو كنت تبحث في موضوع ( القنوت في القرآن ) ، وجعلت من عناوينك الرئيسة :
القنوت : الطاعة الدائمة
ثمَّ استدللت بقوله تعالى : (( كل له قانتون )) ، فإن السؤال الذي سيرد هنا : من أين استقيت عنوانك هذا ؟
فالجواب : إما أن يكون من دلالة اللغة ، وإما أن يكون من تفسير المفسرين ، وكلا المصدرين عندهم لا يُبنى منه عنوان .
ففي مثل هذه الحال ، هل يمكن الانفكاك من تفسير السلف ؟!
أعود فأقول : إن طريقة التفسير الموضوعي هذه فيه إلزامٌ بما لا يلزم .
وهناك مسألة أخرى في تفسير السلف لم يبيِّنها أصحاب التفسير الموضوعي ، وهي : كيف يتعامل مع اختلاف السلف في تفسير لفظة أو جملة من آية ؟
هل سيُعرضُ عن الاختلاف ويختار ما يراه متوجِّهًا مع بحثه ؟
هل سيناقش الاختلاف ، ثمَّ يرجِّح ما يظهر له ؟
وهل سيكون ترجيحه هذا موضوعيًا بحيث لا يكون للموضوع الذي اختاره تأثيرٌ على ترجيحه ؟
وإذا كان الاختلاف من باب اختلاف التنوع الذي تحتمل الآية فيه الأقوال هل سيستدلُّ بها في مواضع متعدِّدة بحسب ما قيل في معناها من أقوال صحيحة ؟
كل ذلك لم يُحرِّره أصحاب التفسير الموضوعي مع أنه لا يمكنهم أن ينفكَّوا عنه ، وإنما اكتفوا من تفسير السلف بأن لا يضع عنوانًا مأخوذًا من تفسيرهم .
رابعًا : إن من يقرأ ما كُتِبَ في التفسير الموضوعي من جهتيه التنظيرية والتطبيقية سيجد عدم الاتفاق في كثيرٍ منه ، فهذا يستدرك على هذا في التنظيرات ، وذاك لا يرضى طريقة هذا في التطبيقات .
ولاشكَّ أن هذه الاستدراكات نابعة من جدَّةِ الموضوع ، وعدم وضوحه منذ بداياته في النصف الثاني من القرن الرابع عشر ، وهذا يعني أنَّ مجال الاستدراك لازال مستمرًّا .
خامسًا : إن طريقة كتابة التفسير الموضوعي سواء أكان موضوعًا من خلال القرآن أم كان موضوعًا من خلال سورة غير متفقٍ عليها .
فبعضهم ينحى في الكتابة إلى الأسلوب الأدبي والخطابي ، فتراه يقلِّب عبارته ، ويبدي ويعيد في ألفاظ ينتقيها ، ويطيل الكلام في موضوع يمكن إجماله في سطر ونصف السطر .
وقد اطَّلعت على رسائل سارت على هذا الأسلوب ، فاستغربت القصد إلى هذا التطويل في العبارات لأجل إثبات قضية يمكن إثباتها وبيانها بأقل مما الحال عليه في هذه الرسائل ، حتى ظهر لي أن هذا الأسلوب مقصودٌ لذاته ، ولا تتمُّ الرسالة إلا به . وهذا ـ في الحقيقة ـ من الحشو الذي يمكن الاستغناء عنه .
وبعضهم ينحى إلى تقرير المسألة تقريرًا علميًا مباشرًا بلا حشو عبارات لا داعي لها ، وهذا هو السبيل الأمثل في العلم ، لأن الأساليب الخطابية والأدبية لا مدخل لها في إثبات المسائل العلمية ، وإنما قد توجد فيها كوجود الملح في الطعام ، فإذا زادت فسد الكلام كما يفسد بزيادة الملح الطعام .
سادسًا : من طرائف ما وقع لي فيما يتعلق بهذا الموضوع أني كنت أتحدث مع أستاذ من أساتذة الثقافة الإسلامية في كلية الشريعة بالرياض ، فقلت له : ألا يوج موضوعات علمية قدِّمت لكم وصار بينكم وبين قسم الدعوة بكلية الدعوة والإعلام منازعة في الموضوع ، هل هو من موضوعات الثقافة الإسلامية أو من موضوعات الدعوة الإسلامية ؟
فقال لي بل قد تكون المنازعة بين ثلاثة أقسام ، وهي قسم القرآن وقسم الثقافة وقسم الدعوة ، حينما يكون من موضوعات التفسير الموضوعي .
وأخيرًا أقول : إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي ، لا من جهة الاصطلاح ، ولا من جهة التنظير والتطبيق . وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع ، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة ، لكن بعد ترشيده وتسديده .
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب ، وأسأله أن يرينا ـ جميعًا ـ الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

