التفسير الجماعي ضرورة

إنضم
26/05/2010
المشاركات
26
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
من قديم كتب الزمخشري-رحمه الله- في اول تفسيره كلاما راقيا شيقا عندما قال:"إن أملأ العلوم بما يغمر القرائح وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح من غرائب نكت يلطف مسلكها ومستودعات أسرار يدق سلكها علم التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كل ذي علم كما ذكر الجاحظ في كتاب نظم القراَن فالفقيه وان برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام والمتكلم وان بز أهل الدنيا في صناعة الكلام وحافظ القصص والأخبار وان كان من ابن القرية أحفظ والواعظ وان كان من الحسن البصري أوعظ والنحوي وان كان أنحى من سيبويه واللغوي وان علك اللغات بقوة لحييه لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن وهما علم المعاني وعلم البيان وتمهل في ارتيادهما اونة وتعب في التنقير عنهما أزمنة وبعثته على تتبع مظانهما همة في معرفة لطائف حجة الله وحرص على استيضاح معجزة رسول الله بعد أن يكون آخذاً من سائر العلوم بحظ جامعاً بين أمرين تحقيق وحفظ كثير المطالعات طويل المراجعات قد رجع زماناً ورجع إليه ورد ورد عليه فارساً في علم الإعراب مقدماَ في حملة الكتاب وكان مع ذلك مسترسل الطبيعة منقادها مشتعل القريحة وقادها يقظان النفس دراكاً للمحة وان لطف شأنها منتبهاً على الرمزة وان خفى مكانها لا كزاجاسياً ولا غليظاً جافياً متصرفاً ذا درايه بأساليب النظم والنثر مرتاضاً غير ريض بتلقيح بنات الفكرة قد علم كيف يرتب الكلام ويؤلف وكيف ينظم ويرصف طالما دفع إلى مضايقه ووقع في مداحضه ومزالقه‏"
وهو كلام يدلنا على ضورة موسوعية المفسر وتمكنه من العلوم خاصة علوم البلاغة بأفنانها وبديعها... ولكن الشخصيات الموسوعية قليلة والعصمة عن البشر محجوبة وطالما ان الأمر على هذا فلم لا ينشا تفسير جماعي؟؟
ويكون قد انبرى لكل دقيقة من دقائقه مختصون فتكون لجنة رئيسية مركزية من المختصين في التفسير ولجان فرعية اخرى كل حسب اختصاصه يستعان بهم في أي علم من العلوم ومعلوم ان التفسير أب لكل العلوم وهو كل علوم الأرض على صلة وثيقة ،ويستشار كل صاحب علم بعلمه ، وقبل هذا كل يتفق على طريقة العرض والقضايا التي ينبغي عرضها ...
ولماذا تنشأ الموسوعة الفقهية الكويتية -مثلا-وتحمل استشارات متعددة من مختصين في اللغة والفقه والمذاهب والحديث ولا يكون للتفسير حظ ؟؟؟
أوليس علينا ان نكتب تفسير من يكتب القراءات الواردة فيه يكون إماما ثبتا بل مرجعا وفي اللغة يكون نبراسا وفي النحو يكون أساسا مع عدم إغراق في العلوم وحسن العرض ومادة تصلح أن تكون اساسا ينطلق منه الباحثون ، وبالنسبة لتعدد الأراء فتعتمد طريقة تجمع اصول الأراء واهمها وتصنفها وتدقق الوابط والاصول الجامعة وتبتعد عن الشاذ المنحرف ...
فمتى ينشأ مثل هذا العمل ؟؟؟وكم يحتاج من وقت ومادة؟؟وما جدواه وما فاعليته ؟؟وما رأي اخوتي به؟؟؟
 
