التعريف بسور المصحف الشريف - للشيخ محمد نصيف

إنضم
07/05/2004
المشاركات
2,562
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الخبر - المملكة ا
الموقع الالكتروني
www.islamiyyat.com
سلسلة محاضرات للشيخ محمد نصيف وجدتها على اليوتيوب وبدأت بفضل الله تعالى تفريغها لتعم الفائدة وتوثق مثل هذا المحاضرات القرآنية القيمة نفعنا الله بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا وزادنا علماً.
وهذه أولى المحاضرات بفضل الله تعالى وقد أعانني ويسّر لي تفريغها فلله الحمد والفضل والمنّة أسأل الله تعالى الإخلاص في هذا العمل والقبول.
التعريف بالمشروع:
http://vb.tafsir.net/tafsir36875/



[FONT=&quot]التعريف بسور المصحف الشريف[/FONT]
[FONT=&quot]الشيخ محمد نصيف[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الفاتحة[/FONT]
[FONT=&quot]‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµطظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ ط§ظ„ط¯ط±ط³ 1 ظ„ظ„ط´ظٹط® ظ…طظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[/FONT]
[FONT=&quot]قد يقول قائل سورة الفاتحة معروفة ومعانيها واضحة والكل يحفظها فلماذا نتكلم عنها؟ لكننا نتكلم عنها لأنها من سور القرآن ونتكلم عنها لأنها أعظم سورة في القرآن ولأننا لا نقرأ سورة بقدر ما نقرأ هذه السورة فإذا قرأت الشيء كثيراً دون أن تهتم به تقلّ فائدته لك ويقل انتفاعك بأنواره ولذلك نقف مع هذه السورة بعض الوقفات:[/FONT]
[FONT=&quot]بدأت هذه السورة بقوله تعالى (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) على خلاف بين العلماء هل البسملة من الفاتحة أم لا لكن من الفاتحة بالاجماع (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) وهذه الكلمة سار علماء المسلمين مقتدين بالكتاب العزيز في بدء كتبهم وفي بدء رسائلهم بالبسملة والحمدلة لأن الإنسان يحتاج إلى هذه البسملة استعانة بالله سبحانه وتعالى في كل أموره فإذا أكلت فقل بسم الله وإذا دخلت تقول بسم الله وإذا لبست قل بسم الله وكلما كان العون من الله للعبد كلما كان موفقاً وتيسر له ما كان عسيراً لو لم يُعنه الله سبحانه وتعالى وبالعكس الذي يتخلى عن الله وينسى الله سبحانه وتعالى فإنه يُحرم التوفيق، قد ينجز العمل في الظاهر لكنه لا يكون موفقاً ولا يكون مقبولاً عند الله سبحانه وتعالى. وكذلك الحمدلة في بداية هذا الكتاب وعلى هذا سار العلماء تذكير للإنسان بالنعمة العظيمة التي عليه وأنت عندما تقرأ الفاتحة وتقول (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قد تمر قبلها بمشاكل كثيرة بين الصلاتين، قد يحدث للإنسان حادث، قد يفقد قريباً أو حبيباً أو يكتشف مرضاً خطيراً في جسمه لكنه مع ذلك يقول الحمد لله رب العالمين وعلى العكس قد يمر بأمور طيبة بين الصلاتين، قد يكون هناك فرح قد يرزق مولوداً قد يُرقّى في وظيفته، فيقول الحمد لله رب العالمين فالحمد أمر يستحقه الله سبحانه وتعالى سواء جاءنا منه ما ظاهره شر وسوء أو جاءنا ما ظاهره خير ونعمة فالله سبحانه وتعالى هو المستحق للحمد لأنه رب العالمين الذي خلقهم ويدبر أمورهم ويملكهم فهو المستحق للحمد سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة نزلت في مكة وجاء في الحديث الصحيح في صحيح مسلم أن جبريل كان قاعداً عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمع نقيضاً من فوقه (سمع صوتاً) فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فُتِح اليوم لم يُفتح قطّ إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قطّ إلا اليوم، (تخيل الموقف العظيم ملك أول مرة ينزل باب أول مرة يفتح وإلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجالس جبريل) قال فسلّم وقال أبشِر (وهذه البشارة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ابتداء ولنا نحن أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بقدر احتفائنا بهذا الذي بُشّر به النبي صلى الله عليه وسلم) قال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك (موسى عليه السلام أعطاه الله العصى وأعطاه وعيسى أعطاه يبرئ الأكمه والأبرض بإذن الله وهذا الملك يقول للنبي صلى الله عليه وسلم أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك) فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ بحرف منهما إلا أُعطيته. هذا الحديث فيه فضل لخواتيم سورة البقرة ولسورة الفاتحة وسورة البقرة نزلت في المدينة وسورة الفاتحة نزلت في مكة فقال بعض العلماء إذن نزلت سورة الفاتحة مرتين وهذا يدل على عظمتها. نزلت في أول البعثة والمعروف أن أول ما نزل من القرآن الخمس آيات الأولى من سورة العلق (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾) بعدها بأيام كما يحدّث بعض العلماء جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلّمه الصلاة، هذه ليست الصلوات الخمس التي في ليلة المعراج وإنما قبلها، علمه الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الإجماع في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلي صلاة قطّ إلا وقرأ فيها فاتحة الكتاب فهذا يعني أن سورة الفاتحة نزلت بعد سورة اقرأ وقبل تشريع الصلاة يعني في فترة مبكرة جداً وخواتيم سورة البقرة نزلت متأخرة بعد تشريع عدد من الفرائض، فكيف الجمع؟ قال بعضهم أن السورة نزلت مرتين وهذا يدل على أهميتها، ولله المثل الأعلى لما تكلم ابنك بأشياء كثيرة وبعضه له أهمية فلما تنهي الكلام تعيد الكلام على نقطة أنت ذكرتها لكن تريد من المتلقي أن يهتم بها وبعض العلماء يقولون نزلت في مكةويرجح هذا وبعض العلماء يقول نزلت في المدينة لكن الراجح أنها نزلت في مكة والقول بأنه تكرر نزولها قول له قوة وهو يشعر بأهمية هذه السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة هي أكثر سورة في القرآن لها أسماء لأن بعض السور في القرآن لها اسم واحد وبعض السور له اسمان أو ثلاثة، سورة الفاتحة بعض أهل العلم أوصل أسماءها إلى خمس وعشرين اسماً وهذا يدل على شرف المسمى إذا الشيء له اسماء كثيرة يدل على أنه له أوصاف كثيرة يستحق هذه الأسماء، الله سبحانه وتعالى له تسعاً وتسعين اسماً المذكورة في الحديث لكنها هي أكثر من ذلك أسماء الله الحسنى وكلما زاد شرف المسمى كلما زادت أسماؤه متميزاً ولو في الشر فقد تكثر أسماؤه. الفاتحة لها أسماء كثيرة ربما لا تصل أي سورة في القرآن إلى عدد أسماء سورة الفاتحة. [/FONT]
[FONT=&quot]من أسمائها فاتحة الكتاب وهذا معنى تحديد موضعها في الكتاب العزيز في افتتاح الكتاب العزيز وهي كالمقدمة للقرآن وهي خلاصة القرآن ولذلك بعض العلماء المعاصرين ألّف كتاباً يشرح فيه سورة الفاتحة حتى يترجم إلى كثير كل اللغات قال لأنها أوجب شيء يتعلمه كل من يدخل الإسلام وحتى يصلي صلاة صحيحة فيجب أن يتعرف على معانيها وليس على حروفها فقط، فبعضهم الّف كتاباً ليسهل فهم بعض معاني هذه السورة العظيمة على كل مسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]وتسمى أيضاً أم القرآن وأم الشيء أصله الذي يرجع إليه فأم القرآن يعني أن كل معاني القرآن موجودة في الفاتحة وهذا نبّه عليه كثير من العلماء. أول السورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿٣﴾) هذه أوصاف لله سبحانه وتعالى وثناء على الله سبحانه وتعالى ثم قال (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴿٤﴾) هذا إثبات ليوم الدين يوم الحساب والجزاء يوم القيامة، فالثناء على الله موجود في السورة وإثبات البعث موجود في السورة، ثم قال (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿٦﴾ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ﴿٧﴾) بيّن أن طرق السير في هذه الحياة ثلاثة: طريق الذين أنعم الله عليهم وطريق المغضوب عليهم وطريق الضالين وإذا كانت هناك طرق ثلاثة لا بد أن يجازى كلٌ بحسب عملهم ولا بد أن تكون هناك أوامر ونواهي، يضل عن ماذا إذا لم يكن هناك شيء حقّ ينبغي اتباعه؟ فقيل هذا فيه إثبات الأوامر والنواهي والوعد والوعيد فالسورة شاملة لمعاني القرآن كما نصّ كثير من أهل العلم.[/FONT]
[FONT=&quot]ومن أسمائها السبع المثاني والله سبحانه وتعالى يقول في خطاب يشرّف فيه النبي صلى الله عليه وسلم ويمتنّ عليه (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي[/FONT] وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر) يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن ابن سعيد ابن المعلّى قال كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجبه قلت يا رسول الله إني كنت أصلي (الحديث في صحيح البخاري) قال: ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم؟ (أهمية الاستجابة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنت بعد وفاته لا تستيطع أن تستجيب له يناديك فترد عليه وإنما تستطيع أن تستجيب لسنته كلما أمر بشيء تسرع لتستجيب إلى ما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم) ثم قال صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ (أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً تعطي المعلومة مباشرة للمتعلم فيزهد فيها لكن عندما يشوقه بهذا الشكل صلى الله عليه وسلم) فأخذ بيدي (سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم يأخذ بيد الصحابي وهو يعلمه) فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله إنك قلت لأعلمنك أعظم سورة من القرآن قال صلى الله عليه وسلم: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
[FONT=&quot]هذا من فضل سورة الفاتحة وفضائلها كثيرة ومن فضائلها ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله وهذا الحديث القدسي ينبغي أن يتذكره الإنسان وهو يصلي ويقرأ الفاتحة. النبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن ربه عز وجل (قسمتُ الصَّلاةَ بيني وبينَ عبدي نصفينِ، ولعبدي ما سألَ، فإذا قالَ العبدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قالَ اللهُ تعالى: حمدني عبدي وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قالَ اللهُ تعالى: أثنى عليَّ عبدي. وإذا قالَ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. قالَ: مجَّدني عبدي (وقالَ مرَّةً: فوَّضَ إليَّ عبدي) فإذا قالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قالَ: هذا بيني وبينَ عبدي ولعبدي ما سألَ. فإذا قالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قالَ: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) - عندما يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقولها وهو يحمد الله ويتذكر النعم العيمة التي أنعم بها عليه ومنها سورة الفاتحة ويتذكر أن الله سيجيبه ويقول حمدني عبدي، ووهذا شيء عظيم جداً وهكذا في بقية القرآءة- هذا نور كبير وخير عظيم لا يؤتاه إلا المسلم ولا يؤتاه إلا المصلّي فنسأل الله أن يثبتنا على ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الفاتحة فيها معاني كثيرة، وأصل المعاني واضح.[/FONT]
· [FONT=&quot]تذكّر بنعمة الله على العبد (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[/FONT]
· [FONT=&quot](الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ) مهما جاءك فإنما يجيؤك شيء من الرحمن الرحيم وهو سبحانه وتعالى أرحم بنا من أمهاتنا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لو أم الإنسان أوصلت إليه شيئاً لا يتصور أن يأتي منها إلا كل طيب لأنها أمه فكيف بأرحم الراحمين أرحم بعباده من الأم بولدها؟!. قد تجد بلاء يحل بالمسلمين أو بك أو بأمة أو ببلد فتتألم وتشعر أين الرحمة؟! قال سبحانه وتعالى (مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) لأن الدنيا ليست نهاية المطاف، متى يأخذ الإنسان جزاءه الكامل؟ متى يرى الظالم مغبة ما صنع؟ متى يجزى الجزاء الأوفى؟ يوم القيامة فالدنيا ليست نهاية المطاف فاحمد الله واعلم أن الأمر في نهايته لن يكون إلا بإعطاء كل ذي حق حقه فأهل الخير وأهل الطاعة سيعطيهم الله ويزيدهم من فضله وأهل المعصية سيعاملهم بعدله نسأل الله أن يجعلنا من أهل الفضل. [/FONT]
· [FONT=&quot](مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) تزيل عن نفسك أن هذا الظالم عاش ظالماً إلى أن مات وهو متمتع لكنه بعد أن مات يأخذ جزاءه الأوفى نعوذ بالله من الخذلان[/FONT]
· [FONT=&quot](مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) تذكير بيوم القيامة، واجب علينا أن نتذكر أن هناك يوم الدين، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، هل أعطي الأجير الذي عندي حقه؟ هل أتعامل مع زوجتي بشكل يرضي الله سبحانه وتعالى؟ أتعامل مع أقاربي مع القريب والبعيد؟ مالك يوم الدين تذكير يومي في كل ركعة أن هناك شيئاً اسمه يوم الدين يوم القيامة.[/FONT]
· [FONT=&quot]وقوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) تذكير للإنسان بالعهد الذي بينه وبين الله وبالعلاقة التي بينه وبين الله فنحن عبيد وهو الرب مفرد بالعبادة لا يشركه فيها أحد فأنت لا تقول نعبدك وإنما (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) نعبدك ولا نعبد أحداً سواك ولا نستطيع أن نعبدك إلا بعونك ولذلك نقول (وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[/FONT]
· [FONT=&quot]ثم في آخر السورة يذكرنا أننا في هذه الدنيا لسنا موجودين عبثاً وإنما نحن سائرون سائر في طريق الذين أنعم الله عليهم وهم الذين يتبعون الرسل وسائر في طريق المغضوب عليهم وهم الذين عرفوا الحق ولكنهم ما سلكوا طريقه وسائر في طريق الضالين لم يعرفوا الحق ومشوا بدون علم فعلى الإنسان أن يسير بعلم وهو سائر ولا بد (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ[/FONT] أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) المدثر).
 
علماً أن هذه الدروس تلقى على العامة فلذلك أختصر فيها وأستخدم كثيراً من الكلمات العامية؛ فالمعذرة لغير (الحُجُز =سكان الحجاز) فقد لا يفهمون بعض الكلمات أو التعبيرات.
 
