التحقيق في الوقت الذي يتبرأ فيه إبراهيم الخليل من أبيه آزر

إنضم
25/04/2003
المشاركات
264
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
السعودية
[align=justify]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة:114].
وقد اختلف المفسرون في الوقت الذي تبرأ فيه إبراهيم الخليل عليه السلام من أبيه آزر على قولين:
الأول: أنه تبرأ منه في الحياة الدنيا لما مات مشركاً.
رُويَ ذلك عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وعمرو بن دينار والحكم والضحاك، والأثر عن ابن عباس أخرجه الطبري بسند صحيح، كما قال الحافظ ابن حجر.
الثاني: أَنَّ التبرأ كائن يوم القيامة حينما ييئس إبراهيم من أبيه بعد مسخه.
رُويَ ذلك عن سعيد بن جبير، وعبيد بن عمير.
انظر: تفسير الطبري (6/492-493)، وفتح الباري، لابن حجر (8/359).
والذي يَظْهُرُ صَوَابُه ـ والله تعالى أعلم ـ أَنَّ تبري إبراهيم من أبيه كائنٌ يوم القيامة، ذلك أَنَّ إبراهيم يطلب لأبيه الشفاعة يوم القيامة ظناً منه أَنَّ ذلك نافعه، فإذا قال الله لـه: إني حرمت الجنة على الكافرين، ومُسِخَ أبيه ذيخاً علم أَنَّ ذلك غير نافعه، وأنه عدو لله، فيتبرأ منه في الحال.
وهذا الاختيار ليس فيه ما يخالف الظاهر من سياق الآية؛ إذ ليس في الآية ما يدل على أَنَّ هذا التبري كائن في الدنيا، والآية وإنْ رُويَ في تفسيرها عن ابن عباس أَنَّ ذلك كائن في الدنيا إلا أَنَّ الدليل قد دل على خلافه، وسأذكر من الأدلة ما يؤيد كون ذلك في الآخرة:
لقد حكى لنا القرآن الكريم في غير ما موضع قصة إبراهيم الخليل عليه السلام، وبيَّنَ تعالى في عدة مواضع أَنَّ إبراهيم دعا لأبيه واستغفر لـه، وهذا الاستغفار وقع بعد مفارقته لأبيه واعتزاله لـه، وهو بعد تلك المفارقة لا يدري ما حال أبيه، وهذا واضح من سياق الآيات الواردة في سورة مريم؛ حيث قال تعالى ـ بعد حكاية للمحاورة التي جرت بينهما ـ: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم:47-49].
فقولـه: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} وَعْدٌ من إبراهيم بالاستغفار لأبيه، وقد وفَّى بذلك الوعد حينما هاجر إلى مكة، فإنه دعا لأبيه هناك، وهذا الدعاء والاستغفار وقع منه بعد أنْ وهبه الله تعالى إسماعيل وإسحاق، والذي كان بعد اعتزاله لأبيه، حيث قال سبحانه: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36) رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء (38) الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم:37-41]، وهذه الآيات واضحة الدلالة في تأخر استغفار إبراهيم لأبيه، وأنه كان بعد اعتزاله لـه.
وظاهر سياق الآيات في سورة إبراهيم أَنَّ دعاء إبراهيم لأبيه كان في آخر حياة إبراهيم، لقولـه في الآيات: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ}، ثم إنه بعد هذا الدعاء دعا لأبيه فقال: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} فدلَّ على أَنَّ دعاءه لأبيه وقع في آخر حياته عليه السلام.
وفي قولـه تعالى في سورة الممتحنة: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة:4]، دلالة واضحة على أَنَّ استغفاره كان بعد وفاة أبيه، لأنه لو كان في حياته لم يُمْنَعْ منه؛ لأنه يجوز الاستغفار ـ بمعنى طلب الإيمان ـ لأحياء المشركين.
ولم يأتِ في شيء من تلك الآيات التي تحكي لنا قصة إبراهيم أَنَّ الله تعالى نهاه عن الاستغفار لأبيه، ولم يأتِ في تلك الآيات أيضاً أَنَّ إبراهيم رجع لأبيه بعد اعتزاله لـه، بل الظاهر أنه لم يلقَ أباه بعد تلك المحاورة.
وبهذا يتبين أَنَّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يتبرأ من أبيه في حياته، بل لم يزل مستغفراً لـه حتى مات، ولم يزل مستغفراً لـه حتى بعد الممات، وأنه لن ينكشف لـه أنه عدو لله إلا في الآخرة حينما يلقاه فيطلب لـه الشفاعة فيُعْلِمُه الله تعالى بأنَّ الجنة حرام على الكافرين، ويمسخ أباه ذيخاً؛ فيعلم حينئذ أنه عدو لله ويتبرأ منه.
ومما يقوي كون التبري في الآخرة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لـَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ. ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ؛ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ». رواه البخاري.[/align]
 
فتح الله عليك أخي أحمد ،واستوقفتني للتوّ كلمة"ذيخا" عند الطبري رحمه الله ،ما المقصود بها ؟ هل هو اسم أبي إبراهيم ؟ وإذا كان كذلك فما الغرض عند الطبري بالتعبير به وعدم التعبير باللفظ القرآني (آزر ) 0وشكراً0
 
للتحقق من صحة النقل

للتحقق من صحة النقل

لم أجد عند الطبري مسألة مسخ والد إبراهيم ( ذيخا ) ، وإنما الوارد فيه أنه في صورة قرد أو ضبع .
انظر الطبري ج 12 ص 32 - طبعة دار هجر بمصر .
 
