التدين الشعبي المزعوم

إنضم
01/04/2014
المشاركات
356
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
..
يهتم الباحثون المتخصصون في علم الاجتماع بنوع جديد من البحوث الاجتماعية المرتبطة بالحالة الدينية للشعوب، وهو ما يعرف بـ"التدين الشعبي"، وفيه يقسم الباحثون الاجتماعيون التدين إلى نوعين "تدين شعبي" عام، و"تدين أصولي" نخبوي، وتتعدد هذه الدراسات، وتختلف من شعب إلى شعب، ومن ديانة إلى أخرى.وفي واقعنا العربي نشأت دراسات عدة من هذا النوع، تتحدث عن الازدواجية التي تعيشها بعض الشعوب الإسلامية، حيث يكون للدين حضوران؛ حضور بين العامة، وهو (الشعبي)، وحضور بين الخاصة- إن صح التعبير- وهو (الأصولي).المريب في أمر هذه الدراسات أنها تتجاوز حد الوصفية إلى التحليل، ثم عقد المقارنات، وهنا يظهر الانحراف وتتجلى مساوئ هذه الدراسات، حيث ينتصر الباحثون الاجتماعيون، لما أطلقوا عليه مسمى "التدين الشعبي"، في مقابل "التدين الأصولي" المستند إلى فهم "السلف الصالح".والتدين الشعبي بشكله الموصوف في الدراسات الاجتماعية أقرب إلى الانحراف منه إلى التدين، فهو انحراف عن الدين الحق، إلى خرافات وأساطير وطقوس ما أنزل الله بها من سلطان.وفي الواقع العربي والإسلامي ينطبق مسمى التدين الشعبي- أكثر- على الطقوس الموروثة عن الصوفية، وهي في غالبها طقوس وعبادات بدعية، انتشرت بين المتصوفة ومريدي الطرق الصوفية.وإلى هذا النوع من الدراسات أشار الكاتب "طارق الحمودي"، بموقع هوية برس المغربي، حيث أشار إلى ما تحويه مثل هذه الدراسات من فساد، ومن ذلك زعم الباحثين في هذا المجال أن التدين في المغرب نوعان؛ تدين شعبي، وتدين أصولي نخبوي، مبيناً أن هذا الكلام مستورد، أنتجه باحث غربي غير مسلم، جاهل بالإسلام وحقيقته وأصوله وعباداته، فالتفرقة بين التدينين اختراعه، واعتبار التقسيم فاسد، وفيه إسقاط وجهل..يضيف الكاتب: "صاحب هذا هو "إدوارد فسترمارك-Edvard Westermarck"، وهذا الرجل يعرفه الباحثون الاجتماعيون المغاربة، فهو ممن حاول قراءة التدين المغربي قراءة اجتماعية محملة بالأخطاء المنهجية والمعرفية، و"فيسترمارك" هذا، عالم اجتماع وأنثروبولجي فنلندي، والمصيبة الأبعد في هذا أن هذا الرجل عده بعضهم أول سوسيولوجي دارويني النزعة".من ناحية أخرى ذهب البعض كما أشرنا إلى اعتبار التدين الشعبي هو الدين وما خالفه تسلط ديني وسلطة غير روحية، ولهذا رأينا من الباحثين الاجتماعيين العرب من يستبدل مصطلح "التدين الشعبي" بمسمى "الدين الشعبي".ومن أمثلة هؤلاء الباحثين الكاتب المصري شحاتة صيام أستاذ علم الاجتماع بجامعة الفيوم، حيث صدر له مؤخراً كتاب في هذا الصدد عنوانه: (الدين الشعبي في مصر)، انتصر فيه للتصوف، معتبراً إياه الحاضنة الوحيدة للتدين الشعبي.وقد عرف صيام الدين الشعبي، أو التدين الشعبي بأنه "إسلام الطبقات الشعبية الضعيفة، التي تبتعد عن الإطار الرسمي وعن الحياة اليومية، وتنغمس في الحياة الروحية"، واصفاً إياه بأنه "تدين خارج إطار المؤسسات، متحرر من أية وصاية، هو منتج شعبي يهدف إلى مقاومة كل سلطة دينية".للدراسات الاجتماعية أهمية كبرى، وهي كغيرها من الدراسات البحثية، تحتاج إلى مرجعية دينية منضبطة، كي تنضبط بها نتائجها، ولا تنحرف عن الجادة، وفي ذات الوقت يحتاج الباحثون- بصفة عامة- إلى النظر في القضايا العلمية بشيء من الإنصاف والموضوعية حتى لا تصطبغ نتائج أبحاثهم بالصبغة الشخصية، وتتمحور حول ما يريده الباحث لا حول ما هو واقع ومشاهد.من خلال ما سبق يتبين للناظر مدى الخطأ والخلط الواقع فيه المقسمون للتدين، إلى تدين شعبي وآخر أصولي، فالتدين واحد، يتلمس فيه أصحابه خطى السلف الصالح، أما ما عدا ذلك، مما يسمى بـ"التدين الشعبي"، هي ممارسات منحرفة، سلك فيها أصحابها مسلكاً مخالفاً لصحيح الدين وطريقة السلف الصالح- رضوان الله عليهم-.
http://alburhan.com/main/articles.aspx?article_no=5889#.Va0C3fmqqko
 