[FONT=&quot]التعريف بسورة البقرة[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµطظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 2 ظ„ظ„ط´ظٹط® ظ…طظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube
[FONT=&quot]سورة البقرة من السور التي تميزت بأمور كثيرة عن غيرها من السور ولا شك أن أعظم سورة في القرآن هي سورة الفاتحة كما مرّ معنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولكن من أكثر السور فضائل بعد سورة الفاتحة هي سورة البقرة فضائلها كثيرة وعناية الصحابة بها شديدة يكفينا أن نعرف أن عبد الله ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه قد ثبت عنه بسند حسن أنه ظل يتعلم سورة البقرة أربع سنوات وهو عربي يفهم الكلام العربي وهو صحابي يعرف ملابسات النزول غالباً وهو من أشد الصحابة اتباعاً للسنة فيعرف التطبيق العملي للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يحتاج إلى أربع سنوات كي يتعلم سورة البقرة ولو حسبناها وقسمناها نجد أنه تقريباً يدرس في الأسبوع ربع صفحة وهذا بمقاييس من لا يقيسون الأمور إلا بظاهرها طالب غير مجتهد، لو طالب ينهي سورة البقرة في حلقة تحفيظ في أربع سنوات يمكن أن يُطرد من الحلقة لكن بمقياس من يعرف أن القرآن ليس مجرد حروف تُحفظ وإنما هو عمل وتطبيق في الحياة بجميع أنحائها يختلف الأمر فيمضي فيها ابن عمر أربع سنوات وورد أيضاً أنه أو أباه أمضى فيها ثماني سنوات لكن الثابت أنه أمضى فيها أربع سنوات في تعلم سورة البقرة ونحن في مجلس واحد نلخص شيئاً من معانيها وإلا فأمرها كبير.[/FONT]
[FONT=&quot]يسميها عبد الله بن مسعود سنام القرآن وسنام الشيء أعلاه كما قالوا وهذا يشعر بعظمتها. وبعض العلماء لاحظ أن السنام هو مكان تخزين عند الجمل وسنام القرآن معناه أن معاني القرآن في أكثرها موجودة في هذه السورة وثبت عن بعض السلف أنه كان يسميها فسطاط القرآن والفسطاط هو المدينة التي يجتمع فيها الناس كل مدينة تسمى فسطاطاً فسماها فسطاط القرآن لكثرة ما فيها من أحكام ولعظمها وبهائها. وبالفعل هذه السورة اشتملت على أكثر أحكام الشريعة بالإضافة إلى أنها استمرت تنزل فترة طويلة، وسور القرآن بعضها ينزل دفعة واحدة وهذا غالباً يكون في السور القصار وبعضها ينزل متفرقاً وهذا كثير من السور لكن سورة البقرة ظلت تنزل لعشر سنوات وهذه مدة طويلة جداً لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سكن المدينة المنورة بدأت تنزل عليه سورة البقرة هي أول سورة نزلت في المدينة وظلت تنزل عليه حتى كانت آخر آية من القرآن من سورة البقرة وهي قوله تعالى (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (281)) هذه الآية هي آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم على الراجح من الأقوال لأن الأقوال في تحديد آخر آية متعدد. إذن عشر سنوات والقرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة. والسور لا يتشرط أن تنزل آياتها متتابعة مرتبة وإنما تنزل آية قد تكون في أول السورة قد تنزل بعد آية في آخر السورة والذي يحدد لهم وضع الآية هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم ضعوا هذه الآية في مكان كذا.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة التي استمرت هذه الفترة اهتم بها الصحابة اهتماماً شديداً جداً لأنها عشر سنوات وهي تربيهم. وقد جاءت فيها أسباب نزول كثيرة جداً أكثر من اي سورة تقريباً وكلما حدث شيء من الصحابة أو موقف من اليهود أو نحو ذلك تنزل الآيات لتربي الصحابة. تخيل أمراً يحدث بينك وبين شخص تأتي مباشرة آية تتكلم، هذا يزيد من يقين الصحابة ويزيد من مراقبتهم لله سبحانه وتعالى هنيئاً لهم ما كانوا فيه ونسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم. النبي صلى الله عليه وسلم كأنه لاحظ هذه العناية من الصحابة فلما كانت غزوة حنين وكانت غزوة كما وصف الله سبحانه وتعالى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) التوبة) كانت بعد فتح مكة مباشرة والمسلمون في قوة فأعجبت المؤمنين كثرتهم ففاجاءهم العدو فتفرق الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خائفين وبقي معه عدد قليل وكان ممن بقي معه صلى الله عليه وسلم عمه العباس وكان العباس صاحب صوت قوي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عباس نادِ وأمره بأكثر من نداء وكان مما نادى به العباس بأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: يا أصحاب سورة البقرة وأنت لا تقل لأحد يا صاحب كذا إلا بعد أن يكون بينه وبين هذا الشيء علاقة، يا صاحب العلم، يا صاحب التجارة، بحسب ما مال إليه وتعلق به ولازمه وصاحبه. فالصحابة يناديهم قائدهم ومربيهم ومعلّمهم صلى الله عليه وسلم يا أصحاب سورة البقرة وغزوة حنين متأخرة وهذا يدل على شدة عناية الصحابة بهذه السورة العظيمة.[/FONT]
[FONT=&quot]بدأت السورة بالحروف التي بدأت بها 29 سورة الحروف التي يسمهيا العلماء الحروف المقطعة لا تصاغ منها كلمات وإنما تتهجى أل لام ميم (الم) هكذا بدأت سورة البقرة وبدأت عدة سورة بنفس هذه البداية: البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، لقمان، والسجدة هذه كلها تبدأ بـ (الم) ولذلك يسميها بعض العلماء باللواميم لأنها تبدأ بـ (الم) وهذا البدء كما هو القول الأشهر خاصة عند المتأخرين من المفسرين هذا البدء تنبيه على ما تكوّن منه القرآن، القرآن معجز، القرآن تسمعه فتبكي، تسمعه فتستبشر، تسمعه فتخاف، وتقرؤه كذلك وهو يتكون من الحروف التي تتكلم بها صباحاً ومساء فلا تؤثر فيك هذا التأثير العجيب الموجود في القرآن بل إن بعض الناس من غير العرب سمعوا القرآن لا يفهمون منه شيئاً ولم يكونوا من المسلمين فاهتدوا وأسلموا بتأثير هذا القرآن وهو كلام الله سبحانه وتعالى. فبدأت سور كثيرة بهذه الحروف تنبّه أن ما ستسمعونه مكون من هذه الحروف لكنكم لا تستطيعون الإتيان بمثله مهما حاولتم ولكنه كلام الرب سبحانه وتعالى. ولذلك في الغالب في هذه السور التي تبدأ بالحروف المقطعة سواء (الم) أو غيرها أنها تثني بمدح القرآن والثناء عليه وبيان عظمته منها سورة البقرة (الم ﴿١﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ[/FONT][FONT=&quot] فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾) هذا الثناء غالباً يعقب ذكر الحروف المقطعة وهذا متناسب مع الهدف من ذكرها على ما رُجّح وإلا فالأقوال فيها تجاوزت العشرين قولاً في معنى (الم) وما شابهها من الحروف التي في بداية السور.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة اسمها المشهور والمعروف سورة البقرة وجاءت هذه التسمية من القصة المعروفة في السورة وهذه القصة لا تمثل السورة كلها ولا تمثل نصفها ولا ربعها، قصة البقرة حوالي صفحة فلماذا سميت بهذه التسمية؟ هذه القصة مناسبة جداً لموضوع السورة ولغرض من أهم أغراضها لأن هذه السورة التي استمرت تنزل عشر سنوات تربي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جاءت لتكوين أول وأقوى دولة إسلامية يقودها النبي صلى الله عليه وسلم أعظم دولة ولا يمكن للتاريخ أن يتكرر فيه مثل هذا الأمر، النبي صلى الله عليه وسلم وحوله أصحابه يعملون بأمر الله يخطئ منهم من يخطئ فيسارع إلى التوبة ويعيشون حياة لا حياة مثلها. فهذه السورة جاءت تربيهم وتعلمهم وجاءت فيها كثير من الأحكام الشرعية لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان في مكان كان ينزل عليه القرآن غالباً بالعقيدة وإثبات البعث ونحو ذلك ولما سكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بدأت تنزل الأحكام فمعظم الأحكام كانت في المدينة وهذه الأحكام قد تأتي موافقة لما يريد الإنسان ولكنها غالباً قد تخالف أهواء بعض الناس فجاءت هذه القصة لتبين لنا حال من سبقنا ممن شرفهم الله وفضلهم على العالمين وهو بنو إسرائيل تبين حالهم مع بعض الأحكام التي وجهت إليهم (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً (67)) تخيل هذا الموقف!! يأتيهم الأمر من رسول الله أن الله يأمرهم (قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً) قال (قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ومن الجهل ولا شك أن يقال أمر الله ثم تكون المألة هزؤ واستهزاء. الاستهزاء يختلف عن المزح قد تمازح إنساناً دون احتقار له أما الاستهزاء فمزاح فيه نوع من الاحتقار كيف يصدر هذا عن نبي ثم تأتي القصة كما هو معروف ويقولون له (ادع لنا ربك) ويطلبون التفاصيل قال الله سبحانه وتعالى في منتصف القصة (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71)) فهم متلكئون مترددون في تنفيذ أوامر الله فجاءت هذه القصة لتبين حالهم كما جاءت لتحذر من السير في طريقهم. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة جاءت تقيم دولة الإسلام وفيها أمران أساسيان كما ذكر بعض أهل التفسير قال معظم أغراضها ينقسم إلى قسمين: [/FONT]
· [FONT=&quot]قسم يثبت سمو هذا الدين على ما سبقه [/FONT]
· [FONT=&quot]وقسم يبين شرائع هذا الدين لأتباعه.[/FONT]
[FONT=&quot]فهناك قسم يبين أن هذا الدين هو أفضل دين، أفضل من كل ما سبقه وقسم يبين شرائع هذا الدين وهذا من الحكمة أن تعرف قيمة ما عندك وأنه أعظم من كل شيء وأن تعرف كل شيء ثم تأتيك الأوامر وأنت فرح بها مستبشر وهكذا سارت السورة كما سيأتي. [/FONT]
[FONT=&quot]إذا كانت سورة الفاتحة هي أم القرآن وفيها كل معاني القرآن بإجمال واختصار فسورة البقرة فيها تفصيل لذلك الإجمال، فسطاط القرآن، سنام القرآن، فيها التفصيل لأحكام الدين تجد كل ما سوى البقرة كما نبه بعض أهل العلم تفصيلاً لشيء في سورة البقرة أما معاني القرآن موجودة في سورة البقرة تفصيلاً بخلاف سورة الفاتحة فجاءت سورة البقرة بعد سورة الفاتحة مباشرة.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة من فضائلها أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وذكر صلى الله عليه وسلم أن أخذها بركة وتركها حسرة (الذي لا يقرأ ولا يتعلم ولا يحفظ سورة البقرة له نصيب من حسرة) قال وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة .أي السحرة لا يستطيعون وهذه السورة تمنعهم وهذا معروف عند من يمارس الرقى أن سورة البقرة لها تأثير على السحر.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة تنقسم إلى خمسة أقسام: مقدمة وخاتمة وبينهما ثلاثة أقسام وهذا التقسيم للتقريب والتعليم وإلا فإن مثل هذه التقاسيم ليست مسألة قطعية وإنما هي من اجتهاد العلماء قد يقدّم بعضهم شيئاً أو يتوسع أكثر وإنما هي للتقريب والفهم.[/FONT]
[FONT=&quot]أول سورة البقرة تجد فيها مقدمة واضحة وهذه باتفاق أهل العلم مقدمة تبين أصناف البشر: [/FONT]
[FONT=&quot]المؤمنون المتقون قال (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾[/FONT][FONT=&quot]الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ[/FONT][FONT=&quot]الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ [/FONT][FONT=&quot]يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ [/FONT][FONT=&quot]وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ[/FONT][FONT=&quot] وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ[/FONT][FONT=&quot] وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ [/FONT][FONT=&quot]يُوقِنُونَ ﴿٤﴾[/FONT][FONT=&quot]أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ[/FONT][FONT=&quot] هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾)، هذا قسم. [/FONT]
[FONT=&quot]والقسم الثاني (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٧﴾)، هذا القسم الثاني.[/FONT]
[FONT=&quot]والغالب في السور أن الناس يقسمون إلى قسمين (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ[/FONT] وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ (2) التغابن) هذا الغالب: الكفار والمؤمنون لكن هذه السورة نزلت عندما سكن الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، في مكة كان الناس قسمين كفار ومؤمنون أما لما سكن المدينة صارت الأقسام ثلاثة: كفار ومؤمنون ومنافقون فذكرهم وفصّل فيهم، اختصر الكلام في صفة الكفار وصفة المتقين المؤمنين وأطال في ذكر المنافقين لأنهم عدو غير ظاهر يظهر لك الإيمان وهو يبطن غيره (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿٩﴾) وفصّل فيهم لأنهم عدو خفي أما الكافر فعدو ظاهر يعرفه كل أحد. هذا التقسيم وكل تقسيمات القرآن عليه تقسيم لا ينبني على نوع ولا ينبني على نسب ولا ينبني على رتبة اجتماعية ولا ينبني على حالة مادية وإنما هو مبني على العقيدة قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ) هذا تقسيم موجود لكنه تقسيم له غرض آخر (لِتَعَارَفُوا) والذي يحدد قيمة الإنسان قال بعدها مباشرة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (13) الأحزاب) التقسيم الذي ينبني عليه الثواب والعقاب والتقريب والإبعاد والحب والبغض هو تقسيم العقيدة التقسيم الإلهي للبشر بناء على عقائدهم وما يستقر في قلوبهم نسأل الله أن يجعلنا من أهل التقوى.
[FONT=&quot]بعد هذه المقدمة جاءت ثلاثة أقسام كلها تُبدأ بنداء، نادانا الله سبحانه وتعالى في هذه السورة بنداءات متعددة منها ثلاث نداءات تبدأ بها أقسام السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]النداء الأول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾) هذا أول تقسيم بعد تقسيم البشر، نداء لكل البشر (يا أيها الناس)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر نداء ثانياً في القسم الثاني هو قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿١٦٨﴾) نداء لكل البشر (يا أيها الناس) وأتبعه بعد آيات قليلة بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴿١٧٢﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]والقسم الثالث والأخير من الأقسام بدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿٢٠٨﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ونقف وقفات يسيرة مع هذه النداءات الثلاثة:[/FONT]
[FONT=&quot]النداء الأول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿٢١﴾ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٢٢﴾) نلاحظ أن هذا النداء لحقه أمر ونهي وهذا الأمر هو أول أمر في القرآن وهو الأمر بعبادة الله وحده ومع هذا الأمر جاء نهي وهذا النهي يمكن أن يُفهم من الأمر ولكنه نصّ عليه قال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا) هذا نهي عن الشرك. فأمرٌ بعبادة الله ونهي عن اتخاذ الأنداد مع الله سبحانه وتعالى (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وهذا يدل على أهمية هذين الأمرين وهما كذلك، هما أعظم شيء وهما سبب النجاة وهما اللذان من عمل بها لن يخلد في نار جهنم إن دخلها وهما من خالف فيهما أحد فإنه لا ينجو من النار بل يخلد فيها والعياذ بالله. وهذا القسم يدور حول التوحيد قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) ثم قال (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ثم ذكر الله في هذا القسم نماذج لمن استجاب لأمر الله ولمن عصى أمر الله وكان النموذج الأكبر الذي كثر الكلام عنه في هذا القسم للمعرضين عن توحيد الله وعن عبادة الله هم بنو إسرائيل وهذا له عدة فوائد. بنو إسرائيل عندما سكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان يسكنها اليهود هم بنو إسرائيل وإسرائيل هو يعقوب جدّهم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فبنو إسرائيل جاءهم الوحي وجاءهم الدين وجاءهم الأنبياء الكُثُر وفضّلهم الله على عالم زمانهم قال في بداية ندائهم (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)) وقال قبلها (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)) وكان النداء كثيراً في الحديث معهم مع بيان مخازيهم وزللهم وسوء أفعالهم ومنه ما ذكر في قصة البقرة هذا جزء من مخازيهم ومخازيهم كثيرة وهم يساكنون الصحابة في المدينة. النبي صلى الله عليه وسلم عندما سكن في المدينة كان يتوجه في الصلاة إلى بيت المقدس وكان اليهود يفرحون بهذا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحاول موافقتهم لأنهم أهل الكتاب فهم أقرب إلى المسلمين من أهل الشرك، كان لا بد في هذه المرحلة من بيان حالهم الحقيقية لأنهم يقولون نحن أهل كتاب وأهل حق ويستشيرهم كفار مكة ماذا يصنعون مع محمد ويسألونهم هل نحن أفضل أم محمد صلى الله عليه وسلم؟ فكان لا بد من بيان حالهم خاصة أن كل ما نسمع ونقرأ في الآيات عن بني إسرائيل كان كما ذكر بعض أهل العلم تمهيداً لتحويل القبلة، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بيت المقدس وظل يصلي إلى بيت المقدس إلى شهر رجب من السنة الثانية من الهجرة ثم حُوّلت القبلة وهذا قبل غزوة بدر التي كانت في رمضان في نفس السنة وكانت تمحيصاً للمؤمنين الآن المؤمنون يرون المشركون يتوجهون للكعبة ويتعلقون بها ويرون بني إسرئيل وهم أقرب إليهم يتوجهون إلى بيت المقدس فتحويل القبلة يحتاج إلى تمهيد فجاء هذا التمهيد يبين حال اليهود ثم يبين حال من استجاب لأمر الله وهو إبراهيم (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا (124)) كلمة إمامًا هنا ثم ذُكر بعدها بناء ابراهيم واسماعيل هذا كله تمهيد لتحويل القبلة. ابراهيم إمام وخلفه يكون المأمومون، إبراهيم يتوجه إلى الكعبة ومعه اسماعيل وهما يبنيان البيت يقولان (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿١٢٧﴾ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴿١٢٨﴾ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١٢٩﴾) وهو نبينا صلى الله عليه وسلم هذا التمهيد جاء بعده تحويل القبلة في القسم الأول من السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]أما القسم الثاني الذي بُدء بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴿١٦٨﴾) فقد اشتمل على أحكام كثيرة، اشتمل على أحكام الصيام وأحكام الحج وشيء من أحكام القتال إلى غير ذلك مما جاء فيه من الشرائع الظاهرة التي شُرعت أو أُكملت في المدينة. وفي نهاية القسم الأول ذُكر الحديث عن التوحيد والشرك كما بُدء به القسم قال الله سبحانه وتعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴿١٦٥﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثالث من السورة قال الله في مطلعه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208)) السلم هنا هو الإسلام ويستشهد بعض الناس بهذه الآية على السلام الدائم العادل الشامل بين البشر وهذا كلام ليس له علاقة بالآية! الآية تتكلم عن الدخول في أحكام الإسلام كله بعد أن ذكر أحكام الصيام وأحكام الحج وشيئاً من أحكام القتال وهذه أمور معروف أنها من الدين قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً) وذكر أحكاماً ربما تكون أصعب على النفوس وأشق في العمل منها أحكام الطلاق، بعض الناس يصلي ويصوم ويحج لكن إذا حصلت بينه وبين زوجه خصومة لم يراقب الله سبحانه وتعالى ويقول هذا شيء بيني وبين زوجتي في البيت! وذكر شيئاً آخر في هذا القسم أيضاً يصعب على الإنسان وهو الدرهم والدينار والتعامل المالي وأكل الربا لأن هذه أيضاً أمور صعبة على النفس فقد تجد الإنسان في أحسن حال فإذا عاملته بالدرهم والدينار وجدته شحيحاً وليس شحيحاً فحسب بل يكذب ويسرق ويغش لأجل أن يحصّل شيئاً من متاع الدنيا (فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ[/FONT] (38) التوبة) فهذا القسم ركز على هذه الأمور مع حثٍّ على الجهاد في سبيل الله.
[FONT=&quot]وجاءت خاتمة السورة بعد المقدمة والأقسام الثلاثة: القسم الأول تمهيد بالتزهيد في حال اليهود والتوجيه إلى القبلة الصحيحة وذكر شيء من الأحكام والقسم الثاني فيه أحكام متعددة تفصيلية والقسم الثالث فيه أحكام قد تكون أدق وأصعب على النفوس فبدأت بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً) بخلاف اليهود الذين ذُكروا في القسم الأول وقال الله لهم (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ (85)) أما نحن فلا نصنع صنيعهم.[/FONT]
[FONT=&quot]آخر السورة جاء بعد أن خُتِم القسم الثالث الذي بدأ بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً) خُتم بقوله تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٨٤﴾) يقول أبو هريرة رضي الله عنه كما في صحيح مسلم لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) - عندما كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويبلّغها لا ينظر على أنها نشرة أخبار أو شيء بعيد أو شيء نحن غير مطالبين به وإنما قرار من ملك الملوك سبحانه وتعالى - قال (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يقول أبو هريرة رضي الله عنه: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - شعروا أن المسألة شديدة - فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بركوا على الركب - لشدة شعورهم بعظم المسؤولية بهذه الآيات - فقالوا أي رسول الله (هذا نداء يعني يا رسول الله) كُلّفنا من الأعمال ما نطيق، (قبل هذه الآية كانت تأتينا تكاليف نقدر عليها) الصلاة والصيام والجهاد - الصلاة فيها مشقة والصيام قد يكون عند بعض الناس فيه مشقة والجهاد لا شك أنه اشق – قال: والصدقة – وأيضاً هذه فيها مشقة على النفوس - وقد أُنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم –لاحظوا مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تدل على أن الآيات التي ذكرت في السورة عن اليهود لم تذكر كي نشمت بهم أو كي نقول حسبي الله فيخم فقط ولكن كي نحذر من سلوك طريقهم – قال صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. قال أبو هريرة: فلما اقترأها القوم – أي قرأوها كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم - ذلّت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾) قالوها ثم نزلت الآية مصدقة لما قالوه فقد قالوه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) قال: فلما فعلوا ذلك نسخها الله تعالى فأنزل الله (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قال الله: نعم – يعني استجاب هذه الدعوة - (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قال الله: نعم (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) قال الله: نعم، (وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٨٦﴾) قال الله: نعم. وفي رواية لهذه القصة ولكن عن ابن عباس رضي الله عنه أنها لما نزلت دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم يعني وصلت قلوبهم إلى حالة لم تصل إليها من قبل، هذا ظاهر العبارة، ولما قرأها ابن عمر بكى رضي الله عنه فذهب مجاهد وهو من تلاميد ابن عباس إلى ابن عباس فقال ان ابن عمر قرأ هذه الآية فبكى فحكى له ابن عباس قصة هذه الآيات التي ختمت بها هذه السورة العظيمة المملوءة بالأحكام وكأنها رجاء من المؤمنين يرددونه مستعينين بالله.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة آل عمران[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 3 ظ„ظ„ط´ظٹط® / ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]سورة آل عمران هذا السورة العظيمة ينبغي الحرص عليها لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على ذلك فقد ثبت في صحيح مسلم وهذا من فضائل هذه السورة حثّ على قرآءتها. في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم اقْرَؤوا القرآنَ . فإنه يأتي يومَ القيامةِ شفيعًا لأصحابه (هذا حثّ على قرآءة القرآن كله) اقرَؤوا الزَّهرَاوَين (مفرده الزهراء والزهراء يعني المنيرة): البقرةَ وسورةَ آلِ عمرانَ فإنهما تأتِيان يومَ القيامةِ كأنهما غَمامتانِ أو كأنهما غَيايتانِ (كأنهما سحاب تغطي) أو كأنهما فِرْقانِ من طيرٍ صوافَّ تُحاجّان عن أصحابهما (تدافع عن أصحابهما، البقرة وآل عمران). وما من سورة في القرآن تقريباً إلا وتجد لها في كتب التفسير فضلاً لكن أكثر هذه الفضائل موضوعة مكذوبة أو ضعيفة ونحن نكتفي بالأحاديث الصحيحة ولذلك لا يوجد بحسب اطلاعي فضل خاص لسورة آل عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما فضائلها مقرونة مع البقرة (اقرَؤوا الزَّهرَاوَين) هذا فضل لها مع البقرة. من فضائلها مع البقرة ما ثبت عن أنس رضي الله عنه كما في مسند الإمام أحمد أنه قال: وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران يُعدّ فينا عظيماً. والتعظيمات تختلف بحسب البيئات بين البشر ففي بعض البيئات الذي يحصل على مليون أو يكون عنده أراضي وفي بعض البيئات الأخرى الذي يكون عنده شهادات وتختلف تعظيمات البشر للبشر لكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران يعد فيهم عظيماً. وقرأ هنا ليست بمعنى القرآءة لأن الصحابة كما أخبر أبو عبد الرحمن السُلمي وهو من أشهر التابعين الذين تلقوا القرآن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، الصحابة تلقوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم تلقاه من جبريل والتابعون كُثُر من أشهرهم في أخذ القرآن من الصحابة وتعليمه لمن بعده أبو عبد الرحمن السُلمي. وأبو عبد الرحمن يقول أخبرنا الذين علمونا القرآن أن الرجل كان لا يتاوز عشر آيات حتى يتعلم ما فيهن من العلم والعمل. ما كانوا فقط يقرأونه قرآءة وإنما يتعلمون ما فيه من علم وعم ومرّ معنا أن ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه كان قد تعلم البقرة في أربع سنوات. فكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران يعدّ فيهم عظيماً وهذا يدل على فضل هذه السورة. ومما جاء في فضلها وهو ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما عن أحد كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في تعلم القرآن بالذات وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. يقول عبد الله بن مسعود: من قرأ آل عمران فهو غني. وليس المقصود بالغنى غنى المال. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الغنى عن كثرة العَرَض (أي أن الإنسان عنده أموال كثيرة) وإنما الغنى غنى النفس. والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، من الظلمات التي كان يعيش فيها الناس قبل النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يعتقدون أن الغنى عن كثرة العَرَض فالنبي صلى الله عليه وسلم يأتي ليصحح لهم حتى يتنور الإنسان ويعرف الحقيقة "ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس" لذلك قد تجد رجلاً عنده مال كثير لكنه يطمع فيما عند غيره ويظلم غيره ويتقاتل مع أخيه من أجل ميراث لأنه ما عنده غنى النفس ولا يمنع أن يكون عنده مال كثير وعنده غنى النفس لكن العبرة في غنى النفس. وابن مسعود يقول: من قرأ آل عمران فهو غني. يحاول الإنسان وهو يقرأ هذه السورة أن يبحث عن ما يزيده من غنى النفس والآيات في هذه السورة التي تتعلق بغنى النفس كثيرة منها قوله تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)) الذي يؤمن بهذه يرزق غنى النفس. ومما جاء فيها أيضاً مما يتعلق بهذا المعنى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)) هذا خير من الدنيا، وهذا المعنى في السورة يتكرر كثيراً.[/FONT]
[FONT=&quot]النقطة الثانية التي نتكلم فيها هي أن هذه السورة نزلت لسبب، سورة البقرة استمرت عشر سنين تنزل من أول سُكنى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة إلى آخر آية نزلت (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ (281) البقرة)، سورة آل عمران تعلقت بحدثين من أحداث السيرة النبوية غزوة أُحد وقدوم وفد نصارى نجران على النبي صلى الله عليه وسلم. غزوة أحد معروفة لكل المسلمين وأهل المدينة ألصق بها لأن الجبل أمامهم يذكّرهم بهذه الحادثة العظيمة التي كانت في السنة الثالثة للهجرة في شهر شوال وكان النصر في بداية المعركة للمسلمين ثم حدث ما حدث يقول الله سبحانه وتعالى (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ (152)) هذا في وصف معركة أُحد (مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ) ما العلاج؟ العلاج في سورة آل عمران، من قرأ سورة آل عمران فهو غني يقل عنده إرادة الدنيا وتزيد عنده إرادة الآخرة فيحصل النصر للمؤمنين. لأن كثيراً من السور نزلت بعد المعارك تربية للمسلمين بعد المعركة: غزوة بدر غزوة انتصار نزلت بعدها سورة الأنفال، غزوة أحد حدث فيها ما حدث فنزل جزء كبير من سورة آل عمران وهكذا تأتي المعارك وتأتي معها السور تربي الصحابة بحسب ما حصل في تلك المعركة فجاءت هذه السورة تزهّد في الدنيا وقد حدث في المعركة ما حدث حين نزل بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجبل لأجل الغنائم. غزوة أحد فيها درس كبير للمؤمنين ولذلك طال الحديث في سورة آل عمران عن هذه المعركة وعن مقارنتها بغزوة بدر والمسلمون كانوا في بدر أذلة لكن الله نصرهم سبحانه وتعالى وفي غزوة أُحد حصلت أخطاء سببت ما حدث فجاءت هذه السورة تعالج في القسم الثاني منها لأن السورة طويلة. [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول يتكلم كثيراً عن أهل الكتاب ويتكلم خصوصاً عن العقيدة الصحيحة في عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لأن نصارى نجران وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم اليهود كانوا يسكنون في المدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم أو حولها لكن النصارى عند العرب بعضهم كان يسكن في نجران فجاؤوا للنقاش مع النبي صلى الله عليه وسلم فمطلع السورة تقريباً إلى نصفها يتكلم معهم وعنهم وعن أمور تتعلق بدعوة أهل الكتاب ولذلك لا يخلو الحديث مع اليهود. غزوة أحد كانت بعد غزوة بدر وهذا معروف والعام الذي وفد فيه العرب من أنحاء شتى على النبي صلى الله عليه وسلم متأخر عن غزوة أحد كثيراً ولذلك رجح بعض العلماء أن قصة وفد نصارى نجران كانت مبكرة في غير عام الوفود يعني الوفود جاءت في وقت وجاء وفد نصارى نجران مبكراً بين غزوة بدر وبين غزوة أُحد وكان مما حدث بعد غزوة بدر أن المسلمين فرحوا بهذا النصر ولا شك وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه بسند حسّنه بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر جاء إلى اليهود إلى بني قينقاع وتكلم معهم وقال قد رأيتم ما صنع الله بقريش فآمنوا خيراً لكم أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال اليهود أخزاهم الله: إنك قاتلت قوماً لا يعرفون القتال ولو قاتلتنا لرأيت كيف يكون القتال فنزل قول الله سبحانه وتعالى في أول هذه السورة (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ (13)) (فئتين التقتا) في غزوة بدر، هذه الآيات في النصف الأول من السورة تتكلم عن النصارى وعن عقيدة الحق في عيسى عليه السلام وأنه ليس ولداً لله سبحان الله وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً وأنه عبد ضعيف وإن كان نبياً مرسلاً إلا أنه محتاج إلى الله. والقسم الثاني يتحدث عن غزوة أحد وما حديث فيها وكيف ينبغي أن ينظر المسلمون لما حدث وكيف يحللون الأحداث وهذا يتكرر في كل عصر، كلما وجدت هزيمة للمسلمين فاقرأ سورة آل عمران لتعرف ما السبب الحقيقي لهزيمة المسلمين. فالله سبحانه وتعالى في هذه الغزوة لم يعزو سبب الهزيمة إلى قوة الكفار ومكرهم وإنما (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ (165)) إلى غير ذلك مما جاء في السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]السورة بدأت كما بدأ سورة البقرة بقوله تعالى (الم (1) اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)) هذا الاسم الحيّ والاسم الذي قُرن به القيوم جاء في مطلع السورة كما يرى ليثبت العقيدة الصحيحة ويرد على العقيدة الباطلة التي عند النصارى وقلنا أن القسم الأول في السورة يتكلم عن النصارى بكثير من آياته، فلماذا ذكر الحي القيوم؟ الحيّ القيّوم من فهم معناها أيقن أنه لا يمكن أن يكون له ولد سبحانه وتعالى، لماذا؟ لأنك كل موجود من الكائنات الحيّة عنده حياة لكنها حياة ناقصة، حياة يعتريها الضعف، تمرض مرضاً شديداً فلا تعود قادراً على التصرف بأمور كانت سهلة عليك، ينام الإنسان وهنا تضعف حياته كثيرا (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا (42) الزمر) من يدافع عنه وهو نائم؟! لولا أن الله رزقه بيتاً بباب يُغلق عليه من يدافع عنه؟ فالحيّ الحياة الكاملة هو الله، عيسى وكل مخلوق حياته ناقصة والحياة زائلة قال الله تعالى في السورة (كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ (158)) إذن الحيّ هو الله. والاسم الثاني وهو أوضح في قضية نفي الولد اسم القيّوم لأن القيوم قد يغيب عن كثير من المسلمين معناه، القيوم معناه الذي قام مستغنياً عن كل شيء، عندما أتكلم أتكلم بمدد من الله لا بقوتي المستقلة، إذن أنا لست قائماً بنفسي وأنا أتكلم! وأنت تسمع بأذنك تسمع بعون الله ومدد الله إذن أذني ليست قائمة بنفسي وقد تضعف أذني وقد يضعف لساني، وتضعف عيني والبصر يضعف فالذي يقوم دون حاجة إلى اي شيء هو الله. كل شيء حتى الشمس التي تدور لا تدور وحدها بقيومية خاصة بها كل شيء يقوم بالله فالقيوم هو القائم بنفسه مستغنياً عن كل شيء ثم له معنى آخر وهو الذي لا يقوم شيء إلا به أنت قائم بغيرك ثم غيرك قد يقوم بك نسبياً تساعد ولدك، تساعد أخاك، تسند إنساناً لكن من الذي يقوم به كل شيء؟ السموات والأرض من الذي يمسكها؟ الله قال في سورة فاطر (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41) فاطر) تطور البشر وظنوا بتطورهم أنهم صاروا أقوياء وأعزّاء لكن هل يمكنهم أن يمسكوا السموات والأرض؟ هل يمكنهم أن يغيّروا في الليل والنهار نصف دقيقة؟ لا يمكن. الحي القيوم هو الله وإذا كان قائماً مستغنياً عن كل شيء فهل يحتاج إلى ولد؟! سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً فجاء هذان الإسمان في مطلع السورة رداً على النصارة الذي نسبوا الولد إلى الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة يمكن أن نتكلم على أقسامها كما ذكرنا في سورة البقرة أنها خمسة أقسام مقدمة وخاتمة وثلاثة أقسام، سورة آل عمران قسمها بعض العلماء إلى خمسة أقسام:[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول خلاصته في قوله تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ (19)) وهذا مهم في هذا السياق لأن النصارى كانوا يدّعون أن إبراهيم كان نصرانياً واليهود كانوا يدّعون أن إبراهيم كان يهودياً وجاءت الآيات ترد عليهم في القسم الثالث من السورة ومن لطف الله ومن حكمته أنه لا يبدأ الموضوع مباشرة فأحياناً تتكلم مع شخص وتدخل معه في صلب الموضوع مباشرة فلا يفهمك ولا يستوعبد ويرفض لكن الحكيم الخبير سبحانه وتعالى الذي خلق العباد لو قال لكل العباد افعلوا ولا تفعلوا وانتهى الموضوع فإنه لا يُسأل عما يفعل لكنه الحكيم سبحانه وتعالى. السورة فيها تمهيد جاء بيان عزة الله وحكمته وحياته وقيوميته (الم ﴿١﴾ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴿٢﴾ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴿٣﴾ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٤﴾ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ﴿٥﴾ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٦﴾) هذه الأسماء الأربعة: الحيّ، القيوم، العزيز، الحكيم قام عليها القسم الأول فلأنه الحيّ القيوم فهو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى ولأنه العزيز سيعزّ الطائعين وسيذلّ العاصين (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12)) لأنه العزيز سبحانه وتعالى وهو الحكيم في كل تدبيره لخلقه.[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثاني من السورة جاء الحديث عن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وأيضاً جاء بتمهيد فقال (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)) الأصح أن آل عمران هم عمران (موسى عليه السلام أبوه اسمه عمران) وعمران المذكور هنا قال الله فيه (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٣٥﴾) هذه أم مريم، مريم وأمها وعيسى في زمن بعد موسى فقالوا إذن تكرر اسم عمران وهناك أكثر من شخص اسمه عمران لكن المقصود هنا عمران والد مريم. قال الله (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)) وسيقت القصة في سورة آل عمران مفصلة تبين أن عيسى كل ما ظهر على يديه من إبراء للأكمه والأبرص وإحياء للموتى كان بإذن الله سبحانه وتعالى وأنه كما قال في نفس القصة (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿٥٩﴾ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿٦٠﴾ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴿٦١﴾) فجاءت الدعوة بعد القصة لأهل الكتاب للاعتراف بأن الواحد الأحد هو الله سبحانه وتعالى ليس له ولد وأن إبراهيم ما كان يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وكان من المشركين.[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثالث من السورة جاءت الدعوة واضحة لأهل الكتاب (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) الحوار مطلوب جداً مع الكفار ومه أهل الكتاب بالذات لكن ندعوهم إلى ماذا؟ (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴿٦٤﴾) هذا القسم طال وكانت فيه الدعوة لأهل الكتاب إلى الحق وبيان أن إبراهيم كان على ملة التوحيد.[/FONT]
[FONT=&quot]أما القسم الرابع والخامس فقد تكلم عن العلاقة مع اليهود ومع النصارى ابتداء ثم القسم الذي بعده العلاقة مع الكفار وهذا كان مهماً في هذه المرحلة، المسلمون انتصروا في بدر وحصل ما حصل في أُحد وكان من أسباب الهزيمة في أحد أن بعض المنافقين كانوا مع المسلمين ثم ارتدوا قبل المعركة، عبد الله بن أبيّ راس النفاق ومن معه ولذلك جاء التحذير في هذه السورة كثيراً من وجود خلل في الصف أو مولاة للكفار وهذه مشكلة خطيرة لأنه إذا كان بعضل الكفار يطلعون على أسرار الدولة الإسلامية فكيف لها أن تنتصر؟! قال الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)) وقال في نفس السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ) لا يكن هناك أحد قريب منك مطّلع على سرّك إن كان من غير المسلمين (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا) لا يقصّرون في الفساد يصل إليكم (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) تخرج فلتات من أفواههم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿١١٨﴾ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١١٩﴾ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴿١٢٠﴾). بعد هذه الآيات جاء ذكر بدر وأُحد وأن المسلمين انتصروا في بدر رغم مع عدم وجود الكفار يساعدونهم لم يستعينوا باليهود وفي المقابل ذكر ما حدث في أحد مما حدث ومما كان من خروج بعض من الجيش وهذا يسبب زعزعة في الجيش فضلاً عن أن اطلاع الأعداء الكفار على الأسرار لا شك أنه سبب في الهزيمة كبير.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي القسم الأخير من السورة يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ (149)) ما الفرق بين هذه الآية والقسم الذي قبله؟ الذي قبله يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)) وهنا يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ) فهنا النهي أعمّ، أهل الكتاب قد يتساهل معهم الإنسان لأنهم أهون من الكفار لكن الله نهى عن ذلك وكذلك نهى عن طاعة الكفار من باب أولى، إذا كان أهل الكتاب لا يطاعون فالكفار من غيرهم لا شك أنهم أبعد عن أن يطاعوا وعن أن يُتخذوا بطانة وأن يوالوا فكل هذا يسبب هزيمة ولا شك. نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة النساء[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµطظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 4 ظ„ظ„ط´ظٹط® / ظ…طظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube
[FONT=&quot]مع سورة النساء وأوصي نفسي وإخواني بتعلم السورة وحفظها إذا أمكن فإنها من السور العظام ومن السبع الطوال التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: من أخذ السبع الأول فهو حَبْر (أي عالِم) والسبع الأول ست منها متفق عليه وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والسابعة مختلف فيها والذي رجّحه بعض الباحثين أن السورة السابعة هي سورة يونس لأن الصحابة كانوا يسمونها "السابعة"، سورة يونس كانت تسمى في عهد الصحابة السابعة، يدل على أنها سابعة السبع الطوال. هذه السورة من أخذها مع السور الأخرى فهو حِبْر. وابن مسعود رضي الله عنه له كلمة في هذه السورة وله موقف أيضاً في هذه السورة. أما الموقف فهو ما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ عليه القرآن قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " اقرأْ عليَّ القرآنَ " قال فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ! أقرأُ عليك، وعليك أُنْزِلَ ؟ قال " إني أشتهي أن أسمعَه من غيري " فقرأتُ النساءَ حتى إذا بلغتُ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [ 4 / النساء / الآية - 41 ] رفعتُ رأسي أو غمَزَني رجلٌ إلى جنبي فرفعتُ رأسي فرأيتُ دموعَه تسيلُ. وفي روايةٍ : قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، وهو على المنبرِ ، " اقرأ عليَّ[/FONT][FONT=&quot] " .[/FONT][FONT=&quot]الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 800 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.[/FONT]
[FONT=&quot]هذا الموقف، وأما المقولة فإنه يقول رضي الله عنه من قرأ آل عمران فهو غنيّ والنساء مُحبَّرة (أي متقنة) وبعض الناس يقول النساء مَحْبَرة (من الحبور) والحبور في اللغة هو السرور يعني مصدر للسرور إما أن تكون مُتقنة أو مصدر للسرور وكلا المعنيين يظهر في السورة والله أعلم وإن كان يحتاج مزيد تأمل لكن الإتقان في الأحكام في هذه السورة عظيم وهي تبعث على السرور لأنها تُظهر من كمال الدين ما يجعلك تفرح به جداً. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة أظن أن أيّ كافر من المتعلمين والمثقفين لو قرأ معاني هذه السورة ولو قرأها بالعربية لكان خيراً لو قرأ ترجمة معانيها بأيّ لغة فإنه لا يشك أن هذا القرآن ليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في آخر السورة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴿١٧٤﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة العظيمة بدأت بالنداء وهذه أول سورة تبدأ بالنداء والنداء من الله لا ينبغي أن نمرّ عليه سريعاً، الله ينادي وأنت أحد المنادَيْن في غالب الآيات إلا في بعض الآيات الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأحياناً ينادى النبي صلى الله عليه وسلم وتدخل أمته معه في الحكم وأحياناً يكون الحكم خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم لكن أكثر النداءات (يا أيها الناس) ندخل فيه، (يا أيها الذين آمنوا) نسأل الله أن يثبتنا على الإيمان، فهذه السورة بدأت بالنداء. أنت عندما تتكلم ولله المثل الأعلى مع إنسان فإنك تتكلم معه بدون نداء إلا إذا شعرت أنه شارد أو منصرف أو أردت أن تنبهه أن الأمر مهم. كل هذا محتمل فالإنسان قد يكون غافلاً فيحتاج إلى النداء وقد يكون منشغلاً بأمر آخر فيحتاج إلى النداء وقد يكون غير مستحضر لعظمة الأمر فيحتاج إلى النداء فربّ الأرض والسماء في مطلع هذه السورة بالآية التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة التي تقال في خطبة الجمعة وفي غيرها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) فبدأت بالنداء وتكررت فيها النداءات كثيراً.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة مثل السور التي قبلها باستثناء الفاتحة نزلت في المدينة ونزلت في مدة طويلة بخلاف سورة آل عمران وقد مر معنا أن سورة آل عمران تتعلق بحدثين: بغزوة أحد وقدوم وفد نصارى نجران على المصطفى العدنان صلى الله عليه وسلم أما سورة النساء فتتعلق بأحداث متفرقة مما يدل على أنها ظلت تنزل فترة طويلة مثل البقرة ظلت تنزل عشر سنوات، هذه السورة أقل لكنها ظلت تنزل على فترات تربي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهنيئاً لهم تلك الآيات التي نزلت على قلوبهم كما ينزل الماء البارد على من أصابه الظمأ.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النساء امتدّ نزولها واشتملت على أحكام كثيرة وإذا مررنا على موضوعات هذه السورة ولاحظنا فيها النداءات التي تتكرر. بدأت بنداء (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وختمت بـ(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وبينهما نداءات كثيرة، هذه النداءات تعين على التركيز في معاني السورة وتنبه أن موضوعاً انتهى وموضوعاً استؤنف وهذه السورة باعتبار أنها في المدينة الذي يكثر فيها هو الأحكام الشرعية ومن اسمها نتنتبه أن النساء سيُذكرن في السورة كثيراً ويُذكر معهن اليتامى لأنهم يشتركون معهن في الضعف ويذكر معهم صغار السن والضعفة فهؤلاء تتعلق بهم كثير من آيات السورة التي تمتلئ برحمة الله سبحانه وتعالى. هذه الأحكام تأخذ جزءاً كبيراً من السورة ومعها أحكام أخرى تتعلق بالقتال لكن دائماً إذا انتهى نداء وقبل أن يأتي النداء الآخر تأتي موعظة من الله سبحانه وتعالى يأتي حديث عن التوبة كقوله سبحانه وتعالى بعد النداء الأول وقبل النداء الثاني يقول سبحانه وتعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)) (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ) ما معنى بجهالة؟ قالوا: كل من عصى الله فهو جاهل وليس المقصود أنه لا يعرف الحكم الشرعي لكن عندما أكذب أو أغشّ أو أنظر نظرة محرّمة أو أغتاب إنساناً أنا جاهل بحقيقة من أعصيه، جاهل بحقيقة المصير وإن كنت أعرف الحكم لكن هذا نوع من الجهل المؤقت هذا الجهل قد تعقبه يقظة من رحمة الله بالعبد (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ) ما هي المدة؟ قالوا كل ما دون بلوغ الروح الحلقوم فهو قريب، الأيام تمر سريعاً جداً فكل ما دون الموت قريب فمن تاب قبل أن تبلغ ه الحلقوم وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فقد تاب من قريب وإنما لو الإنسان نظر إلى ظهر الأرض السوء بجهالة يحس أنه لا بد أن يكون جاهلاً ومن قريب يعني يوم يومين ثلاثة لكن الله سبحانه وتعالى كريم سبحانه وتعالى. ثم قال (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) هذه توضح الآية التي قبلها، وصل للمرحلة التي لا تنفعه فيها التوبة نسأل الله السلامة. ما علاقة هذه الآيات عن التوبة بآيات الأحكام؟ قبلها آيات أحكام وبعدها آيات أحكام، قبلها آيات مواريث وأحكام في الزنا والعياذ بالله ونحوه وبعدها آيات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا (19)) لماذا آيات التوبة هنا؟ وتتكرر بعد ذلك أيضاً بعد نداء آخر يقول الله سبحانه وتعالى (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)) وبعد النداء الثالث يقول الله سبحانه وتعالى (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا (41)) قال قبلها (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)) هذه ليست أحكام شرعية وإنما في مراقبة الله والحساب (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا (42)). وبعد النداء الذي بعده يقول الله سبحانه وتعالى (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا (28)) ثم يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (29)). قد أكون قدّمت في بعض الآيات وأخّرت لكن القصد أنه كلما جاء نداء وقبل النداء الآخر تأتي موعظة وكلام في الإيمان ومراقبة الله في العقاب والحساب وفي الجنة والنار لأن القلب لا يستطيع أن يمتثل أحكام الله إلا بهذه الموعظة، لا يكفي حتى تمتثل أن تعرف الحكم قد تعرف الحكم لكنك لا تميّز يحتاج إلى إيقاظ، يحتاج إلى تذكير، يحتاج إلى تنبيه ويحتاج إلى التذكير بالله أولاً وهذا يستمر في كل الآيات غالباً إذا سمعت آية من آيات الأحكام تجد في نهايتها (إن الله كان بكل شيء عليما) (والله على كل شيء شهيد) ونحو ذلك حتى ترتبط بالله ثم تأتي الموعظة لترقق القلوب وتعين على امتثال أمر الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]يقسم بعض العلماء هذه السورة إلى قسمين:[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول فيه نداءات ثمان[/FONT][FONT=&quot]، لن نذكرها لكن تتوسطها آية تشمل هذه النداءات كلها يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)) وهذه الآية سبقتها أربع نداءات كلها لها علاقة بمسألة الأمانة ومنها آيات المواريث لأن إعطاء كل من كتب الله له حظاً وحقاً في الميراث وإن كان هذا لا يعجباً بعض الناس، كيف أعطي امرأة أو كيف أعطي ضعيفاً أو يتيماً أو من لا يقدر أن يساعدنا بشيء؟! وهذا كلام نسمعه كثيراً فكيف يحرمإنسان امرأة من حقها؟ أو يحرم أيّ مخلوق من حق أوجبه الله له في كتابه، هذه مسألة عظيمة. (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) جاءت قبلها أحكام شرعية تتعلق بإعطاء كل ذي حق حقه. قال الله (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) فما بعد هذه الآية نداءات متساوية في العدد مع التي قبلها، قبلها أربع نداءات وبعدها أربع نداءات تتكلم عن الحكم بين الناس بالعدل وأول ذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ (59)) ومنه الاحتكام إلى كتاب الله وإلى النبي صلى الله عليه وسلم وجاء فيها (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا (65)) لو أن أفضل القضاة والأذكياء والحكماء اجتمعوا ليحكموا في مسألة من المسائل وخالفوا حكم الله فهؤلاء لم يحكموا بالعدل وإن سموا أنفسهم محكمة العدل الدولية! هذا لا يغير من الحقيقة شيئاً فالعدل إنما هو في دين الله سبحانه وتعالى. ومن إقامة العدل القتال في سبيل الله ولذلك ذُكر هنا وإلا كيف يأخذ المظلوم حقه؟! كلما أتى واحد ذبح الناس قالوا لا يمكننا أن نفعل له شيئاً!! قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75)) تقاتل في سبيل الله وتقاتل في سبيل المستضعفين. فالقتال في سبيل الله هو من إقامة العدل وليس ظلماً، القتال بما شرع الله، الجهاد في سبيل الله ليس ظلماً وإنما هو من إقامة العدل في الأرض ولذلك لا ينبغي فيه تجاوز الحدّ ولذلك جاءت آيات في السورة تبين أن الإنسان (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ (94)) لا تقاتل في سبيل الله كلما رأيت شخصاً ذبحته وأخذت غنيمته! قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ) في الجهاد (فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) رجل يسلّم عليك تقول لست مؤمناً لأنك تريد ما عنده من مال (تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ). [/FONT]
[FONT=&quot]وضمن هذه الايات ذكر حكم القتل الخطأ للمؤمن والقتل العمد للمؤمن وحكمه وهذا كله من إقامة العدل أعني إعطاء القصاص وقتل من قتل نفساً بغير حق إلى غير ذلك من أحكام.[/FONT]
[FONT=&quot]أما القسم الثاني من السورة فجاءت فيه تثبتات للمؤمنين وفضائح للمنافقين ودعوة لأهل الكتاب[/FONT][FONT=&quot]وكأن الآيات السابقة بعد أن بينت دين الله وبينت كماله وبينته عدله وبينت كيف يعطي كل ذي حق حقه احتاج المؤمنون إلى التثبيت وإلى معرفة أحوال المنافقين الذين ذُكوا من قبل في آيات القتال ولكن فُصّل فيهم هنا فقال (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)) وذُكر أهل الكتاب وخُتمت السورة بقوله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ) أسأل الله أن يجعلنا منهم (وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذُكرت آية من أحكام المواريث وقد كانت آيات المواريث قد ذُكرت في أول السورة ثم ذُكرت هنا لتذكّر بعظم هذا الأمر وأهميته وأنه لا ينبغي التساهل فيه وأنه بيان من الله. وانظر إلى المشاكل العائلية الآن في أماكن كثيرة تجد مشاكل كبيرة في عائلة بسبب أنهم من ثلاثين سنة ما وزّعوا الميراث! بينهم خصومة وخلاف وعوائل أخرى بينهم مودة ومحبة وأعرف أناساً أشرفوا على توزيع تركة لبعض المليونيرات الكبار في البلد أناس يبقون عشر سنوات يتضاربون في الميراث وأناس ينتهوا في أيام بتوزيع الله سبحانه وتعالى وهو أرحم الراحمين وهو العليم الحكيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة المائدة[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµطظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 5 ظ„ظ„ط´ظٹط® / ظ…طظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube
[FONT=&quot]مع سورة المائدة وتسمى سورة العقود. بعض السور لها أكثر من اسمها وهذه السورة اسمها المشهور المائدة ومن أسمائها من استنباط بعض العلماء سورة العقود. المائدة لأنها ذكرت قصة المائدة في آخرها والعقود مناسب لافتتاحها فأولها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) وموقع هذه السورة لطيف جداً قلنا أن السور التي تسمى السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة هذه على التوالي سور مدنية ثم الأنعام والأعراف ويونس على الراجح وهذه سور مكية والأحكام تكون عادة في السور المدنية التي نزلت بعد الهجرة فسورة البقرة ذكرت فيها أحكام كثيرة، سورة آل عمران ذكرت فيها أحكام كثيرة والنساء ذكرت فيها أحكام كثيرة وعقود، قال الله في سورة المائدة في أولها بعد أن ذكر كل تلك الأحكام في البقرة وآل عمران والنساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) كأنه يقول: أوفوا بكل ما سبق. لو قرأنا البقرة وآل عمران والنساء سنجد عقوداً كثيرة أُمرنا بها فتأتي سورة المائدة تبدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) فهذا من مناسبة هذه السورة لما قبلها من السور. وهذه السورة إذا قارناها بالسور التي قبلها فهي آخر واحدة نزلت منهن يعني البقرة وآل عمران والنساء نزلت قبل المائدة، المائدة نزلت متأخرة في معظم آياتها متأخرة النزول وهي من آخر سور القرآن نزولاً بل فيها آية عظيمة نزلت في حجة الوداع في يوم عرفة وهي قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (3)) جاء رجل يهودي يتكلم مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول إن في كتابكم آية لو أُنزلت علينا معشر يهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً - اليهود مشهورون بكثرة الاحتفالات ونحن في ديننا عندنا عيدان لكن هذه القصة تدل على معرفة اليهود بقدر هذه الجملة وهي جزء من آية – فقال عمر رضي الله عنه: وما تلك الآية؟ قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) فقال عمر إني لأعلم متى نزلت نزلت يوم الجمعة يوم عرفة والنبي صلى الله عليه وسلم في عرفة في حجة الوداع تبشّر المؤمنين (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا) فهذه الآية متأخرة النزول جداً أكثر من سورة البقرة وسورة آل عمران وغزوة أُحد ونحو ذلك، هذه السورة متأخرة فجاء فيها الإيفاء بالعقود. وكلمة العقود جمع والمفرد عقد يختصرها بعض الناس في أشياء محدودة: عقد البيع، عقد الإيجار، عقد الزواج ولكن العقد في الشرع أوسع من ذلك، أنا وأنت باعتبارنا مسلمين في عقد مع الله سبحانه وتعالى ومجيئك إلى الصلاة وأداؤك للصلاة في وقتها وتطهّرك قبلها والتزامك بشروطها وأركانها وواجباتها تجديد للعقد وتوثيق للعقد مع الله سبحانه وتعالى والذي يفرّط فيها يُضعف من رابطة العقد مع الله سبحانه وتعالى لأن الصلاة صلة بين العبد وبين الله وكذلك بقية العبادات دخول الإنسان في الإسلام يعني شيئاً آخر (صِبْغَةَ اللَّهِ[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ[/FONT] (138) البقرة) قبل أن يدخل الإنسان في الإسلام يكون حاله مختلفاً جداً عمن يدخل في الإسلام وإذا دخل في الإسلام لا يحق له أن يخرج بعد أن دخل كما هو معروف في أحكام الردّة نعوذ بالله من الخذلان. القصد أن الإنسان باعتباره يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله هو في عقد عظيم مع الله فقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) تشمل كل العقود سواء كانت في العقود المالية أو عقود النكاح ونحوها وغيرها كلها داخلة. والله سبحانه وتعالى بدأ هذه السورة بالنداء للمؤمنين وبدأ السورة التي قبلها بالنداء للناس فقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وهنا قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ) وهذه السورة لا يشركها في هذا الافتتاح نداء المؤمنين في بداية السورة إلا في سورتين أخريين وهي سورة الحجرات وسورة الممتحنة وكلها فيها أحكام خاصة بالمؤمنين منها هذه السورة ومنها تلك السور.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة بعضها آيات متأخرة جداً وبعضها آيات متقدمة، يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)) هذه آية تحريم الخمر والخمر حرمت على المشهور في السنة الثالثة للهجرة فهي متقدمة لأن حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة وهذه في السنة الثالثة إذن سنوات وهي تنزل تربي المؤمنين. وفيها آيات نزلت قبل غزوة بدر وغزوة بدر في السنة الثانية للهجرة، إذن هذه السورة طويلة النزول امتد نزولها وأكثرها متأخر لكن منها ما كان متقدماً. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة ليس لها فضل خاص، لكن هي من السبع الطوال ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "أوتيت السبع الطوال مكان التوراة" وهذا عطاء عظيم من الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ابتداء ولمن أخذ بهذا الميراث من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم وتعلم هذه السورة فقد أخذ شيئاً أُعطيه النبي صلى الله عليه وسلم في مقابل التوراة الذي أعطيها موسى عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وأتم تسليم. [/FONT]
[FONT=&quot]أقسام السورة[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام مع خاتمة تربط بين تلك الأقسام أو تلخص ما سبق وتعطي النتيجة النهائية. لأن الله في أول السورة يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) ويقول في خاتمة السورة (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿١١٩﴾) فالذي يوفي بالعهد يوشك أن يسمع هذا الكلام من رب العزة والجلال سبحانه وتعالى (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) فالذين لم يوفوا بالعقود لم يصدقوا والذين أوفوا بالعقود صدقوا فهذه الخاتمة مناسبة.[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول في السورة مملوء بالنداءات[/FONT][FONT=&quot] وهذه السورة فيها نداءات كثيرة مثل سورة النساء فيها نداءات كثيرة وهذه السورة أيضاً يكثر فيها النداء جداً. فالقسم الأول بدأ بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) وجاءت فيه خمس نداءات: [/FONT]
· [FONT=&quot]الأول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) [/FONT]
· [FONT=&quot]والأمر الثاني (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ (2)) رجّح الإمام الطبري أن المراد (لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ) لا تحلوا شيئاً حرّمه الله، مثلاً في مكان من الأماكن في بلد من البلدان يسمح بشرب الخمر وأنها غير ممنوعة وأنه لا يعاقب شارب الخمر هذا من إحلال شعائر الله وهو من مخالفة شعائر الله. بعض العلماء يخصص هذه الاية بأحكام الحج أي لا تغيّر في أحكام الحج وشيخ المفسرين الإمام الطبري يقول الآية عامة تشمل كل إحلال لما حرّم الله أو تحريم لما أحلّ الله، فكما لا يجوز تحليل ما حرّم الله كذلك لا يجوز تحريم ما أحلّ الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر الثالث قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ (6)) وهي آية الوضوء وهي تشبه آية في سورة النساء ذكر فيها الوضوء وذكر فيها التيمم.[/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر الرابع يقول الله سبحانه وتعالى فيه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ (8)) وهنا أمر صعب جداً. قال (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ) أحياناً الإنسان يكون بينه وبين إنسان عداوة أو خصومة فتحمله هذه الخصومة على أن يكذب أو قد لا يكذب ولكن يبالغ قليلاً يضيف بعض الأمور على القصة حتى يصوّر نفسه مظلوماً، قد يكون مظلوماً لكن يزيد من العبارة ما يصوّر الشيء على أكثر من حقيقته. قال الله سبحانه وتعالى (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ) أي لا يحملنكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) أي بغض قوم (عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).[/FONT]
· [FONT=&quot]النداء الخامس والأخير في القسم الأول قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)) [/FONT]
[FONT=&quot]لسنا بصدد تفسير كل الآيات وإنما الغرض المرور على الآيات.[/FONT]
[FONT=&quot]جاءت هذه النداءات ثم جاءت قصص ومواقف لأقوام نكثوا بالعهود ولم يوفوا بالعقود حتى نأخذ منهم العبرة. [/FONT]
[FONT=&quot]فذكر الله اليهود قال (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (12) فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)) الله سبحانه وتعالى يمزج في الآيات وتأتي الأمور متشابكة بحيث الذي لا يتأمل ولا يتدبر لا يستفيد. الله ذكر هنا أناساً لم يوفوا بالعهد لكن بيّن العاقبة قال (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) فالإنسان إذا لم يوفي بالعقد مع الله يكون جزاؤه اللعن وقسوة القلب فإذا اشتكى الإنسان من قسوة القلب عليه أن يراجع حساباته هل هو موفي بالعقد مع الله ومع الناس؟ البعض يستأجر مثلاً ولا يراعي صاحب البيت فيصنع فيه ما يشاء بما يخالف العقد ولا يستأذن والله سبحانه وتعالى يقول (أوفوا بالعقود) كذلك إذا أردت أن تبيع شيئاً فيه عيب لا بد أن تبينه، فهذه الأمور والمخالفة فيها تقسي قلب الإنسان (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر النصارى أيضاً (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (14)) خالفوا أيضاً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر قصة لبني إسرائيل مع موسى وفيها مخالفة أيضاً وهي قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20)) فضل كبير على بين إسرائيل، ما المطلوب منهم؟ قال (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)) هنا اختبار للوفائ بالعقد فبدأ سوء أدبهم من أول قولهم (قَالُوا يَا مُوسَى) هو نبيهم والمفترض أن يخاطبوه بالتعظيم فيقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله، يا كليم الله، لكنهم قالوا (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23)) كان هناك رجلان عندهم خوف من الله وهذه إشارة أن الذي يوفي بالعقد يخاف من الله أما هؤلاء فقالوا (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ). (قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ) يخافون الله كما رجّح الإمام الطبري (أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا) بأن الخشية موجودة في قلوبهما (ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ) كما أمركم الله (فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) فما تكلموا مع هؤلاء بحسب الظاهر من الآية وإنما خاطبوا موسى بكلام غير مؤدب (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)) كلمة قبيحة جداً!! وهذه القصص إنما تُذكر ليأخذ المؤمنون منها العبرة وقد أخذوها ففي غزوة بدر استشار النبي صلى الله عليه وسلم أحابه فيما يصنع فقال المقداد رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: لا نقول كما قال قوم موسى اِذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون وإنما نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك. يقول الراوي فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسُرّ بهذا القول. وفي رواية لنفس القصة في سيرة ابن اسحق قال المقداد: يا رسول الله امضِ بما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغمام (وهي منطقة في اليمن) لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه (بمعنى أننا نمشي معك حيث تذهب). والشاهد في هذا أن الصحابة أخذوا العبرة لما سمعوا القصة صارت حاضرة في أذهانهم، هي لم تنزل عليهم وقت المعركة لكن من تدبرهم لها عرفوا أنهم مقصودون بها وأنهم مطالبون أن لا يسيروا سير أولئك القوم حتى لا يصلوا إلى مصيرهم والعياذ بالله. [/FONT]
[FONT=&quot]والشاهد الآخر في القصة أن هذه الآيات نزلت قبل غزوة بدر، ذكرنا أن بعض آيات السورة نزل متأخراً جداً لكن هذه الآيات نزلت مبكراً لأن الصحابي استشهد به في غزوة بدر مما يدل على أن هذه الآيات نزلت مبكراً.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله قصة ابني آدم اللذين قتل أحدهما الآخر كما هو معروف (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم خُتم هذا القسم بآية عظيمة يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)) بعد أن ذكر حال أولئك مع الجهاد ذكر هنا (وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثاني من السورة كان هناك تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] لأن القسم الأول يُشعر أن بعض الناس سيوفي بالعقد وبعض الناس لن يوفي بالعقد قال الله سبحانه وتعالى في بداية هذا القسم مخاطباً خير خلقه صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ) هم في الظاهر سيوفون بالعقود (وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) والعِبرة بالقلب لا باللسان (وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41)) ذكرت الآيات من صفاتهم ما ينبغي أن يحذر منه كل من أراد أن يوفي بعقد الله سبحانه وتعالى ولا يرتكس ارتكاسهم.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي هذا القسم جاءت حقائق[/FONT]
[FONT=&quot]أولها: وجوب الاحتكام لشرع الله قال فيها سبحانه وتعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ (49)) وقال فيها (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ (48)) الأمم السابقة كانوا مطالبين بكتبهم، مطالبين بتحكيم التوراة وبتحكيم الإنجيل وجاء في الآيات (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)) وهؤلاء لم يوفوا بالعقد. وفيها (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)) وفيها (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)) ثم بيّن الله أن هذا الكتاب الذي أُنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم حاكم على كل الكتب السابقة قال (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48)) مهيمناً عليه يعني شاهداً عليه، التوراة الآن موجودة بعضها صحيح وبعضها محرّف فإذا أردت أن تعرف إن كان الذي في التوراة صحيحاً أو كاذباً فالحل أن تحكم بالقرآن على كل ما في الكتب السابقة لأنه جاء مهيمناً على كل ما في الكتب السابقة لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين.[/FONT]
[FONT=&quot]بيّن الله أيضاً في هذا القسم صفات الذين يوفون بالعقد قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ) فلا يوفي بالعقد (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)) [/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الأخير من السورة أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة[/FONT][FONT=&quot] وخصص أهل الكتاب بالدعوة قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) وقال (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)) [/FONT]
[FONT=&quot]وفي هذا القسم جاءت أحكام كثيرة مخاطباً بها المؤمنون[/FONT][FONT=&quot] قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)) إلى آخر ما ذكر من آيات وكان منها قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101))[/FONT]
[FONT=&quot]وفي خاتمة السورة[/FONT][FONT=&quot] كما قلنا أن السورة تأمر بالوفاء بالعقود وتبين حال من أوفوا وحال من لم يوفوا، صفات هؤلاء وصفات أولئك وتأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الدعوة كلها وتبليغ الدين كله وعدم كتمان شيء وحاشاه صلى الله عليه وسلم ثم تأتي الخاتمة ترتجف لها القلوب يقول الله سبحانه وتعالى في أولها (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)) الرسل أرسلوا وذكرت رسالتهم في هذه السورة وأمروا أقوامهم بالوفاء بالعقود وهنا يجمع الله الرسل لأنهم سيشهدون على أممهم قال (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) تأمل في قول الرسل الذي يجل على التسليم الشديد لله والخوف منه، الرسل يقولون لا علم لنا، بعض العلماء يقولون هذه في وقت من يوم القيامة يذهل فيه الناس لا يستطيعون الإجابة من شدة الخوف والرهبة وبعضهم قالوا (لا علم لنا) يعني لا علم لنا إلا بشيء أنت أعلم به منا فالرسل وإن شهدوا فإن شهادتهم ليست مثل علم الله وإحاطته بوفاء الناس بالعقود ونكثهم لها (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله مواقف في كلام الله مع نبيه عيسى وقد كثر ذكر النصارى في هذه السورة وجاء هنا الخطاب مع عيسى ومنه قوله (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116)).[/FONT]
[FONT=&quot]وجاء في آخر السورة ما هو ختام لها وهو ختام لمسألة الوفاء بالعقود وهو تذكير للمؤمنين بعاقبة من يصدق ويوفي وتحذير لغيرهم [/FONT][FONT=&quot](قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ (119)) نسأل الله أن يجعلنا من الصادقين وأن ينفعنا بصدقنا عند رب العالمين (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)) ومثل هذه الآية إذا فكر فيها الإنسان وقد صعُب عليه الوفاء بشيء من شرع الله سهُل عليه الأمر لأنه عرف الموعد، الموعد عند الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى (لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ) وإذا كان كذلك فلماذا يعترض الإنسان على أحكام الله؟ لماذا لا يتوقف عن إعطاء كل ذي حق حقه؟ لماذا يتوقف عن أيّ حكم من أحكام الله؟ (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120)) فهو قادر علينا ونحن نعمل في دار الامتحان هنا وهو قادر علينا يوم نلقاه هناك نسأل الله أن يعل لقاءنا لقاء تشريف وكرامة.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الأنعام[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 6 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot](الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (1)) هذا مطلع سورة الأنعام. (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) هذه الآية نفهم منها مقصود السورة وهدفها وهذه السورة نزلت في مكة، كل السور التي قبلها من الطوال بخلاف الفاتحة نزلت في مكة على المرجّح وبقية السور كلها مدنية وهذه أول سورة مكية. ومعنى أنها مكية أي نزلت قبل الهجرة وليس المقصود أنها نزلت في مكة. (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا (3) المائدة) هذه الآية نزلت في حجة الوداع في عرفة ويعتبرها العلماء مدنية لأن مدنية لا يقصد بها مكان النزول وإنما يُقصد على المرجّح ما كان بعد الهجرة وبعد الهجرة، فما كان قبل الهجرة مكي وما كان بعد الهجرة مدني فهذه السورة قبل الهجرة مكية نزلت قبل الهجرة. وبعض العلماء يرى أنها نزلت دفعة واحدة لأن هذا وردت في أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذه الأحاديث اختلف العلماء في صحتها فمن رأى صحتها رأى أنها نزلت دفعة واحدة وأنها نزل معها سبعون ألف ملك يشيّعونها أو أنها نزلت معها من الملائكة ما سدّ الأفق أم كما جاء في الأحاديث وهذه الأحاديث فيها ضعف وبعض العلماء يحسّنها لكثرة طرقها وشواهدها وبعض العلماء يرون أنها غير صحيحة وفيها خلاف بين العلماء القدماء والمعاصرين لكن المهم أنها نزلت في مكة.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة تدور حول التوحيد، توحيد الله تعالى ووجوب إفراده بالعبادة، الأدلة على ذلك، تدور حول الأدلة على التوحيد وعلى وجوبه عقلاً ونقلاً وتدل أيضاً على شدة التعجب من تصرف الكافرين الذين يؤمنون بوجود الله ثم يعبدون غيره ولهذا قال الله تعالى في أول آية التي هي مفتاح السورة (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ) يساوون بين الذي خلق السموات والأرض ووجعل الظلمات والنور يعدلون به غيره والعياذ بالله! وهذا أمر غريب! خلق السموات والأرض وما فيها وجعل الظلمات والنور فينبغي أن يتجه المخلوقون جميعاً إليه سبحانه وتعالى لكن العجيب أن الذين كفروا بربهم يعدلون فهذه السورة تدور في كثير من آياتها حول هاتين القضيتين: حول أن الله هو الذي أوجد كل شيء وهو الذي يتصرف في كل شيء ويدبر أمر كل شيء وبيده ملكوت كل شيء وأن الكفار عندما عدلوا به غيره قد ضلوا ضلالاً بعيداً وأتوا أمراً لا يُتصور عقلاً. ولذلك تتكرر لفظتان في هذه السورة - لو الإنسان قرأ هذه السورة وهي ليست بالقصيرة حوالي 22 صفحة – يجد لفظتين تتكرران كثيراً الأولى (وهو) عائدة إلى الله سبحانه وتعالى تتكرر كثيراً في السورة. أول السورة قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ﴿٢﴾ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴿٣﴾) تكررت (وهو) عائدة إلى الله سبحانه وتعالى. ثم قال (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿١٨﴾) (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٦٠﴾ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴿٦١﴾) إلى غيرها من الآيات تتكرر كثيراً (وهو). وإذا أراد الإنسان أن يزيد يقينه بربه وأن يزيد من توحيده لله وأن يزيد من توجهه إلى الله فليركزّ على هذه الآيات (وهو) لأن بعدها من صفات الله ما يدعو إلى التوجّه إليه. صحيح أن الآيات تتحدث ابتداء عن المشركين، عن الشرك الأكبر، عمن يُشرك مع الله غيره، لكن المؤمن يحتاجها لأن عندنا ضعف في التوحيد ولأن عندنا وقوع في الشرك الأصغر، فلو أن أحدنا لديه حاجة في مصلحة من المصالح وبحث عن واسطة من البشر وتوجه إليها وطلب منها المساعدة ونسي الله في هذه اللحظة، هذا كما أفتت هيئة كبار العلماء من الشرك الأصغر لا يُخرج من الملّة لكنه ضعف في التوحيد وخلل في التوحيد. التوحيد الكامل يعني التوجه الكامل إلى من بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى وكلما ضعفت أدلة التوحيد في القلب وضعف استحضار أن من يملك السموات والأرض هو الله وأن من يأخذ بالنواصي سبحانه وتعالى هو الله وأن الذي يرزق هو الله يضعف توحيد العبادة بحسب ضعف توحيد المعرفة بالله سبحانه وتعالى فهذه الآيات (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴿٣﴾) (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿١٨﴾) (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴿٦١﴾) وغيرها من الآيات تزيد من التوحيد في القلب وتذكّر الإنسان بالحقيقة التي قد تغيب بقدر الإيمان تبقى هذه الحقيقة ظاهرة وبقدر ضعف الإيمان تضعف هذه المعاني فيضعف التوجه إلى الله سبحانه وتعالى. كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً تحت ظل شجرة فجاءه رجل بسيفه قال من يمنعك مني؟ قال: الله! حقيقة ظهرت أمام رسول الله فأثّرت على تصرفه لكن تخيل لو أن الإنسان وقف مثل هذا الموقف ماذا يفعل؟ هل يقول الله؟! لا أظن، لأن الإيمان ضعيف وقد يقول قائل هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا غير صحيح لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم من المواقف التي ظهر فيها توحيدهم لله واستحضارهم لعظمته وقيوميته وملكه للسموات والأرض ما هو معلوم عند البعض وقد يخفى عند البعض لكنه موجود. من ذلك مثلاً الصحابي الذي ضلّ في الغابة وهو سفينة رضي الله عنه (وهذا لقبه) جاءه أسد فقال يا أبا الحارث (وهذه كنية الأسد) وتخيل قوة الإيمان ورباطة الجأش أنه يكنّي الأسد والقصة ثابتة، قال يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فطأطأ الأسد رأسه. قال سفينة: دلّني على الطريق، فقال الراوي: فطأطأ الأسد راسه وأخذ يغمغم واقترب من سفينة وصار يضربه برأسه حتى يدله على الطريق حتى نجا سفينة في هذا الموقف العجيب لكنه ليس بعجيب على من آمن أن كل شيء بيد الله سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]فهذه السورة تتكرر فيها كلمة (وهو)[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يتأمل فيها الإنسان حتى يقوي الإيمان. الإيمان يضعف ويقوى، ينقص ويزيد، وما يقويه مثل هذه الآيات (وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴿٣﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]الكلمة الأخرى التي تتكرر كثيراً هي (قل)[/FONT][FONT=&quot] والخطاب فيها موجه في معظم الآيات إن لم يكن في كل الآيات في السورة للنبي صلى الله عليه وسلم في خطابه مع المشركين غالباً. الآية ي أول السورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) هذا الجزء من الآية تغذّيه في السورة كل كلمة (هو) تؤكد على هذا المعنى أنه خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور. (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴿١﴾) هذه تحتاج إلى نقاش فالله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه صلى الله عليه وسلم بأمور يأمره أن يوجهها إلى الكفار ليوقظهم من غفلتهم يدلهم على بطلان عقيدتهم فيقول مثلاً (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿١١﴾) امشوا في الأرض وانظروا الذين من قبلكم من الذين اشركوا بالله ماذا كان مصيرهم؟ (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٢﴾) يأمر الله نبيه أن يقول لهم لمن ما في السموات والأرض؟ ثم يأمره أن يجيب هو (قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) وإذا كان ما في السموات والأرض لله والله كتب على نفسه الرحمة إذن لماذا يعدلون به غيره؟! ثم يقول (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿١٣﴾) وهذا دليل على وحدانيته ودليل على بطلان شرك أهل الشرك، (وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) وما تحرّك، كل شيء لا بد أن يسكن في لحظة مهما كان قوياً لا بد أن يسكن والله هو الذي يملك كل ما سكن وهو الذي يحرّكه بعد أن يسكن سبحانه وتعالى وهو في كل ذلك سميع عليم وإذا كانت بيده الحركة والسكون جلّ في علاه فإلى من نتوجه؟! هو الحي الذي لا يموت وبيده ما سكن في الليل والنهار سبحانه وتعالى. ثم قال لنبيه (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٤﴾) تتوالى الآيات في ذكر التوحيد وفي ذكر قهر الله لعباده وإحاطته بهم قدرة وعلماً سبحانه وتعالى حتى تتوجه القلوب إليه ولا تتعلق بشيء غيره.[/FONT]
[FONT=&quot]في نهاية القسم الأول من السورة الذي يدور حول التوحيد وحول بطلان أهل الشرك يختم الله لنا بقصة عظيمة نعرفها جميعاً وهي قصة إبراهيم عليه السلام وهي قصة توحيد. وقصة إبراهيم ذكرت في سور كثيرة لكن في هذه السورة ذكرت فيها أمور لم تُذكر في السور الأخرى وفي السور الأخرى ذكر ما لم يُذكر هنا ومن أسباب ذلك كما ذكر العلماء والعلم عند الله سبحانه وتعالى أن القصة تُذكر في كل سورة لعبرة معينة فيُذكر من القصة ما يناسب تلك العبرة. وقد ذكرت هذه القصة في هذه السورة للرد على أهل الشرك وبيان بطلان عبادتهم غير الله وأن المستحق للعبادة هو الله فذكر الله سبحانه وتعالى من قصة إبراهيم ما يناسب ذلك. قال الله سبحانه وتعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٧٤﴾ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴿٧٥﴾) إبراهيم نشأ في بيئة الكفار الذين يعبدون الأصنام لكن الله أراه ملكوت السموات والأرض وكلنا يرى ملكوت السموات والأرض لكن من الذي يجعله ذلك يوقن بالله ويتوجه إلى الله؟ نحن نرى الشمس تغرب كل يوم واليوم الثاني تطلع وبعض الناس يمرون على هذه الظاهرة كما قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ[/FONT] (4) الأنعام) غروب الشمس آية، وطولعها غداً آية، وعندما نطفئ الأنوار في المسجد ليلاً يصبح الظلام دامساً نحتاج لفترة قد نتعود على الوضع وقد يخاف الإنسان أو الأمر ويُفجع لأنه لا يعرف ماذا حصل في الكهرباء لكن إن تتأمل في لطف الملك سبحانه وتعالى هل تضايقت يوماً عندما يأتي الليل بعد النهار؟! وإنما بكل هدوء ويسر ينتقل الحال من نهار إلى ليل دون أي ضواضاء دون أي ازعاج أو قلق أو تشويش، بل على العكس إذا رأيت الشمس وهي تغرب ترتاح وتطمئن وتقول سبحان الملك كيف ينقل الناس من حال إلى حال. فإبراهيم عليه السلام كان يرى هذا (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) والله بهذا ينبهنا على الطريقة التي يزيد بها اليقين ويستيقظ الإنسان من غفلته ويعرف أن للكون مدبراً واحداً سبحانه وتعالى. قال (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ ﴿٧٦﴾ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿٧٧﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ﴿٧٨﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) بما فيها الشمس والقمر والكواكب (حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٧٩﴾) وذكر الله محاجته لقومه (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿٨٠﴾ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٨١﴾).
[FONT=&quot]ثم ذكر الله في هذه السورة عدداً كبيراً من الأنبياء لم يجتمع في سورة أخرى ليدل على أن التوحيد لم يكن خاصاً بإبراهيم وإنما هو سيما الأنبياء بل هو دعوة الأنبياء فلا ينبغي أن يخفى على المشركين فيتعجبوا من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما دعا إلى التوحيد لم يدعُ بشيء جديد قال سبحانه وتعالى بعد أن ذكر إبراهيم عليه السلام (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٤﴾ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴿٨٥﴾ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا( 18 نبي في سورة واحدة في مكان واحد (وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٨٦﴾ وَمِنْ آَبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ) كانوا أيضاً على التوحيد (وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٨٧﴾ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا) لو هؤلاء الأنبياء العظماء الأولياء لو أشركوا (لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٨٨﴾) الذي رفعهم ليس جنسهم ولا لونهم ولا بلدهم ولا أموالهم، ما نفعهم إلا التوحيد (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ختم الله هذا القسم وقد بدأه بشرك أهل الشرك عندما قال (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ[/FONT]) هذا في الدنيا، في الآية 94 ذكر حالهم في الآخرة فقال (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴿٩٣﴾ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) كل واحد يأتي فرداً من غير ملابس كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم غير مختونين (وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ) كل ما أعطاهم الله سبحانه وتعالى سيتركه ولا يدخل معهم في قبرهم إلا عملهم (وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴿٩٤﴾) هكذا انتهى القسم الأول من السورة في إثبات وحدانية الله وتفرّده وفي إثبات بطلان شرك أهل الشرك.
[FONT=&quot]القسم الثاني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بدأ بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴿٩٥﴾) والآيات طويلة لكن نحاول أن نختصر، ذكر الله في هذه الآيات أدلة على وحدانيته وذكر مواقف عجيبة لأهل الشرك قال (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ) ماذا عند الجن والله سبحانه وتعالى فالق الحب والنوى؟! والله جعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً وهو الذي جعل النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البحر (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ) هؤلاء الجن مخلوقون لله سبحانه وتعالى فكيف تُعبد من دون الله سبحانه وتعالى؟! (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴿١٠٠﴾). ثم ذكر أمراً عجيباً آخر فقال (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا) يحلفون أنهم لو رأوا آية سيؤمنوا، وهذه السموات والأرض والليل والنهار وتصريف الرياح والنجوم أليس هذه آيات؟ هي آيات ولكن (وَمَا تَأْتِيهِم[/FONT][FONT=&quot] [FONT=&quot]مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ[/FONT]) لذلك قال عنهم هنا (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا). ثم ذكر أمراً عجيباً منهم وهو أنهم بدأوا يشرّعون لأنفسهم (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا) بدأوا يقولون من عندهم هذا حلال وهذا حرام، والله هو الذي خلق وهو الذي رزق وهو الذي يملك وهو الذي بيده كل شيء فهو الذي له الحق أن يقول هذا حلال وهذا حرام وهو الذي له الحق أن يحرّم بعض المطعومات من الزرع وبعض المطعومات من الحيوان لكنهم بدأوا هم يتصرفون في ذلك وردّ الله عليهم (فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴿١٣٦﴾) واستمرت الآيات تذكر نعم الله على العباد وتذكر كيف أنهم يحاولون التحريم والتحليل من عند أنفسهم ويقول النبي لهم (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا (114)) مين يحكم غير الله؟! (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴿١١٤﴾) إلى أن قال سبحانه وتعالى (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ) أنا آتيكم بما هو حرام (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿١٥١﴾) وذكر ثلاث آيات لخّص فيها المحرّمات في ذلك الوقت لأنه في مكة كثير من الأمور ما كانت حُرّمت لكن ذكر بعض المحرّمات الأساسية في الدين في الوصايا العشر التي ذُكرت في آيات ثلاث (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿١٥١﴾ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿١٥٢﴾) إلى أن قال سبحانه وتعالى (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٦١﴾ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٦٢﴾ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٦٣﴾ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿١٦٤﴾) فعادت السورة إلى توحيد الله وإلى إثبات دعوة رسول الله التي هي التوحيد الخالص وإفراد الله بالعبادة وبالتوجه في كل حركات الحياة وسكناتها (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) أُمر بها رسول الله ونحن لرسول الله تَبَع نفعل ما فعل فنسأل الله أن يميتنا على التوحيد وأن يوجه قلوبنا إليه، اللهم وجّه قلوبنا إليك، اللهم أعذنا من الشرك الأكبر والأصغر. [/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الأعراف[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 7 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأعراف وهي أولى الطوليين، أطول سورتين في السور التي نزلت قبل الهجرة هي الأعراف والأنعام فتسميان الطوليين وطولاهما سورة الأعراف فهي أطول من سورة الأنعام. وبعض أهل التفسير رأى أن هذه السورة شرح لآيتين من سورة البقرة. وبين سورة البقرة وهاتين الآيتين اللتين في سورة البقرة وبين سورة الأعراف ارتباط وثيق من جهة أن هاتين الآيتين ذكرتا في قصة آدم في سورة البقرة وسورة الأعراف بدأت بذكر آدم عليه السلام وختمت بذكر شيء له علاقة ببني آدم وذكرت فيها نداءات كثيرة لم تذكر في سور أخرى في القرآن جاء النداء بـ(يا أيها الناس) (يا أيها الذين آمنوا) (يا أهل الكتاب)، هذه السورة اختصت بأربع نداءات (يا بني آدم) مما يُشعر أن آدم محور أساسي وموضوع أساسي في هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة بعد أن أُهبط أبونا وأمنا من الجنة بعد أن أكلا من الشجرة (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٣٩﴾) هاتان الآيتان في آخر قصة آدم تفصيلهما جاء في هذه السورة الطويلة سورة الأعراف. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة من السور المكية بكل آياتها. ومن طولها استنبط بعض العلماء أنها نزلت في آخر العهد المكي لأننا لو نظرنا إلى السور التي نزلت في بداية العهد المكي نجدها قصيرة مثلاً سورة العلق، سورة الضحى، سورة المسد، وسورة الأعراف طويلة وسورة الأنعام طويلة، سورة الإسراء طويلة فرأى بعض أهل العلم أن هذا يدل على وقت نزولها تقريباً لأننا ولله المثل الأعلى في المنهج الدراسية تبدأ مناهج المرحلة الابتدائية مختصرة خفيفة ثم تزيد المناهج في المرحلة الثانوية ثم في الجامعة فهذا تدرج في التعليم. السور المدنية غالبها طويل والسور المكية فيها القصير والمتوسط والطويل لكن الطويل قليل وهذا منهج تربوي أن الإنسان يبدأ بالتدرج شيئاً فشيئاً وهذا من رحمة الله عز وجل بخلقه فلو أنزل القرآن على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم دفعة واحدة وقال لا بد للبشر أن يعملوا بكل هذا القرآن لكان ذلك أمره سبحانه وتعالى لكن الله حكيم ولطيف ورؤوف بالعباد سبحانه وتعالى فيتدرج ويرفق بالعباد شيئاً فشيئاً والحمد لله على نعمة الإسلام ونعمة القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة اسمها الأعراف مأخوذ من موقف مذكور في السورة لأن الأعراف هو السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار على خلاف طويل لكن المشهور فيه أنه سور هو المذكور في سورة الحديد قال الله تعالى (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)) إلى أن يقول (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13)) انظرونا يعني انتظرونا، هذا كلام المنافقين للمؤمنين. هذا السور هو سور الأعراف والأعراف منها عرف الديك وهو شيء مرتفع بارز فالأعراف فيها نوع من الارتفاع قالوا إذن هو السور الذي في سورة الحديد لكن من هم أصحاب الأعراف المذكورون في هذه السورة (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ)؟ هؤلاء على أشهر الأقوال قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فظلوا في هذا المكان فترة من الزمن على خلاف طويل بين السلف في تحديد حالهم، فهذا سبب التسمية ورود ذكر الأعراف فيها. والسورة من السبع الطوال التي من أخذها فهو حِبر. [/FONT]
[FONT=&quot]وقد عدّ بعض أهل العلم من فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بها كاملة في صلاة المغرب رغم طولها وعادة النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب أنه لا يقرأ الطوال لكنه قرأ بهذه السورة العظيمة التي تذكر بالآخرة تذكيراً منقطع النظير.[/FONT]
[FONT=&quot]موضوع السورة رأى بعض العلماء أنه شرح للآيتين في سورة البقرة (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) الهدى يأتيك الوحي، الرسول ومعه الهدى (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ) مشى وراء النبي صلى الله عليه وسلم مشى وراء آيات القرآن: اترُك، اِفعل، قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم، لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة، وإذا قلتم فاعدلوا، اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) مما يستقبلهم بعد الموت، هكذا يحمله عامة المفسرين في أكثر الآيات (وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٨﴾) على ما فاتهم من الدنيا. قال (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٣٩﴾) وهذا يُشعر بشيء خطير الناس فريقان: من يتبع الهدى والمقابل الكافر لكن المسلم قد يتّبع بنسبة معينة فيظل مسلماً ويكون عنده شيء من التقصير فيكون له حظ من (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) كلما زاد اتباعنا للهدى الذي أتانا من ربنا كلما زدنا دخولاً في سلك هؤلاء (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) جعلنا الله منهم. [/FONT]
[FONT=&quot]أقسام السورة[/FONT]
[FONT=&quot]لو نظرنا لهذه السورة فقد قسمت عند بعض أهل العلم إلى ثلاثة أقسام تفهمها من خلالها:[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يبدأ بقوله سبحانه وتعالى (المص ﴿١﴾) بعد هذه الحروف التي مر معنا شيء من تفسيرها أول كلمة يقول الله سبحانه وتعالى (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ) وهو القرآن (فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ) وآخر آيات السورة لنعرف علاقة آيات السورة بعضها ببعض، أولها ذكر الكتاب وأنك لا بد أن تتمسك به (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾) وفي آخر السورة (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿٢٠٤﴾) فكل السورة تدور حول التعامل مع القرآن والدعوة بالقرآن والدعوة إلى القرآن وهذا هو ما ذُكر في سورة البقرة (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى) بنو إسرائيل جاء الهدى، موسى والتوراة ثم طائفة منهم جاءهم هدى عيسى والإنجيل ونحن جاءنا خير البرية صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم فهدانا خير هدى مع فضل موسى وعيسى إلا أن الله أكرمنا ولا بد أن نشعر بكرامة الله لنتمسك بها فكرامتنا أعظم كرامة: كرامة كوننا من أمة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أوتي خير هدى القرآن أفضل من التوراة والإنجيل مع فضل الجميع ومهيمناً عليه، القرآن مهيمن على الكتب السابقة يحكم عليها ولا تحكم عليه، يصححها ولا تصححه، ينسخها ولا نشخه فنحن في منّة عظيمة أن هذا الهدى جاءنا (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴿٣﴾) في هذا المطلع دعا الله إلى التمسك بالقرآن وبيّن أن قيمة كل عبد تكون هناك قال (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٨﴾ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴿٩﴾) ثم ذكر قصة آدم وذكرت قصة آدم في هذه السورة بطريقة لم تُذكر في السور الأخرى. ولو قرأنا سورة الأعراف نلاحظ فيها -قلنا أن هدف سورة الأعراف أن الإنسان إذا جاءه الهدى من الله فسينقسم إلى أحد حالين إما أن يتبع الهدى فينجو وإما أن يُعرض عنه فيهلك – ما سبب الهلاك وما سبب النجاة؟ لو لاحظنا أكثر لفظين مذكورين في السورة بلفظهما أو بمعناهما أمران: الكِبر والنُصح. الكِبر يكثر كثيراً في السورة، معصية إبليس الكبرى الكِبر، القوم الذين كذبوا وذُكروا في السورة عدة أقوام كلهم فيهم الكبر بدرجات متفاوتة، ذكر الكبر كثيراً في السورة لأنه أكثر ما يصرف الإنسان عن هدى الله هو الكبر قال الله سبحانه وتعالى في هذه السورة في آية مخيفة وقوله الحق يقول الله ويُسند الفعل إلى نفسه (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ) يصرف الله سبحانه وتعالى أناساً عن آياته فلا يستوعبوها ولا يشعروا بها ولا يخافوا منها ولا ينتفعوا بها (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا) يرون طريق الخير لكن مشكلتهم الكِبر (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا) يرى الطريق الخطأ ويعرف أنه خطأ ويتخذه سبيلاً والعياذ بالله! (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴿١٤٦﴾) إذن الكبر أعظم ما يصرف الإنسان عن الوحي وبعض السلف يقول فيما يروى عنه (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) قال أمنعهم من فهم كلامي. تخيل إنساناً لا يفهم كلام الله الذي خلقه وكلّمه كي ينجو، يُمنع عن فهم هذا الكلام فكيف ينجو؟! لا يمكن أن ينجو. فالكبر معنى متكرر كثيراً في هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]المعنى الثاني "النُصح" وأن عدم قبول النصيحة سبب لهلاك وأن النصح هو سبيل الرسل. ومن أعجب العجب أن الله ذكر أن إبليس عندما وسوس لآدم لما أُدخل آدم وحواء الجنة قال الله (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿٢٠﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢١﴾) النصح جاء على لسان إبليس وهذا يعني أنك لا تقبل أي نصيحة مع أن رفض النصيحة خطأ لكن إذا جاءك النصح من إبليس ويقول لك عش حياتك كسائر الناس، أتصلي كل صلاة في وقتها؟ اسهر قليلاً ثم نم ثم تفرج على البرامج فيؤخره ويؤجله وينصحه! لكنها نصيحة فاسدة (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ). [/FONT]
[FONT=&quot]بعد قصة آدم جاءت نداءات متكررة أربع نداءات لم تتكرر في سورة من القرآن. قال:[/FONT]
[FONT=&quot]1. [/FONT][FONT=&quot](يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾) الستر نعمة من الله، ستر العورة نعمة من الله، آدم وحواء عندما أكلا من الشجرة أول ما وقع لهما أن انكشفت عورتهما (فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا) بعض الناس يدّعي الآن أن التطور هو في كشف العورات لكن آدم أول شيء بدت لهما سوءاتهما فتصرفا مباشرة (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) ليسترا عوراتهما، ثم جاء الامتنان من الله سبحانه وتعالى (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾) اللباس هذا نعمة من الله ولباس التقوى ذلك خير.[/FONT]
