لقد ظهرت في هذا الزمان بين أوساط الشباب خاصة ، وبين أوساط بعض المسلمين الذين يجهلون حقيقة الإسلام ، بأن تكون عندهم غيره زائدة ، أو حماسة في غير محلها ،ظهرت عندهم ظاهرة التفسيق والتبديع ، وصار شغلهم الشاغل في كل أمور حياﺗﻬم هذه الصفات المذمومة من البحث والتنقيب عن المعائب وإظهارها ونشرها حتى تشتهر ، وهذا علامة فتنة وعلامة شر ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقي المسلمين شرها ، وأن يبصر شباب المسلمين بالطريق الصحيح ، وأن يرزقهم العمل على منهج السلف الصالح والسير عليه ، وأن يبعد عنهم دعاة السوء .
وبناء على ما ذكرت في تعريف الفسق ؟ ومتى يكون المسلم فاسقًا ؟ فنذكر بأن الفسق هو الخروج عن طاعة الله ، ففيه نوع خروج لكنه لا يخرج صاحبه من الإسلام ، بل يكون فاسقًا ، ويكون المسلم فاسقًا إذا ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، كالزنا ، وشرب الخمر ، والسرقة ، وأكل الربا ، وما شابه ذلك من كبائر الذنوب إذا لم يستحلها ، وإنما ارتكبها عن هوى وشهوة قادته إليها ، فإنه يعد فاسقًا .
وحكمه عند أهل السنة والجماعة كما ذكرت سابقاً : أنه مؤمن ناقص الإيمان ، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، فهو من المؤمنين ومن أهل التوحيد ، وإذا لم تكن فيه خصلة من خصال الشرك المخرج من الملة فإنه يبقى له اسم الإيمان واسم الإسلام ، ويكون مسلما ومؤمنا إلا أنه ناقص الإيمان ، وهذا يسمى بالفسق أو الفاسق ، وإذا فعل كبيرة تستوجب الحد أقيم عليه الحد ، لكنه مع هذا يعد من المؤمنين ، ويعامل معاملة المؤمنين؛ لأنه لو لم يكن من المؤمنين لما كفى لإقامة الحد عليه ، بل كان لا بد من قتله ، لأن المرتد لا بد أن يقتل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» [SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP]، فكون هذا العاصي يقام عليه الحد يدل على أنه من أهل الإيمان ، ويعامل معاملة المؤمنين ، ويوالى بقدر ما فيه من الإيمان ، ويبغض بقدر ما فيه من المعصية ، لأنه لم يخرج عن دائرة الإيمان وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة .[SUP] ([/SUP][2][SUP])[/SUP]
ومن لم يرتكب ناقضاً من نواقض الإسلام فإنه لا يحكم عليه بالتكفير ، حتى وإن كان الذي ارتكبه كبيرة من الكبائر فإنه يحكم عليه بالفسق ، وإن كان ارتكب خطأ أو معصية ومخالفة يحكم عليه بأنه مخطئ أو مخالف أو ما أشبه ذلك من الصفات التي تليق بما ارتكبه ،فالإنصاف يقتضي أن نزن الأمور بموازينها الشرعية ولا نطلق الكفر على كل من ارتكب مخالفة أو فعل ذنباً.
فمن أكل الربا مثلا نحكم عليه بأنه فاسق مرتكب لكبيرة إلا إذا استحله أي قال : إن الربا حلال ، حينئذ نقول : إنه كافر ؛ لأنه استحل حرا مًا مجمع على تحريمه ، أما إذا أكله غير مستحل له فإنه يعد فاسقًا ، ولا يخرج بذلك من الدين بل يعامل معاملة الفاسقين من المؤمنين.
