التفسير العقدي لسورة عبس (المقطع الأول)

إنضم
02/02/2009
المشاركات
196
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
ليبيا
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير العقدي لجزء عم
سورة عبس
المقطع الأول
عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10)
سورة (عبس) سورة مكية , تتضمن مقاصد عظيمة منها :
المقصد الأول : بيان القيم الحقيقية .
المقصد الثاني: إثبات البعث وأهوال القيامة .
المقصد الثالث : تقرير توحيد الربوبية .
نزلت هذه السورة في حادثة جرت للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة، فقد كان يعرض الإسلام على عظماء قريش، وصناديدهم، من أمثال عتبة بن ربيعة , وشيبة بن الربيعة , وأبي جهل , وأمثالهم ؛ رجاء إسلامهم، وطمعاً في استمالتهم، وإعزاز هذا الدين. وفي هذه الأثناء، أقبل عليه رجل أعمى، وهو عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم، رضي الله عنه، جاءه مسترشداً, ففي حديث عائشة، رضي الله عنها، أنه كان يقول : أرشدني , فيعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه, فيقول : هل قلت شيئاً فيه بأس , فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا. وكلح بوجهه، وقطب، وكره سؤاله، فأنزل الله هذه الآيات، التي لا يوجد لها نظير في القرآن العظيم، في العتب على النبي صلى الله عليه وسلم، وبَّين له القيم الحقيقية التي ينبغي أن ينبني عليها تقويم الإنسان للذوات، مهما كانت المصالح الموهومة .
( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) : "عبس " أي كلح بوجهه، وقطب بجبينه, وهذا التعبير كناية عن الكراهة، والامتعاض من قدوم هذا السائل الأعمى، في هذا الحال.
ومعنى " تولى " أي أعرض، وصد عنه. فقد وقع منه صلى الله عليه وسلم حيال هذا الأعمى أمر باطني، وأمر ظاهري, فالأمر الباطني: دل عليه قوله " عبس " لأن هذا العبوس ينبئ عما قام في نفسه من الكراهة، وأما الأمر الظاهري: فهو الإعراض عن ذلك السائل .
( أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ) : يعني أن الحامل له على ذلك، هو مجيء الأعمى. وقد وصفه الله تعالى بهذا الوصف " الأعمى " من باب حكاية الحال, وفي هذا دليل على أنه لا بأس بوصف الإنسان بما فيه على سبيل التعريف، لا على سبيل التعيير, ولم يزل العلماء يحتملون الألقاب المعرِّفة بأصحابها، كما نجد ذلك كثيراً عند المحدثين، كقولهم: الأعمش, والأعرج, والطويل، وغير ذلك, وذلك مما استثنى من الغيبة.
كما أن في وصفه بهذا الوصف " الأعمى " : فيه نوع إعذار له، بأنه ما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مشغول بهذا الحال، إلا بسبب كونه أعمى, وربما لو كان بصيراً، ورأى اشتغال النبي صلى الله عليه وسلم، بمن بين يديه، لتريث إلى أن يفرغ .
ونلحظ نوع تلطف من الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وسلم في العتاب، بأن ساق هذه الحادثة على سبيل الخبر، بالفعل الماضي فقال: ( عبس وتولى ) , ولم يقل : " عبست وتوليت " . وهذا يدل على أنه ينبغي لمن أراد المعاتبة، أو النصيحة، أن يتلطف ولا يعنف, فإن التعنيف قد يكون مدعاة لرد الموعظة، والنصيحة, فليتعلم الدعاة من ربهم كيف يعاتبون، وكيف ينبهون على الأخطاء.
( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ) : أي ما يعلمك أنه قد يتزكى بسؤاله هذا , ومعنى ( يزكى ) التزكية هي التطهر من الآثام، والذنوب، والكفر، والفسوق، وغير ذلك, وأصله يتزكى. فلعله بسؤاله هذا، وقوله: أرشدني، علمني مما علمك الله، أن يتطهر. وذهب ابن زيد، رحمه الله، إلى أن معنى يزكى: يسلم ! وأن ابن أم مكتوم حين أتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن مسلماً، فقصد بالتزكية في الآية، الإسلام. إلا إن سياق الآيات التالية يدل على أنه، رضي الله عنه، كان مسلماً إذ ذاك.
( أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ) : ومعنى الآية، مع التي قبلها، أنه لم يخله من حالين إحداهما " أن يزكى " والأخرى " أن يتذكر " وفي ذلك توجيهان :
التوجيه الأول: أن ذلك من باب التحلية بعد التخلية , أي أن تكون التزكية دالة على التطهر، والتخلص من الآفات، والذنوب، والعيوب, ثم تكون الذكرى من باب التكميل؛ بفعل الطاعات، والبر، ونحو ذلك. فيكون المقصود الترقي.
التوجيه الثاني : أن التزكية يراد بها الأكمل، الأتم، بأن يتحقق له زكاة النفس؛ إما بالإسلام إن لم يكن قد أسلم, وإما بالتوبة النصوح، إن كان قد ألمَّ بخطأ. فإن لم يتحقق ذلك كله، فلعله أن يتحقق بعضه، وهو أن يحصل تذكر, فيكون هذا انتقال من الأعلى إلى الأدنى. فيكون المقصود التنويع .
ولا يخفى أن الذكرى تنفع المؤمنين، كما قال الله عز وجل: ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ), وذلك أن القلب يتراكم عليه من الغفلات، والشهوات، ما يحجبه عن نور الإلهية، فإذا ذكِّر استنار, ولهذا جاء في الحديث : } إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد , فقيل : وما جلائها يا رسول الله ؟ قال ذكر الله { . فتوالي الغفلات، والشهوات يلقي على القلب الران أو الغان, والران أشد من الغان، قال تعالى: ( كلا بل ران على قلوبهم ما كان يكسبون ) فالكسب الحرام والمعاصي غلف القلب فلا تنفذ إليه المواعظ. والغان دون ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : } إنه ليغان على قلبي حتى أذكر الله { فإذا ذكر الله عز وجل انقشع, فالذكرى نافعة على كل حال؛ إن لم تنفع نفعاً كلياً، نفعت نفعاً جزئياً.
( أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ) : هذا بداية تقسيم, إما أن يكون المراد باستغنائه أنه استغنى عنك، وزهد فيك، وبدعوتك، وأظهر الإعراض عنك, وإما أن يكون استغنى أي بماله ودنياه، لكونه من أهل الثراء، والجاه. والواقع أنه لا مانع من اجتماع الأمرين، بل الغالب أنهما متلازمان؛ فإن أهل الثراء، والترف، والغنى، غالباً ما يزدرون غيرهم لما يقع في قلوبهم من الاستغناء، والشعور بالترفع عن الآخرين. ولعل هذا هو الواقع , فإن الذين تعرض لهم النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا من صناديد قريش، وعظمائها وأغنياءها .
( فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ) : أي تتعرض، وتبذل له نفسك, ونبينا صلى الله عليه وسلم، إنما فعل ذلك، بأبي هو وأمي، رغبة في إسلامهم، لا يريد منهم نوالاً، ولا عرضاً من الدنيا, ولكن حرصاً على إسلامهم؛ ليسلم بإسلامهم من خلفهم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يعاني من ذلك حتى إن الله قال له : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ) يعني لعلك مهلك نفسك حزناً، على آثارهم ، واتباعهم، إن لم يؤمنوا بهذا الحديث.
( وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ) : " ما " إما أن تكون استفهامية، يعني أي شيء يلحقك، ويصيبك، إن لم يتزك هذا الذي استغنى. وإما أن تكون نافية، يعني ( وما عليك ألا يزكى) أي ليس عليك ضير، ولا لوم، ولا عتب، ألا يسلم ؛ لأن مهمتك البلاغ. وعلى كلا التقديرين، فإن الأمر يدل على أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم ، هي البلاغ كما قال تعالى: ( إن عليك إلا البلاغ ). فيجب على الرسول أن يبلغ رسالات ربه، فإن استجيب له فذاك, وإن لم يُستجب له، فلا لوم عليه ولا عتب. قال تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت) , وقال : (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) وفي هذا، أيضاً، درس للدعاة إلى الله، والواعظين، أن يجعلوا همهم، وجهدهم، في بيان الحق، وإيضاحه، وألا يهتموا كثيراً بالنتائج, فإن النتائج إلى الله تعالى.
( وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ) : بذاته وبدافعيته، فهو جاء بنفسه بينما الآخر تقصده وتتصدى له . وتأمل قوله " يسعى "، ولم يقل : " يمشي "، بل جاء مسرعاً، كالذي وصف الله في سورة يس : ( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ) هكذا يصنع الإيمان بصاحبه. إذا اشتعلت جذوة الإيمان في القلب، انطلقت الجوارح، وزال عنها الكسل، والوهن، وصار الإنسان يخب، ويسعى، ويستحث الخطى.
( وَهُوَ يَخْشَى ) : قام في قلبه من خشية الله ما حمله على قصد نبيه صلى الله عليه وسلم والسؤال عن أمر دينه. والخشية منَّة من الله، عز وجل، فإذا ألهم الله عبده الخشية، ألهمه الخير. والخشية ثمرة العلم, قال الله عز وجل : (إنما يخشى الله من عباده العلماء), فمن كان بالله أعرف، كان لله أخوف. وفي الآية دليل على أن ابن أم مكتوم، رضي الله عنه، كان إذَّاك مسلماً.
( فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ) : تتلهى وتتشاغل.
فالمعنى الإجمالي لهذه الآيات: أن الله سبحانه وتعالى عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في أمر اجتهد فيه، فأخطأ؛ حينما كان مشتغلاً بدعوة صناديد قريش، رغبة في دخولهم الإسلام، حيث أعرض عمن جاءه مسترشداً، مستهدياً، مقبلاً غير مدبر، راغباً غير معرض, فكلح وجهه، وقطب جبينه, هذا والرجل لا يراه، ولم يفه بكلمة واحدة , ومع ذلك عاتبه ربه هذا العتاب البليغ المؤثر. وهذا دليل على أننا يجب أن ننظر بنور الله عز وجل، وأن نقوِّم الناس، والأشخاص، بحسب منزلتهم في ميزان الله لا في ميزان البشر؛ فنعظم، ونكرم، من يستحق التعظيم والتكريم. فالمؤمن أحق بالكرامة، والإجلال، وإن كان فقيراً ضعيفاً، صعلوكاً, مملوكاً. والكافر، لا كرامة له , وإن كان غنياً، شريفاً, كما قال الله عز وجل : ( ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم ) , وقال: ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ).
هذه القيمة الأساسية مما أرساه هذا الدين، وكان به إعلاءً لقيمة الإنسان , فالإنسان ليس قدره بماله، وجاهه، وشرفه، ونسبه, وإنما قدره بما يختزن في قلبه من إيمان, وتقوى. وقد فقه نبينا صلى الله عليه وسلم، هذا الدرس البليغ، فاستخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين في سفراته, ويروى أنه كان إذا لقيه قال: (أهلاً بمن عاتبني فيه ربي). ولما جاء بعض أشراف العرب؛ الأقرع ابن حابس التميمي, وعيينة بن حصن الفزاري, وغيرهما، ورأوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، عمار بن ياسر, وبلال بن رباح، وصهيب الرومي، رضي الله عنهم, أنفوا، واستنكفوا أن تراهم العرب في مجلس يضم هؤلاء الموالي، وقالوا : يا محمد اجعل لنا مجلساً. فلم يجبهم النبي صلى الله عليه وسلم, لكن دار بخلده ذلك، فأنزل الله تعالى قوله: ( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآيتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ) , فحياهم، ورحب بهم, وأبى أن يمتثل لطلب هؤلاء الذين لم يقع الإيمان في قلوبهم بعد.
وهكذا أدب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلما قال أحدهم لبلال، رضي الله عنه: يا ابن السوداء قال : } إنك امرؤ فيك جاهلية {، فما كان من هذا العربي القح، إلا أن وضع خده في التراب، وقال لبلال: طأ بقدمك على خدي، يريد أن يستخرج هذا الدخن، هذه البقية الجاهلية من نفسه، حتى يرى الأمور بنور الله، وحتى يزن الأشياء بميزان الله. قال عمر رضي الله عنه : " أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا" يعني بلالاً، رضي الله عنهم، أجمعين.
الفوائد المستنبطة :
الأولى : تلطف الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، في المعاتبة.
الثانية : تلطف الله بالأعمى، بما يعذره في فعله .
الثالثة : الحرص على التزكية، والتطهر، من الشرك، والمعصية .
الرابعة : فضل التذكر (أو يذكر فتنفعه الذكرى ) .
الخامسة : ضبط المصالح والمفاسد بالضوابط الشرعية, وتقدير المصلحة والمفسدة بالمعايير الدينية. ويتفرع عن ذلك أن من الناس من يتوسع بما يسمى (مصلحة الدعوة) فربما يتقحم بعض المحظورات باسم مصلحة الدعوة. وهذا ليس إليه , فإن الدعوة ليست ملكاً لأحد، لأن الدعوة لله عز وجل، فلابد أن يدعو العبد إلى ربه، وفق مراده، ووفق شرعه، وألا يقدم، ولا يؤخر، ولا يصطفي، ولا ينحي، بناءا على محض رأيه، وتقديره، بل لابد أن يستنير بنور الله .
السادسة : هوان المستغنين عن الهدى، المعرضين عنه، على الله .
السابعة : أن وظيفة الداعية هي البلاغ، وليس عليه الهدى ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ) .
الثامنة : حرص المؤمن على الهدى، والعلم, وسعيه في تحصيلهما.
التاسعة : أن الخشية ثمرة الإيمان الصادق.
العاشرة : بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه .
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه : ( فإني استغفر الله سبعين مرة ) .




