وقد تبع كثير من العلماء أبا عمرو الداني في تعريفه التجويد(
[1]).
وقال أبو القاسم الهذلي(
[2]): ((فأما تجويد الحروف: فمعرفة ألفاظها، وقراءتها، وأصولها، وفروعها، وحدودها، وحقوقها, وقطعها، ووصلها، ومدها، وحدرها، وتحقيقها، وترسيلها، وترتيلها، ومذاهب القراء، وهو حلية التلاوة, وزينة القراءة, ومحل البيان، فترتيب الحروف مراتبها, وردها إلى مخارجها وأصولها، وإلحاقها بنظائرها، وأشكالها، وأشياعها، ولطف النطق بها وتمكينها))(
[3]).
وهنا أدخل مراتب القراءة المعروفة ضمن تعريف التجويد, وهي: (الترتيل, والتحقيق, والحدر), وفي هذا تنبيه على أن التجويد لا يكون فقط في حالة الترسُّل والتأنِّي؛ بل أيضاً في حالة الإسراع بالقراءة, وقد نبَّه عليه غيرُ واحدٍ من أهلِ العلمِ(
[4]), ومنهم الإمام الخاقاني(
[5])؛ حيث قال(
[6]):
[TABLE="align: center"]
[TR]
[TD]
فذُو الحِذْقِ مُعْطٍ لِلْحُرُوفِ حُقُوقَهَا[/TD]
[TD][/TD]
[TD]إذا رتَّلَ القُرْآنَ أو كَانَ ذَا حَدْرِ[/TD]
[/TR]
[/TABLE]
وقد اختصر العلماء بعد ذلك تعريف التجويد في ألفاظ قليلة تدل على أهمِّ أركانه, وهي: المخارج والصفات, ومنهم ابن الباذش(
[7]) في كتابه (الإقناع)(
[8])؛ حيث قال: ((هو: إقامة مخارج الحروف وصفاتها)).
ومنها قولهم: إعطاء كل حرف حقه ومستحقه(
[9]).
ومنها أيضاً: إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه حقه ومستحقه(
[10]).
من رسالتي: (حدود الإتقان في تجويد القرآن للإمام الجعبري).
([1]) انظر المصباح الزاهر 2/209, والنشر 1/212, والجامع المفيد في صناعة التجويد ص174, والإتقان 1/346
([2]) يوسف بن عليّ بن جُبارة بن محمد بن عقيل بن سوَادة، أبو القاسم الهُذَليّ, الأستاذ الكبير الرحال, والعلم الشهير الجوال, قيل: لا يعلم أحد رحل في طلب القراءات بل ولا في الحديث أوسع من رحلته, قرأ على إبراهيم بن أحمد الإربلي, وإبراهيم بن الخطيب, وروى عنه: إسماعيل بن الإخشيد, وعبد الواحد بن حمد السكري, من كتبه: "الكامل في القراءات الخمسين", توفي سنة (456هـ), انظر تاريخ الإسلام 10/135, وغاية النهاية 2/345-348
([3]) الكامل ص93
([4]) انظر التحديد ص90, وجمال القراء 2/725
([5]) أَبُو مُزَاحمٍ مُوْسَى بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَانَ البَغْدَادِيُّ, إِمَامُ، مُقْرِئُ، مُحَدِّثُ، قرأ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ, ومُحَمَّد بن الفَرَجِ, وقَرَأَ عَلَيْهِ: أَحْمَد بن نَصْرٍ الشَّذَائِيّ، وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبُوذِيّ, وهو أول من صنف في التجويد, وهي قصيدته الرائية المشهورة, توفي سنة (325هـ), انظر سير أعلام النبلاء 15/94, وغاية النهاية 2/279-280
([6]) شرح قصيدة الإمام أبي مزاحم الخاقاني للإمام أبي عمرو الداني 2/87
([7]) أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري, يكنى أبا جعفر, ويعرف بابن الباذش, إمام المقرئين, ومحدث ثقة, أخذ القراءات على أبيه, وعلى أبي القاسم خلف بن النحاس, وقرأ عليه: أحمد بن حكيم الغرناطي, وأبو محمد بن عبيد الله الحجري, من كتبه: "الإقناع في القراءات السبع", وكتاب "الطرق المتداولة في القراءات", ولم يكمله لمفاجأة الموت, توفي سنة (540هـ), انظر الديباج المذهب 1/190, وغاية النهاية 1/79
([8]) 1/552
([9]) انظر غنية الطالبين ص45, وهداية المستفيد ص8
([10]) انظر البرهان في تجويد القرآن ص5