التعريف بالشيخ المقرئ صفاء الدين الأعظمي

إنضم
17/04/2013
المشاركات
110
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
طنجة
بسم1

التعريف بالشيخ المقرئ صفاء الدين الأعظمي
(1366-1432 هـ / 1947-2011 م)

كتبه تلميذه: أبو أويس إدريس بن محمد العلمي السجلماسي​

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد فهذه ترجمةٌ لشيخي العلامة المقرئ صفاء الدين بن حمدي الأعظمي البغدادي، نزيل المغرب الأقصى، ودفينه، رحمه الله تعالى وغفر له، جمعتها وفاءً لبعض ما له من الأيادي عليَّ.
وكنت قد جمعتها أول مرة بأقصر من هذا، بعد أن استمليت شيخي فأملاها عليَّ، فأنجزتها بعد العشاء الآخرة من يوم الاثنين تاسع شعبان من سنة (1424)، بالقنيطرة، وكان ذلك لَمَّا سألني أخي الدكتور أبو الفضل بدر العمراني الطنجي، أن أمده بترجمة لشيخنا صفاء الدين الأعظمي، كان يريد تضمينها مؤلفا وضَعَهُ في الترجمة لشيخنا العلامة الفقيه أبي أويس محمد بوخبزة الحسني التطواني، وكان الشيخان قد تدبجا معا، فأجبته إلى سؤاله، وأسعفته بنواله. فكان أن نشر كتابه عام 1428، طبعته دار ابن حزم، بعنوان ((مظاهر الشرف والعزة المتجلية في فهرسة الشيخ محمد بوخبزة))، وضمَّنَه الترجمة التي وضعتها لشيخي بنصها وفصها، معزوة إلى مؤلفها، وانظر في هذا الصفحات من 235 إلى 238، من هذا الكتاب الجامع الماتع متَّع الله مؤلفه والمؤلَّف فيه بنعيمه في الدنيا والآخرة.
وطارت نُسخ هذه الترجمة في الآفاق وتلقفها بعضُ طلاب العلم، عفا الله عنَّا وعنهم، فنشروها بنَصِّها وفَصِّها، إلا يسيرا، على صفحات مواقع (الأنترنيت) بما فيها الموقع المتخصص في محلة الأعظمية بلد المترجَم، وموقع أهل الحديث، ومواقع القراءات القرآنية، من غير أن يَنسُبوا العمل لصاحبه، وليس هذا من الأمانة العلمية ولا من بركة العلم في شيء، وفقنا الله جميعا لمراضيه، وجعل مستقبل حالنا خيرا من حاضره وماضيه.
ثم أعدت النظر فيها في العاشر من جمادى الآخرة عام 1428، بمدينة ابن سليمان، فكتبتها للمرة الثانية مطولة مع الزيادة والتنقيح. ثم نقحتها للمرة الثالثة بعد وفاة شيخي، رحمه الله تعالى، وكنت في حفل تأبينه بالقنيطرة قد وعَدْتُ مَنْ حَضَرَ بجمع ترجمة له وافية، فهاأنذا أنجز ما وعدت، وهذا من فضل ربي.
وقد عوَّلْتُ في ما جمعته، بعد استملاء شيخي وإملائه، على نصوص إجازاته من شيوخه، وإجازاته لبعض تلاميذه، وبيدي نُسَخٌ منها، وعلى مجالساتي ومشاهداتي لشيخي، وما خبرته فيه من طول عشرته.
وطالعتُ في ضبط أسماء شيوخه ووفياتهم بعضَ مؤلفات الشيخ الدكتور أكرم بن عبد الوهاب بن محمد أمين الموصلي، شيخ شيخي بالإجازة تدبيجا، ومنها: (إجازات العراقيين وأسانيدهم)، و(نفعي الجامع المختصر لشيوخ أكرم بن عبد الوهاب الموصلي)، وكذا كتاب (تاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر الهجري) لمؤلفه يونس الشيخ إبراهيم السامرائي.
وهذا أوان الشروع في المقصود، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، ومن تلاهم على الإحسان إلى يوم الدين. والحمد لله رب العالمين.