درَّسنَا التفسير الموضوعي الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم محمد حفظه الله ، وكان المقرر الدراسي هو كتاب (مباحث في التفسير الموضوعي) الذي ألفه ، وطبعته دار القلم بدمشق عام 1410هـ. فكلف كل طالب بكتابة بحث من أجل التدرب على هذا اللون من التفسير الذي لا يزال في مراحله الأولى. فكان من نصيبي بحث (الولاية في القرآن الكريم) ، وعندما أردت وضع خطة لهذا الموضوع واجهتني صعوبات في ذلك ، وشكوت إلى الشيخ مصطفى غموض طريقة البحث في هذا اللون من التفسير. وأنه لا يصح أن يطلق عليه التفسير الموضوعي في مقابل التفسير التحليلي. وأن التفسير الموضوعي مبني على التحليلي ولا بد ، إلى غير ذلك من إشكالات.
ولما ناقشني في البحث أمام الزملاء ، قال : إن الذي يقرأ أول بحثك يبدو له أن الموضوع واضح في ذهنك وضوحاً تاماً ، ولكنه ما إن يدخل في صلب البحث حتى يظهر له أنك لم تفهم الموضوع !
فشكوت له ذلك ، وقلت : إنك تشترط في عنونة الفصول والأبواب شروطاً لم أستطع تحقيقها ، وهو أن هناك مباحث مهمة في الموضوع ، ولكنها لم ترد في القرآن الكريم. فماذا أصنع ؟ وغير ذلك مما أشار إليه الدكتور مساعد الطيار في مشاركته السابقة.
وتاريخ الكتابة التأصيلية المنهجية في هذا اللون من التفسير حديثة النشأة ، فمن أول من ألف فيه الشيخ الكريم الدكتور أحمد السيد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم في مؤلفهما (التفسير الموضوعي للقرآن الكريم) ولعلهما أول من سماه بهذا الاسم. وعنهما أخذ من بعدهما.
ثم توالت المؤلفات بعد ذلك فيه ، فكتب الدكتور أحمد العمري (دراسات في التفسير الموضوعي). وكتب الدكتور زاهر بن عواض الألمعي (دراسات في التفسير الموضوعي) ، وكتب الدكتور عبدالحي الفرماوي ( البداية في التفسير الموضوعي) ، وكتب الدكتور الحسيني أبو فرحة (الفتوحات الربانية في التفسير الموضوعي) ، وكتب الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد (المدخل إلى التفسير الموضوعي) ، وكتب الدكتور مصطفى مسلم (مباحث في التفسير الموضوعي) ، وكتب الدكتور عبدالجليل عبدالرحيم ( التفسير الموضوعي للقرآن في كفتي الميزان) ، وكتب الدكتور صلاح الخالدي (التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق).
وجل هذه المؤلفات كانت محاضرات ألقاها مؤلفوها على طلاب الدراسات العليا ، ثم جمعت بعد ذلك في كتب. ولذلك فلا يزال هذا اللون من التفسير في حاجة ماسة إلى الدراسات التأصيلية التقويمية لمساره ، حتى تتكامل الجهود ، ويستقيم المنهج .
والذي ذكره الدكتور مساعد الطيار من مبالغة بعض من صنف في التفسير الموضوعي في وصفه بأوصاف تقلل من شأن غيره من التفاسير ، وتقلل من شأن كتب التفسير السابقة ، وتتهم السابقين بعدم التنبه لهذا اللون ، وتقصيرهم في العناية به ، أمر يلحظه القارئ العادي في بعض كتب التفسير الموضوعي ، ولعل مرد ذلك - والله أعلم - إلى ما يصيب من يتنبه لأمر غفل عنه غيره ، أو ظن أن غيره قد غفل عنه من العجب والفرح. وللعجب والفرح أخذة كأخذة السحر، فيأخذ بإيراد الأدلة والحجج على أهمية ما اهتدى إليه ، وأنه لا يمكن أن يفهم القرآن إلا بهذه الطريقة .
ولا شك أن هذا من المبالغة التي يجب أن تجتنب ، فالتفسير الموضوعي مهم ، وله جوانب في غاية النفع والفائدة ، ولكنه لا يستغني عن التفسير التحليلي بحال. بل هو قائم عليه ، ومرحلة تالية له. والتفسير التحليلي هو الذي يتم به بيان المراد من كلام الله تعالى. ولكن عندما تجتمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد أمام نظر الباحث ، فإنه يظهر له من الهدايات ، والقواعد ، والفوائد ما لم يكن مهتدياً إليه دون هذه الطريقة ، وهناك العديد من الدراسات الجادة في التفسير الموضوعي التي تناولت مسائل في غاية الأهمية.
وأما تسمية التفسير الموضوعي بهذه الاسم فهذه مسألة تختلف فيها وجهات النظر ، وهو مصطلح حادث يمكن التفاهم حوله. وأرجو أن لا يكون هناك مشاحة في الاصطلاح إذا عرف المقصود منه ، ولم يحمَّل من اللوازم ما لا يحتمل. فهو مصطلح معاصر ، والبحث فيه دفعت إليه حاجات البحث ، وحاجات الأمة المسلمة في وقتها الحاضر ، ويقظة المسلمين بعد الغفلة دعتهم للعودة إلى القرآن الكريم ، والحرص على الانطلاق منه في كل أمر ، حتى في مسائل اللغة والصواب اللغوي ، فقد ظهرت ولا زالت كثير من الأصوات التي تدعو إلى عودة الناس إلى المصطلح القرآني ونبذ المصطلحات الدخيلة على لغتنا.
فالعلاقة إذا بين التفسير التحليلي والتفسير الموضوعي علاقة تكامل ، ولا غنى للباحث في التفسير الموضوعي عن تفسير السلف ، والسير على منهج المفسرين في فهم كلام الله. إلا أنه بعد ذلك يبدأ في جمع الآيات ، والمقارنة بينها ، للخروج بعد ذلك بقواعد وأصول في الموضوع الذي تناوله القرآن الكريم في أكثر من موضع. ولذلك سمى بعض الباحثين التفسير التحليلي (بالتفسير الموضعي). لأن المفسر يفسر الآيات في موضع واحد لا يتعداه حتى ينتهي من الكلام عليه ، ثم ينتقل إلى ما بعده ، وهكذا. بخلاف التفسير الموضوعي الذي يجمع الآيات المتفرقة في الموضوع الواحد.
وأخيراً فإن ما طرحه الدكتور مساعد الطيار هنا مسألة في غاية الأهمية للمهتمين بالتفسير الموضوعي ، والمؤلفين فيه ، جديرة بالوقوف والتباحث حول كيفية تصحيح مسار الدراسات في التفسير الموضوعي. وهي مسائل قل من يتنبه لها عند مناقشة مسائل التفسير الموضوعي ، ولم يتعرض لها أحد ممن قرأت كتبه ، وكل ما طبع في التفسير الموضوعي من الناحية التاصيلية موجود لدي. فلست أرى إلا أخذاً للاحق من السابق ، حتى التعريف الذي يوردونه للمصطلح يكاد كل باحث ينفرد بتعريف خاص ، بتغيير يسير في بعض العبارات التي يرى أنها أدل على المراد.
وأرجو من كافة الإخوة الذين كانت بحوثهم ودراساتهم في التفسير الموضوع أن يناقشوا هذه المسائل التي طرحها الدكتور مساعد الطيار بما يتبين لهم فيها من رأي. ولا سيما أن كثيراً من المتخصصين يرى أهميته ، ويوصي طلابه بالبحث فيه كالدكتور الجليل ناصر العمر وفقه الله فهو من المهتمين بهذا اللون من التفسير ، وله في ذلك مؤلفات ، وأرجو أن تصله رغبتنا في المشاركة في هذا الموضوع.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد أتحفنا – كعادته – الدكتور مساعد – وفقه الله – في طرح موضوعه حول مصطلح التفسير الموضوعي.
إلا أن لي وقفة يسيرة مع ما طرحه الشيخ الدكتور مساعد الطيار – وفقنا الله جميعًا لكل خير-!

ينبغي أن يُعلم أن التفسير بجميع أشكاله، وصوره، وطرقه متى ما سلم من الانحراف في الاستدلال بالقرآن العظيم على قضاياه؛ فهو حق، وهداية، ورشاد؛ كما أخبر الله عز وجل بقوله:{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم }.
فهداياته لا تقف عند صورة من صور التفسير، ولا شكل من أشكاله، فهو هداية الله تعالى للثقلين، وهو مخرج الأمة مما تكابده من ضلالات وظلمات، ومشكلات، سواء كان ببيان معانيه التي لا يُفهم المراد إلا ببيانها، أو كان باستثارة دلالات ألفاظه، وما توحيه من الهدايات.

فقول الشيخ حفظه الله- على لسان المتبنين لهذا النوع من التفسير:" وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير ، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حلُّ المشكلات ، والإجابة عن المعضلات ، وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر " ثم قوله:" وهذا ضرب من القول لا برهان له"= يناقض ما سلف بيانه.
إلا أنه لا شك في خطأ من حاول التهوين من شأن التفسير التحليلي، أو الموضعي؛ لأنه لا يمكن أن تُستنبط هدايات، ودلالات القرآن على الموضوعات إلا بفهم معاني ألفاظه، ودلالاتها.

والظاهر أن من نُقلت بعض نصوصهم يريدون بيان مناسبة التفسير الموضوعي لأبناء هذا العصر؛ لشغفهم بكل جديد، ولأن التفسير الموضوعي تغلب على أطروحاته الناحية التجديدية التي أُغرم بها أبناء عصرنا.
وعلى كل حال؛ فالتضخيم الذي يلمسه المطلع على أطروحات أصحاب الاتجاه الموضوعي للتفسير يستمد قوته من مصدره؛ وهو كتاب الله تعالى.

فقول أستاذنا – حفظه الله-:"

وهذه المقولات من هؤلاء الفضلاء فيها تزيُّدٌ ظاهر ، ودعوى عريضة تحتاج إلى برهان قوي ، وحجة واضحة ، ولو قيل : إن التفسير الموضوعي يمثل لبنة من لبنات معالجة شيء من القضايا والمشكلات بطريقة القرآن = لكان أقرب ، لكن أن يكون هذا الأسلوب هو الأسلوب الأمثل ، والأولى ، فذلك دونه خرط القتاد ."


أقول: من وجهة نظري فإن التفسير الموضوعي إذا بُني على فهم الألفاظ القرآنية فهمًا سليمًا كما يقتضيه التفسير النبوي، وتفسير الصحابة، وكما يقتضية التفسير اللغوي؛ فلا شك أنه تفسير تحليلي وزيادة؛ فلما لا يكون الأمثل؟؟
أضف إلى ذلك إذا طرحت فيه نظرة القرآن لأمراض العصر، ومشكلاته.

فلماذا يُعد هذا النوع من الطرح بدعًا من القول؟؟

وهنا أجدني مُنساقًا إلى الحديث عن نقطة هامة أشار لها الدكتور أبو عبد الملك، ويتدارسها كثير من الباحثين:

ما هي المصادر المعتبرة في البحث في التفسير الموضوعي؟

وهل القول: بأن التفسير الموضوعي لابد أن يكون نابعًا من القرآن العظيم، ومما يُفهم من نصوصه؛ خطأٌ يجب أن يصحح!!.

وهل الباحث في التفسير الموضوعي لابد أن يذكر ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم، وما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم - في موضوعه؟

أشار الدكتور مساعد حفظه الله إلى طرف لهذه القضايا؛ فلا أحب أن أطيل بنقله، ولكن يبدو – والعلم عند الله – أن الباحث في التفسير الموضوعي بين أمرين:
أولهما: إن كان بحثه في قضية أشبعها القرآن بحثًا، وأحاط بجوانبها، ولا تكاد تجد في السنة إلا ما يؤيد المفهوم من دلالات الألفاظ.