بقلم / د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي حفظه الله تعالى
[/align]
 
[align=center]المقطع الثاني

كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (16) قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)( ) كَلَّا إِنَّهَا ترذْكِرَةٌ : ( كلا ) كلمة ردع، وزجر, ولعلها لم تقل لنبينا صلى الله عليه وسلم في القرآن كله إلا في هذا الموضع, والمشار إليه في قوله ( إنها ) إما هذه الواقعة التي جرت، ففيها تذكرة. وإما أن المراد بذلك هذه الآيات التي تلوناها وأنزلناها, وهذا أقرب لدلالة ما بعدها .
( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ) : يعني فمن أراد أن يتعظ، ويدَّكر، فهاهي بين يديه. قال بعضهم: إن مرجع الضمير في قوله " فمن شاء ذكره " إلى الله عز وجل, ولكن الأليق بالسياق أن يكون المراد هذه الآيات، بدلالة ما بعدها، لأنه قال : ( فمن شاء ذكره , في صحف مكرمة , مرفوعة مطهرة , بأيدي سفرة , كرامٍ بررة ), إذاً، هذه التذكرة هي هذه الآيات المتلوة، التي حفظت هذه الواقعة, وبهذا نجمع بين القولين.
( فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ) : أي القرآن المتلو, في صحف مكرمة، يعني أنه مكتوب في صحف كريمة، شريفة .
( مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ) : أي في منزلة عالية، رفيعة، بعيدة عن الدنس .
( بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ) : قيل إن السفرة هم كتبة المصحف، يعني القراء. وإلى هذا ذهب قتادة، رحمه الله، فقال: إن السفرة هم اللذين يكتبون هذه الأسفار، وهم كتبة الوحي، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, أي القراء من الصحابة الذين يحفظون القرآن في السطور، وفي الصدور. وذهب ابن عباس، رضي الله عنهما، في الرواية المشهورة عنه، إلى أن المراد بالسفرة الملائكة, وربما روي من طريق آخر عنه أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , وهي رواية قتادة عنه, والرواية الأخرى المقدمة، هي رواية العوفي عنه. وإنما سمي الملائكة سفرة، لأنهم سفراء بين الله وبين أنبيائه، والأقرب أن المراد بالسفرة الملائكة .
ووصفت هذه الصحف بأنها (مكرمة) و (مرفوعة) و (مطهرة) لأنها صحف الملائكة التي يستنسخون بها الوحي ويكتبونه فيها. فلا شك أن ما بأيدي الملائكة رفيع القدر، بعيد عن الدنس.
( كِرَامٍ بَرَرَةٍ ) : وصف الله تعالى الملائكة بوصفين : ( كرام بررة ), كما قال في الآية الأخرى : ( كراماً كاتبين ) والكريم هو الشريف, وأصل البر ما دل على كثرة الخير , فالبار هو كثير الخير. ولهذا سمي البَر بَراً لسعته وكثرته. وقد وصف الله عباده الصالحين بأنهم أبرار , ولم يصفهم بأنهم بررة, كما قال الله تعالى : (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ) , أما الملائكة فقد وصفوا بأنهم بررة، لكثرة طاعتهم لله، قال الله عز وجل : ( يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) , (لا يسئمون ) , (لايستحسرون ) , وقال : ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) عليهم صلوات الله وسلامه , وفي هذا ملحظ لطيف، ذكره الحافظ ابن كثير، رحمه الله، وهو أنه ينبغي لحامل القرآن أن يكون في أفعاله، وأقواله، على السداد، والرشاد. فإذا كان الملائكة، سفراء الله إلى أنبيائه، الذين يحملون الصحف المكرمة، المرفوعة، المطهرة، هذا وصفهم " كرام بررة "، فينبغي لحامل القرآن من عباد الله، أن يكون على طريق الرشاد، وعلى سبيل السداد ؛ احتراماً، وصوناً لهذا للكلام الذي بين جنبيه.
( قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) : هذا دعاء من الله عز وجل على الإنسان. ولا يستقيم في هذا المقام أن نقول جنس الإنسان, بل ينبغي أن نخصه بالكافر. وقد لاحظ ابن عاشور، رحمه الله، أن ذكر الإنسان في القرآن المكي، غالباً ما يراد به الإنسان الكافر , كما في قول الله تعالى : ( كلا إن الإنسان ليطغى ).
وقوله ( قتل ) هذا دعاء على الكافر بالقتل. والدعاء عليه بالقتل المراد به اللعن، لأن ذلك طرد، وإبعاد له عن رحمة الله.
وقوله : ( ما أكفره ) تحتمل (ما) معنيين :
أن تكون تعجبية : أي ما أشد كفره, فالله خلقه، ورزقه، وأعده، وأمده، ثم يكفر به ! أو تكون استفهامية : يعني أي شيء أكفره ؟ لماذا كفر ؟ وكأنها تعجبية أوقع .
( مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) : هذا الاستفهام للتقرير ؛ لأن الله سبحانه وتعالى أعلم, والمراد ما أصل خلقه ؟ .
( مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَه ُ) : والمراد هنا: من سوى آدم عليه السلام , لأن آدم عليه السلام خلق من قبضة من تراب, والمراد بالنطفة: هو نطف المني ودفقته. هذا أصل خلق الإنسان, ما يقذفه الرجل في رحم الأنثى، يكون منتن الريح، يستحي من ذكره. وقد جاء العلم الحديث ليبين أن حال الإنسان أحقر حتى مما كان يفهم من مجرد الصورة الظاهرة للنطفة؛ فالإنسان يخلق من خلية لا ترى إلا بالمجاهر الدقيقة, فهذه النطفة، أو القذفة المنوية، تحتوي على ملايين الحيوانات المنوية. فتأمل بداية خلق الإنسان ! فما الذي يجعله يشمخ بأنفه، ويتعالى على ربه، ويستنكف عن عبادته ؟
( فقدره ) بعد أن خلقه، أمده، وأعده, أعطاه الآلات، والأدواتن التي يقدر فيها على الفعل، والكسبنوالحرث، والضرب في الأرض .
( ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ) : قيل في معنى ( السبيل ) قولان :
إما أن المراد بالسبيل: طريق خروجه من بطن أمه. وإلى هذا ذهب ابن عباس رضي الله عنهما. وهذا الأمر مدهش ! هذا الجنين الذي احتواه الرحم تسعة أشهر، يسهل الله تعالى مخرجه من هذه المخارج الضيقة ! ويجري من التغيرات العضوية على الرحم، ومخرج الولد، ما يجعله يتسع، ليخرج منه هذا الكائن.
وقيل أن المراد بالسبيل: هو طريق الحق أو الباطل. ومعنى ( يسره) أي مهد له ذلك السبيل، وبين له الخير من الشر، كما قال في الآية الأخرى : ( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً). فهذه الآية تؤيد المعنى الآخر، وإلى هذا ذهب مجاهد، رحمه الله، ويشهد له قول الله عز وجل : ( وهديناه النجدين ) يعني الطريقين؛ طريق الخير، وطريق الشر. ولا مانع من حمل الآية على المعنيين؛ لأنه لا تعارض بينهما.
( ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) : يعني بعد أن طوى هذا العمر، سالكاً طريق الخير، أو الشر، أماته , لأن الله تعالى قضى بالموت على كل حي، حتى ملك الموت يموت , فلا يبقى إلا الله الواحد القهار. والموت أمر وجودي، كما قال الله تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ) فالموت إذاً أمر وجودي لأنه مخلوق. ومعنى ( أقبره ) أي أمر بدفنه ؛ وفي اللغة يقال " قابر " ويقال " مُقبر " فالقابر هو الذي يباشر الدفن, والمُقبر هو الذي يأمر بالدفن. فهنا قال: ( فأقبره ), ولم يقل " فقبره ". والدفن سنة كونية، ولهذا لما قتل ابن آدم الأول أخاه ( بعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين ) , فلم يزل بنو آدم يقبرون موتاهم، إلا من طمسه الله عز وجل، من الذين يحرقون الموتى, لكنهم بعد إحراقهم للموتى يدفنون رمادهم .
( ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ) : أي بعثه وأحياه بعد موته. وقوله ( إذا شاء ) ليس المراد أنه قد يشاء أن ينشره، وقد لا يشاء ذلك؛ لأنه لابد من البعث, وإنما المراد زمن بعثه، يعني إذا شاء أن ينشره أنشره في الوقت المعين.
ولو تأملنا في هذه الآيات، لوجدنا أن العطف يقع تارة " بثم " وتارة " بالفاء " فمن الناحية البلاغية، سنجد أن العطف جاء " بالفاء " فيما يقصد به التعقيب المباشر , و " بثم " فيما يفصله عما قبله تراخي , قال ( من نطفة خلقه فقدره ) أعطاه الآلات التي يقدر فيها على قضاء مصالحه, بعد ذلك قال: ( ثم السبيل يسره ) لأنه جرى بعد ذلك فاصل، سواء على القول الأول أنه خروجه من رحم أمه؛ لأنه أخذ يترقى في الخلقن من نطفة، إلى علقة، إلى مضغة، إلى أن كسا العظام لحماً , فأتى " بثم " لوجود فاصل زمني , أو على القول الثاني أنه الخير، والشر، بأن يمضي عليه سنوات حتى يصبح مكلفاً، فهذا فاصل زمني يناسب أن يأتي بعده " بثم ". ثم قال ( ثم أماته )، لأنه قد عاش ردحاً من الزمن، فناسب أن يأتي " بثم " التي تدل على تراخ وفاصل طويل , ثم قال: ( فأقبره ) أتى " بالفاء " لأن الفاصل بين الموت والدفن فاصل قصير. ثم قال: (ثم إذا شاء أنشره ) أتى " بثم " لأن بين موت الإنسان وبعثه زمن طويل . فتأمل!
( كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ) : أي ليس الأمر كما يظن ذلك الكافر المنكر للبعث، أنه أدى ما عليه، وأنه لا شيء عليه، وغير ذلك , كلا! فإنه لم يؤد حق الله الذي افترضه عليه .
الفوائد المستنبطة :
الأولى: وصف القرءان بالتذكرة .
الثانية : إثبات مشيئة العباد، وأفعالهم ( فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ), وفي هذا رد على الجبرية الذين يسلبون العبد مشيئته، وفعله. فالعبد له مشيئة حقيقية , لكن مشيئته داخلة تحت مشيئة الله ( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ.وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) .
الثالثة : كرامة كلام الله, وكرامة محله، وحملته.
الرابعة : أن القرآن كلام الله، ليس كلام الملائكة، لقوله ( سفرة ) لوصفهم بالسفارة فمهمتهم النقل فقط. ففيه الرد على المعتزلة الذين قالوا إن القرآن كلام محمد، أو جبريل، وليس كلام الله الصادر منه.
الخامسة : إثبات الملائكة، ووصفهم بالكرامة وكثرة البر
السادسة : ذم الكافر الجاحد، والتعجيب من حاله .
السابعة : بيان أصل الإنسان المهين.
الثامنة : بيان فضل الله على الإنسان قدراً، وشرعاً، أما قدراً فلقوله ( مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ , ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ , ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) , وأما شرعاً فلقوله ( ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَه ُ) على القول إن السبيل المراد به طريق الحق والباطل .[/align]
 