اسمه ونسبه ومولده :
هو أبو أوس صفاءُ الدين بنُ حمدي بنِ مهدي بنِ الحاج إسماعيل الدباغ الأعظمي البغدادي النِّجَار، المغربي الدار.
ولد سنة (1366) هجرية (الموافق 4 ديسمبر 1947م)، بمحلة الشيوخ بأعظمية الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت صاحب المذهب المشهور.

شيوخه :
تلقى العلوم النقلية والعقلية على أكابر علماء العراق، ومنهم:
1- علامة العراق الشيخ أبو محيي الدين عبد القادر الخطيب بن عبد الرزاق بن صفر آغا القيسي ثم الأعظمي البغدادي، المولود عام 1313هـ الموافق 1895م، والمتوفى يوم الاثنين 26 جمادى الآخرة سنة 1389هـ، الموافق 8 أيلول 1969م.
ودرس عليه بجامع الإمام الأعظم القراءات السبع، فأجازه إجازة خطية بقراءة عاصم سنة (1385هـ= 1965م)، ثم بالقراءات السبع سنة (1388هـ=1968م)، وفي نفس العام تخرج من الإعدادية الأدبية.
ثم قرأ على شيخه الخطيب القراءاتِ الثلاث المتممة للعشرة من طريق الدرة للإمام ابن الجزري (ت.833). كما درس عليه الفقه الحنفي بكتاب مراقي الفلاح بشرح نور الإيضاح للشرمبلالي الحنفي المصري، والنحو بالآجرومية، وألفية ابن مالك بشرح ابن عقيل، وقطر الندى لابن هشام الأنصاري. وكان المترجَمُ كثير الملازمة لشيخه عبد القادر الخطيب حتى تخرَّج به، وبرز في علم القراءات.
2- والشيخ نجم الدين بن ملا عبد الله الدسوقي الشهير بالواعظ المولود عام (1298هـ=1880م) والمتوفى عام (1395هـ=1975م)، وقرأ عليه الفقه الشافعي بمتن الغاية والتقريب، بجامع عبد العزيز العساف، بالأعظمية.
3- والشيخ هاشم بن الشيخ محمود بن حسن الأعظمي العبيدي البغدادي الحنفي، ودرس عليه النحو والفقه. (ولد عام 1927).
4- والشيخ المقرئ الفقيه شاكر ملا رشيد الشيخلي الحنفي مفتي الجيش العام، ودرس عليه التجويد بمسجد الشاه بندر بالأعظمية، وأفاد منه كثيرا. توفي وهو يؤذن لصلاة الفجر يوم الجمعة 4 ذي الحجة 1393 الموافق 28 ديسمبر 1973.
5- والشيخ أبو يحيى معتوق بن محمود بن عبد الكريم الأعظمي البغدادي الحنفي، ودرس عليه التجويد، واستفاد منه كثيرا. (ولد عام 1330-1912، وتوفي ليلة الجمعة 18 شوال 1395=24 تشرين الأول 1975).
6- والشيخ وحيد الدين الهندي إمام وخطيب مسجد سلمان الفارسي رضي الله عنه، وسمع منه الفقه الحنفي.
7- والشيخ محمود سيبويه البدوي.
8- والشيخ عبد الرافع رضوان.
وأخذ عنهما القراءات السبع سماعا، وكانا قد انتُدبا للتدريس في المدارس الدينية العراقية عامي 1970 و 1971.
ومن شيوخه المصريين الذين درس عليهم، وكانوا قد انتُدبوا للتدريس بكلية الإمام الأعظم ببغداد:
9- الشيخ المحدّث محمد بن محمد أبو شهبة،
10- والشيخ محمد سيد طنطاوي،
11- والشيخ عبد الله بن محمود شحاته،
12- وسمع بعضا من الفقه الحنفي من الشيخ مولود التركي، الحاصل على دكتوراه الفقه المقارن من جامعة الأزهر.
وأجازه شيوخ آخرون إجازات خطية بقراءة عاصم، فمن العراقيين:
13- الشيخ حقي بن علي بن غني بن أمين، شيخ علماء كركوك، وأجازه سنة (1398).
14- والشيخ محيي الدين بن عبد القادر الخطيب، وأجازه سنة (1392).
15- والشيخ الدكتور أكرم بن عبد الوهاب بن محمد أمين الموصلي، وكان شيخنا قد لقيه حين سافر إلى الموصل، في عام رحلته الأخيرة إلى المغرب، فاستجازه بمروياته فأجازه بمروياته لكتب القراءات، وبدلائل الخيرات، والبردة، ثم تدبجا، فأجازه شيخنا برواية حفص عن عاصم ثم بالسبع على نسخة إجازة شيخه عبد القادر الخطيب له، وكتب له ذلك بخطه في دار الشيخ أكرم في الموصل في حي الشفاء قرب جامع الإمام محسن.