إنما يطلق التكفير جزافاً الجهلة الذين يظنون أﻧﻬم علماء وهم لم يتفقهوا في دين الله تعالى؛ وإنما يقرؤون الكتب ويتتبعون العثرات ، ويأخذون مسميات التفسيق ويطلقوﻧﻬا بغير علم على غير أصحابنا أو من يستحقها ، لأﻧﻬم لا يعرفون وضع هذه الأمور في موضعها لعدم فقههم في دين الله ؛ ومثلهم في ذلك كمثل إنسان جاهل أخذ سلاحًا وهو لا يعرف كيف يستخدمه ، فهذا يوشك أن يقتل نفسه وأهله وأقاربه ؛ لأنه لا يحسن استعمال هذه الآلة .
ومن هنا يجب على هؤلاء الذين يأخذون مسميات التبديع والتفسيق والتكفير وهم لا يفقهوﻧﻬا أن يتعلموا قبل أن يتكلموا ، لأن الكلام بغير علم في هذه الأمور شر عظيم ؛ ولأنه من الكلام على الله بغير علم ، وهذا أعظم من الشرك لقوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾.[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP]ولقوله تعالى﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.[SUP]([/SUP][4][SUP])[/SUP] ولقوله تعالى ﴿ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴾.[SUP]([/SUP][5][SUP])[/SUP] ولقوله تعالى﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾.[SUP]([/SUP][6][SUP])[/SUP]
ولهذه الأمور يجب على شباب المسلمين وطلاب العلم أن يتعلموا العلم النافع من مصادره وعلى أهله المعروفين به ، ثم بعد ذلك يتعلمون كيف يتكلمون ، وكيف ينـزلون الأمور منازلها ؛ لأن أهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً قد حفظوا ألسنتهم فلم يتكلموا إلا بعلم" .[SUP] ([/SUP][7][SUP])[/SUP]
مستفاد من كتابتحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلاميدراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى سابقاً
([1]) أخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم برقم (6922) 9/15.
([2]) راجع : محاضرات في العقيدة والدعوة للفوزان ص584.
([3]) سورة الأعراف الآية رقم (33).
([4]) سورة النحل الآية رقم (116) .
([5]) سورة النحل الآية رقم (105) .
([6]) سورة الصف الآية رقم (7) .
([7]) راجع : محاضرات في العقيدة والدعوة للفوزان ص584.
من صور التفسيق بغير حق: تفسيق العالم إذا عرف عنه الدخول على الولاة، والدعاء لهم والثناء عليهم بالخير، والحث على السمع والطاعة لهم في المعروف، وهذا غلو وظلم وإفساد لأمر الدين والدنيا. أما كونه غلواً فلأنه تفسيق بغير مفسق، إذ دخول العلماء على ولاة الأمور ليس فسقاً بل هو من أجلّ الأعمال الصالحة إذا كان بقصد نصحه ومشورته والتعاون معه على البر والتقوى، لما يترتب عليه حينئذ من المصالح العامة للناس في دينهم ودنياهم مالا يخطر على البال، ونحن ندعو للسلطان أن يرزقه الله البطانة الصالحة الناصحة وخير البطانة العلماء الناصحون الصادقون الذين يدخلون عليه ويناصحونه فهذا الصنف من العلماء يشكرون على دخولهم على الأمراء بهذا القصد ولا يذمون به، وليس من شرط العالم أن يخبر الناس بما قال للسلطان كما في حديث أسامة بن زيد وسيأتي إن شاء الله تعالى، ولكن كثيراً من الناس مبتلون بسوء الظن فلا يظنون بالعالم الذي يداخل السلطان إلا أنه يداخله لدنياه والعياذ بالله وقد قال عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة «إياكم والظن فإنه أكذب الحديث».[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP] لقد كان جماعة من أئمة السلف وزراء لبعض أمراء المسلمين كالزهري، ورجاء بن حيوة، وكان منهم جماعة يدخلون عليهم ويناصحونهم وهذا حصل من جم غفير منهم. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبى حدثني عبد المتعال بن صالح من أصحاب مالك قال قيل لمالك بن أنس: إنك تدخل على السلطان وهم يظلمون ويجورون؟! قال: يرحمك الله. فأين التكلم بالحق؟!. [SUP]([/SUP][2][SUP]) [/SUP] وروى البخاري في صحيحه عن سالم قال: كتب عبد الملك إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر في الحج فجاء ابن عمر رضي الله عنه وأنا معه يوم عرفة حين زالت الشمس فصاح عند سرادق الحجاج فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال ما لك يا أبا عبد الرحمن فقال الرواح إن كنت تريد السنة قال هذه الساعة قال نعم قال فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج فنـزل حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي فقلت إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف فجعل ينظر إلى عبد الله فلما رأى ذلك عبد الله قال صدق". [SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP] قال ابن حجر في ذكر فوائد الخبر: "وفيه مداخلة العلماء السلاطين وأنه لا نقيصة عليهم في ذلك".[SUP] ([/SUP][4][SUP])[/SUP] وأما كون التفسيق ظلماً فلما فيه من الطعن في أعراض العلماء، والطعن في عرض آحاد المسلمين بغير حق كبيرة من الكبائر، فكيف إذا كان الطعن في عرض عالم من علماء المسلمين!! يقول عليه الصلاة والسلام «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه». [SUP]([/SUP][5][SUP])[/SUP] وأما كونه إفساداً: فلأنه إذا أشيع الطعن في العلماء بالفسق والفجور والمداهنة ونحو ذلك زهد فيهم الناس، وأعرضوا عنهم لا يسألونهم، ولا يرجعون إليهم، ولا يأخذون عنهم، فيتصيدهم رؤوس الجهالة والضلالة فيفتونهم بغير علم فيحصل من الفساد ما لا يعلمه إلا الله والله المستعان. قال الشيخ الفوزان : "وهكذا كان سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين والقرون المفضلة متمسكين ﺑﻬذا المنهج الرباني عاملين به في أمور حياﺗﻬم كلها ، ولذلك عندما حدثت الفتنة وحصل ما حصل من القتال بينهم لم يكفر بعضهم بعضًا ، ولا فسق بعضهم بعضا ، ولا بدع بعضهم بعضا ، بل مع اقتتالهم وما شجر بينهم كانت الإخوة باقية ، فلم يكونوا يتنابذون بالتكفير ، والتفسيق ، والتبديع ، فما كان يسبي بعضهم بعضا ، وما تكلم أحد في عقيدة الآخر ودينه ، بل كانوا إخوة متحابين فيما بينهم".[SUP] ([/SUP][6][SUP])[/SUP] وهذه صفة أهل السنة والجماعة ( الفرقة الناجية ) ، إﻧﻬم سائرون على هذا المنهج يوالي بعضهم بعضا ، ويألف بعضهم بعضا ، ويرحم بعضهم بعضا ، ويوقر بعضهم بعضا ،لأﻧﻬم جسد واحد ، وبنيان واحد ، وأمة واحدة ، يغار بعضهم على بعض ، ويحترم بعضهم بعضا ، وهذه الأمور هي سمة أهل السنة والجماعة. أما المخالفون لأهل السنة والجماعة فسمتهم التبديع ،والتفسيق ،والتكفير ، في كل زمان ومكان. وعلامة أهل السنة والجماعة هي سلامتهم من هذه الأمراض ، وعلامة المخالفين لهم اتصافهم ﺑﻬذه الأمراض الخبيثة الوبائية التي هي التبديع والتفسيق والتكفير ، والاشتغال ﺑﻬا ،مهما تطاول الزمن ومهما تنوعت الأساليب ، ويبعث هذه الآفات والأوبئة منهج الفرق الضالة ، لأن منهج أهل السنة والجماعة هو : الابتعاد عن هذه الأمور المذمومة ، والتفقه وسلامة قلوﺑﻬم وألسنتهم والتمسك بما في كتاب الله وسنة رسوله في دين الله لسلف هذه الأمة ولإخواﻧﻬم المؤمنين . ومن أعظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر النهي عن التبديع والتفسيق والتكفير بغير حق ، فهم ينهون عن ذلك ويحذرون منه ، وشغلهم الشاغل هو العمل الصالح ، يأمرون به ، ويفعلونه ، ويتفقهون فيه ، هذا عملهم.
