#التدرج ليسَ من #الشريعة / الجزءُ الرَّابعُ

بشر خنفر

New member
إنضم
23/02/2015
المشاركات
29
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
العمر
43
الإقامة
الأردن
بسم1
#التدرج ليسَ من #الشريعة / الجزءُ الرَّابعُ
5. ومن الأدلةِ القاطعةِ على بُطلانِ التدرجِ في الشريعةِ بعدَ عهدِ تنزيل الأحكامِ قولُهُ تعالى: " أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ".
قال القرطبيُّ في تفسيرِهِ: "قال علماؤُنا: كان اللهُ تعالى قد أخذ عليهم أربعةَ عُهودٍ: ترك القتل، وترك الإخراج، وترك المظاهرة، وفداءُ أساراهم، فأعرضوا عن كلِّ ما أُمروا به إلا الفداء، فوبَّخهم اللهُ على ذلك توبيخاً يُتلى، فقال: " أَفَتُؤۡمِنُونَ بِبَعۡضِ ٱلۡكِتَٰبِ" وهو التوراةُ "وَتَكۡفُرُونَ بِبَعۡضٖۚ"!!.
قلتُ (القولُ للقرطبيِّ) : "وَلَعَمْرُ اللهِ لقد أعرضْنا نحن عن الجميعِ بالفتنِ، فتظاهر بعضُنا على بعضٍ، ليتَ بالمسلمين (فبنو إسرائيل تظاهر بعضُهم على بعضٍ، ولم يتظاهروا بغيرهم على بني جلدتِهم)، بل بالكافرين، حتى تركْنا إخوانَنا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكمُ المشركين، فلا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ العلي العظيم" انتهى.
نعم أمرهم اللهُ بأوامر فضيَّعوا بعضَها، وفعلوا بعضَها الآخَر، فوصفهم اللهُ بالكفرِ ببعضِ الأحكامِ، والكفرُ ببعضِ الأحكامِ كفرٌ بها كلِّها، أفلا ترى أن اللهَ توعَّدهم بما توعَّد به الكافرين؟
قال تعالى: " فَمَا جَزَآءُ مَن يَفۡعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمۡ إِلَّا خِزۡيٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰٓ أَشَدِّ ٱلۡعَذَابِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ٨٥ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشۡتَرَوُاْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابُ وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ".
فهذا الوعيدُ الأكيدُ الشديدُ الرهيبُ المُخيفُ الأقوى والأنكى والأبقى هو لمَنْ آمن ببعضِ الكتابِ أي أخذَ وطبَّقَ بعضَ أحكامِ الكتابِ، وكفر ببعضِهِ الآخَر أي لم يأخذ ببعضِ أحكامِه ولم يُطَبِّقْها ولمْ يجعلْها عملاً ظاهراً للناسِ.
ومن المعلومِ أنَّ العبرةَ بعمومِ الألفاظِ لا بخصوصِ الأسبابِ، فالكلامُ مُوَجَّهٌ لبني إسرائيلَ وفيهِ تحذيرٌ للمسلمين من أنْ يُشابهوهم في أفعالِهم وأقوالِهم، فلقد روى الشيخانِ عن أبي سعيد الخدري – رضيَ اللهُ عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبرٍ، وذراعاً بذراعٍ، حتى لو سلكوا جُحر ضبٍّ لسلكتُموه". قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال: " فمن ".
حذّر اللهُ من الإيمانِ ببعضِ الكتابِ، والكفرِ ببعضِهِ الآخر، حذَّرَ من أخذ بعضِ الأحكامِ وتركِ بعضِها، وليس التدرج إلا هذا، فلقد أكملَ اللهُ الدينَ، ووصل الدينُ إلينا بحمدِ اللهِ كاملاً بمعالمِه وأحكامِه، فلا يجوزُ أن نتركَ بعضَه، ونأخذ بعضَه، وإلا وقعْنا فيما وقع فيهِ بنو إسرائيل، عندما امتثلوا لبعضِ أحكامِ الكتابِ، ولم يمتثلوا للبعضِ الآخَر، وهذا ما سيؤدي بنا الأخذُ بكذبةِ وفريةِ التدرج.
سنكونُ في بعضِ الأزمنةِ (وقد تطولُ كما ذكرتُ لكم حتى تموتَ أجيالٌ كاملةٌ على هذا، وهذا ما حصلَ فعلاً ونحنُ ننتظرُ #الأحزاب الإسلامية المُتعلمنةَ!! أنُ تُقيمَ لنا الدينَ، فزحفت على بطنِها، وجثت على رُكْبَتِها أمام قِبابِ البرلماناتِ، وخَنعوا وخضعوا للدساتيرِ الوضعية، فبدلاً من أن يُطالبوا بحكمِ الإسلامِ، طالبوا ببَنْدِ "دينُ الدولةِ الإسلام" فما زادهمُ اللهُ إلا ذُلاًّ ومسْكنةً.