ومن المصريين:
16- الشيخ المقرئ إبراهيم المنصوري، عضو المقارئ المصرية، وأجازه في عام (1977م) إجازة خطيةٍ بالقراءاتِ السبع.

رحلته إلى المغرب الأقصى وشيوخه به :
وقد زار المغرب الأقصى ثلاث مرات في سنوات (1994 و 1995 و1998م) مشاركا في مسابقات قرآنية، أو مدعوا لتلاوة القرآن الكريم في الدروس الحسنية الرمضانية، بحضرة الملك الراحل الحسن الثاني، يرحمه الله.
وفي زيارته الأخيرة عام (1998م) طلب إلى الملك الحسن الثاني، رحمه الله، أن يأذن له في الإقامة بالمغرب، فأذن له، وسكن القنيطرة، وظل يبحث عن علماء القراءات المغاربة ويكثر التردد إليهم، فلما بان لهم علوُّ كعبه في هذا العلم وتحققوا مِن تمكنه وحذقه فيه علما وأداء، أجازه خطًّا جِلَّةٌ منهم، وهم:
1 - الشيخ محمد السحابي بن الشريف بنبو عزة، حفظه الله، أستاذ القراءات بجمعية أبي شعيب الدكالي، بسلا. وأجازه في غرة المحرم (1420) بالقراءات السبع من طريقي الشاطبية والتيسير. وفي غرة رمضان (1421)، بروايات الأربعة عن نافع من طريق التعريف للداني، وبكافة مروياته لكتب القراءات القرآنية.
وأجازه الشيخ الأعظمي أيضا بالسبعة، فتدبجا معا.
2- والشيخ محمد بربيش، رحمه الله، أستاذ كرسي القراءات بمسجد السنة بالرباط، أجازه سنة (1420).
3- وأجازه الشيخ الدكتور محمد فؤاد البرازي الحموي، المقيم بالدانمارك، برواية حفص، حين زيارته للقنيطرة.
4- ولقي أيضا الشيخ إبراهيم بن الصديق الغُماري، وأخاه الشيخ الحسن بن الصديق الغُماري، رحمهما الله، وهما من أوائل من لقيه في الدروس الحسنية عام 1995.
وكان كثير الزيارة للشيخ إبراهيم في بيته بطنجة، وكان إذا لقيه ناداه: (أهلا بالعراقي، يا من بلادكم جاءتنا العلوم)،وقد استجاز الشيخ الحسن فكتب له إجازة خطية بمروياته في الحديث.