مستفاد من كتابتحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلاميدراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى سابقاً
([1]) متفق عليه : أخرجه البخاري كتاب الأدب باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر برقم (6064) 8/19، ومسلم في البر والصلة باب تحريم الظن والتجسس و التنافس برقم (2563) 4/1985.
([2]) راجع: الجرح والتعديل (1/30).
([3]) أخرجه البخاري برقم (1577) 2/597 .
([4]) راجع: فتح الباري (3 /512).
([5]) أخرجه مسلم برقم (2564) 4/1986.
([6]) راجع : محاضرات في العقيدة والدعوة للفوزان (2/365).
من الآفات التي ابتلي بها المسلمون في هذه الأعصار آفة الغلو في التبديع، حتى بلغ بأهله إلى تبديع أهل السنة بغير حق من مشايخهم وإخوانهم، وإلى هجرهم، والتحذير منهم، بل بلغ بطائفة منهم إلى تبديع ثلة من أئمة الإسلام وأساطينه، ممن لا غنى لأهل العلم عن دواوينهم ومؤلفاتهم لما حشدوا فيها من علوم الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح، وقد بدعوهم بسبب أغلاط وقعوا فيها نسأل الله عز وجل أن يغفرها لهم لما لهم من الجميل وقدم الصدق في خدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وعدمُ التفريق بين أهل البدع وبين أهل العلم من أهل السنة الذين وقعوا في زلات هو الذي أدى إلى هذا الظلم الشنيع والتعدي المقيت على أولئك الأعلام قال الشيخ الفوزان : "المبتدع هو الذي أحدث في دين الله ما ليس منه بحيث لم يدل عليه دليل من القرآن أو من السنة، وليس المبتدع كل من خالف أو أخطأ في الاجتهاد، لأن المجتهد إذا أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد على اجتهاده.والمقصود بالمجتهدين هم من تأهلوا للاجتهاد وتوفرت فيهم شروطه المعروفة، وكذلك إذا أخطأ عن تأويل، لأن التأويل شبهة تدرأ عنه الحكم بأنه مبتدع، ولأنه ظن أن تأويله سائغ، أو قلد من ظن أنه على حق فهذا يقال في حقه أنه أخطأ أو مخالف، ولا يقال: أنه مبتدع. [SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP] دليل ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجتهدون ويختلفون فيما بينهم في بعض المسائل، لم يبدع بعضهم بعضًا، ولم يهجر بعضهم بعضًا، بل كانوا إخوة متحابين متناصرين، لأنهم أمة واحدة، مع أنهم يختلفون في بعض الأمور والاجتهادات التي سمح بها الشرع بالاجتهاد فيها، والاستنباط منها. فالعلماء لهم مكانتهم وقدرهم، ولذلك فإن ظاهرة التبديع إنما جاءت على لسان بعض الجهال أو المبتدئين في طلب العلم، لأنهم يعتبرون المتأول والمقلد مبتدعًا، بل أظهروا هذه المقالة، وصار بعضهم يبدع بعضًا فتعادوا وتقاطعوا وتدابروا، ولم يقتصر الأمر على ذلك فيما بينهم، بل تناول العلماء السابقين، فنجد هؤلاء الجهال يقولون: ابن حجر مبتدع، النووي مبتدع، أبو حنيفة مبتدع، وغيرهم من كبار الأئمة، وذلك من أجل أخطاء في الاجتهاد لا تقضي أن نبدعهم، لأنها أخطاء جزئية، وهؤلاء العلماء لهم فضل في الإسلام مكانة وقد قدموا للإسلام والمسلمين الكثير من الأشياء النافعة، فمؤلفاتهم وكتبهم ينتفع بها المسلمون في فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو قدر أن في كلام بعضهم شيئًا من الخطأ، فما لهم من مكانة وفضل وعلم في الإسلام وخدمة السنة النبوية تغطي هذه الجزئية الصغيرة، فيجب أن نعرف قدر علمائنا سلفًا وخلفًا وأن نترحم عليهم، وأن ندعو الله لهم كما قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ﴾.