التدين الشعبي المزعوم

الأخ الأمين الهلالي أشكركم على مقالكم وحسن نيتكم الظاهرة. تعلمون أن الحاجة إلى المصطلح تنشأ عندما يحتاج أهل حقل دراسي معين توصيف ظاهرة ما توصيفاً أدق مما يراه الناس من خارج الدايرة المعنية. فإذا احتاج الباحثون الاجتماعيون أن يقسموا أنماط التدين التي لدى الناس إلى نوع شعبي لا علاقة له بمدرسة ونمط عالم أو مرتبط بمدرسة من المدارس لغرض يفيدهم في توصيف المجتمع وتسليط الضوء على ظاهرة من ظواهره فلا أرى ما يمنع من ذلك دون مشاحة في الاصطلاح. فالتدين على "طريقة السلف الصالح" هو نوع واحد من أنواع التدين العلمي فيوجد معه التدين بدراسة متن من المتون الفقهية ويوجد معه التدين بطريقة الحوزة الشيعية المتعددة المراجع وهذه كلها يقابلها تدين شعبي يحب الله ورسوله ويمتاز بفطرته وحبه للخير وقابليته للاختراق لعدم تسلحه بسلاح العلم. وما القول بأن التدين إنما هو وفقا لمدرسة واحدة أو طريقة واحدة في التعليم إلا كلام أيديولوجي دعائي لتلك المدرسة. وهو في علم الاجتماع نوع من رفض العلم واستعصاء على التحليل. أو هو على الأقل مقاربة معيارية للتدين لا هي توصيفية ولا تحليلية للظاهرة.
ونحن من غير الاجتماعيين لا نحتاج لهذا التفريق ولكنا قد نشعر بوجوده أحيانا حين نحتك ببعض فئات المجتمع غير المتعلمة.
وفي رأيي أن هذا التقسيم يفيد أكثر مما يضر لأن مذهب السلف نفسه قد أساء إليه المنحدرون من "التدين الشعبي" فشوهوا سمعته بتعصبهم وتصدرهم للمجالس قبل أن يتفقهوا ويحذقوا أساسيات مدرسة السلف أو التعبد على مذهب السلف. فحتى نحن من خارج دائرة الاجتماعيين يمكن أن نستفيد من هذا التقسيم.
وأحسن من رأيته تحدث عن هذا النوع من التقسيمات هو ماكس فيبر حين قرر "أن جميع المصطلحات والمفاهيم هي إلى حدٍّ ما تحكّمية/اعتباطية/كيفيّة/عشوائية وإن فائدتها إنما تتحدد بمساهمتها في تقدم البحث وصناعة النظرية" [أورده بلتيمور في "تمهيد في علم الاجتماع"]
 
الاخ الدكتور عبدالرحمن
جزاك الله خيرا لما كتبت من إفادة،
ولا مشاحة في الاصطلاح.
وقد ذكر الكاتب انه يُنكر عليهم بلوغ المقارنة ثم الحكم،
وخلاصة ما اريده من المقالة وانت أشدّ إرادة مني، هو التذكير بقوله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) فإن اشتبه مصطلح السلف الصالح أو شِيبَ بشوائب، فلن يشتبه المردّ المذكور في الآية.
فلا فضل لتدين على تدين إلا بالمردّ إلى الله والرسول عليه والصلاة والسلام.
 
عودة
أعلى