يوسف العليوي
New member
- إنضم
- 05/07/2004
- المشاركات
- 103
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 18
[align=justify]لمعرفة الشيخ عبد الحميد ابن باديس ينظرالملف المرفق، أو موقع عبد الحميد بن باديس
================================
يعلم الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله علم اليقين أنه لا هداية لأمة، ولا نجاة لها، ولا صلاح لحالها، إلا بالأخذ بأسباب العزة والقوة، التي أخذ بها السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فكانوا خير جيل وأصلحه، وما كان لهم ذلك إلا بالتمسك بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاهتداء بهديهما، والرجوع إليهما في العلم والعمل، ولم يغيب عن الشيخ وهو العالم القرآني قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة» [رواه مسلم (867)]، وقوله: «عَليكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهْديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعةٍ ضَلالَة» [رواه أحمد (4/126) وأبو داود (4607) والترمذي (2676)، وصححه، وصححه أيضًا الهروي، والبزار، وابن عبد البر، والحاكم، والضياء المقدسي، والألباني، وينظر: إراواء الغليل8/107].
قال رحمه الله: (وليكن دليلنا في ذلك وإمامنا كتاب ربنا وسنة نبينا وسيرة صالح سلفنا، ففي ذلك كله ما يعرفنا بالحق، ويبصرنا في العلم، ويفهمنا في الدين، ويهدينا إلى الأخذ بأسباب القوة والعزة والسيادة العادلة في الدنيا، ونيل السعادة الكبرى في الآخرة).
وقال: (لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوع الذي نذوقه ونقاسيه إلا بالرجوع إلى القرآن؛ إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقه فيه، وفي السنة النبوية؛ شرحه وبيانه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد، وصحة الفهم، والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين).
إن المجتمع إذا رسخ فيه أن القرآن والسنة هما مصدرا التلقي، وأنهما المرجع لكل مسلم، وأنهما المعيار في صلاح الأمور وفسادها، وأن التعلق بهما لا بحامليها، وأن الهداية بهما لا بغيرهما، وأن خير من فهمها واهتدى بهديهما السلف الصالح، وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، سهل بعد ذلك على المصلح أن يقنع الناس بما يريد مما هو في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا عني الشيخ رحمه بكتاب الله عناية فائقة تعليمًا وتفسيرًا، وكان أول ما بدأ به دعوته وتعليمه بعد عودته من الحج عام 1332هـ=1914م هو تفسير القرآن، واستمر ربع قرن من الزمان حتى ختمه في عام 1357هـ=1938م، وأقيم احتفال كبير بهذه المناسبة في الجامع الأخضر بقسنطينة من بلاد الجزائر.
ولم يكن الشيخ يهدف أن يضيف تفسيرًا جديدًا إلى المكتبة الإسلامية الزاخرة بالتفاسير، وإنما كان يهدف إلى إعادة الشعب المسلم إلى القرآن بعدما أبعد عنه، فكان القرآن الكريم هو محور التربية التي يتلقاها النشء على يدي الشيخ، كما كان هو منهاج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم، فكانوا جيلاً قرآنيًا فريدًا، قال :(إننا والحمد لله نربي تلاميذنا على القرآن من أول يوم، ونوجه نفوسهم إلى القرآن في كل يوم، وغايتنا التي ستتحقق أن يُكوِّن منهم القرآن رجالاً كرجال سلفهم، وعلى هؤلاء الرجال القرآنيين تعلق الأمة آمالها، وفي سبيل تكوينهم تلتقي جهودها). وقد سبق قوله: (وأن القرآن الذي كَوَّن رجال السلف لا يكثر عليه أن يُكَوِّن رجالاً في الخلف، لو أُحسن فهمه وتدبره، وحملت الأنفس على منهاجه).
ولأجل هذا الهدف جاء تفسير الشيخ واضحًا سهلاً بأسلوب رشيق ممتع، تحس فيه بصدق اليقين ووهج الإيمان وحرارة القلب، فيبعث على الهداية ويحث إلى العمل.
وقد عُدَّ الشيخ إمامًا في التفسير، كما قال البشير الإبراهيمي رحمه الله بعدما بين طرق فهم القرآن عند العلماء ومدحه لطريق محمد عبده عفا الله عنه: (فانتهت إمامة التفسير بعده في العالم الإسلامي كله إلى أخينا وصديقنا ومنشئ النهضة الإصلاحية العلمية بالجزائر، بل بالشمال الإفريقي عبد الحميد بن باديس).