الشيخ الكريم الجكني /

(الذيخ بكسر الذال المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم خاء معجمة : ذكر الضّباع ، وقيل لا يُقال له ذيخ إلا إذا كان كثير
الشّعر..) انظر : (فتح الباري : تحقيق عبد القادر الحمد) : كتاب تفسير القرآن : 8 / 369
 
وفي كتب اللغة :

الذِّيخُ الذكرُ من الضّباع الكثير الشعر , والجمع أَذْياخ و ذُيوخٌ و ذِيَخَةٌ والأُنثى ذِيخة ; والجمع ذِيخات ولا يُكَسَّر ; قال جرير :
[poem=font="Simplified Arabic,6,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="http://vb.tafsir.net/images/toolbox/backgrounds/24.gif" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
مثل الضبِّاعِ يَسُفْنَ ذِيخاً ذائخا [/poem]
وفي حديث القيامة : وينظر الخليل , إِلى أَبيه فإِذا هو بذيِخٍ مُتَلَطِّخٍ الذِّيخُ ذَكَرُ الضِباعِ , وأَراد بالتَّلَطُّخ التَّلَطُّخَ برجيعه أَو بالطين , كما قال في الحديث الآخر : بِذيِخٍ أَمْدَرَ أَي متلطخٍ بالمَدَرِ . وفي حديث خُزَيمة : والذِّيخ مُحْرَ نْجِماً أَي أَن السَّنَة تركت ذكر الضباع مجتمعاً مُتَقَبِّضاً من شدّة الجَدْب . و الذِّيخُ قِنْوُ النخلة , حكاه كراع في الذال المعجمة وجمعه ذِيَخَةٌ , وقد تقدّم في الدال . ويقال : ذَيَّخَتِ النخلةُ إِذا لم تقبل الإِبارَ ولم تَعْقِدْ شيئاً . و ذَيَّخَه تَذْييخاً ذلله , حكاها أَبو عبيد وحده , والصواب الدال . وكان شمر يقول : دَيَّخْته ذللته , بالدال , من داخَ إِذا ذل . و الذِّيخُ الكِبْرِ . وفي حديث علي , رضوان الله عليه : كان الأَشْعَث ذا ذِيخٍ , حكاه الهروي في الغريبين . ويقال : في فلان ذِيخٌ أَي كِبْرٌ . و المَذْيَخَةُ الذِّئابُ . بلسان خَوْلانَ .
 
جزاك الله خيراً أخي د/مروان على هذه الفوائد وجعلها في ميزان حسناتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون0
 
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على النبي الأمين وعلى آله وصحابته وإخوانه أجمعين

لقد قرأت هذا البحث فأعجبني جدا ، جزاك الله خيرا، واستفدت منه.

وإني كنت أود لو أن الآثار كتبت هنا للاستفادة أكثر، وللتوثيق.

إلا أنه يظهر لي -والله أعلم- أن القولين المذكورين أعلاه صحيحان كلاهما ويمكن الجمع بينهما؛ ذلك أن تبري إبراهيم عليه السلام من أبيه كان في الدنيا لكن بعد موت أبيه، وذلك حين تبين له أنه عدو لله وترك الاستغفار له، وهذا هو قول ابن عباس وغيره ممن ذكر في الموضوع، وإنما كان استغفار إبراهيم لأبيه قبل موته، لا بعد موته. ثم يوم القيامة يطلب لأبيه الشفاعة- فهو يوم صعب، الحاقة، الطامة الكبرى- فلما حول الله آزر إلى صورة الضب تبرأ منه ولم يعرفه. والله أعلم

وأود أن أنقل هنا تلك الآثار التي أشار إليها صاحب الموضوع أحمد القصير -جزاه الله خيرا- حتى يكمل الموضوع هنا: ناقلا ذلك من تفسير الطبري رحمه الله مع دمج الروايات حتى لا تتكرر:

قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره جامع البيان: واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"؛

قال بعضهم: معناه: فلما تبين له بموته مشركًا بالله، تبرأ منه، وترك الاستغفار له.
* ذكر من قال ذلك:


* عن سعيد بن جبير، عن [overline]ابن عباس[/overline]، قال: ما زال إبراهيم يستغفر لأبيه حتى مات "فلما تبين له أنه عدوٌّ لله تبرّأ منه. وفي رواية له زاد : فلما مات تبين له أنه عدوّ لله. وفي رواية أخرى له زاد: فلما مات لم يستغفر له. [و رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (6/1894/10055 و 6/1895/10060 تحقيق أسعد محمد الطيب) وفي رواية أخرى عن أبي سنان ضرار بن مرة عن سعيد بن جبير قال توفي أبو رجل وكان يهوديا فلم يتبعه ابنه فذكر ذلك لابن عباس فقال ابن عباس: وما عليه لو غسله واتبعه واستغفر له ما كان حياً - يقول دعا له ما كان الأب حيا - قال ثم قرأ بن عباس (فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه) يقول لما مات على كفره رواه عبد الرزاق في المصنف (6/40/9937 تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي) وسعيد بن منصور في سننه (1037) كتاب التفسير، والضياء المقدسي في المختارة (10/420/396-397 تحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش) ].
* عن علي بن أبي طلحة عن [overline]ابن عباس[/overline]: وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"، يعني: استغفر له ما كان حيًا، فلما مات أمسك عن الاستغفار له. [ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره(6/1893/10050 تحقيق أسعد محمد الطيب) والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6/282/2483 تحقيق شعيب الأرنؤوط)]

* عن الحكم، عن [overline]مجاهد[/overline]، في قوله: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"، قال: لما مات. [ورواه سعيد بن منصور في سننه(1038) كتاب التفسير ]
* عن ابن أبي نجيح، عن [overline]مجاهد[/overline]: "فلما تبين له أنه عدو لله"، قال: موته وهو كافر.

* عن [overline]الحكم[/overline]: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"، قال: حين مات ولم يؤمن.

* عن [overline]عمرو بن دينار[/overline]: "فلما تبين له أنه عدوّ لله تبرأ منه"، : موته وهو كافر.

* عن جويبر، عن [overline]الضحاك [/overline]في قوله: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"، قال: لما مات.
* عن عبيد بن سليمان قال، سمعت [overline]الضحاك [/overline]يقول في قوله: "وما كان استغفار إبراهيم لأبيه"، كان إبراهيم صلوات الله عليه يرجو أن يؤمن أبوه ما دام حيًا، فلما مات على شركه تبرّأ منه.

* عن سعيد، عن [overline]قتادة[/overline]: "فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه"، لما مات على شركه "تبرأ منه". [ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره(6/1895/10057 تحقيق أسعد محمد الطيب) ]
*[وعن معمر عن قتادة قال: تبين له حين مات وعلم أن التوبة قد انقطعت عنه. رواه عبد الرزاق في تفسيره (1133تحقيق عبد المعطي قلعجي) عن معمر به ، وابن أبي حاتم في تفسيره (6/1895/10059)]


قال الطبري رحمه الله: وقال آخرون: معناه : فلما تبين له في الآخرة. وذلك أن أباه يتعلَّق به إذا أرادَ أن يجوز الصراط فيمرّ به عليه، حتى إذا كاد أن يجاوزه، حانت من إبراهيم التفاتةٌ، فإذا هو بأبيه في صورة قِرْد أو ضَبُع، فيخلِّي عنه ويتبرأ منه حينئذ. * ذكر من قال ذلك:

17359- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا حفص بن غياث قال، حدثنا عبد الله بن سليمان قال: سمعت [overline]سعيد بن جبير[/overline] يقول: إن إبراهيم يقولُ يوم القيامة: "ربِّ والدي، رَبِّ والدي"! فإذا كان الثالثة، أخذ بيده، فيلتفت إليه وهو ضِبْعانٌ، فيتبرأ منه.

17360- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن [overline]عبيد بن عمير[/overline]، قال: إنكم مجموعون يوم القيامة في صعيدٍ واحد، يسمعكم الداعي، وينفُذُكم البصر. قال: فتزفِرُ جهنم زفرةً لا يبْقى مَلك مُقَرَّب ولا نبيٌّ مرسل إلا وقع لركبتيه تُرْعَد فرائصُه! قال: فحسبته يقول: نَفْسي نفسي! ويضربُ الصِّراط على جهنم كحدِّ السيف، دحْضِ مَزِلَّةٍ، وفي جانبيه ملائكة معهم خطاطيف كشوك السَّعْدان. قال: فيمضون كالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الركاب، وكأجاويد الرجال، والملائكة يقولون: "ربّ سلِّمْ سلِّم"، فناجٍ سالمٌ ومخدوش ناجٍ، ومكدوسٌ في النار، يقول إبراهيم لأبيه: إني كنت آمرك في الدنيا فتعصيني، ولست تاركك اليوم، فخُذْ بحقْوي! فيأخذ بِضَبْعَيْه، فيمسخ ضَبُعًا، فإذا رآه قد مُسِخَ تبرَّأ منه. [وهذا الأثر فيه ابن حميد شيخ ابن جرير وهو متكلم فيه]


قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قولُ الله، وهو خبره عن إبراهيم أنه لما تبين له أن أباه لله عدوٌّ، يبرأ منه، وذلك حال علمه ويقينه أنه لله عدوٌّ، وهو به مشرك، وهو حالُ موته على شركه.

هذا آخر كلام الإمام الطبري رحمه الله. في جامع البيان.

