"التحذير من فتنة التصوير". الشيخ/ د. ذياب الغامدي.

إنضم
11/08/2014
المشاركات
95
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المملكه العربية
الوُقُوعُ في مَحْذُورِ التَّصْوِيرِ لذَواتِ الأرْوَاحِ، الَّذِي هُوَ ذَرِيعَةٌ إلى الشِّرْكِ، في حِينَ أنَّ الشَّرِيعَةَ قَدْ حَرَّمَتْهُ صَرَاحَةً، ولم تَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيئًا، إلَّا مَا كَانَ في دَائِرَة الضَّرُورَة، والضَّرُورَةُ تُقَدَّرُ بقَدَرِهَا، عِلمًا أنَّ إخْوَانَنَا (هَدَاهُمُ اللهُ) لم يُقَدِّرُوا هَذِهِ الضَّرُورَةَ؛ بَلْ تَوَسَّعُوا في تَصْوِيرِ الصَّغِيرِ والكَبِيرِ، والجَلِيلِ والحَقِيرِ ... حَتَّى ذَهَبَتْ كُلُّ صُورَةٍ في أودِيَةِ المَنَاهِي، وشِعَابِ التَّضَاهِي، فَعِنْدَهَا لم تَعُدْ للحُرْمَةِ الشَّرعِيَّةِ عِنْدَهُم حُدُودًا يَقِفُونَ عِنْدَهَا، فَكَأنَّ الأخْبَارَ لا تَحْلُو لَهُم إلَّا وقَدْ أحَاطَتْ بِها الصُّوَرُ مِنْ فَوقِ رَأسِهَا، ومِنْ تَحْتِ أرْجُلِهَا!
وقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: «
إنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللهَ ورَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ، وأعَدَّ لهُم عَذَابًا مُهِينَا» (الأحزاب:57)، قَالَ عِكْرِمَةُ: هُمُ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الصُّوَرَ.
وقَالَ ﷺ: «
إنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِه الصُّوَرَ، يُعَذَّبُونَ يَومَ القِيَامَةِ؛ يُقَالُ لَهُم: أحْيُوا مَا خَلَقْتُم» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وقَولُهُ ﷺ لعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُا: «
أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى يَومَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وقَالَ أيضًا ﷺ: «
إنَّ البَيتَ الَّذِي فيه الصُّوَرُ لا تَدْخُلُه الملائِكَةُ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وعَنْ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّه جَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي رَجُلٌ أصَوِّرُ هَذِه الصُّوَرَ، فافْتِنِي فِيهَا؟ فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ على رَأسِهِ، وقَالَ: أنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «
كُلُّ مُصَوِّرٍ في النَّارِ يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَها نَفْسًا تُعَذِّبُه في جَهَنَّمَ» مُسْلِمٌ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فإنْ كُنْتَ لا بُدَّ فَاعِلاً فاصْنَعِ الشَّجَرَةَ، ومَا لا نَفْسَ لَهُ. وفي رِوَايةٍ للبُخَارِيِّ أنَّه قَالَ لَهُ: إنِّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صِنْعَةِ يَدِي، وإنِّي أصْنَعُ هَذِه التَّصَاوِيرَ ... وفِيهِ: «عَلَيكَ بِكُلِّ شَيءٍ لَيسَ فيه رُوحٌ».
* * *
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ مَا حَاصِلُهُ:«تَصْوِيرُ صُورَةِ الحَيوَانِ حَرَامٌ مِنَ الكَبَائِرِ للوَعِيدِ الشَّدِيدِ، سَوَاءٌ صَنَعَه لِمَا يُمْتَهَنُ أو لِغَيرِه إذْ فيه مُضَاهَاةٌ لِخَلْقِ اللهِ، وسَوَاءٌ كَانَ بِبِسَاطٍ، أو ثَوبٍ، أو دِرْهَمٍ، أو دِينَارٍ، أو فِلْسٍ، أو إنَاءٍ، أو حَائِطٍ، أو مِخَدَّةٍ، أو نَحْوِها، وأمَّا تَصْوِيرُ صُوَرِ الشَّجَرِ، ونَحْوِها مِمَّا لَيسَ بِحَيوَانٍ فَلَيسَ بِحَرَامٍ، وأمَّا المُصَوِّرُ صَورَةَ الحَيوَانِ فإنْ كَانَ مُعَلَّقًا على حَائِطٍ، أو مَلْبُوسٍ: كَثَوبٍ، أو عِمَامَةٍ، أو نَحْوِها مِمَّا لا يُعَدُّ مُمْتَهَنًا فَحَرَامٌ، أو مُمْتَهَنًا: كبِسَاطٍ يُدَاسُ، ومِخَدَّةٍ، ووِسَادَةٍ، ونَحْوِها فَلا يَحْرُمُ؛ لَكِنْ هَلْ يَمْنَعُ دُخُولَ مَلائِكَةِ الرَّحْمَةِ ذَلِكَ البَيتَ؟ الأظْهَرُ أنَّه عَامٌ في كُلِّ صُورَةٍ؛ لإطْلاقِ قَولِهِ ﷺ: «لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيتًا فيه كَلْبٌ، ولا صُورَةٌ»، ولا فَرْقَ بَينَ مَا لَهُ ظِلٌّ، ومَا لا ظِلَّ لَهُ، هَذَا تَلْخِيصُ مَذْهَبِ جَمْهُورِ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ، والتَّابِعِينَ، ومَنْ بَعْدَهُم كالشَّافِعِيِّ، ومَالِكٍ، والثَّورِيِّ، وأبِي حَنِيفَةَ، وغَيرِهِم، وأجْمَعُوا على وُجُوبِ تَغْيِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ، قَالَ القَاضِيُّ: إلاَّ مَا وَرَدَ في لُعَبِ البَنَاتِ الصِّغَارِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ولَكِنْ كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ الرَّجُلِ ذَلِكَ لِبِنْتِهِ، وادَّعَى بَعْضُهم أنَّ إبَاحَةَ اللَّعِبِ بِهِنَّ بِهَا مَنْسُوخٌ بِمَا مَرَّ» انْتَهَى. ذَكَرَهُ ابنُ حَجَرٍ الهَيتَمِيُّ في «الزَّوَاجِرِ عَنِ اقْتِرافِ الكَبَائِرِ» (2/69).

الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي
القضية الفلسطينية
ص 162
 
يبدو لي أن المسألة تحتاج تحقيقا وإيرادا لأقوال مدارس الفقه المختلفة والعلماء المعاصرين ولا سيما وقد استجدت ثورة التصوير الفوتوغرافي والفيديوي في عصرنا ثم الثورة الرقمية فهل يحرم الظهور في التلفاز للمحاضرين والدعاة والخطباء؟ وفي أشرطة الفيديو والأقراص مع إمكان إيقاف الصورة؟ وكيف نجيز الصورة المتحركة ونحرّم إيقافها وهل في ذلك مقنع؟
ليست المسألة بهذه السهولة فلا بد من مقاربة هذه الأحاديث في سياقها التاريخي واستنباط مقصد النبي عليه الصلاة والسلام في ضوء السياق ومقاصد الشريعة والله أعلم
 
عودة
أعلى