ثانيهما: إن يكون للسنة شرح، وتقيد، وتخصيص، وإضافة قيود، وشروط..

ففي الحالة الأولى لا يُعد إغفال الباحث للنص النبوي عيبًا يؤخذ عليه.
أما في الحالة الثانية؛ فلا أعلم كاتبًا في التفسير الموضوعي يُنكر ضرورة الأخذ بتقييدات السنة، وتخصيصاتها ...

إذا ما الفائدة التي يجنيها الباحث في هذا النوع من التفسير؟؟

فالجواب: إن ما يجنيه الباحث في هذا النوع من التفسير لا يمكن حصره! ولعل أهم ما فيه: الاستفادة من طريقة القرآن في علاج ظاهرة ما، وفي تتبع أسبابها، وفي النظرة الكلية لها....

فهذه الفائدة لا يمكن أن يُستهان بها إطلاقًا، ولا يصح إغماضها بحجة الاكتفاء بطرح القرآن.

فالباحث عن موضوع معين؛ كأوقات الصلوات مثلًا- فإنه عندما يُشير لاشتمال القرآن على مواقيت الصلاة الخمسة، وذكرها مرة ثلاثة، مرة أربعة، ومرة خمسة سيجني فوائد لا حصر لها، منها:
اهتمام القرآن العظيم ببيان أوقات الصلوات.
تعظيم وقت الصلاة.
الفوائد المكتسبة من ذكر أوقات الصلاة بطرق مختلفة، وأن الوقت ينقلب في حالة المضطر إلى ثلاثة أوقات، ونحو ذلك.

فلا يصح بحال القول: ما المستفاد من معرفة طريقة القرآن؛ لأن للقرآن منهجًا فريدًا في موضوعاته، وكيفية طرحها، وهو نوع من إعجازه.

فالناظر في بيان القرآن لصفة النفاق – مثلًا - وكيف تتبع القرآن هذه الصفة الخبيثة، وكيف عالجها، واجتثها من أصول النفس، وكيف بين عوار أهلها، وكشف زيفهم.....

لا شك أن الباحث سيجد سيلًا عارمًا من الإضاءات، والإضافات، والتعليلات التي لا تظهر عند النظر في آية تطرقت لصفة النفاق، ودرست بمعزل عن أخواتها.

وقد ذكر أبو عبد الملك – وفقه الله – أن الباحث في التفسير الموضوعي لا ينطلق من البيان اللغوي؛ فقال:

" فمثلاً ، لو كنت تبحث في موضوع ( القنوت في القرآن ) ، وجعلت من عناوينك الرئيسة القنوت : الطاعة الدائمة ، ثمَّ استدللت بقوله تعالى : { كل له قانتون } ، فإن السؤال الذي سيرد هنا : من أين استقيت عنوانك هذا ؟
فالجواب : إما أن يكون من دلالة اللغة ، وإما أن يكون من تفسير المفسرين ، وكلا المصدرين عندهم لا يُبنى منه عنوان" .
والحق: إن الباحث في التفسير الموضوعي ينطلق من البيان النبوي، ومن البيان السلفي، ومن البيان اللغوي بشرط:

أن يكون لتبيين معنًى، أو لفظة، ولا يمكن بحال أن يعزل الباحث في التفسير الموضوعي- اللغة مثلًا - عن استدلالاته، فهو يجد في التفسير النبوي، وفي تفسير السلف، وفي التفسير اللغوي ما يُعينه على الاستدلال بالآية على ما يريد.

وكذلك فإنه قد يجد في الآية اختلافًا من باب التنوع؛ فلا ضير عليه أن يأخذ المعنى الذي يناسب بحثه؛ لأن كلا المعنيين حق!

ومادام ذلك كذلك؛ فإلزامه بذكر اختلاف السلف في لفظة ما لا يلزمه أبدًا، بل يكفيه أن يستشهد من الآية ، أو اللفظة بما يؤيد كلامه، ما لم يكن معنًى باطلًا.

وهذا قريب من التفسير الإشاري؛ لأن الباحث قد يجد أحيانًا للآيات المجتمعة دلالة لا تظهر عند النظر في الآية مفردة، وهذا المعنى لا يبطله، ولا ينقضه شيء؛ فما المانع من الاستئناس به، والاستفادة منه؟

آمل أن أكون وفقت في بيان وجهة نظري القاصر، وآمل أن لا أكون كساقية أرادت اعتراض بحر متلاطم الأمواج؛ فلعل في اعتراضي ما يبين لي حقًا غائبًا، أو يوضح وجهة نظر، والله الموفق للصواب.
 
أشكر الأخوين الفاضلين عبد الرحمن الشهري ووليد العمري على تعقيباتهما .
وأود أن أوضح فكرة الموضوع الذي طرحته بإجمال ، فأقول :
أني لا أردُّ فكرة التفسير الموضوعي ، لكن أودُّ أن يُعاد التفكير فيه من جهتين :
الأولى : تأصيل الموضوع :
بعد هذا المشوار الذي قام به أساتذتنا الكرام ممن ألَّف في التفسير الموضوعي فإنَّي أرى أنَّ مدارسة هذا الموضوع ، وبعث البحث فيه ، والخروج بنقاط جديدة أولى من تركه على ما هو عليه .
ومن يقرأ في تنظير التفسير الموضوعي وتطبيقاته يمكن أن ينسب كل طريقة إلى فلانٍ بعينه ، فيقال : هذه طريقة فلان ، وتلك طريقة علان ...
ولأنه لا يكاد يتفق الذين كتبوا في هذا الموضوع في أفكاره وتنظيراته ، فإني أتمنى أن يشارك الإخوة الكرام الذين كان لهم مشاركة دراسية أو تدريسية بأن يتحفوا قراء الملتقى بأفكارهم وملحوظاتهم .
وهناك بعض القضايا التي تحتاج إلى تحرير ؛ إما لغموضها ؛ كعناوين الموضوعات حين دراسة موضوع من خلال القرآن ، وكيفية التعامل مع مصادر التفسير ، وإما لعدم وجودها ؛ ككيفية التعامل مع الاختلاف الوارد في التفسير .
ومن القضايا التي لم تلق عناية تامَّة من جهتي التنظير والتطبيق = دراسةُ لفظة أو مصطلح من خلال القرآن .
وعند دراسة هذا اللون من ألوان التفسير الموضوعي يحسن استعراض عدد من القضايا لها علاقة كبيرة به ، وهي : معنى اللفظة في اللغة ، وكيفية استعمالاتها إن وُجِدَ ، ومعرفة علاقتها بعلم الوجوه والنظائر ، والكليات التفسيرية لألفاظ القرآن .
وهل المراد من البحث في هذا اللون معرفة مدلول اللفظة أو الجملة في القرآن فقط ، أم المراد أوسع من ذلك ، فتتم دراسة اللفظة من جهة موضوعها فتتحول إلى موضوع بدلاً من كونها لفظة أو جملة .
فلو قلت : ( المكر في القرآن ) فإن هذا الموضوع يمكن دراسته من جهة كونه مفردة ، ومن جهة كونه موضوعًا .
ومن الدراسات القليلة والتي أرى أنها تمثِّل جزءًا كبيرًا من دراسة لفظة أو جملة من خلال القرآن الدراسات التي قام بها الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات ، فقد دراسة مصطلح ( الذين في قلوبهم مرض ) في القرآن ، وظهر بنتائج جيِّدة بعد جمع الآيات ودراسة أقوال المفسرين فيها .
الثانية : من جهة التطبيق :
1 ـ الملاحظ أن أغلب الكتابات في التفسير الموضوعي جاءت على لونين :
الأول : دراسة موضوع من خلال القرآن ، وهذا هو الأكثر في بحوث التفسير الموضوعي .
الثاني : دراسة موضوع من خلال سورة .
ولا تكاد تجد اتفاقًا في طريقة كتابة هذين اللونين ، بل الاختلاف في طريقة العرض هي الأصل ، فهل هذا الاختلاف مطلبٌ ؟!
وإن لم يكن مطلبًا ، فما هي الطريقة المبتغاة في كتابة التفسير الموضوعي ؟
2 ـ الأسلوب المتبع في كتابة التفسير الموضوعي ، هل يلزم أن تكون بالأسلوب الإنشائي ؟ أم هذا الأسلوب مما يمكن الاستفادة منه ،لكنه غير لازم .
وإنما أقول ذلك لأن كثيرًا ممن كتب في موضوعات التفسير الموضوعي يعتمد هذا الأسلوب الكتابي ، حتى كاد أن يكون شرطًا في الكتابة فيه .
والمقصود الذي أريده أنه يمكن توصيل بعض الموضوعات يأسلوب علمي رصين من غير استعمال الأساليب الخطابية والإنشائية ، فلم لا يُعمل به ؟!
هذا باختصار ما أريد الحديث عنه ، وما ذكرته من نقدٍ في المقال السابق فإني أرجو أن لا يُفهم منه أني لا أرتضي التفسير الموضوعي جملة وتفصيلاً ، لا ، بل المراد معالجة الموجود ، وإعادة النظر فيه .
وكم أتمنى لو شارك الإخوة الكرام ، ثمَّ يقوم أحدهم بتلخيص الأفكار المطروحة في هذا الموضوع ، ثمَّ تُجعل في ملف خاصٍّ بها في هذا الملتقى ، ليستفيد منها المعتنون بهذا الموضوع ، والله الموفق .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يُحبه ربُنا ويرضاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه، ورسوله، ومجتباه، أما بعد:

يمكن إجمال الإشكالات التي نبه إليها أبو عبد الملك - حفظه الله - في التالي:

أولًا: في طريقة الكتابة في التفسير الموضوعي:

هل تكون الكتابة فيه تتبع الإسلوب العلمي الذي يهتم بالكشف عن القضايا العلمية ، وتقريرها، أم تكون بالإسلوب الخطابي الوعظي الذي يلجأ إليه المربي، والواعظ، ويهدف إلى إثارة انتباه القارىء، والتأثير فيه.

ثانيًا: مما يُبنى التفسيير الموضوعي؟ أو (بناء العناوين فيه مما تُقتبس)؟

هل مصادر التفسير الموضوعي هي مصادر الموضوعات الشرعية؟

أم أن التفسير الموضوعي لا يقوم على غير القرآن الكريم، ولا يصح بناء موضوع في القرآن على غير القرآن؟


ثالثًا: طريقة التعامل مع كتب التفسير:

*- كالاختلاف في تفسير لفظة، أو معنى بين السلف، كيف يتعامل الباحث في التفسير الموضوعي من هذا الاختلاف إذا كانت الآية المتضمة للخلاف من موضوعات بحثه.

رابعًا: طريقة دراسة لفظة من خلال القرآن الكريم

وهل تكون بأسلوب العلماء السابقين الذين كتبوا في الأشباه والنظائر، وهدفوا إلى بيان تصرفات اللفظة في القرآن إلى معانٍ عدة، وهي طريقة لُغوية في الدرجة الأولى.

أم تكون بأسلوب موضوعي ؟


ولا شك أن هناك قضايا أُخر قد تتوالى، وهدفي هنا تلبية دعوة الدكتور العزيزة، وأبدأ كمشاركة بأولها، ثم أتوقف لاتاحة الفرصة لباقي الإخوة، والاستفادة من مداخلاتهم.

طريقة الكتاب في التفسير الموضوعي:

يذهب وهلي إلى اختلاف الأسلوب تبعًا لاختلاف الموضوعات القرآنية، فمن الموضوعات القرآنية موضوعات علمية بحتة، تحتاج إلى طرح علمي بعيد عن الأسلوب الخطابي الوعظي، وهذا كعامة الأحكام المذكورة في القرآن العظيم، فمن كتاب في الصلاة من جهة أحكامها - مواقيتها، أركانها.... -وكالصيام، والحج، وأحكام أهل الذمة، والمعاملات وأصولها في القرآن إلى غير ذلك.

وهناك موضوعات إيمانية، أخلافية تربوية تحتاج الأسلوب الوعظي الذي لا يطغى على تبيين دلالات القرآن على هذه القضايا.

ومن اراد أن يجمع تفسير موضوعيًا في قضية إيمانية عند بعض العلماء سيجد أن هذه القضية واضحة تمامًا.

فمن أحب أن يكتب في حديث القرآن عن الإخلاص من خلال كلام الإمام العلامة ابن القيم - رحمه الله - فإنه سيحد من تعليقاته الوعظية، الخطابية ، الإيمانية على الآيات ما تقطع فيه بأنه الأسلوب الأنجح، والأنجع في مثل هذه القضايا، لأنها قضية طلبية تحتاج إلى النفس الذي يأخذ بمداخل النفس إلى التأمل ، والتفكر.

بينما لو بحثت عن كلامه في مسألةٍ علميةٍ؛ كدلالات القرآن على انتقاض عهد المعاهد إذا طعن في الدين ، أو برسول رب العالمين؛ ستجد تفسيرًا موضوعيًا بقالب علمي رصين لا تكاد تجد له مثيل؛ إلا في كتابات شيخه - رحمهما الله-.


فلنستمع لآراء الإخوة!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه وجهة أخرى أتناول فيها الموضوع في نقاط :
- أولاً : التفسير الموضوعي ليس قسيماً للتفسير التحليلي والإجمالي , ولا مقابلاً لهما , ولا بديلاً عنهما , وإنما هو – في نظري – أشبه ما يكون بجمع الأقوال في المسألة واستيعابها قبل بيانها والحديث عنها , فالباحث في التفسير الموضوعي يختار لفظاً أو موضوعاً قرآنياً , ثم يفسره تفسيراً تحليلياً أو إجمالياً , بحسب حاجته وغرضه من موضوعه . فهو يبدأ بموضوع وينتهي بمنهج قرآني في الحديث عن هذا الموضوع , وفيما بينهما تفسير قائم على قواعد المفسرين وطرائقهم في بيان معاني كلام الله عز وجل , ولن يصل الباحث إلى نتيجة سليمة شرعاً وحساً إلا إذا سلك طريقةً سليمةً في التعامل مع القرآن وفهم معانيه وليس ذلك إلا في طريقة المفسرين وكتبهم .
وبناءً على ذلك يتعين الاهتمام باللغة والسنة وأقوال الصحابة والتابعين في هذه المجموعة القرآنية , فإنها وإن أخرجت عن سياقها وأعيد ترتيبها لغرض أو لآخر , فلا تخرج عن كونها قرآناً يفسر بما يفسر به باقي كلام الله عز وجل .
ومن هنا نعلم خطأ من يهمل جانب السنة في هذه الموضوعات , أو يختار من أقوال المفسرين ما يوافق غرضه , دون تمييز الصحيح والراجح من الضعيف والمرجوح , ودون اعتماد على قواعد التفسير وأصول الترجيح فيه .
- ثانياً : يعد التفسير الموضوعي في أهم أغراضه تفسيراً دعوياً اجتماعياً , بل لا يكاد يخرج عن ذلك , وهذه أنواع من اتجاهات المفسرين ظهرت وتميزت في هذا العصر , فهو إذاً اتجاه في التفسير , كقولنا : التفسير الفقهي أو العلمي أو اللغوي ونحوها .
- ثالثاً : بناءً على ذلك :
فالموضع السليم الذي أرشحه للتفسير الموضوعي في كتب أصول التفسير هو في اتجاهات التفسير وأنواع المصنفات فيه , فهو كما ذكرتُ تفسيراً دعوياً تربوياً اجتماعياً , يهدف إلى بيان الحقائق القرآنية في موضوعات معينة , واستجلاء المنهج القرآني في تناولها , وتنزيل ذلك كله على واقع الناس ومنهج الحياة .
وهو بهذا يؤدي غرضه المراد منه , تماماً كما يؤدي كلٌّ من التفسير اللغوي والفقهي والعلمي غرضه المراد منه .
فلا فرق عندي بين من فسر القرآن بناءاً على ترتيب النزول , ومن انتقى آيات الأحكام وفسرها -دون غيرها- من ناحية فقهية , ذاكراً فيها أقوال العلماء واختلافهم , وبين من انتقى آيات ذات موضوع قرآني مشترك , أو لفظة قرآنية , وفسرها تفسيراً علمياً منهجياً موجهاً له وجهة دعوية تربوية , تتصل بحياة الناس , وتلامس واقعهم .