[FONT=&quot]2. [/FONT][FONT=&quot]ثم قال الله سبحانه وتعالى (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) قصة آدم ليست تاريخاً فقط وإنما هي حتى نحذر من الطريق (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]3. [/FONT][FONT=&quot]ثم قال الله سبحانه وتعالى (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]4. [/FONT][FONT=&quot]ثم قال الله سبحانه وتعالى (يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٣٥﴾ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٣٦﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله عاقبة الفريقين في الآخرة في وصف عجيب وفي نداء من أهل الجنة لأهل النار (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴿٤٤﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر نداء أهل النار لأهل الجنة وذكر بينهما حديث أهل الأعراف[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله سبحانه وتعالى قصصاً قصة نبي الله نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ثم ذكر موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام. كل هذه القصص تمثل نماذج لأناس جاءهم هدى فانتفعوا به أو أعرضوا عنه. وكثر فيها مسألة الكبر ومسألة النصح فتجد نوحاً عليه السلام يقول (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٦٢﴾) ويقول هود (أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴿٦٨﴾) وعندما أهلك الله قوم صالح قال (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴿٧٨﴾) تولى صالح عن قومه بعد أن أهلكهم الله وقال (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ﴿٧٩﴾) عندهم مرض، لا يحبون النصح والذي لا يحب النصح يهلك والعياذ بالله. وقال شعيب (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴿٩٣﴾) هؤلاء الذين لم يقبلوا النصحية والإيمان بالله سبحانه وتعالى كانوا من الكافرين فكيف يأسى عليهم؟! وكيف يحزن عليهم؟! [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله قصة موسى وكانت قصة موسى طويلة جداً في السورة ذكر حال موسى مع فرعون ثم ذكر حال موسى مع قومه بعد فرعون ثم ذكر حال قوم موسى بعد موت موسى وذكر في ذلك من العبر ما ذكر وإذا تأملت تلك الآيات تجد أن النصح والكبر متكرر فيها جداً ومنها قصة أصحاب السبت (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ) كانت تأتيهم الحيتان يوم السبت وغير يوم السبت الذي يسمح لهم بالصيد لا تأتيهم (كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿١٦٣﴾ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿١٦٤﴾) فكان هناك من ينصحهم وكان هناك من ينصح الناصحين ويقولون لهم لم تنصحوهم؟! اتركوهم في حالهم (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴿١٦٤﴾) إلى أن مُسِخ أولئك قردة وخنازير والعياذ بالله![/FONT]
[FONT=&quot]وفي ختام السورة تذكير بالعهد الأول الذي أُخذ على البشر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]آدم لما أُهبط قيل له (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى (38) البقرة) لكن هنا يصف الله حالة أخرى قال (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) وهذا أمر غيبي نؤمن به (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾) ثم ذكرت نماذج في السورة تبين حال بعض من لم يوفي بالعهد ومن لم يستجب للوحي منها قوله سبحانه وتعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا) ومن رحمة الله سبحانه وتعالى في القرآن أنه عندما يذكر حالة شخص سيء أو حالة مهلكة يذكر بعض صفات أولئك حتى لا تصل إلى ما وصلوا إليه قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا) هذا شخص أعطاه الله من آياته إذن هذا شخص عنده علم (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿١٧٥﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) هذا هو الشاهد وهذه الصفة التي وصفه الله بها لتعرف سبب هلاكه قال (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) إذن اتباع الهوى مع أن الإنسان عنده آيات من آيات الله بلغته لكن اتباع الهوى يهلكه (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) نسأل الله السلامة.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة قال الله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴿٢٠٤﴾) وهذه وصية عظيمة من الله سبحانه وتعالى فالقرآن لا يكفي أن نقرؤه ولا أن نسمعه إنما لا بد أن ننصت ونحاول أن نعي علنا نكون من المرحومين. (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٢٠٥﴾ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩﴿٢٠٦﴾) فمن لم يستجب لوحي الله ومن لم يستجب لهدى الله فالله غني عنه فعنده الملائكة وعنده من خلقه من يسجد له ويسبحه فمن سجد معهم نجا وربح ومن سجد معهم تنحى الشيطان يبكي جانباً كما في الحديث ومن أعرض هلك والعياذ بالله مع الهالكين أسأل الله أن يجعلنا من المقبولين.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الأنفال والتوبة[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 8 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]هاتان السورتان متصلتان جداً وبينهما تشابه كبير ولذلك سنعرضهما على شكل مقارنة ألا وهما سورتا الأنفال والتوبة وهما سورتان متتاليتان في المصحف وليس بينهما بسملة حتى عدّ بعض العلماء أنهما بمثابة السورة الواحدة وموضوعهما متقارب جداً إذ هما تتحدثان عن أمر واحد أساسي في الدين لا يتم الدين إلا به ولا يقام الدين على ما يرضي الله إلا به ألا وهو الجهاد في سبيل الله. فسورة الأنفال وسورة التوبة مترابطتان جداً بينهما كثير من الأمور المشتركة وبينهما عدد من الأمور المختلفة جداً والتي ينبغي التنبه لها.[/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم قسّم القرآن إلى السبع الطوال والمئين والمثاني والمفصّل، قال صلى الله عليه وسلم أوتيت السبع الطوال مكان التوراة وأوتيت المئين مكان الزبور (المئين جمع مئة) وأوتيت المثاني مكان الإنجيل (معناه أن الزبور والتوراة والإنجيل في مكان هذه السور) وفُضّلت (وهو أفضل الأنبياء صلى الله عليه وسلم مع فضلهم جميعاً) وفُضلت بالمفصّل. السبع الطوال هي ست سور متفق عليها والسابعة على الأصح هي سورة يونس، الست هي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، هذه ست متفق عليها والسابعة مختلف فيها والأصح أنها سورة يونس كما رجّح بعضهم. بقي التفريق بين المئين، ما هي المئين؟ وما هي المثاني؟ المفصّل من سورة ق إلى سورة الناس. ما ليس من السبع الطوال وما ليس من المفصّل إما أن يكون من المئين وإما أن يكون من المثاني، إن كان مئة آية أو أكثر فهذا يكون من المئين وإن كان أقل يكون من المثاني.[/FONT]
[FONT=&quot]عندنا سورة الأنفال وعندنا سورة التوبة، سورة الأنفال 75 آية على العدّ الكوفي (ومصاحفنا التي نقرأ بها برواية حفص عن عاصم على العدّ الكوفي لأن هناك عدة طرق للعد عن السلف أخذوها عن النبي صلى الله عليه وسلم فهماً وهذا لا يشكك في القرآن، القرآن كامل بحروفه لكن أين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقف؟ لأن السنة كما هو مقرر عند أهل التجويد الوقوف على رؤوس الآيات، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقف أحياناً في موطن فيعتبره بعض الصحابة أنه رأس آية وأحياناً لا يقف فيختلفون في ذلك وهناك أسباب أخرى في علم خلص هو علم عدّ الآي) في العد الكوفي الذي نقرأ به في المصحف الذي بين أيدينا برواية حفص عن عاصم سورة الأنفال 75 آية إذن هي من المثاني وسورة التوبة 129 آية إذن هي من المئين فهما من قسمين مختلفين: الأنفال من المثاني مكان الإنجيل والتوبة من المئين مكان الزبور وهذا كله شرف لهذه الأمة أنها أعطيت ما أعطي السابقون مع فضل وهو المفصّل. [/FONT]
[FONT=&quot]هاتان السورتان نزلتا في المدينة وهذا تشابه بينهما لكن هناك فرق كبير بينهما لأن سورة الأنفال نزلت بعد غزوة بدر في السنة الثانية للهجرة وسورة التوبة نزلت متأخرة جداً وفي صحيح البخاري أنها آخر سورة نزلت ولذلك أحكام القتال اختلفت واختلف عرضها بين الأنفال وبين التوبة ولا ينبغي أن تعتبر آية في الأنفال ناسخة لآية في التوبة لأنها بعدها لا يمكن أن تنسخها فسورة التوبة فيها أحكام القتال تختلف عن أحكام سورة الأنفال وهذا لا يتنبه له الكثيرون. وكثير من أحداث سورة التوبة مرتبط بغزوة تبوك وهي متأخرة جداً وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حجّ حجة الوداع ولم يحج في السنة التي قبلها لأنه كان المشركون يطوفون عراة فأرسل أبا بكر الصديق رضي الله عنه يحج بالناس وأرسل معه منادياً يؤذّن أن لا يطوف بالبيت مشرك إلى آخر ما في الحديث وأمر علياً بن أبي طالب أن يقرأ سورة التوبة على الناس مما يدل على أنها في تلك الحقبة في فترة متأخرة ولذلك الكلام في السورتين يختلف. القتال أعمّ وذكرت فيه الجزية في سورة التوبة وسورة الأنفال ليست في هذه المسائل.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنفال[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ليس لها اسم ثاني وهذا اسمها المشهور وإن كان ذكر بعضهم أنها تسمى سورة الجهاد ذكره الإمام الطبري في تاريخه وذكر أنها كانت تُقرأ في المعارك، يقرأون سورة الأنفال استحثاثاً للقلوب على التقرب إلى الله بالجهاد. أما كلمة الأنفال فمعناها الغنائم، هذا أقرب معنى له وإلا فإن هناك خلافاً بين العلماء في التدقيق في الفرق بين الأنفال والغنائم. [/FONT]
[FONT=&quot]مطلع السورة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (1)) الأنفال الغنائم على خلاف يسير في تفصيل المراد بمعنى الغنائم. [/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة التوبة فأسماؤها كثيرة وقد مر معنا أن سورة الفاتحة هي أكثر السور أسماءً أوصلها السيوطي إلى أربعة وعشرين أو خمسة وعشرين اسماً. سورة التوبة لها اسماء كثيرة وكثرة الأسماء تدل على خصوصيات في السورة. سورة التوبة نعرفها بهذا الاسم ومن أسمائها المشهورة براءة لأنها تتبرأ من المشركين والتوبة لأنها تدعو إلى التوبة والرجوع عن النفاق لأنه ذُكر فيها النفاق كثيراً وذكرت فيها التوبة عموماً مع المنافقين وغيرهم وتسمى الفاضحة لأنها فضحت أحوال المنافقين إلى غير ذلك من أسمائها.[/FONT]
[FONT=&quot]السورتان تدوران حول الجهاد لكن لما اختلف التاريخ والوقت التي نزلت فيه كل سورة اختلف المقصود في الكلام عن القتال، فسورة الأنفال نزلت بعد غزوة بدر وغزوة بدر غزوة نصر للمسلمين بعد ضعف (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ[/FONT] وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ (123) آل عمران) فكانوا في حالة ضعف ثم جاءهم النصر فجاءتهم أوامر وتعليمات من الله سبحانه وتعالى وجاءتهم التربية وكان من أظهر ما يظهر في سورة الأنفال وهو عجيب – ولله المثل الأعلى طالِب نجح في اختبار صعب فغالباً ما تمدحه وتشجعه – لكن هذه السورة سارت بطريقة أخرى تماماً فكان الحديث في كثير من آياتها في أن هذا النصر كان من الله سبحانه وتعالى وأنكم لم تكونوا تملكون شيئاً وأن الذي ألّف بين قلوبكم وجعلكم لُحمة فنصركم هو الله سبحانه وتعالى قال (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)) وقال قبلها في أول السورة مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم ومخاطبًا الصحابة رضي الله عنهم (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) من الذي قتل في المعركة؟ العين تقول الصحابة والله سبحانه وتعالى يقول (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (17)) وقد رمى النبي صلى الله عليه وسلم الحصباء في وجوه المشركين (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً (17)) إلى غير ذلك مما ذكر في السورة حتى أن الله سبحانه وتعالى ذكر في السورة أنه صرّف أبصار المؤمنين والكافرين فرأوا الأشياء على غير حقيقتها نصرًا للمؤمنين وخذلانًا للكافرين (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً (44)) الكفار كانوا كُثُر، كانوا ألفًا وكان المؤمنون ثلاثمائة وبضعة عشر فالفرق كبير ثلاثة أضعاف يقول الله (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ) ترون الكفار (إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) إذن عينهم لم تر الشيء على حقيقته وإنما رأته على غير حقيقته بما يخدم مصلحة المسلمين لأنه لو رأوا هذ الأضعاف المضاعفة لخافوا قال (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) مدد الله للمؤمنين بأن يتحكم في الأبصار، المؤمنون أصلاً قلة فقللهم أكثر حتى لا يكترثوا بهم أصلاً ولذلك جاء عن أبي جهل أنه قال قبل المعركة: إنما محمد وأصحابه أكلة جزور (يعني ذبيحة نأكلها) ولو التقينا فالتقوا فمكّن الله المؤمنين من رقاب الكافرين، فالسورة دارت على أن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى وجاء في السورة (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10)) حتى لا يكون في قلوب المؤمنين أن هذا النصر كان من قدرتهم لأنه إن حصل هذا جاءهم الخذلان لأن الذي يعتمد على نفسه يهلك والذي يعتمد على الله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (49)) فجاءت هذه السورة تربي الصحابة على هذا الأمر. وجاءت فيها أوامر كثيرة تعين على القتال واللافت فيها أن معظم هذه الأوامر لا تلتفت إليها جيوش العالم عندما تتقاتل. الجيش عندما يريد أن يتقاتل يقال له جهّز سلاحك، امسك المكان الفلاني، ادخل من الجبهة الفلانية، لكن الله سبحانه وتعالى يأتينا بأوامر بعيدة عن كل هذا فيقول سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20)) ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)) وسط آيات القتال ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (27)) ويقول (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً (29)) فرقانًا أي نصرًا على الكفار مثل يوم الفرقان الذي هو يوم غزوة بدر (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً) تقوى الله ليست في حسابات الجيوش البشرية التي لا تأخذ الوحي من الله سبحانه وتعالى ولا تأخذ دين الله، هذا أمر ليس بالحسبان بل قد يسكرون قبل المعركة، هذا واقع! أما الله سبحانه وتعالى فيأتينا بالأوامر التي يحتاجها الجيش المسلم ولذلك بدأت السورة بصفات المؤمنين قال (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٤﴾) وهؤلاء هم الذين ينصرهم الله سبحانه وتعالى. والسورة دارت حول الحثّ على القتال مع مثل هذه الوصايا وجاء فيها (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60)) الأسباب المادية مطلوبة لكن التركيز كان أكثر على الإيمان والتقوى وطاعة الله سبحانه وتعالى. جاء الحثّ على القتال وجاء ما يغيظ المؤمنين ويزيد من بغضهم للكافرين فجاءت الصفات التي في الكفار التي تدعو إلى قتالهم فأنت لا تقاتلهم لأنهم أخذوا أرضك وإنما تقاتلهم لأنهم عصوا ربك وأشركوا به سبحانه وتعالى (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (29) التوبة) جاءت آيات كثيرة تبين أن القتال للكفار لأنهم كفار هذه علة لقتالهم وهم يستحقون لهذا أن يقاتَلوا لأنهم يعصون الله في أرضه وتحت سمائه سبحانه وتعالى.
[FONT=&quot]أما القسم الأخير في السورة فقد جاءت فيها تقسيمات ربانية للبشر[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لأنه بعد غزوة بدر كان الناس أصنافاً: المهاجرون الذين تركوا ديارهم لأجل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء مؤمنون وهناك الأنصار وهم مؤمنون واستقبلوا المؤمنين في المدينة وصارت هناك دولة تستطيع أن تقاتل الكفار وقبل ذلك لم يكن هناك قتال. وطائفة ثالثة من المؤمنين لم تهاجر من مكة وبعضهم شارك في بدر وربما قُتل بعضهم في بدر خطأ لم يُعرف أنهم مؤمنون ويذكر هذا عن العباس أُسر في بدر وكان يخفي إيمانه على ما في بعض الروايات، هذه الطائفة الثالثة لم تهاجر فلها حق ولكنه ليس كحق من هاجر ونصر والطائفة الرابعة وهي طائفة الكفار، ذُكرت هذه الأقسام في آخر السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]موضوع سورة التوبة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]تتكلم عن الجهاد لكن بعد تقوية الدولة الإسلامية وبعد الفتح وبعد النصر فجاء فيها (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) لم يُذكروا في سورة الأنفال وكان التركيز أكثر على المشركين وقتال المشركين لكن هنا أهل الكتاب هم اليهود والنصارى وأكثرهم خارج الجزيرة العربية وليسوا العدو الأول مثل مشركي أهل مكة، العدو الأول انتهى لكن الآن القتال أعم ليس للمشركين وإنما لأهل الكتاب قال (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)) وهذا الشاهد على أن القتال ليس لأنهم قاتلونا. جاءت سورة أخرى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ[/FONT] (190) البقرة) هذا حكم سابق لكن هنا (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ) هذه عل"تهم وهي علّة خطيرة (وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ) ليسوا مشركين (حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) ثم بيّن الله سبحانه وتعالى بعض صفاتهم التي تدعو المؤمن لبغضهم قال (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)) إلى آخر ما ذكر عنهم.
[FONT=&quot]هذه السورة سورة التوبة ترسي قواعد الدولة الإسلامية وقد استقرت خلافاً لسورة الأنفال. فبدأت السورة وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام[/FONT]
[FONT=&quot]جاء القسم الأول يأمر بالبراءة من المشركين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1)) وجاء فيها تحريم الولاء لهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)) هذه سورة التوبة وليست سورة الأنفال ففيها مفاصلة سديدة وفيها بيع النفس لله وجاء في آخرها (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ (111)) [/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثاني من السورة[/FONT][FONT=&quot] بعد التبروء من المشركين والأمر بقتالهم جاء القسم الثاني مبتدءاً بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38)) فأمر بالنفير العام وأطال الكلام عن المنافقين الذين يتهربون من هذا النفير والذين يرجفون بين صفوف المؤمنين ويبين حال المؤمنين الكُمّل. وجاء في هذا القسم أن النفير العام لا يقتضي أن ينفر كل أحد لأنه لو نفر كل الناس يحصل اختلال في الصف (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)) لو حصل قتال للمسلمين في أي مكان لا ينبغي أن ينفر كل المسلمين لأن هذا يكشف المسلمين في مكان آخر وفي ثغر آخر وإنما كل مسلم في المكان الذي يكون فيه أو يصل إليه يخدم دين الله فيما يستطيع في ذلك المكان الذي هو فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة جاءت آيات عظيمة مناسبة لما جاء في السورة[/FONT][FONT=&quot] لأن هذه السورة فيها آيات صعبة على النفس وهي بيع النفس لله سبحانه وتعالى وفيها القتال مع الكفار فجاءت آخر السورة تذكّر بحقيقة النصطفى صلى الله عليه وسلم وأن هذه الأوامر لا تتعارض مع هذه الحقيقة قال الله سبحانه وتعالى (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ) الشيء الذي يشق على المؤمنين يشق على النبي صلى الله عليه وسلم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) ومع كل هذه الصفات التي اتصف بها النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه قاتل وأمر بالقتال مما يدل على أن القتال في عاقبته رحمة بالمؤمنين لأن المؤمنين إذا كفّوا عن القتال تسلّط عليهم الأعداء كما هو معلوم وذبحوهم ذبح النِعاج ولذلك كان لا بد من إقامة هذه الشعيرة وهي جزء من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الحريص على المؤمنين وهو بهم صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم. قال (فَإِن تَوَلَّوْاْ) إذا رفض الناس (فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ) يكفيني الله سبحانه وتعالى (فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ). [/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة يونس وسورة هود[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 9 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]هاتان السورتان مع ما بعدها من سور يوسف والرعد (على قول) وإبراهيم ثم سورة الحجر هذه السور لها تسمية لورودها في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاء في مسند الإمام أحمد بسند حسن عن الأصح عن عبد الله بن عمرو بن العاص أتى رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: أقرِئني يا رسولَ اللَّهِ، قالَ لَهُ: اقرَأ ثلاثًا من ذاتِ الر. (سورة يونس تبدأ بـ (الر) وكذلك هود ويوسف وإبراهيم والحجر أما سورة الرعد فتبدأ بـ (المر) بزيادة حرف الميم) ولذلك بعض العلماء أدخلها في هذه المجموعة وبعضهم لم يُدخلها). قال: اقرأ ثلاثاً من ذات الر - وهذه تسمية لهذه المجموعة وإشعار أن بينها نوعاً من العلاقة - قالَ لَهُ : اقرَأ ثلاثًا من ذاتِ الر ، فقالَ الرَّجلُ : كبِرَت سنِّي ، واشتدَّ قلبي ، وغلُظَ لساني ، (هذا نوع من الاعتذار لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذه السور طوال نسبياً فالرجل كبير في السن ويصعب عليه التعلم) قالَ له النبي صلى الله عليه وسلم: فاقرأ مِن ذاتِ حم (وهذه السور تبدأ من سورة غافر إلى سورة الأحقاف وهي أقصر من تلك السور) فقالَ مِثلَ مقالتِهِ الأولى (وهذا يدل على صبر النبي صلى الله عليه وسلم على من يريد التعلّم أخذه بالرفق ولم يعنّفه بأنه يتكبر على كلام الله!) فقالَ: اقرأ ثلاثًا منَ المسبِّحاتِ (أكثرها قصير مقارنة بتلك السور فالنبي صلى الله عليه وسلم يتدرج مع هذا الرجل وهذا يُشعر أن السور التي تبدأ نفس البداية بينها نوع من العلاقة) فقالَ مِثلَ مقالتِهِ فقالَ الرَّجلُ: ولَكِن أقرئني يا رسولَ اللَّهِ سورةً جامعةً فأقرأَهُ: إذا زُلْزِلَتِ الأرضُ حتَّى إذا فرغَ منها (وسورة الزلزلة سورة جامعة وفي بعض الأحاديث وصف بعض آياتها أنها الفاذّة الجامعة كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم) قالَ الرَّجلُ: والَّذي بعثَكَ بالحقِّ، لا أزيدُ عليها أبدًا، ثمَّ أدبرَ الرَّجلُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أفلحَ الرُّوَيْجلُ، أفلحَ الرُّوَيْجلُ (يعني إن وفّى بهذا الأمر أفلح) إلى آخر الحديث. فهذا الحديث يربط بين هذه السور نأخذ منها اليوم سورة يونس وسورة هود وبينهما تقارب في أمور شتى كما أن هناك تقارباً بين الأنفال والتوبة، سورة يوسن وسورة هود بينهما تقارب:[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً في المطلع[/FONT][FONT=&quot] (الر)[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً كلتاهما مكية[/FONT][FONT=&quot] وكلتاهما فيما يبدو في نفس الفترة المكية لأن النقاش مع الكفار شديد والتهديد عظيم لكن عندنا آيات قليلة من سورة هود نزلت في المدينة وهي قوله تعالى (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) عندما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد قارف بعض الإثم فأخبره بالتكفير بالصلاة ونحو ذلك ونزلت هذه الآية مما يدل على أن هذه الآية والتي بعدها مستثناة (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴿١١٤﴾ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٥﴾) (الآيتان من سورة هود مستثناة من المكية). هذه نزلت في المدينة بعد الهجرة.[/FONT]
[FONT=&quot]من التشابه بين السورتين أن كلتيهما تحملان اسم نبي[/FONT][FONT=&quot]، هذه هود وهذه يونس وكذلك كل السور التي تبدأ بـ (الر): يوسف اسم نبي، إبراهيم اسم نبي، الحجر ليست اسم نبي بل هي اسم مكان لقوم كذبوا بنبي فعُذّبوا وهذا يناسب مقصود سورة الحجر، فالسورة اسمها قد يُشعر بمقصودها، وسورة الرعد ليست على اسم نبي وسيأتي الحديث عنها. [/FONT]
[FONT=&quot]لكن سورة يونس لها اسم آخر أما سورة هود فليس لها إلا هذا الاسم. سورة يونس تسمى "السابعة" كان الصحابة يسمونها الصابعة لأنها سابعة الطوال الست التي نهايتها الأعراف.[/FONT]
[FONT=&quot]هاتان السورتان إذا قرأت بدايتهما تعرف مقصودهما وموضوعهما[/FONT][FONT=&quot]. سورة يونس بدأت بقول الله تعالى (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴿١﴾ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴿٢﴾) عندنا موضوعان: (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) تدل على عظمة هذا الكتاب، وإن كان هو الكتاب الحكيم إذن كل من أراد الحكمة عليه أن يتمسك بهذا الكتاب وعليه أن يتدبر هذا الكتاب وعليه أن يعمل بهذا الكتاب لأن الحكمة وضع الشيء في موضعه فإذا أردت وضع الشيء في موضعه اقرأ هذا الكتاب لتعرف كيف تعبد الله وكيف تتعامل مع الناس وكيف تسير في هذه الحياة.[/FONT]
[FONT=&quot]الموضوع الثاني في السورة هو في قوله (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ) فالكفار تعجبوا من الوحي وكأنه أمر غير مألوف عندهم فجاءت السورة تبين أن الوحي تدل عليه الدلائل العقلية والنقلية ثم بينت السورة أيضاً أن هذا القرآن ينبغي أن يُتّبع وأن يسير الإنسان في هداه وفي أنواره. أيهما ينبغي أن يتقدم؟ إثبات أنه وحي أم الحث على الانتفاع به؟ إثبات أنه وحي، أولاً أثبِت أنه وحي ولذلك بدأ بهذا فبدأ القسم الأول من السورة يثبت أن هذا القرآن وحي ويثبت أصلاً أنه لا بد من وجود وحي لأنهم ينكرون وجود الوحي فأثبت لهم أولاً أن الوحي لا بد منه ثم أثبت لهم أن هذا القرآن وحي من الله وليس من عند النبي صلى الله عليه وسلم فهما مرحلتان أخذتا القسم الأول من السورة. وأعظم دليل على أن هذا الوحي لا بد منه هو هذا الكون الذي نراه ولنا لأنك لو وجدت مدينة كاملة وأنت تسير في طريقك إلى مكة وجدت أبنية ضخمة جداً فدخلت فوجدت مكاناً مجهزاً بأحسن التجهيزات وبأحسن الأثاث وأحسن الأبنية فقلت أحتاج شيئاً فقيل لك هنا كل واحد يفعل ما يريده، هل يُتصور هذا أو يُعقَل؟ أم لا بد أن يكون هناك نظام؟ الله الذي خلق السموات والأرض لا يمكن أن يتركها دون وحي ينظّم سير البشرية فيها ولذلك جاءت الآيات في السورة تبيّن تصريف الله للكون قال الله سبحانه وتعالى (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ ﴿٢﴾ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ) هنا ذكر الله سبحانه وتعالى من صفاته ما يدل على أن الوحي لا بد منه (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) إن كان يدبِّر الأمر فكيف يترك البشر في الأرض بدون وحي؟! وكيف يتعجب المخلوقون المؤمنون أنه الخالق لأن الكفار كانوا يؤمنون أن الذي خلق السموات والأرض هو الله وأن الذي يرزق هو الله وفي هذه السورة قال (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ﴿٣١﴾) خلق الله وتدبيره للكون من لوازمه العقلية أن يُنزل وحياً ولذلك جاءت الآيات تثبت وجود الوحي وتثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء من عند نفسه، هذه الخطوة الثانية بعد وجود الوحي. أهل الكتاب يؤمنون بالوحي يقولون الله أنزل التوراة على موسى أو الإنجيل على عيسى لكنهم لا يؤمنون بهذا القرآن وقال الله سبحانه وتعالى في نهاية هذا القسم عزّ من قائل (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٣٧﴾) فالقرآن جاء مصدقاً للكتب السابقة مما يدل على أنه صادق، ثم قال (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) إذا كنتم تؤمنون فعلاً بالوحي ولكن لا تؤمنون أن هذا القرآن من عند الله، إذا كان أتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأنتم عرب مثله وفصحاء مثله فاتوا بسورة من مثله! (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣٨﴾ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴿٣٩﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]بعد أن انتهى هذا القسم جاء القسم الثاني مبنياً على القسم الأول الذي أثبت أن الوحي ضرورة لا بد منه وأن هذا القرآن وحي. القسم الثاني جاء يبين مزايا هذا القرآن لنتمسك به ولنفرح به والله سبحانه وتعالى لم يأمرنا بالفرح في القرآن إلا في هذا الموطن في هذه السورة قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) إذا كان القلب قاسياً ففي القرآن موعظة (وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ) أيّ شيء في قلبك من حسد أو حقد أو كبر أو رياء يشفيك منه الله سبحانه وتعالى بكلامه (وَهُدًى) الهدى عكس الضلال فالذي يبعد عن القرآن يُخطئ ويضلّ والذي يسير مع القرآن يهتدي (وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٥٧﴾ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴿٥٨﴾) فضل الله ورحمته القرآن والإسلام فما أُمرنا بالفرح بشيء إلا بهذا الشيء (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) ثم بيّن شيئاً مما يفرح به الناس وما قيمته أمام القرآن قال (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) كل شيء يجمعه البشر القرآن خير منه يقيناً، لو مات الإنسان بعد أن جمع البلايين وليس عنده القرآن فما لم يجمعه أعظم مما جمعه وإنسان مات وما عنده شيء وعنده القرآن في قلبه يعمل به فقد جمع خيراً عظيماً ينفعه عند الله سبحانه وتعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ). [/FONT]
[FONT=&quot]وبيّن الله في هذا القسم أيضاً قصصاً لبعض الأنبياء تناسب السورة[/FONT][FONT=&quot] لأن السورة تثبت الوحي وهذه القصص تثبت الوحي، وهذه القصص فيها تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وهذه القصص تثبت النبي صلى الله عليه وسلم فذُكرت قصة نوح وقصة موسى وذُكرت بينهما قصة رسول مُجمل لم يُحدد اسمه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ (71)) إلى أن قال سبحانه وتعالى بعد قصة يونس وقبل قصة موسى عليه الصلاة والسلام (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ ﴿٧٤﴾) فإذا كنتم تستغربون من الوحي فأنتم تستغربون من تاريخ البشرية كله فإنه مملوء بالأنبياء الذين أنزل الله عليهم وحياً.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي القسم الأخير من السورة كأنه خلاصة السورة[/FONT][FONT=&quot] لأن كل السورة تثبت أن القرآن حق وأنه ينبغي العمل به، قال الله سبحانه وتعالى في آخر السورة (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ) يقابل إثبات أن القرآن حق (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) إن كنتم في شك فأنا لست في شك بل أنا أعبد الله سبحانه وتعالى (فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) من الذي يستحق أن تتوجه إليه وتعتصم به وتطلب منه الذي بيده حياتك وموتك (وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) وهذا تهديد لهم وتعليل للعبادة، كيف تعبد من لا يملك حياتك؟ كيف تتوجه لمن لا يملك حياتك بل لا يملك حياته هو أصلاً؟! قال (وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٤﴾ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٥﴾) هذا نداء والنداء الثاني في آخر السورة (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴿١٠٨﴾) ثم جاء الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿١٠٩﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]بهذا انتهت سورة يونس وهي بهذا تناسب سورة هود التي بعدها تماماً لأنه قال في آخرها (وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ) يعني القرآن (وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿١٠٩﴾) ثم قال في بداية سورة هود (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ) أمره باتّباع الكتاب في آخر السورة وبيّن له هنا قيمة هذا الكتاب. ثبت أن القرآن حق في سورة يونس وهنا يبين ما هي حقيقة هذا الكتاب وما هي دعوة هذا الكتاب قال (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴿١﴾) مواصفات لا تعدلها مواصفات! أحياناً تذهب لتشتري سيارة بحسب مواصفاتها وبحسب صانعها ولله المثل الأعلى تشعر بقيمتها وأحياناً ترفض البضاعة لأنها صناعة تقليد أو أن غيرها أحسن منها والإنسان يأخذ من البضاعة بحسب قدرته لكن القرآن جاءنا بدون ثمن، جاءنا رحمة من الله سبحانه وتعالى وإلا فمن يستطيع أن يدفع ثمن القرآن؟! من يستطيع أن يحصل على القرآن بقدرته؟! لا أحد، الله سبحانه وتعالى يقول لنبيه (وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَن يُلْقَىٰ إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ[/FONT] (86) القصص) فهذا القرآن جاءنا بمواصفات عالية جداً، الله وصفه، المتكلِّم به وصفه قال (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) لو جاءك الكتاب ممن عنده حكمة وخبرة لفرحت لن إذا جاءك من الحكيم الخبير سبحانه وتعالى حكمته ليست مثلها حكمة وخبرته ليست مثلها خبرة سبحانه وتعالى والخبير أخصّ من العليم يعلم الأمور الدقيقة وهذا كلامه وقد جاءنا دون أن نطلبه وهذا من رحمة الله بنا. قال مبيناً خلاصة هذا الكتاب وملخّصه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) هذه خلاصة هذا الكتاب (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴿٢﴾) ومع العبادة هل سيحصل من الإنسان خطأ؟ نعم ولا بد قال (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) الاستغفار عبادة والتوبة عبادة لكنها هي لا بد منها إذ هي متممة للعبادة، كلنا نذنب (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ) لكنني يا رب أقصّر في هذا وأرائي وأفعل قال (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) ولذلك كان سيد العابدين صلى الله عليه وسلم كثير التوبة والاستغفار وتتعجب أنه كان صلى الله عليه وسلم يتوب إلى الله ويستغفره في المجلس الواحد مرات ومرات ونحن قد تمر علينا الأيام دون استغفار إلا بعد الصلاة وهو خير كبير أن تستغفر بعد الصلاة فرغم أنك كنت في عبادة وتصلي وربما خشعت في صلاتك وربما استحضرت معية الله في صلاتك ثم تقول: أستغفر الله، أتسغفر الله، أستغفر الله، لا بد منها لكل من أراد أن يسير في موكب العابدين (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴿٣﴾ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٤﴾).
[FONT=&quot]في هذه السورة قصص أكثر بكثير من سورة يونس ولذلك بعض العلماء يرى أن كل سورة تفصّل في شيء من السورة التي سبقتها ويرى أن هذا مطرد في القرآن، قصة نوح ذكرت في سورة يونس في آيتين أو ثلاث وهنا ذُكرت بالتفصيل ثم قال (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ (74)) ذكرهم إجمالاً وهنا فصّل ذكر هوداً وصالحاً ولوطاً وذكر شيئاً من قصة إبرهيم وذكر شعيباً فهذا تفصيل فذكر في السورة تفصيل لم يُذكر في السورة السابقة وإن كانت قصة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام قد ذُكرت في هذه السورة مختصرة. فهذه القصص جاءت لتبين أن كل الرسل كانوا في هذه الدعوة (العبادة إلى الله والاستغفار والتوبة) واقرأ هذه القصص تجد هذا فيها ظاهراً جداً. ولها مع ذلك غرض آخر وهو تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم على دعوته ولقد جاء في أول السورة (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٢﴾) وجاء فيها (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴿١٤﴾) فجاءت القصص تثبت النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه على هذا الدين وعلى هذه الدعوة وتبين أن دعوة القرآن هي دعوة كل الرسل السابقين.[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن انتهت القصص قال الله سبحانه وتعالى مبيناً العبرة من تلك القصص لأنه ذكر فيها إهلاكاً عظيماً لقوم نوح ولغيرهم قال (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ (42)) هذه السفينة سارت بقوم نوح بعد أن أهلك الله من أهلك قال (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴿٤٠﴾۞ وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿٤١﴾) والرحمة ذكرت في هذه السورة كثيراً مع نجاة المؤمنين قال العلماء لأن الإنسان لا ينجو إلا برحمة الله سبحانه وتعالى فالمؤمنون ينجون برحمة الله والكفار يهلكون بعدل الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]جاء بعد القصص قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ) ترون ديارهم مثل ما يذكر الآن عن قوم صالح إن كانت هذه ديارهم والبعض يقول هي ديار قريبة من ديارهم لكن كانت ديار صالح موجودة أيام النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيت فإن كانت هي فهي قائمة (وَحَصِيدٌ) يعني محصود مثل الزرع المحصود فمن الديار ما هو قائم ومنها ما هو حصيد (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ﴿١٠١﴾ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴿١٠٢﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ) من شروط الانتفاع بالقرآن والخوف من كلام الله سبحانه وتعالى أن يؤمن الإنسان بالآخرة وإذا نسي الإنسان الآخرة ضعف هذا الأمر وإذا أنكر الإنسان الآخرة لن ينتفع بالقرآن أصلاً قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴿١٠٣﴾ وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ﴿١٠٤﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]وفي نهاية السورة جاءت أوامر للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه بالثبات على هذا الدين والإكثار من الطاعات ومن أعظمها ثوله سبحانه وتعالى (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿١١٢﴾ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴿١١٣﴾ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴿١١٤﴾ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٥﴾) أسأل الله أن يجعلنا من المحسنين المنتفعين بهذا القرآن.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة يوسف وسورة الرعد وسورة إبراهيم[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 10 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نبدأ بما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بسند ثابت[FONT=&quot][1][/FONT] قال: نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه عليهم زمانًا (أي على الصحابة وهذا هو أعظم ما يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، القرآن، (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته)) فقالوا: يا رسول الله لو قصصت علينا (كأنهم مع الزمن أحبوا نوعًا من التغيير) فأنزل الله (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿١﴾) هذه بداية سورة يوسف (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢﴾ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٣﴾) هم طلبوا شيئًا آخر فنزلت عليهم آيات (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) قال: فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم زمانًا فقالوا يا رسول الله لو حدّثتنا فأنزل الله آية سورة الزمر (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (23)) قال الراوي: كل ذلك يؤمَرون بالقرآن (كلما طلبوا شيئاً يأتيهم بشيء من القرآن وهذا درس للأمة كلها في بقية عصورها يبحث الإنسان عن موعظة تذكره بالله فلا يجد شيئاً أعظم من كتاب الله (قد جاءتكم موعظة من ربكم) شخص جاءته مكرمة من الملك -ولله المثل الأعلى- فهل يسأل أحدًا آخر ويطلب موعظة من بشر؟!! هذا من ضعف البصيرة! عدم صلاحية القلب وإلا لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا سبحانه وتعالى، الصحابة كانوا يؤمَرون بالقرآن ونحن نسير على نهجهم ما استطعنا وإلا أين نحن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟!! لكن: [/FONT]
[FONT=&quot]فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إنّ التشبه بالكرام فلاح [/FONT]
[FONT=&quot]نسأل الله أن يجعلنا من المفلحين المتشبهين بأصحاب النبي الكريم المحشورين في زمرتهم مع سيد ولد آدم أجمعين.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف[/FONT]
[FONT=&quot]سورة يوسف هذا سبب نزول مطلعها وسورة يوسف بدايتها (تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) من معاني المبين الواضح الجليّ وهذه السورة تبين بجلاء أن هذا القرآن من عند الله لا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، مرّ معنا في سور أخرى إثبات أن القرآن حق لكن هنا أُثبت بطريقة مختلفة وهي ذكر قصة يوسف فذكر قصة يوسف هنا بهذا التفصيل الدقيق دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يأت بشيء من عنده. لو تأملنا في القصة في أولها (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ) من ثالثهما؟ الله. بعد ذلك (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) لا أحد مع هؤلاء العصبة من البشر، الله سبحانه وتعالى هو الذي يسمع كلامهم، وقال في النصف الأخير من القصة (قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ (77)) من الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بها؟ الله. أنت عندما تحكي قصة تحكي بحسب ما تراه عيناك وعينك لا ترى ما يُسرّ في النفوس لكن الله سبحانه وتعالى قال في آخر القصة (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102)) لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم معهم وهذا دليل على أن القرآن حق من عند الله تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) فهذه السورة دليل صادق خاصة لليهود أن هذا القرآن حق لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة نزلت في مكة وكل هذه السورة يوسف والرعد وإبراهيم نزلت في مكة لكن سورة الرعد فيها خلاف كبير بين العلماء هل هي مكية أو مدنية، سورة يوسف متفق على مكيتها وكذلك سورة إبراهيم لكن سورة الرعد فيها خلاف مشهور لكن الراجح أنها مكية أيضاً لأنها تدور حول آيات العقيدة وهذا دليل على مكيتها إلى أدلة أخرى في السورة في أسلوبها تدل على ميكتها. فكل هذه السور مكية، سورة يوسف نعرف أن مطلعها نزل قبل سورة الزمر لأنهم لما قالوا لو قصصت علينا قال (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) بعد فترة قالوا لو حدثتنا فنزل (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) إذن ما نزل من سورة الزمر نزل بعد سورة يوسف، وأمر آخر أن هذه السورة لم تكن مبكرة لأن قال (فتلا القرآن علينا زمانا) بعد فترة بعد أن حصل الشعور بالرغبة بأسلوب جديد نزلت عليهم هذه القصة العظيمة (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ﴿٣﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة موضوعها الأساسي إثبات أن القرآن حق[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]من خلال هذه القصة وما فيها من عبر كثيرة جداً كما ذكر ابن القيم في بعض كتبه عندما استنبط من آياتها فوائد كثيرة قال: ولو فسح الله في العمر لأفردت كتاباً أستخرج فيه ألف فائدة من هذه السورة. ولم يصل إلينا هذا الكتاب إن ألّفه وقد يكون مات دون أن يؤلفه فجاء بعض المعاصرين وحاولوا أن يجمعوا فوائد سورة يوسف فجمعوا أكثر من ألف فائدة في مجلدين مطبوعة، وعندما قرأت الكتاب وجدت أن المؤلفين تركا كثيراً من الفوائد وكانا يحاولان أن يكونا على أمنية ابن القيم فجاؤا بألف فائدة وزيادة ولو أرادوا أن يستقصوا لما استطاعوا (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) الكهف) والقرآن لا تنقضي عجائبه. فهذه القصة مملوءة بالعِبر، ما قبلها يشير أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم عن هذه القصة شيئًا قبل نزولها (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) وما بعدها تأكيد للغرض من الإتيان بهذه القصة قال (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) بعد كل هذا ألا يؤمن البشر؟!! المفترض أن يؤمنوا، قال الله (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) هذا الدليل القاطع هو كافٍ للإيمان لكن أكثر البشر لن يؤمنوا وهذه سُنة الله المطّردة في كل عصر أكثر الناس لا يحرصوا على الإيمان (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿١٠٣﴾ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿١٠٤﴾) ثم نبّه أن هناك آيات أخرى غير القرآن كثيرة فقال (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾) الآيات ليست مقتصرة على هذه السورة، أمامهم السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون وهذا ذنب نقع فيه ونغفل عنه، من الذنوب التي بيّن الله أن عاقبتها النار وهي الغفلة عن آيات الله الكونية، كم مرة نرى الشمس والمطر والمؤمن أحياناً يغفل وهذا ذنب يوجب العقوبة، الغفلة عن آيات الله (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (8) يونس) هذه إذا كانت غفلة تامة وإلا فالمؤمن يتذكر فيحمد الله لكن التذكر أيضاً درجات يحرص الإنسان على أعلى درجاته. قال (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴿١٠٦﴾) إلى أن قال في آخر آية في السورة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١١١﴾) في هذه السورة ذكر آية عظيمة هي قصة يوسف دالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخر السورة بيّن أن هناك آيات أخرى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾) جاءت السورة التي بعدها وهي سورة الرعد تبين آيات الله في الكون فكأنها تقصيل لتلك الآية (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾) لو سأل سائل ما هي تلك الآيات؟ فتأتي سورة الرعد فيها كثير من تلك الآيات.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الرعد[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الرعد مكية فيها خلاف لكن على الراجح أنها مكية بدأت بقوله تعالى (المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (1)) بدليل السورة السابقة جاءتهم هذه الآية فلم يؤمنوا، ثم دارت السورة كلها حول كفر الكفار وذكر صفات الله التي ينبغي أن تردعهم عن كفرهم وذكر خلق الله سبحانه وتعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴿١٠٥﴾ يوسف) لو فتحت المصحف أو كنت حافظاً للسورة وقرأت تجد أن فيها كلمتين تتكرران بنسب متساوية تقريباً (الله) ذكرت ثلاث مرات، ذُكرت في أول السورة (اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)) وبعدها بصفحة (اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8)) وبعدها بصفحتين (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ (26)) إذن فيها تعريف بالله سبحانه وتعالى وبصنعه في خلقه، هذا أحد اللفظين المتكررين.[/FONT]
[FONT=&quot]اللفظ الثاني (ويقول الذين كفروا) تتكرر في السورة وردت في أول السورة (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلآ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7)) وفي منتصف السورة (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27)) وفي آخر السورة (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43)) الأولى والثانية يقولون أنهم يريدون آية مع أن القرآن آية وأعظم آية والنبي صلى الله عليه وسلم أُعطي خيراً مما أعطي غيره من الرسل أُعطي المعحزة الخالدة القرآن وهم يقولون (لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ). فالسورة تعرِّف بالله وتردّ على الكفار في شبهاتهم فبدأت بعد المقدمة بقوله تعالى (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ﴿٢﴾ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ) هذه الجبال التي تمسك الأرض الله سبحانه وتعالى هو الذي مدّها وهو الذي جعلها رواسي راسخة تثبت الأرض (وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) نحن نأكل وننسى الصانع ونشرب الماء وننسى من الذي يسّره مع أنه وكل ما سواه من تيسير الله تعالى للإنسان (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٣﴾ وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴿٤﴾) إلى أن قال (وَإِنْ تَعْجَبْ) إن كان هناك شيء عجيب بعد هذا الخلق العظيم (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ألا يرون هذا السماء والأرض والشمس والقمر فيتعجبون من إعادة خلقهم مع أن الذي خلقهم أول مرة هو الذي سيخلقهم مرة أخرى هو الذي سيعيد خلقهم فما العجيب في ذلك؟ لا عجب وإنما هي الضلالة والعياذ بالله! (أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم عرّف بنفسه سبحانه وتعالى مرة أخرى قال (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴿٨﴾) التعريف الأول كان تعريفاً في الغالب بقدرة الله سبحانه وتعالى والتعريف الثاني كان تعريفاً بعلم الله سبحانه وتعالى مع بيان أنه أنزل وحياً وأن الناس انقسموا مع هذا الوحي فمنهم من آمن ومنهم من كفر قال الله سبحانه وتعالى في آية عظيمة ينبغي أن نتأمل فيها وهي تبين لنا لماذا يتكرر في سور كثيرة إثبات أن القرآن حق لأن اعتقادك أن القرآن حق يغير حياتك كلها إن كنت تعتقد حقاً. إنسانان يجتمعان في مكان واحد وكل منهما عنده اعتقاد مختلف لا يمكن أن يتصرف نفس التصرف وإذا تصرفا نفس التصرف فمعنى هذا التطابق في التصرف أن الاعتقاد واحد، قال الله سبحانه وتعالى (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴿١٩﴾) بهذا التقسيم قسّم الله الخلق إلى اثنين: إنسان يعلم أن الذي أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الحق والثاني أعمى وهذا يسميه أهل البلاغة "الاحتباك" أن يُذكر شيء ويُطوى شيء ثم يُذكر شيء ويُطوى شيء (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) يقابله الذي لا يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحق، هذا المقابل لم يُذكر. (أعمى) يقابله البصير ولم يُذكر فنفهم أن الذي يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق بصير وأن الذي لا يعلم أنه منزّل من ربك بالحق أعمى، هذا اختصار يجعل القرآن محمياً من فهم البشر إلا أن يتأمله أما كل واحد يفهم، لا، لا بد أن يتدبر ويتأمل ويتفكر وأن يقرأ في التفسير ويجتهد حتى يفهم. (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) هل تعرف إنساناً لا يؤمن بالقرآن؟ أيّ واحد لو كان مخترع الذرّة فهو مسكين أعمى، هل تعرف رجلاً أمياً لا يقرأ ولا يكتب وهو يؤمن بهذا القرآن؟ هذا بصير. ثم العمى درجات والبصر درجات، كلما زاد اليقين أن هذا القرآن من رب العالمين كلما زادت الرؤية قوة، هذه درجات البصيرة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى فبصيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليست كبصيرة أحد من البشر، أبو بكر الصديق مثل بقية الصحابة؟! نحن في انغماسنا في شهواتنا تضعف بصيرتنا، كلما قرأت القرآن وأيقنت أنه حق أكثر كلما تنورت بصيرتك، فهل تصرفاتي اليوم كتصرفاتي بالأمس أو تصرفاتي في الغد؟ أم أن هناك لحظات غفلة وهناك لحظات يقظة بحسب الإيمان بهذا القرآن؟ قال (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٩﴾) فالناس فريقان والقرآن يتكرر في كثير من السور أنه الحق لأن هذه الحقيقة هي الأساس بدونها لا قيمة لشيءن إذا اعتقدت أن الشيك الذي في يدك مزوّر لا يمكن أن تنتفع به وإذا أيقنت أنه حقيقي ستتصرف به. (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٩﴾) آية فاصلة تفصل بين الخلق نسأل الله أن يجعلنا ممنيوقن أن ما أنزل إلينا من ربنا على نبينا صلى الله عليه وسلم هو الحق. [/FONT]
[FONT=&quot]في آخر السورة قال الله سبحانه وتعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا) أنكروا الرسول أصلاً (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴿٤٣﴾) الله يشهد فالله سبحانه وتعالى في كل عصر ومصر يأتي بآيات تدل على صدق نبينا صلى الله عليه وسلم منذ بعثته وإلى أن يشاء الله سبحانه وتعالى ثم من عنده علم الكتاب ومن عنهدم التوراة والإنجيل يعرفون ويشهدون أن النبي صلى الله عليه وسلم حق (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ (146) البقرة) [/FONT]
[FONT=&quot]سورة إبراهيم[/FONT]
[FONT=&quot]ختمت هذه السورة بذكر الكتاب وبدأت سورة إبراهيم بذكر الكتاب. سورة يوسف أكّدت أن القرآن حق من خلال قصة يوسف، سورة الرعد أكّدت أن القرآن حق من خلال أفعال الله في خلقه، هذه السورة بينت مواصفات القرآن نفسه، الآن عرفنا أن القرآن حق فكيف سأتعامل معه؟ هل هو دواء أشربه؟ أم سائق يدلني على الطريق؟ وصفه الله في هذه السورة وصفاً عظيماً لا ينبغي أن يغيب عن المؤمنين. وسورة إبراهيم سورة مكية كسابقتيها بدأت بقوله تعالى (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ) هذه المرة ذكر الهدف فقال (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿١﴾) فالنبي صلى الله عليه وسلم يُخرج الناس من الظلمات إلى النور بالقرآن لكن لا يمكن لأحد أن يحصل له هذا الخروج من الظلمات إلى النور حتى لو جالساً بجانب النبي صلى الله عليه وسلم كأبي جهل وأبي لهب إلا بإذن الله قال (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ) هذه المرة ذكر الهدف فقال (لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) نسأل الله أن يخرجنا من الظلمات إلى النور. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها كثير من الآيات التي تبين كيف ينتقل الإنسان من الظلمات إلى النور[/FONT][FONT=&quot]، البعض يظن أن هذا الكلام مجازي، لا، القرآن نور، أنت ترى الأشياء كل إنسان يرى الأشياء بحسب عقيدته فيرى الشيء على غير ما يراه غيره، لو قال لك أحدهم وهو يمارس الفاحشة مات أنت كمسلم تعتقد أن هذا سوء خاتمة، واحد رأيته وهو فقير وساجد في الحرم ومات كيف تنظر له؟! أنت عندك نور. الكافر كيف ينظر لهذين الإثنين؟ ينظر للأول على أنه استمتع إلى آخر لحظات حياته لأنه يعيش في الظلمات. القرآن يُخرجنا من الظلمات إلى النور من خلال آياته المختلفة ولذلك تجد في هذه السورة لفظة تتكرر كثيراً وهي قوله تعالى (ألم تر) لو شرحنا هذه الكلمة بالعامية نقول: أنت ما شفت؟ العجيب أن الأشياء التي قال الله تعالى عنها (ألم تر) هي أشياء نراها، إذا كنت ترى الأشياء فلماذا يقال لك ألم تر؟ لأنك ما انتفعت بالرؤية أو رأيت رؤية قاصرة أو خاطئة، يقال لك (ألم تر) فتعرف أنك لم تره أو رأتيه رؤية فيها ظلمة وإذا رأيته بالقرآن تراه رؤية فيها نور. [/FONT]
[FONT=&quot]بيّن الله عدداً من الأنوار الموجودة في القرآن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ونبّه عليها وغالباً ينبه عليها بلفظة (ألم تر) فمن ذلك: [/FONT]
· [FONT=&quot]إهلاك الأمم السابقة، هذا نور لأن الذي لا يعرف أن الأمم السابقة هلكت لما عصت الله يقلّدها في هذا العصيان وللأسف لما ضعف القرآن في قلوب كثير من المسلمين صاروا يقلدون الشرق والغرب رغم أنهم يعرفون أنهم على الكفر وأن عاقبة الكفر دار البوار لكن لضعف النور قلّدوهم وحاكوهم وتمنوا أن يكونوا مثلهم وقبلوا دون ضرورة بالعيش في بلادهم كل هذا من ضعف النور الذي هو مترتب على ضعف الانتفاع بالقرآن. [/FONT]
· [FONT=&quot]ومن الآيات التي جاءت في السورة (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿١٩﴾ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ﴿٢٠﴾) فكّر في هذه الآية لتتغير رؤيتك للأشياء! خلق الله السموات والأرض بالحق ما خلقهما عبثاً إن يشأ يُذهبكم أنا وأنت موجودون هنا الآن بإرادة الله وبمشيئته، إن يشأ يُذهبكم ويأتِ بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز. الذي يؤمن أنه إلى زوال إلا أن يحفظه الكبير المتعال كيف يمشي في الأرض؟ يمشي متكبرًا؟! متغطرسًا؟! إنما يمشي متكبرًا من كان في الظلمة يرى أنه قوى يرى أنه غير محتاج يمشي في الظلمات (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ[/FONT] فِي الظُّلُمَاتِ (39) الأنعام) لكن الذي يؤمن بالآيات (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) تغيّر حياته.
· [FONT=&quot]من الآيات التي لفت الله سبحانه وتعالى إلى أنواره (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾) كان الكفار كما ذكروا بعضهم يصنع بعضهم الإله من التمر فإذا جاع أكله وكان إذا سار في سفر يجمع أربعة من الحجارة ثلاثة منها يضعها للقِدر والرابع حتى يسجد له ويعبده فتستغرب من هذا، لكن هذا كان محصوراً في جزء من حياتهم وعامة حياتهم بعيدة عن العقيدة، بعيدة عن إيمانهم بأن الله هو الخالق وهو الرازق وأن هؤلاء شركاء. أما (لا إله إلا الله) فهي كلمة مختلفة كلمة تنعكس على كل الحياة قال (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) إذن (لا إله إلا الله) لها أثر على كل حياة الإنسان. الإنسان قبل أن يعرف هذا يعتقد أن (لا إله إلا الله) يعني أن أصوم وأصلي وأزكّي وأحجّ، لا، (لا إله إلا الله) لا بد أن تظهر وأنت تبيع وتشتري وهذا محك خطير يزلّ فيه الكثيرون! (لا إله إلا الله) تظهر عندما تحصل خصومة بين اثنين، ماذا يقول؟ ويسكت عن ماذا؟ هل يزيد الكلام أو يُنقصه؟ يُخرج كل ما في نفسه من غضب بسبّ ولعن وشتم أو تظهر عليه لا إله إلا الله؟! انظر كيف ظهرت (لا إله إلا الله) عند النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان تحت ظل شجرة فجاءه الكافر فقال: من يمنعك مني؟ قال صلى الله عليه وسلم: الله! ظهرت لا إله إلا الله. سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه الأسد وهو ضالّ في جزيرة فرأى أسدًا فقال يا أبا الحارث (وهذه كنية الأسد عند العرب) أنا مولى رسول الله دلّني الطريق، هذا مؤمن إيمانًا لا نصل إليه بسهولة لكن كلما زادت (لا إله إلا الله) كلما ظهرت آثارها يقينًا وتوكلًا واعتمادًا على الله ومراقبة له سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]تكررت كلمة (ألم تر) وفي آخر السورة تكررت كلمة أخرى، (ألم تر) تبصّرك بالنور، والكلمة الأخرى التي تكررت في آخر السورة تنقلك عن الظلمة قال (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) إذا جاءتك لحظة ظننت أن الله غافل عن فلان أو عِلان ممن يذبِّح الناس ويظلمهم ويأخذ أموالهم فأنت في ظُلمة تخرج منها بهذه الآية (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴿٤٢﴾). ويقول بعدها (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) وهذا أيضاً قد يخطر في نفس الإنسان والإنسان بشر فتأتيه آية القرآن تنقله من الظلمة التي يعتقد فيها أن الله يُخلف وعده رسله تعالى الله عن كل ذلك وتنقله إلى الحقيقة (فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴿٤٧﴾) نسأل الله أن يجعلنا من أهل رحمته ومغفرته.[/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT] [FONT=&quot]أُنزل القرآنُ على رسولِ اللهِ ، فتلا عليهم زمانًا ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ لو قصصتَ علينا ، فأنزل اللهُ تبارك وتعالى : الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إلى قولِه : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ، فتلا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم زمانًا ، فقالوا : يا رسولَ اللهِ ! لو حدَّثْتَنا ، فأنزل اللهُ : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا الآيةُ ، كلُّ ذلك يُؤمَرُونَ بالقرآنِ . قال خلادٌ : وزاد [ ني ] فيه آخرُ قالوا : يا رسولَ اللهِ ! ذكِّرْنا ، فأنزل اللهُ : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوْا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ. الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الموارد - الصفحة أو الرقم: 1462- خلاصة حكم المحدث: صحيح[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الحجر وسورة النحل [/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 11 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحجر امتداد لسور سبقتها ومرّ معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سماها (ذات الر) بداية من سورة يونس وحتى سورة الحجر وبينها سورة الرعد (المر) بعض العلماء يُدخلها فيها وبعضهم يُخرجها. هذه السورة آخر سورة من ذات الر، سورة الحجر. ولاحظ بعض العلماء أن السور التي تبدأ بنفس الحروف وتأتي متوالية تكون آخر سورة فيها مناسبة للختام ويكون في ختامها آية مناسبة للختام فمن ذلك هذه السورة فإن آخر آية فيها (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴿٩٩﴾) إلى أن يأتيك الموت، أمرٌ بالاستمرار على العبادة فهو مناسب لختم هذه السور. وفي السور المبدوءة بـ (طس) و(طسم) جاء في آخرها (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88) القصص) وهكذا في السور التي تبتدئ بنفس الحروف تجد أن آخر سورة فيها فيها ختام يناسب الختام وكأنها مجموعة وانتهت ومنها هذه السورة فإن في آخرها (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة إذا قرأت أولها يقول الله سبحانه وتعالى في مطلعها (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ مُبِينٍ ﴿١﴾ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ﴿٢﴾) فالسورة تدور حول كفر الكفار وشدة إعراضهم وأنهم يتمنون يوم القيامة أن لو كانوا مسلمين ولقد جاءت في هذا عدة أحاديث لا تخلو من ضعف ولكنها تدل في مجموعها على أصل المعنى منها ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُخرج الله أناساً من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم قال لما أدخلهم الله مع المشركين قال المشركون أليس كنتم تزعمون في الدنيا أنكم أولياء فما لكم معنا في النار (الموحّدون بعضهم في النار والمشركون في النار فيقول لهم المشركون ماذا استفدتم بعد هذا صرتم معنا في النار؟) فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة فتشفع لهم الملائكة والنبيون حتى يخرجوا بإذن الله - ولا يبقى من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان في النار لا بد أن يخرج منها يوماً من الدهر – قال فلما أُخرجوا قالوا يا ليتنا مثلهم، فذلك قول الله جلّ وعلا (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ) يتمنون ذلك لكنهم في الدنيا كما قال الله (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) مشغولون ويؤخرون التوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى همّهم الأكل والتمتع (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) ثم قال الملك جلّ في علاه (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وأنت تشعر بقيمة هذه الكلمة بحسب قائلها لو توعّدك أحدهم، هذا الكلمة تقابل (فسوف تعلمون) ستعرف لكن إن قالها ضعيف فهي ضعيفة وإن قالها متوسط في القوة فهي متوسطة في القوة وإذا قالها القوي المتين ذو العرش المجيد الفعّال لما يريد قال (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) تكفي لمن كان في قلبه إيمان أن يخاف ويرتدع. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة باعتبار أنها من ذوات (الر) فهي مكية مثل بقية السور وجاء في آخرها (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿٩٤﴾) مما يدل على أنها مبكرة في النزول لأن هذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة وفيها أيضًا (وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ ﴿٨٧﴾) والسبع المثاني هي سورة الفاتحة مما يدل على أن هذه السورة نزلت بعد سورة الفاتحة. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة تدور في كثير من آياتها حول كفر الكفار وشدة إصرارهم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]حتى نعرف صفاتهم التي إن اتصفنا بها كان لنا شبه بهم بقدر اتصافنا بها ومنها انشغالهم بالدنيا (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿٣﴾). وهذه السورة تقسّم بعد مقدمتها التي تبين شدة إعراض الكفار حتى قال سبحانه وتعالى (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿١٤﴾ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ﴿١٥﴾) مهما كانت الآيات فإنهم لا ينتفعون بها بل يظلون مصرين على كفرهم والعياذ بالله! هذا القسم الأول من السورة يبين كفرهم وشدة إعراضهم.[/FONT]
[FONT=&quot]القسم الثاني يبين ما حولهم من آيات[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لو تأملوها لعرفوا الحق ولعرفوا قدرة الله سبحانه وتعالى وقدرته على البعث عز وجل قال (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴿١٦﴾) انظُر في السماء خاصة في الليل وانظر إلى النجوم لتعرف ما هي قدرة هذا الرب سبحانه وتعالى الذي خلق هذه السماء بهذه السعة، ما أنت ومن أنت؟! عندما يقف الإنسان أمام الجبل يشعر أنه صغير جداً والله سبحانه وتعالى ألقى في الأرض رواسي بكل يسر وسهولة منه سبحانه وتعالى. قال (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴿١٦﴾ وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ﴿١٧﴾ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ﴿١٨﴾ وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ﴿١٩﴾) إلى غير ذلك من الآيات التي ذكرها الله وهذه الآيات تتكرر في سورة كثيرة ومن التفريط في حق القرآن بل في حق الإنسان مع نفسه أنه لا ينظر إلى السماء والأرض ولا يتأمل فيها، يأكل ويشرب ويمشي يعيش على الأرض ولا ينظر فيها، يستظلّ بالسماء ولا يتأمل فيها، تمطر عليه السُحُب ولا يقول سبحان الله! هذا خذلان والعياذ بالله! وكثيراً ما تأتي الآيات في القرآن تتحدث عن هذا وهذا من أهم مقاصد القرآن "الاستدلال بالمخلوقات على خالقها والاستدلال بالمخلوقات على وجوب التوجّه لمن خلقها وسخّرها لنا سبحانه وتعالى".[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثالث من السورة جاءت مجموعة من القصص[/FONT][FONT=&quot]: أولها قصة إبليس وآدم وهذه القصص جاءت لفوائد متعددة. قصة آدم في القرآن ذكرت سبع مرات لها هدف عام في هذه المرات السبع وهو الاستدلال على البعث. قصة آدم كيف نستدل بها على البعث؟ الذي خلق أول مرة قادر على أن يخلق مرة أخرى، هذا دليل عام شامل لكل السور التي جاءت فيها قصة آدم لكن في كل قصة تكون لها خصوصية معينة أخرى زائدة على قضية البعث وهذا من حكمة الله، تأتي القصة الواحدة في أماكن مختلفة لتحقق أغراضًا مختلفة ولذلك يختلف التعبير فيها لا تجد القصة إذا ذُكرت مرتين إلا وفيها اختلاف يسير وأحيانًا اختلاف يسير جدًا لا يعرفه إلا من يحفظ الآيات وأحيانًا يكون الاختلاف واضحًا. في هذه القصة والقصة التي بعدها (قصة إبراهيم مع لوط وذكرت إشارة إلى أصحاب الأيكة وأصحاب الحجر، هذه القصص ذكرت في سور أخرى لكن كل سورة تأتي لعبرة معينة). قصة آدم كما بحثها بعضهم قال كلها تدل على إمكانية البعث لكن في سورة الحجر تدل على التصلب في الكفر ولو تأملت في كلمات إبليس في هذه القصة وتأملت في صفة خلقه وتأملت في وعيده قال (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٣٩﴾ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿٤٠﴾ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴿٤١﴾ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿٤٢﴾ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٣﴾ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴿٤٤﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذُكرت قصة لوط وهذا الاصرار على الكفر الذي قلنا أنه موضوع السورة من بدايتها، الإصرار على الكفر ظاهر جدًا في قصة لوط كما لم يظهر في أي سورة أخرى ذُكر فيها قوم لوط فإن الله وصف قوم لوط في هذه السورة وصفًا لا نجده في أي سورة من القرآن لأي أحد من الكفار قال (لَعَمْرُكَ) هذا قسم من الله بعمر النبي صلى الله عليه وسلم (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٢﴾) قوم لوط كانوا سُكارى والعياذ بالله من شدة الشهوات التي انغمسوا فيها وهذا مناسب لشدة الكفر ولذلك لما ذكر عذابهم في هذه السورة قال (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا) في سورة أخرى قال (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ[/FONT] (82) هود) هنا أمطر الله على القرية لكن في هذه السورة قال (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٧٤﴾) قال بعض العلماء قال هنا (عليهم) وهناك قال (عليها) كان الكلام عن القرية كلها لكن لما قال (عليهم) فهو مخصوص لهم وهذا بتناسب مع شدة كفرهم، عندما ذكرت شدة كفرهم ذكر أن العذاب توجه إليهم مباشرة نسأل الله أن يقينا عذابه وأن يوقظنا من غفلتنا وأن لا يجعلنا ممن يصابون بمثل هذه السكرة والعياذ بالله.
[FONT=&quot]هذه القصص امتدت جزءاً من السورة ثم جاءت في آخر السورة أوامر للنبي صلى الله عليه وسلم في مقابل هذا الكفر الشديد قال الله (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ﴿٨٥﴾) ثم قال (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿٨٨﴾) إلى غير ذلك مما ختم بقوله (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴿٩٩﴾) ولهذا فإذا رأيت كفر الكفار فهذا يجعلك تلتجئ إلى الله أكثر وتثبت على الحق مع دعوتهم (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴿٩٤﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النحل[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة النحل فهذه السورة يسميها بعض العلماء سورة النِعَم لأن النعم المذكورة فيها كثيرة وسورة النحل مكية مثل سورة الحجر لكن فيها آيات مستثناة فقد قال الله سبحانه وتعالى في آخر السورة (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١١٠﴾) هذه نزلت بعد الهجرة وكذلك قوله تعالى على ما اختار أكثر المفسرين (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴿١٢٦﴾ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴿١٢٧﴾) هذه الآيات نزلت في المدينة قيل إنها نزلت بعد غزوة أحد حين صنع المشركون ما صنعوا بحمزة وغيره فأراد المسلمون الانتقام وقيل غير ذلك وجمهور العلماء على أن هذه الآيات نزلت في المدينة أما عامة السورة فنزلت في مكة. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة تدعو إلى الاستسلام لله تعالى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]خاصة في القسم الأول منها، تدعو إلى الاستسلام لله والإسلام هو الاستسلام لله فهي تدعو إلى الاستسلام لله سبحانه وتعالى من خلال أمرين: [/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر الأول أن القيامة آتية وهي قريبة[/FONT]
· [FONT=&quot]والأمر الثاني من خلال نعم الله المبثوثة في هذا الكون الواسع[/FONT]
[FONT=&quot]أمران يدعوان إلى الاستسلام الأول أن القيامة آتية ولذلك جاءت أول آية في السورة (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) أتى فعل ماضي المفترض أن يكون عن شيء حصل وانتهى والقيامة لم تأت بل الله في سورة الحجر (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)) يعني في المستقبل وهنا قال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) وهذا من التناسب بين السورتين، آخر سورة الحجر (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) وهنا يفكر الإنسان متى يأتي اليقين؟ قال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ) كيف أتى وهو لم يأت؟! لأنه يستوي ما وعد الله بأن يأتي مع الآتي لأن الله سبحانه وتعالى إذا وعد أن الشيء سيأتي فهو آتٍ ثم إن كل ما هو قريب قد أتى فهو حكماً آتٍ ولا بد قال (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿١﴾) وجاء في عدة آيات ما يُشعر بأن القيامة تأتي فجأة وتأتي بغتة (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿٣٣﴾) وقال في آية أخرى (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٢٧﴾ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) ماذا يصنعون وقتها؟ (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) طُلب منهم الاستسلام لله وظلوا متكبرين ووصفوا بالكبر في هذه السورة (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ يستسلمون ويدّعون أنهم لم يكونوا يعملون شرًا والعياذ بالله اعتادوا الكذب (بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٢٨﴾ فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٢٩﴾ وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا) إلى أن قال عنهم (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٢﴾) طيبين بالتوحيد أولًأ وقبل كل شيء وأولئك (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) ظلموا أنفسهم أولًا وقبل كل شيء بالشرك نسأل الله أن يميتنا على التوحيد. فهذه السورة تذكّر بالآخرة كثيرًا دعوة للعباد أن يستسلموا قبل أن يكون وقت لا ينفع فيه الاستسلام.[/FONT]
[FONT=&quot]أمر آخر يُذكر في السورة كثيرًا ويدعو إلى الاستسلام هو نعم الله الكثيرة المبثوثة في الأرض من أول السورة وفي وسط السورة تذكر نعمًا كثيرة قال (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴿٨٠﴾ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا) تخيّل الحياة لو ليس فيها ظل، والشمس أربعًا وعشرين ساعة في كبد السماء، الظل نعمة كبيرة من الله قد يشعر الإنسان أنه ليس نعمة. تتكرر كلمة (لكم) في السورة كثيرًا (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ) هذا خطاب لنا (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) سرابيل أي ملابس، الشاهد هنا في قوله تعالى بعد نعم كثيرة سبقت هذه الآيات في السورة (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) هذا هو الشاهد، ذكرنا أن الآيات تذكر الآخرة من أجل الاستسلام لله وتذكر النعم أجل الاستسلام لله، الله سبحانه وتعالى أعطاني هذه العين أرى بها وأذهب من بيتي إلى المسجد دون مساعدة أحد، نعمة العقل ونعمة الدم الذي يمشي في العروق والرجل التي تتحرك حتى تصل إلى بيتك، لماذا يُتم علينا سبحانه وتعالى هذه النعمة؟ (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) فالذي لا يستسلم لله كأنه ما حقق الغرض من كل هذه النعم التي حوله والذي يستخدمها في معية الله عَكَس كما لو تعطي ولدك شيئًا ليفعل به شيئًا فيفعل عكسه كيف تعامله؟ وماذا تعتبره؟! ولله المثل الأعلى (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿٨١﴾ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴿٨٢﴾ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٣﴾) نسأل الله السلامة. [/FONT]
[FONT=&quot]في هذا القسم جاء الحديث عن الآخرة وعن النعم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وكِلا هذين الأمرين يدعو إلى الاستسلام لله سبحانه وتعالى. وفي آخر هذا القسم قال الله سبحانه وتعالى في آية عظيمة حُقّ للأمة أن تفرح بها وتتمسك بها قال مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم وبنى على هذا القسم الثاني في هذه السورة والذي فيه تفصيل بعض الأحكام وفي كيفية التعامل مع القرآن وكيفية الدعوة إلى الإسلام ختم بآية يقول الله سبحانه وتعالى فيها (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) وهذه الكلمة تفصيلها هو كل الحياة، قال (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) كيف كل شيء؟ لا يمكن أن يُذكر كل شيء في الكتاب لكن كل الأصول والأسس والقواعد الفكرية والعقلية والاجتماعية والاقتصادية التي يحتاجها البشر لكي يعيشوا في أحسن حال وكي تكون عاقبتهم الجنة في هذا القرآن لكن شرحها أو فهمها يحتاج إلى قلوب تتعلق بهذا القرآن وتقرأ هذا القرآن وتتأمل في هذا القرآن ولذلك نصّ بعض أهل العلم أن هذه الآية (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) أول ما يدخل فيها تبيانًا لكل شيء مما يحتاج من أمور الدين لكن قالوا أيضًا في القرآن الأسس والقواعد التي تستقيم بها حياة البشر ومعاشهم في الدنيا قبل الآخرة (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ). ومن اللطائف التي تُذكر أن أحدهم كان في بعض بلاد الكفار ودخل مطعمًا وكانت يتكلم مع شخص كافر يعمل في المطعم فقال له في كتابكم (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) قل لي أين وصفة الوجبة التي قدّمتها لك الآن؟ قال له ربنا أعطانا قاعدة (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ[/FONT] إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) النحل) هذه قاعدة عامة أي مسألة لا تفهمها ولا تعرفها قال الله تعالى اِسأل المتخصص وهذه ليست بنص الآية وإنما بالقياس (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) في أمور الدين وتقيس عليها أهل كل تخصص في تخصصهم فالقرآن يربي عقلًا يفكّر بشكل سليم فتستقيم حياته قبل مماته وأما الآخرة خير وأبقى بلا شك.
[FONT=&quot]استمرت هذه السورة في ذكر بعض الأحكام[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]بعد ذلك وكان في آخرها (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٢٠﴾ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ) لأن إبراهيم يمثل المثل الأعلى في الاستسلام لله سبحانه وتعالى والسورة تدعو إلى الاستسلام وإبراهيم كما قال عنه ربه (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة) فإبراهيم قدوة في الاستسلام لله سبحانه وتعالى ولذلك أُمرنا باتباعه قال (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٢٣﴾) ثم ذكر بعض ما هو اتباع لملة إبراهيم قال (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿١٢٥﴾).[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الإسراء وسورة الكهف[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 12 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]سورتان عظيمتان من العتاق الأول هكذا يسميها عبد الله بن مسعود وهو من كبار الصحابة في فهم القرآن وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عن عبد الله بن مسعود وكان يأخذ القرآن وأخذ كثيرًا من سوره من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن الصحابة الذيم أسلموا قديمًا ومن المعروف أن ساقه أثقل في الميزان من جبل أُحد رضي الله عنه وكان صغير الجسم عظيم العلم رضي الله عنه وأرضاه. يقول رضي الله عنه[FONT=&quot][1][/FONT] عن سورة الإسراء والتي بعدها عن سور الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء وهذه خمس سور متوالية في المصحف يقول عن هذه السور الخمس إنهن من العتاق الأول - يعني من السور التي نزلت مبكرًا في مكة والعتيق هو الشيء القديم – وإنهنّ من تلادي – وتلاد الشيء هو الشيء الذي حصل عليه الإنسان من مال أو متاع قديمًا فهي نزلت قديمًا وهو تعلمها قديمًا رضي الله عنه. قال من تلادي والتلاد هو ما كان عند الإنسان من مال أو متاع كأن يكون لديه بيت قديم أو مزرعة تملكها من قديم ومن تلاده هذه السور العظيمة الإسراء وما بعدها وبالتالي فإن هذه السور الخمس مكية الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الإسراء[/FONT]
[FONT=&quot]لها اسمان تسمى الإسراء وتسمى بني إسرائيل. ثبت في الحديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر. المصاحف لا تذكر كل أسماء السور فبعضها له خمس وعشرين اسمًا كما في الفاتحة على خلاف أن بعضها وصف وليست اسمًا لكن بعض السور لها أكثر من اسم. فسورة الإسراء تسمى بني إسرائيل كما ثبت في هذا الحديث وفي غيره كما في حديث ابن مسعود "إنهنّ من العتاق الأول وإنهنّ من تلادي" ذكر سورة بني إسرائيل. سورة الإسراء لأنها بدأت بالإسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ) وأشير فيها إلى الإسراء في وسطها أيضًا (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴿٦٠﴾) وذُكر فيها بنو إسرائيل في أولها وفي آخرها (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴿٤﴾) وذُكروا في آخرها قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا ﴿١٠١﴾) فذُكر بنو إسرائيل في أول السورة وفي آخرها فسميت الإسراء وسميت بني إسرائيل وبينهما ارتباط كما سيظهر في موضوع السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]كون النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على قرآءتها كل ليلة فهذا فضل للسورة ويقرأ معها الزمر وثبت في حديث صحيح آخر أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ السجدة والملك ولا شك أن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع. النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على هذه السور: الإسراء حوالي نصف جزء والزمر أقل من نصف الجزء بقليل والملك قصيرة والسجدة ثلاث صفحات فإذا لم يستطع الإنسان المحافظة على الزمر والإسراء لا يكلف نفسه شيئًا لا يواظب عليه فليحافظ على السجدة والملك وكثيرًا ما تجد الناس يحافظون كل ليلة على سورة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو جاءت في أحاديث ضعيفة والصحيح أولى بأن يواظب عليه الإنسان من الضعيف فضلًا عن ما لا أصل له. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الإسراء لكنها طويلة فإن كان للإنسان متسع من الوقت ويعرف أنه يستطيع الاستمرار فإنه خير كبير أن يواظب على ما كان يواظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة مكية لكن فيها آية فيها كلام طويل وسأذكر شيئًا من الخلاف فيها لا لسبب إلا إظهار حرص العلماء على ضبط السُنّة ولإظهار حرص العلماء على الجميع بين الأدلة لا كما قد يتوهم البعض أنهم مجرد نقَلَة للعلم. جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه[FONT=&quot][2][/FONT] – وعبد الله بن مسعود وصف هذه السور أنه تعلمها مبكرًا – يقول كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرث بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب (جريد من النخل) فمرّ بنفر من اليهود فقال بعضهم سلوه عن الروح وقال بعضهم لا تسألوه لا يُسمعكم ما تكرهون فقاموا إليه فقالوا يا أبا القاسم حدّثنا عن الروح فقام ساعة ينظر – يقول ابن مسعود – فعرفت أنه يوحى إليه فتأخرت عنه حتى صعد الوحي ثم قال (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)، هذه القصة حدثت في المدينة والسورة مكية. وجاء في مسند الإمام أحمد والترمذي والحديث الأول متفق عليه في صحيح البخاري ومسلم، الحديث الثاني في أحمد والترمذي[FONT=&quot][3][/FONT] وهو ثابت على الراجح قال: قالت قريش لليهود أعطونا شيئًا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٥﴾) قالوا أوتينا علمًا كثيرًا أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرًا كثيرًا فأنزل الله (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109) الكهف). هذه الرواية تبين أن السورة مكية قريش سألت اليهود وأرسلوا لهم بهذا السؤال فأجابوا. هنا اختلف العلماء ولكن عندهم وسائل للترجيح فمن وسائل ترجيحهم قالوا القصة إذا كانت حدثت في مكة فابن عباس لم يكون قد ولد أو كان رضيعًا وبالتالي هو لم يشهد القصة وإنما ينقلها عن غيره بينما ابن مسعود إذا كانت القصة في المدينة فهو حاضر بدليل أنه قال (فتأخرت عنه) إذن هو حاضر، هذا مرجّح لقصة ابن مسعود على قصة ابن عباس والذي حضر الحادثة ليس كمثل الذي لم يحضر الحادثة وهذه من وسائل الترجيح بين الأحاديث إذا حدث فيها اختلاف. والترجيح الآخر أن حديث ابن مسعود متفق عليه بين البخاري ومسلم وحديث ابن عباس في الترمذي وأحمد فهو أقل في الدرجة وهذا مرجّح ثاني. مرجّح ثالث ابن مسعود يقول أنا تعلمت الإسراء من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو من السور التي تعلمها مبكرًا فأحيانًا يتعلم السور مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم وأحيانًا يتعلم من أحد الصحابة لكن من السور التي تعلمها مبكرًا فكونه يذكر واحدة من آياتها ويجعلها مدنية فهو عارف بالشيء الذي ينقله ولذلك رجّح بعضهم أنها مدنية وبعضهم قال نزلت مرتين نزلت أول مرة بسبب قريش عندما سألوا بعد أن أخذوا السؤال من اليهود ثم سأل اليهود مرة أخرى فنزلت مرة أخرى والله أعلم. وتبقى آية الكهف (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي) تحتاج إلى مراجعة في سندها أكثر. الشاهد من هذا أن العلماء كانوا يدققون في الرواية إذا وجدوا اختلافًا يرجحون باشياء تدل على ذكائهم وعقولهم يميزون هذا الرواي كبير في السن وهذا صغير، هذا يضبط وهذا لا يضبط، هذا روايته أقوى وهذا روايته أضعف ولم يكونوا مجرد نقلة للروايات كيفما اتفق.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة اسمها الإسراء واسمها بني إسرائيل ومن هذين الاسمين تفهم مقصودها إذا تأملت في آياتها، هي تدور حول النعمة علينا بهذا القرآن والتذكير بهذه النعمة تذكيرًا عظيمًا والنعمة علينا بالنبي صلى الله عليه وسلم عمومًا وبما أكرمه الله به مع المقارنة مع قوم أوتوا النعمة لكنهم لم يشكروا ربهم عليها وهم بنو إسرائيل ولذلك بدأت بنعمة عظيمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي نعمة علينا قال سبحانه وتعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴿١﴾ وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) الله سبحانه وتعالى أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الإسراء وأعطى موسى الكتاب (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي [/FONT][FONT=&quot]‎[/FONT][FONT=&quot]وَكِيلًا ﴿٢﴾ ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ﴿٣﴾) هذه مقدمة السورة تُشعر أن هناك مننًأ من الله وأن هناك من يشكر الله على هذه المنن في مقابل الشكور من يكفر ولا يتعامل مع نعم الله بما تستحقه من شكر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال الله سبحانه وتعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ) الآن بنو إسرائيل عندهم الكتاب قال (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) هذا كفر وليس شكرًا لأن الكفر الذي يقابل الشكر لا يشترط أن يكون مُخرجًا من الملّة لكن (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) هذا ليس شكرًا هذا كفر فذكر الله بعض ما يصنع اليهود من عدم شكر نعمة الله وفي آخر السورة ذكر بني إسرائيل مرة أخرى وذكر أن بعضهم يشكر الله سبحانه وتعالى وفي وسط السورة جاءت ثلاث آيات تقسم السورة وتتحدث عن النعم على هذه الأمة:[/FONT]
[FONT=&quot]النعمة الأولى في قوله تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴿٩﴾) والقرآن ذُكر في هذه السورة كثيرًا. ثم قال (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا ﴿٤١﴾) ثم وصف بعض أولئك الذين لا يستجيبون لهذه النعمة قال (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ﴿٤٥﴾ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿٤٦﴾) أكنّة أي أغطية، (وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا) قد يسمع الحروف لكنه لا يفقه شيئًا وإنما الموفق من أكرمه الله ففهم وتأثر قلبه واستكانت جوارحه – أخبرني رجل قال كنت في وقت لا أصلي إلا الجمعة وكنت أحضر خطبة الجمعة وأسمع الخطيب يحرك فمه ولا أفهم شيئًا وهو رجل عربي قرشي ثم هداه الله واستقام على الصلاة نسأل الله أن يهدينا – وهناك من يسمع كل الحروف وينشغل بالصوت أو بشيء من الأشياء أو ينشغل بالدنيا (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45)) وهذا مفتاح وهو مذكور في القرآن مرات متعددة، هؤلاء لا يفهمون القرآن لأنهم لا يؤمنون بالآخرة فأنت إذا فتحت المصحف تذكر أن هناك آخرة وأننا والله سنُسأل عن هذا القرآن إما أن يكون حجة لنا وإما أن يكون حجة علينا إما أن يقودنا إلى الجنة وإما أن يسوقنا إلى النار، إذا دخل الإنسان بهذا الخوف لا يُحجب عن القرآن بل برى من خلال القرآن (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا) نسأل الله العافية، مع أن الذي يقرأ القرآن أحسن من يمكن أن تسمع منه آيات القرآن صدقًا وإخلاصًا ومعرفة بالله ورغبة في هداية الخلق ومع ذلك (حِجَابًا مَّسْتُورًا) (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا) منعٌ للجوارح من الاستفادة بالقرآن والسبب عدم الإيمان بالآخرة، فكلما زاد الإيمان بالآخرة زاد الانتفاع بالآيات، فالذي دفن قريبه في البقيع بعد صلاة المغرب وتأثر ثم جاء صلاة العشاء فهل تقع عليه الآيات وهو في هذا الحال من التأثر كما تقع عليه في حالة الغفلة؟! لأن الإيمان بالآخرة درجات وكلما زاد الإيمان بالآخرة قلّ الحجاب وكلما ضعف الإيمان بالآخرة زاد الحجاب نسأل الله أن يقربنا من معاني كتابه.[/FONT]
[FONT=&quot]نعمة القرآن جاءت في السورة ثم جاءت نعم أوسع من نعمة القرآن قال (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴿٧٠﴾) ثم جاءت نعمة القرآن مرة أخرى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴿٨٩﴾) فنعمة القرآن بدأت وانتهت وبينها نعم أخرى والنعم لا تنتهي لكن أعظم نعمة علينا هي نعمة القرآن فقد قال الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)) قال بعض أهل العلم قدّم تعليم القرآن على النعم الأخرى (خلق الإنسان) قدم تعليم القرآن على خلق الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقويم ثم ردّه أسفل سافلين إلى أن وصل إلى أصل الجحيم ولم يتعلم شيئًا من القرآن ولم يؤمن به أصلًا هذا يقول يا ليتني كنت ترابًا، وما ناله لا فائدة فيه وما فاته أعظم بكثير! (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)) وهذا يدل أيضًا على أن تعليم القرآن من رحمة الله بنا علينا أن نفرح بها ونحرص عليها.[/FONT]
[FONT=&quot]فالسورة تدور حول التذكير بنعمة القرآن وبيان ما يصرف عن الانتفاع بالقرآن مع التذكير بقوم سابقين جاءتهم نعم لكنهم ما شكروا وهم بنو إسرائيل وتخللت السورة كثير من الآيات تتحدث عن يوم القيامة وهذا معتاد في سور القرآن لأن ترقيق القلوب يحصل بتذكر بالآخرة فينتفع الإنسان بالموعظة.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكهف[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الكهف فنفتتحها بفضل من فضائلها وهو ما في صحيح البخاري أن البراء بن عازب قال: قرأ رجل الكهف وفي الدار الدابة فجعلت تنفر (هو في بيته حيوان قد يكون ناقة أو حصان فهو يقرأ الكهف صارت الدابة تنفر) فسلّم فإذا ضبابة أو سحابة غشيته فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: اقرأ فلان (أكمل قرآءتك) فإنها السكينة نزلت للقرآن. هذه كرامة نالها بعض الصحابة ويمكن أن ينالها الإنسان كرامة من الله في أي عصر وفي أي مصر لكن عين الكرامة كما قال العلماء الاستقامة، أهم شيء الاستقامة على دين الله. بعض الناس لا يصلي ويقولون عنده كرامات، هذه ليست كرامة، هذا والعياذ بالله بؤس وشقاء لكن عين الكرامة الاستقامة فإذا أكرم الله العبد بالمحافظة على الصلوات وعلى الذكر وعلى حفظ اللسان وحفظ الفرج وحفظ البصر فهذه أكرم الكرامات.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكهف مثل سورة الإسراء مكية وفيها قصص كثيرة والقصص تأنس لها النفوس وتنتفع بها ونلاحظ أن هذه القصص في هذه السورة ترتبط بالدنيا أو باشتمالات الإنسان في الدنيا فأنت في الدنيا إما أن تمر بضيق وإما أن تمر بسعة وقد تكون في حالة متوسطة وهذه الحالات موجودة في السورة مع ذكر الدنيا بشكل ظاهر، قال الله سبحانه وتعالى في مطلع السورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴿١﴾) إلى أن قال (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿٧﴾) وصف الدنيا ظاهر في السورة، (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) هذه الأشياء التي تراها في الدنيا موجودة لمجرد اختبار البشر لابتلائهم والابتلاء هو الاختبار الشديد (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) ما قال لنبلوهم أيهم عمله حسن وإنما لنبلوهم أيهم أحسن عملًا فليحرص الإنسان على الأحسن، كلما رأيت شيئًا من أمور الدنيا أمامك اعرف أنه زينة للابتلاء فإما أن تعمل حسنًا وإما أن تعمل أحسن وإما أن تعمل والعياذ بالله قبيحًا وإما أن تعمل أقبح ولكن في النهاية (وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴿٨﴾) تنتهي كلها![/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكرت قصة أصحاب الكهف وهي قصة تمثل نموذجًا لأناس يريدون التمسك بالدين لكنهم في بيئة فاسدة فكان الحل (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ) الكهف مكان ضيق موحش (يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِه) ورحمة الرب واسعة (ورحمتي وسعت كل شيء)ِ (وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا ﴿١٦﴾) فهذه القصة تمثل ابتلاء يبتلى به الإنسان فإما أن يختار الدنيا ويبقى في البيئة الفاسدة وإما أن يختار الله والدار الآخرة فيعوضه الله خيرًا وقد عوّضهم الله خيرًا فذُكروا في خير كتاب وربما الصغار والكبار يعرفون قصتهم وهذا من رحمة الله بهم وإكرامه لهم سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]القصة الثانية قصة الرجلين قال (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴿٣٢﴾) واحد عنده أموال ولكنه متكبر بها والثاني ربما لا تكون عنده نفس هذه الدرجة فحصل بينهم خلاف على التوحيد وعلى الآخرة ففي نهاية القصة قال (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴿٤٢﴾ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا ﴿٤٣﴾) وهذه تذكر الإنسان أنه إن كان في نعمة الدنيا فانشغل بها عن الله فإنها توشك أن تذهب عنه ويبقة نادمًا يوم لا ينفع الندم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال الله سبحانه وتعالى (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴿٤٥﴾) مما يدل على أن الدنيا تُذكر كثيرًا في السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله قصة موسى مع الخضر وهذه قصة تبين لك أهم ما يحرص عليه الإنسان في الدنيا، موسى كليم الله وكان يعتقد أنه أعلم أهل الأرض كما في صحيح البخاري سأله بعض الناس من أعلمُ أهل الأرض؟ فقال أنا، فليم على ذلك وأُخبر أن هناك من هو أعلم منه أو عنده علم ليس عنده وهو الخضر فانطلق يبحث عنه كما في صحيح البخاري فلما وصل إليه وصل إلى السفينة فجاء العصفور فنقر في البحر نقرة فقال الخضر لموسى وكلاهما على علم عظيم: ما نص علمي وعلمك من علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر. وهذه القصة تحرك فيها موسى بحثًا عن العلم ولذلك عندما قابل الخصر قال (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ) هذا من أدب موسى (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴿٦٦﴾) مع أن موسى علم كثير لكنه سعى حتى قال (لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ﴿٦٢﴾) تعب في سفره وهو النبي المُرسَل لكن هذا تعليم لنا أن العلم العظيم وأنه من أعظم ما ينبغي أن يسعى فيه الإنسان.[/FONT]
[FONT=&quot]والقصة الأخيرة التي في السورة هي قصة ذي القرنين وهذه عكس قصة أصحاب الكهف، أصحاب الكهف ما عندهم الدنيا واضطروا أن يضحّوا بالدنيا من أجل الآخرة أما ذو القرنين فأعطاه الله الدنيا فسخّرها في طاعة الله فكان يعذّب اقوامًا لأنهم لا يطيعون الله وغيرهم يتعامل معهم بحسب حالهم في قصته المعروفة وفي آخرها (وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ﴿٩٩﴾ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا ﴿١٠٠﴾) وهذا تذكير بزوال الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴿١١٠﴾) من كان يرجو لقاء ربه في الآخرة فليعمل عملًا صالحًا في هذه الدنيا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا نسأل الله أن يجعلنا ممن يلقاه بعمل صالح خالص.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][1][/FONT] [FONT=&quot]عن عبدِ اللهِ قالَ : بني إسرائيلَ والكهفِ ومريمَ وطه والأنبياءِ : هُنَّ من العِتَاقِ الأُوَلِ ، وهنَّ من تِلادِي[/FONT] .[FONT=&quot]الراوي: عبدالرحمن بن يزيد المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4739 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][2][/FONT] [FONT=&quot]كنتُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في حرثٍ بالمدينةِ، وهو يتوكأ على عسيبٍ، فمر بنفرٍ من اليهودِ، فقال بعضهم : سلوهُ عن الروحِ، وقال بعضهم : لا تسألوه، لا يُسمعُكم ما تكرهون، فقاموا إليه فقالوا : يا أبا القاسمِ، حدِّثنا عن الروحِ، فقام ساعةً ينظرُ، فعرفتُ أنه يوحى إليه، فتأخرتُ عنه حتى صعِدَ الوحيُ، ثم قال : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي[/FONT] } .[FONT=&quot] - [/FONT][FONT=&quot]الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7297 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح][/FONT][FONT=&quot][/FONT]