[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP] وهذه صفة أهل الإيمان، لأنهم لا يتلمسون العيوب والعثرات، أما غيرهم فيتبعون العيوب والعثرات وينشرونها، وهذه هي البدعة. والبدعة ليست على حد سواء، فهناك بدعة مكفرة، وهناك بدعة دون ذلك، ومن هنا يجب أن نزن الأمور بموازينها، ونراجع أهل العلم في ذلك، لأنهم قسموا البدعة إلى قسمين: بدعة مكفرة كمقالات الجهمية والغلاة من الفرق، وكذا المقالات التي تخرج من الإسلام، وبدعة دون ذلك يعد صاحبها من المسلمين لكن عنده شي من البدعة، فلا نجحف في حق الناس[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP]: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ﴾. [SUP]([/SUP][4][SUP])[/SUP]
مستفاد من كتابتحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلاميدراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى
([1]) راجع : الغلو ومظاهره في الحياة المعاصرة عرض ونقد تأليف علي بن يحيى ص 32.
([2]) سورة الحشر الآية رقم (10).
([3]) راجع : محاضرات في العقيدة والدعوة للفوزان (2/365).
يجب على المسلمين مناصحة هؤلاء الذين استطالت ألسنتهم ، وأن ينكروا عليهم أشد الإنكار ، وأن يأخذوا على أيديهم لعلهم يرجعون إلى الصواب فتسلم جماعة المسلمين من الإثم والعقاب ، فانصحوهم ؛ لأن الدين النصيحة ؛ لأن كلامهم أخطر شيء على المسلمين ؛ لأنه يفرق شملهم ، ويضعف جماعتهم ، ويزيد العداوة بينهم ، ويذهب الثقة من علماء المسلمين ، وضياع الثقة بين الأمة وعلمائها هو هدف الأعداء حتى تضيع هذه الثروة العظيمة من العلم. ولذلك يجب على الذين يتتبعون عثرات العلماء أن يتوبوا إلى الله ، ويكفوا عن هذه الخطوات ؛ لأﻧﻬا من خطوات الشيطان ، قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾.[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP] فعلينا وعلى جميع المسلمين التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وبث المحبة بين المسلمين ، وإزالة ما يسبب الأحقاد والفرقة والبغضاء بينهم. ومن أصول مذهب أهل السنة والجماعة : سلامة قلوﺑﻬم وألسنتهم لأصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ، وسلامة قلوﺑﻬم وألسنتهم لإخواﻧﻬم المسلمين في أي وقت وفي أي مكان؛ عاملين بقول النبي صلى الله عليه وسلم :"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". [SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP] قال تعالى﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾.[SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP] وهذه صفة أهل السنة والجماعة ( الفرقة الناجية ) ، إﻧﻬم سائرون على هذا المنهج يوالي بعضهم بعضا ، ويألف بعضهم بعضا ، ويرحم بعضهم بعضا ، ويوقر بعضهم بعضا ، لأﻧﻬم جسد واحد ، وبنيان واحد ، وأمة واحدة ، يغار بعضهم على بعض ، ويحترم بعضهم بعضا ، وهذه الأمور هي سمة أهل السنة والجماعة. أما المخالفون لأهل السنة والجماعة فسمتهم التبديع ، والتفسيق ، والتكفير ، في كل زمان ومكان.[SUP] ([/SUP][4][SUP])[/SUP] وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بالفسق أن ينظر في أمرين: أحدهما: دلالة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق. الثاني: انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التفسيق في حقه وتنتفي الموانع.[SUP]([5])[/SUP]
مستفاد من كتاب تحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلامي دراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي
أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى سابقاً
([1]) سورة النور الآية رقم (21).