العاشرة : بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه .
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه : ( فإني استغفر الله سبعين مرة ) .
لا تعليق إلا أن أقول ولا أخاف عقباها :
بئس أدب الألفاظ مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وانصح الأخت الكريمة أن تخبر صاحب المقال بالرجوع إلى كتب التفسير المعتمدة ليرى هل سطر أحد قبله في الكلام على هذه السورة ما سطرته أنامله في حق النبي صلى الله عليه وسلم .
وسؤال أخير :
هل غير المغالي في رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم مثل هذه العبارات والألفاظ في حقه ويتعبد الله بها ؟؟؟؟
مشايخنا حفظهم الله ورحم ميتهم كانوا يعاقبوننا على وصف العالم صراحة بالخطأ الصريح إجلالاً للعلماء ، ويا ترى ما حالهم لو قرؤا مثل هذه الألفاظ في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟؟
والله من وراء القصد .
 
كالذي يقول : ولا تقربوا الصلاة

مقالة هذا الرجل!!!!!!!!!! ...

أقول له على عجل: قال الله تعالى:

إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ

أيُّ بشر يبلغ هذه الرتبة (يوحى إليّ) فهل نميز بين بشر وبشر

وأقول أيضا سلمت يمناك اخي الفاضل د أبا إبراهيم

ولي عودة قريبة إن شاء الله تعالى
 
ما رأيكم يا دكتور السالم لو قلتُ لكم - قياساً على أسلوبكم دوماً :
الدكتور أحمد القاضي - الذي كتب هذا الكلام - متخصص في العقيدة ، ومن المشهود لهم بالرسوخ في مسائلها ، وله صحبة للشيخ ابن عثيمين دامت سنوات أخذ عنه فيها العلم ، وأنت متخصص في علم القراءات ، فهلا تركت علم العقيدة للمتخصصين فيه ؟

فماذا ستقول يا ترى ؟
 
جزى الله الشيخ أحمد القاضي خيرا

ولا شك أن نفسي ترتاح لمن يقرر مسألة في العقيدة وهو متخصص فيها

خصوصاً إن كان ذا منهجٍ سلفي
 
ما رأيكم يا دكتور السالم لو قلتُ لكم - قياساً على أسلوبكم دوماً :
الدكتور أحمد القاضي - الذي كتب هذا الكلام - متخصص في العقيدة ، ومن المشهود لهم بالرسوخ في مسائلها ، وله صحبة للشيخ ابن عثيمين دامت سنوات أخذ عنه فيها العلم ، وأنت متخصص في علم القراءات ، فهلا تركت علم العقيدة للمتخصصين فيه ؟

فماذا ستقول يا ترى ؟


نعم جزاكم الله خيرا فقد
تتلمذ الشيخ:د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي حفظه الله تعالى على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله تعالى، وصحبه، لأكثر من عشرين سنة .
 
ما رأيكم يا دكتور السالم لو قلتُ لكم - قياساً على أسلوبكم دوماً :
الدكتور أحمد القاضي - الذي كتب هذا الكلام - متخصص في العقيدة ، ومن المشهود لهم بالرسوخ في مسائلها ، وله صحبة للشيخ ابن عثيمين دامت سنوات أخذ عنه فيها العلم ، وأنت متخصص في علم القراءات ، فهلا تركت علم العقيدة للمتخصصين فيه ؟
فماذا ستقول يا ترى ؟
أقول والله تعالى الموفق :
قال الله تعالى :" وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه " .
وقال قبل هذا :" ...ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " ( من التعليم ).
وفي القراءة الأخرى :" بما كنتم تَعْلمون " ( من العلم ).
وبعد هذا أقول :
وهل عندك أخي الكريم والحبيب الدكتور عبدالرحمن الشهري أن " تخطئة " النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج لأن نسمع فيها قول أهل العقائد ؟؟ والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على هذا القول لرميت به عرض الحائط .
وماذا نسمي هذه العقيدة ؟؟ خاصة في ظل هذه الهجمة الشرسة المتطاولة على جنابه صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
ثم : هل هذه مسألة عقدية ينتطح فيها عنزان حتى ننتظر ما يقرره أهلها ؟؟ هذا جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وها أنت يا أخي الكريم ومعك من شارك في المداخلات لم ترضوا من العبد الضعيف أن " خطّأ " شيخاً تتلمذ على الشيخ ابن عثيمين وصاحبه عشرين سنة ؟؟؟
الله تعالى يحب العدل والإنصاف حبيبي الكريم .
هذه عقيدتي وهذا رأيي أخي الحبيب ويسألني الله عنهما يوم القيامة ، فأرجو النجاة بهما .
ثم :هل صحبة وتتلمذة الشيخ القاضي - حفظه الله - على الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بمانعته من الخطأ ؟؟؟
ثم : هل الشيخ القاضي عرض رأيه وكلامه هذا على شيخه رحمه الله فأجازه له ؟؟؟ ما أدين الله به أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بريء من اجتهادات تلاميذه المشاكلة لهذا الاجتهاد من الشيخ القاضي ؟؟
ولا شك أن نفسي ترتاح لمن يقرر مسألة في العقيدة وهو متخصص فيها
خصوصاً إن كان ذا منهجٍ سلفي
إن كنت تقصد أن نفسك ترتاح لهذا الذي قرره الشيخ القاضي فنصيحتي لك أن تتهم نفسك وتراجعها ، وإن كنت تقصد غير ذلك فهو خروج عن أصل الموضوع .
وأسألك أخي الكريم " محامي عادل " :
مّن هو سلف الشيخ القاضي في تقريره واجتهاده هذا ؟؟؟؟
وآمل أن لاينظر للمسألة من باب أنها مذهب للسلف ، فهذا اتهام خطير لهم أن يجرؤ أحد منهم ويقول ماهو مكتوب في المقال .
أين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فسروا هذه السورة ؟ وأين التابعون ؟ وأين أئمة التفسير ؟؟
ألمجرد معنى خطر على قلب شيخ متأخر - عفا الله عنا وعنه - نقول هذا مذهب السلف ؟؟؟ اتقي الله أخي الكريم .
وليعلم أخي الحبيب د/عبدالرحمن وأخي الكريم " محامي عادل " أنني لا أسيء الظن بمسلم فضلاً عن طالب علم ، ولكن تخطئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو من باب الاحتمال لا أتركها تمر دون تنبيه على خطئها .
والله الموفق .
 
" أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم "
 ومن من المفسرين قال: أخطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بل من منهم يقر مثل هذا الكلام في سياق الحديث عن حادثة يقول فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مرحبا بطالب العلم .. مرحبا بمن عاتبني فيه ربي .. لم يقل خطأني فليتنبه
و في الصحيحين [ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال : إنما مثلي و مثل أمتي كمثل رجل استوقد نارا فجعلت الدواب و الفراش يقعن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار و أنتم تقتحمون فيها ] و في رواية لمسلم [ مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش و هذه الدواب التي في النار يقعن فيها و جعل يحجزهن و يغلبنه فيقتحمن فيها قال : فذلكم مثلي و مثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار هلم عن النار فتغلبوني و تقتحمون فيها ]
فالرسول صلى الله عليه وسلم له العصمة من الله تبارك وتعالى وسنته كما أجمعت الأمة هي القول والفعل والإقرار وكل طعن فيه إن هو إلا طعن بمصدر من مصادر التشريع أمر جلل وخطر بيِّن وسابقة خطيرة أن يقول من شاء ماشاء إذا هو ظن بنفسه بلوغ الكمال فكل تخطئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن هي إلا طعن في الأصل الثاني من أصول شريعتنا الذي أجمعت الأمة على أن الباطل لايأتيه من بين يديه ولا من خلفه .. نحن لا نقبل الطعن بالصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه حتى نقبل أن يقوم دكتورنا الفاضل ومن لف ملفه بعد أن ألقمنا المشتشرقين حجرا لطعنهم براوية الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه يقوم دكتورنا وعلى حين غرة ليبتكر طريقة أخر بزعم العقدية في التفسير فيساوي فيها بين الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث الخطأ والصواب في أمور للشارع الكريم حكمة وبين عامة البشر فيقول :" فالمعنى الإجمالي لهذه الآيات: أن الله سبحانه وتعالى عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في أمر اجتهد فيه، فأخطأ؛ حينما كان مشتغلاً بدعوة صناديد قريش، رغبة في دخولهم الإسلام، حيث أعرض عمن جاءه مسترشداً، مستهدياً، مقبلاً غير مدبر، راغباً غير معرض, فكلح وجهه، وقطب جبينه, هذا والرجل لا يراه، ولم يفه بكلمة واحدة , ومع ذلك عاتبه ربه هذا العتاب البليغ المؤثر. وهذا دليل على أننا يجب أن ننظر بنور الله عز وجل، وأن نقوِّم الناس، والأشخاص، بحسب منزلتهم في ميزان الله لا في ميزان البشر؛ فنعظم، ونكرم، من يستحق التعظيم والتكريم. فالمؤمن أحق بالكرامة، والإجلال، وإن كان فقيراً ضعيفاً، صعلوكاً, مملوكاً. والكافر، لا كرامة له , وإن كان غنياً، شريفاً"
وبناء على ما تقدم لا يسعني إلا أن أقول: جزى الله د محمد بن حسين الجيزاني خيرا حيث بين في مقدمته عن الأصول الشرعية :
أصلها ومصدرها فقال: اتفق أهل السنة على أن الأدلة المعتبرة شرعًا أربعة وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وذلك من حيث الجملة(1). قال الشافعي: ".....وجهة العلم الخبر في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، أو القياس"(2). واتفقوا أيضًا على أن هذه الأدلة الأربعة ترجع إلى أصل واحد، هو الكتاب والسنة، إذ هما ملاك الدين وقوام الإسلام(3). قال الشافعي: ".....وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، وأن ما سواهما تبع لهما"(4). وهذه الأدلة الأربعة متفقة لا تختلف، إذ يوافق بعضها بعضًا ويصدق بعضها بعضًا؛ لأن الجميع حق والحق لا يتناقض(5)، وهي كذلك متلازمة لا تفترق، فجميع هذه الأدلة يرجع إلى الكتاب(6)، والكتاب قد دل على حجية السنة، والكتاب والسنة دلا على حجية الإجماع، وهذه الأدلة الثلاثة دلت على حجية القياس(7). لذلك صح أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو القرآن، باعتبار أنه الأصل، وأن ما عداه بيان له، وفرع عنه، ومستند إليه. ويصح أيضًا أن يقال: مصدر هذه الأدلة هو الرسول –صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الكتاب إنما سمع منه تبليغًا، والسنة تصدر عنه تبيينًا، والإجماع والقياس مستندان في إثباتهما إلى الكتاب والسنة(8). قال ابن تيمية: " ....... وكذلك إذا قلنا: الكتاب والسنة والإجماع، فمدلول الثلاثة واحد؛ فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة، فليس في المؤمنين إلا من يوجب اتباع الكتاب، وكذلك كل ما سنه الرسول –صلى الله عليه وسلم- فالقرآن يأمر باتباعه فيه، والمؤمنون مجمعون على ذلك. وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون فإنه لا يكون إلا حقًا موافقًا لما في الكتاب والسنة(9). ومما مضى يتبين أن الكتاب والسنة هما أصل الأدلة الأربعة المتفق عليها، وهذا الأصل قد يسمى بالنقل، أو الوحي، أو السمع، أو الشرع، أو النص، أو الخبر، أو الأثر، يقابله العقل، أو الرأي، أو النظر، أو الاجتهاد، أو الاستنباط. وقد امتاز هذا الأصل العظيم – أعني الكتاب والسنة – بخصائص، وتفرد بفضائل، واقترنت به آداب، أظهرها أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله تعالى. إنها قواعد مهمة للتعامل مع النصوص الشرعية، ومقدمات ضرورية للنظر في الكتاب والسنة، وهي أصول للاستنباط وضوابط للتفكير.
خصائص أصل الأدلة "الكتاب والسنة": 1- أن هذا الأصل وحي من الله، فالقرآن الكريم كلامه سبحانه، والسنة النبوية بيانه ووحيه إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم-(10)؛ قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" [النجم: 3، 4]. 2- أن هذا الأصل إنما بلغنا عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه لا سماع لنا من الله تعالى، ولا من جبريل عليه السلام، فالكتاب سُمع منه تبليغً، والسنة تصدر عنه تبيينًا(11)، وقد قال تعالى آمرًا نبيه –صلى الله عليه وسلم- أن يقول: "وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19]. 3- أن الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الأصل، كما قال سبحانه: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" [الحجر: 9] (12)، قال ابن القيم: "والله تعالى قد ضمن حفظ ما أوحاه إليه –صلى الله عليه وسلم- وأنزل عليه؛ ليقيم به حجته على العباد إلى آخر الدهر"(13). 4- أن هذا الأصل هو حجة الله التي أنزلها على خلقه. قال الشافعي: ".........لأن الله جل ثناؤه أقام على خلقه الحجة من وجهين، أصلهما في الكتاب: كتابه ثم سنة نبيه"(14). وقال ابن القيم: "إن الله سبحانه قد أقام الحجة على خلقه بكتابه ورسله، فقال: "تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا" [الفرقان: 1]. وقال: "وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ" [الأنعام: 19]. فكل من بلغه هذا القرآن فقد أنذر به وقامت عليه حجة الله به"(15). 5- أن هذا الأصل هو جهة العلم عن الله وطريق الإخبار عنه سبحانه. قال ابن عبد البر: "وأما أصول العلم فالكتاب والسنة(16) يوضحه". 6- أن هذا الأصل هو طريق التحليل، والتحريم، ومعرفة أحكام الله، وشرعه. قال ابن تيمية: "وأوجب عليهم الإيمان به، وبما جاء به، وطاعته، وأن يحللوا ما حلل الله ورسوله، ويحرموا ما حرم الله ورسوله...." (17). 7- وجوب الاتباع لهذا الأصل، ولزوم التمسك بما فيه. قال الشافعي: ".......وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله، أو سنة رسول –صلى الله عليه وسلم-"(18). 8- أن وجوب اتباع هذا الأصل عام، فلا يجوز ترك شيء مما دل عليه هذا الأصل، أبدًا، وتحرم مخالفته على كل حال. قال ابن عبد البر: ".....وقد أمر الله عز وجل بطاعته –صلى الله عليه وسلم- واتباعه أمرًا مطلقًا مجملاً، لم يقيد بشيء – كما أمرنا باتباع كتاب الله – ولم يقل وافق كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ"(19). وقال ابن تيمية: "......فلهذا كانت الحجة الواجبة الاتباع: الكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الاتباع، لا يجوز تركه بحال، عام الوجوب لا يجوز ترك شيء مما دلت عليه هذه الأصول، وليس لأحدً الخروج عن شيء مما دلت عليه، وهي مبنية على أصلين:
أحدهما: أن هذا جاء به الرسول. والثاني: أن ما جاء به الرسول وجب اتباعه.
وهذه الثانية إيمانية ضدها الكفر أو النفاق"(20). 9- وجوب التسليم التام لهذا الأصل وعدم الاعتراض عليه. خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتاب "الفقيه والمتفقه"، فقال: "باب تعظيم السنن، والحث على التمسك بها، والتسليم لها، والانقياد إليها، وترك الاعتراض عليها"(21). 10- أن معارضة هذا الأصل قادح في الإيمان. قال ابن القيم: "إن المعارضة بين العقل ونصوص الوحي لا تتأتى على قواعد المسلمين المؤمنين بالنبوة حقًا، ولا على أصول أحد من أهل الملل المصدقين بحقيقة النبوة، وليست هذه المعارضة من الإيمان بالنبوة في شيء، وإنما تتأتى هذه المعارضة ممن يقر بالنبوة على قواعد الفلسفة"(22).
11- أن هذا الأصل به تفض المنازعات، وإليه ترد الخلافات، كما قال سبحانه:"فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" [النساء: 59]، وقال جل شأنه: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" [الشورى: 10]. قال الشافعي: "ومن تنازع ممن بعد رسول الله رد الأمر إلى قضاء الله ثم قضاء رسوله، فإن لم يكن فيما تنازعوا فيه قضاء نصا فيهما ولا في واحد منهما ردوه قياسًا على أحدهما"(23). وقال ابن تيمية: "فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب ردّ ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه"(24). 12- أن هذا الأصل تمتنع معه الاستشارة. قال البخاري: "وكانت الأئمة بعد النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها. فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدوه إلى غيره؛ اقتداءً بالنبي –صلى الله عليه وسلم-"(25). 13- أن هذا الأصل يوجب تغيير الفتوى لمن أفتى بخلافه. وقد بوب الدارمي(26) لذلك في سننه، فقال: "باب الرجل يفتي بشيء، ثم يبلغه عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، فرجع إلى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-"(1/153). 14- أن هذا الأصل يوجب الرجوع عن الرأي وطرحه إذا كان مخالفًا له. وقد خصص الخطيب البغدادي لذلك بابًا في كتابه "الفقيه والمتفقه" فقال: "ذكر ما روي من رجوع الصحابة عن آرائهم التي رأوها إلى أحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- إذا سمعوها ووعوها"(1/138). 15-أن هذا الأصل هو الإمام المقدم، فهو الميزان لمعرفة صحيح الآراء من سقيمها. قال الشافعي: "..... وأن يجعل قول كل أحد وفعله أبدًا تبعًا لكتاب الله ثم سنة رسوله"(27). وقال ابن عبد البر: "واعلم يا أخي أن السنة والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة؛ بل السنة عيار عليه"(28). وقال ابن القيم: "وقد كان السلف يشتد عليهم معارضة النصوص بآراء الرجال، ولا يقرون على ذلك"(29). 16-أن هذا الأصل إذا وجد سقط معه الاجتهاد وبطل به الرأي، وأنه لا يصار إلى الاجتهاد والرأي إلا عند عدمه، كما لا يصار إلى التيمم إلا عند عدم الماء. 17- أن إجماع المسلمين لا ينعقد على خلاف هذا الأصل أبدًا قال الشافعي: "..أو إجماع علماء المسلمين، الذين لا يمكن أن يجمعوا على خلاف سنة له"(30). وقال أيضًا:"أما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط"(31). 18- أن القياس موافق لهذا الأصل، فلا يختلفان أبدًا. 19- أن هذا الأصل لا يُعارض العقل، بل إن صريح العقل موافق لصحيح النقل دائمًا. 20- أن هذا الأصل يقدم على العقل إن وجد بينهما تعارض في الظاهر. 21- أن هذا الأصل كله حق لا باطل فيه. قال ابن تيمية: ".....وذلك أن الحق الذي لا باطل فيه هو ما جاءت به الرسل عن الله، وذلك في حقنا، ويعرف بالكتاب والسنة والإجماع"(32). 22- أن هذا الأصل لا يمكن الاستدلال به على إقامة باطل أبدًا؛ من وجهٍ صحيح(33). 23- أن هذا الأصل يحصل به العلم واليقين، خلافًا لمن قال: إن الأدلة السمعية لا تفيد إلا الظن. 24- أن في هذا الأصل الجواب عن كل شيء، إذ هو مشتمل على بيان جميع الدين أصوله وفروعه. قال الشافعي: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها"(34). 25- أن هذا الأصل واضح المعاني ظاهر المراد، لا لبس في فهمه ولا غموض. قال ابن القيم: "وكذلك عامة ألفاظ القرآن نعلم قطعًا مراد الله ورسوله منها. كما نعلم قطعًا أن الرسول بلغها عن الله، فغالب معاني القرآن معلوم أنها مراد الله خبرًا كانت أو طلبًا، بل العلم بمراد الله من كلامه أوضح وأظهر من العلم بمراد كل متكلم من كلامه، لكمال علم المتكلم وكمال بيانه، وكمال هداه وإرشاده، وكمال تيسيره للقرآن، حفظًا وفهمًا، عملاً وتلاوة. فكما بلغ الرسول ألفاظ القرآن للأمة بلغهم معانيه، بل كانت عنايته بتبليغ معانيه أعظم من مجرد تبليغ ألفاظه"(35). 26- أن في التمسك بهذا الأصل الخير والسعادة والفلاح، وفي مخالفته والإعراض عنه الشقاء والضلال(36). قال ابن تيمية: "أصل جامع في الاعتصام بكتاب الله ووجوب اتباعه، وبيان الاهتداء به في كل ما يحتاج إليه الناس في دينهم، وأن النجاة والسعادة في اتباعه والشقاء في مخالفته"(37). وقال أيضًا: "قاعدة نافعة في وجوب الاعتصام بالرسالة وبيان أن السعادة والهدي في متابعة الرسول –صلى الله عليه وسلم-، وأن الضلال والشقاء في مخالفته، وأن كل خير في الوجود -إما عام وإما خاص- فمنشؤه من جهة الرسول، وأن كل شر في العالم مختص بالعبد فسببه مخالفة الرسول أو الجهل بما جاء به، وأن سعادة العباد في معاشهم ومعادهم باتباع الرسالة"(38). 27- أن هذا الأصل ضروري لصلاح العباد في الدنيا والآخرة. قال ابن تيمية: "والرسالة ضرورية في إصلاح العبد في معاشه ومعاده، فكما أنه لا صلاح له في آخرته إلا باتباع الرسالة فكذلك لا صلاح له في معاشه ودنياه إلا باتباع الرسالة، فإن الإنسان مضطر إلى الشرع"(39). وقال أيضًا: "والرسالة ضرورية للعباد، لابد لهم منها، وحاجتهم إليها فوق حاجتهم إلى كل شيء، والرسالة روح العالم ونوره وحياته، فأي صلاح للعالم إذا عدم الروح والحياة والنور؟. والدنيا مظلمة ملعونة إلا ما طلعت عليه شمس الرسالة. وكذلك العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة ويناله من حياتها وروحها فهو في ظلمة، وهو من الأموات. قال تعالى: "أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلامت ليس بخارج منها" [الأنعام: 122] (40). 28- أن هذا الأصل لابد له من تعظيم وتوقير وإجلال. وقد بوب الدارمي في سننه لذلك بقوله: "باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- حديث فلم يعظمه ولم يوقره" (1/116). وكذلك صنع الخطيب البغدادي في كتاب "الفقيه والمتفقه"، فقال: "باب تعظيم السنن...."(1/143). وبوب ابن عبد البر في جامعه قائلاً: "باب ذكر بعض من كان لا يحدث عن رسول الله إلا وهو على وضوء"(2/194). 29- أن هذا الأصل ترجع إليه جميع الأدلة: المتفق عليها والمختلف فيها كذلك.
________________________________________
(1) انظر: "الفقيه والمتفقه" (1/54، 55)، و"مجموع الفتاوى" (20/401)، و"مختصر ابن اللحام" (70)، و"شرح الكوكب المنير" (2/5)، و"وسيلة الحصول" (8). (2) "الرسالة" (39) وانظر منه (508). (3) انظر: "جامع بيان العلم وفضله" (2/110)، "الصواعق المرسلة" (2/520)، و"رسالة لطيفة في أصول الفقه" لابن سعدي (99). (4) "جماع العلم" (11). (5) انظر: "إعلام الموقعين" (1/33). (6) انظر: "الرسالة" (221). (7) انظر: "مجموع الفتاوى" (19/195،200). (8) انظر: "روضة الناظر" (1/177، 178)، و"مجموع الفتاوى" (7/40، 19/195)، و"مختصر ابن اللحام" (33)، و"المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" (87). (9) "مجموع الفتاوى" (7/40). (10) انظر: "الرسالة" (33)، و"الصواعق المرسلة" (3/880)، "المدخل إلى مذهب الإمام أحمد" (87). (11) انظر: "روضة الناظر" (1/178)، "ومختصر الصواعق" (463). (12) قال ابن القيم: "وكل وحي من عند الله فهو ذكر أنزله الله". "مختصر الصواعق" (463). (13) "مختصر الصواعق" (463). (14) "الرسالة" (221). (15) "الصواعق المرسلة" (2/735). (16) "جامع بيان العلم وفضله" (2/33). (17) "مجموع الفتاوى" (19/9). (18) "جماع العلم" (11). (19) "جامع بيان العلم وفضله" (2/190). (20) "مجموع الفتاوى" (19/5، 6). (21) (1/143). وفي الأصل: "الاعتراض عنها". (22) "الصواعق المرسلة" (3/955). (23) "الرسالة" (81).
(24) "مجموع الفتاوى" (20/12). (25) "صحيح البخاري" (13/339). (26) هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي، أبو محمد صاحب السنن، كان ركنًا من أركان الدين ممن أظهر السنة ودعا إليها وذب عنها، حدث عنه مسلم وأبو داود والترمذي، له كتاب في التفسير، توفي سنة (255ﻫ). انظر: "سير أعلام النبلاء" (12/224)، و"شذرات الذهب" (2/130). (27) "الرسالة" (198). (28) "جامع بيان العلم وفضله" (2/173). (29) "مختصر الصواعق" (139). (30) الرسالة (322) (31) المصدر السابق (470). (32) "مجموع الفتاوى" (19/5). (33) انظر: "جامع البيان" للطبري (24/125). (34) "الرسالة" (20). (35) "الصواعق المرسلة" (2/636). (36) انظر: "الرسالة" (19)، و"الشريعة" للآجري (14)، و"الصواعق المرسلة" (3/837). (37) "مجموع الفتاوى" (13/76). (38) المصدر السابق (13/93). (39) المصدر السابق (19/99). (40) "مجموع الفتاوى" (19/93).
وبعد فهذا هو موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته من قلوب الأمة وإجماعها على أن أي طعنٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم ولو من طَرْفٍ خفي إن هو إلا طعن بدين الله تعالى لا يمكن للأمة بعلمائها أن تسكت عنه وأن تمرره دونما محاسبة ورد . هذا ما وفق الله إليه والله سبحانه وتعالى أعلم والله من وراء القصد .
 