آثار أخرى ليست في تفسير الطبري رحمه الله:

*روى ابن أبي حاتم في تفسيره(6/1893/10050 تحقيق أسعد محمد الطيب) عن ابن المسيب عن أبيه فلما تبين له انه عدو لله قال : لما مات وهو كافر - قال ابن أبي حاتم: وروي عن مجاهد والحسن أنهما قالا : لما مات.



ويتضح من هذه النقول أن أثر ابن عباس رضي الله عنهما رواه سعيد بن جبير عنه، وهو قائل بالقول الثاني، أيضا، فالجمع بين التفسيرين أولى ، والله أعلم
 
بارك الله فيكم يا أهل العلم ونفع بكم .
وما ذكره أخي حكيم بن منصور وجيهٌ ، فتبين إبراهيم عداوة أبيه واليقين بعدم إيمانه يتحقق بموت آزر على الكفر مع علم إبراهيم بذلك ، وموقفه المذكور في الحديث يوم القيامة يؤكد لإبراهيم الأمر أيضاً .
ولا أظنُّ أن إبراهيم عليه السلام يدع تعاهد والده بالسؤال عنه في حياته بعد فراقه له لكونه كافراً ، فبر الوالدين مأمور به حتى في حال الكفر ، والتعاهد بالسؤال أقل درجات البر. وليس بالضرورة قول أخي الدكتور أحمد القصير :(وهو بعد تلك المفارقة لا يدري ما حال أبيه) لأنه ليس كل ما يدور في حياة إبراهيم قصه الله علينا ورواه لنبيه، بدلالة :(مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) فمن دلالالتها أنه قص بعض أخبار الأنبياء ولم يستوعبها لنبيه صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
 
الأخوة الكرام،

في ظني: يكمن سبب الخوض بعيداً عن ظاهر النصوص القرآنية في المسألة المطروحة في الآتي:
1. عدم التفريق بين معنى لفظة (أب) ولفظة (والد). فالوالد هو الأب المباشر (الأقرب). أما الأب فيمكن أن يكون الوالد ويمكن أن يكون الجد وإن علا، ويمكن أن يكون العم. يقول سبحانه في سورة يوسف:"وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.." ومعلوم أن يعقوب هو الوالد، وإسحاق هو الجد وإبراهيم هو جد الوالد، سلام الله عليهم جميعاً. وورد في آية أخرى أن إسماعيل عليه السلام هو أب أيضاً على الرغم من كونه عم الوالد:"أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ".
2. ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري وذكر في المداخلات:"...فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ " لأن الأب الأقرب هو الوالد وكان مؤمناً بدليل ما ورد في دعاء إبراهيم عليه السلام في شيخوخته:" رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ".
وعليه فآزر يمكن أن يكون الجد أو العم. أما الولد فكان مؤمناً. وكان تبرّؤ إبراهيم من آزر بعد أن تبين له أنه عدو لله، وليس بعد أن تبين له كفره بموته. وهناك فرق بين الكافر العدو والكافر غير العدو، فالكافر العدو نقابله بالعداوة والبغضاء والكافر غير العدو يمكن أن نعامله بالبر.
 
الأخوة الكرام،

في ظني: يكمن سبب الخوض بعيداً عن ظاهر النصوص القرآنية في المسألة المطروحة في الآتي:
1. عدم التفريق بين معنى لفظة (أب) ولفظة (والد). فالوالد هو الأب المباشر (الأقرب). أما الأب فيمكن أن يكون الوالد ويمكن أن يكون الجد وإن علا، ويمكن أن يكون العم. يقول سبحانه في سورة يوسف:"وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.." ومعلوم أن يعقوب هو الوالد، وإسحاق هو الجد وإبراهيم هو جد الوالد، سلام الله عليهم جميعاً. وورد في آية أخرى أن إسماعيل عليه السلام هو أب أيضاً على الرغم من كونه عم الوالد:"أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ".
2. ورد في الحديث الذي أخرجه البخاري وذكر في المداخلات:"...فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ؟ " لأن الأب الأقرب هو الوالد وكان مؤمناً بدليل ما ورد في دعاء إبراهيم عليه السلام في شيخوخته:" رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ".
وعليه فآزر يمكن أن يكون الجد أو العم. أما الولد فكان مؤمناً. وكان تبرّؤ إبراهيم من آزر بعد أن تبين له أنه عدو لله، وليس بعد أن تبين له كفره بموته. وهناك فرق بين الكافر العدو والكافر غير العدو، فالكافر العدو نقابله بالعداوة والبغضاء والكافر غير العدو يمكن أن نعامله بالبر.

كلام جميل يا بيراوي

ولكنه يحتاج إلى مزيد بحث.