[FONT=&quot][3][/FONT] [FONT=&quot]قالت قُرَيْشٌ ليَهودَ : أعطونا شيئًا نسألُ هذا الرَّجلَ . فقالوا : سلوهُ عنِ الرُّوحِ . فأنزلَ اللَّهُ تعالى وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا قالوا : أوتينا علمًا كثيرًا ، التَّوراةَ ، ومَن أوتيَ التَّوراةَ فقد أوتيَ خيرًا كثيرًا . فأنزلَ اللَّهُ تعالى : قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي إلى آخرِ الآيةِ - الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:ابن دقيق العيد - المصدر: الاقتراح - الصفحة أو الرقم: 104 - خلاصة حكم المحدث: صحيح[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة مريم وسورة طه وسورة الأنبياء[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 13 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مع تتمة العِتاق الأول التي أخذنا منها سورة الإسراء وسورة الكهف واليوم نأخذ سور مريم وطه والأنبياء. هذه السور كلها نزلت في مكة وهي مما اعتنى به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهي من العِتاق الأول.[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة مريم كما هو معروف قصة ولادة عيسى من غير أب وولادة يحيى بعد أن كانت أمه عقيمًا وأبوه كبيرًا وهذه القصة جاءت بهذا التفصيل هنا وجاءت بتفصيل مشابه له في سورة آل عمران لكن هناك فرق كبير بين الموقفين من جهة أن سورة آل عمران نزلت بعد أن سكن النبي صلى الله عليه وسلم المدينة حين جاءه وفد نصرى نجران يتحاورون معه فكانت تلك الآيات تخاطبهم، أما هذه الآيات فالعجيب أنها نزلت في مكة ولم يكن هناك نصارى إلا شيئًا يسيرًا لا يُذكر في مكة وبالتالي لم يكن هناك حاجة في الظاهر للتفصيل في ولادة عيسى لكن هذا النزول المبكر نفع المسلمين نفعًا عظيمًا وهم في الحبشة ففي سيرة ابن هشام أن أم المؤمنين أم سلمة كانت تصف ما حصل للمسلمين في الحبشة باعتبار أنهم لما هاجروا إلى الحبشة أرسلت قريش بعض من يسترد المهاجرين قالت أم المؤمنين: ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم – الذين وفدوا من المشريكن هم عمرو بن العاص ومعه رجل آخر وكانوا على الشرك وقتها وفدوا على النجاشي وأعطوا حاشيته الهدايا وقالوا لهم نريد أخذ أولاد بلدنا خرجوا عن دين آبائهم وأجدادهم – قالت أم المؤمنين أم سلمة وكانت ممن هاجر إلى الحبشة رضي الله عنها: ثم أرسل النجاشي إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله (اي رسول النجاشي) اجتمعوا (اجتمع مهاجرو الحبشة) ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذ جئتموه؟ - لأنهم يعرفون أن عقيدتهم تختلف عن عقيدة النصارى في عيسى – قالوا نقول ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنًا في ذلك ما هو كائن فلما جاؤوا وقد دعى النجاشي أساقفته وهم علماء النصارى فنشروا مصاحفهم حوله سالهم فقال لهم ما هذا الدين الذي فارقتم به قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل؟ قالت: فكان الذي كلّمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ومن أشبه الناس به خَلقًا وخُلُقًا رضي الله عنه فقال له أيها الملك كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف وكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولًا منا نعرف صدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكفّ عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا- قالت: فعدّد عليه أمور الإسلام - فصدّقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا وحرّمنا ما حرّم علينا وأحللنا ما أحلّ لنا فعدى علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحلّ من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نُظلَم عندك أيها الملك. قالت: فقال له النجاسي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟ فقال له جعفر: نعم، فقال له النجاشي: فاقرأه عليّ - وكان يمكن أن يقرأ عليه جعفر أية آية من القرآن لكن أن يختار السورة التي تبين عقيدة تخالف عقيدة النصارى فهذا من الثبات على الحق ومن التمسك بالدين وهو الذي وقع كثير من المسلمين في غيره إذا تكلم مع النصارى يحاول أن يخفي بعضًا من الإسلام وكأنه شيء يملكه، أنت لا تملك الدين، الدين دين الله وأنت تبلّغه كما هو – قالت: فقرأ عليه صدرًا من (كهيعص) يعني سورة مريم وورد عن بعض الصحابة أنه يسمي سورة مريم سورة كهيعص. قالت: فبكى والله النجاشي حتى اخضلّت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم (من شدة التأثر) ثم قال لهم النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا (هذا خطاب للمشركين اللذين جاءا لاسترداد المسلمين – فوالله لا أُسلمهم إليكما ولا يُكادون إلى آخر القصة المروية بالتفصيل لكن الشاهد فيها أن سورة مريم فيها تفصيل لم يكن المسلمون يحتاجونه في الخطاب مع النصارى ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولم يكن يعلم أن المسلمين سيحتاجون إلى هذا النقاش مع النصارى لكنه تنزيل من حكيم حميد سبحانه وتعالى من لدن لطيف خبير سبحانه وتعالى فأنزله وعلّم جعفر – ولم لم يحفظ جعفر هذه السورة لما أتى بها لكن هذا تدبير الرب سبحانه وتعالى لأوليائه وأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم -.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة مريم تنقسم إلى قسمين: [/FONT]
[FONT=&quot]قسم يتحدث عن رسل الله في قصص متعددة بدأت بزكريا ويحيى ثم مريم وعيسى وهذا تكرر في آل عمران أيضًا فقبل ذكر عيسى ومريم ذكر زكريا ويحيى ونحن نعرف أن عيسى معدود في الأفضلية أفضل من زكريا ويحيى لكن هذا قالوا من أسلوب التعليم لأن قصة يحيى وزكريا غريبة لأن الرجل اشتعل رأسه شيبًا ووهن عظمه وامرأته عاقر فكيف يُرزق بولد هذا عجيب ولكن الأعجب منه أن تلد مريم التي لم يمسها بشر بشرًا سويًا. فالبداية للمتعلم تبدأ له بالغريب ثم الأغرب لأن الأغرب أبعد عن التصديق فيحتاج إلى التلطيف بقصة توصل إلى القصة التي بعدها فلذلك تقدمت قصة زكريا ويحيى على قصة عيسى ومريم. ثم ذكر الله أيضًا قصة إبراهيم وأشار إلى موسى وإسماعيل وإدريس ثم قال سبحانه وتعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩﴿٥٨﴾) هنا ينتهي القسم الأول من السورة والحديث عن رسل الله وأولياء الله وأنهم موحدون لله وأنهم يسجدون لله. وقد ذُكر عن عمر رضي الله عنه في سند فيه ضعف أنه سجد مرة هذه السجدة الآية تقول (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) فقرأ عمر هذه الآية فسجد وقال: هذا السجود فأين البُكيّ؟! الإنسان يحاسب نفسه، نحن نسجد كما سجدوا والمفترض أن نبكي كما بكوا فكان يحاسب نفسه بهذه الطريقة أما أن يكون مجرد حركة بالجسد فلا، وسجدة التلاوة فضلها عظيم وكما هو معروف أن إبليس يتنحى جانبًا إذا سجد الساجد. [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الثاني من السورة عن أهل الشرك وأهل الكفر والرد عليهم بدأ بقوله (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴿٥٩﴾) هذا قسم آخر، صنف آخر وجاء الرد عليهم في القسم الثاني في عدة أمور:[/FONT]
[FONT=&quot]أولًا: إنكارهم للبعث قال (وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ﴿٦٦﴾ أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا ﴿٦٧﴾) هذه دليل هذه وهي أقوى. [/FONT]
[FONT=&quot]وذكر أيضًا اتخاذهم الشركاء واشار أيضًا إلى من قال أن لله ولدًا (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ) السماء تتشقق من هذه الكلمة التي قد يستخف بها الإنسان ويعتقد أن النصراني شكله نظيف ومواعيده دقيقة وينسى أنه قال كلمة تكاد السموات يتفطرن منها! (وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴿٩٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]في نهاية هذه القصة يقول الله سبحانه وتعالى (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾) لاحظ القصص المذكورة في السورة لم يذكر فيها إهلاك الكفرة والظالمين وإنما فيها مدح للأنبياء والرسل وعبادتهم لله لكن لم تذكر عاقبة الكفار لكن في آخرها (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿٩٨﴾) هل بقي من الكفار أحد؟ لا، فجاءت السورتان اللتان بعدها وهي طه والأنبياء جاءت تفصل هذا الإهلاك وهذه على القاعدة التي أخذها بعض العلماء أن كل سورة تفصّل التي قبلها فسورة مريم اشارت إلى إهلاك الكفار وذكرت قصة موسى باختصار شديد في ثلاث آيات (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴿٥١﴾ وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ﴿٥٢﴾ وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا ﴿٥٣﴾) قصة مختصرة جدًا جاءت سورة طه وفصّلت في قصة موسى تفصيلًا طويلًا جدًا كأنها تفصيل لقصة موسى التي في مريم (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴿٩﴾ إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴿١٠﴾ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى ﴿١١﴾ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٢﴾) فصلت المناجاة المذكورة في سورة مريم. [/FONT]
[FONT=&quot]بقية الأنبياء قال عنهم (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58) مريم) ذكر تفصيلهم في سورة الأنبياء فذكر كثيرًا من الأنبياء في سورة الأنبياء فكأن السورتين تفصّلان ما في السورة قبلهما التي هي سورة مريم. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة طه لها فضلها يميزها عن مريم والكهف وهي ما جاء في الحديث الذي قوّاه أهل العلم أن اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن وهي البقرة وآل عمران وسورة طه واجتهد العلماء بعد ذلك في تحديد هل المقصود (الحي القيوم) أو ما المقصود باسم الله المذكور في هذه السور الثلاث، هذا من فضل هذه السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة تبدأ بكلمة (طه) وكثير من العلماء أن (طه) هي مثل (الم) ومثل (كهيعص) وبعض أهل العلم يقولون هو اسم للنبي صلى الله عليه وسلم أو كلمة بغير اللغة العربية بمعنى يا رجل إلى غير ذلك مما هو مفصّل في كتب التفسير لكن الأشهر أنها من الحروف المقطعة مثل (الم) ومثل (كهيعص) ومثل (ق) و(ص) وغيرها. والملاحظ وهي ملاحظة غريبة نبه عليها العلماء: أيّ سورة تبدأ بحروف مقطعة فيها حرف الطاء يذكر فيها نبي الله موسى (طه) فيها قصة موسى ثم (طسم) سورة الشعراء بدأت بقصة موسى ثم (طس) سورة النمل فيها قصة موسى و(طسم) في سورة القصص فيها قصة موسى أيضًا من بداية السورة، هذه ملاحظة نبه عليها بعض أهل العلم.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة طه من أولها تبين لنا شيئًا نحتاج إليه جدًا تبين لنا هو سبب الشقاء في هذه الدنيا وما هو سبب السعادة والبعد عن الشقاء في هذه الدنيا، كل إنسان يتمنى أن يعيش سعيدًا مرتاحًا. يقول الله سبحانه وتعالى (طه ﴿١﴾ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ﴿٢﴾) القرآن ما نزل ليكون شقاء (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴿٣﴾ تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ﴿٤﴾) بيان مصدره يبين أن لا يمكن أن يكون سببًا للشقاء فالله سبحانه وتعالى رحيم كريم وتواب ولطيف وهو الشافي سبحانه وتعالى وهو كما في حديث المسند الذي قوّاه أهل العلم هو الطبيب سبحانه وتعالى قال الله الطبيب وأنت رجل رفيق – جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأى خاتم النبوة فقال له أطبّها لك يعني أعالجك منها فقال إنما أنت رجل رفيق والله الطبيب. نسأل الله أن يجعل كلامه شفاء لنا. يقول الله سبحانه وتعالى واصفًا لنا مصدر القرآن (تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا ﴿٤﴾ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴿٥﴾ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى ﴿٦﴾ وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴿٧﴾ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴿٨﴾) فإذا عرف الإنسان كل هذه الصفات وتذكرها فرح بهذا القرآن ولم يكن سبيلًا للشقاوة أبدًا وهذا متصل بآخر السورة كما سيأتي.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه المقدمة جاءت بعدها قصة موسى وبينت كيف أن اتباع الوحي هو النجاة وقد نجّا الله موسى ومن معه وأن الإعراض عنه هو الشقاء وقد أهلك الله فرعون ومن معه. وجاء بعد نهاية هذه القصة قوله تعالى (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا ﴿٩٩﴾ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ) من أعرض عن القرآن (فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا ﴿١٠٠﴾) ثقل فوق ظهره (خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا ﴿١٠١﴾) نعوذ بالله! (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ﴿١٠٢﴾) ثم ذكر آيات تذكر اليوم الآخر (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا ﴿١٠٨﴾) إلى أن قال سبحانه وتعالى (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴿١١٤﴾) ثم آتاه علمًا آخروهو قصة آدم فذُكرت قصة آدم وجاء فيها قضية الشقاء التي تكلمنا عنها أن القرآن ما نزل للشقاء وإنما نزل للسعادة هنا يقول الله سبحانه وتعالى لآدم وحواء بعد أن أُهبطا من الجنة وذكر قصتهما وأكلا من الشجرة قال (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴿١٢٣﴾) لا يمكن أن يشقى من اتبع الهدى، إذا اتبع الهدى خمسين في المائة يبتعد عن الشقاء خمسين في المائة وإن كان الرب أكرم فمن تقرب إليه شبرًا تقرّب إليه ذراعًا سبحانه وتعالى لكن القصد أن السبيل لعدم الشقاوة والضلالة هو اتباع هذا الهدى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴿١٢٤﴾) لا شقاوة أعظم من هذه! كان في الدنيا يرى لكن يوم القيامة يُحشر أعمى (قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴿١٢٦﴾) واحد لا يقرأ القرآن ولا يريد أن يعرف حُكم القرآن ولا يستمع للقرآن ويفرّ من القرآن ولا يؤمن بالقرآن يُحشر والعياذ بالله مع العميان يوم القيامة نسأل الله السلامة![/FONT]
[FONT=&quot]وفي خاتمة السورة جاءت تثبيتات للنبي صلى الله عليه وسلم تذكره بقيم الأشياء وإذا عرفنا أن القرآن هو مصدر السعادة وأن الإعراض عنه هو مصدر الشقاء فما قيمة الشياء الأخرى؟! لا قيمة لها. قال سبحانه وتعالى (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴿١٣١﴾) وقال له في الآيات (والعاقبة للتقوى) وفي آخر آية من السورة قال الله سبحانه وتعالى (قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ﴿١٣٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الأنبياء[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاءت سورة الأنبياء يقول الله سبحانه وتعالى في أولها (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿١﴾) فهناك تناسب بين آخر سورة طه وأول سورة الأنبياء (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى ﴿١٣٥﴾ طه) قال هنا (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿١﴾ يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴿٢﴾) ما همّهم (لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ﴿٣﴾) بداية هذه السورة تدل على لإعراض شدي من الكفار وجاءت السورة وهي مكية كالسور السابقة جاءت لترد على شُبه المشركين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر وادّعاء الولد لله سبحانه وتعالى وإشراكهم مع الله سبحانه وتعالى فجاءت السورة ترد عليهم في هذا الأمر وتجد في السورة كثيرًا من الآيات مفتتحة بقوله تعالى (ما) أو (وما) وهذه الآيات التي تبدأ بهذا الشكل تكون غالبًا في الردّ على شيء عندهم قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٧﴾ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿٨﴾) تتكرر (وما) كثيرًا في السورة إلى أن يقول الله سبحانه وتعالى في آخرها (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿١٠٧﴾) تتكرر (ما) كثيرًا في السورة وتأمل فيها تجد بعدها إثباتًا لشيء ونفيًا لشيء وتصحيحًا لعقيدة وربطًا بالله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون قال (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴿٣٤﴾ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٣٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]وجاء في النصف الثاني من السورة وسط هذه الردود على المشركين وصف لكثير من أنبياء الله وذكر لقصصهم وبيان لعبوديتهم لله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة جاء تهديد يشبه أولها، أولها (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ﴿١﴾) وفي آخرها يقول الله سبحانه وتعالى (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) من شدة الخوف! (يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴿٩٧﴾) هذا مناسب لأول السورة (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) وهنا يقولون (قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) فيأتيهم الكلام الذي أسأل الله أن يعيذنا منه (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ﴿٩٨﴾ لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٩٩﴾ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ ﴿١٠٠﴾ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ﴿١٠١﴾ لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ﴿١٠٢﴾ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴿١٠٣﴾) أسأل الله أن يجعلنا منهم. في آيات عظيمة تصف يوم القيامة.[/FONT]
[FONT=&quot]وقال الله سبحانه وتعالى في آخر السورة والسورة تدور حول النقاش مع الكفار وفي آخرها أمرٌ لرسول الله بالتسليم لله في أمر هؤلاء الكفار قال سبحانه وتعالى (قَالَ رَبِّ احْكُمْ [/FONT][FONT=&quot]‎[/FONT][FONT=&quot]بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴿١١٢﴾).[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الحج وسورة المؤمنون وسورة النور[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 14 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]الإنسان لو عاش حياته كلها يتأمل في القرآن لما شبع منه ولما أخذ من النور إلا بقدر ما يمدّه الله به وإلا فإن القرآن لا يحاط بمعانيه بل إن السورة الواحدة لو أمضيت فيها سنوات لوجدت فيها العجب العجاب وإنما القصد الإشارة والتنبيه والحث على التدبر.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحج [/FONT]
[FONT=&quot]هي من أكثر سور القرآن من جهة الخلاف في أمور كثيرة فيها منها هل هي مكية أو مدنية، هي من أكثر السور التي اشتهر فيها الخلاف هل هي مكية أو مدنية أولًا لأنه كثر فيها النداء بـ (يا أيها الناس) وإذا أردت أن تقسم سورة الحج إلى أقسام تجد أنه ورد فيها هذا النداء (يا أيها الناس) أربع مرات، هذه المرات الأربع تعتبر كأنها أربعة أقسام للسورة. وخطاب بـ (يا أيها الناس) يكون عادة في الخطاب المكي، خطاب (يا أيها الذين آمنوا) اعتبره العلماء أن هذه السورة مدنية والخطاب بـ (يا أيها الناس) علامة أن السورة مكية وهذه السورة جاء فيها النداء أربع مرات بـ (يا أيها الناس) فهذا مما جعل بعض العلماء يرجح أنها مكية لكن نجد فيها كثيرًا من الحديث عن النصر والقتال والجهاد وهذا يتناسب مع العهد المدني لا العهد المكي. في نفس الوقت فيها كثير من الحديث عن عظمة الله وقدرته وتسخيره للكون والحديث عن الشرك وضلال أهل الشرك وهذا يتناسب مع القرآن المكي. وفيها ذكر للأضاحي والحج ونحو ذلك من الأحكام التي تناسب أكثر العهد المدني لذلك حصل فيها خلاف كبير ورجّح بعضهم - وهو الذي أميل إليه والله أعلم - أنها مدنية وليست مكية خاصة أن القتال وذكره في السورة انتشر في عدد من آياتها وهذا معروف أنه في العهد المدني فإن لم تكن مدنية فإنها مما نزل مؤخرًا في مكة قبل المدينة تمهيدًا لأمر الجهاد ونحوه. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة وكثير من السور بهذا الشكل إذا قلنا أن السورة تنقسم إلى أقسام أو تتكلم في موضوع لا يقصد بهذا المعنى الحرفي الموجود في الكتب (كتاب يتكلم عن موضوع كذا أو عن موضوعين أو ثلاثة بطريقة مرتبة على شكل أبواب) ولكن القرآن ليس بهذه الطريقة لأن القرآن لا يخاطب عقلك، بعض الكتب تخاطب عقلك وبعض الكتب تخاطب الروح والنفس وبعض الكتب تهتم بجانب الاقتصاد أو بجانب الاجتماع أو بجانب القضاء ونحوه كل كتاب له خصوصية أما القرآن فلا (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ (89) النحل) جاء هداية للعقل وهداية للروح وتطهيرًا للقلب وشفاءً لما في الصدور وحكمًا عدلًا بين الناس فطريته مختلفة ولذلك في هذه السورة تجد الموضوعات تمتزج وتتادخل وهذا يبين لك سرًا من أسرار كونك مطالبًا كمسلم بأن تعيد قرآءة القرآن أكثر من مرة لأنه لا ينكشف لك من مرة أو مرتين أو ثلاثة بل كلما قرأت أكثر كلما انكشف لك ما كان مغطى (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40) النور) نسأل الله أن ينور قلوبنا بالقرآن، كلما قرأت القرآن ستجد شيئًا آخر خاصة سماع القرآن وقرآءته في الصلاة فهذا له سرٌ آخر فعندما تستمع إلى الآيات في التراويح غير أن تقرأ من المصحف لأن القرآءة في الصلاة لها حال وفيها تنزّل نور لا يجده الإنسان خارج الصلاة ولو جربت أن تحفظ سورة بشكل جيد وقمت بها نصف ساعة أو ساعة لوحدك تقرؤها تجد فيها من الأنوار ما لا تجده مع جماعة المصلين لأن هذا القرآن أمره عجيب. والجن وهم من مخلوق عجيب بالنسبة لنا يقولون (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) الجن) الجن يتعجبون من هذا القرآن والذي لا يتعجب منه إنما يفقد التعجب لقلة صلته بالقرآن، لقلة قرآءته للقرآن وإلا فإنه أعجب من كل كتاب نسأل الله أن ينفعنا بهذا الكتاب.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها عدة موضوعات منها موضوع البعث والقيامة وأهوال يوم القيامة وشدة عذاب الكافرين ووعد الرب سبحانه وتعالى للمتقين.[/FONT]
[FONT=&quot]موضوع ثاني متكرر في السورة النصر على الأعداء[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهذا قد يظهر في البداية أنه بعيد عن الآخرة، النصر في الدنيا على الأعداء مع أن النصر نوعان: نصر في الدنيا ونصر في الآخرة وكلاهما وُعد به المؤمنون لكن النصر التام الفاصل الخاتم إنما هو في الآخرة (هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ﴿١٩﴾ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ﴿٢٠﴾ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ﴿٢١﴾ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴿٢٢﴾) يقول كثير من المفسرين أن هذه الآيات نزلت فيمن تبارزوا في غزوة بدر علي بن أبي طالب رضي الله عنه وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه في مقابل من قاتلهم من المشركين والأصح أن هذه الآية يدخلون فيها ويدخل غيرهم. في الحقيقة حمزة قتل خصمه وعلي قتل خصمة وعبيدة قتل خصمه وقُتِل لكن العاقبة النهائية وإن كان في الدنيا انتصر المؤمنون ولكن (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ) هذا في الآخرة مما يدل على نصر الدنيا هو نصر ولكن النصر التام في الآخرة (فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ) آيات مخيفة وآيات السورة عظيمة. [/FONT]
[FONT=&quot]قال الله سبحانه وتعالى في مطلعها وهو يتحدث عن القيامة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴿١﴾ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) كلمة (كل) هنا مهمة، المرضعات لسن على درجة واحدة من الشفقة فلو قال تذهل المرضعة قد تكون هذه المرضعة فيها قسوة لكن قال (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا) (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴿٢﴾) جاء هذا التهويل العظيم والتخويف الشديد والدعوة إلى تقوى الله قبل هذا اليوم العظيم.[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثاني من السورة أثبت الله البعث[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فقال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) تكررت كلمة (يا أيها الناس أربع مرات): النداء الأول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴿١﴾)، النداء الثاني (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿٥﴾) النداء الأول يذكر البعث والنداء الثاني يدلل على البعث للذي لا يصدّق بالبعث ويحتاج إلى دليل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) وجاء لهم بدليلين من رحمة الله بخلقه يخاطبهم على قدر عقولهم سبحانه وتعالى أتاهم بدليلين دليل من النفس ودليل مما تراه العين (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) وفي آخر الآية ذكر دليلًا آخر (وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴿٥﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٦﴾ وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ﴿٧﴾) في هذا القسم الثاني بعد أن ذكر الله تعالى الدليل على البعث ذكر أحوال الناس كفارهم ومؤمنيهم في التعامل مع ما يصادفهم سواء من كفر وأشرك أو ذلك المتقلب (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴿١١﴾) يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه في صحيح البخاري أن أناسًا جاؤوا المدينة فكان أحدهم إذا رزق خيرًا أو جاءه خير ثبت على الدين وإن كانت الأخرى كان في الطريق الآخر (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴿١١﴾ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴿١٢﴾ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴿١٣﴾). وهذه الآيات عندما ذكرت الأصناف المختلفة من كفار ومؤمنين أشارت إشارات يسيرة إلى أن الله سبحانه وتعالى سينصر المؤمنين في نهاية الأمر تمهيدًا لما بعدها لأن السورة تتكلم عن القيامة وتتكلم عن النصر في الدنيا (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾) هذه الآية فيها تهكم، وهذه الآيات إما أن تكون مكية أو مدنية لكن في بداية العهد المدني عند تشريع القتال فالبعض متردد متذبذب كالذي يعبد الله على حرف لا يعرف هل سينصر الله المؤمنين وينصر رسوله الكريم أو لا، قال (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ) من كان يظن أن الله لن ينصر نبيه في الدنيا والآخرة ماذا عليه أن يصنع؟ قال (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) السبب هو الحبل، إلى السماء عند العرب السماء هو كل ما علاك فسقف الدار هو سماء، (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) أي ليربط حبلًا في سقف الدار ليقتل نفسه لأن ظنّه لا يؤثر في الحقيقة شيئًا والحقيقة أن الله ناصر نبيه (ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ) لا يؤثر هذا الفعل الأحمق الذي يمكن أن يفعله الإنسان في حقيقة الأمر شيئًا: الله ناصرٌ نبيه وناصر المؤمنين معه في الدنيا وفي الآخرة.[/FONT]
[FONT=&quot]في هذا القسم أيضًا ذكر الله أيضًا الحج وذكر في مقدمات آيات الحج أن الكفار صدّوا عن سبيل الله وعن بيت الله[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٢٥﴾) ثم ذكر ما يتعلق بإبراهيم وبناء الكعبة ثم قال (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا) هذا تمهيد للقتال (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴿٣٨﴾ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴿٣٩﴾ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ) الصحابة والمهاجرون وهذا يدل على أن هذه الآيات نزلت في المدينة (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾) الصوامع والبيع والصلوات هي مرادفة للمساجد، عند المسلمين المساجد وعند اليهود والنصارى تسمى أماكن العبادة بأسماء أخرى من كان منهم على التوحيد لولا القتال (لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ) لا بد للمسلمين أن يكون لهم دفاع عن أنفسهم (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) ولو لم يدافعوا عن أنفسهم ولو لم تكن هناك سنة التدافع بين المؤمنين والكافرين ستهدّم أماكن عبادة الموحّدين (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴿٤٠﴾ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿٤١﴾) ذكر الله هنا صفات المنتصرين حتى نعرفها، من هم الذين ينصرهم الله؟ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فالذي يريد أن ينتصر ويعلو في الأرض ويتكبر عن شرع الله هذا ليس موعودًا بالنصر وإنما الموعود بالنصر هو الذي يريد أن يقيم دين الله في الأرض. [/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثالث جاء نداء ثالث[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٤٩﴾ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٥٠﴾ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿٥١﴾) وبيّن هنا النصر في الآخرة والفصل بين الخلائق في الآخرة مع التذكير بقدرة الله لأن الإنسان يضعف إيمانه بالنصر إذا صعفت معرفته بمن سينصره قال (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴿٦٠﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴿٦١﴾) وذكر آيات أخرى. (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) من آمن بهذه الحقيقة آمن بقوة الله وقدرته إيمانًا يجعله يوقن أن النصر لمن ينصره الله سبحانه وتعالى (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) يدخل الليل في النهار ويدخل النهار في الليل أول سؤال هل يمكن لأحد أن يتدخل في هذا الإدخال بشيء؟ لا يمكن. كل يوم يتغير النهار ويتغير الليل وما يصنعه الناس هو وصف لهذا الحدث العظيم الذي لا يتحكم فيه إلا الحكيم العليم، تطورت البشرية الآن لكنهم لن يتمكنوا من اختراع شيء يطيل الليل أو يقصّر النهار أو يزيدوهما دقيقة أو نصف دقيقة! (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ) فهو قادر أن ينصر الإيمان وأهل الإيمان على أهل الكفر. من الذي يجعل أهل الكفر يتقدمون أحيانًا؟ الله، ومن الذي يؤخرهم في أحايين أخرى؟ الله، من الذي يشدد الابتلاء على المؤمنين تمحيصًا واختبارًا وابتلاء ورفعة للدرجات وتكفيرًا للسيئات واجتباء لمن أراد من الشهداء؟ الله، هو الذي يتحكم في هذا كله، وهذا الليل والنهار مثال يذكّرنا، قدرة الله على الليل والنهار كقدرته على المؤمنين والكفار لا فرق، لكنه سبحانه وتعالى يعطي الناس اختيارًا ويعطيهم بحكمته ما يعطيهم وهنا يظهر المؤمن من غيره، المؤمن يستدل بالمخلوقات على كل ما يحدث أمامه في هذه الأرض. [/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة جاء خطاب للمشركين[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) قالوا هذا من خصاص هذه السورة، الأمثال في القرآن كثيرة والمثل الوحيد الذي أمر الله بالاستماع له هو هذا المثل قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) هذا يدل على أنه يحتاج مزيد انتباه قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴿٧٣﴾) لو الذباب أخذ شيئًا من هذه الآلهة مهما كان هذا الشيء قليلًا لا يستطيعون استرداده فكيف لهؤلاء وآلهتهم أن ينتصروا على من إلههم يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وهو سميع بصير سبحانه وتعالى؟! لا يمكن. ولذلك ختمت السورة وهي تدور حول النصر (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ﴿٧٨﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]سورة المؤمنون[/FONT]
[FONT=&quot]من اسمها تدور حول الإيمان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]لكن بطريقة القرآن التي تمتزج فيها الأمور ففي أول السورة صفات المؤمنين (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿١﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ﴿٣﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ﴿٤﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٥﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٦﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٧﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٩﴾ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴿١٠﴾ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿١١﴾) ومهمة المسلم إذا استمع لهذه الآيات أن يبدأ في حساب نفسه، (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) هذه بشارة طيبة لكن الله أعطانا صفات فقال (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) فيبدأ الإنسان يحاسب نفسه على صلاته (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) قد يخشع الإنسان في صلاته لكنه خارج الصلاة يفرح بسماع اللغو والكلام الفاحش، عليه أن يتبعد عن اللغو، (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) إلى أن قال (أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ﴿١٠﴾ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿١١﴾) نسأل الله أن يجعلنا منهم.[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد أن ذكر صفات المؤمنين ذكر شيئًا يزيد الإيمان[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴿١٢﴾ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴿١٣﴾ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴿١٤﴾) والآن مع الأجهزة الحديثة التي صارت تصور ما يحدث داخل البطن داخل الرحم ترى هذه الآية ماثلة أمامك ويصورون بالأيام ثم يكبر الطفل بعد أن كان صغيرًا يبكي (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) النحل) ثم يتكلم (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر الله من قصص أنبيائه قصة نوح وأشار إلى غيره من الرسل وذكر موسى وكل هؤلاء يدعون إلى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وهي الإيمان فبعد أن ذكر صفات المؤمنين وما يزيد الإيمان ذكر قصص السابقين التي تدل على نجاة المؤمنين وعلى هلاك الكافرين إلى أن قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴿٥١﴾ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾) ثم ذكر اعتقادًا باطلًا عند الكافرين يعتقدون أن الخير كل الخير هو في المال والبنين والحقيقة أن الخير كل الخير في غير ذلك، قال الله سبحانه وتعالى (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾) هذا الاعتقاد الفاسد قد يخطر في أذهاننا أحيانًا وقد يجول في قلوبنا أحيانًا (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾) هؤلاء لا يشعرون، ما الحقيقة؟ هم يحسبون أن ما يمدهم به من مال وبنين مسارعة في الخيرات، هو اختبار قد يكون خيرًا له في العاقبة وقد يكون شرًا، قال (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾) نحن نريد أن نشعر بالحقيقة فما هي؟ (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴿٥٧﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ ﴿٥٩﴾ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) يفعلون الخير وهم خائفون لأنهم سيرجعون إلى الله سبحانه وتعالى (أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴿٦٠﴾) يقول الخالق سبحانه وتعالى وهو الذي يعلم الخير والشر على حقيقته (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴿٦١﴾) إذن ماذا يقول المخلوقون بعد ذلك؟! هل يمكن أن تستمع لإنسان بعد كلام الله؟! (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴿٦١﴾ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٦٢﴾) نسأل الله أن يجعلنا من المسارعين للخيرات.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم في بقية السورة جاءت تهديدات شديدة للكفار مع وعظ لهم وتذكير بقدرة الله في الكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]فجاء من تهديدهم قول الله سبحانه وتعالى (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ﴿٦٤﴾ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ ﴿٦٥﴾) وجاء (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿٧٧﴾) ثم جاء قوله سبحانه وتعالى (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿٩٩﴾) ثم جاء قوله (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴿١٠١﴾ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ) وهم أهل الإيمان (فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٠٢﴾ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿١٠٣﴾ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴿١٠٤﴾ أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿١٠٥﴾ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴿١٠٦﴾ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴿١٠٧﴾ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴿١٠٨﴾ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴿١٠٩﴾ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴿١١٠﴾ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿١١١﴾) فبدأت السورة بـ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) وختمت السورة بأن المؤمنين هم الفائزون نسأل الله أن يجعلنا من الفائزين.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النور[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النور هذه السورة فيها أنوار عظيمة من الله سبحانه وتعالى إلى خلقه وهذه السورة يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام والسورة نزلت في المدينة وهذا بالاجماع. [/FONT]
[FONT=&quot]أولها فيه حديث عن حادثة الإفك المعروفة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والتي فيها اتهام من المشركين وبعض من انجرف معهم في اتهام لعرض النبي صلى الله عليه وسلم – وهذا دليل أن السورة مدنية – وحادثة الإفك هذه كانت عند غزوة بين المصطلق وهذه الغزوة على الأصح في السنة الخامسة للهجرة يعني في منتصف سكنى النبي صلى الله عليه وسلم في مدينته فهذه السورة متوسطة النزول في بعض آياتها وإن كانت آياتها متفرقة في أحداث متعددة بعد ذلك. هذه السورة تعلمنا أشياء كثيرة ولذلك يقول تعالى في أولها (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿١﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]القسم الأول يتحدث في أمور اجتماعية تحمي المجتمع من الانجراف إلى الزنى والفواحش[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]والعياذ بالله ولذلك ذكرت فيها عقوبة الزنى وحكم اللعان وذكرت فيها حادثة الإفك بطريقة تنفعنا جدًا في عصرنا هذا، بطريقة هي التي يسميها العلماء التربية بالحدث: حدثت حادثة اتهمت فيها أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها وتعامل الناس معها بطرائق شتى ولا شك أنه في كل عصر وفي كل مصر تتكثر الشائعات وتحصل الشائعات وقد تكثر في وقت دون آخر، كيف يتعامل المؤمن معها؟ هذه السورة تعلمنا في القسم الأول كيف نتعامل مع الشائعات. بعض الناس أول ما تأتيه رسالة بالجوال ينشرها، وهذه مصيبة من المصائب!! السورة مليئة بكيفية التعامل مع الشائعات في حادثة الإفك ولكن نكتفي بكلمة يقول الله سبحانه وتعالى (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ) يعني خبر الإفك (بِأَلْسِنَتِكُمْ) سبحان الله! أنت تتلقى الخبر بأذنك، (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ) لكن هذا يدل على نوع من التسرع يتلقاه بلسانه لا يتلقاه بأذنه بمعنى أن يتلقاه وينقله مباشرة، وهذا مثل الذي ينشر الخبر بالجوال ثم يكتشف أنها إشاعة وقد نشرها، في الأول كان الإنسان ينشر الإشاعة تذهب لشخص أو اثنين بينما الآن برسالة جوال قد تصل لمئات ولو وضعتها في الانترنت قد تصل لملايين فمصيبة! ويقرأ الإنسان هذه الآيات ويسمعها في التراويح ويصلي بها ويتفكر ما هي الصفات التي ينبغي أن يكون عليها المؤمنون منها حسن الظنّ (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴿١٢﴾) أما الاستعجال وسوء الظن الظن بالمؤمنين وعدم البحث عما يؤيد هذا الخبر يصدّقه أو يكذّبه هذه مصيبة! ويحدث أيضًا في غير الجوال فبعض الناس يتسارع إلى كل حديث ينقل إليه عن النبي صلى الله عليه وسلم ينشره وهذا كلام فيه إثم لأن الإنسان لا بد أن يتثبت قبل نقل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أحدهم نقل حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أحدهم هذا الحديث موضوع يعني مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له لا مشكلة معنى الحديث صحيح! هذا النبي صلى الله عليه وسلم! أنت لا تستطيع أن تنقل عن مديرك أو عن ملكك خبرًا إلا إذا تأكدت منه فكيف تنقل عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى؟! إن كنت لا تعرف لا تنشر ولو استطعت تسأل لتتأكد من صحة الحديث فالمسألة ليست لعبة، حديث النبي صلى الله عليه وسلم لا بد أن يُعظّم ولا بد أن يتثبت منه قبل نقله.[/FONT]
[FONT=&quot]فالقسم الأول من السورة فيه أحكام اجتماعية متعددة تتعلق بالاستئذان وجاء فيها غض البصر وجاء فيها مسألة الشائعات وجاء فيها (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٩﴾) فكانت هي حماية للمجتمع المسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]في القسم الثاني جاء تعريف عظيم بالله سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومعرفة الله تُذكر في آيات الأحكام لأنك لا تستقيم على أحكام الله إلا بمعرفة الله سبحانه وتعالى، جاء فيها قوله سبحانه وتعالى (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣٥﴾) وذكرت فيها آيات تتحدث عن قدرة الله سبحانه وتعالى في خلقه وعن تسخيره للسماء والأرض سبحانه وتعالى وكان هذا تمهيدًا للقسم الثالث.[/FONT]
[FONT=&quot]لأن القسم الثالث جاء في الاستسلام لحكم الله سبحانه وتعالى وذكر وصف المؤمنين في حالتهم مع استسلامهم لأحكام الله وسماعهم لأحكام الله. فبعد أن ذكر عظمته وقدرته وهدايته لخلقه سبحانه وتعالى قال (وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا) هذه قولة سهلة يقولها أيّ أحد (ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ) يقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا لكن لما يأتي الحكم يتولى فريق منهم من بعد ذلك فيقولوا لا نريد أن نحكّم الشرع الآن عصرنا لا يصلح له هذا الشيء أو لا نريد أن نطبّق هذا الحكم أو نسمع كلام الله في الحكم الفلاني أستغفر الله، يكون الله حاكمًا عليهم وهو ربهم! (وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴿٤٧﴾ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿٤٨﴾ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴿٤٩﴾) إذا كان الحكم الشرعي في مصلحته يقبله، إن كان يعرف أن الحكم الشرعي في خصومته مع زوجته في مصلحته يأتي وإن لم يكن في مصلحته يعرض والعياذ بالله! (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ ﴿٤٨﴾ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴿٤٩﴾ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ ﴿٥٠﴾ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥١﴾) قبل أن يسمعوا الحكم إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم يقولوا سمعنا وأطعنا (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥١﴾ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿٥٢﴾) أسأل الله أن يجعلنا منهم.[/FONT]
[FONT=&quot]في ختام السورة بيّن الله سبحانه وتعالى الأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهذا الأدب مناسب لأول السورة لأن من خاضوا في عرض النبي صلى الله عليه وسلم أساؤوا الأدب جدًا قال هنا (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿٦٣﴾) لا تقل يا محمد عندما كانوا يخاطبون النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولوا له ما كان يخاطب بنو إسرائيل نبيهم فيقولون يا موسى بل ينبغي أن يقولوا يا رسول الله، يا خيرة خلق الله، يتأدبون معه. وإذا كان هذا التأدب في الخطاب فكيف بالاعتداء على عرضه الشريف صلى الله عليه وسلم وهذا ما وقعت فيه طوائف وضلّت والعياذ بالله! أما المؤمن الحقّ الذي يؤمن بالله ربًا وبمحمد رسولًا فهو يعلم طهارة عرضه صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم بأحسن الكلام عنه صلى الله عليه وسلم وهو مستحق لذلك صلى الله عليه وسلم ولا يستحق غير ذلك نسأل الله أن يجعلنا من المتأدبين مع سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الفرقان وسورة الشعراء وسورة النمل وسورة القصص[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 15 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الفرقان[/FONT]
[FONT=&quot]مع أنوار سورة الفرقان. يقول الله سبحانه وتعالى في مطلع هذه السورة والسورة نزلت في مكة ويبدو من آياتها أنها نزلت متأخرة لأن فيها نقاشًا مع المشركين يُشعر بأن عددًا من الآيات قد نزل. يقول الله سبحانه وتعالى في مطلع هذه السورة (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴿١﴾ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴿٢﴾ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴿٣﴾) هذا المطلع يعّرفنا بأهم ما في هذه السورة: هذه السورة تعرّف بالله سبحانه وتعالى ردًّا على المشركين الذين أشركوا بالله قال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ﴿٤﴾) هؤلاء المشركون لهم أقوال متعددة وشُبَه ردّت عليها هذه السورة وبينت أقوالهم وردت عليهم وعرّفتهم بالخالق سبحانه وتعالى أو ذكّرتهم بالخالق الذي يعرفونه لكنهم نسوه وأشركوا به سبحانه وتعالى. [/FONT]
· [FONT=&quot]الشيء الأول التعريف بالله[/FONT]
· [FONT=&quot]الشيء الثاني الردّ على المشركين[/FONT]
· [FONT=&quot]الشيء الثالث النذارة. [/FONT]
[FONT=&quot]النبي صلى الله عليه وسلم بشير ونذير لكن الله سبحانه وتعالى قال في مطلع هذه السورة (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) ما ذكر البشير هنا، ذكره في السورة مبشرًا ونذيرا وذكر في السورة البشارة والنذارة لكن الأكثر في هذه السورة هو النذارة والتخويف الشديد يقول الله سبحانه وتعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا ﴿١١﴾ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) السعير أي النار ترى أهلها الذين هم أهلها نعوذ بالله أن نكون منهم إذا رأتهم من مكان بعيد (سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴿١٢﴾) خافوا قبل أن يصلوا إليها (وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا ﴿١٣﴾ لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا ﴿١٤﴾) ومن النذارة في السورة قوله تعالى (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ﴿٢٢﴾ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴿٢٣﴾) ثم قال ربنا سبحانه وتعالى (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴿٢٤﴾) النذارة موجودة والبشارة موجودة لكن النذارة أكثر، أما أن يكون الإنسان لا يستطيع أن يستغني بالبشارة عن النذارة والعكس بل يحتاج إلى الخوف والرجاء والذي يقدّر ذلك هو اللطيف سبحانه وتعالى والقرآن فيه البشارة وفيه النذارة، بعض الناس لا تريد أن تسمع إلا عن الجنة وتتعب من سماع الكلام عن النار أو العكس البعض يقول الناس مفرّطة ويحتاجون لسماع الكلام عن النار لا عن الجنة، هذا خطأ وهذا خطأ والرب سبحانه وتعالى يذكر هذا ويذكر هذا وفي وسط أصحاب الوعيد قال (أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴿٢٤﴾) ثم قال (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ﴿٢٥﴾ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴿٢٦﴾ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ﴿٢٧﴾ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴿٢٨﴾ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴿٢٩﴾ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا ﴿٣٠﴾ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴿٣١﴾) النذارة واضحة في الآيات لكن وقف بعض أهل العلم وهو الشيخ السعدي عند قوله تعالى (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ) قال هذا الكلام في عظة يوم القيامة وتهويل يوم القيامة لماذا يأتي اسم الرحمن؟ حتى لا تنسى أن رحمته سبقت غضبه سبحانه وتعالى نسأل الله أن يجعلنا من المرحومين.[/FONT]
[FONT=&quot]واستمرت السورة تقيم الحجج عليهم وتلفت الانتباه إلى قدرة الله في هذا الكون[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ﴿٤٥﴾) الظلّ كل يوم يمر علينا لكننا لا نفكر فيه لكنه من تيسير الله وتدبيره سبحانه وتعالى وذكر عددًا من الآيات وبعد أن أقام عليهم الحجج قال (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ﴿٥٩﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩﴿٦٠﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ختم السورة بوصف عباد الرحمن[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وهذا من أتمّ المناسبة بعد أن ذكر الرافضين للسجود للرحمن قال (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿٦٣﴾) فالسورة في معظمها تتحدث عن الكفار وتنذرهم ثم ذكرت بعد ذلك النموذج الأمثل وهم عباد الرحمن نسأل الله أن يحشرنا في زمرتهم وأن يحلينا بأخلاقهم.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الشعراء[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الشعراء تلخّصها آيتان تكررتا في السورة كثيرًا[/FONT][FONT=&quot]، سورة الرحمن يتكرر فيها (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)، سورة الشعراء فيها آيتان متواليتان تتكرران قوله تعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٦٧﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦٨﴾) هاتان الآيتان تتكرران في السورة، ذُكِرت في أول السورة ثم ذُكِرت قصة موسى ثم ذُكرت هاتان الآيتان ثم توالت القصص في السورة وبعد كل قصة (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٦٧﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦٨﴾) وملاحظة هذا يعين الإنسان على تدبر السورة. السورة تتكلم أن في القرآن آية ولكن أكثر الناس لن يؤمنوا وتذكّر أن الرب عزيز يعزّ من أطاعه وينتقم ممن عصاه، رحيم بمن أطاعه ورحمته وسعت كل شيء سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]في مطلع السورة يقول سبحانه وتعالى (طسم ﴿١﴾) وهذه أول سورة من السور التي تسمى "الطواسين" لأنها تبدأ بمطلع متشابه: (طسم) في الشعراء وفي القصص وبينهما سورة النمل (طس) يسميها العلماء الطواسين وهذه السور تشترك في أمور أنها تذكر موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في أول السورة في أول قصة في هذه السور يُذكر نبي الله موسى لكن ذُكر نبي الله موسى في سورة القصص بتطويل شديد وفي سورة الشعراء بتوسط في صفحتين تقريبًا وفي سورة النمل باختصار وهذا من إعجاز القرآن لأنه يأتي بالقصة الواحد مطوّلة ومختصرة ومتوسطة ولا تجد بينها تناقضًا بل تجد بينها تكاملًا وتجد كل طول وقصر مناسبًا للسورة التي جاءت فيها تلك القصة. [/FONT]
[FONT=&quot]فهذه السورة تتحدث أن في القرآن آية[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]ومطلعها (طسم ﴿١﴾ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴿٣﴾ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آَيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴿٤﴾ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ﴿٥﴾ فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٦﴾ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴿٧﴾ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٩﴾) هذا نوع من الآيات وهي الآيات الكونية (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ).[/FONT]
[FONT=&quot]ثم توالت القصص بعد ذلك بآيات أخرى، آيات شرعية تذكّر بأحداث سابقة لأقوام سابقين أهلكهم الله لما كذّبوه وظهر في إهلاكهم وفي إنجاء المؤمنين أن الرب هو العزيز الرحيم سبحانه وتعالى[/FONT][FONT=&quot].[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة وبعد أن ثبت من خلال السورة أن القرآن آية قال سبحانه وتعالى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿١٩٠﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿١٩١﴾ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾) هذا وصف للقرآن ينبغي أن يتأمل فيه الإنسان (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾) ورب العالمين وُصِف في هذه السورة ضمن القصص كانت القصص تبين إهلاك الظالمين وإنجاء المؤمنين ولكن كانت أيضًا تعرّف برب العالمين فلما خاطب موسى فرعون في هذه السورة قال (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ﴿٢٤﴾ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ ﴿٢٥﴾ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آَبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٢٦﴾ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ ﴿٢٧﴾ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٢٨﴾) فهذا تعريف بالله هذا الرب الذي له هذه العظمة هو الذي أنزل القرآن (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴿١٩٤﴾) وهذا يبين قدر قلب النبي صلى الله عليه وسلم وطُهر قلب النبي صلى الله عليه وسلم وشرف قلب النبي صلى الله عليه وسلم وكل هذا شرف لمن اتّبعه ولكن طبعًا مع فارق لكن (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ[/FONT] عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا (69) النساء) اختارنا الله وليس هذا باختيارنا لنكون من أتباع من أنزل الله عليه كلامه ليكون من المنذرين (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴿١٩٤﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴿١٩٥﴾) وهذه الآية (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) تنبهنا على فضل لغة العرب وعلى أهميتها وأن الزهد فيها يزهّد الناس بالقرآن وأن إهمالها يُضعف من فهم الناس للقرآن لأن القرآن بلسان عربي مبين. قال (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٩٦﴾ أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آَيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿١٩٧﴾) فالقرآن معروف عند علماء بني إسرائيل وهذا تصديق به ودليل على أنه من عند رب العالمين.
[FONT=&quot]ثم توالت السورة تنفي عن القرآن بعض ما وصف الكفار به القرآن من الشعر وغيره[/FONT][FONT=&quot] (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ﴿٢١٠﴾ وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴿٢١١﴾) إلى أن قال (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ﴿٢٢٤﴾ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴿٢٢٥﴾ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴿٢٢٦﴾ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴿٢٢٧﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة النمل[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة النمل فهي أيضًا من الطواسين يقول الله سبحانه وتعالى في أولها (طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ ﴿١﴾) وإن قلنا (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿٨﴾ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٩﴾) تجمع سورة الشعراء فيمكن أن يجمع سورة النمل كما أشار بعض أهل العلم في قوله تعالى مخاطبه نبيه (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴿٦﴾) القرآن تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم لكن الله هنا وصف نفسه بوصفين (حكيم، عليم) فإذا قرأت السورة يظهر لك علم الله وتظهر لك حكمة الله سواء في الآيات التي يذكرها أو في القصص التي يقصها علينا وقد قصّ علينا قصصًا متعددة كان من أطولها في هذه السورة قصة سليمان حتى بعض العلماء يسميها سورة سليمان. ذُكرت قصة سليمان في سور أخرى باختصار لكن هنا ذكر قصته مع النمل وذكر قصته مع الهدهد ومع ملكة سبأ وأطال، لكن إذا سألنا ما الذي أعطاه الله سبحانه وتعالى لسليمان؟ أعطاه الشيء الكثير لكن قال هنا في هذه السورة (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا). (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآَنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) السورة تبين قيمة العلم جدًا وتبين أيضًا خطر الجهل كما سيأتي في آخر السورة عند ذكر يوم القيامة. [/FONT]
[FONT=&quot]قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا) رغم أننا نعرف أن سليمان آتاه الله ملكًا لم يؤته أحدًا من العالمين كما ذكر في سورة ص لكن الله آتاه العلم والعلم أعظم من المُلك (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا) بل نبّه في السورة على أمور في العلم عجيبة فالهدهد الذي كان سليمان قد توعّد أن يذبحه لأنه غائب حماه العِلم من القتل عندما جاءه الهدهد قال (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ) عرفت شيئًا أنت لم تعرفه (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴿٢٢﴾ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ). بل الأعجب من ذلك أن سليمان لما طلب العرش تكلم عنده رجلان أو شخصان (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ) ونحن نعتبر الجن عندهم قدرة خارقة ولا شك أن عندهم قدرات ليست عندنا (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴿٣٩﴾) يأتيه بالعرش من اليمن وهو في الشام قبل أن تقوم من مقامك، (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) ليس هناك مقارنة! (فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴿٤٠﴾) فهذا يدل على قيمة العلم. والذي يدل أيضًا على قيمة الجهل والعياذ بالله أن الله ذكر في آخر السورة عن المشركين لأن السورة بعد أن ذكرت القصص بدأت ترد على المشركين وأنهم يتكلون بجهل وينكرون الساعة رغم أن عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى يثبتها قال سبحانه وتعالى (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿٨٣﴾ حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٨٤﴾) المفترض إن لم تكن مؤمنًا أن تقرأ القرآن لا تكذب به دون علم (قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا) كذبتم بالآيات وأنتم لم تعرفوها حق معرفتها؟! ولا أحطتم بها علمًا؟! (أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بماذا أجابوا؟ قال (وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ ﴿٨٥﴾) ما عندهم إجابة لأنه لا يجوز للإنسان أن يكذّب بشيء إلا بعد أن يتعلمه ويعرفه ثم بعد ذلك له أن يُنكره لكن من تعلمه صادقًا أيقن أن النبي صلى الله عليه وسلم يلقّى القرآن من لدن حكيم عليم.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القصص[/FONT]
[FONT=&quot]آخر سورة من الطواسين سورة القصص وسورة القصص أكثر الكلام فيها عن موسى عليه السلام وبعض العلماء يسميها سورة موسى كما أن بعض العلماء يسمي سورة النمل سورة سليمان وبعض العلماء يجعل آخر آيات السورة هي محور السورة. يقول الله سبحانه وتعالى في آخر السورة (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) صحّ عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير هذه الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) يعني لرادّك إلى مكة لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة إلى المدينة والسورة مكية ولكن هذه الآية إشارة إلى الهجرة وبعض العلماء يقول نزلت بين مكة والمدينة بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا لم يثبت فيه سند، لكن الأصل أن السورة مكية وأن هذه الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ) ما علاقة هذا بالسورة وقصة موسى؟ إذا سمعنا قصة موسى نجد أنها مرتبطة بها أشد الارتباط. [/FONT]
[FONT=&quot]قصص القرآن جاء لتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيت المؤمنين والعبرة والعظة[/FONT][FONT=&quot] ومن التثبيت ما جاء في هذه القصة لأن موسى خرج من بين أحضان أمه قال الله سبحانه وتعالى (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٧﴾) وقف العلماء عند هذه الكلمة (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) وبعد عدة آيات قال الله سبحانه وتعالى (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ) تحقق الوعد. ثم ذكر قصة أخرى وهي خروج موسى من مصر إلى مدين وهو يشبه خروج النبي صلى الله عليه وسلم مع الفرق من مكة إلى المدينة ثم ذكر رجوع موسى بعد لك إلى مصر وانتصاره على فرعون. فهذه القصة جاءت تثبيتًا للنبي صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]وجاءت أيضًا إثباتًا لنبوته صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] ولذلك في نهاية قصة موسى عليه السلام التي طالت عدة صفحات قال الله سبحانه وتعالى (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ) النبي صلى الله عليه وسلم ما كان موجودًا فكيف عرف هذا؟ (وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٤٤﴾ وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴿٤٥﴾ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) هذا القرآن جاءنا وعرّفنا بكل هذا رحمة من ربك (لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٤٦﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]وقال في آخر السورة (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ) التثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن صلى الله عليه وسلم يؤمّل أن يأتيه وحي من السماء (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ ﴿٨٦﴾ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٨٧﴾ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٨﴾) قال بعض العلماء هذه الخاتمة مناسبة جدًا للطواسين، انتهت مجموعة من السور فجاءت فيها آية تختم الكلام (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) نسأل الله أن يجعلنا من المنتفعين بالقرآن.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة العنكبوت وسورة الروم وسورة لقمان وسورة السجدة[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 17 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مرت معنا بعض السور التي تعتبر مجموعة متاشبهة لها تسمية إما من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام السلف أو من اجتهاد العلماء. فمرّت معنا (ذوات الر) وهذه سماها النبي صلى الله عليه وسلم من يونس إلى نهاية الجر وفيها سورة الرعد (المر) بعض العلماء أدخلها وبعض العلماء لم يدخلها، هذه مجموعة متوالية. ومرت معنا الطواسين (الشعراء والنمل والقصص) وتأتي سور آل حم من سورة غافر إلى سورة الأحقاف وعندنا هنا اللواميم وهذه تختلف عن المجموعات الأخرى لأن كل المجوعات الأخرى متوالية قد تفرّق بينها سورة مثل الرعد على من أخرجها من هذه السور. لكن هذه السور (الم) التي تبدأ بـ (الم) ويسمونها اللواميم منها البقرة وآل عمران وهي في أول القرآن بعد الفاتحة ومنها سورة العنكبوت فما بعدها وهي في الثلث الأخير من القرآن إلا قليلًا من سورة العنكبوت فهي في الثلث الثاني من القرآن إذا قسّمنا القرآن أثلاثًا. فهذه السورة منفصلة مع أن السورة الأخرى الطواسين والحواميم مكية أما هذه فمنها المدني ومنها المكي فما كان مدنيًا جاء في أول القرآن (البقرة وآل عمران) وبقية السور العنكبوت والروم ولقمان والسجدة هذه مكية.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة العنكبوت[/FONT]
[FONT=&quot]سورة العنكبوت سورة تستطيع أن تعرف مختصرها في ثاني آية فيها مع آخر آية فيها يقول الله سبحانه وتعالى (الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾) هذه إشارة إلى سنة من سنن الله في خلقه وهي أن الذي يدّعي الإيمان لا بد أن يُبتلى حتى يتميز الخبيث من الطّيب. قال (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) والفتنة هي الاختبار الشديد قالوا أصله من فتنت الذهب إذا أثخرج الذهب من الأرض والتقت به شوائب وأمور ردية يُدخل في النار فيصفّى ليخرج ذهبًا خالصًا وتصفّى هذه الشوائب وقالوا هذا أصل الفَتْن فالاختبار هو الذي يُخرج الإنسان معدنًا صافيًا إذا كان فيه شوائب يتنقى منها وإن كان هو ليس مؤمنًا أصلًا فهذا يظهر نفاقه ويظهر خبثه نسأل الله أن يطهرنا ويجعلنا من الطيبين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين. [/FONT]
[FONT=&quot]قال (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) فهذه الفتنة ليست خاصة بأمة النبي صلى الله عليه وسلم (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) والعامة يقولون: عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان لكن هذا الامتحان أصعب، الفتنة في الدين أصعب تُظهر المؤمن الصادق من غيره. وفي آخر السورة قال الله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٦٩﴾) السورة تدور حول الابتلاء والابتلاء يحتاج إلى مجاهدة للنفس وثبات على الحق وعلى هذا تدور السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]ذُكرت فيها مواقف للمؤمنين والمنافقين[/FONT][FONT=&quot] وذُكرت فيها قصص والقصص تُذكر في سورة كثيرة وتُذكر في كل سورة بما يتناسب معها. نتأمل في قصة نوح ونكتفي بها، نوح ذُكِر في سورة كثيرة يقول الله سبحانه وتعالى في قصة نوح في هذه السورة في آيتين لكن لاحظ علاقتهما بالابتلاء وارتباطهما به أشد من ارتباط قصة نوح بالسور الأخرى قال الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١٤﴾) هذه المدة الطويلة جدًا لم تُذكر في السور الأخرى لم تُذكر إلا في سورة الابتلاء، في سورة الفتنة التي لا بد أن يفتن فيها الإنسان ليعلم الله الصادق من الكاذب فذُكرت هذه المدة الطويلة فقد يكون الاختبار طويلًا جدًا (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ﴿١٤﴾ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ) نجحوا في الابتلاء (وَجَعَلْنَاهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴿١٥﴾) عبرة الذي يتبع الرسول يكون مصيره النجاة وكما قال الإمام مالك: السُنّة سفينة نوح من ركبها نجا ومن لم يركبها غرق. نسأل الله أن يجعلنا من أهل النسة المتبعين لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة ذكرت هذه القصص المتعددة ذكرت قصة نوح ثم قصة إبراهيم ثم لوط وقصة شعيب ثم أشار إلى عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان ثم قال سبحانه وتعالى (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴿٤٠﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم بيّن الله الفرق الكبير بين من يعتمد على الله فينجح في الابتلاء ومنهم من يسقط في الابتلاء لأنه جعل فتنة الناس كعذاب الله، قال الله (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا) الذي يريد أن ينجح في الابتلاء يعتمد على الله أما الذي يجعل الناس أعظم من الله سبحانه وتعالى أو يجعل سمتعه أو أي شيء آخر مقدّمًا فهذا كمن يتمسك بالعنكبوت بيت العنكبوت ضعيف. (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ) كل من اعتمد على غير الله (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿٤١﴾) ولما كان نبي الله لوط في شدة عندما جاءه قومه يهرعون إليه وهم يعملون السيئات قال (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) هود) يقول النبي صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي لوطًا فقد كان يأوي إلى ركن شديد فمن أوى إلى الله فقد أوى إلى ركن شديد ومن أوى إلى غيره فقد تمسك بمثل بيت العنكبوت نسأل الله أن يجعلنا من المعتمدين عليه.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٤٢﴾) إلى أن قال مبينًا أعظم ما يثبت في الفتنة والابتلاء – القسم الأول ذكر الابتلاء وسنّة الابتلاء وبيّن أن من يعتمد على غير الله فكأنما يعتمد على مثل بيت العنكبوت – ثم بيّن الزاد الذي يحتاجه الشخص في الابتلاء قال (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ) تلاوة القرآن أعظم مثبّت في الابتلاء، قال (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) والصلاة ما أُمر بها أبدًا بفعل صلّوا في القرآن قال (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ) لم يقل وصلِّ، فرق بين صلِّ وأقم الصلاة، قال بعض العلماء: ليكن همّك إقامة الصلاة لا أداء الصلاة فما كل مصلٍّ مقيم. إقامة الصلاة بخشوعها وخضوعها والتذلل إلى الخالق فيها واتباع السنة فيها والحرص عليها في وقتها كل هذه الأمور تجعل الصلاة مقامة كما يحب الله فتكون معينة للإنسان قال (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) هذا هو الهدف منها، الهدف من الصلاة أو من أهدتفها العظمى أن تكوّن في الإنسان وازعًا يمنعه وينهاه عن الفحشاء والمنكر. مثلًا عندما يقول الإنسان "الله أكبر" سبع عشرة مرة في الصلاة المفترض أن هذا يكوّن في قلبه من تعظيم الله وتكبيره ما يجعله إن تعرّضت له شهوة بعد الصلاة أو دعوة إلى فحشاء أو منكر أن يقول "الله أكبر" تنهاه صلاته التي كوّنت عنده شيئًا في داخله ولذلك ينبغي أن يحرص الإنسان على الصلاة. قال (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ذكر الله لعبده عندما يذكره، أنت عندما تقرأ القرآن تذكر الله وعندما تصلي تذكر الله وإذا ذكرت الله فإن الله يذكرك "من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي" هذا فضل كبير من الله سبحانه وتعالى يذكرنا إذا ذكرناه وذكره لنا أكبر من ذكرنا له فما ذكرنا له؟ لا ينفعه ولا يضره سبحانه وتعالى وهو الغني لكن ذكره لنا يكون مددًا لنا وعونًا لنا للنجاة في هذا الامتحان الذي نحن فيه قال (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴿٤٥﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]وفي بقية السورة جاءت إشارات إلى أمور تعين أيضًا على الابتلاء منها الهجرة في سبيل الله[/FONT][FONT=&quot] قال (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾) من كان في مكان لا يستطيع أن يعبد الله فيه فإنه يحتاج أن يخرج وبعض العلماء يرى أن هذه السورة من آخر السور التي نزلت في مكة ولذلك تشير إلى الهجرة لأن الصحابة سيهاجرون فهذا تذكير أنهم في ابتلاء ولا بد أن يتحملوا شدته (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾) وهنا يقول قائل قد أموت وقد أهلك في هجرتي قال (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴿٥٧﴾) لا تتأخر عن الهجرة خوفًا من الموت فالموت آت ولا بد. ثم قال (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿٥٨﴾) يترك الإنسان ماله، صهيب الرومي رضي الله عنه وعن جميع الصحابة ترك ماله في مكة في القصة المعروفة وتابعه الكفار يحاولون أن يردّوه فأخبره بمكان ماله في مكة على أن يتركوه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ربح البيع أبا يحيى ونزلت (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207) البقرة) فالله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا) هذا تعويض، غُرف في الجنة والغرفة في اللغة نحن نستخدمها بمعنى الحجرة في المنزل لكن الغرفة عند العرب هي الغرفة التي تكون في مكان مرتفع وارتفاع هذه الغرف مختلف يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه: إنكم تتراءون أهل الغرف كما تترآءون الكوكب الدري في السماء. لما تخرج في الليل بعد العشاء وترى نجمًا بعيدًا أهل الجنة يترآءون أهل الغرف كما نتراآءى الآن الكوكب الدري الغابر في السماء، اي مكان عالي جدًا، قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها أحد غيرهم، قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدّقوا المرسلين. فوعدهم الله بهذا الوعد وهذا التعويض عما يتركونه في الدنيا من قصور ودور ونحوها، عبد الرحمن بن عوف كان من أغنياء الصحابة لكن وصل إلى المدينة وما عنده شيء وهكذا تركوا ديارهم وأوطانهم فبوأهم الله في الدنيا المدينة وعوّضهم خيرًا وكل مؤمن عمل الصالحات وعده الله (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿٥٨﴾) إلى آخر الآيات التي تركّز على قضية أن هناك ما يعين الإنسان على الابتلاء والهجرة وغيرها نسأل الله أن ينفعنا بأنوار هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الروم[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الروم فقد لاحظ بعض أهل العلم أنها رغم أن أولها يتحدث عن هزيمة الروم من الفرس في قصة معروفة (الم ﴿١﴾ غُلِبَتِ الرُّومُ ﴿٢﴾ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿٣﴾) الروم هُزموا من الفرس فأفرح هذا المشركين وغمّ المسلمين لأن الروم أقرب للمسلمين وهم أهل كتاب والفرس مجوس فوعد الله أن الروم سيغلبون بعد غلبهم قال (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴿٣﴾ فِي بِضْعِ سِنِينَ) والبضع من ثلاث إلى تسعة عند العرب فوعد الله وعدًا. ثم بقية السورة تتحدث في أكثر آياتها عن يوم القيامة فما العلاقة؟ وقف بعض العلماء وقالوا: هذا الموقف ذُكر دليلًا على إثبات البعث، كيف؟ وعد الله نبيه في القرآن أمام الكفار في مدة محددة وإن كانت مبهمة في بضع سنين من ثلاث إلى تسعة أن الروم سيغلبون الفرس ثم غلبوا الفرس حقيقة فدلّ هذا على أن الوعد الذي يأتي نبينا صلى الله عليه وسلم وعدٌ حق فكانت هذه تمهيدًأ لما بعدها من آيات تدل على البعث. لكن هذه الآيات الأخرى التي تدل على البعث جاءت رابطة بالله سبحانه وتعالى تكرر فيها لفظ الجلالة عدة مرات وعندما يتكرر لفظ الجلالة في هذه الآيات تتكلم عن البعث بوضوح قال (اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿١١﴾ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ﴿١٢﴾) يُبلس يعني ييأس لكنه يأس شديد ويقولون أبلس الرجل إذا سكت ولم يستطع أن يتكلم نسأل الله السلامة (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ ﴿١٣﴾ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ ﴿١٤﴾) فالحديث عن يوم القيامة واضح. ثم يقول الله سبحانه وتعالى (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ) ومعلوم أن من أدلة البعث المذكورة في القرآن كثيرًا نزول المطر قال الله (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴿٤٨﴾ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ ﴿٤٩﴾ فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٥٠﴾) ولا ينبغي للمسلم إذا رأى السحاب يتحرك أن ينسى أن الذي يحركه هو الله وأن الذي يصرّفه هو الله سبحانه وتعالى والله يلفتنا بمثل هذه الآيات للانتباه لمثل هذا الأمر الذي يزيد من تعظيم الله ويذكّر بالآخرة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى في آخر السورة (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) تكررت كلمة (الله) مرتبطة بالبعث معرّفة بالله ورابطة لها بمسألة البعث (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴿٥٤﴾) تصريف الإنسان وتحويله من حالة إلى حالة ومن سن إلى سن بينما كان ضعيفًا إذ قوي ثم عاد إلى ضعف دليل على أن هناك قادرًا عليه يصرّفه سبحانه وتعالى قال (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴿٥٥﴾ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٥٦﴾) لأن الناس في الدنيا كما ذكر الله في أول السورة قال (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴿٧﴾) فالذي يريد أن يعرف الحقيقة فليقرأ القرآن ليعرف الحقيقة كاملة ويعرف كيف تقوم الساعة. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة لقمان[/FONT]
[FONT=&quot]وأما سورة لقمان فهي أيضًا تبدأ بـ (الم) وتتكلم عن الحكمة، قال الله في أولها (الم ﴿١﴾ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ﴿٣﴾) فالقرآن حكيم وإذا كان القرآن حكيمًأ فينبغي اتباعه والتسك به وعلى هذا تدور كثير من آيات السورة. وذكرت في السورة قصة لقمان (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) فالذي يؤتى الحكمة المفترض أن تكون له ردة فعل (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) ونحن أعطانا الله الحكمة وأعطانا هذا الكتاب الحكيم (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) هود) فينبغي أن نتمسك به وأن ندعوا إليه واللافت في الآيات أن وصية لقمان لابنه معظمها موجودة في آيات أخرى في القرآن فالقرآن مشتمل على الحكمة التي عند لقمان وزيادة ولا شك. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكرت السورة عددًا من النعم التي تدعو أيضًا لعبادة الله[/FONT][FONT=&quot]، فإذا كان القرآن حكيمًا ينبغي اتباعه وفيه توحيد الله وعبادته فكذلك كل ما حولك في الكون يدعوك إلى عبادة الله قال (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) الشيء السابغ هو الشيء الساتر الطويل الكامل نحن نعم الله سابغة علينا من فوق إلى تحت، النَفَس هو الذي يسيّر الجسم، الدم الذي يجري في العروق، العقل الذي يفكر لا تستغني عنه، حتى تصل إلى بيتك كم تحتاج من النعم؟! (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ ﴿٢٠﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة جاءتنا موعظة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى فيها (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿٣٣﴾ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿٣٤﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة السجدة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة السجد لها عدة فضائل لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في صلاة الفجر من يوم الجمعة مع سورة الإنسان كما في الصحيحين، وصلاة الفجر يوم الجمعة لها خصوصية لأن ابن عمر رضي الله عنه يقول: أفضل الصلوات عند الله صلاة الفجر يوم الجمعة. وأسأل: أقل جماعة تجتمع باستثناء رمضان (الناس في صلاة الفجر موجودة لكن المشكلة في صلاة الظهر في رمضان بالذات الذين ليس عندهم دوام!) أقل صلاة يجتمع فيها الناس صلاة الفجر يوم الجمعة لأن الناس تسهر ليلة الجمعة فتفوت صلاة الفجر على كثيرين وابن عمر يقول: أفضل الصلوات عند الله صلاة الفجر يوم الجمعة في جماعة. فمن فوّتها فقد فوّت خيرًا. النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها السجدة مع الإنسان وكان عليه الصلاة والسلام لا ينام كما ثبت في الحديث حتى يقرأ سورة السجدة مع سورة المُلك كل ليلة قبل أن ينام وهذا يدل على أهمية في هذه السورة. والملاحظ أن السور التي كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن ينام الإسراء والزمر والسجدة والإنسان أنها كلها –وبعضها أوضح – أنها تتحدث عن الموت أو عن الروح (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴿١١﴾) فلذي يقرؤها يتذكر الملك وسورة الملك أولها (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)) فهاتان السورتان تذكّران بالموت وكذلك سورة الزمر (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى (42)) وفي سورة الإسراء يقول الله سبحانه وتعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي (85)). فسورة السجدة كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم ويواظب على قرآءتها قبل النوم عليه الصلاة والسلام مما يدل على أهميتها.[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة تتحدث عن المصدّقين بهذا الكتاب العزيز وعن المكذبين به وأنه حق ولا شك[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](الم ﴿١﴾ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٢﴾ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴿٣﴾) مرّ معنا أن السور التي تثبت أن القرآن حق تبين عظمة الله وخلقه للسموات والأرض لأن هذا دليل على أن من خلق كل هذا لا يمكن أن يتركهم عبثًا وهذا مر معنا بجلاء في سورة يونس وهي مثل هذه السورة تدور حول أن القرآن حق لذلك علّل بعضهم قوله سبحانه وتعالى هنا (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) هذا الذي خلق كل هذا أمِنَ الغريب أن يأتي بكتاب ليحكم هذا الذي خلقه؟! لا، واحد صنع جهازًا محكمًا ولله المثل الأعلى متقنًا مكلفًا ثم وضع له كاتالوج هل يستغرب أحد من هذا أم أن هذا أمر طبيعي كي يستخدم الناس الجهاز بشكل سليم؟ ولله المثل الأعلى، (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) ثم قال (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴿٥﴾) ثم قال (ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴿٦﴾ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ﴿٧﴾ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ﴿٨﴾ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ) هل يُعقل بعد هذا أن يتركهم سبحانه وتعالى؟! ولهذا قال بعدها (وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴿٩﴾) لا يمكن أن يُشكر إلا لما يُعرف ماذا يريد سبحانه وتعالى وذلك من كتابه الذي أنزله على خير خلقه صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]والعجيب بعد كل هذا الخلق موقف الكفار، السورة تتحدث عن موقف المكذبين بالقرآن والمصدقين بالقرآن ومن أعظم ما يكذّب به الكفار في القرآن البعث قال (وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) عبارتهم فيها دليل عليهم، من خلق الخلق القديم؟! الأرض من خلقها؟ السموات أعظم من الأرض من خلقها؟! (وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ﴿١٠﴾ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴿١١﴾) ووصف حالهم البئيسة يوم الدين ثم وصف حال عكسهم (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ۩﴿١٥﴾) نسأل الله أن يجعلنا من المستكينين الخاصعين لآيات ربنا (الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ). ثم قارن بين الطائفتين (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ﴿١٨﴾ أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿١٩﴾ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿٢٠﴾) كما مرّ في سورة الحج (كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا[/FONT] مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)) المقامع مثل المطارق، المقامع هي ما يُقمع به الإنسان وقالوا إنها السياط لكنها سياط من حديد نسأل الله أن يعيذنا من كل ذلك.
[FONT=&quot]وفي آخر السورة قال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا) لأن السورة تدور حول التكذيب بالقرآن والتصديق به قال (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا) هذا في أشد حالات الظلم قال (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ﴿٢٢﴾). ثم ذكر بعض آيات الكون الدالة على البعث وقال في آخر السورة (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٢٨﴾ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴿٢٩﴾ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ﴿٣٠﴾) فكانت خاتمة اللواميم بهذه الآية الدالة على الانتهاء (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ﴿٣٠﴾) نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنات وأن يغفر لنا السيئات وأن يرزقنا القبول في ليلة القدر. [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الأحزاب وسورة سبأ وسورة فاطر[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 18 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الأحزاب[/FONT]
[FONT=&quot]سورة مدنية ومن اسمها تعرف تعلقها بغزوة الأحزاب التي كانت في السنة الخامسة للهجرة والمعروفة بغزوة الخندق ولا تخفى على أحد لكن هذه القصة أخذت جزءًا يسيرًا من ذلك والسورة أعم من ذلك. هذه السورة تتميز بكثرة النداءات فيها ما بين (يا أيها النبي) وما بين (يا أيها الذين آمنوا) هذان النداءان يتكرران في السورة. وتكثر في السورة الأحكام المتعلقة بالمؤمنين عمومًا والأحكام المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم خصوصًا أو بأحكام مشتركة لكن يكون لها نوع تعلّق بأمهات المؤمنين أو نحو ذلك.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد بدأت السورة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿١﴾) وهذه النداءات أعقبتها أحكام متنوعة إما عامة أو خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو مشتركة لكن لها نوع تعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم لكن هناك نداءين جاءا في وسط السورة لا يتعلقان بالأحكام المباشرة يقول الله سبحانه وتعالى في أولهما (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ﴿٤٣﴾ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا ﴿٤٤﴾) والنداء الذي تلاه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴿٤٥﴾ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ﴿٤٦﴾ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴿٤٧﴾ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴿٤٨﴾) دائمًا وهذا مرّ معنا كثيرًأ وخاصة في سورة النساء تتخلل آيات الأحكام آيات فيها ذكر، فيها موعظة، فيها ترقيق القلوب حتى يتكون عند الإنسان الدافع لكي يعمل بأحكام الله سبحانه وتعالى وهنا أمر زائد خاص وهو بيان مهمة النبي صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) وهذا مناسب لكون السورة فيها كثير من الأحكام الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم والأمر بطاعته صلى الله عليه وسلم. وفي آخر السورة ذكر الله ندم النادمين على ما فرّطوا فيه في حق النبي صلى الله عليه وسلم وفي حق الله أولًا يقول الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ﴿٦٤﴾ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴿٦٥﴾ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا) يتمنّون وأمانيّ أهل النار متكررة في سور كثيرة لهم أماني متعددة، ما رأيناهم تمنوا أن يتمتعوا بشيء من لذات الدنيا التي فاتتهم لكنهم إما يتمنوا أن يعودوا ليعملوا صالحًأ أو نحو ذلك وهنا يتمنون (يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿٦٦﴾) وهذه الخاتمة مناسبة للسورة لأن فيها طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أوامر تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيها أوامر للمؤمنين تتعلق بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فناسب هذا السياق أن تُذكر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم مع طاعة الله ويندم الإنسان أنه لم يطعهما في هذه الدنيا (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا ﴿٦٦﴾ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا ﴿٦٧﴾ رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴿٦٨﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]من الأحكام المذكورة في السورة والمعروفة نسخ حكم التبني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تبنى في الجاهلية زيدًأ رضي الله عنه وكان يُدعى زيد بن محمد، نسخ هذا الحكم في هذه السورة قال (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) أدعياءكم أي الذين تنسبونهم إليكم (ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴿٤﴾ ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ) ومما ذُكر أيضًأ في السورة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بزينب أم المؤمنين رضي الله عنها وكان قد تزوجها من قبل زيد وهو ليس ابن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تحرُم على النبي صلى الله عليه وسلم بزواجها من زيد وهذا أمر ربما خاض فيه الكثيرون فقال الله صلى الله عليه وسلم في آخر السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا) فلا ينبغي لأحد أن يخوض في عرض النبي صلى الله عليه وسلم أو في نيته أو فيما كان في قلبه صلى الله عليه وسلم وإنما هذا حكم الله سبحانه وتعالى وبيّن أن فعل شيئًأ من ذلك الإيذاء فقد تشبه باليهود لأنهم آذوا موسى إيذاءات كثيرة منها ما ثبت في الصحيح أنهم ذكروه لأنه كان يغتسل وحده بعيدًأ عنهم وأنهم كانوا يغتسلون عراة فقالوا هذا في خصيته شيء (استغفر الله العظيم) فبرّأه الله مما قالوا بأن جعل الحجر الذي كان يضع موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ثيابه وهو يغتسل يجري بأمر الله وهذا ثابت بأمر الله فجرى وراء الحجر يريد ثيابه فرآه الناس ورأوا أن خلقته سليمة فبرّأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا.[/FONT]
[FONT=&quot]وذكّر في آخر السورة بعظم المسؤولية على الإنسان[/FONT][FONT=&quot] فقال (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴿٧٢﴾ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿٧٣﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة سبأ وفاطر[/FONT]
[FONT=&quot]أما السورتان الأخريان فهما سبأ وفاطر وهما مشتركتان في فاتحتهما فسورة سبأ تبدأ بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وسورة فاطر تبدأ بـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وهذا يشبه مطلع الفاتحة ومطلع سورة الكهف ومطلع سورة الأنعام وهاتان السورتان نزلتا في مكة وموضوعهما ليس متباعدًا "الحمد" عندما يقول الله (الْحَمْدُ لِلَّهِ) الذي يستحق الحمد هو الله لكن الناس ينقسمون قسمين بعضهم يشكر ويحمد وبعضهم يكفر والعياذ بالله فجاءت السورتان تتكاملان في هذا المعنى فسورة سبأ ركزت على حال الكافرين الذين لا يشكرون النعمة وإن ذكرت عكسهم أيضًا وسورة فاطر ركزت على الشكر أكثر وعلى ما يستخرج الشكر من العبد لو تأمله حوله. ولو لاحظت اسم سورة سبأ، سبأ ذُكروا في السورة وهم كانوا ممن كفر وقصتهم تدل على الكفران وقبلها ذكر سليمان وداوود وهما من أهل الشكر، قال الله سبحانه وتعالى في سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآَخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴿١﴾) السورة تركز على الكفر ولذلك ذكرت فيها أقوال الكفار كثيرًا بخلاف سورة فاطر تركز على الشكر وفيها خطاب من الله سبحانه وتعالى يتكرر (يا أيها الناس) يستحثهم على الشكر. قال تعالى في هذه السورة وعندنا ثلاث أقوال ذُكرت للكفار بنفس المطلع: [/FONT]
[FONT=&quot]قال الله (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) هذا القول الأول[/FONT]
[FONT=&quot]القول الثاني (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿٧﴾) هذا نفس معنى الكلام الأول لكن فيه استهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم، القول الأول إنكار للساعة (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) أما القول الثاني فإنكار مع استهزاء وتعجيب ممن يُخبرهم أن القيامة آتية (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿٧﴾ أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) حاشاه صلى الله عليه وسلم من كل ذلك (بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ﴿٨﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]بعد القول الأول (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) بيّن الله علمه وإحاطته بما يحدث في الكون وإذا كان هو كذلك والكفار يعترفون بذلك فهو الذي أخبر أن القيامة آتية قال (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴿٣﴾) لماذا تأتي الساعة؟ قال (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴿٤﴾ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴿٥﴾) فعلم الله وحكمته وعدله تقتضي أن يكون هناك بعث وجزاء وحساب لأننا نرى الظالم يطغى ويتجبر ويموت سليمًا على فراشه وهذا ليس من العدل ولا من الحكمة.[/FONT]
[FONT=&quot]قال في القول الثاني[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot](وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴿٧﴾) كأنهم يستبعدون قدرة الله على خلق الناس مرة أخرى، قال (أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴿٩﴾۞) ثم بيّن شيئًأ من ماهر قدرته مع من يكفره ومع من يشكره فذكر قصة داوود وسليمان وقد سخّر الله لهما شيئًا كثيرًا (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ﴿١٠﴾ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿١١﴾ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ) في الصباح تذهب مسيرة شهر وفي المساء ترجع مسيرة شهر مسخرة لنبي الله سليمان (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) عين النحاس قالوا النحاس كان يجري له كأنه عين تخرج وذكر البعض أنه كانت له عين تخرج مسخرة له تخرج بأمر الله (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) فقدرة الله لمن شكره مسخّرة بهذا الشكل العجيب ومع هذه القدرة إلا أنه محكوم فقال (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ ﴿١٤﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر قوم سبأ وهم مثال لمن كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى قال (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴿١٥﴾ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ﴿١٦﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]والقول الثالث والأخير في السورة[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]– وهناك أقوال كثيرة في السورة لكن هذه الأقوال جاءت بنفس الافتتاحية (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) لا بهذا القرآن ولا بالكتب التي سبقته على موسى وعيسى وغيرهم، قال الله (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴿٣١﴾) في المرة الأولى بيّن علمه، في المرة الثانية بيّن قدرته وهنا بيّن ما سيحدث في ذلك اليوم العظيم قال (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ﴿٣١﴾) إلى آخر ما ذكر.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة دعا للتفكير والتأني في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ) صاحبهم النبي صلى الله عليه وسلم لكن عبّر بهذه العبارة لأنه صحبوه فهل رأوا فيه الجنون أو الكهانة أو السحر أو الكذب حاشاه صلى الله عليه وسلم من كل ذلك! (مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿٤٧﴾ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴿٤٨﴾) وعندما قال (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) هذا فيه تخفيف في المسألة حصرهم في مسألة واحدة أريد منكم شيئًا واحدًا: أن تقوموا لله مثنى وفرادى هنا توقف العلماء قالوا عندما يكثر الجمع يصعب أن يتفقوا على رأي بل يُضلّ الأعلى صوتًا والأحسن لسانًأ وهذا حصل لأبي طالب وهو على فراش موته جاءه النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى التوحيد ويقول له يا عم قل كلمة أحاجّ لك بها عند الله، لكنهم كان كبار الكفار موجودين ففتنوا الرجل ومات على غير التوحيد قال (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى) إذا فكر بصفاء يعرف الحق وبعض الناس يحتاج من يستشيره وإذا كثر العدد غالبًا يضيع الموضوع ويتشتت الناس ولا يصلون إلى رأي مستقيم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال في آخر السورة مبينًأ حالهم يوم الدين (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ) هل يستطيع الإنسان أن يفوت من الله سبحانه وتعالى ويهرب؟! (وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ﴿٥١﴾) وهذا تهديد شديد في آخر السورة التي ذكرت أقوالهم. (وَقَالُوا آَمَنَّا بِهِ) بالنبي صلى الله عليه وسلم، بالقرآن ولكن بعد فوات الأوان ولذلك قال الله سبحانه وتعالى (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٢﴾) التناوش هو التناول، (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) من أين يأخذوا الإيمان أم أنه قد انتهى زمان إمكان الإيمان؟ انتهى. (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) أنّى كلمة تقال للاستبعاد، (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٢﴾ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٥٣﴾ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ﴿٥٤﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة فاطر[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة فاطر فبدأت بالحمد لكن تستحثّ على الشكر من خلال نداءات من الرب الكريم الغني عن عباده يقول (يا أيها الناس) ثلاث مرات ذُكرت في السورة:[/FONT]
[FONT=&quot]الأولى يقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴿٣﴾) كيف تقلبون الأمر وكيف تُقلبون أنتم؟! بدلًا من أن تعبدوا الله تعبدون غيره وأنتم تعرفون أنه هو الذي أنعم عليكم (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) -هذا اختصار لبعض معالم السورة لأن القصد الاختصار والمرور السريع-[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ناداهم مرة أخرى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴿٥﴾) المرّة الأولى ذكّر بالنعم وهنام نبّه على أشياء تصرف الإنسان عن شكر النعم، الدنيا ومتاعها (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) الغَرور هو الشيطان وهو أيضًأ ممن يفتن عن شكر الرحمن سبحانه وتعالى. ما العلاج حتى يضعف تأثير الدنيا والشيطان؟ العلاج هو في الإيمان باليوم الآخر ولذلك هنا ذكر أدلة البعث في آيات متعددة استمرت أكثر من صفحة [/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى في النداء الثالث (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴿١٥﴾) عندما يشكر الإنسان قال (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ[/FONT] (12) لقمان) وقال سبحانه وتعالى (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ[FONT=&quot] [FONT=&quot]ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ[/FONT] (7) الزمر) وهنا قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ) هذه يدخل فيها كل مخلوق من الناس ولو ملك الملايين ولو عاش ابن ملك ابن ملك ومات وهو على سرير ملكه وعرشه فإنه عاش فقيرًا ومات فقيرًا إلى الله فالذي يعطيه هو الله والذي يسلبه هو الله والغنى الحقيقي والفقر الحقيقي بعد العضر على الله: فريق في الجنة وفريق في السعير. قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) إذا كنت فقيرًا وتعرف أن هناك غنيًا اتجه إليه واسعَ إليه فهذه الآيات تستحث على شكر الله وعلى عبادته سبحانه وتعالى وفيها تعريف طويل في آيات متعددة بقدرة الله وبتسخيره للكون وجاء فيها قوله سبحانه وتعالى في آية لو فكر فيها الإنسان وتأملها حقيقة لتغيرت حياته (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا) الأرض لا تزول لوجود الجبال لكن الله سبحانه وتعالى هو الذي ثبّت هذه الجبال، والذي يمسك الأرض والسموات كي لا تزول هو الله (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا) قال (وَلَئِنْ زَالَتَا) (إن) بمعنى (ما) نافية (إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾) من يستطيع أن يحافظ على الأرض أو على السماء أو على هذه الشمس التي تدور وتتحرك وتمدّنا بالأشعة وبسبب ذلك ينبت النبات، من الذي يمسك كل ذلك ويجعله يسير بمقدار؟ الله سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) لماذا يبقيهما والخلق يعصون؟! قال (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿٤١﴾) ثم قال بعدها بآيتين في آخر السورة (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴿٤٥﴾) أسأل الله أن يسترنا بستره وأن يعاملنا بعفوه وأن يملأ بأنوار القرآن قلوبنا.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة يس وسورة الصافات وسورة ص وسورة الزمر[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 19 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة يس[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة وردت فيها أحاديث كثيرة في فضلها لكن هذه الأحاديث غير صحيحة بعضها ضعيف وبعضها وصل إلىدرجة المكذوب صلى الله عليه وسلم الأحاديث كثيرة والبدع التي اخترعها الناس متعلقة بهذه السورة كثيرة، يقرأونها في أوقات لم تُشرع فيها أو يقرأونها بصفة معينة غريبة بعضهم يصل إلى كلمة فيها ثم يعود إلى أول السورة ثم يعود بطريقة مخترعة بدعية والبدع فيها كثيرة التي اخترعها الناس متعلقة بهذه السورة هذه السورة لم يثبت فيها حديث إلا حديث واحدًا موقوفًا رأى بعض العلم صحته وهو "اقرأوا يس لموتاكم" وبعض العلماء لا يأخذ به واختلفوا أين يُقرأ على الموت؟ في سكرات الموت وهذا ظاهر الحديث الذي جاء في مسند الإمام أحمد عن الصحابة أن الإنسان في سكرات الموت يُقرأ عليه سورة يس وبعضهم يحملها على ما بعد الموت، لكن هذا هو الحديث الوحيد الذي يحتمل القوة أما غيره من الأحاديث فقد كثرت لكنها غير ثابتة وهناك كتاب للأحاديث الواردة في فضائل يس درسها من الناحية الحديثية وتساهل وحسّن بعض الأحاديث لكنها غير صحيحة، الأحاديث الواردة في سورة يس لكنها من القرآن العظيم وفضلها لا يخفى لكن تخصيصها بفضل أو تخصيصها بقرآءة أو تخصيصها بعد صلوات معينة نُقرأ هذا كله لم يثبت.[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها تذكير بآيات الله سبحانه وتعالى بطريقتين[/FONT][FONT=&quot]، تذكير بآيات الله الكونية المخلوقات أو الأحداث التي حدثت في الأمم السابقة بطريقتين: [/FONT]
· [FONT=&quot]فبعضها يقول الله فيه (وآية لهم) وهذه تتكرر في السورة. [/FONT]
· [FONT=&quot]والأسلوب الثاني قوله (أولم يروا) وهذا أسلوب فيه حثّ على الرؤية والتأمل، والرؤية البعيدة والعميقة التي لا تكتفي برؤية العين. [/FONT]
[FONT=&quot]هذان الأسلوبان تكررا في السورة مع قصة جاءت في السورة. أول السورة يقول الله سبحانه وتعالى فيه (يس) وهذه مثل (طه) ومثل (الم) و(والمص) من الحروف المقطعة على المشهور وبعض العلماء يعتبرها و(طه) من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم. (وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ ﴿٢﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣﴾) القرآن حكيم وهذا دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم من المرسلين على صراط مستقيم من تأمل القرآن عرف ذلك. (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴿٥﴾ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴿٦﴾) هنا يصف الله المعرضين عن القرآن وصفًا عظيمًا ارتبطت به كل آيات السورة (وآية لهم) (أولم يروا) مرتبطة بهؤلاء الكفار توقظهم من غفلتهم إن أرادوا الاستيقاظ قال (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٧﴾ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا) أغلالًا أي قيود في الرقبة (فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴿٨﴾) نسأل الله أن يحمينا وأن يسترنا. هذه عند بعض أهل العلم في الدنيا وبعضهم يقول هي في الآخرة والظاهر أنها في الدنيا (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) قيد في الرقبة مثل البهائم لكنه يصل إلى الذقن، قد يكون القيد صغيرًا لا يعوق حركة الرأس لكن إذا وصل إلى الذقن وطال لا يستطيع هذا الشخص أعاذنا الله أن يحرك رأسه. قال (إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) المُقمَح هو الذي رفع رأسه وحاول غضّ بصره يريد أن ينظر لكنه غير قادر لأن الأغلال التي في رقبته تمنعه من الرؤية هذه صورة الكافر في إعراضه عن دين الله الكِبر والذنوب التي تراكمت عليه تمنعه أن يرى الحق وأن يسلّم به وأن يخضع لله سبحانه وتعالى نسأل الله السلامة. [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكر أمرًا صعبًا آخر (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴿٩﴾) تكلم إنسانًا أحيانًا تعظه تقول له صلِّ تراه لا يستطيع أن ينظر نظرة صحيحة إلى مستقبله تقول له عمرك الآن ستين سنة فكيف لا تصلي؟! تراه كالأعمى (وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ) قال (وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿١٠﴾). ثم ذكر صفة الذي ينتفع بالذكرى قال (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) اتبع القرآن (وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ﴿١١﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكرت السورة آيات متعددة من أولها قصة أصحاب القرية الذين جاءهم المرسلون، جاءهم اثنان فكذبوهما فعززنا بثالث ثلاثة رسل، دعوهم وآمن بهم رجل من أقصى المدينة يسعى (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٠﴾ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿٢١﴾) إلى أن ذكر الله إهلاكهم قال (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾) هناك قرون أخرى كثيرة غير أولئك المذكورين هم آية للبشر أن الذي يكذّب بالرسل يُعاقب.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم قال سبحانه وتعالى (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴿٣٣﴾) وهم أكثر ما يكذبون به في القرآن قضية البعث وقضية التوحيد فتأتي الأدلة لتدلهم على الأمرين فجاء هذا الدليل الواضح أن الذي خلق أول مرة والذي أحيا الأرض التي كانت ميتة قادر على إحياء البشر قال (وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ﴿٣٣﴾) وقال (وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿٣٨﴾ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴿٣٩﴾ لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴿٤٠﴾) قال (وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ﴿٤١﴾ وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ﴿٤٢﴾) ثم ذكر شيئًا من تكذيبهم، ومن تكذيبهم الشديد بيوم الوعيد أنهم يقولون متى موعده؟! (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿٤٨﴾) وعادة إذا طلبوا هذا في كثير من الآيات يردّ عليهم القرآن بذكر ما سيحصل في ذلك اليوم كأن الأمر مسلّم وتأتي أدلته في سور أخرى لكن هنا أو في آيات أخرى وهنا يذكر ما يحصل في ذلك اليوم من باب التخويف الذي قد يردع الإنسان فيرجع ويتوب قال (مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴿٤٩﴾ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ ﴿٥٠﴾ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ﴿٥١﴾) لاحظنا تكررت (وآية لهم). [/FONT]
[FONT=&quot]أما في آخر السورة فيقول (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ﴿٧١﴾ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ﴿٧٢﴾ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴿٧٣﴾) المفترض من هذه النعم أن تكون آية على خالقه والمنعِم بها فيتوجهون إليه ويشكرونه، قال (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ﴿٧٧﴾ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿٧٨﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿٧٩﴾). وهذه السورة نزلت في مكة وكذلك سورة الصافات بعدها نزلت في مكة. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الصافات[/FONT]
[FONT=&quot]وسورة الصافات تكررت فيها كلمة تستطيع أن تقسم السورة فيها من خلال هذه الكلمة التي تكررت مرتين فقط وهي قول الله تعالى (فَاسْتَفْتِهِمْ). الخطاب لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يستفتي المشركون، هل هم أهل للفتوى؟! هذا نوع من التهكم بهم إن كان عندهم علم فليخرجوه! واستفتاهم في أمرين بأمر الله: [/FONT]
[FONT=&quot](فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴿١١﴾) هذا لاثبات البعث لأنهم هم متعجبون من البعث والله سبحانه وتعالى ذكر في أول السورة مخلوقات عظيمة لله قال (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا ﴿١﴾ فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا ﴿٢﴾ فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴿٣﴾ إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ ﴿٤﴾ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ﴿٥﴾ إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴿٦﴾ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴿٧﴾ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ﴿٨﴾ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ﴿٩﴾ إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴿١٠﴾) إلى أن قال (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا) من أشد خلقًا؟ السموات والأرض فكيف يعجز عن خلق الإنسان؟! (إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴿١١﴾ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴿١٢﴾ وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ ﴿١٣﴾ وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ ﴿١٤﴾ وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿١٥﴾ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ﴿١٦﴾ أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴿١٧﴾ قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ ﴿١٨﴾ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ ﴿١٩﴾) فهم يكذبون بالبعث والله سبحانه وتعالى يستدل بهذه المخلوقات التي هي أعظم خلقًا من الإنسان على أن خلق الإنسان أمر سهل هيّن وكلٌ هيّن على الله سبحانه وتعالى[/FONT]
[FONT=&quot]ثم ذكّرهم بيوم القيامة ثم ذكّرهم بالأمم السابقة التي مضت وانقضت ودائمًا تتكرر في السورة (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) وكلمة (فَاسْتَفْتِهِمْ) جاءت مرتين في أول السورة وفي آخرها. وجاءت (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) كثيرًا عندما يذكر الهالكين يذكر عباد الله المخلصين، يصف يوم القيامة فيقول (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ﴿٢٤﴾ مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ ﴿٢٥﴾) إلى أن ذكر ذنبهم الأعظم (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴿٣٥﴾ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ﴿٣٦﴾ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣٧﴾ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴿٣٨﴾ وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴿٣٩﴾ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ﴿٤٠﴾) المخلَصين هم الذين استخلصهم الله سبحانه وتعالى واصطفاهم واختارهم فوحّدوه سبحانه وتعالى وعبدوه وأخلصوا له.[/FONT]
[FONT=&quot]وذكر من قصص الأنبياء وكيف أهلك من أهلك فذكر يوم القيامة وذكر الإهلاك في الدنيا.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم جاء الاستفتاء الثاني (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ﴿١٤٩﴾) ذاك الاستفتاء كان عن البعث وهذا الاستفتاء عمّا يُخلّ بالتوحيد لأنهم ادّعوا أن لله بنات حتى الذي ادّعى لله الولد أتى أمرًا عظيمًا لكن ادّعاءهم لله البنات أعظم من جهة أن العرب كانوا يعتبرون أن البنت منقصة وهي ليست بمنقصة هي هبة من الله كالولد (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ (49) الشورى) لكنهم كانوا يعتبرونه نقصًا ويعتبرونه عيبًا ثم ينسبونه للخالق الذين يشهدون أنه خلق ورزق وأوجد فهذا نوع من التناقض فقال (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ ﴿١٤٩﴾ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ ﴿١٥٠﴾ أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ ﴿١٥١﴾ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴿١٥٢﴾ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ ﴿١٥٣﴾ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿١٥٤﴾ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿١٥٥﴾ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ ﴿١٥٦﴾ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴿١٥٧﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة وعد الله المؤمنين بالنصر وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عنهم حتى حين.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة ص[/FONT]
[FONT=&quot]سورة ص نزلت أيضًا بمكة وهذه السورة تصف في أولها شدة كفر الكافرين مثل سورة يس لكن يتكرر في السورة كلمة (الذكر) ومشتقاتها في أولها يقول الله سبحانه وتعالى (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿١﴾) كلمة الذكر هنا قالوا لها أكثر من احتمال ومعنى:[/FONT]
[FONT=&quot]الذكر الشرف وهذا وارد في القرآن في سورة أخرى (وإنه لذكر لك ولقومك تسألون) فالقرآن شرف لمن أخذ به. [/FONT]
[FONT=&quot]ويحتمل المعنى الآخر (وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ) أي ذي التذكير الذي فيه تذكير وموعظة ورجح هذا الإمام الطبري لأن الله سبحانه وتعالى قال بعدها (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴿٢﴾) يرفضون هذا الذكر ويُعرضون والعياذ بالله (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿١﴾ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ﴿٢﴾ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴿٣﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]في هذه السورة تتكرر كلمة الذكر أو مشتقاتها يقول الله (واذكر) ثم يقول (هذا ذكر) وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد ذكر إعراض الكفار وشدة كفرهم وشدة عنادهم مع الإضارة إلى إهلاك الظالمين قال (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) هؤلاء الكفار عليك أن تصبر لكن ما الذي يصبّر الإنسان؟ يحتاج الإنسان إلى ما يصبّره قال (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ) ثم قال في الصفحة التي بعدها (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ) ثم قال (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ﴿٤٥﴾) ثم قال (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ ﴿٤٨﴾) يذكر هؤلاء لأنهم أُسوة وقدوة ومثال للثبات على الحق رغم إعراض المعرضين، ذكر قصص الأنبياء (أذكر ذهبت للطبيب مرة وأنا كبير ومعي كتاب قصص الأنبياء لابن كثير فقال لي أنت رجل كبير وإمام مسجد تقرأ قصص الأنبياء؟! كأن قصص الأنبياء في ذهنه للأطفال، هذا ليس صحيحًا! قال قصص الأنبياء للأطفال!) لكن سيد الخلق وأعرفهم بالخالق سبحانه وتعالى يأمره الله أن يذكر هذه القصص لتثبته فكيف بمن هو دونه؟! نحتاج إلى التثبيت بقرآءة هذه القصص. [/FONT]
[FONT=&quot]بعد هذه القصص قال (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ ﴿٤٩﴾ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴿٥٠﴾) بعد أن ذكر قصص الأنبياء ذكر أهل الجنة وأهل النار بما يذكّر من أراد أن يتذكر وهو نموذج للذكر الموجود في القرآن والعظة الموجودة في القرآن التي يُعرض عنها من أعرض ويصدّق بها من صدّق قال (هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ ﴿٤٩﴾ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ ﴿٥٠﴾ مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴿٥١﴾ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴿٥٢﴾ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿٥٣﴾ إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ ﴿٥٤﴾) ولو تأملت في هذه الآيات تجدها تتناسب مع الصبر لأن الصبر ضيق وحبس يقولون في اللغة الصبر هو حبس النفس، يقول (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ) هم صبروا على الضيق إذن جنات عدن مفتحة لهم الأبواب وأنت لو سكنت في مكان جميل جدًا ولكن قالوا الباب مغلق لا تفتحه نحن نفتحه صار سجنًا! ومن جمال المكان أن يكون عندك حرية الخروج منه من يريد أن يخرج من الجنة؟ (خالدين فيها لا يبغون عنها حولا) لكن تفتيح الأبواب فيه إشعار بالحرية وفيه إشعار بالراحة وفيه ما يضاد الصبر لمن صبر في الدنيا والجزاء من جنس العمل. قال (مُتَّكِئِينَ فِيهَا) والاتكاء يكون عندما يكون الإنسان مطمئنًا فالخائف لا يتكئ وهذا من نعيم أهل الجنة (مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ ﴿٥١﴾ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ ﴿٥٢﴾). ثم ذكر الطائفة الأخرى قال (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ ﴿٥٥﴾ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٥٦﴾ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴿٥٧﴾ وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ ﴿٥٨﴾) الحميم هو الماء الحار جدًا والغساق قالوا شدة البرد لأن النار فيها عذاب متضادّ بأمور متعاكسة ولذلك قال (وَآَخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) أمور متعاكسة أنت الآن لو أكلت شيئًا باردًا جدًا ثم شربت شيئًا حارًا جدًا تتألم أسنانك، لو كنت في مكان بارد جدًا وتخرج في الحر الشديد تتضايق فجهنم فيها عذابات متضادة نسأل الله السلامة.[/FONT]
[FONT=&quot]في آخر السورة أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأمور فيها إثبات الحجة على الكفار[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال أولًا (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ) النبي صلى الله عليه وسلم يُذكّر وجاء بهذا الذكر من عند الله سبحانه وتعالى لكن ليس مطالبًا بأن يهتدي البشر (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾) ثم أمره أمرًا آخر قال (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٧٠﴾) إلى أن قال (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿٧١﴾) هذه القصة جاءت كما رجّح بعض أهل العلم دليلًا على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم قال (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴿٦٧﴾ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴿٦٨﴾) أنتم لا تعرفون ماذا حصل لآدم عند الله، من الذي يخبركم به الآن؟ النبي صلى الله عليه وسلم، من أين أتى به؟ (مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴿٦٩﴾ إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٧٠﴾ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ) فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا يبلّغ قصة لا يعرفونها كانت في الملأ الأعلى دليلًا على صدقه صلى الله عليه وسلم وقال في آخر السورة (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴿٨٦﴾) قد يتكلف الإنسان ويجامل ويتصنع شيئًا ليس عنده لينال أجرًا من أحد والنبي صلى الله عليه وسلم انتفت عنه الصفتان فهو لم يطلب أجرًا من أحد ولم يتكلف شيئًا وإنما جاءه الوحي من السماء (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿٨٧﴾) أول السورة (ص وَالْقُرْآَنِ ذِي الذِّكْرِ ﴿١﴾) وهنا (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿٨٧﴾) ثم قال سبحانه وتعالى في آخر آية من كلمات قليلة (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ﴿٨٨﴾) كلمات قليلة لكن تحمل معنى كبيرًا جدًا تهديد من الله ستعلم أن القرآن حق إما أن تعرفه في الدنيا وإما أن تعرفه عند سكرات الموت وإما أن تعرفه بعد سكرات الموت وسكرات الموت هي البداية وبعدها تعرف كل شيء، عرف أبو جهل الذي سمع هذه الآيات لكن وهو في قليب بدر عندما قيل له (إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا)؟ فالإنسان سيعرف أن الإنسان حق إما يعرف ذلك في دار الاختيار فينال الأجر من الرحيم الغفار وإما ألا يعلم ذلك إلا بعد حين متأخرة فيندم حين لا ينفع الندم. قال (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) متى هذا الحين؟ مبهم، كل إنسان له حين يعلم فيه أن كلام ربه هو حق اليقين لكن إما أن يعلمه في وقت الاختيار فينجو وإما أن يعلمه في وقت الاضطرار فيهلك نسأل الله أن يجعلنا من الناجين.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الزمر[/FONT]
[FONT=&quot]كان يقرؤها النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة وهي سورة الزمر ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها والإسراء كل ليلة. وهذه السورة مكية لكن فيها آيات في آخرها نزلت في المدينة وهي (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾) هذه الآيات نزلت في المدينة لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما هاجر هاجر معه بعض الصحابة ثم فُتن اثنان منهم ورجعا (واحد أو اثنان) إلى مكة جاءه أحد إخوانه قالوا أمك تريدك فضحكوا عليه وأخذوه إلى مكة وفُتن عن دينه وكانوا يظنون أن لا توبة له فنزلت (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) فكتبها الفاروق رضي الله عنه في ورقة وأرسلها إلى هذا الصحابي الذي فُتن وكان في مكة أرسل إليه لم يكتب له إلا هذه الآية يقول: فلما أخذت الصحيفة فقرأتها فلم أفهم فقلت: اللهم فهّمنيها قال فقرأتها ففهمتها ورجع تائبًا مسلمًا إلى المدينة. [/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل ليلة قبل أن ينام. يقول الله سبحانه وتعالى في مطلعها (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿١﴾ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) هذه الكلمة (إِنَّا أَنْزَلْنَا) تكررت مرة أخرى في السورة وبها تنقسم السورة إلى قسمين: [/FONT]
· [FONT=&quot](إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿٢﴾) [/FONT]
· [FONT=&quot]والآية الثانية (إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ﴿٤١﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]الآية الأولى تقول إن القرآن أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالحق فعليه أن يعبد الله مخلصًا له الدين وهي دعوة للأمة كلها طبعًا وإلا فهو سيد الموحدين صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿٢﴾ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) فهذه السورة تدور حول التوحيد في كثير من آياتها وكثير من آياتها تعقد مقارنة بين أهل التوحيد وأهل الشرك لكنها مقارنات من نوع خاص. المقارنة عادة تذكر طرفًا وتذكر طرفًا آخر (أَمْ نَجْعَلُ[/FONT] الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]أَمْ نَجْعَلُ[/FONT] الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28) ص) طرفان، لكن في هذه السورة يختلف الأسلوب يقول الله سبحانه وتعالى (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ) أين الطرف الثاني؟ قال (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ﴿١٩﴾) لم يذكر الطرف الثاني وهذا أسلوب خاص ربما لم يرد إلا في هذه السورة وربما ورد في سور أخرى. وقال (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) واحد يريد أن يتقي النار يوم القيامة، لا عمل حتى يتقي به النار ولا شق تمرة فيتقي بوجهه لأن يديه مقيدة، يتقي بوجهه يعني أنه شخص مقيد لا يستطيع إلا أن يتقي بوجهه النار، لم يذكر الطرف الآخر (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿٢٤﴾) قالوا لأن هذا الطرف وحده من تأمل فيه رضي بأي حال غير هذه الحال وأيضًا فيه تركيز للذهن في حالة واحدة ولو ذكر الطرفان تفكر في الاثنان، لكن تصوّر هذا الذي يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وذكر قبلها (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) ما ذكر الطرف الآخر أيضًا، لا يحتاج لذكر الطرف الآخر (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) فمن كان على هذه الحالة لا يحتاج أن يفكر بالطرف الآخر نسأل الله أن يجعلنا منهم وأن يقينا النار.
[FONT=&quot]وكثرت في السورة الأوامر للنبي صلى الله عليه وسلم بالثبات على التوحيد[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]قال (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ﴿١١﴾ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴿١٢﴾ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿١٣﴾ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴿١٤﴾) وفي آخر السورة يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه بعد آيات فيها وعيد شديد قال (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾) لكن الإسلام دين عمل ولذلك أمر بأوامر قال (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]ثم عادت الآيات لتثبت النبي صلى الله عليه وسلم وأمته على التوحيد وتحذّر من الشرك ثم بيّن أن المشركين إنما أشركوا لأنهم لم يعرفوا عظمة الله[/FONT][FONT=&quot] قال (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٦٧﴾ ) فختمت السورة بالنفخ في الصور وسَوْق المتقين إلى الجنات زمرًا وسوق الكفار إلى جهنم زمرًا وقال سبحانه وتعالى في آخرها (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٧٥﴾) نسأل الله أن يجعلنا من المنتفعين بالقرآن العظيم.[/FONT]
 
