التحريرات وكثرة الطرق في رواية ورش

سمير عمر

New member
إنضم
06/06/2012
المشاركات
623
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
53
الإقامة
مراكش المغرب
جاء في قصة ورش المشهورة عندما أراد أن يقرأ على نافع: فلم أزل كذلك حتى ختمت عليه أربع ختمات في شهر وخرجت.
والمعلوم أننا إذا أردنا تحرير طرق ورش ( الأزرق الأصبهاني عبد الصمد ) فسنجد أنفسنا أمام عدد كثير من الطرق والتحريرات، فكيف يمكن الجمع بين هذه الكثرة، وبين كون ورش قرأ فقط أربع ختمات على نافع؟
 
القصة مشهورة، فإن صحت فيجاب عن الإشكال – في نظري – بما يأتي:
أولا: التفريعات الكثيرة المتعلقة بالتحريرات كثير منها يأتي متأخرا عن الراوي، وذلك بسبب التضييق الذي يحصل في الرواية عادة من اقتصار بعض النقلة على وجه من الوجوه أو نمط من الأنماط.
ثانيا: إن صح أن ورشا عرض أربع ختمات فحسب فذلك لا يمنع أن يكون سمع ختمات أخرى من قراءة الإمام نافع أو من قراءة تلامذة الإمام.

وننتظر من مشايخنا أجوبة أخرى.
 