وقد ساعده في ذلك توفيق من الله عز وجل، واهتمام عظيم بالقرآن وعلومه، وذوق خاص في فهم القرآن كأنه حاسة زائدة خص بها، وذلك لأنه يعيش القرآن بكيانه كله، وبيان ناصع، وذكاء مشرق، وقريحة وقادة، وبصيرة نافذة، وشجاعة في الرأي والقول، وتمكن في العلوم الشرعية، واطلاع واسع على علوم أخرى نفسية واجتماعية وتاريخية وغيرها، كما كان لشيخه محمد النخلي تأثير عميق فيه. [ينظر: ابن باديس مفسرًا - مقال في موقع الإمام عبد الحميد بن باديس].
ومن المؤسف أن الشيخ لم يكن يدون تفسيره، إلا مقالات يسيرة كان ينشرها في افتتاحيات مجلة "الشهاب" التي أصدرها، وكانت بعنوان " مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، ولم يكن تلاميذه يدونون أثناء الدرس، وبذلك ضاع (كنز علم لا يقوم بمال ولا يعوض بحال) كما قال البشير الإبراهيمي، وقال أيضًا: (إن من دواعي الأسف أنه لم ينتدب من مستمعي هذه الدروس من يقيدها بالكتابة، ولو وجد من يفعل ذلك لربحت هذه الأمة ذخرًا لا يقوم بمال، ولاضطلع هذا الجيل بعمل يباهي به جميع الأجيال، ولتمخض لنا ربع قرن عن تفسير يكون حجة هذا القرن على القرون الآتية، ومن قرأ تلك النماذج القليلة المنشورة في "الشهاب" باسم "مجلس التذكير" علم أي علم ضاع وأي كنز غطى عليه الإهمال).
وقد قال الشيخ: (شغلنا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب).
جمع ما وجد من تفسير الشيخ ونشر في كتاب سمي: تفسير ابن باديس، من إعدد: محمد الصالح رمضان وتوفيق محمد شاهين، ونشره أيضًا عمار الطالبي في كتابه: ابن باديس: حياته وآثاره.
ولعل هذا العرض الموجز يكون دافعًا للمتخصصين لمراجعة تفسير الشيخ المصلح وتقديم عرض عن منهجه التفسيري وأثره في الإصلاح.
والله ولي التوفيق.[/align]
================================
يعلم الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله علم اليقين أنه لا هداية لأمة، ولا نجاة لها، ولا صلاح لحالها، إلا بالأخذ بأسباب العزة والقوة، التي أخذ بها السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فكانوا خير جيل وأصلحه، وما كان لهم ذلك إلا بالتمسك بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاهتداء بهديهما، والرجوع إليهما في العلم والعمل، ولم يغيب عن الشيخ وهو العالم القرآني قول الله عز وجل: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: « إنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة» [رواه مسلم (867)]، وقوله: «عَليكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهْديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعةٍ ضَلالَة» [رواه أحمد (4/126) وأبو داود (4607) والترمذي (2676)، وصححه، وصححه أيضًا الهروي، والبزار، وابن عبد البر، والحاكم، والضياء المقدسي، والألباني، وينظر: إراواء الغليل8/107].
قال رحمه الله: (وليكن دليلنا في ذلك وإمامنا كتاب ربنا وسنة نبينا وسيرة صالح سلفنا، ففي ذلك كله ما يعرفنا بالحق، ويبصرنا في العلم، ويفهمنا في الدين، ويهدينا إلى الأخذ بأسباب القوة والعزة والسيادة العادلة في الدنيا، ونيل السعادة الكبرى في الآخرة).
وقال: (لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوع الذي نذوقه ونقاسيه إلا بالرجوع إلى القرآن؛ إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقه فيه، وفي السنة النبوية؛ شرحه وبيانه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد، وصحة الفهم، والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين).
إن المجتمع إذا رسخ فيه أن القرآن والسنة هما مصدرا التلقي، وأنهما المرجع لكل مسلم، وأنهما المعيار في صلاح الأمور وفسادها، وأن التعلق بهما لا بحامليها، وأن الهداية بهما لا بغيرهما، وأن خير من فهمها واهتدى بهديهما السلف الصالح، وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، سهل بعد ذلك على المصلح أن يقنع الناس بما يريد مما هو في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا عني الشيخ رحمه بكتاب الله عناية فائقة تعليمًا وتفسيرًا، وكان أول ما بدأ به دعوته وتعليمه بعد عودته من الحج عام 1332هـ=1914م هو تفسير القرآن، واستمر ربع قرن من الزمان حتى ختمه في عام 1357هـ=1938م، وأقيم احتفال كبير بهذه المناسبة في الجامع الأخضر بقسنطينة من بلاد الجزائر.