[FONT=&quot]سور الحواميم[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 20 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نحن اليوم مع مجموعة من السور لها أهمية خاصة عند الصحابة ومن بعدهم من الأئمة وهي السور التي يُطلق عليها (آل حم) وهي السور المبدوءة بـ (حم) وآل مثل كلمة أهل لكنها تطلق على من له شرف ومكانة: آل النبي صلى الله عليه وسلم، آل فلان في الأصل تُطلق هكذا وإن صارت تطلق لتدل على العائلة آل فلان بغض النظر عن شرفهم أو مجدهم أو نحو ذلك لكن هذا في أصل الاستعمال اللغوي فهذا يُشعر بأهميته. ومن أعظم ما وقفت عليه مما يدل على أهمية هذه السور ما ذكره عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو من أعلم الصحابة بالقرآن يقول رضي الله عنه: إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد لأهله منزلًا فمرّ بأثر غيث (المطر لما ينزل يؤثر في الأرض والناس إذا نزل المطر يخرجون إلى البر ليروا الخضرة والماء) فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه (يتعجب من أثر الغيث) إذ هبط على روضات دمثات (الروضة البستان، كان أثر الغيث والآن وصل إلى شيء أكثر خضرة) (دمثات أي لينة التربة) فقال عجبتُ من الغيث الأول فهذا أعجل وأعجب، فقيل له إن مثل الغيث الأول مثل عُظم القرآن (معظم القرآن) وإن مثل هذه الروضات الدمثات مثل آل حم في القرآن (وهذه ملاحظة عجيبة من عبد الله بن مسعود وهو من هو في معرفته بالقرآن). ويروى عن بعض السلف أن هذه السور كانت تسمى "العرائس" والآثار الواردة في أهميتها كثيرة جدًا. وهذه السور لو تأملت فيها لوجدت أنها مشتركة في أمور ومفترقة في أمور فهي مشتركة في مدح القرآن والثناء عليه في مطلعها وهذا متناسب مع السور التي تبدأ بالحروف المقطعة، دائمًا السور التي تبدأ بالحروف المقطعة يأتي بعدها غالبًا مدح للقرآن إلا في سور قليلة في سورة غافر مثلًا قال (حم ﴿١﴾ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿٢﴾ غَافِرِ الذَّنْبِ) وفي سورة فصلت قال (حم ﴿١﴾ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿٢﴾ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣﴾) إلى غير ذلك من السور. الملاحظ أنه بعد ذلك يُذكر موقف الكفار في معظم هذه السور لكن يُذكر موقف مختلف في كل سورة لأن الكفار على درجة واحدة والدعوة لم تمر بمرحلة واحدة فكل سورة تذكر موقفًا مختلفًا. العجيب أنه ما يأتي في السورة بعد ذلك يتناسب مع ذلك الموقف. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة غافر[/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى بعد تلك المقدمة التي ذكرنا شيئًا منها (مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ﴿٤﴾) إذن ما موقفهم الآن؟ الجدال، ذُكر الجدال في هذه السورة كما لم يُذكر في سورة أخرى فمثلًا ذكرت في هذه السورة قصة موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد ذُكر موسى عليه السلام في 42 سورة ولكن ذُكر في قصة موسى في هذه السورة ما لم يُذكر في سورة أخرى وهي قصة مؤمن آل فرعون، وهذه السورة اسمها غافر وتسمى في بعض المصاحف سورة المؤمن. سورة غافر لأنه في أولها قوله تعالى (غَافِرِ الذَّنْبِ) وسورة المؤمن لوجود قصة مؤمن آل فرعون فيها. قصة مؤمن آل فرعون فيها جدال وأخذ أكثر من كل قصص موسى الأخرى مع فرعون فهذا الرجل أعاد وذكّر عدة مرات بل الأعجب أنه حتى في نهاية قصة موسى ذكر مصيرهم في النار والعياذ بالله قال سبحانه وتعالى (فَوَقَاهُ اللَّهُ) وقى مؤمن آل فرعون (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴿٤٥﴾ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴿٤٦﴾ وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ) هذا لم يُذكر في سورة أخرى، يتحاجون في النار، كانوا يتجادلون في الدنيا في آيات الله لكنهم الآن يحصل الجدال بينهم (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ﴿٤٧﴾ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ﴿٤٨﴾ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ﴿٤٩﴾) الجدال يتكرر في السورة حتى في هذا الموقف، هذه سورة غافر. نختصر حتى نمر على السور السبع التي جاءت مفتتحة بـ (حم).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة فصلت[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد ثناء الله في أولها على كتابه قال عن الكفار (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴿٤﴾ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ﴿٥﴾) في السورة الأخرى جادلوا وهنا قالوا (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ) مغطاة لا يصلنا شيء (وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ) آذاننا لا تسمع (وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ) مستوى التكذيب هنا أكبر من سورة غافر، سورة غافر كان فيها جدال ونقاش وهنا امتناع عن سماع أي شيء أصلًا وهنا جاء الأسلوب المناسب مع هذا الإعراض الشديد منها أن الله سبحانه وتعالى ذكر في هذه السورة موقفًا لم يذكره عن السماء والأرض لم يذكره من قبل، وهؤلاء لا يريدون أن يسمعوا يقول الله سبحانه وتعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٩﴾ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ﴿١٠﴾ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴿١١﴾ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿١٢﴾) يقارن الإنسان بين إعراض الكفار الشديد وبين السموات والأرض التي هي أعظم قدرًا من الإنسان بكثير كيف تأتي طائعة. ثم مثّل لهم شيئًا من أنفسهم قال (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿١٩﴾ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿٢٠﴾) هم ممتنعون عن سماع القرآن لكن جوارحهم ستشهد في ذلك اليوم عليهم بما صنعوا. [/FONT]
[FONT=&quot]وجاء من تكذيبهم في هذه السورة قولهم (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴿٢٦﴾) هذا أيضًا من شدة إعراضهم أنهم يتواصون أنه إذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقرآءة القرآن أن يرفعوا أصواتهم لأنهم يعرفون أنهم ليس لديهم حجة فهذه السورة ليست سورة جدال وإنما سورة انعدام الحجّة ورفض الحق تمامًا ولذلك جاء في آخر السورة في آية تصور الفرق الشديد بين الناس في التعامل مع القرآن والتأثر بالقرآن قال سبحانه وتعالى (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آَذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ ﴿٤٤﴾) أولئك أي البعيدون عن القرآن، ينادون من مان كأن الكفار في مكان بعيد يناديهم النبي صلى الله عليه وسلم ليسمعوا القرآن لكنه لا حياة لما تنادي.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الشورى[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الشورى كان فيها الثناء على القرآن أكثر من ذكر الكفار، كان فيها الثناء على القرآن ثناء شديدًا وتكررت في السورة كثيرًا كلمة (كذلك) وردت في أول السورة (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٣﴾) ثم قال (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴿٧﴾) وقال في آخر السورة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٥٢﴾) كلمة (كذلك) كلمة تستخدم في هذا السياق في التفخيم، عندما يفشل إنسان في عمل معين ثم يأتي إنسان آخر متمكن في نفس العمل فيعمله فتقول له: هكذا يكون العمل، هذا نفس التعبير، تقريب للتعبير القرآني، هذه عامّية وتلك بالفصحى لكن هي أقرب للفهم (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) مثل هذا الإيحاء الذي لا يشبه إلا به أو يشبّه بالكتب السابقة تفخيم شديد أنه إيحاء متميز ولذلك في آخر السورة نقف مع آخر آيات السورة والسورة تبين عظمة الشريعة وفضلها وتذكر الكفار ولكن ليس بطريقة السور الأخرى قال (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) القرآن روح وهذه حقيقة تغيب عنا، كل إنسان بعيد عن القرآن ميّت، كل إنسان يعيش بالقرآن حيّ، كل إنسان يأخذ من القرآن شيئًا عنده من الحياة بقدر أخذه من القرآن فالقرآن حياة للقلوب لا حياة للأجساد وكم من إنسان يعيش ميت القلب مصيره إلى جهنم وبئس المصير فالقرآن روح ومن أراد أن يعيش حياة حقيقية فعليه أن يتوجه إلى هذا القرآن لا بالقرآءة فقط فالقرآءة حد أدنى لا يوصِل إلى شيء (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121) البقرة) الذين يؤمنون بالقرآن هم الذين يتلونه حق تلاوته وقد خرج أكثر من كتاب يقولوتن حق التلاوة التجويد وهذا خطأ، يقول ابن عباس يتّبعونه حق اتّباعه. أما التلاوة والتجويد فقد يقرأ أحدهم القرآن كله بدون أي خطأ وهو في عالم والقرآن في عالم آخر، هذا لا يفيده وإن كانت قرآءة القرآن تعينه ولا بد منها لكنها ليست هي النهاية ولا المقصد فهي أمر مطلوب لا لذاته فقط بل ليؤدي إلى أمر أعظم منه بكثير. (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا) وهذه صفة أخرى للقرآن نور والذي يعيش بدونه يعيش في الظلمات. هل رأيت أحدًا يقول لولده اقرأ المنهج وليس ضروريًا أن تفهم؟! يجب أن يفهم، القرآن أُنزل ليُفهم ويُتدبر فلا يكتفي الإنسان بالقرآءة فقط بل لا بد من الفهم وسماع التفاسير والأشرطة والدروس الصوتية للتفسير موجودة ولا بد للإنسان أن يعالج قلبه من خلال هذا الكتاب العزيز.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الزخرف[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الزخرف فهي أيضًا تثني على القرآن لكن تبين أن إعراض الكفار شديد ومع إعراضهم الشديد إلا أنهم سيذكّرون بالقرآن. قال سبحانه وتعالى (حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٣﴾ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿٤﴾ أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ﴿٥﴾) هذه الآية قد لا تكون واضحة تمامًا (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ) أي هل سنُعرض عنكم ولا نذكّركم بالقرآن بسبب إسرافكم وتماديكم في المعاصي؟! لا، بل سيذكّرهم الله بالقرآن. والملاحظ أن صفة الكفار المترددة في هذه السورة كثيرًا هي حب الدنيا ورفع الدنيا ورفع قدر الدنيا. قالوا (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴿٣١﴾) قالوا مكة والطائف، هل في مكة والطائف أعظم من رسول الله؟! لكن العظمة عندهم ليست عظمة الأخلاق، ليست عظمة الطهر، ليست عظمة العفاف، ليست عظمة التحكم في النفس إنما هي عظمة المال همّهم الدنيا (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) وعندما ذُكرت قصة موسى في هذه السورة كما ذكرت في سورة غافر لكن هنا ذكر من حالة فرعون ما يدل على مسألة الدنيا قال (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٥١﴾ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ ﴿٥٢﴾) لا شك أن موسى خير وأطهر وأطيب لكن هو ينظر إلى الدنيا فقط وفي آخر السورة يقول الله سبحانه وتعالى (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٨٨﴾ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴿٨٩﴾) سوف يعلمون عاقبة هذا الإعراض والإسراف يوم الدين.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الدخان[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الدخان ذكرت في أول السورة أنهم في شك يلعبون، كل صفة لهم تتناسب مع السورة. قال سبحانه وتعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿٣٨﴾) ثم ذكر عذابهم في الآخر بتفصيل غير موجود في السور الأخرى من آل حم وهو تفصيل يعاكس اللعب، هم يلعبون، قال (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ﴿٤٣﴾ طَعَامُ الْأَثِيمِ ﴿٤٤﴾ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ ﴿٤٥﴾ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ ﴿٤٦﴾ خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿٤٧﴾) هذا الذي كان يلعب في الدنيا، اعتلوه قالوا العتْل الأخذ بقوة، قال بعضهم هو جمع الثوب إلى الصدر ثم شدّ الإنسان يأخذه بعنف إلى حيث يأخذه، هو كان في لعب وغفلة لكن مصيره (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿٤٧﴾ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ ﴿٤٨﴾ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ﴿٤٩﴾ إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ ﴿٥٠﴾) ولما كانوا في لعب وخوض ذكر في هذه السورة تهديدهم في العذاب وذكر كلمة (فارتقب) مرتين (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ﴿١٠﴾) وفي آخر السورة (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ ﴿٥٩﴾) أي انتظر ما سيحلّ بهم.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الجاثية[/FONT]
[FONT=&quot]وأما سورة الجاثية فهذه تركز على هداية القرآن وإعراض الكفار أيضًا فجاء قوله تعالى (هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ﴿١١﴾) وقال فيها عن القرآن أو عن بعض آياته (هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿٢٠﴾) وبعض العلماء يقف مع كلمة (هذا) القرآن أحيانًا يشار إليها بـ(ذلك) وأحيانًا يشار إليه بـ (هذا) مع أن (هذا) للشيء القريب و(ذلك) للشيء البعيد فلماذا يشار بهذا وهذا؟ بحسب المقام، في مقام التفخيم يقول (ذلك الكتاب) ولكن في مقام الإشعار بأنك يمكن أن تنتفع به يقول (هذا) أي هذا هو أمامك ولذلك جاء قوله (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ (21) الحشر) قالوا هذا أشد في لومهم لأنه قرآن قريب منهم لو أُنزل على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا فلماذا لا ينتفعون به؟! فكلمة (هذا) والله أعلم بمثل هذا السياق تُشعر بأنه قريب يمكن الانتفاع به لكن حال الكفار مختلف ولذلك ذكر من حالهم سبحانه وتعالى قوله (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿٢٣﴾) فهو معرض عن كتاب الله متبعًا إلهه هواه ولذلك لا ينتفع بهذا القرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الأحقاف[/FONT]
[FONT=&quot]هي آخر سورة من آل حم فقد ذكر الله سبحانه وتعالى إعراض الكفار في هذه السورة ثم ذكر لهم حالتين: حالة إعراض وحالة إقبال ممن لا يتوقع منه الإقبال. ذكر حالة الإعراض في قوم عاد وذكر هلاكهم تحذيرًا من السير في طريقهم وقال سبحانه وتعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ﴿٦﴾ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ﴿٧﴾ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴿٨﴾ الفجر) فهو كانوا أصحاب قوة شديدة وقال تعالى بعد أن ذكر إهلاكهم (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) مكّناهم في أشياء ما نمكنكم في مثلها، (إن) هنا بمعنى (ما) (إن هذا إلا سحر) يعني ما هذا إلا سحر وهنا (إن مكناكم) أي فيما لم نمكنكم فيه وهذا من بلاغة القرآن ولو قيل ولقد مكناهم فيما ما مكناكم فيه لسببت نوعًا من الارتباك في اللفظ قال (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٢٦﴾) فالذي يجحد بآيات الله لا ينفعه سمعه ولا ينفعه بصره ولا ينفعه فؤاده نسأل الله السلامة.[/FONT]
[FONT=&quot]لكن العجيب من الموقف الثاني الذي ذُكر في السورة وهو من أناس لا يتوقع منهم الإيمان قال (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ) الله صرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو يدعو أناسًا وهم معرضون والآن يأتي من لا يتوقع أن يأتي (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا) لم يسكتهم النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الهداية إذا أرادها الله سبحانه وتعالى (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ﴿٢٩﴾ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿٣٠﴾ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٣١﴾) لم يؤمنوا بل صاروا دعاة إلى الإيمان مع لإيمانهم فذكرهم الله في هذه الصورة نموذجًا لمن يستجيبوا لأمر الله. [/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة محمد وسورة الفتح وسورة الحجرات[/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 21 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مع ثلاث سور من القرآن موقعها لطيف جدًا في المصحف، وهذه السورة يحفظ الإنسان أسماءها على الأقل: سورة محمد ثم سورة الفتح وسورة الحجرات. هذه السورة سُبقت بمجموعة آل حم آخرها الأحقاف وتلحقها مجموعة بتقسيم النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن عندما قال أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، إلى أن قال: وفُضِّلت بالمفصّل فعند كثير من العلماء أن المفصّل يبدأ من سورة ق. إذن هذه السور الثلاث بين مجموعة آل حم وبين مجموعة المفصّل وهي ليست مجموعة خاصة لها اسم يخصها لكن موضوعها متكامل، موضوعاتها الثلاثة تتكامل جدًا وهذا يلفت الانتباه.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة محمد[/FONT]
[FONT=&quot]سورة محمد لها اسم آخر مشهور عند العلماء وهو سورة القتال وهذا الاسم أوضح في مقصود السورة. سميت باسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد بناء على أن في أولها (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ) كلمة، لكن سورة القتال لأن موضوعها هو القتال فهو أوضح وهو أوضح في التناسب مع السور التي بعده فبعد القتال يأتي الفتح. سورة القتال تتحدث عن القتال وسورة الفتح تتحدث عن الفتح الذي يكون بعد القتال. وسورة الحجرات نبّه بعض أهل العلم وهو ملمح لطيف واضح في السورة أنها تبين الأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها المسلمون حتى إذا قاتلوا نالوا الفتح وإذا تخلفت عنهم هذه الصفات فإنهم لا ينالون النصر وهذا يتضح من الحديث عن السورة التي فيها من الأخلاق التي تفقدها كثيرًا في حياتنا ولا يمكن لأمة أن تنتصر بدون هذه الأخلاق.[/FONT]
[FONT=&quot]سورة محمد تسمى سورة القتال والذي يميز هذه السور الثلاث أنها كلها مدنية والمجموعة التي قبلها سور آل حم مكية كلها وسور المفصّل أغلبها مكي وبالذات السور التي بعدها مباشرة: ق والذاريات والطور والنجم والقمر كلها مكية والرحمن على الأصح أنها مكية والواقعة مكية فجاءت ثلاث سور مدنية بين سور مكية وجاءت تتكلم في أمور تناسب السور المدنية. والقتال في الإسلام شعيرة أساسية وهذه الشعيرة ذُكرت فيها سورة كاملة مثل سورة الأنفال وكثير من آيات سورة التوبة وذكرت في سورة النساء وفي آل عمران كثيرًا وفي أجزاء من سورة البقرة، معظم السور التي تتحدث عن القتال في الثلث الأول من المصحف ونحن قاربنا على السدس الأخير من المصحف (آخر خمسة أجزءا) كأنه تذكير بما سبق على ترتيب المصحف التوقيفي، ذُكر القتال بالتفصيل ثم أعيد لكن سبحان الله الموضوع الواحد إذا أعاده لك الشخص مرتين مللت أما إذا كُرر في القرآن يأتي بأسلوب آخر. الأسلوب هنا في سورة محمد في سورة القتال أسلوب المقارنة بين المسلمين والكافرين في معظم آيات السورة ولذلك تجد كلمة متكررة في السورة كلمة (الذين). يقول الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴿١﴾) هذه أول كلمة (الطين) عن الكفار، (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآَمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴿٢﴾ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴿٣﴾) فائدة هذه الموازنة والمقارنة أن تعرف عدوّك لأن الله يخذله ولا ينصره وأن تعرف أسباب قوتك وهي الاتصال بخالقك، ما قال الذين سكنوا في مكة وصدوا عن سبيل الله أضلّ أعمالهم، ولا قال الذين سكنوا المدينة، العبرة بالكفر والإيمان، الصفة التي تنصرك هي إيمانك والتي تخذله كفره أما الجنس واللون فلا يصلح أن يكون رابطة يقوم عليه قتال يرضي الله سبحانه وتعالى، الجنس واللون والوطن هذه أمور لا قيمة لها القيمة بالكفر والإيمان، تتكرر صفة الكفار والمؤمنين في السورة لتبغيض المؤمنين في حال الكافرين ولتهوين شأنهم لأن الله أضل أعمالهم وقال أيضًا (اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ) مما يُشعر بضعفهم الشديد، هذا كثير في هذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]جاء أيضًا في هذه السورة سبب النصر الأكبر قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿ ٧﴾) والغريب أن الإنسان أحيانًا ينشغل بالوعد عن الشرط، الله سبحانه وتعالى قال (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ) ما قال يا أيها الذين آمنوا سينصركم الله، بعضهم ضرب مثلًا قال واحد ولده في الثانوية العامة فقال له يا ولدي إن حصلت على معدل 95 بالمائة فما فوق أشتري لك سيارة شبح، فكان الولد من أول يوم في الدراسة يرجع من المدرسة يتغدى وينام ويقوم صلاة العصر ويذهب إلى معارض السيارات يتفرج على السيارة التي وعده بها أبوه وظل طوال العام بدل الدراسة يفكر بالسيارة، لونها، في النهاية لم يحقق الشرط فجاء أيام الاختبارات ولم يحقق الشرط ثم جاء أبوه يطلب السيارة الذي وعده كالذي يقول يا رب نصرك الذي وعدت! الله سبحانه وتعالى وعد بالنصر لكنه وضع شرطًا (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)، هل ينصر الله من يحاربه؟ هل ينصر أمة تحارب الله؟! قال الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ (279) البقرة) كيف نصر من الله ونحن نحارب الله؟! لا يمكن، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿٧﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ﴿٨﴾ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴿٩﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]في هذه السورة أيضًا بيّن الل الغاةي والنهاية التي يتوقف بعدها القتال وذكر صفة القتال بقوة شديدة قال (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) هذه هي الغاية النهائية في القتال. يقول قتادة رضي الله عنه (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) حتى لا يبقى شرك، عندما ينزل عيسى بن مريم ويكسر الصليب ويُنهى الكفر هذه نهاية القتال وليس أي شيء آخر ولذلك ثبت في مسند الإمام أحمد بسند حسن وصححه بعضهم أنَّ سلمةَ بنَ نُفَيلٍ الحضرميَّ أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ فقال إنِّي سمَّيت الخيلَ وألقيت السلاحَ وقلت لا قتالَ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ الآنَ جاء اللهُ بالقتالِ لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الناسِ يُزيغُ اللهُ بهم قلوبَ أقوامٍ فيُقاتلونهم ويرزقُهم اللهُ منهم حتى يأتيَ أمرُ اللهِ وهم على ذلكَ. فدلّ على أن (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) لا يعني أن الحرب إذا توقفت انتهى، القتال ونشر الإسلام بقوة السيف عند القدرة هو أمر مطلوب شرعًا لا بد منه.[/FONT]
[FONT=&quot]وذُكر في السورة المنافقون كثيرًا والسور التي فيها قتال غالبًا يذكر فيها المنافقون لأنهم يثبطون المؤمنون عن القتال وهم أبعد الناس عن المشاركة بالقتال وكلما استطاعوا أن يفرّوا منه فرّوا.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة ثبّت الله قلوب المؤمنين وأمرهم بطاعة الله ورسوله وهوّن لهم من أمر الدنيا وهذا أيضًا مناسب لأن القتال صعب على النفوس قال (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴿٣٥﴾ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴿٣٦﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الفتح[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فرح النبي صلى الله عليه وسلم بنزولها جدًا لأنها جاءت على حالة حزن مرت بالصحابة في صلح الحديبية الذي حصل فيه اتفاق مع المشركين وهذا الاتفاق ما أفرح المؤمنين خاصة أنهم كانوا موعودين بأن يدخلوا مكة ويطوفوا يقول عمر رضي الله عنه: كنا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سفَرٍ فسأَلْتُه عن شيءٍ ثلاثَ مرَّاتٍ فلم يَرُدَّ عليَّ قال فقُلتُ لنَفْسي ثَكِلَتْكَ أمُّك يا ابنَ الخطَّابِ نزَرْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثلاثَ مرَّاتٍ فلم يَرُدَّ عليكَ قال فرَكِبتُ راحِلَتي فتقَدَّمتُ مَخافَةَ أن يكونَ نزَل فيَّ شيءٌ قال فإذا أنا بمُنادٍ يُنادي يا عُمَرُ أينَ عُمَرُ قال فرجَعتُ وأنا أظُنُّ أنه نزَل فيَّ شيءٌ قال فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نزَلَتْ عليَّ البارِحَةَ سورةٌ هي أحَبُّ إليَّ منَ الدنيا وما فيها إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. هذه السورة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا وما فيها لأنه بشّرت بالفتح المبين، كثير من العلماء على أن صلح الحديبية كان فتحًا أدّى إلى فتح مكة فسورة الفتح تبشر المؤمنين بالنصر ولذلك جاءت كلمة تكررت أكثر من مرة (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿٤﴾) ثم قال (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴿٧﴾) ثم قال (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿١٤﴾) والإيمان بهذا من أعظم ما يجلب النصر وهو أن كل شيء ملكٌ لله ولله جنود السموات والأرض فلا يخاف المسلمون من شيء.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر هذه السورة ذكر الله سبحانه وتعالى صفات المؤمنين الكُمّل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين وُعِدوا بالفتح قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) أحيانًا ترى الإنسان يعكس الموضوع أو يستوي عند الأمران: بعض الناس قاسي على الجميع وبعضهم ليّن حتى إنه ليلين في موضع ينبغي فيه أن يكون شديدًا وهناك من يضع كل شيء في موضعه (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) حال القتال أما في حال دعوتهم فإنك تكون متلطفًا معهم لكن لا تجامل في أمر دينك، تعاملهم بالحسنى وقدوتنا في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لكن في موضع القتال والسورة تتحدث عن النصر والقتال قال (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) وفي نفس الوقت (رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) ينبغي للإنسان أن يراجع نفسه ويكون رحيمًا بالمؤمنين خاصة إذا كان هو في وقف ضعف، إذا كان أقل منك اجتماعيًا أو نسبًا أو مالًا أو تحت سلطتك لأي سبب فلا تستغل هذه الفرصة لتتجبر عليه وإنما لترحمه وتلين في كف أخيك (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) كثيرًا من صفات المؤمنين تُذكر في سور يذكر فيها الجهاد لنعرف صفات من ينالون النصر والصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المقاتل في سبيل الله (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴿٢٩﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الحجرات[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها أخلاق الالتزام بها يجلب الفتح وفقدانها يولّد الهزيمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) برواية حفص وفي قرآءة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم (فتثبتوا) عندما يأتيك خبر تتبين وتتثبت ومن أعظم ما يزعزع في أي بيئة وهذا يزعزع صفوف المسلمين الإشاعات دون تبيّن ودون تثبّت، كيف لأمة أن تنتصر وهو كلما سمع خبرًا نشره دون التبين والتثبت ودون الرجوع إلى أهل الخبرة والثقة والروية؟! ينبغي للإنسان أن يتأنّى وأن يتروى لا أن ينشر كل ما يسمع دون تروي! هذا مذكور في الآيات وهي أهم ما يحتاجه المؤمنون. [/FONT]
[FONT=&quot]الأمر الثاني سوء الظن (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴿١٢﴾) سوء الظن بين المسلمين كيف ينتصرون معه؟![/FONT]
[FONT=&quot]الأمر الثالث قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ ﴿١١﴾) المسلمون الآن كل واحد في بقعته يستهزئ بالبلد الآخر وأحيانًا يستهزئ بالمدينة الأخرى وأحيانًا بالأحياء، هذا من شمال جدة، هذا من جنوب جدة، المسلمون جسد واحد لا تفرّقهم حدود ولا يفرقهم شيء لأنهم يتوجهون إلى إله واحد سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿١١﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]لو أن مجتمعًا فيه هذه الأشياء: سوء ظن، استهزاء، غيبة (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)، كيف تكون الصدور؟! لن تكون كما وصف الله (رحماء بينهم)! [/FONT]
[FONT=&quot]هذه الأخلاق نحتاجها جدًا ومن أعظمها ما جاء في أول السورة. جاء في الحديث: يقول ابن أبي مليكة: كادَ الخَيِّرانِ أن يهْلِكَا أبو بكرٍ وعمرُ رضي اللهُ عنهمَا، رفعَا أصواتَهُمَا عندَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حينَ قدِمَ عليهِ ركبُ بني تَمِيمٍ، (لم رفعا أصواتهما على النبي ولكن رفعا أصواتهما بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم) فَأَشَارَ أحدُهما بالأقْرعِ بنِ حابِسٍ أخِي بني مُجَاشِعٍ، وأشارَ الآخرُ برجلٍ آخرَ، قالَ نافعٌ: لا أحفظُ اسمهُ، فقالَ: أبو بكرٍ لعمرَ: ما أردْتَ إلَّا خِلافِي، قالَ: ما أردْتُ خلافَكَ، فارْتَفَعَت أصواتُهُما في ذلكَ، فأنزلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٢﴾} الآيةُ. قالَ ابنُ الزبيرِ: فمَا كان عمرُ يُسْمِعُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ هذهِ الآيةِ حتى يَسْتَفْهِمَهُ. ولم يذْكُرْ ذلكَ عن أبيهِ ، يعنِي أبا بكرٍ[/FONT][FONT=&quot] .[/FONT][FONT=&quot](صار يكلمه بصوت منخفض من شدة حرصه ألا يقع فيما يخالف). يقول ابن القيم رحمه الله: رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم يحبط العمل، رفع الرأي فوق رأي النبي صلى الله عليه وسلم ورأي النبي صلى الله عليه وسلم ليس رأيًا (وما ينطق عن الوى إن هو إلا وحي يوحى) رأي الإنسان يحكّم به يقول هذا يدخل مزاجي وهذا لا يدخل مزاجي، يقول هذا أشدّ. وثبت أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه سكن عنده النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة قبل أن يسكن في حجراته إبان بناء المسجد والبيت دوران والنبي صلى الله عليه وسلم كان أبا أيوب يريده أن يسكن في الدور الأعلى لكن النبي صلى الله عليه وسلم اختار أن يكون في الدور الأول لأنه أيسر وكما جاء في الروايات أن أبا أيوب كان في الطابق الأعلى والنبي صلى الله عليه وسلم أعلى منه فانكسرت جرّة فخاف أبو أيوب وزوجه أن يقطر الماء على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم فأخذا ولم يجدا إلا ملحفة فأخذوها وجففوا بها الماء حتى لا يقطر الماء على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من شدة أدبهم مع النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال الله سبحانه وتعالى في أول آية في السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) لا تتقدموا أمام آية أو أمام حديث وإنما ترجع تسمع الآية والحديث وتسير وراءهما.[/FONT]
 