ويمكن أن يكون سؤالي الآتي هو المفتاح:
هل استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه المذكور في سورة التوبة هو قوله في سورة إبراهيم:
" رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ".؟

ثم حسب تقسيمك للكافر إلى كافر عدو وكافر غير عدو هل يجوز الاستغفار للكافر غير العدو؟
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،

1. وعد إبراهيم عليه السلام أباه أن يستغفر له:"لأستغفرنّ لك..."، وهو عليه السلام أجدر من يفي بوعده:"وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه". ولكنه بعد أن تبين له أنه عدو لله تبرأ منه وهاجر إلى الأرض المباركة فوهب الله له إسماعيل وإسحاق. ولما كبر إسماعيل عليه السلام ساعد والده في بناء الكعبة وكان دعاء إبراهيم لوالده ووالدته:" رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ".
2. يقول سبحانه:"مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ" ولا يتبين لنا أن الشخص من أصحاب النار حتى يموت على الكفر. ومن هنا لا يجوز الاستغفار للكافر الميت.
وهنا أسأل: إذا كان الاستغفار للكافر الميت يحرم شرعاً، فهل يجوز الترحم عليه؟ على اعتبار أنّ الاستغفار هو طلب المغفرة، وبالتالي دخول الجنة. والترحم هو طلب الرحمة، ومن الرحمة تخفيف العذاب.
 
هذه المسألة تعرض لها الحافظ ابن حجر بالتفصيل في فتح الباري في كتاب التفسير عند تفسير قوله تعالى ( ولا تخزني يوم يبعثون ) وهو كلام نفيس ولولا طول المقام لذكرته فراجعوه إن شئتم !
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،

حتى تكتمل الصورة نُذكِّر بالآية الكريمة من سورة الشعراء:" وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ"، هذه هي الآية التي تشير إلى استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه الأبعد. أما تلك فتشير إلى استغفاره لوالده (الأب الأقرب).
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،

حتى تكتمل الصورة نُذكِّر بالآية الكريمة من سورة الشعراء:" وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ"، هذه هي الآية التي تشير إلى استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه الأبعد. أما تلك فتشير إلى استغفاره لوالده (الأب الأقرب).

أخي الفاضل حفظك الله ورعاك

لا أرى في الآيتين أي قرينة تدل على ما تقول.

أخانا الكريم:
ظاهر القرآن يدل على أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قد تبينت له عدواة أبيه في الدنيا لأنه كان من المشركين وقد حصلت البراءة في الدنيا وآية التوبة جاءت لترد على أنه لا يجوز الاحتجاج باستغفار إبراهيم لأبيه ونحن لا نعرف استغفارا لإبراهيم لأبيه إلا ماورد في القرآن في سورة إبراهيم وفي سورة الشعراء.

فلا يصح أن يحمل استغفار إبراهيم لأبيه بما ورد في البخاري ولا أن البراءة من أبيه ستكون يوم القيامة.


والذي يحتاج منا الوقوف عنده هو آية سورة إبراهيم حيث إن إبراهيم عليه السلام استغفر لوالديه ونحن نعلم أنه لم يؤمن له إلا لوط عليه السلام ، ولم يأت ذكر لأم إبراهيم عليه السلام فهل يمكن أنها ماتت مؤمنة؟

ثم لو كان دخول والد إبراهيم عليه السلام يعد خزيا للحق هذا الخزي كل من دخل له قريب النار وهو من أهل الجنة.
فهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال عن ابيه إنه في النار كما هو في الحديث الصحيح.
وهاهو قد نهي عن الاستغفار لأمه.
وهاهو قد اخبر أن عمه أبا طالب في النار.
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،
1. أرجو تدقيق النظر في مداخلاتي لأنني أقول إن التبرؤ كان في الدنيا.
2. حديث البخاري يدل على أن آزر يدخل النار فلا إشكال. فكما علمنا أن الله تعالى لم يقبل من الرسول عليه السلام أن يستغفر لأمه علمنا من حديث البخاري أنه لا يقبل من إبراهيم عليه السلام شفاعة في أبيه، وهو خليل الرحمن، فكيف بمن هم دونه عليه السلام.
3. ذُكِر إيمان لوط عليه السلام لأنه نبي، فلماذا يُذكر إيمان الوالدين؟! ولم نعتد من القرآن الكريم تصريحاً بمثل هذا.
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،
1. أرجو تدقيق النظر في مداخلاتي لأنني أقول إن التبرؤ كان في الدنيا.
2. حديث البخاري يدل على أن آزر يدخل النار فلا إشكال. فكما علمنا أن الله تعالى لم يقبل من الرسول عليه السلام أن يستغفر لأمه علمنا من حديث البخاري أنه لا يقبل من إبراهيم عليه السلام شفاعة في أبيه، وهو خليل الرحمن، فكيف بمن هم دونه عليه السلام.
3. ذُكِر إيمان لوط عليه السلام لأنه نبي، فلماذا يُذكر إيمان الوالدين؟! ولم نعتد من القرآن الكريم تصريحاً بمثل هذا.

الأخ الفاضل أبا عمرو

أعلم أنك تقول إن البراءة كانت في الدنيا ولكن اعتراضي هو على التقسيم الذي ذكرته وهو الأب الأبعد والأقرب.