شيخنا الفاضل د/ السالم
يقول الدكتور أحمد القاضي:
( العاشرة : بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه .
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه : ( فإني استغفر الله سبعين مرة) .)

وهو لم يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالخطأ ولم يستدل له بطريقة مستقلة توحي بسوء أدب حتى ننتقده
كلام الشيخ أحمد القاضي في مقام التعليم والتدريس، وأنت تعلم بأن علماء أهل السنة ناقشوا مسألة عصمة الأنبياء من الذنوب الصغائر، وهناك خلاف علمي في المسألة
فلا يلزم من ذكر ما قاله الشيخ أحمد أن يتكلم به أهل السنة بصفة مستقلة

فإذا جاءنا شخص وقال : الرسول صلى الله عليه وسلم أخطأ وقد خطأه الله هكذا ثم يسكت أو يستدل لكلامه بالنصوص إذا نوقش، فهنا يتجه عليه كلامك الرائع وهو( بئس أدب الألفاظ مع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم )، وقولك الجميل (هل غير المغالي في رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخدم مثل هذه العبارات والألفاظ في حقه ويتعبد الله بها ؟؟؟؟ مشايخنا حفظهم الله ورحم ميتهم كانوا يعاقبوننا على وصف العالم صراحة بالخطأ الصريح إجلالاً للعلماء ، ويا ترى ما حالهم لو قرؤا مثل هذه الألفاظ في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟؟؟؟)

لكن من كان في مقام التعليم والتدريس فالأمر مختلف، وإلا ماذا تفسر خلاف علماء العقيدة في مسألة عصمة الأنبياء من الصغائر؟!
فمن يُثبتْ عدم العصمة من الصغائر وهو في مقام التعليم والتدريس ويسوق الخلاف ثم يرجح ذلك هل سيكون غير مؤدب في حق النبي صلى الله عليه وسلم؟! وهل سيتجه عليه كلامك السابق؟.
 
أخي الكريم " محامي عادل " حفظك الله ورعاك :
اتضحت لي وجهة نظرك الكريم ، وأحترمك وأقدرك حتى وإن كنت أختلف معك فيها ، فمقام التعليم بالذات أرى أنه هو الذي يجب أن نتجنب فيه مثل هذه الأحكام في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا تثبت في ذهن المتعلم رأساً مما يؤدي إلى نقص هيبة مقام ومكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه ، ومما يصبح بعد ذلك أداة لأهل السخرية والاستهزاء كما نلاحظه في بعض الطبقات المنحطة البعيدة عن دين الله وشرعه .
أما قولك أخي الحبيب :
وهو لم يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالخطأ
فجوابه : ما ذا يعني هذا الكلام إذن :
أن الله سبحانه وتعالى عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في أمر اجتهد فيه، فأخطأ؛
؟؟؟؟
أما مسألة " عصمة الأنبياء " فشيء ووصفه صلى الله عليه وسلم ب " الخطأ " شيء آخر ، تلك في " الذنب " وهذا في " الخطأ " وشتان ما هما .
حتى وإن اختلف العلماء في هذه المسألة فهي لم تقصر ولم يذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم وحده كما هنا ، وشتان أيضاً بين عرضه صلوات الله وسلامه عليه مفرداً وبين الكلام على المسألة عموماً .
وأخيراًأخي الفاضل :
هل قرأت أو سمعت أن أحداً ممن يجيز الذنب على الأنبياء وصفهم ب " الخطأ " بمعنى : هل عندك نص من أحد أهل السنة والجماعة - ولا أقول السلفيين - تجرأ على القول للنبي صلى الله عليه وسلم وقال عنه : لقد أخطأ ؟؟؟ حاشا وكلا .
غفر الله لنا جميعاً .
 
غفر الله لنا جميعاً .
اللهم آمين .
قلت: الحق في هذه القضية أبلج والباطل لجلج ، والذي أراه أن ما أثاره الدكتور عبد الرحمن ـ حفظه الله ـ لا يتعدى مقصده تحفيز همة الدكتور السالم ـ باركه الله ـ ليقول ما قاله من نفيس القول وبديع الحجة .

ولا أظن أن الدكتور عبد الرحمن يختلف مع أحد في ثوابت هذه القضية ، هذه وجهة نظري ، أرجو أن أكون قد وفقت فيها ،ولله الأمر من قبل ومن بعد.

" وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"
 
د / السالم

د / خضر بارك الله فيكما وجزاكما الله عنا خيرا

وإن ما نوهتما به هو ما تربينا عليه في الصغر

ثم تعلمناه في الكبر ...

من هذا الذي يقول إن شدة احترامنا للنبي العربي الأمي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وحبنا البالغ وتقديرنا الشديد له عليه وآله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسلم من قال بأن هذا مغالاة .. فما معنى قول الصحابي إذا:

فداك أبي وأمي يا رسول الله ... كل مصيبة بعدك جلل ..

ويؤسفني أنني تسلمت كتابا من إحدى الجهات فيه حديث الأعمى وفجعت عندما رأيت ختما أسود قد طمس كلمة: (يامحمد) فيه .. فما معنى هذا؟!!!!