[FONT=&quot]من سورة ق إلى نهاية سورة الواقعة[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 22 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]وصلنا إلى سورة ق وإذا وصلنا إلى سورة ق فهذا مؤذن على أن الشهر قد أوشك على الانتهاء وكل إنسان يكلّف بعمل لا بد أن يعرف الهدف من تكليفه بهذا العمل. والله سبحانه وتعالى وهو الرحيم الكريم اللطيف بعباده عندما أمرنا بالصيام بيّن لنا الغاية العظمى قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) البقرة) فالغرض التقوى وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن المكان الذي تكون فيه التقوى أشار إلى صدره الشريف وبيّن أن التقوى محلها القلب وإذا عرفنا هاتين المسألتين أن الغرض من الصيام تحصيل التقوى وأن التقوى محلها القلب إذن نتوجه إلى القلب فالإنسان آخر الشهر عليه أن يحاسب نفسه: هل تغيّر قلبه؟ أو هل تحسن حال قلبه وزادت التقوى في قلبه وزادت مراقبة الله في قلبه؟ كان يتكلم دون أن يفكر هل هذا الكلام يرضي الله أم لا والآن صار يفكر، هذا غيبة؟ هذا كذب؟ هذا صدق؟ بدأ يراقب. وكل رمضان يترقى الإنسان فيه أكثر، كثير من الناس يقول المفروض أن نكون بعد رمضان أفضل من قبله، لا، رمضان موسم خير ولكن المفروض أن يعطينا دفعاً، كنا في شعبان في حال، رقّانا رمضان نستمر بعد رمضان لكن لا يكون السير في رمضان كالسير في غير رمضان، لا شك أن رمضان موسم خير، موسم استكثار لكن لا يعني أن يعود الإنسان تمامًا كما كان في شعبان بل المفروض أن يرتقي درجة فإذا جاءه رمضان الثاني يرتقي أكثر وقوّى الشيخ الألباني الحديث أن رجلين قُتل أحدهما شهيدًا وبقي الآخر بعده سنة فظن الناس أن فضل الشهيد الذي مات أولًا أكبر لكن الثاني حصّل من الصلاة والطاعات والصيام ما رفعه درجات. القصد أن رمضان المفترض أن يرقينا في التقوى والتقوى درجات ولن نصل لتقوى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ولكن نترقى في التقوى حتى ننجو يوم الدين (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴿٧١﴾ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا (72) مريم) أما أن الواحد يقول – وهذه دليل على الغفلة- يقول رمضان هذه السنة كان سهلاً، حكمه بالطعام والشراب والحرّ والبرد وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم لا يخرج في نهار رمضان ليحفظ لسانه في الصيام فالقصد أن العبرة بتقوى الله سبحانه وتعالى نسأل الله أن يملأ قلوبنا بالتقوى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة ق[/FONT]
[FONT=&quot]سورة ق أول سور المفصّل على القول الأشهر، مرّ معنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطي السبع الطوال مكان التوراة وأُعطي المئين مكان الزبور وأعطي المثاني مكان الإنجيل قال عليه الصلاة والسلام: وفُضّلت بالمفصّل (التوراة لموسى والزبور لداوود والإنجيل لعيسى) فهذه مكافئة لشيء عند آخرين من أنبياء الله ورسله ولكنه يقول صلى الله عليه وسلم (وفُضّلت بالمفصّل) فما ظنّك بشيء فُضّل به سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؟! (وفُضّلت بالمفصّل) ومن فضائل المفصل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كثيرًا في الفرائض، في الصلوات الجهرية، غالب قرآءته أو كثير من قراءته من المفصّل صلى الله عليه وسلم ولما قال رجل في صحيح مسلم في قصة أذكر مختصرًأ منها رجل جاء لعبد الله بن مسعود وهو فرحٌ بنفسه يقول لقد قرأت المفصّل في ركعة - المفصّل من سورة ق إلى سورة الناس حوالي أربعة أجزاء وعلى الأقوال الأخرى قريب من هذا وفي هذا حوالي عشر أقوال – فقال له عبد الله بن مسعود: هذّا كهذّ الشعر؟ (دون تفكير وتأمل وتأني) ولكن (وهذه عبارة تصلح أن تكون منهجًا في قرآءة القرآن) قال: ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه فنفعه. لاحظ المراحل: [/FONT]
· [FONT=&quot]وقع في القلب[/FONT][FONT=&quot] يعني أحيانًا يقوله الإنسان بلسانه ويمر على أدنه ولا يقع في قلبه وهذا لا علاقة له بما يتكلم عنه عبد الله ابن مسعود يقول (ولكن إذا وقع في القلب)[/FONT]
· [FONT=&quot]فرسخ فيه[/FONT][FONT=&quot]: أحيانًا يقع في القلب ثم يروح مع الغفلة، الرسوخ معناه أن يدخل إلى الأعماق ويثبت وهذا يحتاج إلى تكرار وزيادة وتأمل وكأنه يقول الذي لا يرسخ لا ينفع الذي لا يقع في القلب لا ينفع.[/FONT]
[FONT=&quot]نتحدث عن سورة ق إلى نهاية سورة الواقعة ولأننا سنمر على سور كثيرة فإننا سنأخذ من كل سورة آية يمكن أن نجعلها أساسًا للسورة أو نجعلها أساسًا لتدبرنا للسورة. نبدأ بسورة ق[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها على المنبر يوم الجمعة حتى قال إحدى الصحابيات ما حفظت سورة ق إلا من فم النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل جمعة. وهذه السورة وإن لم تكن محفوظة لكن كثيرون يقرؤنها ويسمعونها كثيرًا وهي سورة فيها هيبة لأنها تتحدث في كثير من آياتها عن يوم القيامة وعن أحداث يوم القيامة وجاء في آخرها قوله تعالى وهو قول يمكن أن يجعله الإنسان من بداية السورة مستحضرًا في ذهنه (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) موعظة لمن كان له قلب حيّ (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴿٣٧﴾) إن لم تقدر على القلب الحيّ تلقي سمعك وتُحضر حواسك لتفهم كلام ربك وتفهم هذه الموعظة. والموعظة في هذه السورة عظيمة يقول الله سبحانه وتعالى في منتصف السورة بعدما رد على قضية الكفار في قضية البعث قال (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴿١٦﴾) استمع إلى هذه الموعظة وإذا سمعتها أو قرأتها استحضر أن هذه الموعظة إنما يتذكر بها من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فيُحضر الإنسان حواسّه ويتأمل. وبعض العلماء أخذ من قوله (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) لو حضرت خطبة جمعة وكنت محجوبًا عن رؤية الإمام إما للبعد أو غيره فهل يكون تركيزك كالذي أمام الإمام وينظر إلى فمه؟ لا، بالطبع متفاوت والناس تتفاوت في هذا ولكن غالبًا التركيز يزيد، (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) يحاول أن يحضر حواسه خاصة إذا كان الإنسان يقرأ القرآن فإذا سمعته ورأيته يختلف تركيزك عما لو سمعته في شريط يكون في نوع من التأثير أكبر. في إحدى المرات كان الشيخ صلاح بدير يقرأ في الهند في جمع كبير وقرآءة الشيخ مؤثرة لكن لأنه كان مشاهَد كان التأثير أكبر. فكلما أحضر الإنسان حواس أكثر لسماع القرآن كان التأثير أكبر. [/FONT]
[FONT=&quot]يقول الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) ويقول العلماء هذا من أعظم ما ذكر في السورة مراقبة الله سبحانه وتعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) يقول أحد الدعاة - وهذا كلام قديم قليلًا والآن انتشرت هذه الأشياء وربما صارت معروفة – يقول دخلت أحد الأسواق فوجدت أحد الموظفين في محل يعمل بدقة شديدة وصاحب المحل صاحب هذا الداعية فذهبت إليه وقلت له عندك موظف يعمل بشكل عجيب فقال له: عندي شاشة تلفزيون هنا والموظفون يعرفون أنهم مراقبين، أنا أراقبهم وهم يعرفون أنهم مراقبون فلذلك يعملون بهذه الدقة! (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) الشيء الذي بينه وبين نفسه (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ومع ذلك (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿١٧﴾) قعيد مبالغة في قاعد يعني قاعد لا يتحرك وعلماء اللغة يفرقون بين القاعد والجالس فيقولون الجالس لا يطيل المُكث أما القاعد يطيل المكث ولذلك تسمى قواعد البيت، قد تغيّر مجلس البيت لكن قواعد البيت لا تتغير. فالقعود أشد. (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴿١٧﴾ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴿١٨﴾) كل واحد من هؤلاء رقيب شديد المراقبة عتيد حاضر، مراقبة شديدة جدًا، هذا حال الإنسان في الدنيا. وفي آية واحدة نقلنا نقلة عجيبة فقال (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴿١٩﴾) إذن كل هذه اختصرت الدنيا كلها في أنك مخلوق مراقب يسجل عليك كل شيء (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴿١٨﴾ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴿١٩﴾) مرحلة ثانية بسرعة عجيبة (ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) تبتعد عنه وكلما أحس الإنسان بضعف يذهب للطبيب. (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) نقلة ثالثة عجيبة! (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴿٢٠﴾) إلى آخر ما ذكر من آيات والقرآن لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله. وفي آخر السورة قال (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴿٣٧﴾) وفي آخر آية يقول (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ) مسألة المراقبة مستمرة في السورة، (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) النبي صلى الله عليه وسلم لا يجبر أحدًا على الإيمان قال (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴿٤٥﴾) فالذي يريد أن يخاف بالقرآن والذي يرد أن يتذكر بالقرآن الحلّ أنه خاف الوعيد إذا ما دخل على القرآن بالخوف لا يتأثر به لكن إذا دخل القرآن بالخوف أن هذا القرآن قد يكون حجة لي أو حجة عليّ ينتفع به بإذن الله.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الذاريات[/FONT]
[FONT=&quot]هذه من القرائن والقرائن هي سورة كان يقرن النبي صلى الله عليه وسلم بين كل اثنتين منها في ركعة وهذا ثابت في صحيح البخاري أن هناك قرائن كان يقرن بها النبي صلى الله عليه وسلم لكن في رواية أبي داوود الصحيحة أن ابن مسعود بيّن ما هي هذه القرائن فسورة الذاريات من هذه القرائن كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها وبين سورة الطور في ركعة وهي موالية لها في المصحف لأن بعض سور القرآئن ليست متوالية في المصحف وبعضها متوالي. [/FONT]
[FONT=&quot]الذاريات يكفينا فيها آية والله لو فكر فيها الإنسان وأنت تقرأ أول السورة إلى حيث تصل إلى هذه الآية وبعض العلماء قالوا هذه الآية مرتبطة بكل ما قبلها وهي قوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ﴿٥٠﴾) هذه الفاء تربط كل ما سبق من السورة. السورة تتحدث عن السحب والرياح وتتحدث عن السموات والأرض وتتحدث عن إهلاك الأمم السابقة قال (وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴿٣٧﴾) فذكر إهلاك السابقين وذكر عظمة الملخلوقات حتى قال سبحانه وتعالى (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴿٤٧﴾) بأيد أي بقوة في هذه الآية الأيد ليست جمع يد هنا (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) أي بقوة (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) قادرون على ذلك مطيقون له سبحانه وتعالى. (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴿٤٨﴾) لما يقول لك أحدهم أنا فرشت قصرًا حجمه كذا تبدأ تشعر بحجمه لكن عندما يقول السماء والأرض فإنه يتكلم عن شيء أكبر من الخيال (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ) ما هي السماء؟ الآن كل ما اكتشفوه من المجرات، ونحن مجموعة شمسة ضمن ملايين المجموعات الشمسية ضمن المجرة وهي ضمن ملايين المجرات وهي جزء من أجزاء لشيء لا نهاية له والله سبحانه وتعالى يقول (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ﴿٤٧﴾ وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ ﴿٤٨﴾ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٤٩﴾) ما هي النتيجة الحتمية؟ قال (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) السماء سماؤه والأرض أرضه والرزق رزقه والخلق خلقه والملك ملكه والكل بيده ففروا إلى الله (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٥٠﴾ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴿٥١﴾) أسأل الله أن يرزقنا الانتفاع بهذه السورة وفي آخرها تأكيد على أن البشر خلقوا لأجل عبادة الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾) وتحذير لمن سيهلكوا قال (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ ﴿٥٩﴾ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴿٦٠﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الطور[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الطور قرينة سورة الذاريات وهي بعدها في المصحف. يقول أحد الصحابة قبل إسلامه وهو جبير بن مطعم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد سكن المدينة وهو جاء بعد غزوة بدر في قضية فسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور قال فلما وصل إلى قوله تعالى (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾) كاد قلبي أن يطير. وأسلم بعد ذلك بسنوات رضي الله عنه. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة الطور فيها قوله تعالى وهي الآية التي نقف معها (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴿٢٩﴾) ما قبلها من آيات فيها تذكير وتخويف وترغيب، فيها ذكر للجنة وفيها ذكر للنار وفيها ذكر لحديث أهل الجنة وهم في الجنة وهذه نعمة لا يمكن أن تشعر بها إلا إذا استحضرتها، هذه النعمة هي أن تعرف ماذا سيقول أهل الجنة لتعرف ما هو الطريق الذي سلكوه لتسلكه قال (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿٢٥﴾ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴿٢٦﴾) كانوا في أهلهم، والإنسان في أهله يكون في مكان الراحة والطمأنينة والكافر قال عنه في سورة الانشقاق (إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا) لكن هؤلاء قالوا (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) هذا لا يعني أن لا يبتسم الإنسان مع أهله وأن لا يداعبهم ولكن يظل خوف الله مانعًا له عما حرّم الله فلا يبطر على النعمة ولا يفحش في القول وإنما يظل الإشفاق محيطًا به (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ﴿٢٦﴾ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴿٢٧﴾ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴿٢٨﴾) قال (فَذَكِّرْ) وهذه الآيات كلها تذكير. ثم قال (فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ) والكفار يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم ويعرفوت خلقه ويعرفون طهره ويعرفون أنه ليس بكاهن ولا مجنون، فجاءت هذه الآيات إلى آخر السورة تقريبًا تناقشهم نقاشًا عقليًا في الاحتمالات الممكنة هل النبي صلى الله عليه وسلم صادق أو غير ذلك وحاشاه صلى الله عليه وسلم وهل يمكن أن يكون لهم خالق آخر أم لا سبحانه وتعالى عما يقولون إلى أن قال (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٤٣﴾) وتكررت كلمة (أم) كثيرًا قال (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ﴿٣٠﴾) ثم قال (أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴿٣٢﴾) عقولهم تأمرهم بهذا الذي يقولونه ساحر أو كاهن؟ (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٣﴾) ثم قال (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴿٣٥﴾ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ ﴿٣٦﴾ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ ﴿٣٧﴾ أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ ﴿٣٨﴾ أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ﴿٣٩﴾ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ ﴿٤٠﴾ أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴿٤١﴾ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ﴿٤٢﴾ أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٤٣﴾) ثم هدّدهم بالعذاب وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر والتسبيح (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ﴿٤٨﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴿٤٩﴾) وهذه الأوامر بالذكر والتسبيح للنبي صلى الله عليه وسلم تكثر في السور المكية، لم يكن هناك قتال من جهة ومن جهة إيذاء الكفار شديد والذي يثبت الإنسان على الحق هو الاتصال بالله سبحانه وتعالى ولذلك يقول ابن القيم يقول صليت مع ابن تيمية صلاة الفجر فظل يذكر الله ولم يلتفت إليّ حتى قارب انتصاف النهار ثم نظر إليّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدى لهلكت – يعني لو لم آخذ هذا الذكر ما يقدر وكان ابن تيمية يدخل على بعض الكام وينصحه حتى تصطك ركبته بركبته لا يكلمه بهدوء فكيف يثبت على مثل هذا؟ ويتناصح ويتكلم ويُسجن ويخرج ويقول هذه غدوتي وإن لم أتغدى لهلكت – وهي زاد النبي صلى الله عليه وسلم سيد الدعاة عليه الصلاة والسلام. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة النجم[/FONT]
[FONT=&quot]كما في صحيح البخاري هي أول سورة نزلت فيها سجدة في القرآن وسجد فيها النبي صلى الله عليه وسلم وسجد معه المشركون وسجد فيها الإنس والجنّ كما يقول الراوي. قد يستغرب البعض عندما نقول أول سجدة في القرآن قد يخطر في ذهنه أن سورة العلق هي أول سورة نزلت وفي آخرها سجدة (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) فكيف تكون هذه أول سجدة؟ هذا لأن القرآن لم يكن ينزل دفعة واحدة فسورة العلق نزل أولها وهو أول ما نزل من القرآن ونزلت من بعدها سور أخرى وآخرها نزل عندما حاول الخبيث أبو جهل أن يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)) آخر السورة لم ينزل مع أولها وإنما نزل متأخرًا. سورة النجم آخرها نزل قبل آخر سورة العلق وبعد أول سورة العلق وهذا الجمع بين الأدلة والسجدة في آخر سورة النجم (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ۩﴿٦٢﴾) والحقيقة أنها سُبقت بآيات عظيمة تدعو الإنسان للسجود والعبادة. في أولها تبرئة للنبي صلى الله عليه وسلم من أن يزيغ بصره أو أن يطغى وذكرت فيها حادثة المعراج وهذا يُشعر أن السورة متأخرة بالنزول لأن المعراج متأخر في آخر العهد المكي والسورة مكية لكن بعد ذلك يقول الله سبحانه وتعالى في آيات عظيمة يصف نفسه قال (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ﴿٣٣﴾ وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى ﴿٣٤﴾) إلى أن قال (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴿٤٢﴾) إذا سمعت أو قرأت هذه الآيات تهيأ للسجدة فإنها تهيء لها (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴿٤٢﴾) سبحانه وتعالى كل شيءينتهي، كل أمر يصير إليه (وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى ﴿٤٢﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ﴿٤٣﴾ وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا ﴿٤٤﴾ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴿٤٥﴾ مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ﴿٤٦﴾ وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ﴿٤٧﴾) ثم ذكر إهلاك الأمم السابقين قال (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ﴿٥٠﴾ وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ﴿٥١﴾ وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى ﴿٥٢﴾ وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى ﴿٥٣﴾ فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى ﴿٥٤﴾) إلى أن قال (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴿٥٩﴾ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ ﴿٦٠﴾ وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ ﴿٦١﴾ فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ۩﴿٦٢﴾) ومن هيبة هذه الآيات سجد النبي صلى الله عليه وسلم وسد معه المشركون. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القمر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النجم تأمر بالسجود سورة القمر تبين شدة إعراض الكفار عن السجود والعبادة. وهذه السورة من القرائن كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرنها بسورة الحاقة. وإذا عرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة مع سورة فهذا يُشعر أن بين السورتين علاقة قد تظهر لنا وقد تخفى علينا ولكن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيه الخير كله فإذا قام الإنسان وصلّى نافلة في الليل فيُسنّ له أن يجمع بين هاتين السورتين سورة القمر وسورة الحاقة. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة القمر أولها مرتبط بحادثة وهو أن القمر شُقّ نصفين ولكنهم كما قال الله عنهم (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴿١﴾ وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴿٢﴾ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴿٣﴾ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ﴿٤﴾ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ﴿٥﴾ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ ﴿٦﴾) وهذه السورة جاء فيها الوعيد شديدًا للكفار مع شدة إعراضهم ذكرت قصص الأنبياء وكيف أُهلِك من أُهلِك وذُكِر شيء من الإهلاك لم يُذكر في السور الأخرى متناسبة مع شدة الوعيد وكانت تتكرر فيها (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿١٦﴾ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴿١٧﴾) وجاء منها ما جاء في قصة لوط (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿٣٧﴾ وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ ﴿٣٨﴾ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴿٣٩﴾) ما ذُكر من طمس أعينهم لم يُذكر في السور الأخرى متناسبًا مع شدة الوعيد في السورة. ومن رحمة الله أنه دائمًا يأتي مع الوعيد الرجاء فجاء في آخر السورة (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ﴿٥٤﴾ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴿٥٥﴾) نسأل الله أن يجعلنا في ذلك المكان الرفيع.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الرحمن[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الرحمن فهي السورة الوحيدة المبدوءة باسم من أسماء الله سبحانه وتعالى وهي من القرائن كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها وبين سورة النجم، مبدوءة باسم الله (الرحمن) وهذا اسم يحبه كل إنسان لأن أسماء الله الحسنى بعضها يولّد الرغبة والرجاء والرحمة لا شك يناسب ذلك وبعضها يولّد الخوف مثل الجبار والقوي فالأثر النفسي يختلف من اسم لاسم، الرحمن فيه الرحمة والسورة مملوءة رحمة لكن العجيب أن أول رحمة ذكرت في السورة هي قوله تعالى (عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿٢﴾). (الرَّحْمَنُ ﴿١﴾) آية مستقلة في رواية حفص ثم قال (عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿٢﴾) عندما تسمع الرحمن تنتظر الرحمات قال (عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿٢﴾) قالوا: فبدأ بأعظم رحمة على الإنسان أن تتعلم القرآن. الإنسان لو مات كافرًا والعياذ بالله خلقه سبحانه وتعالى وسواه ثم رددناه أسفل سافلين، ما حاله؟ أولئك كالأنعام بل هم أضلّ، يُحشرون على وجوههم عمياً وبكمًا وصمّا مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً إذن أنت أيها المخلوق دون هذه النعمة حياتك سبب لشقائك لكن (الرَّحْمَنُ ﴿١﴾ عَلَّمَ الْقُرْآَنَ ﴿٢﴾) فتعليم القرآن من أعظم منن الرحمن على الإنسان بدأ بها فيفرح الإنسان بهذه النعمة يحرص أن يتعلم هذه السورة ويحرص أن يتعلم سور القرآن وكثر في هذه السورة كما هو معلوم للجميع (فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) والآلآء عند الجمهور ويكاد يكون اجماعًا هي النعم يعني بأي نعم الله تكذبان يا معشر الإنس والجان؟ وذُكر في آخر السورة من وصف الجنة شيء كثير وذكر قبلها من وصف النار أيضًا. وهذه السورة تشبه السورة الأخيرة التي سنقرؤها وهي الواقعة تشبهها من جهة تقسيم الناس فأهل الجنة يقسمون (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴿٤٦﴾) ثم قال (وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ﴿٦٢﴾) قسّم أهل الجنة قسمين، درجات وأهل النار ذكرهم قال (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ﴿٤١﴾) ما ذكر صنفين وإن كان الدرجات في الجنة والدركات في النار.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الواقعة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الواقعة قسمت أيضاً أهل الجنة إلى المقربين وأصحاب اليمين وبدأت بذكرهم من بداية السورة وختمت بذكرهم وتخللها في وسطها أدلة على البعث وعلى قدرة الله سبحانه وتعالى وهي من القرآئن كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها وبين سورة القلم يقرؤهما في ركعة عليه الصلاة والسلام. سورة الواقعة بدأت بقوله تعالى (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ﴿١﴾ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴿٢﴾ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴿٣﴾) تخفض أناسًا كانوا في الدنيا رفعاء وترفع أناسًا كانوا في الدنيا منخفضين وهناك من يرتفع في الدارين وهناك من ينخفض في الدارين والعياذ بالله! قال (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ) لكنها إذا خفضت فلا رفع لذلك المخوض بعد ذلك وإذا رفعت فلا خفض لذلك المرفوع بعد ذلك لذلك من أحسن الكلمات التي سمعتها والتي يذكّر الإنسان بها نفسه دائمًا "الغنى والفقر بعد أن يُعرض العبد على الله" في الدنيا يعيش منعمًا ثم كما صح في الحديث يغمس في النار غمسة فيقال له هل ذقت نعيمًا قطّ؟ فيقول لا والله ما ذقتُ نعيمًا قطّ. فالغنى والفقر بعد العرض على الله أما قبلها فكلها ايام. كان أبناء الإمام أحمد يقولون له يا أبانا اطلب من أمير المؤمنين أو من الخليفة أن يعطيك عطية تنفعنا فكان يقول له طعام دون طعام وشراب دون شراب حتى نلقى الله، يعني طعامنا أقل من طعام غيرنا وشربنا قل من شرب غيرنا حتى نلقى الله وبعدها يكون الغنى والفقر. قال (خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ ﴿٣﴾ إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ﴿٤﴾ وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا ﴿٥﴾ فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا ﴿٦﴾ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴿٧﴾) هذا التقسيم الرباني للناس يوم القيامة قال (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴿٨﴾ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴿٩﴾ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴿١٠﴾) وهذه الكلمة توقف عندها العلماء لأن هذه العبارة غريبة عندما تخبر عن أحد تخبر بشيء مغاير له لا تقول زيد زيد، إذا سألتك من الذين نجحوا؟ تقول الناجحون الناجحون، هذا ليس فيه توضيح. قالوا هذا من شدة تفخيمهم مثلما تقول وكلكم يعرف عمر بن الخطاب ثم أشعر أني لو اختصرت سيرته لذهبت بعظمتها فأقول عمر بن الخطاب هو عمر بنا الخطاب أي يكفيه أنه عمر بن الخطاب. قال (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) يعني يكفيك أنهم السابقون قال (أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴿١١﴾ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿١٢﴾ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣﴾ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ﴿١٤﴾) أسأل الله أن يجعلنا منهم. بعض الناس إذا قلت له اللهم اجعلنا من المقربين يقول ليس عندنا أعمال! هل أعمالنا أصلًا تجعلنا من أصحاب اليمين؟! لكنها رحمة رب العالمين نعلّق أنفسنا بها ونؤمل الخير فنجد الخير. أحد الناس في عصر التابيعن قال لا أشرب الماء البارد فسألوه لماذا؟ قال نعمة لا أستطيع أن أشكرها، فقال الحسن: أيستطيع أن يشكر الله على الماء الحار؟! الله أعطانا وقال اشكروني بقدر ما تستطيعون فيبذل الإنسان جهده ولا يمنع نفسه من طلب المعالي وكان عمله قليلًا فإن الرب كريم سبحانه وتعالى. وفي آخر السورة عاد إلى أولها وفي الوسط تكلم عن خلق الإنسان وعن خلق السحاب والمطر ونحو ذلك إلى أن قال سبحانه وتعالى في آخر السورة (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴿٨٨﴾ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ﴿٨٩﴾ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٩٠﴾ فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴿٩١﴾ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ ﴿٩٢﴾ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ ﴿٩٣﴾) النُزُل هي الضيافة أول ما يدخل الإنسان يضيّف (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴿٩٤﴾ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴿٩٥﴾ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴿٩٦﴾) [/FONT]
 