ولوا أعيدت - والله أعلم - قراءة هذا الموضوع من هذه الوجهة لانحلت جميع الإشكالات وأجيب عن الإيرادات في هذا الموضوع , ونحن بانتظار آراء الإخوة ومشاركاتهم , وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد .
 
السلام عليكم ورحمة الله

الأخ الكريم الحبيب د.مساعد الطيار حفظه الله ونفع به ، بارك الله فيك على جهدك الملحوظ في خدمة كتاب الله تعالى

لك أخي الحبيب رابط ناقشت فيه وجهت نظرك وأرجو منك الإطلاع عليها

http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4840

شكراً لك
 
أرشد الأحبة لتجنب الخلط في التفسير الموضوعي أن يقيدوه بسنن الله القرآنية أي عهوده الربانية، ليمضي قول الجليل جل جلاله مع مقتضيات سننه، وهنا حتى إذا اقتصر الموضوع على آية أو آيتين يكون الموضوع ذا قيمة علمية بحيث أن السنن الإلهية تشكل وحدة موضوعية متكاملة لا لبس فيها ولا نقص يعتريها وهي كلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر؛ إذ هي العهود الربانية لكل شيء في هذا الوجود ليستقيم وليمضي الكون على بديع نسجه وفق تعاليم ربه إلى أن يشاء الله.
والسنن الإلهية لن تجد لها تبديلا ولا تغييرا ولا تحويلا، ومن ثباتها، إذا علمنا المقدمات نعلم طبعا النتائج، وتاتي في شكل معادلات رياضية متكاملة يشد بعضها على بعض، مما يؤهلها لدخول مجال العلوم ـــ كل العلوم ـــ من أوسع الأبواب.
وأرجو أن تكون هذه المداخلة سببا في تفصيل القول عن السنن الإلهية، ومن الله نستمد العون والتوفيق.
 
أظن والله أعلم أن عبارة الشيخ مساعد الطيار حفظه الله دقيقة .
فموضوعات قرآنية أدق من تفسير موضوعي ؛لأنك تتحدث عن موضوع تناوله القرآن ،فالموضوعات القرآنية التي تناولها الباحثون كالصلاة ،والزكاة،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،وسنة المدافعة ....لاخلاف في أهميتها ولكن الخلاف في الإطار الدقيق الذي توضع فيه.
فإذا أردنا إدخال كلمة تفسير فلنقل : تفسير آيات الصلاة ،تفسير الزكاة ..وهكذا.
والحمدلله أن المتخصصين في العلوم القرآنية ليست عندهم رؤى تشنجية وإنما هي وجهات نظر تطرح بآداب عالية ورفق وتسامح ،غايتهم الوصول إلى الحق.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه.
 
الخلاف حول المقاربتين ليس مقصورا على ميدان التفسير فقط، وإنما هي قضية منهجية يختلف عليها أهل الاختصاص في ميادين متعددة، كعلم الاجتماع، وعلوم التربية، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس، والإدارة، بل وفي الفيزياء وعلوم الكمبيوتر أيضا.

والمقاربة التحليلية معروفة منذ القدم، وهي موروثة نظريا عن أرسطو، وأصبحت أكثر عملية عند ديكارت في كتابه (مقال في المنهج).

وفي المرفقات جدول رسمته يقارن بين المقاربة التحليلية والمقاربة الثانية التي تسمى بمسميات مختلفة (المقاربة النظامية، الموضوعية، المقاصدية...).

والجدول مأخوذ من ورقة بحث علمي أشتغل عليه هذه الأيام. وما زلت أنظر فيه، ولعلي أجري عليه بعض الإضافات أو التحويرات.

attachment.php
 
إن لم يقع حذف الرسم من قبل المشرفين فلعل السبب خلل تقني بحت، لأنني شاهدت الصورة بعد نشر التعقيب. غير أن الملف لم يعد موجودا على السيرفر، على ما يبدو.

وعلى كل، أضع الرسم هنا في المرفقات.
 
الجدول يظهر لي بشكل جيد في المشاركتين ، وأعجبني كثيراً ، غير أني لم أفهمه بعدُ، وأريد شرح المقصود بعبارة المقاربة التي تستخدم كثيراً كأنها مصطلح شائع وهي بالنسبة لي ليست كذلك .
 
(المقاربة) ترجمة للكلمة الانجليزية Approach .

ولعل المشارقة وخصوصا في العلوم الدينية يستعملون لفظ (منهجية) مقابلا لكلمة Approach. ورأيي الشخصي (وقد أكون مخطئا فيه) أن الأمر ينقصه بعض الدقة، لأن (المنهجية) أو (المنهج) يقابلها في الإنجليزية (Methodology)، واللفظان الإنجليزيان مختلفان.

مقاربة = Approach
منهجية = Methodology

وبالنسبة للجدول، أرجو أن أوفق لشرحه بإذن الله وإضافة بعض التفاصيل الأخرى التي تبين تطبيقات المقاربتين، والأمثلة عليهما في ميدان التفسير والفقه وأصوله.
 
التعديل الأخير:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكر الإخوة جميعا على هذا الطرح الطيب لهذا الموضوع المهم، والذي يعد من العلوم الأساسية لأهل التفسير في هذا الوقت.
وإتماما للفائدة أرى، والله تعالى أعلم،أن الإشكال ليس في المصطلح سواء كما ذكر الشيخ الدكتور الطيار أو غيره، جزاهم الله خيرًا، وإنما الإشكال في عملية التأصيل لعلم التفسير بشكل عام، إذ إن علم التفسير ينقصه إلى الآن العمق عملية التأصيل، هذا بالنسبة إلى التفسير التحليلي، والذي يعد من أقدم أنواع التفسير، إذا لم يكن أقدمها، فكيف بالتفسير الموضوعي الحديث المنشأ.
لذلك لا بد من العود إلى التأصيل أولا ثم البحث في الموضوع نفسه. والله أعلم.
جزاكم الله خيرًا
 
يرفع للمناقشة ، نظرًا لقرب مؤتمر التفسير الموضوعي
 
ما علاقة تفسير القرآن بالقرآن بالتفسير الموضوعي؟
وهل يمكن أن يقال إن التفسير الموضوعي نوع من أنواع تفسير القرآن بالقرآن لا يتم الاقتصار فيه على بيان آية أو بعض آية أو كلمة فيها بيانا جزئيا بآية أو آيات بل يتعداه إلى بيان الآية أو الموضوع المراد فيها بيانا تاما من جميع القرآن؟
 
أولا أشكر فضيلة الدكتور مساعد على هذه النظرات النقدية الموضوعية الدقيقة المفيدة لهذا اللون من ألوان التفسير. وبعد: فإن التفسير الموضوعي من حيث الأصل لا إشكال فيه، بل هو أسلوب من أساليب التجديد والتطوير العلمي الحاصل في جميع الفنون والمؤلفات، وهو مناسب لدراسة بعض المسائل العصرية وبيان منهج القرآن الكريم في معالجتها سواء كانت هذه المسائل في العقيدة أو التشريع أو السلوك أو غيرها، وهو في الجملة نوع جديد من أنواع تفسير القرآن بالقرآن.



والناظر في الكتابات النظرية والتطبيقية في هذا اللون الجديد يجد - كما ذكر الدكتور مساعد - ملاحظات عديدة جديرة بالتأمل وإعادة النظر فيها، وقد تناول عددا منها بعض الباحثين مثل: الدكتور زياد الدغامين، والأستاذ الدكتور زيد عمر العيص، والدكتور سامر رشواني، وغيرهم. وأظن أن التأصيل لهذا العلم - إن صح أن يطلق عليه علم - لم يستو بعد ، ولعل المؤتمر القادم يساهم في ضبط مساره .



وما يذكره بعض الباحثين من مبالغات في إطراء ورفع شأن هذا النوع من التفسير وغضّ من شأن التفسير التحليلي غير مقبول، وقد زعم بعضهم أن هذا التفسير له دور في إعادة الخلافة الإسلامية، وأن التفسير التحليلي يساعد على إعاقة الفكر !



