التحقيق في مسألة مراتب القلقلة

إنضم
10/04/2005
المشاركات
1,122
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
الجزائر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

اختلف المتأخّرون في مراتب القلقلة إلى مذهبين.
فالمذهب الأول يرى أنّ للقلقلة مرتبتان وهي الصغرى و الكبرى. فالصغرى هي التي تكون في الساكن لغير الوقف نحو الباء في { يبْتغون } والقاف في { خلقْنا } والكبرى تكون للوقف في الحرف المتطرّف نحو الباء في { أبي لهب } والقاف في { الحقّ } والدال في { قل هو الله أحد } { الله الصمد } ونحو ذلك. وعلى هذا القول تختصّ القلقلة بالحرف الساكن فقط دون المتحرّك وعليه فصفة القلقلة إذاً صفة عارضة حيث تعرض للحرف حال سكونه فقط، وهو مذهب أهل الشام حالياً.

المذهب الثاني : أنّ للقلقلة أربعة مراتب وهي :
- الحرف الساكن المشدّد الموقوف عليه نحو الباء في { الجبّ } و{ تبّ } والقاف في { الحقّ }.
- الحرف الساكن المخفف الموقوف عليه نحو القاف في { خلاق } والدال في { أحد } ، و { الصمد }.
- الحرف الساكن لغير الوقف نحو الباء في { يبتغون } والقاف { خلقنا }.
- الحرف المتحرّك نحو القاف في { القمر } ، والباء والطاء في { وبَطَلَ }.
فصفة القلقلة في المراتب الثلاثة الأولى تكون كاملة وفي المرتبة الأخيرة أصلها.
وهو المذهب المشهور والمأخوذ به اليوم وهو الصحيح كما سيأتي ، وهو امتاز عن الأوّل بالتفريق بين المشدّد والمخفف وإثبات أصل القلقلة في المتحرّك.
مناقشة أدلّة كلّ مذهب :
استدلّ المذهب الأوّل بقول ابن الجزري رحمه الله :
[align=center]وبيّنن مقلقلاً إن سكنا.......وأن يكن في الوقف كان أبينا[/align]فاستدلوا بهذا البيت على أنّ المقلقل لا يكون إلاّ في الساكن لقول ابن الجزري رحمه الله ( إن سكنا) من جهة ، ومن جهة أخرى أنّ ظاهره يدلّ على أن للقلقلة مرتبتان وهما الساكن لغير الوقف والساكن للوقف الذي يكون أبين.
وهذا الاستدلال غير صحيح لعدّة أسباب :
السبب الأوّل : أنّ قول ابن الجزري رحمه الله ( وبيّناً مقلقلاً إن سكنا ) لا يدلّ على منع أصل القلقلة في المتحرّك بل مراده بيّنها وأشبعها في الساكن. وهو كقوله ( وأظهر الغنّة في نون ميم إذا ما شدِّدا ) أي مكّن الغنّه وأشبعها عند تشديد الميم والنون ، ولا شكّ أنّ ما قاله رحمه الله لا يدلّ على امتناع الغنّة في النون والميم المتحرّكتين أو الساكنتين المظهرتين كما هو معلوم.
السبب الثاني : من المعلوم أنّ القلقلة ناتجة عن صفتين لازمتين وهما الشدّة والجهر ، فالشدّة منعت الصوت من الجريان والجهر منع النفس من الجريان ، فاحبس الصوت والنفس جميعاً ، فاحتاج الحرف إلى نبرة وهي التي تسمّى بالقلقلة حتّى يتمكّن الصوت من الخروج ليكون مسموعاً. فبالله عليك كيف تنشأ صفة عارضة عن صفتين لازمتين ؟ فإن كان الحرف شديداً ومجهوراً حال تحرّكه فما الذي يمنع من وجود أصل القلقلة في المتحرك إذ إنّ القلقلة نائشة عن الشدّة والجهر كما سبق. ولذلك قال المرعشي في جهد المقل ص149 " واعلم أنّ القلقلة باجتماع الشدّة والجهر كما في بعض الرسائل - شرح الدر اليتيم - يشير إلى أنّ حروف القلقلة لا تنفكّ عن القلقلة عند تحرّكها وإن لم تكن القلقلة عند تحرّكها ظاهرة ، كما أنّ حرفـي الغنّة وهما النون والميم لا يخلوان عن الغنّة عند تحرّكهما وإن لم تظهر" اهـ. وقال الشيخ محمد مكّي نصر " والحاصل أنّ القلقلة صفة لازمة لهذه الأحرف الخمسة لكنّها في الموقوف عليه أقوى منها في الساكن الذي لم يوقف عليه وفي المتحرّك قلقلة أيضاً لكنّها أقلّ فيه من الساكن الذي لم يوقف عليه لأنّ تعريف القلقلة باجتماع الشدّة والجهر..اهـ" (نهاية القول المفيد ص55).
السبب الثالث : أنّ في جميع الكتب القديمة والحديثة نجد أنّ القلقلة منصوصة ضمن الصفات اللازمة كالاستعلاء والرخاوة والجهر وغيرها إذ لو كانت صفة عارضة لوجدناها منصوصة ضمن الصفات العارضة كالتفخيم والترقيق والإدغام والإظهار وغيرها وهي الصفات التي اختلف القراء فيها بخلاف الصفات اللازمة ومن بينها صفة القلقلة لا خلاف فيها بين القراء بل ولا عند أهل اللغة.