والذي أقول :
إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام استغفر لأبيه مرتين:
الأولى : في سن مبكرة حين كان يحاور أبيه وقومه :

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83)وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (86) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (87) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)) سورة الشعراء

وهذا الاستغفار يبدو أنه بناء على وعد إبراهيم لأبيه المذكور في سورة مريم:

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45) قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46) قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47))سورة مريم

والثانية:
قوله في سورة إبراهيم:
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ) سورة إبراهيم(41)
وهذا كان في سن متأخرة من عمر إبراهيم عليه السلام حسب الآية:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ) سورة إبراهيم (39)

وحسب القرآن فإن إبراهيم قد تبين له بعد ذلك أن أباه عدو لله تبرأ منه:
(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)) سورة التوبة
وإذا كان أبو إبراهيم عليه السلام قد مات على الكفر فلا يمكن القول إنه كان يستغفر له بعد موته لأنه لم يتبين له أنه عدو لله وأن التبين في الآخرة لأن هذا القول يرده قول الله تعالى:
(فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (24) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)) سورة العنكبوت

ويبقى الكلام على الحديث وقد ذكر بن حجر رحمه الله في الفتح أن بعض أهل العلم قد رد الحديث:

"قَوْله : ( فَيَقُول إِبْرَاهِيم يَا رَبِّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَأَيّ خِزْي أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَد ) وَصَفَ نَفْسه بِالْأَبْعَدِ عَلَى طَرِيق الْفَرْض إِذَا لَمْ تُقْبَل شَفَاعَته فِي أَبِيهِ ، وَقِيلَ : الْأَبْعَد صِفَة أَبِيهِ أَيْ أَنَّهُ شَدِيد الْبُعْد مِنْ رَحْمَة اللَّه لِأَنَّ الْفَاسِق بَعِيد مِنْهَا فَالْكَافِر أَبْعَد ، وَقِيلَ : الْأَبْعَد بِمَعْنَى الْبَعِيد وَالْمُرَاد الْهَالِك ، وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " وَإِنْ أَخْزَيْت أَبِي فَقَدْ أَخْزَيْت الْأَبْعَد " وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " يَلْقَى رَجُل أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ : أَيّ اِبْن كُنْت لَك ؟ فَيَقُول : خَيْر اِبْن ، فَيَقُول : هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي الْيَوْمَ ؟ فَيَقُول : نَعَمْ . فَيَقُول خُذْ بَارِزَتِي . فَيَأْخُذ بَارِزَتَهُ . ثُمَّ يَنْطَلِق حَتَّى يَأْتِيَ رَبّه وَهُوَ يَعْرِض الْخَلْق ، فَيَقُول اللَّه : يَا عَبْدِي اُدْخُلْ مِنْ أَيّ أَبْوَاب الْجَنَّة شِئْت ، فَيَقُول : أَيْ رَبِّ أَبِي مَعِي ، فَإِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي " .
قَوْله : ( فَيَقُول اللَّه : إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ ) فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُنَادَى : إِنَّ الْجَنَّة لَا يَدْخُلهَا مُشْرِك " .
قَوْله : ( ثُمَّ يُقَال يَا إِبْرَاهِيم مَا تَحْتَ رِجْلَيْك ؟ اُنْظُرْ ، فَيَنْظُر فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُتَلَطِّخ ، فَيُؤْخَذ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّار ) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " فَيُؤْخَذ مِنْهُ فَيَقُول : يَا إِبْرَاهِيم أَيْنَ أَبُوك ؟ قَالَ : أَنْتَ أَخَذْته مِنِّي ، قَالَ : اُنْظُرْ أَسْفَلَ ، فَيَنْظُر فَإِذَا ذِيخ يَتَمَرَّغُ فِي نَتْنِهِ " . وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " فَيَمْسَخ اللَّه أَبَاهُ ضَبْعًا " فَيَأْخُذ بِأَنْفِهِ فَيَقُول : يَا عَبْدِي أَبُوك هُوَ ، فَيَقُول : لَا وَعِزَّتِك " وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُحَوَّل فِي صُورَة قَبِيحَة وَرِيح مُنْتِنَة فِي صُورَة ضِبْعَان " زَادَ اِبْن الْمُنْذِر مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَإِذَا رَآهُ كَذَا تَبَرَّأَ مِنْهُ قَالَ : لَسْت أَبِي " وَالذِّيخ بِكَسْرِ الذَّال الْمُعْجَمَة بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ خَاء مُعْجَمَة ذَكَر الضِّبَاع ، وَقِيلَ لَا يُقَال لَهُ ذِيخ إِلَّا إِذَا كَانَ كَثِير الشَّعْر . وَالضِّبْعَان لُغَة فِي الضَّبْع . وَقَوْله : " مُتَلَطِّخ " قَالَ بَعْض الشُّرَّاح : أَيْ فِي رَجِيع أَوْ دَم أَوْ طِين . وَقَدْ عَيَّنَتْ الرِّوَايَة الْأُخْرَى الْمُرَاد وَأَنَّهُ الِاحْتِمَال الْأَوَّل حَيْثُ قَالَ : فَيَتَمَرَّغ فِي نَتْنه . قِيلَ : الْحِكْمَة فِي مَسْخه لِتَنْفِرَ نَفْس إِبْرَاهِيم مِنْهُ وَلِئَلَّا يَبْقَى فِي النَّار عَلَى صُورَته فَيَكُون فِيهِ غَضَاضَة عَلَى إِبْرَاهِيم . وَقِيلَ : الْحِكْمَة فِي مَسْخه ضَبْعًا أَنَّ الضَّبْع