أقول:

قال الله تعالى:(محمد رسول الله) وقال أيضا: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقال العزيز الحكيم:( ولو تقول علينا بعض الأقاويل .. الآية)

فما معنى هذا الذي يطرح هنا بعد هذا البيان ـ أليس من العجب العجاب أن يقو رجل بعد أربعة عشر قرناأو يزيد فينسب الخطأ للرسول صلى الله عليه وسلم ... ثم يقوم بعدها من منطلق تصحيح العقيد فينظِّر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من الواجب عليه أن يتصرف حرصا على سلامة العقيدة وسلامة الدعوة فيقول:

الأولى : تلطف الله بنبيه صلى الله عليه وسلم، في المعاتبة.
الثانية : تلطف الله بالأعمى، بما يعذره في فعله .
الثالثة : الحرص على التزكية، والتطهر، من الشرك، والمعصية .
الرابعة : فضل التذكر (أو يذكر فتنفعه الذكرى ) .
الخامسة : ضبط المصالح والمفاسد بالضوابط الشرعية, وتقدير المصلحة والمفسدة بالمعايير الدينية. ويتفرع عن ذلك أن من الناس من يتوسع بما يسمى (مصلحة الدعوة) فربما يتقحم بعض المحظورات باسم مصلحة الدعوة. وهذا ليس إليه , فإن الدعوة ليست ملكاً لأحد، لأن الدعوة لله عز وجل، فلابد أن يدعو العبد إلى ربه، وفق مراده، ووفق شرعه، وألا يقدم، ولا يؤخر، ولا يصطفي، ولا ينحي، بناءا على محض رأيه، وتقديره، بل لابد أن يستنير بنور الله .
السادسة : هوان المستغنين عن الهدى، المعرضين عنه، على الله .
السابعة : أن وظيفة الداعية هي البلاغ، وليس عليه الهدى ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ) .
الثامنة : حرص المؤمن على الهدى، والعلم, وسعيه في تحصيلهما.
التاسعة : أن الخشية ثمرة الإيمان الصادق.
العاشرة : بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وإمكان صدور الخطأ منه. فهو بشر يلحقه ما يلحق البشر في الأمور البدنية، والعملية (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) إلا أنه لا يقر على الخطأ. وهذا هو معنى (العصمة) الحقيقي. بينما آحاد الناس يخطئون، وقد يشعرون، وقد لا يشعرون أما النبي صلى الله عليه وسلم، فإن من عصمة الله له أنه إذا أخطأ، بين له خطئه .
وهذا يرد به على الذين يغالون في وصف النبي صلى الله عليه وسلم، بغير ما وصفه الله تعالى به، فقد قال تعالى لنبيه : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) فأثبت له ذنباً، كم أثبت للمؤمنين وللمؤمنات، وأمره أن يستغفر لنفسه، ولهم. وقد استجاب لأمر ربه، فكان يستغفر الله في المجلس مائة مرة, وقال عن نفسه : ( فإني استغفر الله سبعين مرة ) .]


@ بكل صراحة ماكدت أصدق أن بشرا في عصرنا ممن ينتسب لقافلة الدعوة ويظهر بمظهر الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يرتكب مثل هذا الخطأ الفادح أنريد أن نعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامة المنهج وصدق التوجه وصحة العقيدة !!
هذا مافهمته من هذا النص فعلموني بارك الله فيكم إن كنت على خطأ فيما تبين لي .
 
[align=center]شيخنا الكريم :د. السالم الجكني ،أخي الفاضل : أبو الخير كرنبة حفظكما الله تعالى.

إلى الآن لم ألتمس دليلا أونصا واضحا صريحا يثبت سبب إنكاركما لكلام الشيخ حفظه الله تعالى !!!

فكل ما ذكرتم من أدله لم تخالف ماذكره الشيخ ؟

وما قاله الشيخ حفظه الله هو الظاهر في القرآن،ولا ينتقص من قدر النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما قولنا : (تتلمذ على الشيخ ابن عثيمين وصاحبه أكثر من عشرين سنة ) فلا يخفى عليكم أثر الصحبة الصالحة !فما بالكم بصحبة العلماء الراسخون؟! [/align]
 
أقول والله تعالى الموفق :
قال الله تعالى :" وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه " .
وقال قبل هذا :" ...ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " ( من التعليم ).
وفي القراءة الأخرى :" بما كنتم تَعْلمون " ( من العلم ).
وبعد هذا أقول :
وهل عندك أخي الكريم والحبيب الدكتور عبدالرحمن الشهري أن " تخطئة " النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج لأن نسمع فيها قول أهل العقائد ؟؟ والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على هذا القول لرميت به عرض الحائط .
وماذا نسمي هذه العقيدة ؟؟ خاصة في ظل هذه الهجمة الشرسة المتطاولة على جنابه صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
ثم : هل هذه مسألة عقدية ينتطح فيها عنزان حتى ننتظر ما يقرره أهلها ؟؟ هذا جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وها أنت يا أخي الكريم ومعك من شارك في المداخلات لم ترضوا من العبد الضعيف أن " خطّأ " شيخاً تتلمذ على الشيخ ابن عثيمين وصاحبه عشرين سنة ؟؟؟
الله تعالى يحب العدل والإنصاف حبيبي الكريم .
هذه عقيدتي وهذا رأيي أخي الحبيب ويسألني الله عنهما يوم القيامة ، فأرجو النجاة بهما .
ثم :هل صحبة وتتلمذة الشيخ القاضي - حفظه الله - على الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بمانعته من الخطأ ؟؟؟
ثم : هل الشيخ القاضي عرض رأيه وكلامه هذا على شيخه رحمه الله فأجازه له ؟؟؟ ما أدين الله به أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بريء من اجتهادات تلاميذه المشاكلة لهذا الاجتهاد من الشيخ القاضي ؟؟

إن كنت تقصد أن نفسك ترتاح لهذا الذي قرره الشيخ القاضي فنصيحتي لك أن تتهم نفسك وتراجعها ، وإن كنت تقصد غير ذلك فهو خروج عن أصل الموضوع .
وأسألك أخي الكريم " محامي عادل " :
مّن هو سلف الشيخ القاضي في تقريره واجتهاده هذا ؟؟؟؟
وآمل أن لاينظر للمسألة من باب أنها مذهب للسلف ، فهذا اتهام خطير لهم أن يجرؤ أحد منهم ويقول ماهو مكتوب في المقال .
أين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فسروا هذه السورة ؟ وأين التابعون ؟ وأين أئمة التفسير ؟؟
ألمجرد معنى خطر على قلب شيخ متأخر - عفا الله عنا وعنه - نقول هذا مذهب السلف ؟؟؟ اتقي الله أخي الكريم .
وليعلم أخي الحبيب د/عبدالرحمن وأخي الكريم " محامي عادل " أنني لا أسيء الظن بمسلم فضلاً عن طالب علم ، ولكن تخطئة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو من باب الاحتمال لا أتركها تمر دون تنبيه على خطئها .
والله الموفق .

كلام إنشائي لا علاقة له بما نحن فيه .
ومزايدة على محبة النبي صلى الله عليه وسلم وكأن القائل لا يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا غير صحيح .
قَدْرُ النبي صلى الله عليه وسلم محفوظ ومعروف ولا يحتاج إلى هذا التطويل، والدفاع عنه لا يكون بمثل هذه الطريقة يا أبا إبراهيم .
والفائدة التي أوردها الدكتور أحمد القاضي لا مطعن فيها ، وليس فيها مساس بقدر النبي صلى الله عليه وسلم .
وليس تصويب الفائدة المستنبطة لأنها صدرت من أحمد القاضي ولا لصحبته لابن عثيمين بالطبع ولكن لأنها في نفسها صواب كما يظهر لي . وإن كان ردها بدليل علمي فليتك تورده حتى نستفيد فحسبُ .
وليتك توضح معنى قولك :
أما مسألة " عصمة الأنبياء " فشيء ووصفه صلى الله عليه وسلم بـ" الخطأ " شيء آخر ، تلك في " الذنب " وهذا في " الخطأ " وشتان ما هما . .
وليتك تبين المقصود بالعصمة برأيك .
 
قرأت مداخلات المشايخ الأفاضل
وأحب أن أشارك بمشاركة أذكر فيها خلاصة ما في هذه المسألة بتفصيل مقتضب
فأقول:
لفظ الخطأ لفظ عام يطلق على كل ما هو خلاف الصواب سواء أكان عن عمد أم غير عمد ، والناس تختلف أفهامهم في الألفاظ العامة

والأولى تفصيل هذه المسألة والأخذ بما يدل عليه النص والإجماع، والسكوت عما وراء ذلك.

فيقال:
1: ثبت بالنص والإجماع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في الشرك.
2: ثبت بدلالة النص والإجماع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع فيما يسوء من الفواحش والكبائر.
3: ثبت بالنص والإجماع عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الخطأ والتقصير فيما يتعلق بالبلاغ وبيان ما نزل إليه.
وهذه المسائل المتقدمة مجمع عليها بين أهل السنة والأشاعرة والمعتزلة وطوائف أخرى
وخالف في بعضها الرافضة وبعض غلاة الصوفية ولا عبرة بخلافهم.

بقيت أربع مسائل

المسألة الأولى: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الوقوع في المعاصي دون الشرك فيما سوى الفواحش والخيانات وما يسقط العدالة ويخرم المروءة.

المسألة الثانية: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من فعل خلاف الأولى.

المسألة الثالثة: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الخطأ في الاجتهاد في النوازل التي لا نص فيها وقت حدوثها.

المسألة الرابعة: عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من السهو والنسيان


فأما السهو والنسيان فقد وقع منه صلى الله عليه وسلم كما ثبت في النصوص وتعلق بذلك أحكام انتفع بها المسلمون كما في الصحيحين من حديث إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قال إبراهيم ' زاد أو نقص - فلما سلم قيل له : يا رسول اللَّهِ ، أحدث في الصلاة شيء ؟
قال : وما ذاك ؟
قالوا : صليت كذا وكذا .
قال : فثنى رجليه واستقبل القبلة ، فسجد سجدتين ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : (إنه لو أُحدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحرى الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين).
وفيه أدلة أخرى.


وأما اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما سوى النص فثابت بدلالة النصوص لكنه معصوم من أن يقرَّ على اجتهاد خاطئ
وسأضرب لكم ثلاثة أمثلة لاجتهادات أقرَّ عليها
وثلاثة أمثلة لاجتهادات لم يقر عليها على سبيل الإشارة إذ مثلكم تكفيه الإشارة عن التطويل.
فمن أمثلة اجتهاداته التي لم يقر عليها:
1- أخذه صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم بدر قبل الإثخان في قتل الكفار
2- إعراضه عن الأعمى
3- إذنه لبعض المنافقين في التخلف عن غزوة العسرة
ومن أمثلة اجتهاداته التي أقر عليها:
1- شربه للبن عندما خيره جبريل بين اللبن والخمر
2- اجتهاده في قتال الكفار يوم أحد خارج المدينة
3- تركه هدم البيت وإعادة بنائه على قواعد إبراهيم


وأما العصمة من فعل خلاف الأولى فإن كان فيما يتعلق بشؤونه في خاصة نفسه فغير معصوم لقوله تعالى: ( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء)
وإن كان فيما يتعلق بالبيان وتبليغ الرسالة فهو معصوم من الإقرار عليه.