تلاميذه :
وأخذ عن الشيخ صفاء الدين الأعظمي جماعة كثيرة من المشارقة والمغاربة، وأجاز بعضهم إجازات خطية في القراءات بروايات مختلفة.
فمن أهل العراق:
القارئ محمد محمود العزاوي، وعامر بن شاكر الكبيسي، وجمال الكبيسي، وعبد المعز شاكر الأعظمي.
ومن أهل الأردن:
- الشيخ كامل لاله مقرئ مسجد الحسين بعمان.
- والدكتور حسن عبد الجليل عبد الرحيم العبادلة، الأستاذ المشارك في علوم القرآن الكريم والقراءات القرآنية، بجامعة البلقاء التطبيقية في الأردن.
ومن أهل فلسطين:
شادي بن خالد خريج جامعة بغداد.
ومن أهل ماليزيا: الشيخ حسن الأزهري، ومحمد إدريس السنوسي.
ومن أهل المغرب الأقصى:
-تلميذه الدكتور إدريس بن محمد العلمي السجلماسي، وأجازه في 10 ربيع الآخر عام 1422 برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق قراءةً وإِقراءً، ولازمه مدة طويلة وأفاد من علمه وأدائه.
- والمقرئ محمد الكنتاوي.
- والعلمي حجاج إمام وخطيب مسجد بدر بطنجة.
- وأحمد بابا العلوي مقدم البرنامج الإذاعي (كيف نقرأ القرآن).
- وحسن جعيط مقدم البرنامج التلفزي (في رحاب القرآن).
- وعبد الكريم الدغوش من سلا.
- وعبد العزيز القصار، من فاس.
وأجازهم جميعا برواية ورش.
- والحسن الطالب من فاس، وأجازه بورش وحفص.
- وأخانا الأستاذ الفاضل العدل مصطفى بن علال هديمان المراكشي.
- والشيخ الحسن غرّور الريحاني من مدينة آسفي.
وأجازهما بالقراءات السبع من طريق الشاطبية.
ومن المملكة العربية السعودية:
أخانا وسام بن أحمد بن عثمان ولي خان، أجازه بقراءة عاصم من راوية شعبة ورواية حفص، سنة 1422، وكان قد أقام مدة بالرباط، فكان يتردد على الشيخ بمنزله في القنيطرة.
وكذا أجاز جماعةً أخرى من الفضلاء المغاربة بمروياته من كتب القراءات، والبردة ودلائل الخيرات منهم: شيخنا العلامة الفقيه أبو أويس محمد بن الأمين بن عبد الله بوخبزة الحسني التطواني، تدبيجا. وأساتذتنا: الدكتور إدريس بنضاوية، والدكتور توفيق الغلبزوري، وشقيقي الدكتور الحسن بن محمد العلمي، والدكتور محمد الفقير التمسماني الإدريسي، والأستاذ سعد بنيحيى، وغيرهم. وكاتب هذه الترجمة الدكتور إدريس بن محمد العلمي.

وظائفه ومشاركاته العلمية :
- في سنة (1399هـ = 1979م) عين أستاذا لكرسي القراءات بجامع الإمام أبي حنيفة، بأمر وزاري. فكان يجلس للإقراء في مسجد الإمام الأعظم، بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس، ثم يذهب إلى بيته بقرب المسجد، ثم يعود إلى غرفته في المسجد إلى صلاة العشاء وبعدها، وهو على هذه الحال يقرئ الطلاب أفواجا أفواجا.
- وفي سنة (1993م) عين مستشارا لجمعية القراء العراقيين، و خبيرَ القراءات فيها. ومستشارا للرابطة العالمية الإسلامية للقراء والمجودين في العراق.
- كما عمل أستاذا مشاركاً في مادة القراءات بعدّة جامعات ومعاهد عراقية.
- وتصدر للتدريس والإقراء بمعهد الغرب الإسلامي للتكوين و البحث العلمي، بمدينة القنيطرة بالمغرب، خدمة للقرآن العظيم، منذ سنة 2001م.
وقد فاز بجوائز في عدة مسابقات دولية لتجويد القرآن الكريم:
- ففي سنة 1994م فاز بالجائزة الأولى في مسابقة التجويد بالمغرب على صعيد قراء الوطن العربي.
- وفي سنة 1995م فاز بالجائزة الثالثة بالمغرب على صعيد قراء العالم الإسلامي.
- ودُعي للمشاركة قارئا للقرآن في الدروس الحسنية عامي 1995و1998م.
-كما دُعي للتحكيم في عدة مسابقات لتجويد القرآن الكريم في المغرب.
- وشارك في العديد من المحاضرات والندوات العلمية في مجال اختصاصه في العراق وخارجه وبالجامعات المغربية. ومنها: جامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، وجامعة المولى إسماعيل بمكناس، وجامعة محمد الأول بوجدة، وغيرها من معاهد العلم ودور القرآن الكريم في مدن عديدة من المغرب الأقصى.
وللشيخ عناية بالغة بجمع تسجيلات القراء للقرآن الكريم بمختلف القراءات، من شتى بلاد العالم الإسلامي، ويملك مئات التسجيلات الصوتية لمئات القراء المصريين حدثني أن عددهم يجاوز ثلاثمائة قارئ، ثم بلغني أنه وصل بهم إلى خمسمائة، كما حدثني أن عنده من تسجيلاتهم نوادر، وأن في نيته عملَ دراسة مقارنة بين أصوات القراء.
وقد لقي كبار مشاهير القراء في العراق و خارجه ومنهم: الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ كامل يوسف البهتيمي، والشيخ طه الفشني، والشيخ محمد الطوخي، والشيخ سيد النقشبندي، والشيخ محمود علي البنا، وعشرات غيرهم، ويحتفظ بكامل تسجيلاتهم في بيته بالعراق.
وكان منهوما بسماع تلاوات القراء مولعا به، وحدَّثَ أنه كان له خمس ساعات إلى ست ساعات من هذا السماع في اليوم والليلة.
وقد كان لشيخنا، رحمه الله، عظيمُ الأثر في إيقاظ قلوب الشباب وتنبيه عقولهم على خطر الشيعة والتشيع، وكان بذلك خبيرا بصيرا، عَرَفَهُمْ عن كثب، وخَبَرَهُمْ عن قرب- وهو العراقي البغدادي الأعظمي، والشيعة من أهل بلده- فكان لا يدع مجلسا إلا عرَّف فيه جلساءه بحقيقة الفكر الشيعي وبيَّن لهم فضائح أحبار الشيعة وأصنامهم بيانا شافيا يوقف فيه مستمعه على الحقِّ الذي لا يُبقي مجالا للشك. وقد نفع الله به في هذا الباب خلقا من الشباب الحائرين الذين كان بريق الممانعة الشيعية المزعومة قد خطف عقولهم وأزاغ أبصارهم، فهداهم الله بنصائحه لا سيما بعد انكشاف عورات الصفويين في أحداث العراق ولبنان. فجزاه الله عن الشباب المغربي خير الجزاء.