هذه فكرة ممتازة ولها إيجابيات كثيرة ، وقد سبق أن كتبت مقالة بعنوان تفسير خَلَفِ السجستاني (ت399هـ):تَجرِبةٌ قَديِمَةٌ للتفسير الموسوعيِّ الجماعي، ولهذه الطريقة مزايا كما تفضلتم، وقد تم إنجاز عدد من كتب التفسير المعاصرة بجهود جماعية، مثل التفسير الميسر الذي أصدره مجمع الملك فهد، ومثل المنتخب في التفسير الذي أصدرته وزارة الأوقاف المصرية ، وروعي في هذين المشروعين مسألة الاختصار والتركيز وعدم التوسع .
ولو صدر الآن تفسير موسع بجهد جماعي لكان مشروعاً جيداً ، ولكن السؤال : هل نحن بحاجة لمثل هذا التفسير الموسوعي في شكل ورقي اليوم ؟ وهل سيكتب له الانتشار والقبول ؟ وهل سيقبل عليه الناس أم سيبقى في المكتبات العامة فقط كمرجع ويقتنيه القليل من المهتمين ؟ ويتداول الناس نسخه الإلكترونية مثلاً ؟ هذه وغيرها أسئلة ربما تكون جديرة بالنقاش قبل البدء في مثل هذا المشروع المقترح . علماً أن مشروع (التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم) صدر بجهود جماعية في عشرة مجلدات ، وأرجو أ، يكتب له القبول لدى طلبة العلم .
أؤكد على أن الجهد الجماعي أفضل من الجهد الفردي على وجه العموم، وتنسيق الجهود في خدمة القرآن الكريم تفسيراً ونشراً وغير ذلك أولى وأكثر نفعاً ، وليت المؤسسات العلمية المقتدرة تتبنى مثل هذه المشروعات التي تحتاج إلى نفقات مالية كبيرة .
 
من المهمات التي كان ينادي لها الشيخ سعيد النورسي رحمه الله أن ينهض مجموعة من العلماء بجهد جماعي لتفسير القرآن الكريم، ليكون هذا المشروع المبارك أساساً مهماً في إيقاظ الأمة لإدراك معاني القرآن الكريم وعلومه، ولقد كان من الجهود المباركة في هذا المضمار التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم الذي أصدرته جامعة الشارقة كلية الشريعة، والمشروع الذي تقوم بدراسته أيضاً حول التفسير الموضوعي لموضوعات القرآن الكريم، وما ذكره الأخ د. عبد الرحمن حول التفسير الميسر، ومن أهم ما ينبغي اعتبار الجهد الجماعي في تفسير القرآن هي أبحاث التفسير والإعجاز العلمي كما ذكرت ذلك في مقال بعنوان (أبحاث التفسير والإعجاز العلمي ذات طابع جماعي) والله أعلم.
 
ولماذا لا يكون جهدا ورقيا يرجع إليه المختصون ويكون الخلاصة والفيصل في كل فن من هذه الفنون فلعل كل مختص في التفسير إلا وقد عانى من ضعف في جانب من جوانب العلوم الشرعية ولكن حينما يكتمل جهد المحدث مع المفسر وكلاهما مع الفقيه بل حتى المفسرون ينشأون ما يستطيعون فسيكون امرا جميلا، بل لما لا يستعينون بابحاث اهل علم النفس والإجتماع وأحيانا الفقه السياسي لتنزيل الأمور تنزيل واقعيا صحيحا ...بإختصار لماذا لا تنشا موسوعة تفسير للقرآن تتظافر فيها الجهود وتكون مرجع ينطلق منه الباحث لعلوم القرآن وهو نحو المشروع الذي اخبر عنه السيوطي في كتابه الإتقان حينما قال:" وقد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه من التفاسير المنقولة والأقوال المقولة والاستنباطات والإشارات والأعاريب واللغات ونكت البلاغة ومحاسن البدائع وغير ذلك بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلا وسميته بـ: "مجمع البحرين ومطلع البدرين" وهو الذي جعلت هذا الكتاب مقدمة له"وهل مثل هذا الكتاب بمثل هذه الجودة لا تحتاجه المكتبة الإسلامية؟؟؟وهل الجهود الجماعية لا تغني فيه؟؟؟
 
عودة
أعلى