[FONT=&quot]سورة الحديد وجزء سورة المجادلة (الجزء الثامن والعشرون)
[/FONT]

[FONT=&quot]
[/FONT]

‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµطظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 23 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…طظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السور التي معنا اليوم تمثل فعلًا كيف كان يربي الرب سبحانه وتعالى بكلامه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين. كل سورة من هذا السور مرتبطة بقصة، هذه القصة موقف حصل بين الصحابة أو من المشركين أو المنافقين ونحو ذلك فتأتي الآيات تربي بالحدث كما يقول أهل التربية لأنك أحيانًا توجه توجيهًا بعيدًا عن الحدث فيكون تأثيره على المتربي ضعيفًا لكن إذا حصل الموقف، واحد يكلم ولده كثيرًا عن كظم الغيظ عند الغضب قد يكون التأثير قليلًا لكن عندما يحصل موقفًا ويمسك الوالد نفسه عن الغيظ فيكون هذا تربية بالقدوة أو بالحدث يعلّق على الحدث تعليقًا معينًا يربط بين النظرية والتطبيق، هذا واضح في هذه السور وإن تفاوتت في ذلك لأن لبعض آياتها سبب نزول وبعضها لا يتعلق بسبب نزول ولكن يتعلق بظاهرة اجتماعية كما في سورة الطلاق أو يتعلق بحالة نفسية للصحابة فتأتي الآيات تربي. وقد كانت أم أيمن رضي الله عنها عندما زارها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ذهبا يزوران أم أيمن التي ربّت النبي صلى الله عليه وسلم فعندما دخلا عليها وذكرا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكت فقالا لها لماذا تبكين أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت إني لأعلم أن ما عند اللخ خير لرسول الله وإنما أبكي لأن الوحي انقطع من السماء. كان عندهم اتصال مباشر كلما حصل موقف تنزل الآيات فتقوي المؤمنين وتخيف الكافرين وتصفي القلوب وتُشعر بالمراقبة العظيمة من الله سبحانه وتعالى لخلقه. وإن كنا تكلمنا بالأمس عن كل سورة من خلال آية اليوم نتكلم عن كل سورة من خلال قصة واحدة باختصار نذكر شيئًا من القصة ثم نربطها بالسورة عمومًا.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الحديد[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الحديد أول السور التي معنا وهذه السورة من السور التي اختلف فيها هي هي مكية أو هي مدنية والصحيح أنها مدنية ولكن فيها آية مكية وهي قوله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿١٦﴾) فهذه الآية ثبت في صحيح مسلم أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو ممن أسلم مبكرًا قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية إلا أربع سنين. هذا يعني أن هذا في مكة لأن ابن مسعود أسلم في مكة مبكرًأ والنبي صلى الله عليه وسلم ظل في مكة يدعو ثلاث عشرة سنة فاستدل العلماء بهذا على أن الآية مكية. انظر إلى الإحكام العجيب: هذه الآية مكية وكل السورة ما سوى هذه الآية مدنية، هذه الآية ما جاءت في أول السورة وإنما جاءت بعد صفحة ونصف أو صفحتين في وسط السورة تقريبًا فجاءت منسجمة مع ما قبلها ومنسجمة مع ما بعدها وهذا متعذر على البشر أن تؤلف كتابًا ثم تضم أشياء تدخلها في وسط السياق هذا لا يمكن وإنما هذا كلام الله سبحانه وتعالى. هذه الآية عاتبت الصحابة على عدم الخشوع مع أنهم خاشعون لكن حسنات الأرار سيئات المقرّبين كما يقال. (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ) نوع من ترقيق القلوب كأنه حصل معهم طول أمد أو شيء من النقص البشري فجاء التذكير بهذه الآية لكن لو لاحظنا السورة كلها بعد ذلك وهي مدنية تدور حول الحذر من قسوة القلوب والحذر من الفسق وأن الأمم السابقة ابتُليت بهذا وأن على الأمة أن تسير في هذا ومطلع السورة لو قرأته آيات عظيمة في تسبيح الله سبحانه وتعالى والآيات إذا قرأتها تشعر أنك تسمع سورة مكية (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) مع أننا ذكرنا أن السورة مدنية لكن حتى في العهد المدني كانت تأتي المواعظ كل فترة لترقق القلوب بعد قسوتها وتُذكِّرها بعد ما قد يعتريها (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١﴾ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢﴾ هُوَ الْأَوَّلُ) ليس قبله شيء (وَالْآَخِرُ) ليس بعده شيء (وَالظَّاهِرُ) ليس فوقه شيء (وَالْبَاطِنُ) ليس دونه شيء وليس هناك أحد أقرب لنا من الله سبحانه وتعالى (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٣﴾) وتتابع الآيات في موعظة وتذكير إلى أن يقول الله سبحانه وتعالى في أول أمر في السورة (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿٧﴾) لماذا لم تأتي السورة من أولها بـ (آمنوا)؟ لأن هذا الترقيق للقلوب وهذا التذكير بتسبيح الكائنات لله وهذا التذكير بأن الملك كله لله سبحانه وتعالى ويهيئ القلوب لتقبل الأوامر. الأوامر في السورة تقريبًا بعضها جاء مباشرة وبعضها جاء ضمنًا ثلاثة:[/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر بالإيمان[/FONT]
· [FONT=&quot]الأمر بالإنفاق[/FONT]
· [FONT=&quot]والأمر بالقتال[/FONT]
[FONT=&quot]جاء بطرق متعددة وجاء التحذير من قسوة القلوب (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴿١٦﴾) هذا تحذير أن ول الزمن يسبب قسوة القلوب إذا لم يكن هناك تعاهد للقلوب دائمًا. وكلمة (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) تكررت في السورة ثلاث مرات في هذا الموطن ثم مرتين في آخر صفحة من السورة في ذكر الأمم السابقة لتبين أن الفسوق هو الأكثر أو هو كثير في كل الأمم ويحتاج الإنسان إلى مراقبة قلبه دائمًا حتى لا يصل إلى هذه المرحلة ولذلك جاء في وسط السورة أيضًا آية تزهّد في الدنيا وآية ترغّب بالآخرة لأن هذا أكثر ما يقسّي القلب قال (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿٢٠﴾) والتي بعدها مباشرة بعدما زهّد في الدنيا قال سبحانه وتعالى (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿٢١﴾) هذا ملخّص ما في سورة الحديد وكأنها سورة توقظ الإنسان من غفلته وترشده وترجعه إلى الطريق الذي يجعل قلبه رقيقًا بعيدًا عن القسوة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المجادلة[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة المجادلة فأظن أن الكثيرين يعرفون سبب نزول أولها وهو أن امرأة ظاهر منها زوجها وقال لها أنت عليّ كظهر أمي وهذه عبارة كانوا يستخدمونها في تحريم المرأة فجاءت المرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادِلة – سورة المجادِلة وسورة المجادَلة والمشهور على ألسنة الناس المجادَلة هذا صحيح وليس خطأ ولكن الأشهر عن العلماء كما قال الطاهر بن عاشور أنها المجادِلة وكلاهما صحيح فالمجادِلة المقصود بها المرأة التي جادلت والمجادَلة عملية المجادلة التي حصلت فالمعنيان صحيحان والأشهر كما نصّ أهل العلم المجادِلة والأشهر في ألسنة الناس الآن المجادَلة – قالت أم المؤمنين عائشة (ولاحظ التربية بالحدث) الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادِلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت - والنبي صلى الله عليه وسلم بيته صغير عليه الصلاة والسلام كان إذا سجد غمز السيدة عائشة لتبتعد قليلًا ليسجد بيته صغير جدًا فهذه المرأة تكلم النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة في ناحية البيت – ما اسمع ما تقول – معناها أن صوتها منخفض جدًا- فأنزل الله عز وجل قوله (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد جاءت المجادِلة تكلمه وأنا في ناحية البيت لا أسمع ما تقول فأنزل الله عز وجل (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا). هذه التربية بالحدث كيف تنزل هذه الآية على المرأة التي تعرف أن صوتها كان منخفضًا وكيف تسمع هذه الآية أم المؤمنين عائشة وهي تعرف أن الصوت كان غير مسموع لكن السميع سبحانه وتعالى سمعها وأنزل قرآنًا فيها ثم جاءت السورة كلها تٌشعر بإحاطة علم الله بمخلوقاته قد قال الله فيها (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) لا يشترط أن تكون السورة نزلت دفعة واحدة لكن السورة كلها متناسبة مع هذا المعنى وهو أن الله سميع (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٧﴾) وفي آخر السورة حدث أخفى من هذا لأن هذا الحدث النبي صلى الله عليه وسلم سمع المرأة وقد يقول قائل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سمعها لكن ثبت في حديث آخر في مسند الإمام أحمد في حديث حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين –وهذا يتعلق بآية في آخر السورة- قد كاد الظلّ يقلُص عنهم فقال لهم إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعينيّ شيطان فإذا أتاكم فلا تكلّموه، فجاء رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم يقول له علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ - النبي صلى الله عليه وسلم يأتيه الوحي من السماء – فانطلق الرجل فدعاهم فحلفوا بالله واعتذروا إليه فأنزل الله الآية (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿١٨﴾) من الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ الله سبحانه وتعالى. هذه السورة تربي على مراقبة الله سبحانه وتعالى وذُكرت فيها النجوى والنجوى هي أن يتهامس اثنان، يتكلم اثنان بالسرّ وهي متعلقة بقضية الاطّلاع على الخفايا نسأل الله أن يسترنا بستره وأن يعاملنا بعفوه وأن يرزقنا مراقبته.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الحشر[/FONT]
[FONT=&quot]هي السورة الثالثة وقال ابن عباس عندما قيل له سورة الحشر قال: قل سورة بني النضيرـ سماها باسم آخر. بنو النضير من اليهود الذين كانوا يسكنون المدنية، كان يسكنها بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة. بنو النضير حاولوا أن يفعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم عدة أمور إلى أن أراد قتالهم صلى الله عليه وسلم لكنه عندما توجه لقتالهم كان الأمر كما قال الله سبحانه وتعالى في هذه السورة (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿٢﴾) في هذه المعركة لم يقاتل المسلمون بل قذف الله الرعب في قلوب الكفار وهنا التربية بالحدث. هذه السورة عجيبة أنت عندما ترى الأشياء ترى ظاهرها لكن كل ظاهر له باطن، كل شيء يتعلق بعالم الشهادة يتعلق بشيء آخر من عالم الغيب. مثال: أنا الآن أتكلم عالم الشهادة يقول أنا الذي أتكلم بقدرتي لكن الذي يؤمن بالغيب يقول أنت لم تتكلم لأن الله أقدرك على الكلام وكم مرة تتلعثم وكم مرة تتردد ومن مرة تنسى اسم واحد تعرفه منذ سنين؟! فعالم الغيب شيء آخر! عالم الشهادة يقول الكفار هُزموا من المسلمين فجاءت السورة تربي الصحابة على الارتباط بالله سبحانه وتعالى وكلنا يعرف أن آخر السورة سوق لأسماء الله الحسنى كما لم تجتمع في سورة أخرى قال (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴿٢٢﴾ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ) المؤمن يعني أمِن البشر أن يعاقبهم بظلم سبحانه وتعالى هذه أحد معاني المؤمن (الْمُهَيْمِنُ) وهذا قريب من السيطرة، الراقبة، الحفظ والمشاهدة منه سبحانه وتعالى (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿٢٣﴾ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿٢٤﴾) قال بعض العلماء هذه الأسماء مرتبطة بالسورة وكلمة (هو) متكررة في السورة من الآية الثانية (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١﴾ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) أنت رأيتهم يخرجون، المسلمون رأوا الكفار يخرجون لكن من الذي أخرجهم؟ (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ربط بالله سبحانه وتعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴿٢﴾) السورة تكرر لفظة (هو) كثيرًا لتعرّف بالله الذي يحرك الكون ويدبر الأمر سبحانه وتعالى لا شريك له في تحريك ذرة من هذا الكون وإن رايت غير ذلك فذلك لأنك ارتبطت بعالم الشهادة والمؤمن يعرف أن هناك شهادة وهناك غيبًا وأن الله سبحانه وتعالى مدح المؤمنين في أول القرآن قال (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) البقرة) فسورة الحشر تربي من خلال المعركة على أمر آخر وهو أن كل الأحداث تتعلق بالله وأنت تستطيع من خلال تأملك في هذه الأسماء تجد أن بعضها يناسب حال المؤمنين في المعركة وبعضها يناسب حال الكفار في المعركة وبعضها يناسب الفريقين كما نصّ على ذلك الطاهر بن عاشور وفصّل في ذلك تفصيلًا طويلًا في تفسيره. هذه التربية لا يقصد بها أن تكون مثالاً وحيدًا لكن الله سبحانه وتعالى يربي المؤمنين بهذا الحدث حتى إذا حصل أي حدث آخر تربطه بأسماء الله كم من حدث يحصل الآن يذكّرك باللطيف؟ وكم من حدث في حياتك الخاصة يذكّرك بالستير؟ وكم من حدث يذكّرك بالقوي؟ وكم من حدث يذكرك بالقهار؟! كل حدث يذكّر بأسماء الله لكن هذا مثال عملي يربينا الله من خلاله أن نربط ما يحدث بالملك سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الممتحنة[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة أيضًا ارتبط أولها بحدث وهو أن أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وكان من أهل بدر لكن حصل منه شيء من الخوف وكان المسلمون متوجهون إلى مكة يريدون مكة فأرسل رسالة يريد أن يجعل هذه الرسالة وسيلة له أو حسنة له عندهم فنزل قول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) كيف تحب من يكفر بالقرآن؟! (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١﴾) وذكر لنا في هذه السورة قدوة حسنة قال (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ) وهذه السورة أيضًا تربية بالحدث، حدث شيء فكان تنبيه على مسألة الولاء والبراء (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا) بدا يعني ظهر (حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) والسورة تدور حول الولاء والبراء والمفاصلة والوصل والقطع. الوصل والقطع إنما يكون بأمر الله تصل من أمر الله أن تصله وتقطع من أمر الله أن تقطعه تحب من أمر الله بحبه وتبغض من أمر الله ببغضه. وهنا آية في وسط السورة أظن أن كثيرين في عصرنا يفهمونها خطأ فبعد أن ذكر الولاء والبراء قال (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ) أيها المسلمون (وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) ما هي هذه المودة المتوقع أن تحصل بين الكفار والمسلمين؟ المفسرون يقولون هذه المودة (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) بأن يُسلموا في المستقبل فتودّوهم بينما بعض الناس يفهم أنه يمكن أن يحبوكم فيما بعد إذا عاملتوهم بشكل طيب وهذا كلام لا علاقة له بالآية! الآية وعد من الله أنه قد يؤمن بعضهم وهذا حصل بعد ذلك، آمن غالب أهل مكة فيما بعد وأسلموا والآية بعد غزوة بدر وأُحد وسورة الممتحنة نزلت متأخرة. القصد أنه (عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) بأن يؤمنوا وهذا يُشعر أنه لا مودة إلا بحصول الإيمان. والمودة شيء والبر شيء فالبر مطلوب إذا لم يؤذوك ولم يقاتلوك قال الله (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴿٨﴾) فأنت تعاملهم بالحسنى لكن الحب يكون بقدر القرب من الله سبحانه وتعالى، تحب الشخص بقدر قربه من الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الصف[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الصف لها سبب نزول، قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه وهو من اليهود القلة الكرام الذين أسلموا وهو صحابي جليل رضي الله عنه قال: قعدنا - نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - فتذاكرنا وقلنا لو نعلم أيّ الأعمال أحب إلى الله تبارك وتعالى عملناه فأنزل الله الآيات فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم سورة الصف حتى ختمها (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿١﴾ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٢﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿٣﴾ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴿٤﴾) وفي آخر السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿١٠﴾ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿١١﴾) ثم قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ﴿١٤﴾) فهم طلبوا وجاءهم الطلب بأمر شاقٍّ على النفوس وهو الجهاد في سبيل الله. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الجمعة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الجمعة مرتبطة أيضًا بحدث لكن هذا الحدث في آخر السورة، أحيانًا يُذكر الحدث في أول السورة وأحيانًا في آخر السورة، هذه في آخر السورة وهو أن الصحابة كانوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فيهم فجاءت عير قافلة فخرجوا وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه السورة. يقول أبو هريرة كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت سورة الجمعة وهذا يُشعر أنها نزلت دفعة واحدة، نزلت بقوله تعالى (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿١﴾) آيات طويلة قبل ذكر الحادثة، الحادثة هي انفضاضهم عن رسول الله وهي في آخر السورة وهي قوله (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴿١١﴾) هذه آخر آية في السورة لكن بعض العلماء قالوا الآيات من أول السورة تمهّد لعتاب الصحابة، قالوا أول كلمة في السورة (يُسَبِّحُ) وسورة الصف قبلها أول كلمة فيها (سبَّحَ) سورة الحشر قبلها بسورتين (سبَّحَ) وسورة الحديد قبلها (سبَّحَ) وهنا (يُسَبِّحُ) قالوا هذا تمهيد لما حصل. الذي حصل أن النبي صلى الله عليه وسلم يذكّر الصحابة فهم في حالة ذكر لله سبحانه وتعالى خرجوا إلى القافلة إذن توقفوا عن الذكر فنبههم الله أن هناك من لا يتوقف عن التسبيح لأن الفعل المضارع (يُسَبِّحُ) يختلف عن الفعل الماضي (سبَّحَ). (يُسَبِّحُ) في هذا السياق يدلّ على التكرار يعني مرة بعد أخرى كأنه يقول لهم إن توقفتم عن التسبيح فما في السموات وما في الأرض يسبح لله لا يتوقف (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). لماذا توقفوا عن التسبيح؟ طلبًا للرزق، طلبًا للمال، نظرًا إلى التجارة فجاءت آخر آية في السورة (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). (يُسَبِّحُ لِلَّهِ) هذه تتناسب مع توقفهم عن التسبيح و (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) تتناسب مع انشغالهم بالقافلة وما بينها كان تذكيرًا بنعمة الله عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم قال (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٢﴾) فهذه النعمة كان شكرها أن يبقوا في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون للذكر. وجاء في السورة التذكير بحال من جاءهم الخير فتركوه قال (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٥﴾) وجاء في مسند الإمام أحمد حديث ضعيف يقول: الذي يتكلم والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارًا، حديث ضعيف ولكنه يشهد لسياق الآية لأن سياق الآية أن الذي يأتيه العلم فيتركه ويشعر بثقله مثل اليهود هو كمثل الحمار يحمل أسفارًا فهو تحذير للمؤمنين أن يسيروا في طريق اليهود وإنما (إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ). [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المنافقون[/FONT]
[FONT=&quot]هذه أيضًا لها سبب نزول، يقول زيد بن الأرقم وكان صغيرًا في السن: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكا معنا ناس من الأعراب وكنا نبتدر الماء وكان الأعراب يسبقوننا إلى أن قال فغضب عبد الله بن أبيّ فقال (وزيد بن الأرقم يسمع والنبي صلى الله عليه وسلم بعيد) لا تنفقوا على من عند رسول الله حت ينفضوا من حوله ثم قال لأصحابه إذا رجعتم إلى المدينة ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ، قال زيد بن الأرقم فسمعت عبد الله فأخبرت عمي فانطلق فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل لعبد الله بن أبيّ، قال فحلف وجحد واعتذر فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يأتيه الوحي لكنه هنا ما جاءه الوحي وهو لا يعلم الغيب صلى الله عليه وسلم قال: فصدّقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبني فجاء إليّ عمي فقال: ما أردتَ إلى أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذّبك المسلمون؟! فوقع عليّ من الغم ما لم يقع على أحد قطّ فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاني فحرّك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الدنيا فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين. لأن هذه السورة فيها وهذه إحدى الروايات وقد حسنها بعضهم وهناك روايات صحيحة أيضًا ثابتة أخرى النبي صلى الله عليه وسلم قرأها عليهم وبرّأ زيد بن الأرقم من الكذب وأنه صادق وهذا أيضًا تربية بالحدث تزيد من إيمان زيد وتزيد من إيمان عمّه وتزيد من فضح المنافقين نسأل الله السلامة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة التغابن[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة فيها حديث حسّنه بعض أهل العلم وهذه السورة لو قرأتموها تجدونها مشابهة جدًا لسورة الحديد، تجد بينها تشابه في آيات كثيرة واختلافات يسيرة. تلك تعالج قسورة القلوب (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ (16)) وهذه تعالج أمرًا ليس بعيدًأ عن ذلك قال ابن عباس رضي الله عنه والرواية حسنة بجميع طرقها قال: سأله رجل عن قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأبوا أزواجهم وأولادهم أن يَدَعوهم أنا يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين همّوا أن يعاقبوا أهلهم أنهم أخّروهم عن النبي صلى الله عليه وسلم – الناس تقول كل تأخيرة فيها خيرة ولكن ليس في الخير! في الخير في كثير من الأحيان تحتاج إلى المبادرة والسرعة بحسبها- فقال فأنزل الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) قال (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴿١٤﴾ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴿١٥﴾) هذه السورة ترقق القلوب كسورة الحديد لكن سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ) هذه (يُسَبِّحُ لِلَّهِ) وتأتي آيات تشبه سورة الحديد في مراقبة الله، في التذكير بالله متناسبة مع هذا السياق الذي هو التحذير من فتنة الأهل والولد وذكر فيها التغابن. والتغابن هو أن تبيع شيئًا ثمينًا عندك بسعر رخيص أم تشتري شيئًا زهيدًا تنخدع به وتشتريه بسعر غالٍ والله سمى يوم القيامة يوم التغابن. أنا عندي عمري هذا فماذا أشتري به؟ في الحديث: كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها. عمري ونفسي ماذا أبيع بها وماذا أشتري؟ هل الجنة تساوي عمري؟ عمري شيء قليل تكسب به شيئًا كبيرًا. يوم التغابن يكتشف الفاجر أنه أضاع نفسه وضيّع الشيء الكثير من أجل شيء قليل وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل! فسورة الغابن تذكّر بهذا والتغابن مناسب فالإنسان حتى يجلس مع أولاده يضحّي، وحتى يكون مع أهله مسرورًا في الفطور يفوّت صلاة المسجد! هي كلها دقائق، صلِّ ثم اجلس مع أهلك، هكذا يُغبَن الإنسان في أشياء يسيرة وإن كان التغابن متفاوتًا وأما الكافر فهو المغبون الغبن الكامل نسأل الله السلامة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الطلاق[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الطلاق فهذه سورة رحمة من الله بنا وإظهار لعظمة الدين ويسميها بعض العلماء "النساء القُصرى" باعتبار أن النساء الطولى هي سورة النساء على خلاف طويل في هذه التسمية. هذه السورة تتحدث عن الطلاق وهي تربية أيضًا فالطلاق ظاهرة اجتماعية موجودة وورد سبب نزول ضعيف للسورة وإن صححه بعض أهل العلم لكن الراجح أنه ضعيف. السورة تعالج مسألة الطلاق لكن لو بحثت في السورة تجد أن الكلمة البارزة في السورة ليست كلمة الطلاق وإنما كلمة أخرى وهي قوله تعالى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ) ما علاقة تقوى الله بالطلاق؟! قال فيها (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾) وقال (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴿٤﴾) وقال (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴿٥﴾) تكررت كلمة التقوى بهذا الأسلوب وبأساليب أخرى فتتساءل هل هذه سورة الطلاق أو سورة التقوى؟ لكن صمام الأمان للمجتمع وهذه المشاكل لا بد من وجودها لكن الذي يحميها من أن تصل إلى حد لا يُرضي الله هو التقوى يحمي من كل ذلك فذكرت فيها (التقوى). والعجيب أنه ذكرت فيها آية توقف عندها بعض العلماء بعد أن ذكر أحكام الطلاق وذكر التقوى وحذّر من المخالفة قال (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا ﴿٨﴾ فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴿٩﴾) هذه الآية ما علاقتها بالطلاق؟! لكن كيف يعيش مجتمع إذا كثر فيه الطلاق والآن كل سنة تزيد نسبة الطلاق بسبب ضعف مراقبة الله هذا هو السبب الأساسي وعدم مراعاة حكم الله سبحانه وتعالى فتعيش البنت في مشاكل في أسر مفككة وفي أولاد يتشتتون بين الأب والأم والمسالة كلها عتت عن أمر ربها ورسله. وذكر الله تعالى في آخر السورة أنه أنزل إلينا شيئًا عظيمًا قال (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آَمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ﴿١٠﴾ رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) قبل أن تعرف أحكام الطلاق والعشرة أنت في ظلمات وبعد أن تعرفها المفترض أن تنقلك هذه الآيات من الظلمات إلى النور (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا ﴿١١﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة التحريم[/FONT]
[FONT=&quot]آخر سورة معنا هي سورة التحريم وسورة التحريم لها سبب نزول بعض أمهات المؤمنين وقع منهن مع النبي صلى الله عليه وسلم شيء - وأنا أقول شيء اختصارًا ولأن الخلاف في الروايات ما هو الشيء الذي حرّمه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه هل حرّم العسل أو كما رجّح بعضهم أنه حرّم إحدى زوجاته وهي مارية على ما ذكروا يعني حرّم وطء جاريته بسبب زوجاته، خلاف كبير في الروايات وبعضهم يرجّح أنه حرّم الجارية على نفسه من أجل زوجاته فنزلت هذه الآيات. هذه الآيات تتكلم أولًا عن تحريم ما أحلّ الله ثم تحذر أمهات المؤمنين مع مكانتهن أنهن معرّضات أن يبدل الله النبي صلى الله عليه وسلم بخير منهنّ لأن هذه المكانة التي اكتسبنها لا تكون المحافظة عليها إلا بتقوى الله سبحانه وتعالى قال (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ﴿٥﴾) وجاءت أربعة أمثال في آخر السورة متناسبة جدًا مع هذا وخلاصتها أن القرب والبعد من الصالحين لا ينفع شيئًا إلا بصلاحه هو قال (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴿١٠﴾) هذا تحذير لأمهات المؤمنين ولكل مؤمنة بعد ذلك وضرب الله مثلًا على العكس (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ) هذه الآن في بيت أكفر الكفار (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿١١﴾) وهذا يُشعر أمهات المؤمنين أن عليهن أن يزهدن في الدنيا وأن يفكّرن في الآخرة ويكتفين بما يعطيهن النبي صلى الله عليه وسلم ولو القليل والنبي صلى الله عليه وسلم كان زاهدًا في الدنيا رضي الله عن أمهات المؤمنين. امرأة فرعون عند رجل فاجر، امرأة نوح وامرأة لوط عند رجلين صالحين ومريم بنت عمران لوحدها وكأن كل ما حولك لا ينبغي أن يؤثر فيك وإنما أنت تحدد طريقك، مريم بنت عمران صالحة بدون زوج، امرأة فرعون صالحة جدًا بزوج في أشد درجات الفجور وامرأة نوح وامرأة لوط خانتا العبدين الصالحين فلما يغنيا عنهما من الله شيئًا فالعبرة للإنسان بنفسه كأنها تحذّر لا يغني رسول الله عن أحد شيئًا عليه الصلاة والسلام فاعملوا ما يُرضي الله سبحانه وتعالى أسأل الله أن يرزقنا فهم كتابه والعمل به.[/FONT]
 
[FONT=&quot]جزء تبارك – طِوال المفصّل[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 24 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نحن مع جزء تبارك ومع طوال المفصّل لأن المفصل يقسم إلى طوال المفصل واواسط المفصل وقصار المفصل وهذا له فائدة لأنك تقرأ في كتب الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر بطول المفصل في الغالب ويقرأ في المغرب بقصار المفصل. طوال المفصل من سورة ق إلى نهاية سورة المرسلات التي ننتهي منها اليوم وأواسط المفصل من سورة النبأ إلى نهاية سورة الليل وقصار المفصل من سورة الضحى إلى سورة الناس فيميز الإنسان بين الأواسط والطوال والقصار. نمر على هذه السور باعتبار أنها سور متعددة في مجلس واحد فنمر عليها على عجل بإشارات لعلها تفيدنا في تدبر آيات الله وإلا فالسورة الواحدة يمضي الإنسان لو أراد أن يتكلم فيها الأشهر الطوال لما أحاط بها، لا شك في هذا ولا ريب لكن هذه الإشارة تفيد بإذن الله. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الملك[/FONT]
[FONT=&quot]هذه كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها وهي من ورده قبل النوم كان يقرأ قبل النوم كما مرّ معنا عدة سورة الإسراء والزمر والسجدة وهذه السورة أيضًا صحّ الحديث بذلك. قد لا يستطيع الإنسان أن يحافظ على كل هذه السور لكن سورة الملك قصيرة يستطيع الإنسان أن يحافظ عليها والقليل الدائم خير من الكثير المنقطع فإذا لم يستطع الإنسان أن يقرأ هذه السور الأربعة - ولا أزعم أني قرأتها فالإسراء ةالزمر تحتاج إلى اجتهاد نسأل الله أن يرفع همّتنا - لكن سورة الملك قصيرة وقلت من قبل فيها تذكير بالموت مثل سورة السجدة التي تُقرأ معها قبل النوم فيها تذكير بالموت (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (11)) وقال هنا (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴿٢﴾) لكن أعظم موضوع في السورة يظهر من اسمها (لملك) هذه السورة تغيّر والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور كان الناس قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم يعتقدون أنهم يملكون وأن عندهم قدرة خاصة وأنهم يتصرفون بإرادتهم لكن النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا دعاء الاستخارة الذي نقول فيه: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسالك بفضل العظيم فإنك تقدر ولا أقدر (فإنك تقدر ولا أقدر) هذه عقيدة، إذن أنت لا تقدر وأنا لا أقدر لكن الذي يقدر هو الذي بيده الملك، يعطي الناس ملكًا لكنه ملك مؤقت وليس دائمًا، ملك ناقص، أحيانًا الواحد يملك الملايين ويمنعه الطبيب من أكل الطعام، يملكه ولا يملكه، ملكه قاصر ناقص ومؤقت [/FONT]
[FONT=&quot]وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط والكفن[/FONT]
[FONT=&quot]بعدما جمّع هل دخل معه في قبره شيء من رصيده في البنك؟! ما راح منها إلا بالحنوط والكفن فقط ثم يأكله الدود وينتهي الموضوع. فالملك الحقيقي بيد الله وهذا مناسب جدًا للقرآءة قبل النوم لأنك تقول في دعاء النوم: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها، فيتذكر الإنسان أنه مملوك لله سبحانه وتعالى وتذكره هذه السورة بهذه الحقيقة وهذه وهو مستيقظ وهو نائم. لو تأملت في السورة من أولها إلى آخرها تجد هذا المعنى (الملك لله وحده) قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ) ما هي قيمتك أصلًا بدون الحياة؟ لاشيء. أحسن امرأة جميلة جدًا يتسارع الناس إلى خطبتها، تزوجها رجل وماتت عنده ماذا يصنع بها؟ انتهت قيمتها الآن، يدخلها القبر. الموت والحياة بيد الله هو الذي خلقهما سبحانه وتعالى خلق الموت والحياة إذن أنت لا تملك شيئًا. وآخر السورة (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴿٣٠﴾) الله سبحانه وتعالى. فالسورة كلها من أولها إلى آخرها في معظم آياتها تدور حول الملك أو حول ما يتصل بالملك ومنها قوله تعالى في شيء نراه في السماء نرى الطير دائمًا في السماء، من الذي يمسكه أن يقع؟ نحن نقول الجناح، هذا ما نراه، الجناح والذيل وطريقة الخلقة التي خلقه الله تعالى عليها لكن الله سبحانه وتعالى يقول (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) تصفّ أجنحتها وتقبضها (مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ) العقيدة نأخذها من القرآن، واسم الرحمن تكرر في هذه السورة أربع مرات مع أن السورة قصيرة وهناك سور طويلة جدًا ليس فيها اسم الرحمن مرة واحدة وسورة الملك فيها اسم الرحمن أربع مرات كأنها تذكرك أن الذي يملكك رحمن، أنت تخاف لأنه يملكك ولكن ترجو رحمته نسأل الله أن يرحمنا.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القلم[/FONT]
[FONT=&quot]يرى كثير من العلماء أنها من السور التي نزلت مبكرًا جدًا قريب من سورة المزمل والمدثر وفيها مقارنة بين أهل الحق وأهل الباطل من خلال أخلاقهم يقول الله سبحانه وتعالى في أول السورة (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴿١﴾ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ﴿٢﴾ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ﴿٣﴾ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ ﴿٥﴾ بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ﴿٦﴾ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿٧﴾) إذا اختلط عليك الأمر وما عرفت من أهل الحق وأهل الباطل فانظر إلى الأخلاق. النبي صلى الله عليه وسلم على خلق عظيم وفي المقابل (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾) يستهزئ بالناس ويمشي بالنميمة هل هذا يصلح أن يكون قدوة؟! هل يكون من عدل الله أن يكون مصير هذا الجنة ويكون مصير الذي على خلق عظيم غير ذلك؟! لا يمكن. ولذلك الطائفتان تتميزان بالأخلاق قال (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾) كل هذه الصفات عكسها للنبي صلى الله عليه وسلم (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) النبي صلى الله عليه وسلم يعطي الخير والمؤمنون يعطون الخير بقدر تشبههم بالنبي صلى الله عليه وسلم (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴿١٢﴾ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ﴿١٣﴾) لماذا يتصف بهذه الصفات؟ قال (أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ) عنده مال وعنده عيال، هل المال والبنون دليل على رضى الله سبحانه وتعالى ودليل على أن هذا الإنسان له مكان؟ لا، بيّن الله سبحانه وتعالى أن هذا المال يزول وذكر قصة في هذه السورة هي قصة أصحاب الجنة كان عندهم مال وأرادوا أن لا يعطوا الفقراء فقال (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴿١٧﴾) يعني في الصباح يحصدوا الزرع ويأخذوا الثمار (وَلَا يَسْتَثْنُونَ ﴿١٨﴾ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿١٩﴾) هم يعتقدون أنهم يملكونها لكن (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ ﴿١٩﴾ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴿٢٠﴾) كالصريم أي كالليل الشديد الظلمة سوداء (فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ ﴿٢١﴾ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ ﴿٢٢﴾) وهذا تذكير للإنسان أن النعمة التي تعتزّ بها يمكن أن تُسلبها في لحظة وأنت نائم! (فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴿٢٣﴾ أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ ﴿٢٤﴾) هم يتكلمون الآن وكأن الجنة ما زالت موجودة وهي انتهت لكن علمهم قاصر (وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ ﴿٢٥﴾) ذاهبون وهم يعتقدون أنهم قادرون وهذا استهزاء بهم لأنهم هم غير قادرين والجنة انتهت! (فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ ﴿٢٦﴾ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴿٢٧﴾) ثم بيّن الله أنه لا مقارنة بين الطائفتين قال (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ﴿٣٥﴾ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴿٣٦﴾) وذكر ما يحصل للكفار يوم القيامة عندما يُدعون إلى السجود فلا يستطيعون (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ﴿٤٢﴾). [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الحاقة[/FONT]
[FONT=&quot]هذه من السور القرآئن كذلك سورة القلم، القلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها في قيام الليل مع الواقعة وسورة الحاقة يقرؤها مع القمر. سورة الحاقة، الحاقة من أسماء يوم القيامة لها أكثر من معنى في اللغة منها:[/FONT]
[FONT=&quot]الحاقة: متحققة الوقوع لا بد أن تحصل[/FONT]
[FONT=&quot]المعنى الثاني المناسب لمضمون السورة الحاقة التي تُظهر الحقيقة. أنت لا ترى الحقيقة، الذي رأى بعينه رأى أن فرعون عاش ملكًا عظيمًا منعّمًا يعتقد أنه في منزلة عالية ومرتاح، هذا كله ظواهر ووراء الظواهر حقائق يظهرها يوم القيامة لأنه (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴿١٨﴾) نحن كلنا متخفّون الآن وكل إنسان له أشياء يخفيها ويستر عورته والناس تراه سليمًا! (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) الآن لا مجاملات ولا واسطات إلا الحسنات والسيئات (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴿١٩﴾ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴿٢٠﴾) تظهر حقيقته ربما كان في الدنيا مدفوعًا بالأبواب لا يُلتفت إليه وربما كان شخصًا يحترمه الناس لكن حقيقته تظهر هناك والغنى والفقر بعد العرض على الله (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ﴿١٩﴾ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ ﴿٢٠﴾ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴿٢١﴾ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴿٢٢﴾ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴿٢٣﴾ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴿٢٤﴾) تظهر قيمته هناك! (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ) ظهرت حقيقته (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ ﴿٢٥﴾ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴿٢٦﴾ يَا [/FONT][FONT=&quot]‎[/FONT][FONT=&quot]لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ ﴿٢٧﴾ مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ ﴿٢٨﴾ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ﴿٢٩﴾ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ﴿٣٠﴾ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴿٣١﴾ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ ﴿٣٢﴾ إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴿٣٣﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣٤﴾) ومما تظهر فيه الحقائق في السورة وفي يوم القيامة حقيقة مصير المتعاملين مع القرآن قال سبحانه وتعالى بعد أن وصف القرآن أوصاف متعددة قال (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ ﴿٤٨﴾ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ ﴿٤٩﴾ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٥٠﴾) القرآن حسرة على الكافرين ووتظهر هذه الحقيقة يوم الدين فيقول الكافر يا ليتني سمعت هذا القرآن، يا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلًا، يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا. فهذه السورة تكشف الحقائق واقرأها لتكتشف أن هذا الذي يحصل ليس هو نهاية المطاف بل هناك جنة ونار، فريق في الجنة وفريق في السعير نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنّة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المعارج[/FONT]
[FONT=&quot]سورة المعارج تبين شدة استعجال الكفار بالعذاب وأن خُلُق الإنسان وطبعه التأثر الشديد بما يأتيه من نعم ونقم في الدنيا والذي يثبت ولا تؤثر فيه هذه الأمور ويبقى على مبدئه هم الذين اتصفوا بصفات الإيمان. قال الله سبحانه وتعالى (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴿١﴾ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴿٢﴾ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴿٣﴾ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴿٤﴾ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴿٥﴾ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿٦﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿٧﴾) ثم وصف يوم القيامة وصفًا عظيمًا قال فيه (كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ﴿١٥﴾ نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ﴿١٦﴾) الشوى قال بعضهم هي جلدة الرأس فهذه جهنم والعياذ بالله تنزع جلدة الرأس فكيف يعيش الإنسان منزوع جلدة رأسه؟! وما قال نازعة وإنما قال نزّاعة للشوى وهذا يختلف في اللغة، نازعة تعني مرة واحدة ونزّاعة تحتمل عدة مرات ونحن نعرف أن العذاب يتكرر في جهنم والعياذ بالله وتحتمل قوة النزع، شدة النزع والله أعلم بمراده. وبعضهم قال الشوى هي الأطراف اليدين والرجلين يجمعها كما قال الإمام الطبري الشوى كل ما أصاب الإنسان دون أن يقتله، تعذيب دون القتل، قطع الرأس يقتل الإنسان، إصابة القلب يقتل الإنسان لكن تقطيع الأيدي والأرجل عذاب دون الموت وكذلك نزع الشوى والعياذ بالله نسأل الله السلامة. (نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ﴿١٦﴾ تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴿١٧﴾) تدعو الذي كان يدعو العذاب (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴿١﴾ لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ﴿٢﴾) الكفار يطلبون العذاب فجاءهم العذاب يدعوهم هو (تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ﴿١٧﴾ وَجَمَعَ فَأَوْعَى ﴿١٨﴾) تدعوه إليه نسأل الله السلامة. ثم قال (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾) الهلوع من أجمع من جمع الأقوال فيها ودقق الإمام ابن عاشور في تفسيره الهلوع غير المستقر، غير الرزين الإنسان طبيعته إذا جاءته مصيبة يولول وإذا جاءته نعمة يبطر (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ﴿١٩﴾ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ﴿٢٠﴾ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ﴿٢١﴾) يجزع بعد الشر، ويمنع إذا مسه الخير. قال (إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿٢٦﴾ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴿٢٨﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴿٢٩﴾ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴿٣٠﴾ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴿٣١﴾ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴿٣٢﴾ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ﴿٣٣﴾ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾) وذكر من صفات المؤمنين ما يخفف من هاتين الصفتين في الإنسان وإلا طبيعة الإنسان أن يتأثر بما يأتيه من خير وشر لكن هذه الصفات لو تأمل فيها الإنسان وطبّقها يجد أنها تجعله رزينًا مستقرًا متعلقًا بربه لا تؤثر فيه هذه الزوابع لأنه متصل بالله سبحانه وتعالى قال (إِلَّا الْمُصَلِّينَ ﴿٢٢﴾ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿٢٣﴾) أول ما بدأ به الصلاة وآخر ما ختم به فقال (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿٣٤﴾) فالصلاة تعيد التوازن للإنسان فإذا حصلت لك بين الفجر والظهر مشاكل في العمل وظروف وأحوال ترجع وتقول: الحمد لله رب العالمين فيحصل نوع من الاستقرار والعودة فالصلاة معينة وكذلك الصفات الأخرى التي ذُكرت قال (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ﴿٢٤﴾ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴿٢٥﴾ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴿٢٦﴾ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ﴿٢٧﴾ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴿٢٨﴾) لو وقفنا مع كل صفة من هذه الصفات نجد أنها متناسبة مع حماية الإنسان من الهلع والجزع والمنع عند وجود الخير. سورة المعارج كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها في قيام الليل مع سورة النازعات.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة نوح وسورة الجن[/FONT]
[FONT=&quot]سورة نوح وسورة الجن تستطيع أن تقول أنها متعاكسة وهي تذكرنا بما مر معنا في سورة الأحقاف. سورة نوح تذكر حال من لا يستجيب لدعوة الله وسورة الجن تذكر حال من يستجيب لدعوة الله لكن العجيب أن سورة نوح تذكر من لم يستجب مع أن نوحًا عليه الصلاة والسلام ظل يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عامًا والجنّ الذين آمنوا كم ظلّ النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم؟ هي ليلة، جاؤوا فيها يستمعون القرآن واهتدوا دون عناء طويل لكن نوح يقول (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ﴿٥﴾ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ﴿٦﴾ وَإِنِّي كُلَّمَا) لفظة (كلما) تدل على الاستمرار والتكرار (دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) غطّوا بملابسهم (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ﴿٧﴾) ألا تياس منهم؟! لكن نوح عليه السلام ظل فترات طويلة يدعوهم (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ﴿٨﴾ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ﴿٩﴾) مرة سرًا ومرة علنًا بلا فائدة! أما الجن فسمعوا مرة واحدة (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ﴿١﴾ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ﴿٢﴾) والجنّ تعجبوا من القرآن مع أنهم مخلوقات في عالمهم ما نتعجب منه لكنهم تعجبوا من هذا القرآن فعلى الإنسان أن يبحث في القرآن أين هذا العجب الذي جعلهم يؤمنون. قالوا (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) مع أنهم كانوا على الشرك قبل ذلك كما تدل الآيات ودارت الآيات حول التوحيد. إذن ستفيد من سورة نوح والجن أن الهداية بيد الله وأنها قد تأتي لمن لا تقصد أنت أن تهديده وقد يُحرم منها من تسعى لهدايته بكل سبيل والحلّ أن تقول يا رب، اللهم اهدهم، توجّه إلى الله لأن الهداية ليست بيد البشر.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المزمل[/FONT]
[FONT=&quot]كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها مع المدثر في قيام الليل وهما سورتان متكاملتان. بعض العلماء يقولون سورة المزمل لليل وسورة المدثر للنهار. سورة المزمل لعمل الليل، قيام الليل، ذكر الله والعبادة زاد المؤمن وهو كان زاد النبي صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿١﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٢﴾ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿٣﴾) وسورة المدثر سورة النهار عمل النهار الدعوة إلى الله (يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾) فهو يتزود بقيام الليل ويقوم فينذر في النهار صلى الله عليه وسلم وطبعًا الدعوة ليست خاصة بالليل أو بالنهار ولكن هذا من باب التقريب أن أكثر ما ذُكر في سورة المزمل أو بعض ما ذُكر في سورة المزمل مختصّ الليل والإنذار عادة يكون في النهار وهذه السورة أولها نُسخ في آخرها كانوا يقومون قاموا حولًا حتى انتفخت سوقهم وأقدامهم من قيام الليل وكانوا يقومون طويلًا لأنه في آخر السورة عندما نُسخ الحكم قال (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) الليل هذه الأيام قصير وهو حوالي تسع ساعات ثلثيه ست ساعات فكانوا يقومون ثلثي الليل لمدة سنة لا لمدة شهر (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ) استعدادًا للدعوة هذا في بداية الدعوة في بداية الإسلام لأنه قال سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴿١﴾ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٢﴾ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ﴿٣﴾ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا ﴿٤﴾) ثم ذكر العلّة قال (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴿٥﴾) القرآن ثقيل لا بالوزن ولا في النطق وإنما ثقيل بالتكليف الذي فيه. بعض السلف كان أحيانًا يبقى الليل كله يقرأ آية ويبكي لأن القرآن ثقيل وفيه مسؤولية عظيمة وتكليف من الله سبحانه وتعالى. هذا القول الثقيل يحتاج إلى استعداد بقيام الليل وبذكر الله الذي ذُكر في السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المدثر[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة المدثر فأوامر عظيمة لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ولأتباعه ممن يدعوا إلى دينه، الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم لكن على أتباعه أن يقتدوا به قال (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ﴿١﴾ قُمْ فَأَنْذِرْ ﴿٢﴾ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾) عظِّم الله وأنت تدعو الناس حتى لا تخاف من أحد وحتى تبلغ دين الله كاملًا. (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾) بعض العلماء يحملها على الثياب يعني طهارة الثوب وبعض العلماء قال العرب تطلق الثوب على النفس وهذا موجود في كلام العرب (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) طهّر نفسك من كل شرك وحاشاه صلى الله عليه وسلم ولكنه أمر لأمته للتطهر من ما يغضب الله سبحانه وتعالى من الشرك وغيره. (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴿٥﴾ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ﴿٦﴾) مهما فعلت لا تقل فعلت ودعوت كثيرًا (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴿٧﴾ فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ﴿٨﴾) الدعوة تستمر إلى أن يُنفخ في الصور (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ ﴿٨﴾ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ﴿٩﴾ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴿١٠﴾) وذكر مصير الكفار في الآخرة وهددهم تهديدًا شديدًأ وقال في آخر السورة (كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآَخِرَةَ ﴿٥٣﴾ كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ﴿٥٤﴾ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴿٥٥﴾ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴿٥٦﴾) نسأل الله أن ينفعنا بهذه السورة.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القيامة[/FONT]
[FONT=&quot]كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها في قيام الليل مع سورة الإنسان وفيها كلمتان نستطيع أن نجمع السورة فيها الأولى (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ ﴿٣﴾) يعتقد بعدم البعث والكلمة الثانية التي تشبهها في آخر السورة (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴿٣٦﴾) اعتقادان خاطئان تصححهما هذه السورة. [/FONT]
[FONT=&quot]الاعتقاد الأول يعتقد أنه لن يُبعث وأثبت الله البعث وذكر ما يحصل يوم القيامة [/FONT]
[FONT=&quot]والاعتقاد الثاني أنه خُلق سدى والذي يعتقد أنه خلق بدون فائدة لن يعتقد بالبعث والذي يعتقد أنه خُلق لفائدة ويرى أن المسيء قد يبقى مرفوع القامة محمودًا بين الناس يعرف أن هناك بعثًا فهما أمران بينهما نوع من التلازم (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ﴿٣٦﴾ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ﴿٣٧﴾ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴿٣٨﴾ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴿٣٩﴾) هذا الخلق العظيم بعد أن كان شيئًا حقيرًا لا شك أن له صانع، هل يعقل أن يصنعه هذا الصنع البديع ليتركه بعد ذلك سدًى؟! حاشاه سبحانه وتعالى (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ﴿٤٠﴾) بلى هو قادر سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الإنسان[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الإنسان فمما يلفت فيها أنها أكثر سورة أُطيل فيها في ذكر وصف الجنة، أكثر سورة ذكر فيها وصف الجنة واختصر في وصف النار قال (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ﴿٤﴾) ثم قال (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ﴿٥﴾ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ﴿٦﴾) كيف يفجّرونها؟ نحن نعرف أن الأنهار إما أن تتفجر بأمر الله الينبوع أو نحوه أو يحفر الناس البئر ونحو ذلك لكن كيف يفجرونها تفجيرا؟ قال العلماء كما جاء عن مجاهد والسلف: يُجرونها معهم حيث شاؤوا، افترض أنك الآن في الجنة لك ملك واسع ولك نهر واسع على قصر وتريد أن تتمشى في ملكك ولكنك تريد هذا النهر معك فتجريه معك حيث شئت بأمر الله (يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) وهذا التأكيد يؤكد أن هذا أمر حقيقي (يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا) والنعيم المذكور في هذه السورة عجيب جدًا وأنصحكم ونفسي بأن تقرأوا كتب التفسير فيها الكثير من النعيم الذي لم يُذكر في سورة أخرى ومنها قوله تعالى (قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ﴿١٦﴾) أنت الآن تكون في مطعم فتطلب عصيرًا فيصبّ لك فيعجبك فتطلب زيادة وقد تُحرج أو يملأ لك الكأس وأنت تريد رشفة منه لكن (قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا) قال العلماء بقدر ريّ الشارب، على مقاسك، يصبّ لك على قدر ما تشتهي أنت فأيّ نعيم أعظم من هذا النعيم؟! ولذلك قال تعالى بعد هذه الأوصاف (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ) أي هناك (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا ﴿٢٠﴾) ملك كبير هناك أعظم من كل هذه الدنيا نسأل الله أن يبلّغنا تلك الجنة. وفي آخر السورة قال (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ﴿٢٩﴾ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿٣٠﴾ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿٣١﴾) نسأل الله أن يدخلنا في رحمته.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المرسلات[/FONT]
[FONT=&quot]هي آخر سورة معنا وهي سورة مكية وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها في قيام الليل مع سورة النبأ. يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كنا في غار مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت سورة المرسلات فأخذناها من فمه صلى الله عليه وسلم. فبدأ يلقنّهم مباشرة وهذا يدل على حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم الصحابة مباشرة وهذا يدل على شدة القرب بينه وبينهم صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على شدة قرب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم هنيئًا له، هنيئًا لتلك الأذن التي سمعت الآيات تخرج من فم النبي صلى الله عليه وسلم. استدل بعض العلماء بهذا الحديث أن السورة نزلت مبكرًا لأنها نزلت في غار إذن هم متخفّون في أطراف مكة أو في جبال مكة متخفّون من أهل الشرك فبعض العلماء استدل على أنها مبكرة في النزول في أول العهد المكي والله أعلم. وفي صحيح البخاري – وهذه ليست من التفسير لن قد يستلطف الإنسان هذه المعلومة – أن عبد الله بن عباس رضي الله عنه كان يقرأ سورة المرسلات فسمعته أم الفضل رضي الله عنها فقالت له يا بني لقد ذكرتني بآخر سورة سمعتها من فم النبي صلى الله عليه وسلم سورة (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا ﴿١﴾) قرأ بها في صلاة المغرب. وبعض الروايات تدل أنه قرأها في البيت لأنه عنما مرض النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يخرج في كل صلاة ليصلي مع المسلمين فكان يصلي في بيته فسمعته يقرأ سورة المرسلات من أواخر ما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته في صلاة المغرب واستدلوا بها أنه لا يُشترط أن تقرأ بقصار السور في صلاة المغرب وقد قرأ صلى الله عليه وسلم بسورة الأعراف كما صحّ الحديث أيضًا. [/FONT]
[FONT=&quot]سورة المرسلات تتكرر فيها ىية وهي قوله تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) هذه تتكرر في السورة كثيرًا وقبلها وبعدها دائمًا تجد دلائل البعث أو أشياء تتعلق بالبعث كأنه بعد أن يذكّرك يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) هل ستتذكر وتؤمن أم لا؟ أسأل الله أن يجعلنا من الثابتين على الحق والإيمان. بعد أول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) قال (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ ﴿١٧﴾ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿١٨﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٩﴾ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ﴿٢٠﴾ فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ﴿٢١﴾) الرحِم (إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴿٢٢﴾ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ﴿٢٣﴾) هذا الخلق الأول يجعل الإنسان يصدّق ومن لم يصدّق يقول الله سبحانه وتعالى له (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿٢٤﴾ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ﴿٢٥﴾) وعاء تحمل الناس (أَحْيَاءً [/FONT][FONT=&quot]‎[/FONT][FONT=&quot]وَأَمْوَاتًا ﴿٢٦﴾ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا ﴿٢٧﴾) هذه المخلوقات كلها تذكّر بالله وتجعل الإنسان يؤمن بالله ويؤمن أنه قادر على البعث والذي لا يصدّق يقول الله سبحانه وتعالى له (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿٢٨﴾) ثم ينقل الناس نقلة عجيبة إلى يوم القيامة يقول (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴿٢٩﴾ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ ﴿٣٠﴾) ثم يذكر الظلّ الآخر قال (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴿٤١﴾ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴿٤٢﴾) فأهل النار لهم ظلّ نسأل الله السلامة وأهل الجنة لهم ظلّ ولا مقارنة بين الظلّين نسأل الله أن يجعلنا في الظلال والعيون والفواكه مما يشتهون. وقال في آخر السورة (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴿٥٠﴾) الذي لا يؤمن بالقرآن بماذا يؤمن؟! الذي لا يصدّق بهذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه فبماذا يصدّق؟![/FONT]
 
[FONT=&quot]أواسط المفصّل من سورة النبأ إلى نهاية سورة الليل[/FONT]