أخلاقه وشمائله :
وقد جمع الشيخ المقرئ صفاء الأعظمي إلى علمه الغزير في القراءات، ومنهجه الفريد في التدريس، وجمال طريقته في الأداء، وإتقان التلاوة، حُسن الأخلاق والخلال، وجمال الشمائل والخصال.
فقد كان دَمِثًا،لين الخلق، ليس بالجافي ولا الغليظ، من عرفه أحبه، قَدْ وَسِعَ النَّاسَ منه بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ،ولا تجده إلا هَشًّا بَشًّا، فهو كما قيل:
[poem=]لا يَعْدَمُ السائلُ منه وَفْرا=وقَبْله بَشَاشةً وبِشْرا[/poem]
وهذا على ما كان يعتلج في صدره من الهموم بمفارقة أهله ووطنه بأرض العراق، لمدة ثلاث عشرة سنة، مع تطلعه إلى الحصول على أوراق إقامة دائمة في المغرب، وما توالى عليه من المصائب بموت بعض أقاربه، ولكنه قلما ترى آثار ذلك بادية على وجهه، وإن أمره في هذا لعجيب.
وكان فيه كرم وسخاء بماله ومتاعه، منقطع النظير، بحيث لو سألته شيئا لا يردك بما تيسر لديه، حتى كان يجود بثيابه وكتبه كما يجود بماله، وكم تحققت ذلك منه عن قرب شديد، من طول عشرته وصحبته، وعرفه غيري من أصحابه وتلاميذه.
فَلَهو، رحمه الله، كما وَصف الواصفون سيدنا محمدا بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، في الشمائل: "مَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلاَّ بِهَا، أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ".
ولسان حاله يقول:
[poem=]إن لم تكن ورَقٌ يوما أجودُ بها=للسائلين فإني ليِّنُ العُود
لا يَعْدَمُ السائلون الخير من خُلُقي=إما نوالي وإما حسنُ مردود[/poem]
ويقول مع المتنبي:
[poem=]لا خَيلَ عِندَكَ تُهديها وَلا مالُ=فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ.[/poem]
وكان شعاره في العطاء والإنفاق، كما سمعته منه يجري على لسانه، مرارا: (أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب)، أجزل الله مثوبته وأحسن إليه.