ويبدو أن بعض هؤلاء افترض أن المفسرين السابقين نظروا وفسروا كل آية على حده دون التفات إلى نظائرها ومبيناتها من نصوص الكتاب والسنة، وهذا خطأ ظاهر؛ فإن المفسرين أجمعين ما كانوا يفسرون الآية بقطع النظر عن نظائرها ومبيناتها من نصوص الكتاب والسنة، ولكن لا يلزمهم إيراد ذلك في كل موضع، بل يتركون دراسة هذه الموضوعات وجمع النصوص لغيرهم من العلماء والشراح والمؤلفين في جميع العلوم الشرعية.

وثممت قضايا في منهج التفسير الموضوعي تحتاج إلى مزيد تحرير ودراسة مثل الوحدة الموضوعية في السورة، والمناسبات بين السور وغيرها.


إن التفسير الموضوعي لا يمكن أن يكون بديلا للتفسير الموضعي [ التحليلي] كما دعا إلى ذلك بعض الباحثين لاعتبارات متعددة، ولا يناسب تدريسه لجميع المراحل والفئات، كما أن هناك موضوعات لا تمكن دراستها وفق هذا المنهج إلا بتكلف ظاهر كما ذكر بعض الإخوة قبلي.


وأخيرا أقول: إن الباحث إذا وفق في اختيار موضوع قرآني مناسب له وأحسن في تخطيطه وترتيبه، واستقصى موارده ، ونوّع مصادره،واجتهد في استنباط مواعظه وهداياته، وأحسن صياغته وإخراجه، فإنه يستفيد فائدة كبيرة، ويضيف إضافة جديدة. وقد كانت رسالتي في الماجستير في التفسير الموضوعي، وقد استفدت منها فائدة كبيرة في مجالات متعددة، وأحسب أنها قدمت إضافة جديدة في موضوعها.
 
يُرفع للأهمية وللحاجة الماسّة لمثل هذا الطرح

وفقكم الله لمرضاته
 
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشارك هنا لأبقى على اتّصال بهذا الموضوع الهامّ، وحتى لا يضيع في زحمة الموضوعات.
مع شكري الجزيل لأصحاب هذه المشاركات المباركة الّتي تحتاج إلا تعمّق.
وصلّى الله على حبيبنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
إخواني ومشائخي الأفاضل ،،
أحمد الله بداية على أن وفقني للإنضمام الى ملتقاكم المبارك..
وأسأل الله سبحانه أن يوفق القائمين عليه لكل خير وأن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خيرا..

وأخص منهم الدكتور مساعد الطيار / واتمنى ان احصل على كتب افردت في التفسير الموضوعي لأنه يخدم التخصص حيث اني مسجل في بحث إعداد الماجستير فاتمنى الإفادة منكم وبارك الله فيكم تلميذكم/ ابو سلمان
 
هل كتاب الدكتور زياد الدغامين (منهجية البحث في التفسير الموضوعي)- الذي أكثر النقل منه صاحب الوحدة القرآنية- يحل نوعا من الإشكال ؟
كأن النظرة لديه واضحة بعض الشيء وقد تكون مطردة -والله أعلم- في منهجية البحث ، بيد أن التعريفات والكتاب يحتاج إلى ترتيب وتنظيم خاصة في المقدمة والتأصيل لهذا العلم
والكتاب يستعرض جهود السابقين ونقدها والخروج بمحاولة رسم لمنهجية في البحث .
ومن أبرز النقاط
1- أن مرتكز التفسير الموضوعي هو تفسير القرآن بالقرآن
2- دراسة اللفظة لوحدها من قبيل المفردات والأشباه والنظائر ولا تسمى تفسيرا موضوعيا وإنما هي خطوة من خطوات البحث فيه
3- أكثر الكتابات الحديثة في التفسير الموضوعي إما تفسيرا تحليليا بشكل آخر أو عرضا تاريخيا لبعض الأحكام والقصص
5- الغرض من التفسير الموضوعي بشقيه -ولا ثالث لهما كما أفهم - (الوحدة الموضوعية في القرآن أو من خلال السورة) = كيف تعامل القرآن مع هذا الموضوع (مكيا ومدنيا ، سياق السورة ، ملابسات الأحوال و.....)
6- أفضل طريقة للبحث عن الموضوع المراد تأمل القرآن وتدبره لأن المعاجم مساعدة و لاتفي بالغرض
7- ليس خطأ في التفسير الموضوعي الاستفادة من السنة وأقوال السلف لكن الخطأ أن تجعل عناوينا رئيسة أو محاور بحث أساسية فعلى هذا يسمى مثلا الإنسان في القرآن والسنة ولا يسمى الإنسان في القرآن
وهناك نقاط أخرى كتبت هذه على عجالة دون ترتيب
 
اسأل الله العظيم ان يجزيكم خير الجزاء على ذاك النقد وتلك الفوائد الجمة
 
وأخيرًا أقول : إنني على غير قناعة بالمطروح في التفسير الموضوعي ، لا من جهة الاصطلاح ، ولا من جهة التنظير والتطبيق . وأتمنى لو صُحِّحَ مسار هذا الموضوع ، إذ فيه نفع وفوائد كثيرة ، لكن بعد ترشيده وتسديده .
أسأل الله أن يجعل هذا الكلام من باب النصح والتصويب لا من باب التثريب ، وأسأله أن يرينا ـ جميعًا ـ الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
الدكتور الفاضل أثابك الله هذا موضوع لك قديم،وهذه أول مرة أراه، هل تغير رأيك من وقتها؟ ففي نفسي من التفسير الموضوعي ما ذكرت، ولم أجرؤ على ذكره لتبني العلماء للتفسير الموضوعي وحماسهم له بصورة طغت على الأبحاث والرسائل الجامعية، وعندما أعددت رسالتي كان عندي إصرار أن لا تكون دراسة موضوعية لما يحيك في نفسي تجاه التفسير الموضوعي.
 
لم يتغير رأيي الذي قدَّمته في النقاط السابقة، بل زادت عندي بعض الملاحظات، وازددتُ قناعة بسبب ما أراه من اختلاف متباين في الكتب التي تنزل للسوق، وهي من هذا اللون من البحث الموضوعي، وليس هناك قانون يُحتكم إليه في هذا، بل كلٌّ له وجهة هو موليها.
وأسأل الله للجميع التوفيق .
 
الدكتور الفاضل جزاك الله خيراً، ما كتبته في هذا الموضوع يستحق أن يكون نواة بحثية ينطلق منها طلاب العلم لدراسة إشكالات المصطلح والتنظير والتطبيق في البحث الموضوعي، والحق انه آن الأوان أن تقوم مثل هذه الدراسة فقد مضى ما يقارب نصف قرن على ظهور الدراسات الموضوعية.
وأنا أرى لمن شاء أن يقوم بهذه الدراسة أن لا ينسى استشراف المحاذير المستقبلية لاعتبار هذا النوع من الدراسات الموضوعية تفسيراً.
 
الخلاف حول المقاربتين ليس مقصورا على ميدان التفسير فقط، وإنما هي قضية منهجية يختلف عليها أهل الاختصاص في ميادين متعددة، كعلم الاجتماع، وعلوم التربية، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس، والإدارة، بل وفي الفيزياء وعلوم الكمبيوتر أيضا.

والمقاربة التحليلية معروفة منذ القدم، وهي موروثة نظريا عن أرسطو، وأصبحت أكثر عملية عند ديكارت في كتابه (مقال في المنهج).

وفي المرفقات جدول رسمته يقارن بين المقاربة التحليلية والمقاربة الثانية التي تسمى بمسميات مختلفة (المقاربة النظامية، الموضوعية، المقاصدية...).

والجدول مأخوذ من ورقة بحث علمي أشتغل عليه هذه الأيام. وما زلت أنظر فيه، ولعلي أجري عليه بعض الإضافات أو التحويرات.

attachment.php
الدكتور الفاضل الجدول المرفق لا أستطيع قراءته، فهل يحتاج إلى برنامج معين؟؟ثم هل يمكننا الإطلاع على الورقة البحثية التي تم إعدادها عن المقاربات التفسيرية، أو مكان نشرها وجزاك الله خيراً.
 
وجدت للشاطبي رأياً دقيقاً في الموضوع، خالفه عليه محقق الموافقات، ونقده، فهل يعتد برأي الشاطبي في الفهم الموضوعي للقرآن الكريم؟؟
 
لو نقلت كلام الشاطبي ، وتعليق المحقق، لتتم مناقشة هذه الآراء.
 