وأما مسألة العصمة من المعاصي دون الشرك ففي تفاصيله نزاع طويل بين أهل العلم من أهل السنة وغيرهم
حتى الأشاعرة بينهم خلاف كثير في تفاصيل هذه المسألة ذكر بعضه الرازي في المحصول وذكره ابن طاهر وذكره غير واحد
وكذلك المعتزلة بينهم خلاف طويل فصل فيه عضد الدين الإيجي في كتاب المواقف
فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع إليه.
لكن أجمع أهل السنة على عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الإقرار على الذنوب مطلقاً
واختُلف في نقل الإجماع على العصمة من الكبائر مطلقاً فنقل الإجماع عليه بعض أهل العلم كما فعل الشنقيطي في أضواء البيان وغيره
وذكر الخلاف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية

وجمهور أهل العلم على إمكان وقوع بعض الصغائر لكنه معصوم من الإقرار عليها
وكلام المحققين من المفسرين في هذا المعنى مشتهر معروف

وأختم المشاركة بمقتطفات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

قال رحمه الله: (الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ كِبَارِهَا وَصِغَارِهَا وَهُمْ بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ عَنْهُمْ مِنْ التَّوْبَةِ يَرْفَعُ دَرَجَاتِهِمْ وَيُعَظِّمُ حَسَنَاتِهِمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ نَقْصًا ؛ بَلْ هِيَ مِنْ أَفْضَلِ الكمالات وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا } { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُن
 
جزيتم خيراً أخي الكريم الشيخ عبدالعزيز الداخل على هذا الملخص الكامل الإفادة ، وما أرى تعبيركم بعبارة " خلاف الأولى " إلا بتوفيق من الله تعالى في المداخلة ، فهي تكتب بماء الذهب .
 
[align=center]شكر الله للجميع حرصهم على حماية جناب الشريعة وحمايتهم لجناب محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الإثراء المفيد
وكل كلام المداخلين لا غبار عليها
فمقام نبينا محفوظ وهو عليه الصلاة والسلام معصوم في أمور الشريعة وتبليغ الدين ولذا قال تعالى : ( ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ... ) وفي آية أخرى : ( ولولا أن ثبتانك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا ) فربنا قد ثبّت نبيه عن الخلل أو النقص في الدين فلبلغ أتم البلاغ وأوضح أتم إيضاح
ولذا أمر ربنا نبينا بعد التعجل بتلقي القرآن وأخبره أنه تكفل بجمعه له في سورة القيامة بقوله:
( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه )
أما أمور الدنيا فنبينا بشر كالبشر اجتهد في تأبير النخل فخربت فقال : ( أنتم أعلم بأمور دنياكم )
أرى أن الجميع متفقون لا مختلفون لكن قد قد يكون اختلاف في فهم العبارة أو أحيانا بسبب سوق العبارة في سياق معين في جملة معينة حدا بها لأن تفهم على غير المراد
والله المستعان وعليه التكلان
وأكرر شكري لكل الإخوة على غيرتهم وحبهم لنبيهم وسعيهم لحماية جناب الشريعة [/align]
 
السلام علي الكرام و بعد
الجملة التي ظهرت لي أنها تحتاج إلي مراجعة هي قول الأخ الفاضل الجكني " ... والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على هذا القول لرميت به عرض الحائط ... " ... فأرجو أن يرجع الكرام إلي ما سطره الأصوليون في مباحث الأجماع و خاصة مسألة رد الإجماع .....وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه
 
السلام علي الكرام و بعد
الجملة التي ظهرت لي أنها تحتاج إلي مراجعة هي قول الأخ الفاضل الجكني " ... والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على هذا القول لرميت به عرض الحائط ... " ... فأرجو أن يرجع الكرام إلي ما سطره الأصوليون في مباحث الإجماع و خاصة مسألة رد الإجماع .....وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه
 
وجزيت خيراً أخي الفاضل شهاب الدين .
وأقول :
أولاً يثبت لنا الإجماع ثم يبحث في حكم منكره ؟
ثانياً : والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على تخطئة النبي صلى الله عليه وسلم دون نص من الله تعالى لرميت بإجماعهم بل واتهمتهم في عقيدتهم .
أخي الكريم :
أبرأ إليك أن تكون ممن يصطاد في الماء العكر ،ارجع أخي إلى السياق العام للعبارة فسيتبين لك شيء آخر، فإنني وإن لم أكن متخصصاً في " علم الكلام " فإني بحمدالله أعرف كل الحق والواجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحتاج من أهل الكلام أن يبينوا لي ما يحق له مما لا يحق .
وأعتذر عن إثارة الموضوع مرة أخرى بعد أن أنهاه الشيخ عبدالعزيز الداخل والأخت الكريمة " محبة القرآن " ولو لم يصرح الأخ شهاب الدين باسمي لما كتبت فيه حرفاً آخر .
والله من وراء القصد .
 
[align=center]تعقيب واعتذار[/align]
بعد كتابتي للمداخلة الأخيرة ؛ كان بيني وبين من أعتز بصحبته وصداقته لله تعالى ، وهو رجل أثق في دينه ومروءته وصدق نصيحته ، وهو أخي وصديقي الشيخ الدكتور مساعد الطيار حفظه الله ؛ وكان مما دار بيننا فيما يتعلق بالموضوع أن أخذ علي قولي :
والله العظيم لو أجمع أهل العقيدة على هذا القول لرميت به عرض الحائط
وبين لي وجهة نظره وأنها عبارة غير لائقة لما قد يفهم منها غير المراد الذي ذكرت من أجله .
وقد وقع قوله مني موقع القبول ، والمسلم مرآة أخيه المسلم ، والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .
وقبل أن أعتذر عن هذه الكلمة أببين أني والله ما قصدت منها التقليل من تخصص العقيدة ولا ممن ينتسب إليه ، وإنما أردت التأكيد على أن هذا القول - تخطئة النبي صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يجمع عليه أهل أي علم ، وحتى لو أجمعوا فلا يقبل إجماعهم بمفردهم دون إجماع غيرهم من أهل العلم .
وأخيراً :
إذا كانت هذه الكلمة قد أخذها علي أي أحد من أهل تخصص العقائد فإني أعتذر إليه عن سوء العرض الذي عرضت فيه المعلومة .
والله من وراء القصد .
 
ونحن نعتز بك يا شيخ , بارك الله فيك, وجزيت الجنة على غيرتك ودفاعك عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
 
هنيئاً لك ياشيخنا الفاضل د/ السالم

وهذا درس تقدمه نستفيد منه جميعا

وهو أن المناقشة إذا حصلتْ فإن الهدف منها هو البحث عن الحق والرجوع إليه بعد تبينه

فهنيئاً لك هذه المنزلة الرائعة

وهنيئاً لنا في هذا الملتقى أن يكون بحثنا ودرسنا هو للوصول إلى الحق .
 