مِنْ أَحْمَق الْحَيَوَان ، وَآزَرَ كَانَ مِنْ أَحْمَق الْبَشَر ، لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ وَلَده مِنْ الْآيَات الْبَيِّنَات أَصَرَّ عَلَى الْكُفْر حَتَّى مَاتَ . وَاقْتَصَرَ فِي مَسْخه عَلَى هَذَا الْحَيَوَان لِأَنَّهُ وَسَط فِي التَّشْوِيه بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا دُونَهُ كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِير وَإِلَى مَا فَوْقَهُ كَالْأَسَدِ مَثَلًا ، وَلِأَنَّ إِبْرَاهِيم بَالَغَ فِي الْخُضُوع لَهُ وَخَفْض الْجَنَاح فَأَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَأَصَرَّ عَلَى الْكُفْر فَعُومِلَ بِصِفَةِ الذُّلّ يَوْمَ الْقِيَامَة ، وَلِأَنَّ لِلضَّبْعِ عِوَجًا فَأُشِيرَ إِلَى أَنَّ آزَرَ لَمْ يَسْتَقِمْ فَيُؤْمِن بَلْ اِسْتَمَرَّ عَلَى عِوَجه فِي الدِّين . وَقَدْ اِسْتَشْكَلَ الْإِسْمَاعِيلِيّ هَذَا الْحَدِيث مِنْ أَصْله وَطَعَنَ فِي صِحَّته فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ : هَذَا خَبَر فِي صِحَّته نَظَر مِنْ جِهَة أَنَّ إِبْرَاهِيم عَلِمَ أَنَّ اللَّه لَا يُخْلِف الْمِيعَاد ؛ فَكَيْف يَجْعَل مَا صَارَ لِأَبِيهِ خِزْيًا مَعَ عِلْمه بِذَلِكَ ؟ وَقَالَ غَيْره : هَذَا الْحَدِيث مُخَالِف لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا كَانَ اِسْتِغْفَار إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَة وَعَدَهَا إِيَّاهُ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ) اِنْتَهَى . وَالْجَوَاب عَنْ ذَلِكَ أَنَّ أَهْل التَّفْسِير اِخْتَلَفُوا فِي الْوَقْت الَّذِي تَبَرَّأَ فِيهِ إِبْرَاهِيم مِنْ أَبِيهِ ، فَقِيلَ : كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا لَمَّا مَاتَ آزَرَ مُشْرِكًا ، وَهَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس وَإِسْنَاده صَحِيح . وَفِي رِوَايَة : " فَلَمَّا مَاتَ لَمْ يَسْتَغْفِر لَهُ " وَمِنْ طَرِيق عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْوه قَالَ : " اِسْتَغْفَرَ لَهُ مَا كَانَ حَيًّا فَلَمَّا مَاتَ أَمْسَكَ " وَأَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيق مُجَاهِد وَقَتَادَةَ وَعَمْرو بْن دِينَار نَحْو ذَلِكَ ، وَقِيلَ إِنَّمَا تَبَرَّأَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَة لَمَّا يَئِسَ مِنْهُ حِينَ مُسِخَ عَلَى مَا صُرِّحَ بِهِ فِي رِوَايَة اِبْن الْمُنْذِر الَّتِي أَشَرْت إِلَيْهَا ، وَهَذَا الَّذِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي سُلَيْمَان سَمِعْت سَعِيد بْن جُبَيْر يَقُول : إِنَّ إِبْرَاهِيم يَقُول يَوْمَ الْقِيَامَة : رَبِّ وَالِدِي ، رَبِّ وَالِدِي . فَإِذَا كَانَ الثَّالِثَة أُخِذَ بِيَدِهِ فَيَلْتَفِت إِلَيْهِ وَهُوَ ضِبْعَان فَيَتَبَرَّأ مِنْهُ . وَمِنْ طَرِيق عُبَيْد بْن عُمَيْر قَالَ : يَقُول إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ : إِنِّي كُنْت آمُرك فِي الدُّنْيَا وَتَعْصِينِي ، وَلَسْت تَارِكك الْيَوْمَ فَخُذْ بِحَقْوِي ، فَيَأْخُذ بِضَبْعَيْهِ فَيُمْسَخ ضَبْعًا ، فَإِذَا رَآهُ إِبْرَاهِيم مُسِخَ تَبَرَّأَ مِنْهُ . وَيُمْكِن الْجَمْع بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لَمَّا مَاتَ مُشْرِكًا فَتَرَكَ الِاسْتِغْفَار لَهُ ، لَكِنْ لَمَّا رَآهُ يَوْمَ الْقِيَامَة أَدْرَكَتْهُ الرَّأْفَة وَالرِّقَّة فَسَأَلَ فِيهِ ، فَلَمَّا رَآهُ مُسِخَ يَئِسَ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَتَبَرَّأَ مِنْهُ تَبَرُّءًا أَبَدِيًّا وَقِيلَ : إِنَّ إِبْرَاهِيم لَمْ يَتَيَقَّن مَوْته عَلَى الْكُفْر بِجَوَازِ أَنْ يَكُون آمَنَ فِي نَفْسه وَلَمْ يَطَّلِع إِبْرَاهِيم عَلَى ذَلِكَ ، وَتَكُون تَبْرِئَته مِنْهُ حِينَئِذٍ بَعْدَ الْحَال الَّتِي وَقَعَتْ فِي هَذَا الْحَدِيث . قَالَ الْكَرْمَانِيُّ : فَإِنْ قُلْت : إِذَا أَدْخَلَ اللَّه أَبَاهُ النَّار فَقَدْ أَخْزَاهُ لِقَوْلِهِ : ( إِنَّك مَنْ تُدْخِل النَّار فَقَدْ أَخْزَيْته ) وَخِزْي الْوَالِد خِزْي الْوَلَد فَيَلْزَم الْخُلْف فِي الْوَعْد وَهُوَ مُحَال ، وَلَوْ أَنَّهُ يَدْخُل النَّار لَزِمَ الْخُلْف فِي الْوَعِيد وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ : ( إِنَّ اللَّه حَرَّمَ الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ ) وَالْجَوَاب أَنَّهُ إِذَا مُسِخَ فِي صُورَة ضَبْع وَأُلْقِيَ فِي النَّار لَمْ تَبْقَ الصُّورَة الَّتِي هِيَ سَبَب الْخِزْي ، فَهُوَ عَمَل بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيد . وَجَوَاب آخَر : وَهُوَ أَنَّ الْوَعْد كَانَ مَشْرُوطًا بِالْإِيمَانِ ، وَإِنَّمَا اِسْتَغْفَرَ لَهُ وَفَاءً بِمَا وَعَدَهُ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ . قُلْت : وَمَا قَدَّمْته يُؤَدِّي الْمَعْنَى الْمُرَاد مَعَ السَّلَامَة مِمَّا فِي اللَّفْظ مِنْ الشَّنَاعَة ، وَاَللَّه أَعْلَم ."

