التثبت في تفسير القرآن و ترك الجزم بأنه لم يسبق إلى هذا الاستنباط.
تفسير القرآن منه ما يتعلَّق بالرّواية عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم و عن الصحابة والتابعين وبيان اللغة و أسباب النّزول و أسماء من نزل فيهم القرآن ، و في أيِّ وقتٍ فهذا النوع لا يجوز القول فيه باتفاقٍ إلا أخذا عن نقل صحيح و إسناد متصل إذ ليس للرأي والنظر مدخل فيه فبناؤه على الإتّباع و التّقليدُ و إنما يكون للنظر فيه مدخل فيما يتعلّق بالترجيح بين الروايات بتقديم أصحها أو تعليل بعضها أو في الاجتهاد في الجمع بين ما يشكِلُ منها و نحو ذلك .
و أمّا ما يتعلّق بالمعاني و دلالاتِ الألفاظ فيمكن انتزاعُ ذلك بإعمالِ الفكرِ فيها وبالاستنباطِ منها ، وكلُّ من له قدرةٌ صحيحة على النظر و رُزِق فهما ، وكان من العارفين بأصولِ الدِّين، وبمجاري خطابِ العرب فله استنباط معانيه و تفسيره على مقتضى لغة العرب التي بها نزل القرآن، فإنْ سُبِقَ إلى ذلك كان تأييداً له، و إنْ وقع له شيء لم يظهر أنه ُسبِقْ إليه كان ابتداءَ فضلٍ من الله سبحانه معه، و لكن بشرط أن لا يخالف إجماعاً و لا نصّا صحيحا صريحاً. و لا ينبغي القطع بأنه لم يسبق إلى هذا الاستنباط أو أن المفسر الفلاني لم يسبق إليه فهذا الجزم خطأ بلا شك لأن احتمال أن يكون قد سبق إليه احتمال قويّ و الاستقراء التامّ لكل كتب التفسير غير ممكن إطلاقاً لأنه فقد منها شيء كثير و الذي وجد منها مطبوعاً و مخطوطاً يعسر جدّا الجزم باستقرائه لكثرته و قد كان بعض الأئمة الكبار العارفين بالتفسير ممن عاش في القرن الرابع الهجري يقول إنه نظر في مئة تفسير حين صنف كتابه فما بالكم بما بعده. قال الإمام أبو القاسم القشيري: ( إنّ أحداً من الأمّة لم يحظُر على غيره أنْ يكون القولُ في الآية قولُهُ فقط بل كلُّهم و صفوا القرآن بأنّه العجيب الذي لا تنقضي عجائبه، و المفيد الذي لا تنقطع فوائدُهُ و هذا قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لما سُئل هل خصّكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقال : ( لا إلا من أُوتي فهماً في كتاب الله عزّ وجل )اهـ. من تفسيره الكبير.
قال الإمام الطبري: (ما كان مِن تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنَصْبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القِيلُ فيه برأيه. بل القائلُ في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كانَ من فِعله، بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليستْ إصابة مُوقن أنه محقٌّ، وإنما هو إصابة خارصٍ وظانً. والقائل في دين الله بالظنّ، قائلٌ على الله ما لم يعلم. وقد حرَّم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [سورة الأعراف: 33]. فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل الله إليه بيانه -قائلٌ بما لا يعلمُ وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه. لأن القائل فيه بغير علم، قائلٌ على الله ما لا علم له به)اهـ.
و عن عبيد الله بن عمر أنه قال : ( لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظِّمون الأمر في التفسير منهم سالم و القاسم بن محمد وسعيد بن المسيَّب ونافع) . (الطبري: 1 / 79 وذكره ابن كثير في تفسيره عنه :1/17 )
فهذا يدلّ على أنّ السلف كانوا يعظِّمون التفسير و يتهيبون القول فيه بغير علمٍ و بناءً على الظنّ و التخرص لكن ليس معنى ذلك أنه لا يجوز تفسيره .
وعن ابن سيرين أنه قال : سألت عَبِيدة السَّلماني عن آية فقال : (عليك بالسَّداد فقد ذهب الذين علموا فيما أُنزل القرآن). ((أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 228 وسعيد بن منصور في سننه (44- تفسير ) وابن أبي شيبة 10/ 511، و الطبري: 1 / 80 وسنده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر: العجاب: ص55)) و عَبيدة من كبار علماء التابعين وكذلك ابن سيرين.
و الأخبار عن السلف كثيرة في هذا و المكثرون من القول في التفسير منهم كثير .
