التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى الجبوري - الحلقة الثانية

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,318
مستوى التفاعل
127
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
الحلقة الأول : التعليق على كتاب (الكتاب في الحضارة الإسلامية) تأليف د. يحيى وهيب الجبوري

(الحلقة الثانية)
الإثنين 24 / 5 / 1433هـ
الفصل الأول

الكتاب والكتابة

خصص المؤلف الفصل الأول للحديث عن نشأة الكتابة والخط ، وأشار إلى الغموض الشديد الذي يلف هذه المسألة ، وأن هناك من قال إن معرفة الخط والكتابة أمرٌ توقيفي منذ خلق الله آدم عليه الصلاة والسلام ، ولذلك خرجت الأحرف على لسان آدم بفنون اللغات . ثم تحدث عن أول من وضع الكتابة والخط فقيل آدم وقيل إدريس والله أعلم بالحقيقة .
وخلص المؤلف إلى أن الجزم برأي من هذه الآراء لا يمكن إلا بوحي من الله ، ولذلك رجح المؤلف أنَّ الإنسان شعر بالحاجة إلى التعبير عما في نفسه فاحتاج إلى الكتابة لتدوين أفكاره وتاريخه ، وقد عبَّر الإنسان أولاً بطريقة الرسم ، ثم ارتقى فعبر بطريقة الرمز ، باستخدام بعض الأدوات والأجسام ، أي بدأت الكتابة بالأشكال ثم الرموز ، وكانت الكتابة الهيروغليفية في مصر هي أقدم الكتابات التي استعملت التعبير الصوري ثم الرمزي ثم اللغات الأخرى الحيثية في آسيا والآشورية في العراق والصينية في الصين ، وكل من هذه الكتابات نشأت في بلاده ولم يقتبس من غيره . وقد تطورت هذه الكتابات فعرفت استخدام المقاطع ثم الحروف ، والخطوط المستعملة في الكتابة كثيرة جدا ، ويمكن إرجاعها جميعاً إلى أربعة أصول هي :
أ- الخط المصري : وهو ثلاثة أقسام : الهيروغليفي الخاص بالكهنة - والهيروغليفي الخاص بالموظفين - والهيروغليفي الخاص بالشعب .
ب - الخط الحيثي . وهو خط الشعب الحيثي الذي انتقل من بلاده القوقاز وهاجر إلى آسيا الصغرى ، وتوسع نفوذه فشمل شمالي سورية وشمال العراق .
ج - الخط المسماري أو الإسفيني ، وكان مستعملا في آشور وبابل في العراق .
د - الخط الصيني . وكان ما يزال مستعملا في الصين واليابان .
ثم تحدث المؤلف عن الآراء التي قيلت في أصل الهجاء وأول من ابتكره ، وأشار إلى النقوش المكتشفة بكل هجاء ، وتوقف عند مراحل الهجاء الذي يستخدم التصوير وهو الهجاء الصوري ، وذكر أنه مر بأربعة أدوار :
- الدور الصوري المادي .
- الدور الصوري المعنوي .
- الدور الصوري الحرفي .
- الدور الصوري الصرف .
وأشار إلى أن الكتابة الصورية تستخدم صورة المحسوس عند إرادة التعبير عنه ، فعند الحاجة إلى ذكر الشجرة يرسمون شجرة ، وإذا احتاجوا لكتابة أسد مثلا صوروا صورة أسد ، ولكن الإشكالية في هذه الطريقة أنها تعبر عن المحسوسات فقط ولا تعبر عن المعنويات والمشاعر وغيرها .
ثم توصلوا إلى التعبير عن المعاني برسم لوازمها من المحسوسات ، فعند إرادة التعبير عن الكتابة مثلا رسموا قلماً ودواةً ، وعند إرادة التعبير عن الحزن رسموا صورة شعر منسدل وهكذا .
