عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 136
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
الفصل الثالث : الوراقة والوراقون .
خصص المؤلف هذا الفصل للكلام عن الوراقة وأصحابها ، حيث كان لازدهار حركة التأليف في العصر العباسي وشيوع الترجمة اليونانية والفارسية ، أن نشأت مهنة اشتق اسمها من اسم الورق الذي عرف في سمرقند وصنع من ثم في بغداد وبعض الحواضر الإسلامية، فعرفتهذه المهنة باسم (الوراقة) وعرف متعاطوها باسم (الوراقين) .
والوراقة هي كما عرفها ابن خلدون : (معاناة الكتب بالانتساخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور الكُتُبيَّة والدواوين) . وكان هؤلاء الوراقون يقومون بما تقوم به دور النشر اليوم من الطبع والتوزيع وبيع الورق وأدوات الكتابة على اختلافها . وقد ازدهرت الوراقة في المدن الكبرى ، وبلغت أوجد ازدهارها في القرنين الثالث والرابع الهجريين ، وكانت سببا من أسباب ازدهار حركة التأليف والترجمة ، وأضحت صورة مشرقة زاهية من صور الحضارة العباسية في أوج عزها ، وقد مثلت الوراقة كل أنواع النشاط العقلي في العلوم العربية والإسلامية والعلوم المنقولة عن الأمم الأخرى .
المؤلفات في الوراقة :
ذكر المؤلف بعض من صنف في الوراقة ، فذكر رسالتين للجاحظ الأولى في مدح الورَّاق، والثانية في ذم الورَّاقين ! ثم ذكر رسالة أبي زيد البلخي (ت 322هـ) في مدح الوراقة . وذكر كتاب (تنويق النطاقة في علم الوراقة) لعبدالرحمن بن مسك السخاوي (ت 1025هـ) .
ومن الكتب التي لم يشر إليها المؤلف كتاب معاصر للدكتور محمد المنوني المغربي عن تاريخ الوراقة والوراقين في المغرب وهو كتاب قيم جدا ، وفيه نفائس وأخبار طريفة .
بداية الوراقة :
تناول المؤلف تاريخ بدء الوراقة عند المسلمين ، فذكر أن أول بدء الوراقة كان من أجل نسخ المصاحف ، ثم دخلت بقية علوم الشريعة والعربية بعد ذلك ، وذكر أسماء من تفرغوا لنسخ المصاحف وأجاد في ذلك ، ونقل نقولا نفيسة في هذا الموضوع ، وهو جدير النقل كاملا هنا لولا ضيق الوقت .
وتناول أخبار المشتغلين بتجليد الكتب وتذهيبها وغير ذلك . ثم تحدث عن الخطوط المستعلمة في الوراقة وتاريخ انتشارها في الحواضر الإسلامية ، وأبرز الخطاطين والنساخ ، وأشار إلى أن مجالس الإملاء كانت من أسباب ازدهار الوراقة ، حيث كان الوراقون ينسخون مباشرة الكتب من مجالس الإملاء ,وذكر في ذلك أخباراً في غاية الطرافة والعجب ، تثير الدهشة والإعجاب مما بلغته العناية بالعلم والاستملاء من العلماء حتى في الطرقات والبيوت والأسواق .
وأشار المؤلف إلى أن الوراقة كانت مهنة مريحة امتهنها عدد من العلماء ، وكانت أسعار النسخ تتفاوت بمرور الزمن ، وكان الوراق المتقن الجيد الخط الصحيح النقل مقصد أنظار العلماء وطلاب العلم ، وكان هؤلاء الوراقون المتقنون ربما قصدوا العلماء لعرض الكتب عليهم ونسخها لهم وفق أجر معلوم.
وبعض العلماء كان يسمي حرفة الوراقة حرفة الشؤم كأبي حيان التوحيدي وغيره ، ولعل التوحيدي كان أكثر الكتاب تشاؤماً من هذه الحرفة لأنه كان يرى قدره فوق أن يكون متفرغا لهذه المهنة .
وقد تناول المؤلف بالحديث أجور النسخ وتفاوتها ، وذكر مقدار ما يكتبه النساخ في اليوم الواحد ، وفي المجلس الواحد .
ثم تناول أماكن وأسواق الوراقين ، وبعض أخبار الوراقين ، وأشعار الوراقين وغير ذلك من طرائف أخبار الوراقين وصناعتهم الرائجة الرائعة ، التي قامت بنقل هذا التراث العلمي الضخم من السلف للخلف ، ولولا هذه المهنة وأهلها لضاع كثير من العلم والكتب التي نستظل اليوم بظلالها ، ونحن مدينون لمؤلفيها وناسخيها بالفضل بعد الله سبحانه وتعالى في وصول هذه العلوم إلينا . والفصل فصل حافل جدير بالقراءة كله ، ولولا ضيق الوقت لنقلته برمته فهو فصل ممتع .
(*) الحلقات السابقة :
1- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الأولى
2- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الثانية
3- التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الثالثة