تفسير القرآن منه ما يتعلَّق بالرّواية عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم و عن الصحابة والتابعين وبيان اللغة و أسباب النّزول و أسماء من نزل فيهم القرآن ، و في أيِّ وقتٍ فهذا النوع لا يجوز القول فيه باتفاقٍ إلا أخذا عن نقل صحيح و إسناد متصل إذ ليس للرأي والنظر مدخل فيه فبناؤه على الإتّباع و التّقليدُ و إنما يكون للنظر فيه مدخل فيما يتعلّق بالترجيح بين الروايات بتقديم أصحها أو تعليل بعضها أو في الاجتهاد في الجمع بين ما يشكِلُ منها و نحو ذلك .
و أمّا ما يتعلّق بالمعاني و دلالاتِ الألفاظ فيمكن انتزاعُ ذلك بإعمالِ الفكرِ فيها وبالاستنباطِ منها ، وكلُّ من له قدرةٌ صحيحة على النظر و رُزِق فهما ، وكان من العارفين بأصولِ الدِّين، وبمجاري خطابِ العرب فله استنباط معانيه و تفسيره على مقتضى لغة العرب التي بها نزل القرآن، فإنْ سُبِقَ إلى ذلك كان تأييداً له، و إنْ وقع له شيء لم يظهر أنه ُسبِقْ إليه كان ابتداءَ فضلٍ من الله سبحانه معه، و لكن بشرط أن لا يخالف إجماعاً و لا نصّا صحيحا صريحاً. و لا ينبغي القطع بأنه لم يسبق إلى هذا الاستنباط أو أن المفسر الفلاني لم يسبق إليه فهذا الجزم خطأ بلا شك لأن احتمال أن يكون قد سبق إليه احتمال قويّ و الاستقراء التامّ لكل كتب التفسير غير ممكن إطلاقاً لأنه فقد منها شيء كثير و الذي وجد منها مطبوعاً و مخطوطاً يعسر جدّا الجزم باستقرائه لكثرته و قد كان بعض الأئمة الكبار العارفين بالتفسير ممن عاش في القرن الرابع الهجري يقول إنه نظر في مئة تفسير حين صنف كتابه فما بالكم بما بعده. قال الإمام أبو القاسم القشيري: ( إنّ أحداً من الأمّة لم يحظُر على غيره أنْ يكون القولُ في الآية قولُهُ فقط بل كلُّهم و صفوا القرآن بأنّه العجيب الذي لا تنقضي عجائبه، و المفيد الذي لا تنقطع فوائدُهُ و هذا قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لما سُئل هل خصّكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فقال : ( لا إلا من أُوتي فهماً في كتاب الله عزّ وجل )اهـ. من تفسيره الكبير.
قال الإمام الطبري: (ما كان مِن تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنَصْبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القِيلُ فيه برأيه. بل القائلُ في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كانَ من فِعله، بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليستْ إصابة مُوقن أنه محقٌّ، وإنما هو إصابة خارصٍ وظانً. والقائل في دين الله بالظنّ، قائلٌ على الله ما لم يعلم. وقد حرَّم الله جلّ ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنزلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [سورة الأعراف: 33]. فالقائل في تأويل كتاب الله، الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جعل الله إليه بيانه -قائلٌ بما لا يعلمُ وإن وافق قيله ذلك في تأويله، ما أراد الله به من معناه. لأن القائل فيه بغير علم، قائلٌ على الله ما لا علم له به)اهـ.
و عن عبيد الله بن عمر أنه قال : ( لقد أدركت فقهاء المدينة وإنهم ليعظِّمون الأمر في التفسير منهم سالم و القاسم بن محمد وسعيد بن المسيَّب ونافع) . (الطبري: 1 / 79 وذكره ابن كثير في تفسيره عنه :1/17 )
فهذا يدلّ على أنّ السلف كانوا يعظِّمون التفسير و يتهيبون القول فيه بغير علمٍ و بناءً على الظنّ و التخرص لكن ليس معنى ذلك أنه لا يجوز تفسيره .
وعن ابن سيرين أنه قال : سألت عَبِيدة السَّلماني عن آية فقال : (عليك بالسَّداد فقد ذهب الذين علموا فيما أُنزل القرآن). ((أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 228 وسعيد بن منصور في سننه (44- تفسير ) وابن أبي شيبة 10/ 511، و الطبري: 1 / 80 وسنده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر: العجاب: ص55)) و عَبيدة من كبار علماء التابعين وكذلك ابن سيرين.
و الأخبار عن السلف كثيرة في هذا و المكثرون من القول في التفسير منهم كثير .