ثم توقف المؤلف عند الكتابة العربية وجهود علماء الآثار من المستشرقين وغيرهم في البحث والتنقيب عن أصولها ونقوشها ، وأشاد بسبق المستشرقين إلى هذا الحقل ، وانقطاعهم له ، والإنجازات التي تحققت على أيدي المخلصين منهم . وكانت أول بعثة أثرية انطلقت من الدنمارك عام 1761م وتوافق 1174هـ تقريباً . وهو تاريخ قديم فعلاً . ومن طراف رحلات المستشرقين الذين نقبوا عن النقوش والآثار المختصة بالكتابة العربية وأصلها ما وقع للمستشرق النمساوي سيجفريد لنجر عام 1882م في اليمن ، حيث كان مختصاً باللغة العربية ، وحصل على اثنين وعشرين نقشاً نادراً في رحلته تلك ، وكانت نهايته القتل على يد رجل يمني كان يصاحبه في رحلته أثناء استحمامه في نهر بنا ، ولعله قد اختلف معه على أمرٍ ما ، أو أن الدليل اليمني رأى منه ما يريب فأجهز عليه بطلقة من بندقيته وذهبت تلك النقوش أدراج الرياح :) .
وقد بدأت عناية الجامعة العربية بدراسة هذه النقوش في الجزيرة العربية منذ عام 1936م بإرسال بعثة لليمن ، وجمعت تلك البعثة واحدا وتسعين نقشاً مهماً ، بينها تسعة وسبعون نقشا جديداً لم تعرف من قبل ، وبعضها اليوم موجودة في كلية الآداب بجامعة القاهرة في قسم الجغرافيا .
ثم بدأت بعد ذلك الرحلات إلى شمال السعودية فذهل العلماء لوفرة النقوش والأدلة والآثار التي انتفع بها العلماء كثيرا في الكشف عن الكثير من أسرار الخط العربي وغيره ، ولا زالت حتى اليوم تكتشف المزيد من النقوش والآثار الثمودية وغيرها في شمال السعودية .
وقد توقف المؤلف مع الآثار المشهورة التي أثرت في مراحل اكتشاف نشأة الكتابة العربية ، وهي حجر رشيد ، وحجر النمارة ، وحجر زيد ، وحجر حران ، وصخرة بهستون ، وبعض الأحجار الآشورية ، ولوحات منطقة أور بين النهرين ، وصخور ظفار ، وصخور سد مأرب الخطية ، وبعض آثار حضرموت وصنعاء ، وما عثر عليه في ديار عاد وثمود . وهي كلها كتبت حولها دراسات علمية موثقة منشورة .
وأشار المؤلف إلى أن هناك كشوف كثيرة أخرى ، منها ما وجد في مصر من آثار قدماء المصريين ونقوشهم الخطية التي سجلوها على معابدهم ومقابرهم وهياكلهم ومسلاتهم ، وكذلك ما وجد في بلاد الرافدين من الخطوط والكتابات على الجدران والمسلات والهياكل ، وفي المتاحف مجموعات كثيرة من الكتابات على أوراق البردي ، وفي دور الآثار العربية والأوربية أحجار ورقم كثيرة عليها كتابات تمثل الحضارة الشرقية ، يجدر التنويه بها ، ومن الصعب حصرها .
وقد اختصر المؤلف الكلام في هذه المسألة لأنها ليست من صلب البحث ، وإنما اتخذها مدخلاً لكتابه عن أهيمة الكتاب في الحضارة الإسلامية ، وإلا فهناك دراسات وبحوث قيمة مفردة تتبعت تاريخ الكتابة العربية منها :
- الكتابة العربية للأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد .
- تطور الكتابة الخطية العربية للدكتور محمود حموده .
- الخط العربي تاريخه وحاضره لبلال الرفاعي .
- الخط العربي جذوره وتطوره لابراهيم ضمرة .
- الخط والكتابة لمحمد الخياري الحسيني .
- أجزاء من صبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي .
- الخطاطة الكتابة العربية للدكتور عبدالعزيز الدالي .
- المفصل في تاريخ العرب لجواد علي .
وغيرها كثير .

http://vb.tafsir.net/tafsir31470/
 
2495.jpg
 
عودة
أعلى