أليس منكم رجلٌ رشيدٌ؟ أيُّ دينٍ هذا الذي يريدُه منا دُعاةُ التدرج؟! الكتابُ عندنا فيهِ الطهارةُ والصلاة والصيامُ والزكاةُ والحج، والأمر بالمعروفِ والنهيُ عن المنكر، والجهادُ والدعوةُ، والجنائزُ وأحكامُ أهل الذمة والأمان والعهد، والقضاءُ والشهاداتُ، والبيعُ والشراءُ والإجارةُ والهبةُ والوقفُ والشراكةُ والوديعةُ والجُعلُ والوكالة والكفالةُ، والقصاص والحدودُ كحد الزنا وشرب الخمر والقذف وعمل قومِ لوط والردة والحِرابة، وقتال أهل البغيِ، والصلح والأيمانِ والنذور والكفارات، والوصية والميراثِ.
وأصحابُ التدرج يُجيزونَ للأمةِ، ويُزَيِّنون لأصنامِ #العلمانية الحديثةِ - خصوصاً العلمانية غير القمعية التي أخذت نموذجَ العلمانيةِ الأوروبي والأمريكي، فطبقوه في ديارِ المسلمين، فانخدع بهم العوام والأحزابُ #الإسلاعلمانية !! – أنْ يكفروا ببعضِ الكتابِ بألا يُطبقوهُ وألا يعملوا به ولا يحكموا بهِ، وأنْ يؤمنوا ببعضِه الآخَر.
فدعاةُ التدرجِ الكاذب الموهوم آمنوا ببعضِ الكتاب وكفروا ببعضِه الآخر عَمَلاً وإنِ ادَّعَوْا أنهم يؤمنونَ بجميعِ الكتابِ في قلوبِهم، ولكن في الواقعِ فعلوا كما فعل بنو إسرائيل، فليست العبرةُ في الإيمانِ الباطنِ فحسْب، وإنما المطلوبُ هو الإيمانُ ظاهراً وباطناً، الإيمانُ بالجوارحِ عَمَلاً وبالقلبِ اعتقاداً وتسليماً ورضىً وإيماناً.
سيقولون: لقد فعْلنا كذلك لأجلِ المصلحة، ويكونُ ذلك مؤقَّتاً، حتى يحينَ الوقتُ المُناسبُ!!!
نقولُ لهم:
أ. متى الوقتُ المُناسبُ؟ ما هو البرنامجُ الزمنيُّ الذي وضعتموه؟ أم أنه قد يأخذُ قروناً يتطاولُ عليكمُ العُمُرُ فيها؟ أمْ أنكم خُبثاُ ومكراً تريدون أنْ تُنسوا الأمةَ تطبيقَ حكمِ الشريعة؛ إيثاراً منكم لمنهج السلامةِ؟! فلا برنامج زمني محدد، ولا برنامج عملي واضح، فالتدرج صارَ شيئاً عامًّا موهوماً، توهمون الناسَ بهِ أنكم تريدون تطبيقَ الشريعة، وفي الحقيقة الشريعةُ ليست في قاموسِكم.
ب. اللهُ قال عن الذين يُطبقون بعضَ أحكامِ الكتابِ ولا يأخذون ببعضِها الباقي أنهم آمنوا ببعضِ الكتابِ وكفروا ببعضٍ وكان ذلك في وقتٍ مُعيَّن، في زمانٍ معيَّن، فهم فعلوا ذلك، بغض النظر عن إطالتِهم لمدة هذا الفعل أم أنهم لم يطيلوا المدة، فمَنْ فعلَ فعلَهم ولو في زمنٍ مُعيَّنٍ أخذَ حكمَهم، فلقد آمن ببعضِ الكتابِ وكفر ببعضٍ بغض النظر عما سيفعلُه مستقبَلاً؛ إذ إننا لسْنا مطالبينَ بمعرفةِ ماذا سيفعلُهُ هذا الوغدُ اللعينُ في المستقبلِ القريب، نحنُ لنا أن نحكمَ على الظاهرِ في وقتٍ معيَّن، بناءً على عملٍ مُعيَّن، فلو مات الذي آمن ببعض الكتاب وكفر ببعضٍ، على ما هو عليهِ، بُعث يومَ القيامة مؤمناً ببعض الكتابِ، كافراً ببعضٍ، وبُعثَ يومَ القيامةِ وهو مُقصِّرٌ في بعضِ الأحكامِ، عاملٌ لبعضِها الآخَر.
فلقد روى البخاريُّ عن عمرَ بنِ الخطابِ - رضي اللهُ عنه - أنه خطبَ فقال: "إنَّ أُناساً كانوا يُؤخَذون (أي يُعاقَبون ويُبَيَّنُ ما هم عليه من الخطإ) بالوحيِ في عهدِ رسولِ اللهِ - صلى اللهُ عليهِ وسلَّم - وإن الوحيَ قدِ انقطع، وإنما نأخذُكم الآن بما ظهرَ لنا من أعمالِكم".
#تأمل قولَ أميرِ المؤمنين:
*من ظهرَ منه الصلاحُ نحكمُ عليهِ بالصلاحِ، ولا نشقُّ عن قلبِه، ونحنُ لسْنا مُطالبين بالكشفِ عن باطنِه، وإن كان باطنُهُ فاسقاً أو فاجراً أو كافراً.
*من ظهرَ منه الفسادُ نحكمُ عليهِ بالفسادِ، ولا نشقُّ عن قلبِه، ونحنُ لسْنا مُطالبين بالكشفِ عن باطنِه، وإن كان باطنُهُ مؤمناً أو مسلماً أو مُحْسِناً، ولسْنا مطالبين بمعرفةِ مستقبلِ علاقتِه مع اللهِ تعالى.
فنحكمُ على العلماني بما ظهر منه، ونحكمُ على المؤمنِ بما ظهر منه.
فلْنَأخذ بكلامِ أمير المؤمنين #عمر_بن_الخطاب ودعونا من #الأئمة_المضلين .




أخوكمُ المُحِبُّ
أبُو مُحمَّدٍ
#بشر_خنفر
عمَّان البلقاء
الأحد
24/11/1437
28/8/2016

 
عودة
أعلى