د محمد الجبالي
Well-known member
التسامح في غير موضعه
قال: سَامِحه واِرقً بأخلاقك.
قلت: إنه تَوَقَّحَ وتَطاوَلَ ولم يعتذر!
قال: كن أنت الأكرم واعف واصفح.
قلت: العفو والصفح عن مثل هذا إهانة للحق وتضييع للحق، بل ومَدعاة أن يَتَجَرَّأ ويَتَوَقَّح ويَتَطاوَلَ على غيري.
قال: إن التسامح خير وأفضل من الرد والانتقام.
قلت: مَنْ أمِنَ العقاب أساء الأدب، ومثل هذا الوَقِّح يجب أن يُؤَدَّب حتى يَنزَجٍر؛ فلا يعود لمثلها.
قال: التسامح لا يأتي إلا بخير.
قلت: لا ، ليس صحيحا، التسامح مع مَن يجب تأديبه وردعه لا يأتي بخير، بل على العكس، سيأتي بِشَرٍّ؛ لأنه سَيَتَمادَى وَقَاحَةً وبغيا، فلابد من الزجر والردع.
قال: إن الله عفو يحب العفو.
قلت: نعم، صدقت، وإن الله وَضَعَ الحدود لِيَقْتَصَّ للمظلوم من الظالم.
قال: إن الله يقول: (فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ )
قلت: أكمل الآية: (إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ). نعم العفو مطلوب محمود في حق من أخطأ أو أساء عن غير عمد، وفي حق من أخطأ أو أساء عمدا وأقَرَّ بخطئه،
أما في حق الباغي عمدا ولا يُقِرُّ بل هو مُصِرٌّ على بَغيِه فإن العفو مع مثل هذا هوان وضعف وذل، وتضييع للحقوق.
قال: إن ربك يقول: (فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِیلَ)
قلت: إن الصفح عن هذا وأمثاله ليس بجميل، بل هو قبيح، وقد تأكد لي فيه من سوء الخلق ما يُوجِبُ تأديبه وردعه، فالصفح عنه وعن أمثاله ليس بجميل، بل قبيح لأنه في غير مَحَلِّه.
قال: لعل صَفحَكَ عنه يجعله يتعلم ويتأدب.
قلت: ليس هذا أسلوب للتربية والتهذيب، ولقد وضع الله الحدود والعقوبات لضبط طباع وسلوك الناس وردعهم، ولولا الحدود والعقاب لصار المجتمع غابة يأكل الناس بعضهم بعضا.
قال: لا أتفق معك، العفو والتسامح أَحَبُّ إليَّ، وهو عندي أوْلَى.
قلت: إني أحب العفو والتسامح لكن مع مَن يستحق فقط، ومع مَن يُقَدِّرُه، وبه يَعَزُّ المتسامح ويعلو قَدره بعفوه وتسامحه، أما التسامح الذي يَحُطُّ بالمتسامح فلا، ثم لا.
والله أعلم.
خاطرة:
د. محمد الجبالي
قال: سَامِحه واِرقً بأخلاقك.
قلت: إنه تَوَقَّحَ وتَطاوَلَ ولم يعتذر!
قال: كن أنت الأكرم واعف واصفح.
قلت: العفو والصفح عن مثل هذا إهانة للحق وتضييع للحق، بل ومَدعاة أن يَتَجَرَّأ ويَتَوَقَّح ويَتَطاوَلَ على غيري.
قال: إن التسامح خير وأفضل من الرد والانتقام.
قلت: مَنْ أمِنَ العقاب أساء الأدب، ومثل هذا الوَقِّح يجب أن يُؤَدَّب حتى يَنزَجٍر؛ فلا يعود لمثلها.
قال: التسامح لا يأتي إلا بخير.
قلت: لا ، ليس صحيحا، التسامح مع مَن يجب تأديبه وردعه لا يأتي بخير، بل على العكس، سيأتي بِشَرٍّ؛ لأنه سَيَتَمادَى وَقَاحَةً وبغيا، فلابد من الزجر والردع.
قال: إن الله عفو يحب العفو.
قلت: نعم، صدقت، وإن الله وَضَعَ الحدود لِيَقْتَصَّ للمظلوم من الظالم.
قال: إن الله يقول: (فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ )
قلت: أكمل الآية: (إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِینَ). نعم العفو مطلوب محمود في حق من أخطأ أو أساء عن غير عمد، وفي حق من أخطأ أو أساء عمدا وأقَرَّ بخطئه،
أما في حق الباغي عمدا ولا يُقِرُّ بل هو مُصِرٌّ على بَغيِه فإن العفو مع مثل هذا هوان وضعف وذل، وتضييع للحقوق.
قال: إن ربك يقول: (فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِیلَ)
قلت: إن الصفح عن هذا وأمثاله ليس بجميل، بل هو قبيح، وقد تأكد لي فيه من سوء الخلق ما يُوجِبُ تأديبه وردعه، فالصفح عنه وعن أمثاله ليس بجميل، بل قبيح لأنه في غير مَحَلِّه.
قال: لعل صَفحَكَ عنه يجعله يتعلم ويتأدب.
قلت: ليس هذا أسلوب للتربية والتهذيب، ولقد وضع الله الحدود والعقوبات لضبط طباع وسلوك الناس وردعهم، ولولا الحدود والعقاب لصار المجتمع غابة يأكل الناس بعضهم بعضا.
قال: لا أتفق معك، العفو والتسامح أَحَبُّ إليَّ، وهو عندي أوْلَى.
قلت: إني أحب العفو والتسامح لكن مع مَن يستحق فقط، ومع مَن يُقَدِّرُه، وبه يَعَزُّ المتسامح ويعلو قَدره بعفوه وتسامحه، أما التسامح الذي يَحُطُّ بالمتسامح فلا، ثم لا.
والله أعلم.
خاطرة:
د. محمد الجبالي