مؤلفاته :
وله مؤلفات وبحوث أُلْقِيَ بعضُها في عدة مناسبات، وغالبها غير منشور، ومنها:
-النقد الإقرائي: من عهد الرسول عليه السلام إلى منتصف القرن التاسع. (خ)
-الوقف والابتداء.. آراء واستدراكات على ما فات العلماء. (خ)
-التغني بالقرآن كما ينبغي أن يكون. (خ) وعندي نسخة منه.
-البيرق الأبرق في أصول رواية ورش من طريق الأزرق. (خ)
-غاية الجود في أصول قراءة عاصم بن أبي النجود. (خ)
-المحيط بأصول رواية قالون عن نافع من طريق أبي نشيط (طبع سنة 1428هـ).
وكان قبل وفاته يعكف على تحقيق (مفردة الإمام نافع) لأبي عمرو الداني على عدة نسخ خطية.

ثناء العلماء عليه :
قال فيه شيخُه العلامة عبد القادر الخطيب، رحمه الله، كما في أول إجازته له بالسبعة: "إن الشاب العابد، الزَّكي، والماجد الذَّكي، صفاء الدين بن حمدي الدباغ الأعظمي، قد فاق أقرانه بذكائه، وحاز فوق ما نالوه بكثرة همته وعنائه، وذاق من المآل أتم الكمال، وراق اطلاعا على أصل ما طلبه بالغدو والآصال، بشدة سعيه واعتنائه وحسن الخصال، فهو والله لنعم الأخ الأوحد، والتلميذ الأسعد، والعلَم المفرد، ذلكم أخونا في الله صفاء الأعظمي، أخذ الله بيده، ووفقه لمرضاته، وجعله زينة للقراء وقدوةً حسنةً لإخوانه المجددين بكتاب رب العالمين..".
وقال فيه الأستاذ رشيد بن عبد الرحمن العبيدي، في أبيات يؤرخ فيها إجازة العلامة عبد القادر الخطيب للمترجَم:
[poem=]قد عَهِدْنَا في صفاء دِقَّةً=حين يتلو قَوْلَ رب نَاصرِ
فتراه إذْ يؤدي سبعةً=يبلُغُ الشأْوَ بحِذق المَاهرِ
قد أجيزَ العلمَ من أشياخه=خاتِم القُرَّاء عَبْدِ القَادِرِ
فإذا شئتم متى تاريخُه=في صفاء حَذْوَ عَبْدِ القَادِرِ[/poem]
وقال الحاج خليل بن قاسم الساعاتي مؤرخا الإجازة المذكورة:
[poem=]مناهلُ علمٍ للقراءات سبعة=وعاها صفاء وهو للدرس ماثلُ
فأتقَنَها سعيا وراعى أُصولَها=ومن يُتقِنْ السبع القراءات فاضلُ
فكيف إذا ما حازها من أُصولها=لدى قارئ فذٍّ لجهد يواصلُ
على شيخ قُراء العراق بأسرهم=فمَنْ مِثلُ عبد القادر الأمسِ كاملُ
ألا انقُصْ (بِزيجٍ) إذْ تقول مؤرخا=(صفاءٌ لترتيلٍ لآيٍ مناهِلُ)[/poem]
تاريخه:
صفاء: 172 + لترتيل:1070 + لآي: 42 + مناهل: 126 – بزيج: 22 = سنة1388هـ.
قال ناظم هذه الأبيات يشرح الشطر الثاني من آخر بيت: "المعنى: صفاء لترتيل الآيات القرآنية مرجع ومصدر.. فالشيخ صفاء مصدر للقراءات ومورد صافٍ عذبٌ يُستقى منه، ويَرِدُون عليه فينهَلُون ويروون، وليس هو مصدراً واحداً بل هو مصادر(ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما)".
ومن ذلك ما قاله الشيخ المحدث السيد صبحي جاسم البدري السامرائي، كما هو مكتوب بآخر إجازته بالسبعة من شهادات العلماء عليها، مؤرخا بتاريخ غرة المحرم 1389هـ، أي قبل وفاة الخطيب، يرحمه الله، بخمسة أشهر :"الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد، فمن منا لا يعرف أخانا صفاء الأعظمي تلميذ العلامة الشيخ عبد القادر الخطيب، أطال الله في عمره، فصفاء الدين هذا من أبرز تلامذة الشيخ الذين أخذوا عنه التجويد والقراءات السبع، فمنذ عام 1384 الهجري وهي بدايات تعرفنا عليه ونحن نراقبه أثناء حضورنا دروس الشيخ الخطيب، ما رأيناه يوما تخلَّف عن الدرس بل نجده أمامنا جالسا دون صحبه يسبقهم بين يدي شيخه، وبقي على هذا ست سنوات إلى أن انتهى من ختم القرآن للسبعة أواخر رجب سنة 1388هـ. ثم بادرَنا الخطيب الأعظمي بأن تلميذه أهل لنيل الإجازة العلمية بالسبعة، وتم ذلك للشيخ وتلميذه أواخر شعبان، وتسلمها من غرة شهر رمضان. وكان الشيخ حريصا على أن يُتِمَّ تلميذُه عليه القراءات الثلاث، وفعلا بدأ يَدرُسها وقطع شوطا كبيرا فيها دون أن يكملها على شيخه؛ لمرض الشيخ بعد سنة من إجازته لصفاء الأعظمي. على أننا لا نشهد لأخينا إجازته بالسبعة فحسب، بل نعترف له أنه أخذ عن شيخه وشيوخ آخرين علوم العربية وشيئا من التفسير والحديث والفقه. نسأله تعالى أن ينفع بأخينا نشره العلوم التي حصّلها، والله الموفق".