أمّا التفريق بين المشدّد والمخفف فملموس سمعاً وأداءاً ونصاً حيث أنّ المشدّد بمثابة حرفين مخففين لذلك كان أقوى من المخفف وقد نصّ القدامي على ذلك فقال القرطبي (ت461) في الموضح وهو يتكلّم عن المشدّد : " إلاّ أنّ مُكثُهُ واحتباسُهُ في المشدّد لما حدث من التضعيف أكثر من مكثِهِ واحتباسه في المخفف ..." الموضح ص140 وقال ابن الجزري " فينبغي للقارئ أن يبيّن المشدّد حيث وقع ، ويعطيه حقّه ليميّزه عن غيره " التمهيد ص204 ونكتفي بهذين النصّين دلالةً أنّ المشدّد أبين من المخفف فلا مانع إذاً من التفريق بينهما في مراتب القلقة كما في الغنّة حيث أقوى المراتب في الغنّة هي مرتبة النون والميم المشددتين.
وعلى ما ذكرنا يظهر جلياً أن المذهب الثاني هو الأقرب إلى صواب لكونه لا يخالف نصاً من النصوص المعتبرة وهو الملموس من الناحية العملية.
ثمّ إنّ الخلاف في هذه المسألة لايضرّ لأنّ الخلاف فيه لفظيّ لا يترتّب عليه تغييرٌ في الصوت القرءاني وإنّما ذكرناه من باب الفائدة.

هذا ما أردتّ قوله باختصار في هذه المسألة ولا أدّعي الكمال فيما ذكرت وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

محمد يحي شريف الجزائري.
 
ثمّ إنّ الخلاف في هذه المسألة لايضرّ لأنّ الخلاف فيه لفظيّ لا يترتّب عليه تغييرٌ في الصوت القرءاني وإنّما ذكرناه من باب الفائدة.
شيخنا الفاضل الاخ محمد يحيى شريف:
استوقفتني هذه العبارة فاعترضت اعتراض مستفهم لا مستنكر.
ان الصوت القرآني في الكبرى(المشددالموقوف عليه) يختلف عن الوسطى(المخفف الموقوف عليه) فالاول في انقطاع للصوت يسير ثم انطلاق صويت القلقلة ونبرته، وليس في الوسطى ذلك الانقطاع .
أرجوك استمع الى سورة المسد وركز على الوقف على (وتبَّ) و(كسبَ) مثلا عند الحصري وعبدالباسط عبد الصمدرحمهم الله وغيرهم
أرجو افادتي بجواب لاستفهامي لا لاستنكاري لعلي قد بان لي شيء وغابت عني اشياء.
اعتذر عن التطفل حيث اني لست من ذوي الشأن في التجويد كحضراتكم
 