([2]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم ( ١٣ ) ، ومسلم في كتاب الإيمان برقم (٤٥).
([3]) سورة الحشر الآية رقم (10) .
([4]) راجع : محاضرات في العقيدة والدعوة للفوزان ص584.
إن التفسيق والتبديع والتكفير مصطلحات خطيرة ، لا تذهب سدى إذا نطق ﺑﻬا الإنسان ، فهي مصطلحات لها أثرها ، فقد الرسول صلى الله عليه وسلم قال: « لا يقول الرجل للرجل : يا كافر ، إلا باء ﺑﻬا أحدهما».[SUP]([/SUP][1][SUP])[/SUP] وقال صلى الله عليه وسلم : «تكفير المؤمن كقتله ولعن المؤمن كقتله».[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP] فإذا قال الرجل لأخيه : يا فاسق ، يا كافر ، يا عدو الله ، وهو ليس كذلك ، حار عليه أي رجع عليه وبال هذه الكلمة ؛ لأنه لما قال رجل : والله لا يغفر الله لفلان ،قال الله سبحانه وتعالى : «من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان ، إني قد غفرت له وأحبطت عملك» [SUP]([/SUP][3][SUP])[/SUP]، وهذه كلمة واحدة ؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي ﺑﻬا في النار أبعد ما بين السماء والأرض».[SUP] ([/SUP][4][SUP])[/SUP]، إذن فالكلمة وإن كانت واحدة فهي خطيرة جدًا . فهؤلاء الذين يتكلمون في أعراض العلماء من السلف وغيرهم بالتكفير والتفسيق والتبديع لا يضرون العلماء وإنما يضرون أنفسهم ، لأن العلماء لهم قدرهم وعلمهم ومكانتهم ، والله لا يضيع أعمالهم وما قدموه للإسلام والمسلمين من الأعمال الجليلة ، والخوض فيهم يرجع وباله على المتكلمين. فيجب أن يتقوا الله من يتكلمون في أعراض العلماء الميتين والأحياء ؛قال تعالى﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾.[SUP]([/SUP][5][SUP])[/SUP]قال تعالى﴿ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾.[SUP]([/SUP][6][SUP])[/SUP] قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾.[SUP]([/SUP][7][SUP])[/SUP] ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لما بين لمعاذ أبواب الخير ، قال له : "ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال كف عليك هذا فقلت يا نبي الله وإنا المؤاخذون بما نتكلم به فقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". [SUP]([/SUP][8][SUP])[/SUP] لأن الله تعالى قد حذر الأمة من اتباع هؤلاء لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾.[SUP]([/SUP][9][SUP])[/SUP] ومعنى فتبينوا أي : تثبتوا من: كلامهم ولا تتأثروا به لأول مرة ، وقال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.[SUP]([/SUP][10][SUP])[/SUP] وقال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.[SUP]([/SUP][11][SUP])[/SUP] فالله سبحانه وتعالى ﻧهى عن سوء الظن بالمسلمين عامة ، فكيف إذا كانوا من العلماء ، لذلك فسوء الظن بالعلماء جريمة ؛ لأﻧﻬم ورثة الأنبياء ، وإذا لم تثق الأمة في علمائها فبمن تثق﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا ﴾.[SUP]([/SUP][12][SUP])[/SUP] ، أي : لا تتبعوا عورات المسلمين المستورين ، ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ﴾.[SUP]([/SUP][13][SUP])[/SUP] أي : أن أكل لحم الميتة أهون من الكلام في أعراض العلماء ؛ لأﻧﻬم خير الأمة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الغيبة ذكرك أخاك بما يكره ، قالوا : يا رسول الله أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد ﺑﻬته "[SUP]([/SUP][14][SUP])[/SUP] ، فهذا المتكلم لا يخرج عن حالتين : أولهما أ ن يكون مغتابًا يأكل لحم الميتة ، أو باهتاً كذاباً. الخلاصة: إن الحكم بالتفسيق ليس إلى أحد بل هو إلى الله تعالى ورسوله e، فهو من الأحكام الشرعية التي مَرَدها إلى الكتاب والسنة، فيجب التثبت فيه غاية التثبت، فلا يفسق إلا من دل الكتاب والسنة على فسقه، ولأن الأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي، ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه، لأن في ذلك محذورين عظيمين: أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم، وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به.[SUP]([15])[/SUP] الثاني : الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه.[SUP]([16])
[/SUP]
مستفاد من كتابتحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلاميدراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى سابقاً
([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال برقم (٥٧)؛ ومسلم في الإيمان باب حال إيمان من قال لأخيه المسلم يا كافر برقم (60)
([2]) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب ما ينهى من السباب واللعن برقم ( ٥٧٥٤ ) ، ومسلم في كتاب الإيمان برقم (١١٠).