وفاته :
فما زال عطاؤه موصولا في التدريس والإقراء وجمع تسجيلات القراء، والمشاركة في المحافل القرآنية، حتى توفاه الباري سبحانه، فجأة، عصر يوم الأربعاء 9 جمادى الأولى 1432 الموافق 13 أبريل 2011م، رحمه الله تعالى وغفر له.
وصُلِّيَتْ عليه صلاة الجنازة بمسجد بدر بالقنيطرة بعد عصر يوم الاثنين 14 جمادى الأولى 1432 الموافق 18 أبريل 2011 ، وكانت جنازة حافلة، بحيث حضرها تلاميذ الشيخ ومحبوه من مدن عديدة من المغرب، وذلك في اليوم الخامس لوفاته، وإنما تأخر دفنه لأسباب إدارية ضاع الحق فيها بين مكاتب القنصلية العراقية بالمغرب.
ودُفن الشيخ بمقبرة سيدي البخاري بمدينة القنيطرة في المغرب، وقبره معروف عند الشجرة التي تتوسط المقبرة، بجوار قبر شيخنا أحمد بن المفضل اليزيدي، وشيخنا محمد الهبطي المواهبي، المتوفَّيَيْن معا في حادثة سير بين القنيطرة و وزَّان عام 1424، وكانا يعرفان الشيخ في حياتهما، وكم لقياه وجالساه، وكتب الله أن يدفن بجوارهما، جمعنا الله بهم جميعا في مستقر رحمته.
هذا ما يسَّر الله جمعَه، الآنَ، من ترجمة شيخنا المقرئ صفاء الدين الأعظمي البغدادي، رحمه الله تعالى. وكتب تلميذُه أبو أويس إدريسُ بنُ محمد العلمي السجلماسِّيّ المغربي، عفا الله عنه، في ليلة الثلاثاء 7 رجب 1433 الموافق 29 ماي 2012، بمدينة تطوان قاعدة شمال المغرب حفظها الله من كل سوء، والحمد لله رب العالمين.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
جزاكم الله خيرا على نشر الترجمة وقد لازمت الشيخ رحمه الله وهو ببغداد قبل سفره للمغرب وقرأت عليه بجامع ابي حنيفة النعمان بالاعظمية وفي بيته وأفدت منه كثيرا وبقيت على تواصل معه وقت اقامته بالمغرب ولي منه إجازتين بفضل الله وأفادني بتراجم عديده لقراء مصورة عندي وقرأت ايضا على تلميذه الاستاذ شادي خالد سماره بتوصية الشيخ صفاء رحمه الله
وله عندي تسجيلا نادرا ساحاول نشره ان شاء الله لاحقا
رحم الله شيخي وأستاذي الشيخ صفاء الاعظمي واسكنه فسيح الجنان
 
عودة
أعلى