فتح الباري لابن حجر
 
الأخ الكريم حجازي،

1. واضح أنّ:"وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ " كان وهو في العراق صلاة الله عليه وسلامه. وبذلك وفّى عليه السلام بوعده:"قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا". ثم هاجر عليه السلام ومضى زمن طويل.
2. أما الاستغفار للوالدين فبعيد عن الموعدة،فالمقام والسياق لا يشير إلى هذا. ثم انظر:"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ" ولو كان الاستغفار هنا للأب الضال لأشكل جعله مع الاستغفار للمؤمنين.
ثم لماذا استشكال غير المستشكل، إذا كان لفظ الأب يشمل الجد والعم؟!
 
الأخ الكريم حجازي،

2. أما الاستغفار للوالدين فبعيد عن الموعدة،فالمقام والسياق لا يشير إلى هذا. ثم انظر:"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ" ولو كان الاستغفار هنا للأب الضال لأشكل جعله مع الاستغفار للمؤمنين.
ثم لماذا استشكال غير المستشكل، إذا كان لفظ الأب يشمل الجد والعم؟!

حمل الوالدين في الآية على غير الأب والأم المباشرين يحتاج إلى قرينة.

وإذا قلنا إن آزر المذكور في سورة الأنعام هو عم إبراهيم فهل هو الأب المذكور في سورة مريم وفي الشعراء؟
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،

1. قولك:(حمل الوالدين في الآية على غير الأب والأم المباشرين يحتاج إلى قرينة): يبدو أنك تقصد أن تقول: حمل لفظة الأب على غير الوالد المباشر....
2. ليس هناك ما يقصر كلمة الأب على الوالد المباشر. وعلى أية حال كنا في المداخلات السابقة نقدم الأدلة على أن المقصود الأب غير المباشر. وأنا أميل إلى أنه الجد وليس العم.
3. آية واحدة تتكلم عن الوالدين، وليس الوالد. وباقي الآيات تتحدث عن الأب الذي هو آزر.
 
الأخ الكريم حجازي حفظه الله،

اضافة إلى المداخلة السابقة أقول:

يمكن الاستئناس بقول الله تعالى:"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر" لتأييد القول بأن آزر لم يكن الوالد المباشر، وإلا كان يكفي أن يقال:"وإذ قال إبراهيم لأبيه". ولأن هناك احتمالات فكان من المناسب أن يُبين أنه آزر. ويؤيد هذا أننا لم نعتد أن يذكر القرآن الكريم أسماء من يحيطون بالرسل من أهل وأقرباء وأصحاب.
 
عودة
أعلى