([3]) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب برقم (٢٦٢١).
([4])متفق عليه:أخرجه البخاري في كتاب الرقاق باب حفظ اللسان برقم(6477)8/100، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار برقم (٢٩٨٨)4/2290.
([5]) سورة ق الآية رقم (18).
([6]) سورة النور الآية رقم (15).
([7]) سورة الأحزاب الآية رقم (70).
([8])حسن صحيح : أخرجه الترمذي في سننه في أبواب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة برقم (2616) 5/12 ؛ قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
([9]) سورة الحجرات الآية رقم (6) .
([10]) سورة الحجرات الآية رقم (11) .
([11]) سورة الحجرات الآية رقم (12) .
([12]) سورة الحجرات الآية رقم (12) .
([13]) سورة الحجرات الآية رقم (12) .
([14]) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب برقم ( ٢٥٨٩ ).
([16]) ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي eقال: «إذا كَفَّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما»،وفي رواية: « إن كان كما قال وإلا رجعت عليه»، وفيه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه». وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله e « لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب ما ينهى من السباب واللعن برقم (6045) 7/110. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: دل الحديث على أن من قال لآخر يا فاسق أو أنت فاسق أو كافر فإن كان ليس كما قال، كان هو المستحق للوصف المذكور، وأنه إذا كان كما قال، لم يرجع عليه بشيء، لكونه صدق فيما قال ، ولكن لا يلزم من كونه لا يصير بذلك فاسقاً ولا كافراً أن لا يكون آثماً في صورة قوله له أنت فاسق بل في هذه الصورة تفصيل: إن قصد نصحه أو نصح غيره ببيان حاله جاز وإن قصد تعييره وشهرته بذلك، ومحض أذاه لم يجز، لأنه مأمور بالستر عليه وتعليمه وعظته بالحسنى، فمهما أمكنه ذلك بالرفق لا يجوز أن يفعله بالعنف. راجع: فتح الباري لابن حجر العسقلاني، 12/ 84 ، القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى ص86، المجلى شرح القواعد المثلى ص: 369.
إن أهل العلم هم الذين ينـزلون الأحكام على مواقعها الصحيحة، فلا يجوز أن يكون الذي يحكم بالفسق جاهلاً أو متعالماً، ولأن باب التفسيق وعدم التفسيق بابٌ عظمت الفتنة والمحنة فيه، وكَثُر فيه الافتراق، وتشتتت فيه الأهواء والآراء، وتعارضت فيه دلائلهم، فالناس في جنس تكفير أو تفسيق أهل المقالات والعقائد الفاسدة، المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الأمر، أو المخالفة لذلك في اعتقادهم- على طرفين ووسط، من جنس الاختلاف في تكفير أهل الكبائر العملية.[SUP] ([1])
[/SUP]
بحث مستفاد من كتابتحت الطبع بعنوان " أحكام مرتكب الكبيرة في الفقه الإسلاميدراسة فقهية مقارنة" د. محمود عبدالعزيز يوسف أبوالمعاطي أستاذ الفقه المقارن بجامعة أم القرى سابقاً
([1]) راجع : شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي بتصرف يسير ص: 296.