الدكتور الفاضل الجدول المرفق لا أستطيع قراءته، فهل يحتاج إلى برنامج معين؟؟ثم هل يمكننا الإطلاع على الورقة البحثية التي تم إعدادها عن المقاربات التفسيرية، أو مكان نشرها وجزاك الله خيراً.

الجدول عبارة عن صورة ، وقد رفعتها لكم . وهي هذه
2903.jpg
 
لو نقلت كلام الشاطبي ، وتعليق المحقق، لتتم مناقشة هذه الآراء.
الدكتور الفاضل قبل أن أنقل كلام الشاطبي أحب أن أقرر حقيقتين:
-أني قارئة أجتزئ من كلام الشاطبي، فانا لم أقرأ موافقاته بشكل متكامل، لأستطيع تكوين رؤية شمولية عن آرائه.
-الشاطبي يتقن أن يأخذ القارئ إلى مورد الماء العذب ويعيده وهو عطشان لدرجة أنه يخال لي أن الشاطبي يفكر بصوت عال ويناقش ما قرره هو (طبعاً هذا ليس حكماً وإنما مجرد وجهة نظر).
أعود إلى قضية الفهم الموضوعي للقرآن: في المجلد الرابع من الموافقات وتحت عنوان (في الأدلة على التفصيل) في المسألة الثالثة عشر ص265 تحدث الشاطبي في عشر صفحات عن الوحدة الموضوعية في السورة وعن الفهم الموضوعي للقرآن وقد قرر حقيقة أن السور نوعان؛ نوع أنزل في قضية واحدة مثل أكثر سور المفصل وهذا النوع يفيد النظر الموضوعي في السورة في الفهم والفقه والتماس العلم.
والنوع الثاني من السور هو الذي فيه قضايا متعددة مثل البقرة وآل عمران والنساء واقرأ باسم ربك وأشباهها بقطع النظر أن السورة نزلت بكمالها دفعة واحدة أم نزلت شيئاً بعد شيء فهذا النوع ينظر لكل قضية لوحدها لالتماس العلم والفقه وينظر للوحدة الموضوعية في السورة فقط لالتماس الإعجاز من جهة النظم؛ لأن النظم توقيفي فيستفاد من النظرة الشمولية بيان وجوه الإعجاز في النظم.
إذا رأي الشاطبي حسب فهمي ان النظرة التجزيئية بحسب القضايا هي للعلم بالأحكام والنظرة الموضوعية هي لبيان وجوه الإعجاز في النظم فقط.
أما عن رأي الشاطبي في قضية الفهم الموضوعي للقرآن فإنه يقول:" وهل للقرآن مأخذ في النظر على ان جميع سوره كلام واحد بحسب خطاب العباد، لا بحسبه في نفسه؟؟فإن كلام الله في نفسه واحد لا تعدد فيه بوجه ولا باعتبار، حسبما تبين في علم الكلام، وإنما مورد البحث هنا باعتبار خطاب العباد تنزلاً لما هو من معهودهم فيه، هذا محل احتمال وتفصيل.
فيصح في الاعتبار أن يكون بالمعنى المتقدم، ان يتوقف فهم بعضه على بعض بوجه عام، وذلك أنه يبين بعضه بعضاً؛ حتى إن كثيراً منه لا يفهم معناه حق الفهم إلا بتفسير موضع آخر أو سورة أخرى، ولأن كل منصوص عليه فيه من أنواع الضروريات مثلاً مقيد بالحاجيات، فإن كان كذلك؛ فبعضه متوقف على بعض في الفهم؛ فلا محالة أن ما هو كذلك فكلام واحد؛ فالقرآن كله كلام واحد بهذا الاعتبار.
ويصح أن لا يكون كلاماً واحداً، وهو المعنى الأظهر فيه؛ فإنه أنزل سوراً مفصولة بينها معنى وابتداء؛ فقد كانوا يعرفون انقضاء السورة وابتداء الأخرى بنزول(بسم الله الرحمن الرحيم) في أول الكلام، وهكذا نزول أكثر الآيات التي نزلت على وقائع وأسباب يعلم من إفرادها بالنزول استقلال معناها للأفهام، وذلك لا إشكال فيه"انتهى كلام الشاطبي.
أما عن محققه فقد قال عن الرأي الأول وهو أن فهم القرآن يتوقف على النظرة الشمولية له:"هذا هو الظاهر الذي يصح التعويل، وأدلته فيه لا تنقض، وأما كونه نزل سوراً مفصولة عن بعضها ببسم الله...، فلا يقتضي استقلال بعضها عن بعض بالمعنى المراد، وكيف يتأتى بناء المكي على المدني في الفهم ، وان كل منهما يبني بعضها على بعض إذا أخذت كل سورة على حدتها غير منظور فيها لما ورد في غيرها ؛ وأين يكون البيان والنسخ؟ ومعلوم أنه لا يلزم في البيان ولا في النسخ أن يكون الناسخ والمنسوخ والمبين والبيان في سورة واحدة؛ فقوله:(ولا إشكال فيه) غير ظاهر" انتهى كلام المحقق.
وللحديث بقية........
 
ما يقوله الشاطبي أن نزول القرآن مفرقاً يمنعنا من القول أن بعضه متوقف على بعض في الفهم، وأعتقد أن ما يدور في خلد الشاطبي أن فهم القرآن هو معرفة مراد الله من الآيات فالقول بأن بعضه متوقف على بعض في الفهم يضعنا أمام إشكال أن الصحابة لم يعرفوا مراد الله من كتابه، وعليه فإننا في التفسير الموضوعي سنصل إلى فهم أعلى من السلف.
والملاحظ أن الشاطبي لم يكن متشدداً في رفض الرأي الأول لكن من الواضح أنه يسبب له إشكال.
رد محقق الموافقات لا دليل فيه إذ إن حمل المدني على المكي لا يعني مطلقاً عدم استقلال المدني بالفهم.
وأما قضية الناسخ والمنسوخ فمعلوم أنه لا نحكم بالنسخ بدون دليل شرعي، والنظرة الشمولية للقرآن ليست دليلاً شرعياً، وموهم التعارض ليس دليلاً شرعياً، على سبيل المثال آية (أو يجعل الله لهن سبيلا) لا نحكم بنسخها من النظرة الشمولية للقرآن ولا من سورة النور ولكن من الحديث الصحيح، وإلا لكان الجلد هو السبيل لا الرجم.
ولعل هذه الإشكالية هي نفسها إشكالية تفسير القرآن بالقرآن، لكنها تبدو بصورة أعمق في الدراسة الموضوعية لعدم التزامها بترتيب المصحف.والحل أن لا تعد نتائج البحث الموضوعي قطعية وإنما هي استنباطات ولطائف وتبقى اجتهاد بالرأي، ولا يترتب عليها أحكام.
الأمر الثاني أن لا يسمى البحث الموضوعي تفسيراً خروجاً من الإشكال وتحسباً للمحاذير المستقبلية منه.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التفسير الموضوعي
الحديث فيه يشدني كثيرا لنقطة احب ان أوضحها
وهي أنه ما من موضوع يراد دراسته كموضوع في القران الا في السنة له بيان
ومما أراه لزاما على باحث التفسير الموضوعي أن يعقب تقسيمات بحثه بقسم مخصص للسنة النبوية في نفس الموضوع وليكن ذلك من منطلقات التفسير الموضوعي ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا))
فهذه الآية لها وجاهتها في دخول السنة في التفسير الموضوعي
وبيان كيف عالج القران هذا الموضوع