وقد عقد الشيخ عبد الهادي حميتو في كتابه (قراءة الإمام نافع عند المغاربة...) مبحثا قريبا من هذا، لكنه كان يتحدث فيه عن الاختلاف عن الإمام نافع، قال حفظه الله:
"اختلاف الرواة عنه [أي: عن الإمام نافع] وأسبابه:
كان زمن تصدر نافع للإقراء ممتدا جدا يبلغ أزيد من سبعة عقود، وقد التف عليه خلال هذا العهد الطويل من طلاب القراءة عدد لا يحصى، منهم من أتيح له معه طول الصحبة حتى دون عنه اختياراته وكانت له نسخة عنه، ومنهم من لم يتح له ذلك، فاكتفى بالسماع منه، أو بعرض قراءته عليه، فكان بين الرواة عنه بسبب ذلك وغيره وجوه واسعة ومنادح كثيرة من الاختلاف في أصول الأداء وحروف القراءة مما يتوارد عليه الخلاف بين القراء.
وكان نافع إلى جانب ذلك ـ كما قيل عنه ـ "عالما بوجوه القراءات، متبعا لآثار الأئمة الماضين ببلده"، وكان احتكاكه الدائم بالقراء، ومراسه الطويل للإقراء، قد وسع من مداركه مع الزمن، ونمى من معرفته، وأغنى من خبرته باللغات والأساليب التي تكلمت بها العرب الفصحاء في حواضرها وبواديها، وقرأت بها القراء في الأمصار، فكان يتعامل مع أصحابه والعارضين عليه من هذا الأفق الرفيع والمستوى الخصب، الذي يتقبل بصدر رحب لهجة الراوي وروايته، طالما أنها لا تجافي الفصاحة المطلوبة في القراءة، ولا تصادم النقل الصحيح، وانطلاقا من هذا المبدأ لم يكن يجترئ على رد قراءة لغيره، أو يتعصب لاختياره، بل كان "يسهل القرآن لمن قرأ عليه، إلا أن يقول له إنسان: أريد قراءتك".
ولقد فوجئ به أحد تلامذته من المصريين يأخذ بهذا المنهج حينما رحل إليه، قال معلى بن دحية: "سافرت بكتاب الليث إلى نافع لأقرأ عليه، فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات، فقلت له: يا أبا رؤيم ما هذا؟ فقال لي: سبحان الله، أأحرم ثواب القرآن؟ أنا أقرئ الناس بجميع القراءات، حتى إذا كان من يريد حرفي أقرأته به".
ومعنى هذا أنه كان يترك القارئ يقرأ عليه بما اعتاده من الوجوه تيسيرا عليه، فتكون قراءته عليه بذلك رواية على سبيل الإقرار، لا على سبيل الاختيار، وبذلك تختلف الروايات عنه باختلاف العارضين.
وقد شرح الإمام المجاصي هذا المعنى بقوله: "كان كل من قرأ على نافع لا يرد عليه شيئا فيما سمع، حتى يقول له الذي يقرأ عليه: أريد قراءتك التي تقرأ بها في خاصة نفسك، فيقرئه بها، ولهذا كثر الاختلاف عنه في القراءة".
وقد سبق أبو محمد مكي بن أبي طالب القيرواني إلى تقرير هذا المعنى في كتاب "الابانة"، وعلل به للخلاف الواسع الملحوظ بين ورش وباقي الرواة عن نافع، وبالأخص بينه وبين قالون عنه، الذي "اختلف معه في أكثر من ثلاثة آلاف حرف، من قطع وهمز وتخفيف وإدغام وشبهه، ولم يوافق أحد من الرواة عن نافع رواية ورش عنه، ولا نقلها أحد عن نافع غير ورش، وإنما ذلك لأن ورشا قرأ عليه بما تعلم في بلده، فوافق ذلك رواية قرأها نافع على بعض أئمته، فتركه على ذلك، وكذلك ما قرأ عليه قالون وغيره، وكذلك الجواب عن اختلاف الرواة عن جميع القراء".
بمثل هذه المرونة كان يتعامل نافع مع العارضين عليه، ولاسيما فيما يرجع إلى طرق الأداء التي تخضع كثيرا لعادة القارئ في النطق بالكلمات في لهجته، فيما يتعلق بالهمز والتخفيف والفتح والإمالة والإظهار والإدغام ونحو ذلك، إذ كان أئمة القراء لا يأخذون القارئ بما قد لا يقوى عليه ولا يطوع به لسانه في الأداء، سيرا مع ما كان يسلكه أهل الفصاحة من التوسع في اللغة ووجوهها، والإبقاء على قدر من المرونة فبها، بشرط الابتعاد عن مظاهر التقعر والتكلف البعيد...
وعلى مثل هذا الصنيع درج أئمة القراء، فكانوا يفعلونه مع العارضين عليهم، فلا يلزمون القارئ في أصول الأداء بما يرونه الوجه المختار لقوته في اللغة والقياس، أو لشيوع استعماله في القراءة والأداء، ولهذا نجد الخلاف يتسع أحيانا في بعض حروف القرآن اتساعا كبيرا، بسبب قبول اللغة فيها للوجوه المتعددة، كالوجوه في "أف" و"هيت لك" و"عبد الطاغوت" ونحوها.
ويدخل في هذا المنحى من التيسير على العارضين ما جاء عن نافع من قوله بالوجهين أو أكثر في أداء الحرف الواحد، وتخييره القارئ أحيانا في القراءة بأيها شاء، فقد روى عنه قالون مثلا قوله: "لا تبال كيف قرأت "بسطة" و"يبسط" بالصاد أو بالسين".
وروى أبو قرة عنه "ويبصط" و"بسطة" بالسين".
وقرأ ورش رواية عن نافع الحرفين "وبيصط" في البقرة، و"بصطة" في الأعراف بالصاد وقرأ غيرهما في سائر القرآن بالسين".
وانما يرجع ذلك بعد الرواية والنقل إلى اختلاف الأصوات، وتعدد اللغات، فلذلك رسم الصحابة بعضه بالصاد وباقيه بالسين..."
 
الشكر للجميع وللشيخ بوصو كذلك وإن لم يظهر لي مماكتب شيء -عدا نقطة - وأقول للشيخ أيت عمران الكلام على ورش وليس على نافع، وقد قرأ نافع على سبعين من التابعين، يعني عدة ختمات، فالفرق بينهما واضح، وأعجبني التوجيه الثاني الذي ذكرتموه.
 