المقطع الثالث

المقطع الثالث

[align=center]التفسير العقدي لجزء عم
سورة عبس
المقطع الثالث
( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42))
( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ )
: هذه دعوة من الله عز وجل للإنسان , والمراد به هاهنا جنس الإنسان ؛ لأن هذا لا يختص بالكافر, وإن كان الخطاب يتوجه بالدرجة الأولى إلى الكافر، المنكر للبعث, لكنه في الواقع يتناول المؤمن ليتعظ، ويتدبر. والإنسان بطبعه يتبلد حسه بالنسبة للأمور المألوفة, فلا يلقي لها بالاً، ولا يعتبر دوماً، ولا يتبصر بما يتكرر عليه ليل نهار، صباح مساء. فالله تعالى يصرف فكر الإنسان إلى أقرب الأشياء إليه، وهو هذا الطعام الذي يتناوله يومياً، ولم تحدثه نفسه أن يفكر في مصدره, وكيف سيق إليه ؟
( أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ) : وهذه القراءة هي المشهورة بفتح الهمزة (أَنَّا)، وعلى هذا تكون الجملة بدل اشتمال لقوله ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ). والمراد بصب الماء كون الله عز وجل أنزل المطر على الأرض غزيراً قوياً, متتابعاً .
( ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ) : و " ثم " ها هنا تفيد التراخي ؛ لأن الإنبات لا يحصل مباشرة , بل يقع في جوف الأرض من التكونات العضوية لهذه النباتات ما يستغرق فترة طالت، أو قصرت. ومعنى ( شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ) أن الله سبحانه وتعالى فتق وجه الأرض ، فأخرج هذا النبات. فتجد النبتة تشق الصعيد، أو تبحث من بين الصخور الصلبة عن شق تخرج منه , حتى إذا قويت واشتد عودها فلقت الصخر، بقدرة الله عز وجل .
( فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ) : أي في هذه الأرض, والحب: اسم جنس لجميع الحبوب، فيشمل البر، والشعير، والذرة ، والدخن ، وغير ذلك من أنواع الحبوب .
( وَعِنَبًا وَقَضْبًا ) : العنب هو الكرم , وذكرهما الله تعالى لكرامتهما، عند من نزل فيهم القرآن , فإن الحب قوتهم، والعنب فاكهتهم .
وأما (القضب) التفسير الشامل أو العام لهذه اللفظة أنه كل ما يقضب من النبات، فيجز، فينبت مرة أخرى. ومعنى أنه يقضب من القضب وهو القبض، وجذرهما واحد. وقد اختلفت عبارات المفسرين في معنى القضب، فقيل في معناه: أنها الرطبة يعني أي نبت رطب، وقيل في معناه: العلف، وتحديداً القت, ويلحق به على هذا جميع أنواع البقوليات التي تنبت على وجه الأرض .
( وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا) : الزيتون معروف , وقد ذكره الله في غير ما موضع في كتابه , وهو شجرة كريمة، ويخرج منه زيت مبارك (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآَكِلِينَ), والنخل كذلك معروف، وهو الشجرة الرئيسية، والثمرة الأساسية التي يقتاتون منها, ولا ريب أنها من أكرم أنواع الأشجار، بل هي أكرمها، وأعظمها فائدة، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن بالنخلة, وألغز أصحابه يوماً، فسألهم عن شجرة لا يسقط ورقها، مثلها مثل المؤمن، فوقع الناس في شجر البادية, وهذا من الخطأ؛ إذا سئل الإنسان، أن يجنح إلى الأمور البعيدة، ينبغي أن يبدأ بالأقرب. فوقع في نفس ابن عمر، رضي الله عنهما، أنها النخلة، قال: فنظرت، فإذا أنا أصغر القوم، فاستحييت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، إنها النخلة, قال: فحدثت أبي، فأسف عمر،رضي الله عنه، وتمنى أن لو أجاب ابنه، ولا أن له بذلك كذا وكذا. والمقصود أن النخل من أكرم الأشجار، وأعظمها بركة. وقد ذكره الله عز وجل، في مواضع كثيرة من كتابه .
( وَحَدَائِقَ غُلْبًا ) : الحدائق البساتين ؛ لأنها تحدق بمن كان بداخلها لكثافتها، والتفاف أشجارها. ومعنى ( غلباً ) أي غلاظاً، وقيل عظيمة، وقيل كراماً، والحق أنه يشمل ذلك كله؛ بمعنى أن الحدائق هذه حدائق تحتوي على أشجار ضخمة، عظام، كرام, ولهذا فسرت بأنها النخل الكرام, فمعنى " الغلب " ما يدل على العظمة، والمتانة، والقوة، ونحو ذلك .
( وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ) : " الفاكهة "ما يتفكه به الإنسان من أنواع الثمار, و" الأب " قيل: إنه النبات عموماً، وقيل إنه ما يختص بطعام الحيوان. وكأن هذه اللفظة " أب " مأخوذة من ( آب ) , فالنبات الذي يحصد، ثم يخرج يقال له " أب " من الإياب، وهو العَود. فيشمل الأعلاف، وما شابهها. فكأنه أراد التقسيم : " الفاكهة " للإنسان , و " الأب " للحيوان. وأما ما يروى عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أنه قال لما سئل عن " الأب " : ( أي سماء تظلنيوأي أرض تقلني أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم ) , فهو من حيث السند منقطع, ومن حيث المعنى صحيح؛ فإن الإنسان لا يحل له أن يقول في كتاب الله بمجرد الرأي, بل لابد أن يصدر في ذلك عن أثارة من علم ؛ لأن القول على الله عظيم , وقد كان الصحابة، رضوان الله عليهم، يسألون عن الحديث فيحدثون، فإذا سئلوا عن تفسير القرآن أمسكوا، تعظيماً للمقام؛ لأنهم يرون أن هذا قول على الله عز وجل، وتوقيع عن رب العالمين، فكانوا يتحرجون غاية الحرج، أن يقولوا في كتاب الله مالا يعلمون. فالواجب على الإنسان ألا يخوض فيما لا يعلم, ويروى عن عمر، رضي الله عنه، أنه ساءل نفسه عن " الأب " ثم قال، إن هذا لهو التكلف يا عمر! وقد يكون هذا مشكلاً, فقد يفهم بعض الناس من هذا الأثر، وهو صحيح، أن الإنسان لا يسأل عما خفي عليه, لكن لا يظهر أن هذا هو مراد عمر، رضي الله عنه, وإنما كره أن يقول فيه بلا بينة، فعد ذلك تكلفاً، أن يستنبط شيئاً بلا جزم ولا يقين. وربما كان هذا اللفظ " الأب " ليس من لغة قريش، فخفي على عمر، رضي الله عنه؛ فإن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فبعض ألفاظه ومفرداته، قد لا تكون من لغة قريش, وإنما من لغة بعض أحياء العرب، فخفي على عمر، فنهى نفسه أن يتعجل قولاً بلا جزم ولا بينة، فقال: إن هذا لهو التكلف. ولكن هذا لا يعني أن لا يسأل الإنسان عن معاني ما أنزل الله تعالى على نبيه, لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ترك شاذة، ولا فاذة، إلا بينها، كما قال تعالى : ( وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم ) , وقال : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ ) , وقال : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ ) , وقال : ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) , وقال : ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) , فلابد من تعقل القرآن جميعه، ومعرفة مفرداته، وتراكيبه, ولكن هذا لا يكون بمجرد الرأي المحض، لابد من تفسيره بالمأثور، وقد بين ابن عباس، رضي الله عنهما أن تفسير القرآن على أربعة أضرب :
الوجه الأول : تعرفه العرب من لغتها : مثل معرفة " غَاسِقٍ " , و " وَقَبَ " , و " الرَّقِيمِ " , و " الأب " ونحو ذلك، فهذا يطلب من علوم العربية ، وقد كانوا ينشدون الأشعار، ويحفظون الشواهد، التي يفسر بها القرآن, وقد جرى بين ابن عباس، رضي الله عنهما، ونافع بن الأزرق سجال في هذا, وكان ابن عباس يستدل على معنى كل لفظة، ببيت من شعر العرب .
الوجه الثاني : ما لا يعذر أحد بجهالته : وهو المعلوم من الدين بالضرورة. فإذا قال الله تعالى : ( أَقِيمُوا الصَّلَاةَ) , فليس لقائل أن يقول: المقصود بالصلاة هنا الدعاء. لأن الشرع أتى بمعنى اصطلاحي للصلاة، وأنها عبادة ذات أقوال، وأفعال، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم. هكذا.
الوجه الثالث : ما يعلمه العلماء : وهو الذي يحتاج إلى طلب، ورواية، ودراية؛ كمعرفة الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والخاص والعام.
الوجه الرابع : مالا يعلمه إلا الله، فمن أدعى علمه فهو كاذب : والمقصود به الكيفيات، وحقائق المغيبات, فهذا لا يمكن أن يعلمه إلا الله. فإذا أخبر سبحانه وتعالى أنه ( عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) فإننا نثبت الاستواء، ونثبت معناه؛ أنه العلو, لكننا لا ندرك كيفيته، فكيفيته لا يعلمها إلا الله. الاستواء معلوم ، والكيف مجهول. وإذا أخبر الله تعالى، عن ما يقع في اليوم الآخر؛ من النفخ في الصور، والبعث، والنشور، والحشر، والصراط، والميزان, فإننا نعلم هذه المعاني من حيث اللغة , لكن لا ندرك الكيفيات, فهذا مما أستأثر به الله تعالى بعلمه، أي بعلم كيفيته .
( مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) : " متاعاً " أي منفعة مؤقتة؛ لأن المتاع يدل على النفع، ويدل على الاستمتاع. والاستمتاع لابد أن يكون موقوتاً. فهذه المذكورات فيها منفعة لكم، وفيها منفعة لأنعامكم. ثم لاحظ أن هذه الأنعام تحيل ذلك إلى طعام؛ فيؤخذ منها اللبن، ويؤخذ منها الزبد، والسمن، واللحم. إذاً هي أيضاً تعود إلى الطعام، فتدخل في عموم قوله ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ).
فهذه الجولة في هذه المكونات الغذائية، التي ينبتها الله تعالى على وجه الأرض، ويتناولها الناس، تجعل الإنسان في موقف المتدبر لطعامه، من حين أنزل الله المطر من السماء، إلى أن وصلت إلى فيه. هذه المراحل تستدعي منه النظر، والاعتبار، والتفكر.
( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ) : الصاخة: اسم من أسماء الساعة. وسميت بذلك لأنها تصخ الآذان لشدة صوتها، فهي صيحة مرعبة، مدوية.
( يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ): هذا وصف لتفاصيل القيامة، وهو مشهد مرعب، مفزع , أقرب الناس إليه، من يتمنى أن يفديهم في دنياه ، وأن يدفع عنهم الأذى ، ويتمنى أن يصيبه دونهم , يوم القيامة، يفزع منهم، وينفض يديه منهم، ويفر منهم , لا أحد ينعطف على أحد، ولا أحد يلتفت على أحد. حتى أخيه الذي درج معه في مراتع الصبا، لا يباليه يوم القيامة، ولا يلتفت إليه .
( وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ) : سببا وجوده في هذه الحياة، أحن الناس عليه، وأشفقهم به , يفر منهم. يسألانه حسنة واحدة، فلا يبذلها لهما, يقول نفسي! نفسي! النجاء! النجاء!
( وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ) : الصاحبة: هي الزوجة، ألصق الناس به, والتي جعل الله بينه وبينها، في هذه الدنيا مودة، ورحمة،يوم القيامة، يفر منها, وفلذة كبده، وبضعة منه، يفر منه يوم القيامة .
لا ريب أن هذا يدل على هول المطلع، وعظم الموقف، وأن الإنسان ما كان ليبدر منه هذا التنصل من أقرب الناس إليه، إلا لشدة الحال. ولو تأملت في حياتك الدنيا، لوجدت أنك لو رأيت بعض هؤلاء الأحبة يغرق لألقيت نفسك عليه، لتستنقذه، وربما تهلك معه, وإذا وجدته يحترق، ربما ألقيت نفسك عليه، وإذا فقدته لحقك حزن عظيم، وهم، واكتئاب. لكن تأمل ! يوم القيامة، لا مكان لهذه المشاعر، لأن المرء يدرك أن أمامه مصير مستديم، وهول عظيم، يريد أن ينجو بنفسه، يريد أن ينقذ ذاته، لا يلوي على أحد .
( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) : يعني يغنيه عن النظر إلى غيره
كلانا غني عن أخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَة ٌ) : في ذلك الموقف العصيب يتمايز الناس؛ فمن خافه في الدنيا، أمنه في الآخرة, ومن أمنه في الدنيا، أخافه في الآخرة. وإنما عبر الله تعالى عن الذوات بالوجوه، لأن الوجه هو مرآة الإنسان، بل هو مرآة القلب فتظهر انفعالات القلب على الوجه, فالوجه صفحة ظاهرة، تنبيء عما في الباطن. ومعنى ( مسفرة ) مضيئة مستنيرة, ووصف الوجوه بأنها ( ضَاحِكَةٌ ) لأن الضحك يرى في الوجه, والضحك يكون من فرح، ومن أنس، ومن موعود حسن, ومعنى ( مستبشرة ) أي فرحة، متفائلة، لما تنتظر ما عند الله عز وجل من النعيم، والفضل. جعلنا الله وإياكم منهم .
( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ) : كالحةٌ مظلمةٌ .
( تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ) : أي سواد، وظلمة، كما قال الله في الآية الأخرى : ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) .
( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) : جمعوا بين فسادين؛ بين فساد القلب، وفساد العمل, فساد القلب دل عليه وصفها بالكفر، وفساد العمل دل عليه وصفها بالفجور.

الفوائد المستنبطة :
الأولى :فضيلة التفكر في نعم الله وآلائه , والدعوة إلى ذلك.
الثانية : بديع صنع الله في النفس، والآفاق.
الثالثة : كرم هذه الثمرات، والنباتات, لأن الله تعالى ما خصها بالذكر إلا لمزيد مزيتها.
الرابعة : وجوب شكر المنعم وعبادته ؛ لأنه قال ( مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ).
الخامسة : عظم أمر الساعة، وهول أحوال يوم القيامة.
السادسة : تبرؤ الإنسان من أقرب الناس إليه يوم القيامة.
السابعة : أن الجزاء من جنس العمل.
الثامنة : أن الكفر كفران؛ كفر اعتقادي، وكفر عملي ( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) , لأن الموصوف[/align]
 
شكر الله للأخت محبة القرآن ما أتحفتنا به من نقل لتفسير الشيخ الدكتور أحمد القاضي حفظه الله .
ولن أخوض في المسألة بعد أن هدأت العاصفة فيها .
ولكن الذي أحب أن أضيفه أن الشيخ أحمد وفقه الله يعتبر من أبرز طلاب شيخنا ابن عثيمين ومن المتخصصين في العقيدة وله موقع (العقيدة والحياة ) أرجو من د/ السالم والأخوة جميعاً تصفحه والتعرف على الشيخ ومقالاته فيه ، ويمكن التواصل معه من خلاله . وهذا رابط الموقع :
www.al-aqidah.com
 
جزيت خيراً أخي الكريم د/ محمد الربيعة .
أما ماذكرتم من التعريف بالشيخ الدكتور القاضي حفظه الله فيقال لمن جادل وناقش في شخصه الكريم ، وكاتب هذه الحروف ليس منهم .
أما أنه أبرز تلاميذ الشيخ رحمه الله وكونه متخصصاً في العقيدة فأرى أنه لا يبيح له أن يقول لا هو ولا غيره " أخطأ " رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكونه من تلامذة الشيخ ومتخصصاً في العقيدة لا يمنعه من الخطأ والوهم والسهو .
والموضوع كما ذكرتم انتهى ولا إضافة عندي فيه غير ماسطرته وهو ما عليه أحيا وعليه ألقى الله عز وجل .
رزقني الله والمسلمين جميعاً الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال .
 
شكر الله للأخت محبة القرآن ما أتحفتنا به من نقل لتفسير الشيخ الدكتور أحمد القاضي حفظه الله .
ولن أخوض في المسألة بعد أن هدأت العاصفة فيها .
ولكن الذي أحب أن أضيفه أن الشيخ أحمد وفقه الله يعتبر من أبرز طلاب شيخنا ابن عثيمين ومن المتخصصين في العقيدة وله موقع (العقيدة والحياة ) أرجو من د/ السالم والأخوة جميعاً تصفحه والتعرف على الشيخ ومقالاته فيه ، ويمكن التواصل معه من خلاله . وهذا رابط الموقع :
www.al-aqidah.com



[align=center]وشكر الله لكم وبارك فيكم ...

وكتب لكم الأجر على ما أضفتم ..[/align]
 
عودة
أعلى