ولم يكن الشيخ يهدف أن يضيف تفسيرًا جديدًا إلى المكتبة الإسلامية الزاخرة بالتفاسير، وإنما كان يهدف إلى إعادة الشعب المسلم إلى القرآن بعدما أبعد عنه، فكان القرآن الكريم هو محور التربية التي يتلقاها النشء على يدي الشيخ، كما كان هو منهاج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم، فكانوا جيلاً قرآنيًا فريدًا، قال :(إننا والحمد لله نربي تلاميذنا على القرآن من أول يوم، ونوجه نفوسهم إلى القرآن في كل يوم، وغايتنا التي ستتحقق أن يُكوِّن منهم القرآن رجالاً كرجال سلفهم، وعلى هؤلاء الرجال القرآنيين تعلق الأمة آمالها، وفي سبيل تكوينهم تلتقي جهودها). وقد سبق قوله: (وأن القرآن الذي كَوَّن رجال السلف لا يكثر عليه أن يُكَوِّن رجالاً في الخلف، لو أُحسن فهمه وتدبره، وحملت الأنفس على منهاجه).
ولأجل هذا الهدف جاء تفسير الشيخ واضحًا سهلاً بأسلوب رشيق ممتع، تحس فيه بصدق اليقين ووهج الإيمان وحرارة القلب، فيبعث على الهداية ويحث إلى العمل.
وقد عُدَّ الشيخ إمامًا في التفسير، كما قال البشير الإبراهيمي رحمه الله بعدما بين طرق فهم القرآن عند العلماء ومدحه لطريق محمد عبده عفا الله عنه: (فانتهت إمامة التفسير بعده في العالم الإسلامي كله إلى أخينا وصديقنا ومنشئ النهضة الإصلاحية العلمية بالجزائر، بل بالشمال الإفريقي عبد الحميد بن باديس).
وقد ساعده في ذلك توفيق من الله عز وجل، واهتمام عظيم بالقرآن وعلومه، وذوق خاص في فهم القرآن كأنه حاسة زائدة خص بها، وذلك لأنه يعيش القرآن بكيانه كله، وبيان ناصع، وذكاء مشرق، وقريحة وقادة، وبصيرة نافذة، وشجاعة في الرأي والقول، وتمكن في العلوم الشرعية، واطلاع واسع على علوم أخرى نفسية واجتماعية وتاريخية وغيرها، كما كان لشيخه محمد النخلي تأثير عميق فيه. [ينظر: ابن باديس مفسرًا - مقال في موقع الإمام عبد الحميد بن باديس].
ومن المؤسف أن الشيخ لم يكن يدون تفسيره، إلا مقالات يسيرة كان ينشرها في افتتاحيات مجلة "الشهاب" التي أصدرها، وكانت بعنوان " مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، ولم يكن تلاميذه يدونون أثناء الدرس، وبذلك ضاع (كنز علم لا يقوم بمال ولا يعوض بحال) كما قال البشير الإبراهيمي، وقال أيضًا: (إن من دواعي الأسف أنه لم ينتدب من مستمعي هذه الدروس من يقيدها بالكتابة، ولو وجد من يفعل ذلك لربحت هذه الأمة ذخرًا لا يقوم بمال، ولاضطلع هذا الجيل بعمل يباهي به جميع الأجيال، ولتمخض لنا ربع قرن عن تفسير يكون حجة هذا القرن على القرون الآتية، ومن قرأ تلك النماذج القليلة المنشورة في "الشهاب" باسم "مجلس التذكير" علم أي علم ضاع وأي كنز غطى عليه الإهمال).
وقد قال الشيخ: (شغلنا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب).
جمع ما وجد من تفسير الشيخ ونشر في كتاب سمي: تفسير ابن باديس، من إعدد: محمد الصالح رمضان وتوفيق محمد شاهين، ونشره أيضًا عمار الطالبي في كتابه: ابن باديس: حياته وآثاره.
ولعل هذا العرض الموجز يكون دافعًا للمتخصصين لمراجعة تفسير الشيخ المصلح وتقديم عرض عن منهجه التفسيري وأثره في الإصلاح.
والله ولي التوفيق.[/align]