هل أفهم من هذا الكلام أن قراءة قالون هي قراءة نافع التي يقرأ بها في خاصة نفسه لأنه نقل عن قالون أنه قال " قرأت على نافع قراءته غير مرة وكتبتها عنه" أما قراءة ورش فليست قراءة نافع ولكنه أقرّها ......إن كان هذا صحيحا فلمَ يتمسك أهل المغرب برواية ورش ويقولون لأن الإمام مالك قال بأن قراءة أهل المدينة سنة وكان يقصد قراءة نافع أليس الأولى بأن يتمسكوا برواية قالون لأنها اختيار نافع.....أنا لا أنكر تمسكهم برواية ورش فهي متواترة ولكن خطر هذا ببالي بعد أن قرأت ما نقله الشيخ ايت عمران
 
وأقول للشيخ أيت عمران الكلام على ورش وليس على نافع، وقد قرأ نافع على سبعين من التابعين، يعني عدة ختمات، فالفرق بينهما واضح
بينت في مطلع مداخلتي الثانية أن الشيخ حميتو يتكلم عن نافع، لكن شجعني على نقل ما بحثه إشارته فيه إلى أن ذلك دأب القراء عموما.
وفقكم الله.
 
هل أفهم من هذا الكلام أن قراءة قالون هي قراءة نافع التي يقرأ بها في خاصة نفسه لأنه نقل عن قالون أنه قال " قرأت على نافع قراءته غير مرة وكتبتها عنه" أما قراءة ورش فليست قراءة نافع ولكنه أقرّها ......إن كان هذا صحيحا فلمَ يتمسك أهل المغرب برواية ورش ويقولون لأن الإمام مالك قال بأن قراءة أهل المدينة سنة وكان يقصد قراءة نافع أليس الأولى بأن يتمسكوا برواية قالون لأنها اختيار نافع.....أنا لا أنكر تمسكهم برواية ورش فهي متواترة ولكن خطر هذا ببالي بعد أن قرأت ما نقله الشيخ ايت عمران
وقفت على نقل مهم في هذا الموضوع، فقد قال العلامة أبو عبد الله المجرادي (ت 819هـ) - رحمه الله - في شرحه على الدرر اللوامع:
"روى الحافظ [يعني: الداني] بسنده عن أحمد بن هلال قال: قال لي إسماعيل بن عبد الله [يعني: النحاس]: قال لي أبو يعقوب الأزرق: إن ورشا لما تعمق في النحو وأحكمه اتخذ لنفسه مقرأ يسمى "مقرأ ورش" فلما جئته لأقرأ عليه قلت: يا أبا سعيد، إني أحب أن تقرئني مقرأ نافع خالصا، وتدعني مما استحسنته لنفسك. فقلدته مقرأ نافع".
وهو في شرح العلامة النتوري ص739 ويظهر منه أنه نقله من إيجاز البيان للإمام الداني.
وفي غاية النهاية 2/402: "وقال أبو بكر بن سيف: سمعت الأزرق يقول: إن ورشاً لما تعمق في النحو اتخذ لنفسه مقرأ يسمى مقرأ ورش، فلما جئت لأقرأ عليه قلت له: يا أبا سعيد، إني أحب أن تقرئني مقرأ نافع خالصاً، وتدعني مما استحسنت لنفسك. قال: فقلدته مقرأ نافع، وكنت نازلاً مع ورش في الدار، فقرأت عليه عشرين ختمة من حدر وتحقيق، فأما التحقيق فكنت أقرأ عليه في الدار التي كنا نسكنها في مسجد عبد الله، وأما الحدر فكنت أقرأ عليه إذا رابطت معه بالإسكندرية".
 
جزاك الله خيرا شيخنا ولكن أليس من الممكن أن يكون مقصد الأزرق من مقرأ نافع أي القراءة التي قرأها ورش على نافع وأقرها نافع وليس ما استحسنه ورش لنفسه بعد نافع ...والله أعلم
 
عودة
أعلى