[FONT=&quot][/FONT][FONT=&quot][/FONT]
‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 25 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]نحن في الدرس قبل الأخير في أواسط المفصل التي تبدأ بسورة النبأ وتنتهي بسورة الليل، أما سورة الضحى فمن قصار المفصل نأخذها مع ما بعدها في الغد بإذن الله إلى سورة الناس. كنت قد ذكرت في كثير من السور السابقة أنها من القرائن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينها في ركعة وسألني أحد الإخوة قال: هل أجد هذه السور مجموعة؟ وهذا فتح لي بابًا من البحث فجزاه الله خيرًا لأنني كنت قد اعتمدت على رواية الإمام أبي داوود في سننه وقد صححها عدد من الباحثين وأهل العلم لكن عند المراجعة وجدت أن المسألة تحتاج إلى بحث أطول لأن هذه السور مختلَف في الروايات فيها فتحتاج إلى جمع ودراسة فما ذكرته سابقًا يحتاج إلى مزيد تحرير في تحديد السور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في صلاة الليل في ركعة واحدة. [/FONT]
[FONT=&quot]نبدأ بسورة النبأ وسور اليوم نأخذها باختصار لأن عندنا عددًا كبيرًا من السور لقصر السور في جزء عمّ والسور القصيرة لا تقل فضلًا عن السور الكبيرة بل أعظم سورة في القرآن هي سورة الفاتحة فالقصر والطول ليس هو الذي يحدد أن هذه السورة أفضل أو أقل وعندنا سورة قل هو الله أحد معروف فضلها فالقصد أن الفضل لا يتعلق بالطول والقصر وإنما الفضل بحسب ما يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم في بعض السور من فضائل. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة النبأ[/FONT]
[FONT=&quot]وهذه السورة سورة النبأ تتحدث في معظم آياتها عن يوم القيامة ولذلك جاء في أول آياتها (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ ﴿١﴾ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ﴿٢﴾ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ ﴿٣﴾) النبأ العظيم هنا اختلف فيه العلماء بعضهم يقول هو القرآن وبعضهم يقول هو يوم البعث ومن أعظم ما يكذّب به الكفار في القرآن هو البعث فعاد الموضوع إلى البعث إلى حد كبير وآيات السورة تتكلم عن البعث وأدلة البعث (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ﴿٦﴾ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴿٧﴾ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ﴿٨﴾) هذه أدلة البعث لأنها دليل على قدرة الله سبحانه وتعالى فالذي جعل الأرض مهادًأ والجبال أوتادًا وخلقنا أزواجًا وجعل الليل لباسًا والنوم سباتاً يقطع حياتنا وجعل النهار معاشًا وبنى السبع الشداد سبحانه وتعالى وأنزل من المعصرات (السحب) ماء ثجاجًا ليخرج به سبحانه وتعالى حبًا ونباتًا هذا قادر أن يعيدنا مرة أخرى ولذلك قال في نهاية هذه الآيات العظيمة التي تحتاج إلى التفكر (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧﴾) وهذه عبادة أساسية في هذا الدين وربما تمر على الإنسان الشهور وهو لا يؤديها وهي "عبادة التفكر في مخلوقات الله" تجد كثيرًا من سور القرآن تتحدث عن هذا الأمر أو تلفت إليه أو تقول (أفلم ينظروا) (أفلا ينظرون) فينبغي على الإنسان أن يكون له نصيب من هذا ونحن في حياة المدن يقل احتكاكنا بالمخلوقات مباشرة نوعًا ما وإلا فالسماء موجودة والأرض مبسوطة والجبال منصوبة لكن يقل تفركنا في زحمة الله لكن عوّضنا الله بكثير من وسائل التقنية الآن فبدل أن يدخل أحدنا الانترنت ليشاهد كلامًا فارغًا يشاهد كثيرًا من الأشياء التي تصور خلق الإنسان وخلق السموات والأرض وكثير من البرامج التي تقوي الإيمان.[/FONT]
[FONT=&quot]بعد ذلك ذكر الله يوم القيامة (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧﴾) إذا ثبت أن الأرض مهاد فإن يوم الفصل له ميقات (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ﴿١٧﴾) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴿١٨﴾ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ﴿١٩﴾) ذكر من أهوال يوم القيامة وذكر مصير الطاغين ومصير المتقين وقال في آخر السورة (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا) هذه من الآيات التي يبنغي أن يتوقف عندها الإنسان الله يقول (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا) أنت عندما تخوّف ولدك الصغير أو من تحت يدك ثم لا يأبه بكلامك كيف يصير غضبك عليه؟! الله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا) فإذا لم يتحرك القلب فحالته صعبة، الجبل لو نزل عليه القرآن لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، الله سبحانه وتعالى يقول (إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴿٤٠﴾).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة النازعات[/FONT]
[FONT=&quot]سورة النازعات بعد سورة النبأ فيها موضوع متكرر في السورة وربما لا يلتفت إليه الإنسان وهو الخشية والخوف، الخشية بالذات جاءت في عدة آيات في السورة. ذكر الله سبحانه وتعالى قصة موسى وذكر فيها قال (هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴿١٥﴾ إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿١٦﴾ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴿١٧﴾ فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ﴿١٨﴾ وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴿١٩﴾) الخشية موجودة في السورة كثيرًا كيف يصل الإنسان إلى الخشية؟ من خلال الآية (وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى) الذي يعرف الرب يخشاه سبحانه وتعالى، ويقول الله لنبيه في آخر السورة (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴿٤٥﴾) الذي لا يخشاها لا ينفع فيه الإنذار، أول الخشية معرفة الله وآخر الخشية معرفة الله وأعظم الخشية معرفة الله والإيمان باليوم الآخر أيضًا من الخشية. وفي وسط السورة عندما قال الله سبحانه وتعالى (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴿٣٤﴾) الطامة هي المصيبة التي تزيد أو تطمّ على غيرها، هناك مصيبة تُنسي الناس كل مصيبة وهي الساعة قال (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴿٣٤﴾ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ﴿٣٥﴾ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ﴿٣٦﴾ فَأَمَّا مَنْ طَغَى ﴿٣٧﴾ وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴿٣٨﴾ فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ﴿٣٩﴾) لاحظ الطرف المقابل وبه نفهم الطرف الأول (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) الخوف والخشية أساس في السورة (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴿٤٠﴾) أيهما يحصل أولًا؟ الخوف أولًا فإذا حصل الخوف من مقام الرب ويذكر بعض العلماء أن هناك احتمالان في الآية (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ) إما المقصود بها أن الله يراه الآن، نحن الآن بين يدي الله سبحانه وتعالى يرانا (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ (33) الرعد) أو يخاف أنه سيقف بين يدي الله وهي وقفة أخرى عظيمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فهذه أو هذه تُخيف الإنسان فينهى نفسه عن الهوى وإذا لم يحصل ذلك فيكون مع الطرف الأولى (فَأَمَّا مَنْ طَغَى) الطغيان تجاوز الحد والذي يتجاوز حدّه هو الذي لا يعرف الله، الذي يعرف الله يستطين ويخضع ويعرف أنه عبد والذي ينسى الله ولو جزئيًا يطغى، متى يظلم الإنسان؟ متى يتكبر؟ عندما ينسى الله سبحانه وتعالى لذلك هذا الذي طغى سيؤثر الحياة الدنيا، الصفات متقابلة الذي يخاف مقام ربه لا يطغى وينهى نفسه عن الهوى والذي ينسى مقام ربه يطغى ويؤثر الحياة الدنيا ويفقد الخشية فيهلك مع الهالكين نسأل الله أن يجعلنا من الناجين.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة عبس[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة عبس فمن المشهور المعروف أن لها سبب نزول لأنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم لما كان مشغولًا بدعوة بعض الكفار وجاءه الأعمى والأعمى صفة نقص ولذلك لو إنسان ذكر إنسانًا فقال هذا أعمى من باب الانتقاص فهي غيبة لكن إن كانت من باب الوصف حتى يميزه عن غيره فهذا لا شيء فيه فإذا كانت من باب بيان عذره فهي كما في الآية قال سبحانه وتعالى (عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿١﴾ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴿٢﴾) هذا الأعمى له اسم لكن ذكر اسمه لا يفيد في هذا السياق لكن ذكر أنه أعمى يبين أنه كان معذورًا في إلحاحه على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم مشغول وهذا الأعمى لا يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم مشغول فعبس النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه فنزلت الآيات وهذه الآيات دليل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى صدقه وعلى ما جاء في سورة التكوير (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24)) لا يبخل بشيء من الوحي صلى الله عليه وسلم بل يذكره كاملًا، لو كان النبي صلى الله عليه وسلم وحاشاه ينقص شيئًا من الوحي لأنقص هذه الآية لأنها تعاتبه لكن حتى العتاب مع النبي صلى الله عليه وسلم عتاب الرب مع من يحب سبحانه وتعالى وصلى الله على نبينا الكريم، ما قال له: عبستَ وتوليتَ قال (عَبَسَ وَتَوَلَّى) وكأنه غير محدد وهذا أسلوب لطيف في العتاب وهذا أسلوب أو هذا كلام الرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي أن يكون كلام العباد مع النبي صلى الله عليه وسلم بالأدب والتلطف وأحسن العبارات معه صلى الله عليه وسلم. هذه السورة بيّنت للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته بعده أن ما عنده والذي يدعو إليه أمر عظيم لا يحتاج أن يبتئس إذا حصل من الكفار إعراض قال (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴿١١﴾ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴿١٢﴾ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴿١٣﴾ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴿١٤﴾) من الخاسر عندما لم يستجب؟ هذا الرجل المسكين الذي لم يمتثل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قال (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ﴿١١﴾ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ﴿١٢﴾ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴿١٣﴾ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴿١٤﴾ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴿١٥﴾ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴿١٦﴾) وينبغي لكل من دعا إلى الإسلام أن يتذكر أن هذا ما يدعو إليه (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ﴿١٣﴾ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ﴿١٤﴾ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴿١٥﴾ كِرَامٍ بَرَرَةٍ ﴿١٦﴾) إذن لا تنزلها ولا تقل يمكن أن لا يقبلوا الدين إذا بيّنته كاملًا، أنت مطالبٌ بالارتفاع لأن الذي عندك رفيع والذي عندك عظيم من أخذه ارتفع معه ومن لم يأخذه هلك مع الهالكين!. [/FONT]
[FONT=&quot]قال (قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴿١٧﴾ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴿١٨﴾) وحثّ هنا في الآيات على التفكّر في المخلوقات (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴿٢٤﴾) كلنا يأكل في الفطور فكّر في هذه الرُطبة كم أخذت حتى وصلت إلى فمي؟! غير الأكل المطبوخ الذي دخلت فيه أشياء متعددة وتيسير من الله حتى وصل أمامك شهيًا طيبًا (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ) قد تمر أيام طويلة والإنسان لا يتفكر مع أن عنده ما يذكّره ما يحتاج أن يذكّره أحد، يحتاج أن ينظر حوله، افتح عينيك وتفكّر في مخلوقات الله (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ﴿٢٤﴾ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ﴿٢٥﴾ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ﴿٢٦﴾ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ﴿٢٧﴾) ثم ذكر شيئًا من أهوال القيامة بدأه بقوله (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ﴿٣٣﴾) وهذه الآية تشبه آية سورة النازعات، في النازعات (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴿٣٤﴾) الطامة الكبرى المصيبة التي تزيد على كل مصيبة وتُنسي كل مصيبة أما الصاخّة فهي الصوت الذي يصخّ الآذان يُصيبها بالصمم أو نحوه، الصوت القوي وهو متناسب مع هذه السورة أكثر، هذا الرجل الكافر هل استمع لصوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعوه إلى الإسلام؟ لا، ستأتيه الصاخة. ثم في وسط السورة (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ﴿٢١﴾) فالناس مقبورون ما الذي يوقظهم؟ الصاخّة توقظهم نسأل الله أن يجعلنا من الآمنين من الفزع. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة التكوير[/FONT]
[FONT=&quot]في سورة التكوير نقف مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين فليقرأ "إذا الشمس كوّرت" هذه رواية صحيحة وهناك رواية زائدة صححها بعض أهل العلم " وإذا السماء انشقت" "وإذا السماء انفطرت" فيها احتمال لكن سورة التكوير "من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة" وسرّه من السرور، رؤية أهوال يوم القيامة أمر يبعث على السرور أم على الحزن؟ على الحزن لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من سرّه) لأن عاقبة هذا الحزن سرور ليس السرور أن تسرّ دقائق أو أيام أو سنين، ثلاثين أو أربعين سنة ثم تكون مع البائسين وإنما السرور كل السرور أن تتعب قليلًا فتجد خيرًا كثيرًا فالذي يريد أن يسرّ يوم القيامة فليستعد الآن بالتفكر في هذه السورة. " من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي العين " وهكذا كان حال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول حنظلة: كنا نجلس في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن الجنة والنار رأي عين. ومن أعظم الكلمات التي نفعتني في حياتي أن أحد مشايخنا كان يقول: من أراد أن يتدبر القرآن فليقرأ القرآن وليتصوره مصوّرًا أمامه. يعني (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿١﴾ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ﴿٢﴾) إذا قرأها الإنسان سريعًا لا يتفكر فيها لكن إذا تأنّى خاصة إذا صلّى الإنسان وحده يقرأ ويتأمل الإنسان كيف ستتناثر الكواكب وكيف ستسير الجبال حتى يقشعر الجلد وحتى تخاف النفس وحتى يتحرك اللسان بالاستغفار والتوبة واللجوء إلى الله سبحانه وتعالى. قال (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿١﴾ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ﴿٢﴾) في آيات تصور لنا يوم القيامة كأنه رأي عين فإن مررنا عليها سريعًا أو اهتممنا بترتيبها للحفظ فإن هذا يكون أثره ضعيفًا مقارنة بمن يحاول أن يتصورها كما حثّ النبي صلى الله عليه وسلم. وفي وسط السورة آية عظيمة تعكس كثيرًا من التوقعات بعدما تحصل كل الأحداث التي ذكرها (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ﴿١﴾) إلى قوله (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴿١٣﴾) وهي ست آيات كما يقول أبيّ بن كعب: ستٌّ في الدنيا وستٌّ يوم القيامة قال (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴿١٢﴾ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴿١٣﴾ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ﴿١٤﴾) أنا وأنت في الدنيا لا نعرف ثمرة ما نعمل هل هو مقبول؟ هل هو مردود؟ هل يُقبل أكثره؟ نصفه؟ ثلثه؟ عُشره؟ متى نعرف النفس ما أحضرت؟ هناك (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ) هي التي أحضرت لكن لا تعرف حقيقته إلا هناك، فالإنسان في الدنيا لا يطمئن ولا يغترّ على أحد، من الذي سيكون مقبولًا ومن الذي سيكون مردودًا؟ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ) هذا جواب الشرط.[/FONT]
[FONT=&quot]وفي آخر السورة أثنى الله على القرآن ومدحه مدحًا عظيمًا ثم جاءت آية فيها عتاب بعد أن وصف القرآن بأوصاف متعددة ومدحه من جهة أن الذي أنزله جبريل وأنه أنزله على النبي صلى الله عليه وسلم فقال (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾) بعد أن قال (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿١٩﴾) هذا جبريل (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ) ذي قوة عند الله سبحانه وتعالى (مَكِينٍ) صاحب مكانة (مُطَاعٍ ثَمَّ) هناك في السماء (أَمِينٍ) على الوحي (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ﴿٢٢﴾) صلى الله عليه وسلم (وَلَقَدْ رَآَهُ) رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل (بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴿٢٣﴾ وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ﴿٢٤﴾) ليس النبي صلى الله عليه وسلم بخيلًا حاشاه صلى الله عليه وسلم بالوحي بل ينقله كاملًا. قال (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ﴿٢٦﴾) إذا كان عندكم هذا القرآن فأين تذهبون تبحثون عن شيء آخر تنتفعون به أو تهتدون به؟! (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴿٢٧﴾ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴿٢٨﴾) وهذا يعطيك أنك تحرص على القرآن به الاستقامة ثم يقطع لك الأمل في كل أحد قال (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٩﴾) اعتمد على الله وحده حتى تستقيم بالقرآن.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الانفطار[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الانفطار تشبه سورة التكوير فيها من أهوال القيامة لكنها تميزت بذكر المراقبة في الدنيا قال (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴿١٠﴾ كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴿١١﴾ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴿١٢﴾) وكما قطعت تلك الآية في آخر سورة التكوير الأمل في غير الله في الاهتداء بالقرآن قطعت هذه السورة الأمل في غير الله يوم القيامة قال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴿١٧﴾ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ﴿١٨﴾ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا) هذه تقطعك أملك في كل شيء وعندما يقول (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴿١٩﴾) إذن هناك أمل لكن في الواحد الأحد سبحانه وتعالى كلما كان الإنسان أكثر توحيدًا وأكثر إخلاصًا جاء ربه بقلب سليم فنفعه ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المطففين[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة المطففين فمطلعها عجيب أشد العجب! إن الإنسان إذا كان في مجتمع فيه ظاهرة من الظواهر سيئة مثل الغشّ في التجارة أو الكذب أو الغيبة كم يحتاج حتى يوعي هذا المجتمع ليترك هذا الأمر؟! التغيير صعب، يحتاج إلى أنظمة وقوانين وعقوبات! نزلت في هذه السورة ست آيات يقول ابن عباس رضي الله عنه فيما ثبت عنه: كان أهل المدينة – قبل سكنى النبي صلى الله عليه وسلم فيها لأن هذه السورة آخر سورة نزلت في مكة على المرجّح وبعضهم يقول أول سورة نزلت في المدينة- يقول ابن عباس: كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلًا فنزلت (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ﴿٣﴾ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦﴾) ست آيات! - وبعد نزولها لم يرسل النبي صلى الله عليه وسلم الحرس ليتأكد أن الناس سيطبقون! – قال ابن عباس: فأحسنوا الكيل بعد. أحسنوا الكيل بعد هذه الآيات، ست آيات كفتهم في إحسان الكيل بعد أن كانوا أخبث الناس كيلًا وهذا يدل على شدة تأثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن والله أعطاهم العلاج في الآية قال (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾) الذي يتذكر اليوم العظيم يوفي الكيل، فإذا تذكر أنه في ذلك اليوم العظيم أنه يومٌ يقوم الناس لرب العالمين فيه هذا أشد، فالوقوف بين يدي الله عز وجل يمنع الإنسان عن كثير من الحرام وقد منعهم الله رضوان الله عليهم وحشرنا في زمرتهم.[/FONT]
[FONT=&quot]ثم مضت السورة في ذكر أهل النار وأهل الفجور وأهل الطاعة وأهل البر لكن اللافت أن أجرًا ذُكر في السورة وعقوبة متضادة قال الله سبحانه وتعالى في السورة (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴿١٥﴾) ثم قال (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴿٢٢﴾ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ ﴿٢٣﴾) أخذ الإمام الشافعي أو غيره أن (ينظرون) هنا يعني ينظرون إلى الله سبحانه وتعالى، من أين أخذها؟ قال (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ) ما حددت المنظور إليه لكن لما ذكرت في مقابل (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) إذن هؤلاء ينظرون إلى رب العالمين، لماذا ينظرون إلى رب العالمين؟ الجزاء من جنس العمل، في أول السورة قال (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ ﴿٤﴾ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿٥﴾ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٦﴾) فالذي يستحضر مراقبة الله في الدنيا يُرجى له – وأسأل الله أن يجعلنا منهم – يُرجى له أن ينظر إلى وجه الكريم يوم القيامة والذي ينسى رب العالمين في الدنيا يقال عنه ما قيل (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) نسأل الله أن لا يحجبنا عنه.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الانشقاق[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الانشقاق فهي أيضًا تشبه سورة التكوير وسورة الانفطار وفيها وصف ليوم القيامة لكنها بيّنت أيضًا يختلف عن السورتين السابقتين لأن الموضوع الواحد قد يتكرر لكن بأساليب مختلفة حيث ذكرت أن هناك من يأخذ كتابه بيمنه وهناك من يأخذ كتابه وراء ظهره قال (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴿٧﴾ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴿٨﴾ وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴿٩﴾ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ﴿١٠﴾ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ﴿١١﴾ وَيَصْلَى سَعِيرًا ﴿١٢﴾ إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴿١٣﴾ إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ﴿١٤﴾ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ﴿١٥﴾) وتذكّر السورة الإنسان أنه سيلقى الله سبحانه وتعالى وسيلقى عمله قال (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴿٦﴾) فأنت الآن في دار العمل وقد ذكر الله في أول السورة الكائنات التي تطيع ولا تعصي قال (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴿١﴾ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا) خضعت لربها واستمعت إليه (وَحُقَّتْ ﴿٢﴾) حُقّ لها أن تطيع (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ﴿٣﴾ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴿٤﴾ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴿٥﴾) إذن من الذي يعصي أو يطيع؟ إنه الإنسان (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) فهنيئًا لمن عمل صالحًا فوجد الأجر العظيم عند الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة البروج[/FONT]
[FONT=&quot]سورة البروج هي سورة تثبّت المؤمنين إذا ابتُلوا في هذه الدنيا فإنها تشير كما رأى بعض أهل العلم إلى قصة غلام الأخدود وهي قصة مشهورة وفي صحيح مسلم أن غلامًا آمن بالله في قصة طويلة وكان الله قد أظهر على يديه كثيرًا من الكرامات فأتى به الملك وقال له كيف تعبد غيري؟ وكان ذلك الملك يدعوهم لعبادته من دون الله وحاول الملك قتله عدة مرات ففشل فقال له الغلام أنا أعطيك الطريقة التي تقتلني بها تجمع الناس وتقول بسم الله رب الغلام وتأخذ سهمًا من كنانتك وترميه فأموت فمات الولد وحيّت البلد بالتوحيد وألقوا بعد ذلك في النار – وهنا ننبه على أمر يقول بعض الناس الفتنة أشد من القتل والفتنة لا نريدها، الفتنة هي الشرك والكفر بالله وعندما آمنت البلد أمر الملك بالأخاديد وأُلقي الناس بالأخاديد فماتوا فهل كان موتهم خيرًا أم شرًا؟ كان خيرًا. وعندما تأخرت امرأة كانت تريد أن تلقي نفسها فخافت على رضيعها فأنطقه الله الذي أنطق كل شيء فقال لها: أمّ اثبتي فإنك على الحق. فهنا القتل الذي حصل خير لأنه في مقابل الثبات على العقيدة فإذا تعارضت العقيدة والثبات عليها مع القتل فالقتل خير وإن كان غير ذلك فذلك أمر آخر. سورة البروج تنبّه أن العاقبة للمتقين وأن المعذبين للمؤمنين سيلقون جزاءهم قال (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ﴿١﴾ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ﴿٢﴾ وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ﴿٣﴾) كل واحدة من هذه الآيات دليل على أن الله سينصر أولياءه، فالذي خلق هذا السماء ألا يستطيع سبحانه أن ينصر المؤمنين؟ واليوم الموعود يوم القيامة لأنه قد يترك الناس يموتون في هذه الدنيا ابتلاء وتمحيصًا واختيارًا واجتباء للشهداء الذين يرتفعون عنده منازل ويتمنون لو يعودون إلى الدنيا كي يموتوا مرة أخرى بينما يبكي أهلهم ويظنون أن هذه خسارة وهلاك لكنه عند الله رفعة ومنزلة. قال (قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴿٤﴾) وذكر حال الكفار لكن العجيب أن رحمة الله سبحانه وتعالى تظهر حتى في وعيد الكفار (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) عذبوهم في النار أو غيرها (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) هذا الشرط من رحمة الله (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴿١٠﴾ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) هذا يصبّرهم على بلاء الدنيا قال (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) ثم ذكر قدرة الله المذكّرة للمؤمنين إذا ضعفوا مع كثرة البلاء (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴿١٢﴾ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ ﴿١٣﴾ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴿١٤﴾ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴿١٥﴾ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴿١٦﴾) فما يحصل في أي مكان من بلاء للمسلمين فهو من إرادة الله سبحانه وتعالى وله فيه الحكمة البالغة والعاقبة للمتقين ولا بُدّ. ومثّل الله بقصتين (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ ﴿١٧﴾ فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ ﴿١٨﴾) يمكن للإنسان أن يقرأ قصة فرعون وقصة ثمود ليرى إرادة الله وكيف أنه سبحانه وتعالى فعّال لما يريد خاصة إذا قرأ قصة ثمود في سورة النمل تجدون فيها شيئًا ظاهرًا في هذا أما قصة فرعون فمشهورة وكيف تربّى موسى في بيت فرعون والله فعّال لما يريد. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الطارق[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الطارق فهذه السورة تبين للإنسان أن الدنيا ليست لعبًا وليست كما يقولون "شباب في رحلة!" أمور الدين جدّ. قال الله تعالى (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ﴿١﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ﴿٢﴾ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴿٣﴾ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴿٤﴾) فليست الأمور مفلوتة بل (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ). (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ﴿٥﴾) يتفكر في خلقه ليعرفأنه لم يخلق سدى وأن البعث لا بد قائم ثم قال في آخر السورة (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴿١٣﴾ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ﴿١٤﴾ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ﴿١٥﴾ وَأَكِيدُ كَيْدًا ﴿١٦﴾ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا ﴿١٧﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الأعلى[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الأعلى فهي سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بمزيد اهتمام فكان يقرؤها في الركعتين قبل الوتر التي نسميها الشفع وكان يقرؤها صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة وكان يقرؤها صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد وهذا يُشعر في أهميتها ومن أهميتها هذا الاسم العظيم المذكور في أولها (الأعلى) قال بعضها العلماء: من أعظم ما يقوّي سير العبد إلى الله سبحانه وتعالى تصحيح عقيدته ومن أعظم تصحيح العقيدة أن يعرف أن الرب هو الأعلى له علو الذات فهو مستوٍ على عشره وله علو الصفات فكل صفاته أعلى من كل صفة لغيره. هو العليم، عندك إنسان عليم لكن العلو التام في العلم لله سبحانه وتعالى وله العلو في أفعاله فلا يستطيع أحد أن يعلوه عليه يعلو ولا يُعلا عليه. فالتذكير بهذا الاسم في يوم العيد يوم يكون الإنسان فرحًا ولابس أجمل ملابسه ومتعطرًا قد يشعر بالعلو فيتذكر الرب الأعلى ويوم الجمعة أيضًا وفي صلاة الليل يتذكر أن هذه الصلاة التي صلّاها وإن طالت إلا أن هدفه الرب الأعلى ليس فلان أو علّان وحتى لو صلى وحده يتذكر الهدف، تذكر الهدف يعين على الوصول إليه، هدفه إرضاء الله سبحانه وتعالى كما قال في سورة الليل (وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)) فالتذكر أن الرب أعلى يقوي الإخلاص ويذكر بعظمة الرب سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الغاشية[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الغاشية فتذكر بيوم القيامة وهي سورة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرنها مع سورة الأعلى في صلاة الجمعة وفي صلاة العيد وهي تذكّر بأهوال يوم القيامة قال (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴿١﴾ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴿٢﴾ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴿٣﴾ تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ﴿٤﴾) كل آية من هذه الآيات وما قابلها (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ﴿٨﴾ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴿٩﴾ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴿١٠﴾) تُشعر بعظمة ذلك اليوم وتحثّ على الاستعداد له لكنها أمور غيبية فالإيمان بها يكون فيه شيء من الضعف فدلّنا من مخلوقاته الظاهرة أمامنا على ما يقوي إيماننا بقدرته قال (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴿١٧﴾) ومن أعب ما سمعت أن الشيخ عبد الله بن حميد رحمة الله عليه أبو الشيخ صالح بن حميد كان رجلًا ضريرًا فقد بصره وهو طفل صغير عمره سنتين أو ثلاثة بمرض الجدري نقل أحد المشايخ عنه أنه كان يلقي درسًا ويفسر الآيات فوصل إلى قوله (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴿١٧﴾) فأمر الطلاب أن يأخذوه إلى الصحراء حتى رأوا الإبل فبدأ يمسح عليها ويبكي ويقول (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) مع أنه فاقد لحاسة البصر التي ينظر بها ومع ذلك سعى بما يستطيع في التدبر في هذه المخلوقات ولو قرأت في كلام علماء الحيوان ونحوهم عن الإبل لتعجبت كيف اختار الله هذه الدابة ليذكرها في هذه الآية مع أنها ألصق شيء بحياة العرب في ذلك الوقت فمن المناسب أن يلفت النظر إليها (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ﴿١٧﴾ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ ﴿١٨﴾ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ﴿١٩﴾ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ﴿٢٠﴾) فمن تفكر في هذه المخلوقات تذكر قدرة الله سبحانه وتعالى وأنه قادر على أن يعيدها مرة أخرى سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الفجر[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الفجر نقف فيها مع قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴿١٤﴾) وهذه آية عظيمة، الإنسان مراقب في هذه الدنيا وقد ذكر قبلها أحوال الأمم السابقة باختصار فرعون وثمود وعاد ولكن بعدها ذكر موقفًا يحصل لكل واحد منا ربما يوميًا وغالبًا ننسى هذه الآية، الإنسان إما أن يأتيه خير أو يأتيه شر في كل يوم يقول الله سبحانه وتعالى (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴿١٥﴾) هذا تصرفه خاطئ لأنه بعد آيتين قال (كَلَّا) وهي كلمة ردع وزجر (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) هذا خطأ والحقيقة أن هذا الذي جاءه ابتلاء، قد يكون إكرامًا وقد يكون إهانة بحسب تفاعله مع هذا الابتلاء يدل عليه ما بعده (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴿١٦﴾) فقدر يعني ضيّق، قال الله (كَلَّا) ليس الإكرام أن تأتيك النعمة وليست الإهانة أن يضيق عليك في الرزق، إذن ما الإهانة؟ قال (كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴿١٧﴾ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿١٨﴾ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ﴿١٩﴾ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴿٢٠﴾) هذه الصفات من الإنسان، جاءك الخير من الله، جاءك شر من الله، هذا من الله فهو ليس خيرًا وشرًا بذاته إنما هو ابتلاء لكن ردة الفعل من الإنسان هي التي تحدد هل هو مُكرم أو مُهان، إنسان جاءه خير فشكر الله هذا مُكرم، إنسان جاءه خير فبخل واستغنى هذا مُهان، إنسان جاءه شرّ فقد ابنه مثلًا فتسخّط على قدر الله هذا مُهان، واحد جاءه شر فحمد الله سبحانه وتعالى هذا مُكرم. كم فقد النبي صلى الله عليه وسلم في حياته؟! فقد أباه، فقد أمه، فقد جده، فقد عمه، فقد عددًا من أزواجه، فقد عددًا من أبنائه، فقد عددًا من بناته ما بقي بعده إلا فاطمة رضي الله عنها فهذا إكرام لأنه صبر صلى الله عليه وسلم عندما فقد ابنه إبراهيم قال: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا فكان ذلك كرامة له وهو كرامة لكل من ابتلي فصبر والعكس بالعكس. ولذلك وقف المفسرون عند هذه الآية (كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) فقالوا ليست الإهانة ولا الإكرام فيما يأتيك من الله إنما الإهانة والإكرام فيما يصدر منك تجاه النعم التي تأتيك أو النقم التي تأتيك أو غير ذلك من طاعة أو معصية. وفي آخر السورة بيّن الله أيضًا أنه سيكون بالمرصاد يوم القيامة قال (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴿٢١﴾ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴿٢٢﴾ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴿٢٣﴾) بعض الناس إذا سمع (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) يعتقد أن هذه الآية أعظم من سابقتها (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أعظم وإن كان جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه في صحيح مسلم – في إسناده كلام – لكن في صحيح مسلم (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك، - الأصح أن الحديث ثابت عن ابن مسعود رضي الله عنه لكنه ليس مرفوعاً – جهنم لها سبعون ألف زمام كل زمام سبعين ألف ملك يعني 4900000000 أربعمائة وتسعين مليونًا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أُذن لي أن أحدّثكم عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه وعاتقه مسيرة خمسمائة سنة فما هذا الحجم؟! (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) ولكن مجيء الرب أعظم (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا). (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ﴿٢٢﴾ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ﴿٢٣﴾ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴿٢٤﴾) هذه الحياة الحقيقية (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ﴿٢٥﴾) لا أحد يعذِّب كعذاب الله نسأل الله اللطف (وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ ﴿٢٦﴾) لا يوثق الموثق أحد مثل الله سبحانه وتعالى ثم قال (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾) ولاحظ مناسبة هذه الآية مع قوله (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴿١٥﴾) المؤمن إذا ابتلاه ربه قال الحمد لله وإذا ابتلاه بالخير حمد الله وأنفق في سبيل الله وإذا ابتلاه بالشر حمد الله وصبر فكانت نفسه مطمئنة قال (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿٢٧﴾ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿٢٨﴾ فَادْخُلِي فِي عِبَادِي ﴿٢٩﴾ وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴿٣٠﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة البلد[/FONT]
[FONT=&quot]هذه السورة تذكّر بقدرة الله سبحانه وتعالى على العبد جاء فيها قوله تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿٤﴾) حياتك كلها تعب، الإنسان يستيقظ بقوته ويشتغل عشرون ساعة ثم يُنهَك ويصل إلى فراشه ويضطع وينام ألا يذكّره هذا الككبد وهذا التعب أن هناك قادرًا عليه؟! (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴿٥﴾) من أنت؟! مهما بلغت قوتك فلا بد أن تخور قوتك في النهاية لا بد أن تضعف وهذا دليل أن هناك قادرًا والله سبحانه وتعالى ذكر دليلًا في أول السورة قال (لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴿١﴾) البلد هي مكة، ليس في مكة لا خضرة ولا أنهار جارية ولا ينابيع ولا بساتين فمن الذي جلب القلوب من أنحاء الأرض ينفق الإنسان ويجمع بعضهم عشرين سنة وثلاثين سنة حتى يأتي إلى مكة، من الذي جاء بهم؟! الله قال (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا (27) الحج) دعوة إبراهيم سبب لكن الحقيقة أن الذي أتى بالقلوب وجعل حتى الذي لا يأتي يريد أن يصل للمكان الذي ليس فيه خضرة ولا أنهار ولا أشجار لكنه بواد غير ذي زرع، هذه قدرة الله. ثم تظهر قدرة الله سبحانه وتعالى مرة أخرى عندما يدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحًا بعد أن خرج منها مهاجرًا قال (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴿٢﴾) هذه مظاهر للقدرة (وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ ﴿٣﴾) مظهر ثالث للقدرة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴿٤﴾ أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ ﴿٥﴾) فبيّن الله سبحانه وتعالى أن الإنسان مقدور عليه مهما ذهب أو جاء. وفي نهاية السورة قال (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴿١٧﴾ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ﴿١٨﴾ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ ﴿١٩﴾ عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ ﴿٢٠﴾) الكافر يعتقد أنه لن يقدر عليه أحد وبالتالي يبخل عن الخلق وينفلت في هذه الدنيا فيكون يوم القيامة في نار مؤصدة (عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ) أي مقفولة مغلقة فهم مغلق عليهم أما المؤمن فلأنه يؤمن بالله فهو يتواصى بالصبر ويتواصى بالمرحمة فلا يكون في النار المؤصدة. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الشمس[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الشمس يقسم الله سبحانه وتعالى فيها أقسامًا متوالية لم تتوالى في سورة أخرى قال (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴿١﴾ وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا ﴿٢﴾ وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ﴿٣﴾ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ﴿٤﴾ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا ﴿٥﴾ وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا ﴿٦﴾ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ﴿٧﴾ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴿٨﴾) هذه المخلوقات العظيمة التي يقسم الله بها جواب القسم على أحد الأقوال في تحديد جواب القسم (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴿٩﴾ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴿١٠﴾) هذه الخلاصة: من زكّى نفسه فقد أفلح (وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) دسّاها كلمة تستخدم عندنا في العامية لكن بلفظة أخرى نقول دسّ الشيء أي خبّأه هي أصلها دسسها لكنت قلبت السين تخفيفًا في اللغة، دسّاها يعني دسسها خبأها عن أنوار الله، خبّأها عن عظمة الله فما رأت ما يزكيها ويطهرها ويجعلها تنطلق إلى الله سبحانه وتعالى. وذكر في آخر السورة مثالًا لقوم ثمود الذين عصوا الله (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴿١٤﴾ وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ﴿١٥﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الليل[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الليل سورة تنبّه أن الناس في الدنيا طرائق شتى لكن يجمعها طريقان قال (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴿٤﴾) كل واحد يذهب في جهة لكن الخلاصة طريقان (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴿٥﴾ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴿٦﴾) ثلاثة أعمال: يعطي ويخاف من الله ويصدق بالحسنى لأن التصديق بالحسنى والتصديق بلا إله إلا الله والتصديق بالجنة يدفع الإنسان للعمل الصالح ولن يكون مبولًا حتى يكون خالصًا لله يقصد به تلك الحسنى قال (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴿٧﴾) وهذه واضحة ونلاحظ كلمة يسرى وتيسير لكن قال (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾) يقول الملك جلّ في علاه (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿١٠﴾) هل تصدق أن إنسانًأ ميسرًا للعسرى؟! صعبة جدًا! هناك من يمشي على الأرض وييسره الله للعسرى حالته مصيبة! ميسر للعسرى يعني سيهلك ويدخل جهنم والعياذ بالله ولذلك قال بعدها (وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴿١١﴾) لن يغني عنه ماله إذا تردى وهلك مع الهالكين والعياذ بالله فهو ميسر للعسرى بأعمال هو فعلها قال (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾) هنا عكس الصفات، الذي يستغني عن الله يبخل والذي يعرف الله ويتقيه يعطي (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾) الذي يكذب بالحسنى يستغني عن الله مع أنه قال سبحانه وتعالى (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿١٠﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴿١١﴾ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴿١٢﴾ وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى ﴿١٣﴾ فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى ﴿١٤﴾ لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿١٥﴾ الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿١٦﴾ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ﴿١٧﴾ الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴿١٨﴾ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ﴿١٩﴾ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴿٢٠﴾) يتذكر الرب الأعلى فيعمل بطاعته ابتغاء وجهه قال (وَلَسَوْفَ يَرْضَى ﴿٢١﴾) وهذه الآية ذكر كثير من المفسرين أنها في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه وبعضهم ذكر الإجماع على هذا أنها في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو وعد عظيم. [/FONT]
 
[FONT=&quot]قصار المفصّل من سورة الضحى إلى سورة الناس[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

‫ط§ظ„طھط¹ط±ظٹظپ ط¨ط³ظˆط± ط§ظ„ظ…طµط­ظپ ط§ظ„ط´ط±ظٹظپ 26 ط§ظ„ط´ظٹط®/ ظ…ط­ظ…ط¯ ظ†طµظٹظپ‬â€ژ - YouTube[FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]مع الدرس الأخير في الحديث عن سورة القرآن ونحن مع قصار المفصل من سورة الضحى إلى سورة الناس نسأل الله أن يختم لنا بخير. هذه السور لها أهمية كبيرة لأسباب: منها أن أكثر المسلمين يحفظون هذه السورة ومن المهم أن يفهم الشيء الذي يحفظه وأيضًا كثيرًا ما يسمع الإنسان هذه السور في الصلوات خاصة في صلاة المغرب وأيضًا قد تكون هي التي يقرأها الإنسان في السنن الرواتب وهذه السور فيها معانٍ عظيمة كبيرة وأوصي نفسي وإياكم بتعلمها ونحن لا نستطيع أن نفسرها اليوم وإنما نقف مع كل سورة وقفة وينبغي أن يتعلمها الأطفال معظم الأطفال يحفظون هذه السور من الضحى إلى الناس فمن المهم أن يلقّن معانيها ففيها من المعاني الشيء الكثير. وسنمر عليها سريعًأ نقف مع كل سورة وقفة يسيرة وعدد لا بأس به من هذه السور مختلف فيه اختلافًا كبيرًا هل نزل قبل الهجرة أو بعد الهجرة ولن نتعرض لهذا لضيق الوقت ونكتفي بالمرور سريعًا على بعض ما في هذه السور.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الضحى[/FONT]
[FONT=&quot]أولها سورة الضحى وسورة الضحى سبب نزولها مشهور معروف عندما انقطع الوحي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نطيل بذكره لكن نريد أن نقف مع مبدأ في الحياة أشير إليه في هذه السورة يقول الله سبحانه وتعالى مخاطبًا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى ﴿٦﴾ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴿٧﴾ وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴿٨﴾) النبي صلى الله عليه وسلم من المعلوم أنه وُلِد يتيمًا ثم فقد أمه ثم فقد جدّه لكن الذي آواه هو الله سبحانه وتعالى (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) لا يعرف أحكام الشريعة فهداه الله (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) لم يكن ذا مال فأغناه الله بما أغناه به. ثم قال (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴿٩﴾ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴿١٠﴾ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴿١١﴾) هنا الشاهد على مبدأ في الحياة: إذا كنت في حالة ونقلك الله إلى ما هو أحسن منها فعامل هذا الذي على الحالة التي كنت عليها معاملة هي التي كنت تتمناها عندما كنت في تلك الحالة. قال (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى) ثم قال (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)، قال (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) ثم قال (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) هناك خلاف طويل لكن السائل هنا سائل العلم هو الذي يتناسب مع (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) يعني إذا جاءك السائل عن العلم فلا تنهره ويحتمل أن يكون السائل عن المال الالب لأنه يتناسب مع (وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) كل إنسان منا خرج من بطن أمه لا يعلم شيئًا ولا يملك شيئًا (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا (78) النحل) فإذا رأيت فقيرًا وأنت غني فارحمه فقد ولدت فقيرًا، إذا رأيت جاهلًا فعلّمه بحب ورفق ولطف ورحمة لأنك في هذه المعلومة التي تعلمها كنت تجهلها ثم تعلمتها وقد تجهل شيئًا غيرها كثيرًا وهكذا في كل أحوالك التي تمر بك وتجد من هو أقل منك فتذكر أنك كنت فاقدًا لهذا الشيء الذي هو يفقده فعامله بما تتمنى أن تُعامل به.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الشرح[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة الشرح (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾) الخطاب في سورة الضحى تتكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم وسورة الشرح تتكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم بكن بطريقة مختلفة قال (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿١﴾) وهذا يتضمن انشراح صدر النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرح الناس صدرًا لأنك لو سألت من هو أكثر الناس طمأنينة وراحة وانشراح صدر؟ فأقول لك هو أعبد الناس كلما زادت عبادة الإنسان لله كلما زاد انشراح صدره وأعبد الناس بإطلاق هو نبينا وسيدنا وقرة أعيننا صلى الله عليه وسلم وإذا كان أعبد الناس فسيكون أشرح الناس صدرًا وكلما شعرت بضيق فاعرف أن هناك تقصيرًا وخللًا ولاحظ في أيام قيام الليل والصوم تجد من انشراح صدرك ما لا تجده في أيام أخرى تقضيها في اللذات والشهوات لكن مع شيء من التقصير في العبادة. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما قال الله له (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) هذا أحد معاني انشراح الصدر والمعنى الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شُقّ صدره لأن الشرح يأتي بهذا المعنى في اللغة، شُقّ صدره الشريف كما في الحديث مرة وهو صغير وشقّ صدره مرة أخرى ليلة المعراج صلى الله عليه وسلم. قال (وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ ﴿٢﴾ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ﴿٣﴾) فالوزر ينقض الظهر، يتعب الظهر، فإذا كان هذا الخطاب لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم فكيف يكون حالنا وقد أتعبتنا أوزار عظيمة نقع فيها؟! (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿٤﴾) ويكفيك أنك كلما سمعت الأذان فإنك تسمع أشهد ألا إله إلا الله ثم اشهد أن محمدًا رسول الله وهذا من رفعة ذكره مع أن رفعة ذكره صلى الله عليه وسلم واضحة في أمور كثيرة رغم أنه كان أبعد الناس عن طلب الذكر صلى الله عليه وسلم. قال (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٥﴾ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴿٦﴾) قال ابن القيم: كل إنسان مسلم له نصيب من هذه الأشياء الأربعة بقدر اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى كلما اتبعته أكثر سينشرح صدرك وسيوضع وزرك وسيرفع ذكرك ولاحظ كثير من ملوك المسلمين عبر التاريخ يشتهرون في أيام ملكهم ثم يذهب ذكرهم إلا الصالح منهم ثم اشهر من يبقى في تاريخ المسلمون العلماء العاملون تجد ذكرهم أعظم بكثير، تسمع الإمام أحمد بن حنبل لو تسأل الناس إن كانوا يعرفونه فيقولون نعم، وتسألهم عن الإمام مالك فيعرفونه لكن تسألهم من الخليفة الذي كان يحكم المسلمين وقتها؟ أكثر المسلمين ما يعرف! ارتفع ذكرهم الرفعة الدائمة أما الرفعة المؤقتة فقد يرتفع أحد الظلمة سنين ثم يهلك وينسى الناس ذكره الحسن وييقى ذكره السيء إن ترك سيئًا وإن ترك حسنًا فبحسبه. فمن أراد شرح الصدر – وكل إنسان يريد شرح الصدر ولا يريد أن ينكد على نفسه – وأراد وضع الوزر - وكلنا اثقلته الأوزار - وأراد رفع الذكر فعليه باتباع سيد البشر صلى الله عليه وسلم.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة التين[/FONT]
[FONT=&quot]أما سورة التين فهي مبدوءة بالقسم والقسم من أغمض آيات القرآن الآيات التي فيها قسم يحصل فيها خلاف كثير لأن بعض العلماء يحاولون معرفة العلاقة بين المقسم به والمقسم عليه أي بين القسم وجواب القسم فيكون هناك عدد من الاستنباطات ويكون فيها نوع من الخفاء وتحتاج إلى شيء من الشرح. هنا يقول الله سبحانه وتعالى (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿١﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿٢﴾ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿٣﴾) نكتفي بالقول الأشهر في التين والزيتون وطور سنين القول الذي أراه أرجح، (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ﴿١﴾ وَطُورِ سِينِينَ ﴿٢﴾ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿٣﴾) البلد الأمين هو مكة، ما مزية مكة؟ من مزاياها أن الوحي بدأ ينزل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وطور سنين هنا نزل الوحي على موسى والتين والزيتون منابتها في بلاد الشام وفيها نزل الوحي على عيسى عليه السلام فقال بعض العلماء هذه إشارة إلى منازل الوحي بدأت بعيسى ثم بموسى ثم بأشرف الخلق صلى الله عليه وسلم (وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴿٣﴾ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾) انظر إلى الإنسان يولد بخلقة طيبة تامة وبفطرة سوية نقية تميل إلى التوحيد ثم نزل الوحي من السماء فمن أخذ بهذا الوحي قوم وقوم آخرون لم يأخذوا بهذا الوحي ولهذا انقسم الناس قال (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴿٥﴾) انظر إلى هذا الذي خُلق في أحسن تقويم إذا ابتعد عن الوحي وانغمس في الشهوات كيف يصبح حاله مترديًا كأنه بهيمة والعياذ بالله! وانظر إلى الشرق والغرب من الكفار تجده يجري وراء شهواته تستقذر ما يصنع مما يشابه به البهائم ويخرج عن خلقة البشر السوية سواء في ارتكاب الشهوات المحرّمة أو غير ذلك (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) وأخذوا بالوحي (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴿٦﴾) فإذا رأيت هذين النموذجين نموذج من أخذ بالوحي انظر إلى عمر بن الخطاب انظر إلى حاله قبل الوحي وانظر إلى حاله بعد أن أخذ بالقرآن انظر كيف ارتفع ولم يكن مرتفعًا قبل الإسلام، انظر كيف حوّل الإسلام العرب عمومًا كيف كانوا وكيف صاروا لتعرف أن هذا دليل على أن الوحي وهذا الدين حق (فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ﴿٧﴾ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴿٨﴾) [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة العلق[/FONT]
[FONT=&quot]سورة العلق وهذه أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم أولها أول نزل على النبي مبكرًا وآخرها نزل في قصة فقد جاء في صحيح مسلم أن أبا جهل قال: هل يعفّر محمد وجهه بين أظهركم؟ (يعني هل يسجد أمامكم عند الكعبة؟) قالوا نعم فقال واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته أو لأعفرنّ وجهه في التراب، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته قال فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه (يرجع للخلف ويحمي نفسه من شيء) الكفار ينظرون إليه ماذا سيصنع، فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقيل له ما لك؟ قال إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهولًا وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا، قال فأنزل الله (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴿٦﴾) إلى قوله (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴿١٩﴾). أول السورة تدل على الاعتماد على الله، قال (اقْرَأْ) التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿١﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿٢﴾) الإنسان كان شيئًا ضعيفًا (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿٣﴾) يعطي ويعطي ويعطي وهو الغني الكريم سبحانه وتعالى (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿٤﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿٥﴾) وصايا نفيسة جدًا أن يعتمد الإنسان على ربه وأن يعرف أنه لم يكن يعلم شيئًا لكن الإنسان كما قال الله (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴿٦﴾ أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴿٧﴾) وهنا وقفة مهمة جدًا (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) الطغيان تجاوز الحدّ كيف يأمن الإنسان من الطغيان؟ بأن يتذكر الرحمن (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى ﴿٦﴾ أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴿٧﴾) إذا رأى الإنسان نفسه مستغنيًا طغى وإذا رأى نفسه محتاجًا إلى الله لا يطغى وسيقرأ باسم ربه الذي خلق سيأكل باسم ربه الذي خلقه ويتاجر باسم ربه الذي خلق وفي كل شيء يسمّي ويعتمد على الله سبحانه وتعالى أما إذا رأى نفسه مستغنيًا فإنه سيسير في طريق الطغيان مع أن العلاج مذكور في الآية (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ﴿٨﴾) كلما شعرت في نفسك طغيانًا وقد يحصل للإنسان نتيجة الغفلة فيتجبر على إنسان أو يتكبر على إنسان أو يغتاب إنسانًا فيتذكر قوله تعالى الذي هو الشفاء (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى) مهما ذهبت سترجع إلى الله وكلنا إلى الله راجعون (إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى).[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القدر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة القدر وقد يقول قائل نتكلم عن سورة القدر وإن كانت الليلة ليلة العيد غالبًا إذا أعلن العيد فلا احتمال لليلة القدر، نعم راحت ليلة القدر لكن لماذا عُظمت ليلة القدر؟ قال (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴿١﴾) هذا الضمير في بداية السورة والضمير عادة يعود على شيء مذكور من قبل، أقول رأيت زيدًا في السوق فقلت له (هذا الضمير يعود إلى زيد لأنه مذكور) لكن لو قلت: قلت له ستسأل من؟ فالضمير لا بد أن يعود إلى شيء وهنا بدأت السورة (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) والمقصود القرآن، قال بعض أهل العلم: لما كان الصحابة قد انشغلوا بالقرآن واهتموا به وعظموه وشغلوا به أوقاتهم صار الضمير يعود إليه مباشرة كما لو كنت تعرف أن أحدًا يحب المكان الفلاني فتقول له رحنا؟ بدون أن تحدد له المكان لأنه مباشرة ينصرف ذهنه إليه أو اتصل بك أو نحو ذلك إذا ذهنه مشغول بهذا الشيء وكذلك الصحابة شُغلت أذهانهم بالقرآن وليلة القدر من أعظم ما يكسبها الفضل هو نزول القرآن فيها فالقرآن باقٍ وإن انتهت ليلة القدر فلنحرص عليه ولنعظّمه، رمضان فرصة للازدياد من قرآءة القرآن لكن قرآءة القرآن ينبغي أن تكون بعد رمضان فإذا جاء رمضان الآخر زدنا لأنه موسم لازدياد الخيرات لكن القلب والعبد يحتاج إلى القرآن في رمضان ويحتاج إلى القرآن بعد رمضان فليلة القدر خير من ألف شهر اكتسبت هذا الفضل لأن نزول القرآن كان فيها.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة البينة[/FONT]
[FONT=&quot]السورة فيها كلام طويل لكن نكتفي منها بوقفة مع كلمة (البينة) ما هي البينة؟ قال (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴿١﴾) البينة في اللغة هي الشيء الواضح الظاهر، شيء بيّن يعني واضح، البيّنة هي الحجة الواضحة لكن ما هي البينة التي جاءت الناس؟ قال (رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ) فالرسول صلى الله عليه وسلم افتح أيّ كتاب في السيرة أو في شمائله أو في أخلاقه صلى الله عليه وسلم واقرأ فيه تجد أنه بكل سيرته العطرة، بكل سكتاته وكلماته، بكل حركاته وسكناته بكل ضحكه وبكائه صلى الله عليه وسلم دليل ظاهر أنه لا ينطق عن الهوى (إن هو إلا وحي يوحى) فهو بينة كافية لمن أراد الإيمان. من قرأ سيرته أيقن أنه لا يمكن أن يكون بشرًا عاديًا وإنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) ولذلك إذا طلب أحدهم بينة على الإسلام دليل على الإسلام إما أن تدله على القرآن وإما أن تدله على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فيعرف بالحالين أن هذا الذين هو الحق المبين. وانظر إلى مثال واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو كذلك ولا نحتاج إلى دليل إلا لزيادة الإيمان ولدلالة أهل الكفر على هذا الدليل وغيره. بعض العلماء ألّف كتاب " دلائل النبوة" تقريبًا سبع مجلدات دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًا. تصور غزوة حنين التي كان المسلمون فيها في كثرة على عكس كثير من المعارك السابقة قال الله (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (25) التوبة) في هذه المعركة في بدايتها باغت الكفار المسلمين ففرّ أكثر المسلمين ووقف النبي صلى الله عليه وسلم وكان على بغلته فنزل عن بغلته صلى الله عليه وسلم وقال في موقف يتزلزل فيه الرجال ويظهر فيه من كانت دعوته صحيحة من غيره قال: أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب. أليس هذا دليلًا على صدقه؟ وانظر إلى اصحاب الدعوات في كل عصر ومصر إذا جاءتهم شدة وإذا جاءهم ما يبين هل هم على مبدأ أم أنهم أصحاب رغبة في الجاه والمال والملك ونحو ذلك انظر كيف يفرّون أما النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الزلزلة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الزلزلة وردت لها فضائل كثيرة بعضها صحيح وبعضها غير ذلك وورد منها ما مر معنا أن رجلًا أراد أن يتعلم فدلّه على سور من ذات الر ثم سورة أخرى من حم إلى أن قال له أقرئني سورة جامعة فأقرأ سورة إذا زلزلت الأرض زلزالها في سورة جامعة. ووصف النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء فيها من قوله تعالى (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾) بأنها الآية الفاذّة (الفريدة التي ليس لها مثيل) الجامعة (جمعت شيئًا كثيرًا) كل حياة الإنسان يمكن أن تنصلح فقط لو طبق هذه الآية (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾) كلمة خطأ، نصف كلمة، غمزة (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) ويوم القيامة سيراها، يستخسر أحيانًا ريالًا أو نصف ريال أو ابتسامة أو مسحة على رأس يتيم أو مزحة مع حفيده، شيء خفيف ما يضيع عند الله سبحانه وتعالى شيء قال (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد رأيت رجلًأ يتقلب في الجنة (يتمشى في الجنة) في شجرة أزاحها من ظهر الطريق. أنت تسير في سيارتك ووجدت أناسًا وضعوا الحجارة ويلعبون بالكرة فنزلت أنت وأبعدت الحجارة، كم ستظل متذكرًا لهذ الموقف؟ ستنساه لكن الله سبحانه وتعالى يقول قد يكون سببًا في دخول الجنة. وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري أن هناك أربعين خصلة أدناها منيحة العنز. منيجة العنز يعني أن يعطي أحدهم قليلاً من حليب العنز لجيرانه من عملها مصدقًا بموعودها أدخله الله الجنة كما في صحيح البخاري شيء حفيف جدًا أنت تنساه لكن الرب سبحانه وتعالى لا تخاف منه ظلمًا ولا هضمًا (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾) نمشي على الأرض ونحن نتذكر هاتين الايتين فتستقيم كثير من أمورنا ونُحجم عن كثير المعاصي ونُسرع إلى كثير من الطاعات التي نزهد فيها رغم أنها لا تضيع عند الله سبحانه وتعالى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة العاديات[/FONT]
[FONT=&quot]سورة العاديات هذه السورة ذكرت مرضًا وذكرت سببًا للمرض وذكرت العلاج وهذا من رحمة الله. [/FONT]
[FONT=&quot]المرض هو الجحود بنعمة الله سبحانه وتعالى [/FONT]
[FONT=&quot]والسبب الانغماس في شهوات الدنيا [/FONT]
[FONT=&quot]والعلاج [/FONT]
[FONT=&quot](وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ﴿١﴾) الخيول عندما يركبها الإنسان وتسرع تبدأ تضبح أن تُخرج نفسًا شديدًا من شدة التعب من السرعة. (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ﴿٢﴾) أيضًا عندما تجري فإن حوافرها تقدح في الحجارة فتُخرج شررًا (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ﴿٢﴾ ) كان الكفار وحتى المسلمون عند القتال مع الكفار كانوا يباغتون العدو ليلًا فيصلون إليهم في الصباح يغيرون عليهم صباحًا (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴿٤﴾) أثاروا بسبب هذه السرعة غبارًا (فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴿٤﴾ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ﴿٥﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴿٦﴾) ما العلاقة بين القسم والمقسم عليه؟ هذا القسم يصوّر انغماس الإنسان في الدنيا وسعيه ضد عدوه والغالب أنه إذا سعى سواء في عدوه أو في طلب رزقه يسعى متذكرًا لربه أو غافلًا؟ في العادة غافلًا (إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) جحود بنعمة الله ناسيًا ربه (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴿٧﴾) هو بنفسه على أحد القولين في الآية يشهد أنه كنود بنعمة ربه. يخرج الإنسان لطلب الرزق هناك من يكون لساته رطبًا بذكر الله ويا رب افتح لي ويسّر لي وهناك إنسان - وهذا الغالب – ينسى أن الله يرزق سبحانه وتعالى وينطلق في هذه الدنيا (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ﴿٧﴾ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ) المال (لَشَدِيدٌ) تعامله فيه قسوة أو شدة بسبب الحرص على المال الذي يسعى إليه، قال مبينًا العلاج (أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴿٩﴾ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴿١٠﴾ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ ﴿١١﴾) إذا كان الإنسان قد انغمس في هذه الدنيا وانشغل بها وشعر أنه في غفلة فليذهب إلى البقيع وينظر إلى هذه القبور ويعرف أنه سيكون يومًا تحت الأرض وأن القبور ستبعثر وبعد بعثرة القبور سيحصّل ما في الصدور إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًّا فشرّ[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة القارعة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة القارعة سورة مخيفة لأن القارعة من أسماء القيامة ومعناها التي تقرع القلوب بأهوالها، المفزعة التي تُفزع القلوب فتجعلها تدق من شدة الخوف. (الْقَارِعَةُ ﴿١﴾ مَا الْقَارِعَةُ ﴿٢﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴿٣﴾) وهذا أسلوب تهويل لعظمة ذلك اليوم وذكر الله فيه أن الناس يصبحون فيه كالفراش المبثوث، نحن الآن في العامية إذا قلنا الفراش نقصد به الحشرة ذات الجناحين الجميلين التي تأتي على الورد أو نحوه لكن الفراش في اللغة أوسع من هذه الحشرات فهي أوسع، الفراش إذا رأى النار يتساقط فيه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: مثلي ومثلُكم كمثلِ رجلٍ أوقدَ نارًا، فجعل الفراشُ، والجنادِبُ يقعْنَ فيها، وهو يذُبُّهُنَّ عنها، وأنا آخُذُ بحُجْزِكُمْ عنِ النارِ، وأنتم تفْلِتونَ مِنْ يَدَيْ الراوي: جابر بن عبدالله، المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5859 - خلاصة حكم المحدث: صحيح. عندما يقول الله (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴿٤﴾) يدل على شدة الفزع في ذلك اليوم حتى يتفرق الناس ويصبحون كالحشرات وتكون الجبال مع أنها من أعظم ما نعرف (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ﴿٥﴾) (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿٦﴾ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ ﴿٧﴾) نسأل الله أن يجعلنا منهم (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿٨﴾ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴿٩﴾) هو يوم مفزع لكن الذي في عيشة راضية لا يكون خائفًا (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ) فيها قولان كلاهما يدل على الخوف أمه هاوية اي أم رأسه هاوية ساقطة في نار جهنم والقول الثاني وهو أقوى لأن هناك حديثًا يؤكده هو أمه هاوية أن جهنم تصبح مثل أمه، الصغير عنددما يخاف يذهب إلى أمه هذا ليس له مأوى يأوي إليه ويكون أمًا له إلا الهاوية وقد ثبت في الحديث الذي فيه نزع الروح أو انطلاق الروح إلى السموات أن رجلًا من المؤمنين عندما تُنزع روحه تلقاه أرواح المؤمنين فيقولون له اين فلان؟ فيقال ذُهب به إلى أمه الهاوية والعياذ بالله يعني هلك وهذا الحديث صحيح. وفي رواية ثانية عن بعض الصحابة تكملة للحديث قال: ذُهب به إلى أمه الهاوية - ومعنى الحديثين واحد – فبئست الأم وبئست المربية أي أن النار تربيه والعياذ بالله بعد أن أشرك بالله وكفر به نسأل الله أن يجعلنا من أهل العيشة الراضية. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة التكاثر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة التكاثر ذكرت مرضًا آخر وهو التكاثر في هذه الدنيا والحرص عليها ورغبة الإنسان أن يكون أكثر من غيره فيها قال (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ﴿١﴾) إلى متى؟ (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴿٢﴾) إلى أن تموتوا ولاحظ أنه قال (حَتَّى زُرْتُمُ) فالمقابر زيارة وليست خلودًا وليست مأوى أخيرًا للإنسان. قال (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٣﴾ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴿٤﴾) ذكر المرض وهو التكاثر لكنه ذكر أيضًا العلاج (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴿٥﴾) من استطاع أن يحصّل علم اليقين لم يلهه التكاثر، ما هو علم اليقين؟ قال الله (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ﴿٥﴾) قال المفسرون هنا محذوف، ما هو المحذوف؟ كلا لو تعلمون علم اليقين لما ألهاكم التكاثر. علم اليقين أن تعلم أن الموت حق أو أن الله باعثك بعد الموت وهذا شيء يعرفه الإنسان ولكن ينساه في زحمة الحياة ولو تذكر أنه يقينًا سيموت لعمل لما بعد الموت. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة العصر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة العصر أكتفي فيها بقصة ذكر الإمام الرازي في تفسيره عن بعضهم أنه قال لم أكن أفهم سورة العصر حتى رأيت بائع ثلج يبيع الثلج في يوم حار ويقول ايها الناس ارحموا من يذوب رأس ماله. الإمام الرازي في القرن السابع أو الثامن في قرن متقدم قبل الثلاجات فهذا يبيع الثلج وهو يبيع الثلج ماذا يحصل لبضاعته التي يبيعها في الظهر؟ تذوب ولو انتظر قليلاً لما استطاع أن يبيعها فيقول: أيها الناس ارحموا من يذوب رأس ماله. أنت وأنا رأس مالنا "العصر" العمر، الوقت، يذوب فمن انتفع به لن يكون في خسر لكن بقدر تفويته فيه يحصل له نوع من الخسر قال (وَالْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾) لأننا في تجارة نتاجر بأنفسنا فإما أن نعتقها وإما أن نوبقها فمن استغل العصر والوقت لم يكن في خسر (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾) يستغل الوقت بهذه الأربعة (إِلَّا[/FONT][FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾) فالذي يحرص على هذه الأربعة ينجو من الخُسر بإذن الله وقد ثبت في الحديث قواه الشيخ الألباني وغيره وذكر أن رجاله ثقات قال: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا ثم أرادا أن يفترقا قرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم سلّم الثاني. لأن السورة تذكّر بخلاصة الحياة (وَالْعَصْرِ ﴿١﴾ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿٢﴾ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴿٣﴾)[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الهمزة[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الهمزة وهذه السورة تتكلم في موضوع واحد وهو الهمز واللمز وكثيرًا ما يقع الإنسان في الهمز واللمز وهو الاستهزاء بغيره إما في وجهه وإما في ظهره على خلاف بين العلماء في تحديد المراد بالهمز واللمز أيهما في الوجه وأيهما في الظهر. فهذا الأمر توعّد الله عليه بالويل وهذا يذكرنا بسورة المطففين (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ﴿١﴾ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ ﴿٢﴾) هذه السورة تبدأ بنفس الكلمة (ويل) فهي تدل على غضب من الله سبحانه وتعالى قال (لكل) ما قال للهامز اللامز أو الهمزة اللمزة فلا يمكن لأحد أن يقول أنا خارج من هؤلاء ويمكنه أن يستهزئ بفلان وعلان ويفتخر بأنه يستطيع أن يُسكت الناس (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴿١﴾) وذكر من عقابه أنه سيُنبذ في الحطمة (كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ ﴿٤﴾) التي تحطّمه وتكسره نسأل الله السلامة. وهذه السورة بالذات أوصيكم ونفسي بتدبرها والتأمل فيها فإن الإنسان غالباً يقع في هذا الهمز واللمز ويحتاج إلى تذكر هذه السورة وأوصيكم بقرآءة التفسير فيها فإن فيها من المعاني الشيء الكثير. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الفيل[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الفيل تذكّر بقدرة الله على الخلق وأنه ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم فإنه حمى بيته سبحانه وتعالى في قصة أصحاب الفيل رغم أنهم كانوا أصحاب قوة ولم يكن عند الكفار شيء يدافعون به عن البيت ففعل الله بأصحاب الفيل ما فعل (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ﴿٥﴾) ولاحظ الإضافة (ربك) الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا تطمين للنبي صلى الله عليه وسلم وهو تطمين لأمته إن تمسكت بسنته أن الله ناصرها وحاميها.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة قريش[/FONT]
[FONT=&quot]سورة قريش يقول الله فيها (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ) الإيلاف هو الاعتياد كل إنسان يتعود على أشياء، الله سبحانه وتعالى يقول (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ﴿١﴾ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾) قريش وهي قبيلة النبي صلى الله عليه وسلم كانت معتادة على رحلة في الشتاء ورحلة في الصيف وكانت هاتان الرحلتان تعين أهل مكة على العيش في ذلك المكان تأتيهم التجارة من الشام ومن اليمن. قال الله (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ ﴿١﴾ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴿٢﴾ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴿٣﴾) عوّدهم الله نعمة ينبغي أن يقابلوها بالعبادة، نسأل أنفسنا: كم من نعمة عوّدنا الله عليها؟ من يوم ولدت ما أذكر مرة أني حملت همّ إفطار رمضان وربما أكثرنا كذلك كل يوم الماء موجودة والرطب موجود بل ما لذّ وطاب موجود، ما نمت ليلة وأنا خائف أن قصفًا سيقصف بيتي أو لصًّا سيدخل بيتي، نحن في نعم كثيرة لكننا عودنا عليها، الإلف (لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ) الاعتياد مشكلة لأن النعمة يفترض أن تجعلنا نشكر الله ونعبده والعبادة هي كمال الذلّ مع كمال الحبّ. المفترض عندما عودني ربي على هذه النعم الكثيرة كلما أنام على فراشي وأنا مطمئن أتذلل لله ويزداد حبي وذلي لله أنه أنعم علي بهذه النعمة التي حرم منها الكثيرين فهذه عبرة نأخذها من هذه السورة أن الاعتياد على النعم ينبغي أن لا يجعلنا ننسى الرب سبحانه وتعالى بل ينبغي أن نذلّ له سبحانه وتعالى ونحبه بقدر ما أعطانا فقد أعطانا ما لا يُعدّ ولا يُحصى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الماعون[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الماعون تعجِّب من هذا الذي يكذّب بالدين ويتصف بصفات ذميمة على أحد الأقوال منها قوله (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾) الماعون هو ما يعطيه الشخص لجاره عارية: قدر، أو قد لا يكون عارية فيعطيه مثلاً ملحًا أو زيتًا أو بيضًا أو خبزًا يحتاجونه يستخسره الإنسان والجود به يكون من علامة الإيمان والبخل به ومنعه مع أنه شيء سهل لكن قد يستصعبه الذي يكذب بيوم الدين لأنه لا يؤمن بالجزاء والعقاب رغم أنه من المروءة حتى لو لم يكن عندك دين لو طرق جارك بابك يريد شيئًا تعطيه لكن لا شك أن المؤمن بالله يعطي ويرجو ثواب الله تعالى ولا شك أن المكذّب بيوم الدين يبخل بمثل هذا الأمر اليسير. قال (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾) كالإبرة والفأس والقدر والقصعة وهذا من أشد البخل.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الكوثر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكوثر تبين قدر النبي صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿١﴾) وهو نهر في الجنة وقيل هو الخير الكثير الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم ومنه النهر في الجنة لكن الشاهد الذي نريد أن نقف عنده أن الله سبحانه وتعالى قال (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴿١﴾ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴿٢﴾) كل تشريف وكل إكرام من الله يقتضي عملًا من الإنسان، نحن أعطانا الله أن هدانا إلى هذا الدين دون أن نطلبه ولدنا مسلمين إذن نحتاج أن نصلي ونعبد الله سبحانه وتعالى شكرًا له على نعمه العظيمة. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الكافرون[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الكافرون سورة تُقرأ في كثير من صلاة النوافل اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم تُقرأ في الركعة الثانية في الوتر، في ركعتين الطواف، في سنة الفجر، هي تذكير الإنسان بمبدأه في الحياة وهو أنه لا مجاملة في أمر العقيدة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴿١﴾ لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ﴿٢﴾ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٣﴾ وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ﴿٤﴾ وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ﴿٥﴾ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴿٦﴾) ليست هناك حلول وسط مع الكفار لنا ديننا ولهم دينهم فيتذكر الإنسان عقيدته ويؤكدها في هذه السورة العظيمة. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة النصر[/FONT]
[FONT=&quot]سورة إذا جاء نصر الله والفتح فهذه مطوية فيها قصة طويلة جدًا، كم قضى النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا الفتح المذكور في السورة؟! كم قضى من ليال يقوم الليل يدعو للأمة؟ كم تحمل من أذى؟ كم أوذي في الله ولم يؤذ أحد؟ كم فعل؟ كم ذكّر؟ كم وعظ؟ إلى أن جاء نصر الله والفتح. إذا جاء نصر الله والفتح حاول أن تتذكر قبلها كل السيرة النبوية قال (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ﴿٢﴾) دخول الناس أفواجًا في دين الله هو ثمرة للجهد الذي بذله سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن الله يقول له (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴿٣﴾) فإذا وفِّقت لخير ووجدت ثمرته في أي شيء فابدأ بذكر الله والاستغفار فإنه ما من عبد إلا وعنده شيء من التقصير فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمر بالتسبيح بحمد الله والاستغفار فغيره من باب أولى.[/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة المسد[/FONT]
[FONT=&quot]سورة المسد عجيبة لأن فيها ذمًّا لأبي لهب الذي آذى النبي صلى الله عليه وسلم لكن دون أي كلمة فاحشة أو سيئة لو رايت كتب الشعر ودواوين الشعر بالذات في قصائد الهجاء التي فيها ذمّ للخصم تجد فيها من الفحش ما لا تستطيع أن تقرأه لكن هذه السورة قيها قمة الأدب: ذكرت عاقبته (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ﴿١﴾ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴿٢﴾ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ﴿٣﴾ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ﴿٤﴾ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴿٥﴾) فهذا وعيد شديد وذم شديد لأبي لهب وزوجه ومع ذلك ليس فيها كلمة فاحشة. ثم فيها دليل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أن أبا لهب مات على الكفر ظل حيًا بعد هذه الآية وما استطاع أن يؤمن هو زوجه قال (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) وبالفعل مات كافرًا. إلى غير ذلك مما في السورة وقد وقف عندها العلماء كثيرًا في اللطائف الموجودة فيها. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الاخلاص[/FONT]
[FONT=&quot]سورة الإخلاص هذه السورة من السور التي لها فضائل كثيرة يكفينا أن نقف عند قوله تعالى (اللَّهُ الصَّمَدُ ﴿٢﴾) الصمد من أجمع معانيها أنه الذي تصمد إليه الخلائق في حاجاتها يعني كلما احتاج أحد شيئًا يحتاج أن يلتجئ إلى الله إما اختيارًا وإما اضطرارًا إما أن يقول الإنسان يا رب وإما أن خلاياه وجسمه محتاج إلى الله، في النَفَس أنا محتاج إلى الله، في نظرتي في تفكيري في كلامي في سمعي في حركتي في وقفتي في جلوسي وكل الخلائق تصمد إلى الله تحتاج غليه في كل شيء فإذا كان الحال كذلك فينبغي أن يصمد إليه الإنسان اختيارًا كلما حصل شيء يقول يا رب قبل أن تتصل بأحد ليساعدك قل يا رب. وقد ذكروا عن ابن تيمية رحمه الله أنه كان يكثر النظر إلى السماء يقول يا رب، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله ويقول يا رب ينبغي أن يعلق الإنسان قلبه بالصمد سبحانه وتعالى. [/FONT]
[FONT=&quot]
[/FONT]

[FONT=&quot]سورة الفلق و سورة الناس[/FONT]
[FONT=&quot]سورتا الفلق والناس فهما سورتان متكاملتان لأن كل واحدة منهما فيها استعاذة لكن الاستعاذة وهي الالتجاء فعندما يقول الإنسان (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) هو يلتجئ إلى الله فينبغي أن يستشعر أنه يلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى لكن الاستعاذة في سورة الفلق من الأمور الظاهرة والاستعاذة في سورة الناس من الأمور الباطنة. قال (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) الفلق الصبح الذي أخرج هذا الصبح أستعيذ به (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿٢﴾ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿٣﴾) الليل إذا أظلم والقمر إذا دخل في ظلمته أستعيذ منهم (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿٤﴾) السواحر اللاتي ينفثن في العقد (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿٥﴾) هذه أمور ظاهرة يستعيذ منها الإنسان، يستعيذ من ظلمة الليل وكم من مصيبة تأتي في الليل، ويستعيذ من أهل السحر ويستعيذ ممن يحسد يستعيذ بالرب سبحانه وتعالى ولا يجوز له أن يستعيذ بغير الرب سبحانه وتعالى. ثم الاستعاذة الأخرى من الأمور الغائبة (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَهِ النَّاسِ ﴿٣﴾) والأمور الغائبة أصعب وأخطر وقد قلت في سورة الفلق (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) صفة واحدة لله لكن هنا (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿١﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿٢﴾ إِلَهِ النَّاسِ ﴿٣﴾) تستحضر ربوبيته على خلقه وقدرته عليهم وملكه لهم وأن كل توجه يكون إليه سبحانه وتعالى (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿٤﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿٥﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴿٦﴾) أسأل الله أن يعيذنا من شر كل ذي شرّ.[/FONT]
 
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. بفضل الله تعالى تم تفريغ جميع الحلقات المرفوعة على اليوتيوب لهذه السلسلة المباركة للتعريف بسور القرآن الكريم للشيخ الفاضل محمد نصيف اسأل الله تعالى أن يجعلها في ميزان حسناته وأن يبارك له في علمه ويزيده من فضله فقد قضيت في تفريغ هذه المحاضرات وقتًا عامرًا بذكر الله والانتفاع بما فيها من تأمل في آيات الكتاب العزيز أسأله تعالى أن يجعل ما تعلمته منها حجة لي لا حجة عليّ وأن يوفقني للعمل بما تعلمته منها فقد حوت خيرًا كثيرًا وأنصح جميع الأخوة والأخوات بمتابعتها سماعًا أو نصًّا ففيها فائدة عظيمة لمثلي من طلاب العلم فبارك الله في شيخنا وجزاه عنا خيرًا.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وفهمًا بكتابك وتأملًا وتدبرًا وتطبيقًا لآياته حتى نزكي به أنفسنا فنكون من الصالحين المصلحين بإذن الله تعالى وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(ملاحظة: في المرفقات ملف جميع المحاضرات بصيغة pdf)
 
أسأل الله أن يبارك فيك أختي الكريمة، وأن يجعل ما تقدمينه زلفى لك وبركة في الدراين.
وليهنك الأجر والعلم والفائدة.

وجزى اللهُ الشيخ محمد خير الجزاء، فهذه مجالس مختصرة كثيرة الفوائد، والحاجة قائمة إلى تقريب علوم السور.​
 
عودة
أعلى