والله اعلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد...الست الفاضلة نوف علي جزاكم الله تعالى خيراً
بالرجوع الى قولكم :
(
[FONT=&quot]ومما أراه لزاما على باحث التفسير الموضوعي أن يعقب تقسيمات بحثه بقسم مخصص للسنة النبوية في نفس الموضوع وليكن ذلك من منطلقات التفسير الموضوعي ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)[/FONT])
الأمر ليس كذلك لإن على الباحث أن يُدخل السنة النبوية في بحثه للتفسير ولا يفصله الى قسمين بمعنى أن في سعيه للوصول الى مراد الله تعالى من الآية عليه أن ينظر بالقرآن وما جاء به وبالسنة وما جاء بها لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ([FONT=&quot]عَنْ [/FONT]الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ[FONT=&quot]عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ ) رواه الامام أحمد و أصحاب السنن والحاكم وغيرهم وهو حديث ثابت صحيح والرواية هي راوية أبي داود رحمه الله تعالى.
[/FONT]
جاء في عون المعبود ( [FONT=&quot]قَالَ [/FONT]الْبَيْهَقِيُّ [FONT=&quot]: هَذَا الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ أُوتِيَ مِنَ الْوَحْيِ الْبَاطِنِ غَيْرِ الْمَتْلُوِّ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مِنَ الظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ ، وَالثَّانِي أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أُوتِيَ الْكِتَابَ وَحْيًا يُتْلَى ، وَأُوتِيَ مِثْلَهُ مِنَ الْبَيَانِ أَيْ أُذِنَ لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا فِي الْكِتَابِ فَيَعُمَّ وَيَخُصَّ وَأَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ فَيُشَرِّعَ مَا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ لَهُ ذِكْرٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ وَلُزُومِ الْعَمَلِ بِهِ كَالظَّاهِرِ الْمَتْلُوِّ مِنَ الْقُرْآنِ ...[/FONT][FONT=&quot]قَالَ [/FONT]الْخَطَّابِيُّ [FONT=&quot]: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لَا حَاجَةَ بِالْحَدِيثِ أَنْ يُعْرَضَ عَلَى الْكِتَابِ وَأَنَّهُ [/FONT][FONT=&quot]مَهْمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ حُجَّةً بِنَفْسِهِ [/FONT][FONT=&quot]فَأَمَّا مَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قَالَ إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ وَافَقَهُ فَخُذُوهُ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ ) عون المعبود- كتاب السنة - باب لزوم السنة- رقم الحديث 4604 .
​ أرجو أن تكون الفكرة واضحة والله تعالى أعلم.
[/FONT]
 
نعم جميل
كل ما أقصد أن يكون الموضوع مرتبط ارتباط وثيق بالسنة
إما كما ذكر الأخ البهيجي أو يستقل بمبحث خاص، ولعل الجمع بين الطريقتين أفضل لأنه قد يرد في الموضوع الواحد في السنة ما لا يرد في القران
والله يسددنا لما فيه الصواب
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً
وجزا الله تعالى الشيخ مساعد الطيار خير الجزاء
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد جزى الله تعالى خيرا لجميع المشاركين وخاصة الاستاذ الفاضل مساعد الطيار واسأل هل تم بحث هذا الموضوع برسالة جامعية استوفت المسائل التي ذكرها الاستاذ مساعد او ناقشتها ...كما ارغب ان يوضح الاساتذة الكرام مواقفهم من التفسير الموضوعي وخاصة هل توجد كتب او رسائل درست الموضوع وابانت عن الرغبة في تصحيح بعض المفاهيم الخلافية ...وفقنا الله تعالى واياكم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين أما بعد أرجو النظر بما يلي :
1- ان فكرة التفسير الموضوعي سليمة جدا وضرورية لمتطلبات زماننا لكون المسلم لا يملك الكثير من الوقت للقراءة ، أقصد المسلم العادي وليس طلبة العلم ولا شك انهم أي المسلمين من غير طلبة العلم هم أغلب المسلمين وإن الكاتب إذا أراد أن يكتب لهم فيجب عليه أن ينظر إلى ظروفهم ، ومنها كما ذكرت الوقت الكافي للقراءة ، وكذلك المزاج العام ، لكون الموظف او العامل تصعب عليه المسائل القرآنية المطولة والمكتوبة بلغة صعبة ، لهذا فإن الكتابة في طريقة التفسير الموضوعي تتلائم مع ظروفه ومزاجه ، اذا التزم الكاتب بتقليل الإنشاء وزيادة الفوائد المستخلصة من الآيات الدالة على مراد الله تعالى .
2- ما معنى الفوائد المستخلصة ؟ هي المسائل الاساسية التي يريد رب العباد من عباده أن يؤمنوا بها ثم يعملوا بها ، وعلى الكاتب أن يكتبها بلغة سهلة وموجزة من غير تطويل أو تعقيد ، وهمه في ذلك المقولة البليغة التي امتدحها رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي : خير الكلام ما قل ودل .
3- ويجب على الكاتب أيضاً أن يستخدم العبارات الذكية التي تحرك في النفوس الاستجابة والرغبة في تطبيق ما تذكره الآيات الكريمة من أوامر ونواهي .
والله تعالى أعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين اما بعد ونستمر بعون الله تعالى :
4- ولو نظرنا إلى أقسام التفسير الموضوعي كما قرره أصحابه مثلا الموضوع القرآني ولنتكلم عن موضوع :( المرأة في القرآن الكريم ) لا أرى من المفيد أن نبحث في الموضوع كما قرره أصحاب التفسير الموضوعي بل أرى والله تعالى أعلم أن الدخول في عمق الموضوع وهو ما يثار في زماننا من دعاوى أن الاسلام أو القرآن قد ظلم المرأة وسلب حقوقها ...فمثلا يبدأ الباحث بخلق حواء وأن الله تعالى أكرم عبده آدم عليه الصلاة والسلام بخلق صنو له من أحد أضلاعه ...ثم ينتقل إلى دور المرأة في حياة الانبياء وخاصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام وغيره ويختم بخاتم الانبياء صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخاصة أم المؤمنين خديجة رضي الله تعالى عنها ...ثم يستعرض الشبهات التي تثار حول ما يسمى حقوق المرأة ويراد بها باطل متتبعا ذلك في القرآن ...والله تعالى أعلم .
 
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
 
خبر الآحاد و نظرة موضوعية من الأمام الشافعي

خبر الآحاد و نظرة موضوعية من الأمام الشافعي

بسم1

الأمام الشافعي رحمه الله (150-204ه)
هو ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهوأيضاً إمام في علم التفسير و الحديث .و يروى أن شيخه قد سأله عن حجة الله عز وجل فقال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال ثم ماذا؟ قال اتفاق الأمة فقال له و ما الدليل؟ قال :قال تعالى{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَ تْ مَصِيرًا} وكان منهجه استقرائي استنباطي وقد اتبع منهج التفسير الموضوعي ويظهر ذلك في جمعه للآيات في الموضوع الواحد والأحاديث والآثار المنقولة عن سلف الأمة وتحليلها بهدف التوصل إلى مطلبه سواء كان حكما شرعيا أو ضابطا فقهيا.
وكتابه أحكام القرآن عامر بالتطبيقات التي تدل على أصالة منهج التفسير الموضوعي عنده ومنها :
الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ والنسخ وخبر الآحاد وهذا البحث يؤكد على أن منهج التفسير الموضوعي كان أثرا بارزا في مسيرة الإمام الأصولية فهو يدل على أصالة هذا المنهج و البحث بعنوان: أثر التفسير الموضوعي في تأصيل المنهج الأصولي ( أحكام القرآن للشافعي) د. رنا عبدالحميد الجبوري - دكتوراه في أصول الفقه
أثر التفسير الموضوعي في تأصيل المنهج الأصولي -أحكام القرآن للشافعي - رياض العلم


 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم، وبعد:
إن أساس دعوى أن التفسير التحليلي أو التجزيئي كما يحلو للبعض تسمته غير كافي أو لم يصبح لديه قابلية لمواكبة العصر...وأن التفسير الموضوعي بديل كفيل بإيجاد حلول لمشاكل المسلمين في العصر الراهن..ليس مسلما به .
إذ أن التفسير التحليلي لا ينفك طرفة عين عن التفسير الموضوعي بل هو خطوة من حطواته هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حركة التفسير منذ نزول القرآن الى يوم التاس هذا قد مرت بالعديد من التحولات وقد عرفت مناهج وطرق متعددة لتناول كتاب الله ولم يقل احد من الناس أن هذا المنهج بديل للمنهج الاخر أو أن ذاك المنهج لا يصلح لهذا العصر..ويبقى التفسير الحليلي حاضرا في كل وقت.
لكن يمكن القول أن بعض المناهج أفضل من أخرى على استحياء، أو بعض الطرق أسهل من بعضها الآخر، لكن الاجذر أن نجمع كل هذه المناهج وأن تثساق في وحدة بنياوية واحدة...فكل منهج يحتاج لاخر ليعضده ويأخذ بتلابيبه.
 
عودة
أعلى