شيخنا الفاضل الاخ محمد يحيى شريف:
استوقفتني هذه العبارة فاعترضت اعتراض مستفهم لا مستنكر.
ان الصوت القرآني في الكبرى(المشددالموقوف عليه) يختلف عن الوسطى(المخفف الموقوف عليه) فالاول في انقطاع للصوت يسير ثم انطلاق صويت القلقلة ونبرته، وليس في الوسطى ذلك الانقطاع .
أرجوك استمع الى سورة المسد وركز على الوقف على (وتبَّ) و(كسبَ) مثلا عند الحصري وعبدالباسط عبد الصمدرحمهم الله وغيرهم
أرجو افادتي بجواب لاستفهامي لا لاستنكاري لعلي قد بان لي شيء وغابت عني اشياء.
اعتذر عن التطفل حيث اني لست من ذوي الشأن في التجويد كحضراتكم
ما زلت أسأل، فهل من جواب؟
 
يبدو أن المسألة هنا متفرعة عن اختلاف العلماء في طول زمن الحرف المشدد ، فقد انقسموا على مذهبين :
الأول : يذهب إلى أن المشدد يقوم مقام حرفين ويستغرق في النطق ما يستغرقه الحرفان من الوقت وهو مذهب مكي القيسي والقرطبي
والثاني : أن المشدد أطول من الحرف الواحد زمناً ، وأقصر من زمن الحرفين . وعليه ظاهر كلام الداني وهو مذهب الرضي والجاربردي
بيد أن الرأي الثاني غلب في كلام الصرفيين وعنهم يبدو أنه أُخِذَ ؛ لكن عباراتهم ظلت من الناحية الصوتية تؤكد على ( الاعتماد على مخرجه بقوة ) كما في عبارة الرضي ، وعبارة الداني في التحديد أوضح إذ قال : ( واحتباسه في موضع الحرف لما زاد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه بالحرف الواحد ) .
وقال مكي في الرعاية ص 259 -260 ( تح أحمد حسن عرفات ) : ( إنَّ الوقف على الحرف المشدد ، فيه صعوبة على اللسان ؛ لاجتماع ساكنين في الوقف غير منفصلين ، كأنه حرف واحد ، فلا بد من إظهارالتشديد في الوقف في اللفظ ، وتمكين ذلك حتى يظهر في السمع التشديدُ ..... فإذا سكَّنت آخره للوقف صار اللسان ينبو بساكنين غير منفصلين نبوةً واحدةً ، وذلك فيه تكلَّفٌ ، فيجب التحفظ بذلك )
 
ما زلت أسأل، فهل من جواب؟

يقصد الشيخ محمد أن الخلاف بين الفرقين لفظي , بمعنى ان نطق الفريقين متحد , فالفريق الأول يتلفظون ب‏(تب ) مثل الفريق الثاني , ويتلفظون ب‏(‏ كسب ) كذلك , إنما هو خلاف في التوصيف فقط .
 
إنَّ من ذهب للتسوية بين النطقين رأى أن المشدد حرفان تكون القلقلة في الثاني لذلك يستوي في نطقه مع غير المشدد والحقيقة أن النطق بالمشدد ليس كذلك وعبارة مكي فيه واضحة بقوله : ( فإذا سكَّنت آخره للوقف صار اللسان ينبو بساكنين غير منفصلين نبوةً واحدةً )
وفي بحث في القلقلة قيل : الإدغام يُصَيِّر الحرفين حرفاً واحداً مشدداً يأخذ حكماً واحداً من غير فصل بين الحرفين المدغمين في الحكم ، ألا ترى أننا نقول أن حكم الراء في كلمة (سِرَّاً ) مثلاً مفخمة ولو فصلنا بينهما في الحكم لقلنا الراء الأولي مرققة لسكونها أثر كسر والراء الثانية مفخمة لأنها مفتوحة ، وهذا لا يفعله أحد ولا يقول به . لأن الإدغام يصير الحرفين حرفاً واحداً مشدداً بحكم واحد ، ولذا قلنا الراء مفخمة لأنها مفتوحة ؛ هكذا الحكم في القلقلة ، فتكون القلقلة صفة للقاف المشددة في كلمة (الحق )من غير فصل بين القاف الأولى والثانية كما الراء في (سِرَّاً ) .
 
مشاركة

مشاركة

وقد قمت بتسجيل المقطعين ( تبّ) المشدد من لفظة ( وتبّ ) ، و( سب) من لفظة ( كسَب ) بقراءتي عبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوي رحمهما الله تعالى ، على أحد الأجهزة الصوتية ، وظهر جلياً الفرق بين نطق البائين ، كما في الصورتين الآتيتين :
index.php
[/url][/IMG]
و

فرحم الله علماءنا ما أدقهم لما قالوا وانظر إلى الصور ولا سيما في قراءة عبد الباسط رحمه الله :
ان الصوت القرآني في الكبرى (المشددالموقوف عليه) يختلف عن الوسطى(المخفف الموقوف عليه) فالاول فيه انقطاع للصوت يسير ثم انطلاق صويت القلقلة ونبرته ، وليس في الوسطى ذلك الانقطاع .
ولما رأيت وصفهم على تخطيطة القراءة وجدتني أصف حالي معهم :
قلتم وقلنا فكان البون بينهما ......... حتى ليفتضح الجديدُ بقولهِ
فيعود مبصرُنا الغداةَ لعُمْيكُم ..........عوْدَ الغريبِ إلى منازل أهلهِ​
والله أعلم بالصواب
 
قال علي القاري رحمه الله ( ثم لا شك أنه إذا تكرر حرف القلقلة مدغما ؛ تكون المبالغة في القلقلة متعينا نحو ( الحق ، وتب ، الحج ، وصد ) .
 
أشكركم على تحويل الموضوع الى صفحة التجويد والرسم وعلى اثراء الموضوع
وطبقاً للصور الرائعة التي أعدها د.عامر فان زمن صوت المقلقل المشدد الموقوف عليه أطول من المخفف،
وطبعاً زمن صوت النون والميم المشددتين بالوقف أطول من المخففتين (الغنة حركتان)
اما بقية المشددات الموقوف عليها فلم نلحظ من تسجيلات القراء زيادة في ازمنة ادائها بل هو النبر بالمقطع الصوتي (الحركة) التي تسبقه، وطبعا يوقف عليه بزمن رخاوته او شدته او بينيته مع الاخذ بنظر الاعتبار همسه او جهره.
وبهذا (ارى) ان المشدد الموقوف عليه(غير المقلقل والأغن) لا زيادة في زمنه اذ لا ادغام بين حرفيه بل انهما التقيا ساكنين فأكرمناهما بقوة الضغط بالاداء لتحقيق اظهار وتبيين المشدد ، حتى لا يتساوى صوت ساكن مع ساكنين.

وهذا الاظهار او النبر يذكرنا بالوقف على مستقرّ(وليس على قدَر) او ضلّ(وليس على عمل) او بثّ(وليس على نفث) او تهتزّ(وليس على الجرز) او أحسّ(وليس على عسعس)او أهشّ(وليس على الفواحش) او يحضّ(وليس على مرض) او عدوّ(وليس على يدعو) او النبيّ(وليس على يمشي)، او يوجههّ (وليس على له)، او أردتّ(وليس على أبت) ، او شكّ(وليس على هلك).

ارجو المعذرة - طولتها عليكم-
 
في البيتين السابقين تداخل في الوزن ، سببه الارتجال ، صوابهما :
شتان بين كلامِهم وكلامِنا ......... حتى ليفتضحَ الجديدُ بقولهِ
ويعودُ مبصرُنا الغداةَ لعُمْيهِم...... عوْدَ الغريبِ إلى منازل أهلهِ​
 
عودة
أعلى